الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 9 العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

كان مِن أَبرَزِ نَتائجِ فَتحِ مكَّةَ أن أَخذتْ قَبائلُ العربِ وأَفرادُها يُبادِرون بإسلامِهم؛ لأنَّهم كانوا يَنتظِرون نَتيجةَ الصِّراعِ بين المسلمين وقُريشٍ، فعن عَمرِو بنِ سَلمةَ قال: كُنَّا بماءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وكان يَمُرُّ بِنا الرُّكبانُ فنسألُهم: ما للنَّاسِ، ما للنَّاسِ؟ ما هذا الرَّجلُ؟ فيقولون: يَزعُم أنَّ الله أَرسلَهُ، أَوْحى إليه -أو: أَوْحى الله بكذا- فكنتُ أَحفظُ ذلك الكلامَ، وكأنَّما يُقَرُّ في صدري، وكانتِ العربُ تَلَوَّمُ بإسلامِهم الفَتحَ، فيَقولون: اتْرُكوهُ وقَومَهُ، فإنَّه إن ظهَر عليهم فهو نَبِيٌّ صادِقٌ. فلمَّا كانت وَقعةُ أهلِ الفَتحِ بادَر كُلُّ قومٍ بإسلامِهم، وبَدَرَ أبي قومي بإسلامِهم.

العام الهجري : 75 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 695
تفاصيل الحدث:

بعَث الحَجَّاجُ كِتابًا إلى المُهَلَّب وعبدِ الرَّحمن بن مِخْنَف يأمرُهما بِمُناهَضة الخَوارِج، فزَحَفوا إليهم وقاتلوهم شيئًا مِن قِتالٍ، فانْهَزمت الخَوارِج كأنَّهم على حامِيَة، ولم يكُن منهم قِتالٌ، وساروا حتَّى نَزلوا كازَرُون، وسار المُهَلَّبُ وابنُ مِخْنَف حتَّى نزلوا بهم، وخَنْدَقَ المُهَلَّبُ على نَفسِه، وقال لابن مِخْنَف: إن رأيتَ أن تُخَنْدِقَ عليك فافْعَل. فقال أصحابُه: نحن خَنْدَقْنا سُيوفَنا, فأتى الخَوارِجُ المُهَلَّبَ لِيُبَيِّتُوه فوجدوه قد تَحَرَّزَ، فمالوا نحو ابن مِخْنَف فوجدوه لم يُخَنْدِق فقاتلوه فانهزم عنه أصحابُه، فنزَل فقاتَل في أُناسٍ مِن أصحابِه, فقُتِلَ وقُتِلوا حوله كُلُّهم.

العام الهجري : 198 العام الميلادي : 813
تفاصيل الحدث:

كانت بين اليمانية والنِّزارية وكان سببُها أنَّ عُثمانَ بنَ نُعيم البرجمي صار إلى ديارِ مُضَر، فشكا الأزدَ واليمن، وقال: إنَّهم يغلبونَنا على حُقوقنا واستنصَرَهم، فسار معه إلى الموصِل ما يقارب عشرين ألفًا, فأرسل إليهم عليُّ بن الحسن الهمداني، وهو حينئذٍ متغَلِّبٌ على الموصِل، فسألهم عن حالهم، فأخبَروه، فأجابهم إلى ما يريدون، فلم يقبَلْ عثمان ذلك، فخرج إليهم عليُّ بن الحسَن مِن الموصِل في نحو أربعةِ آلاف رجل، فالتقَوا واقتَتَلوا قتالًا شديدًا عدَّة وقائِعَ، فكانت الهزيمةُ على النزاريَّة، وظفِرَ بهم عليُّ بنُ الحسن، وقتل منهم خلقًا كثيرًا وعاد إلى البلد.

العام الهجري : 237 العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

قام رجلٌ من المعلِّمينَ بشَرقِ الأندلس، فادَّعى النبوءةَ، وتأوَّلَ القرآن على غيرِ تأويلِه، فاتَّبَعه جماعةٌ مِن الغوغاء، وقام معه خَلقٌ كثيرٌ، وكان من بعض شرائِعِه النهيُ عن قَصِّ الشعرِ وتقليم الأظفار، ويقول: [لا تغييرَ لخلق الله] فبعث إليه يحيى بنُ خالد، فأتى به. فلما دخل عليه كان أوَّل ما خاطبه به أنْ دعاه إلى اتِّباعِه والأخذِ بما شرَع، فشاور فيه أهلَ العِلمِ، فأشاروا بأن يُستَتابَ، فإن تاب وإلَّا قُتِلَ. فقال: كيف أتوبُ مِن الحقِّ الصَّحيحِ؟! فأمَرَ بصَلبِه. فلمَّا رُفِعَ في الخشبة، قال: أتقتلونَ رجلًا أن يقول: ربِّي الله! فصَلَبَه، وكتَبَ إلى الأميرِ يُخبِرُه.

العام الهجري : 294 العام الميلادي : 906
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ أبو عبد الله محمَّد بنُ نَصرِ المَروزي، إمامُ أهل الحديثِ في عصره، وأحدُ الأعلامِ في العلومِ والأعمالِ. ولِدَ سنة 202 ببغداد، ونشأ بنيسابورَ، سكن سمرقندَ وغيرَها. وكان أبوه مروزيًّا. قال الحاكمُ فيه: "إمامُ الحديثِ في عصرِه بلا مُدافعةٍ". كان من أعلمِ النَّاسِ باختلافِ الصَّحابةِ والتابعينَ ومَن بعدهم، كان مولِدُه ببغداد ثم رحل إلى نيسابورَ ونشأ بها، ثم رحل إلى مصر، وكان من أحسَنِ النَّاسِ صلاةً وأكثَرِهم خُشوعًا فيها، وقد صنف كتابًا عظيمًا في الصلاةِ هو تعظيمُ قَدرِ الصَّلاةِ، وله كِتابُ القَسامة والمُسند في الحديث وغيرها، عاد إلى سمرقند وتوفِّي فيها عن 92 عامًا رحمَه الله تعالى.

العام الهجري : 401 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1011
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامةُ أبو عُبَيدٍ أحمَدُ بنُ محمَّد بن أبي عُبَيد العَبديُّ الهَرويُّ الشافعيُّ اللُّغويُّ المؤدِّبُ، صاحِبُ "الغَريبَينِ" اللُّغويُّ البارِعُ، كان مِن أعلَمِ النَّاسِ في الأدَبِ واللُّغة. وكتابه "الغريبينِ في مَعرفةِ القُرآنِ والحديث" يدلُّ على اطِّلاعِه وتبحَرُّه في هذا الشأنِ، وكان من تلامذةِ أبي منصورٍ الأزهريِّ. قال ابن خَلِّكانَ: " سار كتابُه في الآفاقِ، وهو من الكتُبِ النافعةِ, وقيل: كان يحِبُّ البِذلةَ - البِذلةُ تركُ الاحتشامِ والتَّصوُّنِ، وتَدَنِّي السُّلوكِ- وكان يتناوَلُ في الخلوةِ، ويُعاشِرُ أهلَ الدبِّ في مجالِسِ اللَّذَّة والطَّرَب، عفا الله عنه وعنَّا, وأشار الباخرزي في ترجمة بعض أُدَباء خراسان إلى شَيءٍ مِن ذلك، والله أعلم ".

العام الهجري : 755 العام الميلادي : 1354
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ دمشقَ عليُّ بن الحسن بن أبي الفضل بن جعفر بن محمد بن كثير الحلبي الرافضيُّ، وأقام بها سنواتٍ، فاتفق أنَّه شَقَّ الصفوف والناسُ في صلاةِ جنازةٍ بالجامِعِ الأمويِّ وهو يلعَنُ ويسُبُّ من ظَلَم آلَ مُحمَّدٍ، فانتَهَره عمادُ الدين ابنُ كثيرٍ، وأغرى به العامَّةَ، وقال: إنَّ هذا يسُبُّ الصحابةَ، فحملوه إلى القاضي تقي الدين السبكي فاعترف بسَبِّ أبي بكر وعمر، فعَقَدوا له مجلسًا، فحكَم نائِبُ المالكي بضَربِ عُنُقِه بعد أن كُرِّرَت عليه التوبةُ ثلاثةَ أيامٍ، فأصَرَّ فضُرِبَت عُنُقُه بسوق الخيلِ وحَرَق العوامُّ جَسَده

العام الهجري : 764 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1363
تفاصيل الحدث:

هو المؤرِّخُ صلاح الدين محمد بن شاكر بن أحمد، المعروف بابن شاكر الكتبي، الداراني، الدمشقي. أحَدُ أعلام المؤرخين في القرن الثامن الهجري. كان باحثًا عارفًا بالأدب. ولِدَ في داريا (من قرى دمشق) ونشأ وتوفِّيَ بدمشق. كان فقيرًا جِدًّا، واشتغل بتجارة الكُتُب، فربح منها مالًا طائلًا. له مؤلَّفات مثل: كتاب "عيون التواريخ"، و "فوات الوفيات". قال ابن كثير: "في يوم السبت حادي عشر رمضان صَلَّينا بعد الظهر على الشيخ صلاح الدين محمد بن شاكر الكتبي، تفَرَّد في صناعته، وجمع تاريخًا مُفيدًا نحوًا مِن عشر مجلدات، وكان يحفَظُ ويذاكِرُ ويُفيد"

العام الهجري : 534 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1139
تفاصيل الحدث:

حصَرَ أتابك زنكي دمشقَ مَرَّتين؛ فأمَّا المرَّة الأولى فإنَّه سار إليها في ربيعٍ الأوَّل مِن بعلبَكَّ بعد الفراغِ مِن أمرِها، وتقريرِ قواعِدِها وإصلاحِ ما تَشَعَّثَ منها، ليَحصُرَها، فنزل في البقاعِ، وأرسل إلى جمالِ الدِّينِ صاحِبِها يبذُلُ له بلدًا يقتَرِحُه ليُسَلِّمَ إليه دمشق، فلم يجِبْه إلى ذلك، فرحل وقصَدَ دمشق، فنزل على داريا ثالثَ عَشَرَ ربيع الأول فالتفَّت الطلائِعُ واقتَتَلوا، وكان الظَّفَرُ لعَسكرِ زنكي، وعاد الدِّمشقيُّونَ مُنهَزمِينَ، فقُتِلَ كثيرٌ منهم، ثم تقَدَّمَ زنكي إلى دمشق، فنزل هناك، ولَقِيَه جمعٌ كثيرٌ مِن جُندِ دِمشقَ وأحداثِها ورجَّالةِ الغوطة، فقاتلوه، فانهزم الدمشقيُّونَ، وأخَذَهم السَّيفُ، فقَتَلَ فيهم وأكثَرَ، وأسَرَ كذلك، ومن سَلِمَ عاد جريحًا. وأشرف البلدُ ذلك اليومَ على أن يُملَكَ، لكِنْ عاد زنكي عن القِتالِ وأمسك عنه عِدَّةَ أيام، وتابع الرُّسُلَ إلى صاحب دمشق، وبذل له بعلبَكَّ وحمص وغيرهما ممَّا يختاره من البلاد، فمال إلى التَّسليم، وامتنع غيرُه من أصحابِه مِن ذلك، وخَوَّفوه عاقِبةَ فِعلِه، وأن يَغدِرَ به كما غدَرَ بأهلِ بعلبك، فلمَّا لم يُسَلِّموا إليه عاود القتالَ والزَّحفَ، ثم إنَّ جمالَ الدين صاحب دمشق مَرِضَ ومات ثامِنَ شعبان، وطَمِعَ زنكي حينئذ في البلدِ، وزحف إليه زحفًا شديدًا؛ ظنًّا منه أنَّه ربَّما يقَعُ بين المُقَدَّمينَ والأمراء خلافٌ فيَبلُغُ غَرَضَه، وكان ما أمَّلَه بعيدًا، فلما مات جمالُ الدين ولي بعده مجيرُ الدين أبق وَلَدُه، وتولى تدبيرَ دَولَتِه مُعينُ الدين أنر فلم يَظهَرْ لِمَوتِ أبيه أثرٌ مع أنَّ عَدُوَّهم على باب المدينة، فلما رأى معين الدين أنَّ زنكي لا يفارِقُهم، ولا يزول عن حَصرِهم، راسَلَ الفِرنجَ، واستدعاهم إلى نُصرتِه، وأنْ يتَّفِقوا على مَنعِ زنكي عن دِمشقَ، وبذل لهم بُذولًا من جُملَتِها أن يَحصُرَ بانياس ويأخُذَها ويُسَلِّمَها إليهم، وخوَّفَهم مِن زنكي إنْ مَلَك دمشق، فعَلِموا صِحَّةَ قَولِه إنَّه إن مَلَكَها لم يَبقَ لهم معه بالشَّامِ مَقامٌ، فاجتَمَعَت الفِرنجُ وعَزَموا على السَّيرِ إلى دمشق ليَجتَمِعوا مع صاحِبِها وعَسكَرِها على قتالِ زنكي، فحين عَلِمَ زنكي بذلك سار إلى حوران خامِسَ رمضان، عازمًا على قتالِ الفِرنجِ قبل أن يجتَمِعوا بالدِّمشقيِّينَ، فلمَّا سَمِعَ الفرنجُ خَبَرَه لم يفارقوا بلادَهم، فلما رآهم كذلك عاد إلى حَصرِ دمشقَ ونزل بعذرا شماليَّها سادس شوال، فأحرَقَ عِدَّةَ قُرًى من المرج والغوطة، ورحل عائدًا إلى بلادِه، ووصل الفِرنجُ إلى دِمشقَ واجتمعوا بصاحِبِها وقد رحل زنكي، فعادوا، فسار مُعين الدين أنر إلى بانياس في عَسكرِ دِمشقَ، وهي في طاعةِ زنكي، لِيَحصُرَها ويُسَلِّمَها إلى الفرنج؛ وكان واليها قد سار قبل ذلك منها في جَمعٍ مِن جَمْعِه إلى مدينة صور للإغارةِ على بلادها، فصادفه صاحِبُ أنطاكيةَ وهو قاصِدٌ إلى دمشق نجدةً لصاحِبِها على زنكي، فاقتتلا، فانهزم المُسلِمونَ وأخَذوا واليَ بانياس فقُتِلَ، ونجا مَن سَلِمَ منهم إلى بانياس، وجمعوا معهم كثيرًا من البِقاعِ وغيرِها، وحَفِظوا القلعة، فنازلها مُعين الدين، فقاتلهم، وضَيَّقَ عليهم، ومعه طائفةٌ مِن الفِرنجِ، فأخذها وسَلَّمَها إلى الفرنج، وأمَّا الحَصرُ الثاني لدمشق، فإنَّ زنكي لَمَّا سَمِعَ الخبَرَ بحِصارِ بانياس عاد إلى بعلبك ليدفَعَ عنها مَن يحصُرُها، فأقام هناك، فلمَّا عاد عسكر دمشق، بعد أن مَلَكوها وسَلَّموها إلى الفرنج، فَرَّق أتابك زنكي عَسكَرَه على الإغارة على حوران وأعمالِ دمشق، وسار هو جريدة مع خواصِّه، فنازل دمشقَ سَحَرًا ولم يعلَمْ به أحَدٌ مِن أهلِها، فلمَّا أصبح النَّاسُ ورأوا عَسكَرَه خافوا، وارتَجَّ البَلَدُ، واجتمع العسكَرُ والعامَّةُ على السورِ وفُتِحَت الأبوابُ وخَرَج الجندُ، والرجَّالة فقاتلوه، فلم يتمَكَّن عسكرُ زنكي من الإقدامِ في القِتالِ؛ لأنَّ عامَّةَ عَسكَرِه تفَرَّقوا في البلاد للنَّهِب والتَّخريب، وإنَّما قصد دمشقَ لِئلَّا يَخرُجَ منها عَسكَرُه إلى عَسكَرِهم وهم متفَرِّقون، فلما اقتتلوا ذلك اليومَ قُتِلَ بينهم جماعةٌ ثم أحجم زنكي عنهم وعاد إلى خيامِه، ورحل إلى مرج راهط، وأقام ينتَظِرُ عودةَ عَسكَرِه، فعادوا إليه وقد ملؤوا أيديَهم من الغنائِم؛ لأنَّهم طرقوا البلادَ وأهلُها غافلونَ، فلَمَّا اجتمعوا عنده رحَلَ بهم عائدًا إلى بلادِهم.

العام الهجري : 802 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1400
تفاصيل الحدث:

كان الأمير تنم الحسني قد تغلَّب على دمشق أيام موت السلطان الظاهر برقوق، ثم إن السلطان الناصر فرج بن برقوق أقرَّه وأعطاه نيابة دمشق، وأجيز بإخراج من أراد من السجون، فأخرج عدة أمراء من السجون، وزاد أمره فأراد تملُّك أكثر من دمشق، كحلب وحمص وطرابلس وغيرها، ثم إن أيتمش لما هرب في الفتنة التي حصلت بينه وبين يشبك -في شهر صفر من هذه السنة- جاء إلى دمشق الأمير تنم هو ومن معه من الأمراء في خامس ربيع الآخر، فخرج الأمير تنم إلى لقائه، وبالغ في إكرامه وإكرام من معه، وعَظُم شأن الأمير تنم بقدوم أيتمش عليه، وأطاعه من خالف عليه، وفي ثامنه قَدِمَ عليه كتابُ الملك الناصر بمَسكِ أيتمش ومن معه وقدومه إلى مصر، فأحضر الكتاب وحامله إلى عند أيتمش، وأعلمه بذلك، ثم جهَّز أيتمش وتغري بردي قصادهما إلى نائب حماة، ونائب حلب، بدعواهما إلى ما هم عليه، فأجابا بالسمع والطاعة في خامس عشر جمادى الأولى، ورُدَّ الخبر بخروج الأمير تنم نائب الشام، وأيتمش، بمن معهما من دمشق إلى جهة غزة، فرسم السلطان فرج بالتجهيز للسفر؛ ففي السابع عشر اجتمع الأمراء والمماليك بمجلس السلطان، فحثَّهم على السفر في أول جمادى الآخرة، وأن يخرج ثمانية أمراء من الألوف بألف وخمسمائة من المماليك المشتراوات وخمسمائة من المستخدمين، فاختلف الرأي؛ فمنهم من أجاب، ومنهم من قال: لا بدَّ من سفر السلطان، وانفضُّوا على غير شيء، ونفوسُهم متغيرةٌ من بعضهم على بعض، ثم في شهر رجب في رابعه يوم الجمعة: نزل السلطان من القلعة إلى الريدانية ليتوجه إلى قتال أيتمش ونائب الشام، فأقام بمخيَّمه، وتلاحق به الأمراء والعساكر والخليفة وقضاة القضاة، وفي ثامنه: رحل السلطان ببقية العسكر، وعِدَّةُ من سار أولًا وثانيًا نحو سبعة آلاف فارس، وأما الأمير تنم نائب الشام فإنه وجَّه نائب حلب بعسكره إلى جهة مصر في ثامنه، وخرج في تاسعه ومعه الأمير أيتمش وبقية العساكر، ومن انضَمَّ إليهم من التركمان، وخيَّم على قبة يلبغا خارج دمشق، حتى لحقه بقية العسكر ومن سار معه من القضاة، وعمل الأمير جركس أبو تنم نائب الغيبة، وفي الحادي عشر رحل الأمير تنم من ظاهر دمشق، وتبعه ابن الطبلاوي في الثاني عشر، وسار نائب طرابلس بعسكره ساقة، ثم إن الأمير تنم  نزل على الرملة بمن معه، وكان لما قدم عليه من انكسر من عَسكرِه على غزة شَقَّ عليه ذلك، وأراد أن يقبِضَ على بتخاص والمنقار، ففارقاه ولحقا بالسلطان، وأن السلطان بعث إليه من غزة بقاضي القضاة صدر الدين المناوي في يوم الثلاثاء التاسع عشر، ومعه ناصر الدين محمد الرماح أمير أخور، وطغاي تمر مُقدَّم البريدية، وكتب له أمانًا، وأنَّه باق على كفالته بالشام إن أراد ذلك، وكتب الأمراء إلى الأمير تنم يقولون له: أنت أبونا وأخونا، وأنت أستاذنا، فإن أردتَ الشام فهي لك، وإن أردت مصر كنَّا مماليكك وغلمانك، فصُنِ الدماء. وكان الأمراء والعسكر في غاية الخوف منه؛ لقوَّتِه وكثرة عدده، وتفرُّقِهم واختلافِهم، فسار إليه القاضي وحَدَّثه في الصلح ووعظه، وحذَّره الشقاق والخروج عن طاعة السلطان، فقال الأمير تنم: ليس لي مع السلطان كلام، ولكن يرسل إلى الأمير يشبك وسودون طاز وجركس المصارع، وجماعة عَيَّنهم، ويعود الأمير أيتمش كما كان هو وجميع الأمراء الذين معه، فإن فعل ذلك وإلا فما بيني وبينهم إلا السيف، وثبت على ذلك، فقام القاضي ليخرجَ، فخرج الأمير تنم معه بنفسِه إلى خارج الخيمة، وأركبه فرسًا في غاية الحُسنِ، وعضده لما ركب، فقدم القاضي يوم الخميس الحادي والعشرين منه ومعه أحد خاصكية السلطان ممن كان عند الأمير تنم، وعوقه نحو أربعة أشهر عن الحضور، وأعاد الجواب فاتفق الجميعُ على محاربته، فلما كان يوم السبت الثالث والعشرين منه: ورد الخبر أن الأمير تنم ركب ممن معه يريد الحرب، فسار السلطان بعساكره من غزة إلى أن أشرف على الجينين قريب الظهر، فعاين الأمير تنم قد صفَّ عساكره، ويقال إنهم خمسة آلاف فارس وستة آلاف راجل، فتقدمت عساكر السلطان إليهم وقاتلوهم، فلم يكن غير يسير حتى انهزمت عساكِرُ الأمير تنم، ووقع في الأسر الأميرُ تنم نائب الشام، وأقبغا نائب حلب، ويونس نائب طرابلس، وأحمد ابن الشيخ علي، وفارس حاجب الحُجَّاب وبيغوت، وشادي خجا، وبيرم رأس نوبة أيتمش، وجلبان نائب حلب، ومن أمراء الطبلخاناه والعشرات ما ينيف على مائة أمير، وفرَّ أيتمش، وتغري بردي، ويعقوب شاه، وأرغون شاه، وطيفور، في ثلاثة آلاف إلى دمشق ليملِكوها، وعندما قُبِضَ على الأمير تنم كتب إلى دمشق بالنصرة ومَسْك تنم، فوصل البريدُ بذلك يوم الثلاثاء السادس والعشرين منه على نائب الغيبة بدمشق، فنودي بذلك, ثم قدم الأمير أيتمش إلى دمشق يوم الأربعاء السابع والعشرين منه، فقبض عليه، وعلى تغري بردي، وطيفور، وأقبغا اللكاش، وحُبسوا بدار السعادة، ثم مُسِك بعد يومين أرغون شاه، ويعقوب شاه، وتقدم القاضي سعد الدين إبراهيم بن غراب إلى دمشق، فقدمها في يوم السبت آخره، دخل السلطان بأمرائه وعساكره إلى قلعة دمشق، فكان يومًا مشهودًا وسُرَّ الناس به سرورًا كبيرًا, وفي ليلة الخميس رابع رمضان قُتِل الأمير تنم نائب الشام، والأمير يونس الرماح نائب طرابلس بقلعة دمشق خنقًا بعد أن استصفيت أموالهما، ولم يبقَ لهما شيء، ثم سُلِّما إلى أهلهما، فدُفِن الأمير تنم بتربته بميدان الحصى خارج دمشق، ودُفِن يونس بالصالحية، فكانت مدة ولاية الأمير تنم نيابة الشام سبع سنين وستة أشهر ونصفًا، وولاية يونس طرابلس نحو ست سنين.

العام الهجري : 747 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1346
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ الكبيرُ سَيفُ الدين الحاج آل ملك الجوكندار الناصري، نائِبُ السَّلطنة بالديار المصرية، أصله من كسب الأبلستين في الأيام الظاهريَّة بيبرس في سنة 676، واشتراه قلاوون ومعه سلَّار النائب، فأنعم بسلار على ولَدِه علي، وأنعم بآل ملك هذا على ولَدِه الآخر, وقيل قدَّمَه لصِهْرِه الملك السعيد بركة خان ابن الملك الظاهر بيبرس، فأعطاه الملك السعيد لكوندك, وترقَّى آل ملك في الخَدَم إلى أن صار من جملةِ أمراء الديار المصرية. وتردَّد للملك الناصر محمد بن قلاوون في الرسليَّة لَمَّا كان بالكرك من جهة المَلِك المظفَّر بيبرس الجاشنكير، فأَعجَبَ الملِكَ الناصِرَ عَقلُه وكلامُه، فلمَّا أن عاد الملك الناصر إلى مُلكِه رقَّاه وولَّاه الأعمالَ الجليلة إلى أن وَلِيَ نيابة السلطنة بديار مصر في دولة الملك الصالح إسماعيلَ بعد أن شَرَط على السلطان ألا يفعَلَ شيئًا في المملكة إلا برأيِه وأنه يمنَعَ الخَمرَ مِن البيع ويقيم منار الشَّرعِ وأنَّه لا يعارَضُ فيما يفعَلُه. فقَبِلَ السلطان شروطه، فكانت له أيادٍ بيضاءُ في الاحتسابِ وإقامةِ مَنارِ الشَّرعِ في مِصرَ والشَّامِ, وأنشأ المدرسة الملكية سنة 719 بالقاهرة وتُعرَفُ بجامع الجوكندار, فلمَّا وليَ الملك الكامل شعبان عَزَله من نيابة مصر, وأخرجه لنيابة صفد، ثمَّ طَلَبه وقَبَض عليه وقتَلَه. وقيل وُجِدَ مقتولًا بالإسكندرية، وأُحضِرَ مَيِّتًا إلى القاهرة في يوم الجمعة تاسِعَ عشر جمادى الآخرة.

العام الهجري : 833 العام الميلادي : 1429
تفاصيل الحدث:

قام الملك محمد الثامن الملقب بأبي عبد الله الصغير بطرد الوزير يوسف سراج الدين الذي لجأ إلى ملك قشتالة ودبَّر معه رد المُلْكِ إلى محمد التاسع الملقب بالأيسر الذي خُلِعَ سنة 831، فقام الوزير المذكور باستدعاء محمد التاسع الأيسر من تونس حيث كان لاجئًا عند ملك فاس فلبى الدعوة وعاد إلى الأندلس، فزوده ملك قشتالة بالفرسان والهدايا، فورد الخبر إلى الملك محمد الثامن أبي عبد الله الصغير الذي أرسل قواتِه لقتال الأيسر، لكن أكثر الجند مالوا وانضموا للأيسر؛ مما أتاح للأيسر الزحف على غرناطة، فاعتصم ملكها أبو عبد الله الصغير بقلعة الحمراء، ولكنَّ دخول محمد الأيسر إلى غرناطة وحفاوة كثير من الناس به ومبالغته بالحصار أتاح له القبضَ على الملك محمد الثامن أبي عبد الله الصغير، وقَتَلَه وأعاد الوزير سراج الدين للوزارة، ثم إن ملك قشتالة طلب من الملك العائد الأيسر أن يؤدي له مقابل ما قدَّمه له في سبيل عودته للملك، وفرض عليه جزيةً سنوية مقابل ذلك وأن يبقى تحت طاعته، فرفض ذلك محمد الأيسر.

العام الهجري : 64 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 684
تفاصيل الحدث:

لمَّا مات يَزيدُ بن مُعاوِيَة أَقْلَع جَيشُه عن مكَّة، وهم الذين كانوا يُحاصِرون ابنَ الزُّبيرِ وهو عائِذٌ بالبيتِ، فلمَّا رجَع حُصينُ بن نُميرٍ السَّكونيُّ بالجيشِ إلى الشَّام بعدَ أن عرَض الحُصينُ على ابنِ الزُّبيرِ أن يُبايِعَه بالخِلافَة شَرْطَ أن يَأتِيَ معهم للشَّامِ؛ لكنَّ ابنَ الزُّبيرِ رفَض الذِّهابَ إلى الشَّام, كان يَزيدُ قد أَوْصى بالخِلافَة لابنِه مُعاوِيَة؛ لكنَّه لم يكُن راغِبًا فيها فترَكَها وجعَلَها شُورى للمسلمين. اسْتَفْحَل أَمْرُ ابنِ الزُّبير بالحِجازِ وما والاها، وبايَعَهُ النَّاسُ في العِراق وما يَتْبَعُه إلى أقصى مَشارِق دِيارِ الإسلامِ، وفي مِصْرَ وما يَتْبَعُها إلى أقصى بِلادِ المغربِ، وبايَعَت الشَّامُ أيضًا إلَّا بعضَ جِهاتٍ منها، ففي دِمشقَ بايَع الضَّحَّاكُ بن قيسٍ الفِهرىُّ لابنِ الزُّبيرِ، وفي حِمْص بايَع النُّعمانُ بن بَشيرٍ، وفي قِنَّسْرين زُفَرُ بن الحارثِ الكِلابيُّ، وفي فِلَسْطين بايَع ناتِلُ بن قيسٍ، وأَخرَج منها رَوْحَ بن زِنْباع الجُذاميَّ، ولم يكُن رافضًا بَيْعَة ابنِ الزُّبيرِ في الشَّام إلَّا مِنطقةُ البَلْقاءِ وفيها حَسَّان بن مالكِ بن بَحْدَل الكَلبيُّ. وقد كان الْتَفَّ على عبدِ الله بن الزُّبيرِ جَماعةٌ مِن الخَوارِج يُدافِعون عنه، منهم نافعُ بن الأزرقِ، وعبدُ الله بن إباض، وجَماعةٌ مِن رُؤوسهم, فلمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرهُ في الخِلافَة قالوا فيما بينهم: إنَّكم قد أَخْطأتُم لأنَّكم قاتَلتُم مع هذا الرَّجُلِ ولم تَعْلَموا رَأيَه في عُثمان بن عفَّان -وكانوا يَنْتَقِصون عُثمانَ- فاجْتَمَعوا إليه فسألوه عن عُثمانَ فأجابهم فيه بما يَسُوؤهُم، فعند ذلك نَفَرُوا عنه وفارقوه وقَصَدوا بِلادَ العِراق وخُراسان، فتَفَرَّقوا فيها. صَرَّح العديدُ مِن العُلماءِ والمُؤَرِّخِين بأنَّ بَيْعَة ابنِ الزُّبير بَيْعَة شَرْعِيَّةٌ، وأنَّه أَوْلى بها مِن مَرْوان بن الحكمِ, فيَروِي ابنُ عبدِ البَرِّ، عن مالكٍ أنَّه قال: إنَّ ابنَ الزُّبيرِ كان أفضل مِن مَرْوان وكان أَوْلى بالأمرِ منه، ومِن ابنِه عبدِ المَلِك. ويقولُ ابنُ كثيرٍ عن ابنِ الزُّبيرِ: ثمَّ كان هو الإمام بعدَ مَوتِ مُعاوِيَة بن يَزيدَ لا مَحالَة، وهو أَرْشَدُ مِن مَرْوان بن الحكمِ، حيث نازَعَهُ بعدَ أن اجْتَمَعت الكَلِمَةُ عليه، وقامَت البَيْعَة له في الآفاقِ، وانْتَظَم له الأمرُ، والله أعلم.

العام الهجري : 93 العام الميلادي : 711
تفاصيل الحدث:

أَمَر قُتيبَة بن مُسلِم أخاه عبدَ الرحمن بالسَّيْرِ إلى الصُّغْد (سَمَرْقَنْد) وكانوا قد نَكَثوا العَهْد, ثمَّ لَحِقَ قُتيبةُ بِأَخيهِ فبَلَغَها بعدَه بثلاثٍ أو أَربَع، وقَدِمَ معه أَهلُ خَوارِزْم وبُخارَى فقاتَلَه أَهلُ الصُّغْد شَهْرًا مِن وَجْهٍ واحِد وهُم مَحْصورون، وخاف أَهلُ الصُّغْد طُولَ الحِصار فكَتَبوا إلى مَلِك الشَّاش وخاقان وأَخْشاد فَرْغانَة لِيُعينوهم، فلمَّا عَلِمَ بذلك قُتيبةُ أَرسَل إليهم سِتِّمائة يُوافونَهُم في الطَّريق فقَتَلوهُم ومَنعوهُم مِن نُصْرَتِهم ولمَّا رَأَى الصُّغْد ذلك انْكَسَروا، ونَصَبَ قُتيبةُ عليهم المَجانِيقَ فَرَماهُم وثَلِمَ ثُلْمَةً، فلمَّا أَصبَح قُتيبةُ أَمَر النَّاسَ بالجِدِّ في القِتالِ، فقاتَلوهُم واشْتَدَّ القِتالُ، وأَمَرهُم قُتيبةُ أن يَبْلُغوا ثُلْمَةَ المَدينَة، فجَعَلوا التِّرَسَةَ على وُجوهِهم وحَمَلوا فبَلَغوها ووَقَفوا عليها، ورَماهُم الصُّغْد بالنِّشابِ فلم يَبْرَحوا، فأَرسَل الصُّغْد إلى قُتيبةَ فقالوا له: انْصَرِف عَنَّا اليومَ حتَّى نُصالِحَك غَدًا. فقال قُتيبةُ: لا نُصالِحُهم إلَّا ورِجالُنا على الثُّلْمَة. وقِيلَ: بل قال قُتيبةُ: جَزَعَ العَبيدُ، انْصَرِفوا على ظَفَرِكُم. فانْصَرَفوا فصالَحَهم مِن الغَدِ على ألفي ألف ومائتي ألف مِثْقال في كُلِّ عامٍ، وأن يُعْطوه تلك السَّنَة ثلاثينَ ألف فارِس، وأن يُخْلُوا المَدينَة لِقُتيبةَ فلا يكون لهم فيها مُقاتِل، فيَبْنِي فيها مَسجِدًا ويَدخُل ويُصَلِّي ويَخْطُب ويَتَغَدَّى ويَخْرُج، فلمَّا تَمَّ الصُّلْحُ وأَخْلوا المَدينةَ وبَنوا المَسجِدَ دَخَلَها قُتيبةُ في أَربعَة آلاف انْتَخَبَهم، فدَخَل المَسجِد فصَلَّى فيه وخَطَب وأَكَل طَعامًا، ثمَّ أَرسَل إلى الصُّغْد: مَن أَراد مِنكم أن يَأخُذ مَتاعَه فَلْيَأْخُذ فإنِّي لَسْتُ خارِجًا منها، ولَستُ آخُذ منكم إلَّا ما صالَحْتُكم عليه، غيرَ أنَّ الجُنْدَ يُقيمون فيها. وقِيلَ: إنَّه شَرَطَ عليهم في الصُّلْحِ مائة ألف فارِس، وبُيوت النِّيران، وحِلْيَة الأَصْنام، فقَبَضَ ذلك، وأُتِيَ بالأصنامِ فكانت كالقَصْرِ العَظيمِ وأَخَذَ ما عليها وأَمَر بها فأُحْرِقَت. فجاءه غَوْزَك فقال: إنَّ شُكْرَكَ عَلَيَّ واجِبٌ، لا تَتَعَرَّض لهذه الأَصنامِ فإنَّ منها أَصنامًا مَن أَحْرَقَها هَلَكَ. فقال قُتيبةُ: أنا أَحْرِقُها بِيَدِي، فدَعَا بالنَّارِ فكَبَّر ثمَّ أَشْعَلَها فاحْتَرَقَت، فوجدوا مِن بَقايا مَسامِير الذَّهَب خَمسين ألف مِثْقال.

العام الهجري : 791 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1389
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الغازي أبو الفتح غيَّاث الدنيا والدين: مراد الأول بن أورخان بن عثمان القايوي المعروف بغازي خداوندكار، التُركماني، ولِدَ سنة 726 (1326م). لَمَّا توفِّيَ والده الغازي أورخان سنة 761 جلس على سرير السلطنة, ووُلِدَ ابنُه السلطان يلدرم بايزيد خان عقيب جلوسِه على سرير السلطنة, ولما استَقَرَّ على سرير الملك كان الغزاةُ في روم إيلي منتظرينَ قُدومَه إليهم، فسار وجاوز البحر فاحتَلَّ مدينة أنقرة مقَرَّ سلطنة القرمان، ثم افتتح مدينة أدرنه في أوروبا في هذه السنة، ونقل إليها عاصمته واستمَرَّت عاصمة للدولة العثمانية إلى أن فتح محمد الفاتح مدينة القُسطنطينية سنة 853 (1453م) وفتح أيضًا مراد الأول مدينةَ فيلبه عاصمة الرومللي الشرقية، وفتح القائد أفرينوس بك مدينتي وردار وكلجمينا باسم سلطان العثمانيين، وبذلك صارت مدينة القسطنطينية محاطةً مِن جهة أوروبا بأملاك آلِ عُثمان منذ عَهْدِ مراد الأول, وصارت الدولة العَليَّة متاخمةً لإمارات الصرب والبلغار وألبانيا المستقلة, ولَمَّا دخل الربيع في شعبان سنة 791 خرج السلطان مراد الأول بجيشٍ عَرَمرم فالتقى في أول شهر رمضان بالصِّربِ، وانتصر عليهم, فبينما كان السلطان يتفرج بين القتلى مع أصحابه إذ نهض من بين الصرعى رجلٌ من الصرب، وكان من أمرائِهم، فقصد السلطان، فهَمَّ الحواشي أن يمنَعُوه فنهاهم السلطانُ فجاء كأنَّه يُظهِرُ الطاعة، فضربه بخنجر كان قد خبَّأه في كمِّه فجَرحَه جُرحًا مُنكرًا فلَحِقَ القوم ذلك الصربي فقَتَلوه، ثم خَيَّموا على السلطان طاقةً، فأنزلوه فيها، فلم يمض عليه يوم حتى توفي, فتكون مدةُ سلطنته إحدى وثلاثون سنة، وعمره خمس وستون. وكان قد بنى لنفسِه تربة في قرب جامعه بقبلوجه، فحملوه إلى بروسا –بورصة- مع تابوت ابنه يعقوب جلبي، فدفنوهما في تلك القبَّة، وبنيت قبة في موضع شهادته. قال حاجي خليفة: "كان مرادُ الأول من أجلِّ الملوك قَدْرًا ودِينًا، وكان دائِمَ الغَزوِ بحيث أفنى عمُرَه في الجهاد، وكان منصورًا في حروبه كثيرَ الخير، مواظِبًا على الجماعات في الصَّلَواتِ" ثم جلس على سرير السلطنة بعده ابنُه السلطان بايزيد الأول.