الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 867 ). زمن البحث بالثانية ( 0.014 )

العام الهجري : 646 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ، الإمام، العلَّامة، المقرئ، الأصولي، الفقيه، النحوي، جمال الأئمَّة والمِلَّة والدين أبو عمرو بن الحاجب عثمانُ بن عُمَر بن أبي بكر بن يونس الدويني الكردي الأصل، الإسنائي المولد، ثمَّ المصري, المالكي. كان مولده في آخر سنة 570 بأسْنا وهي بلدة صغيرة بصعيد مصر، كان والده حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. اشتغل أبو عمرو بالقاهرة في صغره بالقرآنِ الكريم، ثم بالفقهِ على مذهب الإمام مالك، رضي الله عنه، ثم اشتغلَ بالعلم فحَرَّرَ النحو تحريرًا بليغًا، ثم قرأَ القراءات، وبرع في علومِه وأتقنها غايةَ الإتقان. تفقه فسادَ أهل عصرِه، وكان رأسًا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف، والعروض والتفسير، وغير ذلك، وقد استوطن دمشق سنة 617، ودرَّس بها للمالكية جامعها وبالنورية المالكية، وتخرج به الأصحاب، حتى كان خروجُه من دمشق بصحبةِ الشيخ عز الدين بن عبد السلام سنةَ ثمان وثلاثين، فصارا إلى الدِّيار المصرية، وكان من أذكى الأئمَّة قريحةً، وكان حُجَّةً متواضعًا عفيفًا كثير الحياء منصفًا محبًّا للعلم وأهله، بارعًا في العلوم متقنًا لمذهب مالك بن أنس، وله مختصر في الفقه انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصر في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الإحكام لسيف الدين الآمدي، وشرح المفصل والأمالي في العربية، والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصَّل الزمخشري وشَرَحَها، والتصريف وشرحه، وعروض على وزن الشاطبية. وسار بمصنفاته الركبانُ. قال القاضي ابن خلكان: " وصنَّفَ في أصول الفقه، وكلُّ تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة، وخالف النحاةَ في مواضِعَ، وأورد عليهم إشكالاتٍ وإلزاماتٍ تَبعُد الإجابة عنها، وكان من أحسَنِ خَلقِ الله ذهنًا, ولما عاد إلى القاهرة جاءني مرارًا بسبب أداء شهاداتٍ، وسألته عن مواضِعَ في العربية مُشكِلة، فأجاب أبلغَ إجابة بسكونٍ كثيرٍ وتثَبُّت تام"  توفي بالإسكندرية ضاحي نهار الخميس 26 شوال، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح ابن أبي شامة.

العام الهجري : 833 العام الميلادي : 1429
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافظ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشافعي شيخ القراء، ومُقرِئ الممالك الإسلامية، الشهير بابن الجزري نسبة إلى جزيرة عُمر. ولد بدمشق ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 751، وتفقَّه بها، ولهج بطلب الحديث والقراءات، وبرَّز فيهما، وعَمر للقراءِ مدرسةً سمَّاها: دار القرآن، وأقرأ الناس، وقدم القاهرة مرارًا، وكان حسن الشَّكلِ، ثريًّا فصيحًا بليغًا، وكان باشر عند قطلبك استادار ايتمش، فاتفق أنه نقم عليه شيئًا فتهدده، ففرَّ منه، فنزل البحر إلى بلاد الرُّوم في سنة ثمان وتسعين، فاتصل ببايزيد بن مراد الأول العثماني فعظَّمه وأخذ أهل البلاد عنه عِلمَ القراءات، وأكثروا عنه، ثم كان فيمن حضر الوقعة مع بايزيد وتيمورلنك، فلما أُسِرَ بايزيد اتصل ابن الجزري بتيمورلنك، فعظَّمه وفوَّض له قضاء شيراز فباشره مدة طويلة، وكان كثير الإحسان لأهل الحجاز، وأخذ عنه أهل تلك البلاد القراءات والحديث، ثم اتفق أنه حجَّ سنة اثنتين وعشرين فنُهِب، ففاته الحجُّ، وأقام بينبع، ثم بالمدينة المنورة، ثم بمكَّة إلى أن حجَّ ورجع إلى العراق، ثم عاد سنة ست وعشرين وحجَّ، ودخل القاهرة سنة سبع، فعظَّمه الملك الأشرف برسباي وأكرمه، وأقام بها قليلًا، ثم دخل اليمن تاجرًا فأسمع الحديث عند صاحبها ووصله، ورجع ببضاعة كثيرة، فدخل القاهرة، وأقام بها مدة إلى أن سافر على طريق الشام، ثم على طريق البصرة، إلى أن رحل إلى شيراز وفيها توفي عن 82 عامًا. قال ابن حجر: "وقد انتهت إليه رئاسة علم القراءات في الممالك، وكان قديمًا صنَّف الحصن الحصين في الأدعية، ولهج به أهل اليمن، واستكثروا منه، وسمعوه عليَّ قبل أن يدخل هو إليهم، ثم دخل إليهم فأسمعهم، وحدَّث بالقاهرة بمُسنَد أحمد ومسند الشافعي وغير ذلك" له مصنفات، أشهرها: النشر في القراءات العشر، والتمهيد في علم التجويد، وله منجد المقرئين، وله ملخص تاريخ الإسلام، وله الدرة المضيئة في القراءات، وله أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب، وغيرها من المصنَّفات.

العام الهجري : 1036 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1626
تفاصيل الحدث:

هو السلطان نور الدين محمد جهانكير بن أكبر بن همايون بن بابر الكوركاني المغولي، من سلالة تيمورلنك سلطان الهند، ولِدَ في ربيع الأول سنة 977 بأكبر آباد، وتولى المملكة بعد والده يوم الخميس لأربع عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة 1014، وكان اسمُه سليمًا، سماه به والده على اسم الشيخ سليم بن بهاء الدين السيكروي؛ لأن الشيخ بشَّر به والده قبل ولادته ودعا له، فلما استقلَّ بالملك لقَّب نفسَه نور الدين محمد جهانكير، وافتتح أمرَه بالعدل والسخاء، وقرَّب إليه العلماء، وكان صحيح العقيدة خلافًا لوالده، سمع الحديث من الشيخ محمد سعيد الهروي المشهور بمير كلان، وقرأ عليه شيئًا من العلم بأمر والده، وسمع أيضًا من المفتي صدر جهان البهانوي. تزوج بمهر النساء بنت غياث الدين الطهراني، وكانت عشيقته، فخطبها بعد ما قَتَل بعلها شيرافكن خان، فأبت ثم رضيت، فتزوج بها ولقَّبها نور جهان بيكم، فحُبِّبت إليه وملكت فؤادَه حتى ألقى زمام السلطنة بيدها، فدبَّرت لخَتنها شهريار بن جهانكير من زوجته الأخرى ليولِّيه الملك، ورغَّبت زوجها جهانكير عن ابنه شاهجهان الذي دبَّر الملك لولايته بالمُلك بعده، فوقع الخلافُ بينهما وآل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطًا عنه. وكان جهانكير رحيمًا حليمًا كريمًا شاعرًا لطيف الطبع، حسن المعاشرة ظريف المحاضرة، حسن الصورة سليم الذهن، باهر الذكاء فصيح العبارة، له يد بيضاء في التحرير والتحبير، صنَّف كتابًا في أخباره وسماه "تزك جهانكيري" وهو مقبول متداول في أيدي الناس، وصنف في أخباره معتمد خان كتابَه: إقبال نامه، ومرزا كامكار الملقب بعزت خان كتابه مآثر جهانكيري، ومن مصنفات جهانكير بندنامه بالفارسية في أوراق عديدة صنفه لأبنائه، وأمر الشيخ محمد ابن الجلال الحسيني الكجراتي أن يترجم القرآن الكريم بالفارسية ولا يباشر فيه التصنع، ولا يزيد على الترجمة اللفظية حرفًا من جانبه. توفي لثلاث بقين من صفر سنة ست وثلاثين وألف، وكانت مدت حكمه إحدى وعشرين سنة وثمانية أشهر وثلاثة عشر يومًا.

العام الهجري : 1187 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1773
تفاصيل الحدث:

هو علي بك الكبير مملوكي حكم القاهرة كشيخ البلد أيام الدولة العثمانية, وكغيره من المماليك، لا تُعرف أصولُهم وإنما يُشتَرَون صغارًا، ثم يُجلبون لتركيا فيعتنقون الإسلام ثم يتربَّون تربية عسكرية صارمة، ويبدؤون في الصعود إلى مناصِبَ عليا والسيطرة على مقاليد الأمور، ويقال إن علي بك ابن قسيس رومي أرثوذكسي من قرية أماسيا في الأناضول. ولد سنة1140 ثم خُطِفَ وهو في الثالثة عشرة من عمره وبيع في القاهرة، فاشتراه الأمير إبراهيم كتخدا وبدأ معه رحلة التدريب والتعلُّم، حتى ظهرت عليه علامات النجابة وقوة الشخصية، حتى فاق أقرانَه في ركوب الخيل، والضربِ بالسيف، والطعنِ بالرمح، واستخدام الأسلحة النارية، وهو ما جعل سيِّدَه يعتقه وهو لم يتجاوز العشرين، وولَّاه بعضَ المهام الإدارية، إلى أن توفي أستاذه إبراهيم كتخدا سنة 1167هـ فخلفه في مناصبه الإدارية, وهو يتطلَّع إلى منصب مشيخة البلد، فأخذ يعدُّ العدة بشراء أعداد كبيرة من المماليك ويدرِّبُهم على الفنون العسكرية إلى أن جاءت سنة 1177 حيث تبوأ منصِبَ مشيخة البلد بالقاهرة، لكنَّ خصومَه أجبروه على الفرارِ إلى الصعيدِ ثم الحجاز وتارة إلى الشام، ثم عاد لمنصب مشيخة البلد عام 1181 وهو أعظم قوةً وأكثرُ عددًا، ولما استتَبَّ له الأمر تخلَّص من خصومه، فصادر أموالهم، وقتل بعضَهم ونفى البعض الآخر، ولم يسلَمْ من هذه الإجراءات حتى من قدَّموا له العونَ والمساعدة، فبطش ببعضهم ونفاهم إلى خارج البلاد. ثم ثار عليه تلميذُه وزوجُ بنته محمد بك أبو الذهب الذي تمكن من السيطرة على مصر وحكَمَها بعد فرارِ علي بك إلى الشام, ولَمَّا عاد علي بك في مطلع عام 1187هـ سار إلى مصر ومعه أربعمائة جندي روسي، فالتقى الطرفان وانتصر أبو الذهب عليهم في معركة بالصالحية بمصر، وقتل كلَّ من كان مع علي بك، الذي توفي فيما بعد متأثرًا بجراحِه بعد أن سعى للانفصال عن الدولةِ العثمانيةِ بدعمٍ وتأييدٍ من روسيا العدو اللَّدود للدولة العثمانية, فأرسل أبو الذهب رأسَ علي بك والضباط الروس إلى الوالي العثماني خليل باشا، فقام بدوره بإيصالها إلى السلطان في إستانبول, وتولى الحكم مكانَه محمد أبو الذهب الذي لم يلبث في الحكم سوى عامين ثم توفي.

العام الهجري : 1212 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1797
تفاصيل الحدث:

لَمَّا عيَّن سليمان باشا صاحب العراق ثويني بن عبد الله رئيسًا للمنتفق وقَدِمَ ثويني البصرةَ، فرح به أهلُ البصرة وما حولها من الأوطان فرحًا شديدًا, وقالوا: هذا الذي سيأخذُ الثأر ويخربُ تلك الديار- التابعة لدولة الدرعيَّة- وأتته منهم القصائِدُ يحضُّونه ويحَرِّضونه ويعجِّلونه بالمسير, وعَمِلَ محمد بن فيروز قصيدةً في التحريض على أتباعِ الدرعية. استنفر ثويني رعاياه وحشد عُربان المنتفق وأهل الزبير والبصرة وجميع عُربان الظفير وبني خالد، بقيادة برَّاك بن عبد المحسن، ونزل مع جموعِه الجهراء 3 أشهر يحشدُ مزيدًا من البوادي والعساكر والمدافِعِ وآلاتِ الحربِ والرَّصاص والبارود والطعام، فاجتمع له ما يعجزُ عنه الحصرُ، وأركب عساكِرَه في السفنِ مِن البصرةِ، وقصد الأحساءَ في قوةٍ هائلة, فلما بلغ الإمام عبد العزيز ذلك أمَّر على أهل الخرج والفرع ووادي الدواسر والأفلاج والوشم وسدير وجبل شمر، فاجتمعوا واستعمَلَ عليهم أميرًا هو محمد بن معيقل، فساروا ونزلوا قريةَ الماء المعروف في الطف من ديار بني خالد، وأمر الإمام عبدُ العزيز عُربانَ مطير وسبيع والعجمان وقحطان والسهول وعُربان نجد أن يحتَشِدوا بأموالهم وأهليهم ويقصدون ديار بني خالد، ثم أمر على ابنِه الأمير سعود أن يسيرَ بقوة من أهل الدرعية وبلاد العارضِ، ونزل سعود بالتنهات الروضة المعروفة عند الدهناء، ثم نزل حفر العتك فأقام عليه شهرًا. أما ثويني فنزل بالطف ثم رحل منه إلى الشباك الماء المعروف في ديرة بني خالد، وبينما ثويني ينصب خيمتَه عدا عليه عبدٌ اسمُه طعيس فطعنه طعنةً أدت إلى قتله في ساعتِها، فلما قُتل ثويني وقع التخاذُلُ والفشلُ في جنودِه والعساكرِ التي جمعها، فارتحلوا منهزمين لا يلوي أحدٌ على أحد، فتبعهم حسن بن مشاري بمن معه يقتُلون ويغنمون إلى قربِ الكويت وحازوا منهم أموالًا عظيمةً من الإبل والغنم والأزواد والأمتاع وجميع المدافِعِ والقنابر،  فلمَّا بلغ الأمير سعود مقتلُ ثويني، أقبل من مكانه إليهم وقسَّم الغنائم وعزَل أخماسَها, ثم سار ونزل شمال الأحساءِ، فخرج إليه أهلُها وبايعوه على دين الله والسَّمع والطاعة.

العام الهجري : 1367 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1948
تفاصيل الحدث:

بعد إعلان قرارِ التقسيم تزايدَ الصِّراعُ مع اليهود أكثَرَ، ثم بلغ أوْجَهُ عند انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وكانت الأوضاعُ العربيةُ وشعوبُها المستقِلَّة استقلالًا صوريًّا غير قادرة على أعمالٍ موازية لِما يقوم به اليهود وبجانبهم بريطانيا، وخاصة من ناحية التسليح؛ حيث وصل عدد اليهود الذين يستطيعون القتال أكثر من سبعين ألفًا مقابل عشرين ألفًا من الجيوش العربية، بالإضافة للفلسطينيين والمتطوِّعين من المسلمين، وبعد الخامس من أيار/ يوليو 1948م حدثت نكبةُ 48 حين دخلت الجيوشُ العربية فلسطينَ وأهمُّها الجيش المصري، والأردني، والعراقي، والسوري، وكانت المدنُ الفلسطينية حيفا ويافا وصفد وطبريا وعكا وغيرها من القرى الصغيرة بأيدي اليهودِ، ثم توزَّعت الجيوشُ العربية على الجبَهاتِ؛ فالجنوبية للمصريين، والشرقية للأردنيين والعراقيين، والشمالية للسوريين، ولم يكن هناك تنسيقٌ مُنظَّمٌ بين هذه الجبهات، فكُلُّ جيش خاض المعركةَ وحده بدون دعم الجيوش الأخرى، فلم ينجَح الجيش السوري في التقَدُّم من جهة الشمال، وأما الجيش الأردني والعراقي فاحتفظا بالضَّفة الغربية، وقاتل الجيشُ الأردني في القدس الشرقية في باب الواد والجيش العراقي في جنين، أما الجيش المصري فحُوصِرَ في الفالوجة وعراق المنشية، ثم انسحب واحتفظ بقطاعِ غزَّة، وفشل الجيش الأردني في المحافظة على اللد والرملة وأم الرشراش (إيلات) على الرَّغمِ من أنه أكثر الجيوش العربية تطورًا وتكتيكًا، وكان يقوده مجموعةٌ من الضباط البريطانيين!، ثم أخطأت الجيوشُ العربية بقَبولِها الهدنة الأولى في أواسط صيف 1948م، فأحضر اليهود مزيدًا من الأسلحة والمقاتلين والطائرات، وفكُّوا خلالها حصارَ القدس الغربية؛ حيث كان فيها مائة ألف يهودي على وَشْك الاستسلام، فكانت نسبةُ الأراضي التي أصبحت بعد هذه الحرب في يد اليهودِ أكثَرَ من ثلاثة أرباع فلسطين، فكانت نكبةً حقيقية على العرب وجيوشِهم التي مُنِيَت بالخسائر الفادحة دون أن تحَقِّقَ شيئا، هذا بالإضافةِ لهجرة الكثير من الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة والذين لم يستطيعوا العودةَ إلى الآن، وهم المعروفون بعربِ الثماني والأربعين، فهاجر منهم أكثر من 750 ألفًا ما بين سوريا والأردن وكذلك عدد لا بأس به منهم في مصر، وأقل منه في العراق والسعودية.

العام الهجري : 1379 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1960
تفاصيل الحدث:

هو علي عدنان إرتكين مندريس المعروف بعدنان مندريس رئيس وزراء تركيا، ولِدَ في مدينة أيدين سنة 1317هـ، وهو سياسيٌّ حقوقي، ورجل دولة تركي ومن دهاة الأتراك, شارك في تأسيسِ رابع حزب معارِض معتَرَف به في تركيا، كما أنه يعتبَرُ أوَّلَ رئيس وزراء منتَخَب ديمقراطيًّا في تركيا عام 1385هـ, دخل الانتخاباتِ مُرشَّحًا للحزب الديموقراطي سنة 1950م ببرنامج توقَّعَت له كلُّ الدراسات الفشَلَ المطلق، فمع أنَّه خرج من حزب أتاتورك العلماني بعد أن انشقَّ عنهم، فقد كان من ضمن تعهُّداتِه التي أطلقها للأتراك في حملته الانتخابية أنَّه إذا نجح في الانتخابات برئاسة الوزراء يتعَهَّدُ بعودة الأذان باللغة العربية، والسماح للأتراك بالحَجِّ، وإعادة إنشاء المساجد، وتدريس الدين بالمدارس، وإلغاء تدخُّل الدولة في لباس المرأة، فكانت نتيجة الانتخابات حصولَ حزب أتاتورك العلماني على 32 مقعدًا، بينما حصل حزب مندريس الديموقراطي على 318 مقعدًا! وتسَلَّم عدنان مندريس منصِبَ أوَّلِ رئيس منتخب للوزراء، وجلال بايار رئيس الحزب رئيسًا للجمهورية، وقد عمل مندريس منذ فوزِ حِزبِه في الانتخابات على استعادة هويَّة تركيا الإسلامية التي صادرها كمال أتاتورك، فشرع بتنفيذِ وُعودِه التي أعلنها أثناء العملية الانتخابية؛ فعقد أول جلسة لمجلس الوزراء في غرة رمضان تيمُّنًا بالشهر الكريم، وسَمَح بالأذان باللغة العربية، وأطلق حريةَ لباس المرأة، وحرية تدريس الدين، وبدأ بتعمير آلافِ المساجد بعد أن كانت ممنوعةً من البناء، وأخلى المساجِدَ التي كانت الحكومةُ السابقة تستعمِلُها مخازن للحبوب، وأعادها لتكونَ أماكن للعبادة، كما سمح بتعليم اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية، وأنشأ أكثَرَ من عشرين معهدًا لتخريج الوعَّاظ والخطباء وأساتذة الدين، وسمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام، وتقارَبَ مع العرب ضِدَّ إسرائيل، وفرض الرقابةَ على الأدوية والبضائع التي تُصنَعُ في إسرائيل، بل طَرَد السفير الإسرائيلي سنة 1956م، فتآمر عليه الأعداءُ في الداخل والخارج، فانقلب عليه جنرالات الجيش، وتم قتله -رحمه الله- شنقًا مع اثنين من وزرائه بعد محاكمةٍ صورية!

العام الهجري : 1410 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1990
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ الشيخ حسنين في حي باب الفتوح بالقاهرة في (16 من رمضان 1307هـ / 6 من مايو 1890م)، وتَعهَّدَه أبوه بالتربية والتعليم، فما إن بلغ السادسةَ حتى دفَعَ به إلى مَن يُحَفِّظه القرآنَ الكريم، وأتمَّه وهو في العاشرة على يد الشيخ محمد علي خلف الحسيني شيخ المقارئ المصرية، وهيَّأه أبوه للالتحاق بالأزهر، فحفَّظه متونَ التجويد، والقراءات، والنحو، ثم التحق بالأزهر، وهو في الحاديةَ عَشْرةَ من عمره، وتلقَّى العلم على شيوخ الأزهر، من أمثال الشيخ عبد الله دراز، ويوسف الدجوي، ومحمد بخيت المطيعي، وعلي إدريس، والبجيرمي، فضلًا عن والده الشيخ محمد حسنين مخلوف، ولمَّا فتحت مدرسةُ القضاء الشرعي أبوابَها لطلاب الأزهر، تقدَّم للالتحاق بها، وتخرَّج بعد أربع سنواتٍ حائزًا على عالِميَّة مدرسة القضاء سنةَ (1332هـ / 1914م)، وبعد التخرُّج عمل الشيخ حسنين مخلوف بالتدريس في الأزهر لمدة عامَينِ، ثم التحقَ بسلك القضاء قاضيًا شرعيًّا في قنا سنةَ (1334هـ / 1916م)، ثم تنقَّل بين عدَّة محاكمَ في "ديروط"، و"القاهرة"، و"طنطا"، حتى عُيِّن رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الكلية الشرعية سنةَ (1360هـ / 1941م)، ثم رُقِّيَ رئيسًا للتفتيش الشرعي بوزارة العدل سنةَ (1360هـ / 1942م)، ثم عُيِّنَ نائبًا لرئيس المحكمة العُليا الشرعية سنةَ (1363هـ / 1944م)، حتى تولَّى منصبَ الإفتاء في (3 من ربيع الأول 1365هـ / 5 من يناير 1946م)، وظلَّ في المنصب حتى (20 من رجب 1369هـ / 7 من مايو 1950م)، عندما بلغ انتهاءَ مدَّة خِدْمته القانونية، فاشتغل بإلقاء الدروس في المسجد الحسيني إلى أن أُعيد مرةً أُخرى ليتولَّى منصبَ الإفتاء سنةَ (1371هـ / 1952م)، واستمر فيه عامَينِ، وفي أثناء تولِّيه منصبَ الإفتاء اختير لعضوية هيئةِ كبارِ العلماءِ سنةَ (1367هـ = 1948م)، وبعد تَركه منصبَ الإفتاءِ أصبحَ رئيسًا للجنة الفَتْوى بالأزهر الشريف لمُدَّة طويلة، وكان عضوًا مؤسِّسًا لرابطة العالَم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، وشارَك في تأسيس الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، واختير في مجلس القضاءِ الأعْلى بالسعودية.
طالت الحياة بالشيخ حتى تجاوز المئةَ عامٍ، وتُوفيَ في 19 من رمضان 1410.

العام الهجري : 1425 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2004
تفاصيل الحدث:

هو قَدْري بن صَوْقَل بن عَبْدُول بن سِنَان المشهور بعبد القادر الأرناؤوط، وُلد سنةَ 1347هـ بقرية «فريلا» في «إقليم كوسوفا» من بلاد الأرنؤوط في ما كان يُعرف بيوغوسلافيا، والألبانيون يُسمُّون هذا الإقليم: كوسوفا، والصرب يقولون: كوسوفو، والأرنؤوط جِنسٌ يندَرِجُ تحته شعوبٌ كثيرةٌ من الألبان واليوغسلاف وغيرهم هاجَرَ سنةَ 1353هـ من جرَّاء اضطهاد المحتلِّين الصرب إلى دِمَشقَ بصحبةِ والدِه وبقيَّةِ عائلته، وكان عمرُه آنذاكَ ثلاثَ سنواتٍ، ترعرع الشيخ في دِمَشق الشام، وتلقَّى تعليمَه أولَ الأمر في مدرسة «الإسعاف الخيري» بدِمَشق بعد دراسة سَنتينِ في مدرسة «الأدب الإسلامي» بدِمَشق. وبعد نهاية المرحلة الابتدائية تركَ العلم لغرض العمَلِ لحاجته للمال، فعمِلَ «ساعاتيًّا» في تصليح الساعات في محلة «المسكية» بدِمَشق، وكان يعمل في النهارِ، ويدرُس القرآنَ والفقهَ مساءً، وانضمَّ إلى حلقة الشيخ عبد الرزاق الحلبي، رغبةً في تعلُّم علوم الشرعِ واللغةِ والأدبِ، تقلَّد الخطابة، فكان خطيبًا في جامع «الدِّيوانية البَرَّانيَّة» بدِمَشق، ثم خطيبًا في جامع «عمر بن الخطاب»، ثم انتقَلَ إلى منطقة «الدحاديل» بدِمَشق، وكان خطيبًا في جامع «الإصلاح»، ثم انتقل إلى جامع «المُحمَّدي» بحيِّ الـمِـزَّة، لكنَّ الشيخَ بَقيَ يُلقي دروسَه في معهد الأمينية (وهي مدرسة قديمة للشافعية)، وبَقيَ يقوم بالتدريس والوعظ، ويُنبِّهُ الناس إلى السُّنة الصحيحة، ويَدْعوهم إلى ضرورة ترك البِدَع والمخالَفات في الشريعة، هذا مع انكبابه على التحقيق والتأليف وتدريسه العلمَ للناس، وإلقاء المحاضرات، كان الشيخ سَلَفيَّ العقيدة، لا يلتزم مذهبًا فقهيًّا مُعيَّنًا، وإنَّما يعمَل بالكتابِ والسُّنة على منهج السلَف الصالحِ -رِضوانُ الله عليهم- ومن كُتبه وتحقيقاته: إتمام تحقيق كتاب ((غاية المنتهى)) في الفقه الحنبلي، وتحقيق كتاب ((جامع الأصول)) لابن الأثير، وتحقيق كتاب ((زاد المعاد)) لابن القَيِّم، و((زاد المسير في علم التفسير)) لابن الجَوْزي، و((المبدع في شرح المقنع)) لابن مفلح، و((رَوْضة الطالبين)) للنووي، و((الشفا)) للقاضي عياض، و((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة))، وغيرها، تُوفيَ في دِمَشق فجرَ الجمُعة 13شوال 1425، ودُفن بمقبرة الحقلة، وكانت جنازته مشهودةً رحمه اللهُ.

العام الهجري : 1441 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 2020
تفاصيل الحدث:

هو محمَّد بنُ الأمين بنِ عبد الله بن أحمدَ الحَسَني الإدريسيِّ العَمْراني، كُنْيتُه (بُوخُبْزة)، وُلِد بتِطْوانَ في المغربِ عام1351هـ / 1932م، وكانت تحْت الاحتلالِ الأسبانيِّ.
أتمَّ حِفظَ القرآنِ، ثم أتمَّ حِفظَ بعضِ المتون العِلمية، كالآجُروميةِ، والمرشِد المُعِين على الضَّروري من عُلوم الدِّين، ومُختصَر خَليلٍ في الفِقه المالكي، ثم الْتحَقَ بالمعهد الدِّيني بالجامع الكبيرِ، ومكَث فيه نحْوَ عامينِ تلقَّى خلالَها دُروسًا نِظاميةً مختلِفةً، وأخَذ عن والدِه رحمه الله النَّحْوَ بالآجُرومية وجُزءٍ من الألْفية، وتلقَّى العِلم على عددٍ من عُلماءِ ومَشايخِ المغربِ، مِن أشهَرِهم محمَّد تقي الدِّين الهلالي الحُسَيني، وحضَر دُروسًا في الحديث والسِّيرة على الفقيهِ الحاج أحمد بن محمَّد الرُّهوني.
وكان رحِمه الله مِن عُلماء أهلِ السُّنة في المغرب، ومِن العلماء المشهودِ لهم بالموسوعيَّةِ العِلمية والإحاطة بمُحتويات الكُتب مَخطوطِها ومَطبوعِها.
عَمِل كاتبًا مع القاضي أحمد بن تاوَيْت في وزارة العدْل، وأصدَر عددًا مِن المجلَّات والصُّحف، منها: مجلَّة الحديقة، ومجلة أفكارِ الشَّباب، وصَحيفة البُرهان، وكتَب في مجلة "لِسان الدِّين" التي كان يُصدِرها تقيُّ الدين الهلاليُّ، والذي خلَفه على رئاسة تَحريرِها بعْد سَفرِه عبد الله كنّون، ومجلة "النصر"، و"النِّبراس"، وصحيفة "النور"، وغيرها.
اهتمَّ بالمحدِّث أحمد بن الصِّدِّيق الغُماري، وأُعجِب بسَعةِ اطِّلاعه ورُسوخ قدَمِه في عُلوم الحديث، فكاتَبه وجالَسه وأجازه إجازةً عامةً. كما أجازه مُشافهةً كثيرٌ مِن العلماء، مِن أشهَرِهم الشَّيخ عبد الحيِّ الكَتانيُّ، والشَّيخ عبد الحفيظِ الفاسيُّ الفهْري، والشيخ الطاهرُ بن عاشورٍ.
الْتَقى بالشيخ الألبانيِّ أكثرَ مِن ثَلاثِ مراتٍ: مرةً في المدينةِ المنوَّرة، ومرَّتَين في المغربِ، وتأثَّر بدَعوتِه السَّلفية، وكان سَببًا في اتباعِه المنهجَ السَّلَفيَّ.
له مؤلَّفاتٌ كثيرة؛ منها: (الشَّذرات الذهبية في السِّيرة النَّبوية)، و(فتْح العَلِي القديرِ في التفسير)، و(نظَرات في تاريخ المذاهب الإسلامي)، و(مَلامح من تاريخ عِلم الحديث بالمغرِب)، و(الأدلَّة المحرَّرة على تحْريم الصلاة في المقبرة).
وحقَّق عددًا من الكُتب؛ منها: تَحقيق جزءٍ من كتاب التمهيدِ لابن عبد البَرِّ، تحقيق أجزاءٍ مِن الذَّخيرة للقِرافي، تَحقيق سِراج المهتَدِين لابن العرَبيِّ.

العام الهجري : 505 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1111
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ البحر حُجَّة الإسلام، أُعجوبة الزمان: زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الألوسي الطوسي الشافعي؛ إمام عصره صاحب التصانيف والذكاء المفرط. وُلِدَ بطوس سنة 450, وتفقَّه ببلده أولًا، ثم تحول إلى نيسابور في مرافقة جماعة من الطلبة، فلازم إمام الحرمين، فبرع في عدة علوم في مدة قريبة، ومهر في الكلام والجدل، حتى صار عينَ المناظرين، وشرع في التصنيف. يقول الذهبي: "سار أبو حامد إلى المخيَّم السلطاني، فأقبل عليه نظام الملك الوزير، وسُرَّ بوجوده، وناظَرَ الكبارَ بحضرته، فانبهر له وشاع أمره؛ فولَّاه نظام الملك التدريسَ في نظامية بغداد، فقدمها بعد 480، وسِنُّه نحو الثلاثين، وأخذ في تأليف الأصول والفقه والكلام والحكمة، وأدخَلَه سيلانُ ذهنِه في مضايق الكلام، ومزالِّ الأقدامِ، ولله سرٌّ في خلقه. وعَظُمَ جاه الرجل وازدادت حشمته؛ بحيث إنه في دست أمير، وفي رتبة رئيس كبير، فأدَّاه نظره في العلوم وممارسته لأفانين الزهديات إلى رفض الرئاسة، والإنابة إلى دار الخلود، والتأله والإخلاص وإصلاح النفس، فحجَّ من وقته، وزار بيت المقدس" وأخذ الغزالي في تصنيف كتاب الإحياء وتمَّمه بدمشق، وقد شنع عليه أبو الفرج بن الجوزي ثمَّ ابن الصلاح في ذلك تشنيعًا كثيرًا، وأراد المازري أن يحرق كتاب إحياء علوم الدين، وكذلك غيره من المغاربة، وقالوا: "هذا كتاب إحياء علوم دينه، وأما ديننا فإحياء علومه كتابُ الله وسنة رسوله". قال عبد الغافر في السياق: "لقد زرته مرارًا، وما كنت أحدس في نفسي مع ما عهدته عليه من الزعارة والنظر إلى الناس بعين الاستخفاف كبرًا وخيلاء، واعتزازًا بما رُزِق من البسطة والنطق والذهن وطلب العلو؛ أنَّه صار على الضد، وتصفَّى عن تلك الكدورات، وكنت أظنه متلفعًا بجلباب التكلف، متنمِّسًا بما صار إليه، فتحققت بعد السبر والتنقير أن الأمر على خلاف المظنون، وأن الرجل أفاق بعد الجنون، وحكى لنا في ليالٍ كيفية أحواله من ابتداء ما أظهر له طريق التأله، وغلبة الحال عليه بعد تبحره في العلوم، واستطالته على الكل بكلامه، والاستعداد الذي خصه الله به في تحصيل أنواع العلوم، وتمكُّنه من البحث والنظر، ولما عاد إلى طوس واتخذ في جواره مدرسة للطلبة، وخانقاه للصوفية، ووزع أوقاته على وظائف الحاضرين من ختم القرآن، ومجالسة ذوي القلوب، والقعود للتدريس، حتى توفي بعد مقاساة لأنواع من القصد، والمناوأة من الخصوم، والسعي فيه إلى الملوك، وحفظ الله له عن نوش أيدي النكبات... إلى أن قال: وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله، ومطالعة (الصحيحين)، ومما كان يعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو في أثناء كلامه، ورُوجِعَ فيه، فأنصف واعترف أنه ما مارسه، واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه، مع أنه كان يؤلِّفُ الخطب، ويشرح الكتب بالعبارة التي يعجز الأدباء والفصحاء عن أمثالها. ومما نُقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب (كيمياء السعادة والعلوم) وشرح بعض الصور والمسائل بحيث لا توافق مراسم الشرع وظواهر ما عليه قواعد الملة، وكان الأولى به -والحق أحق ما يقال- ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له؛ فإن العوامَّ ربما لا يُحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا شيئًا من ذلك تخيلوا منه ما هو المضرُّ بعقائدهم، وينسُبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل. على أن المنصِفَ اللبيب إذا رجع إلى نفسه علم أن أكثر ما ذكره أبو حامد مما رمز إليه إشارات الشرع، وإن لم يَبُح به، ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطريقة، فلا يجب حمله إذًا إلا على ما يوافق، ولا ينبغي التعلق به في الرد عليه إذا أمكن، وكان الأولى به أن يترك الإفصاحَ بذلك، وقد سمعت أنه سمع سنن أبي داود من القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي" قلت (الذهبي): ما نقمه عبد الغافر على أبي حامد في الكيمياء فله أمثاله في غضون تواليفه، حتى قال أبو بكر بن العربي: شيخنا أبو حامد بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع". وقال عياض القاضي: "والشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف العظيمة، غلا في طريقة التصوف، وتجرد لنصر مذهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألَّف فيه تواليفه المشهورة، أُخِذ عليه فيها مواضع، وساءت به ظنونُ أمة، والله أعلم بسِرِّه، ونفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها، فامتثل ذلك". قلت(الذهبي): ما زال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهادِه، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند أو خرق الإجماع فهو مأزور، وإلى الله تُرجَع الأمور". ثم قصد الغزالي مصر وكان ينوي منها للاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين، فبينما هو كذلك بلغه نعي ابن تاشفين، فصرف عزمه عن تلك الناحية، ثم عاد إلى وطنه بطوس واشتغل بنفسه، وصنف الكتب في عدة فنون؛ منها كتاب "الوسيط" و "البسيط" و "الوجيز" و "الخلاصة" في الفقه، وله في أصول الفقه "المستصفى" فرغ من تصنيفه في سادس المحرم سنة 503، وله المنحول والمنتحل في علم الجدل، وله تهافت الفلاسفة، ومحك النظر، ومعيار العلم، والمقاصد، والمضنون به على غير أهله, ولم يُعقِب إلا البنات، ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية، ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه، واتخذ خانقاه للصوفية، ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره، ووزع أوقاته على وظائف الخير؛ مِن خَتمِ القرآن، ومجالسة أهل القلوب، والقعود للتدريس، إلى أن انتقل إلى ربه. وكانت وفاته في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة، ودفن بطوس.

العام الهجري : 416 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1025
تفاصيل الحدث:

كان لأهلِ الهندِ صَنمٌ مَعروفٌ بسومنات يُعَظِّمونَه أشَدَّ التَّعظيمِ، ويقَدِّمونَ له مِن القَرابينِ ما لا يُقَدَّمُ لصَنَمٍ غَيرِه، وكان يمينُ الدَّولة كلَّما فتَحَ مِن الهندِ فتحًا، وكسَرَ صنمًا يقولُ الهنود: إنَّ هذه الأصنامَ قد سَخِطَ عليها سومنات، ولو أنَّه راضٍ عنها لأهلَكَ مَن تقَصَّدَها بسُوءٍ، وقد كانوا يَفِدونَ إليه مِن كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ، كما يفِدُ النَّاسُ إلى الكعبةِ بالبيتِ الحَرامِ، ويُنفِقونَ عنده النَّفَقاتِ والأموالَ الكثيرةَ التي لا تُوصَفُ ولا تُعَدُّ، وكان عليه من الأوقافِ عَشرةُ آلافِ قَريةٍ ومدينةٍ مشهورةٍ، وقد امتلأت خزائِنُه أموالًا، وعنده ألفُ رجُلٍ يَخدُمونَه، ومئاتُ الرِّجالِ يَحلِقونَ رُؤوسَ حَجيجِه، وكان عنده من المجاورينَ ألوفٌ يأكُلونَ مِن أوقافِه، فلَمَّا بلغ خبَرُ هذا الصَّنمِ وعُبَّادِه السُّلطانَ يَمينَ الدَّولةِ محمودَ الغَزنويَّ، عَزَمَ على غَزوِه وإهلاكِه, فاستخار اللهَ لِما بلَغَه مِن كَثرةِ الهُنودِ في طريقِه، والمفاوِز المُهلِكة، والأرض الخَطِرة، في تجَشُّم ذلك في جَيشِه، وعليه أن يقطَعَ تلك الأهوالَ، فانتَدَب معه ثلاثون ألفًا مِن المُقاتِلة مِمَّن اختارهم لذلك سِوى المتطَوِّعةِ، فسَلَّمَهم اللهُ حتى انتَهَوا إلى بلدِ هذا الوَثَن، ونزلوا بساحةِ عُبَّادِه، فإذا هو بمكانٍ بقَدرِ المدينةِ العظيمة، فما أسرَعَ أن مَلَكَه، وقتَلَ مِن أهله خمسينَ ألفًا وقلَعَ الوَثَن وأوقد تحته النَّارَ. قال ابنُ كثير: "ذكر غيرُ واحدٍ أنَّ الهنودَ بَذَلوا للسُّلطانِ مَحمود أموالًا جزيلةً لِيَترُكَ لهم هذا الصَّنمَ الأعظَمَ، فأشار من أشار مِن الأمراءِ على السلطان محمود بأخذِ الأموالِ وإبقاءِ هذا الصَّنَم لهم، فقال: حتى أستخيرَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ، فلمَّا أصبَحَ قال: إنِّي فكَّرتُ في الأمرِ الذي ذُكِرَ، فرأيتُ أنَّه إذا نودِيتُ يومَ القيامةِ أين محمود الذي كسَرَ الصَّنَم، أحَبُّ إليَّ مَن أن يقالَ: الذي ترَكَ الصَّنَمَ لأجْلِ ما ينالُه من الدُّنيا! ثمَّ عَزَم رَحِمَه اللهُ فكَسَرَه، فوجد عليه وفيه مِن الجواهِرِ واللآلئِ والذَّهَبِ والجواهِرِ النَّفيسة ما يُنَيِّفُ على ما بَذَلوه له بأضعافٍ مُضاعَفةٍ، ونرجو مِن اللهِ له في الآخرةِ الثَّوابَ الجَزيلَ الذي مِثقالُ دانقٍ منه خيرٌ مِن الدنيا وما فيها، مع ما حصَلَ له من الثَّناءِ الجَميلِ الدُّنيوي، فرَحِمَه اللهُ وأكرَمَ مَثواه", ثمَّ رحَلَ يَمينُ الدَّولة عائدًا إلى غزنة، فوصَلَها عاشِرَ صَفَر سنة 417.

العام الهجري : 422 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1031
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ أبو العَبَّاسِ أحمَدُ بنُ الأميرِ إسحاقَ بنِ المُقتَدِرِ جَعفرِ بنِ المُعتَضِدِ العباسيِّ البغداديِّ. ولِدَ سنة 336. وأمُّه اسمُها: تمني, ماتت في دولتِه، وكان أبيضَ كَثَّ اللِّحيةِ يَخضِبُ, دَيِّنًا عالِمًا متعَبِّدًا وقورًا، مِن جِلَّةِ الخُلفاءِ وأمثَلِهم. عَدَّه ابنُ الصَّلاحِ في الشَّافعيَّة؛ فقد تفَقَّه على أبي بشرٍ أحمَدُ بنُ محمَّدٍ الهَرَويِّ. قال الخطيبُ البغدادي: "كان القادِرُ باللهِ مِن السِّترِ والدِّيانةِ، وإدامةِ التهَجُّدِ باللَّيلِ وكثرةِ البِرِّ والصَّدَقات على صِفةٍ اشتُهِرَت عنه" وكان قد صَنَّفَ كِتابًا في الأصولِ ذكر فيه فضائِلَ الصَّحابةِ على ترتيبِ مَذهَبِ أهل الحديث, وأورد في كتابِه فضائِلَ عُمَرَ بنِ عبد العزيز، وإكفارَ المُعتَزِلة والقائلينَ بخَلقِ القُرآنِ, وكان الكِتابُ يُقرأُ كُلَّ جُمعةٍ في حلقةِ أصحابِ الحديث. قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ: "كان في أيَّامِ المتوكِّلِ قد عَزَّ الإسلامُ حتى ألزَمَ أهلَ الذِّمَّةِ بالشُّروطِ العُمَرِيَّة وألزموا الصِّغارَ، فعَزَّت السُّنَّة والجماعة, وقُمِعَت الجَهميَّةُ والرَّافِضةُ ونحوهم، وكذلك في أيَّامِ المُعتَضِد، والمُهتدي، والقادرِ بالله، وغيرِهم من الخُلفاِء الذين كانوا أحمَدَ سِيرةً وأحسَنَ طريقةً مِن غَيرِهم, وكان الإسلامُ في زَمَنِهم أعَزَّ، وكانت السُّنَّةُ بحَسَبِ ذلك" أمَرَ القادِرُ باللهِ بعَمَلِ مَحضَرٍ يتضَمَّنُ القَدحَ في نَسَبِ العُبَيديَّة، وأنَّهم منسوبونَ إلى ديصان بنِ سعيدٍ الخرَّميِّ، أخذَ عليه خُطوطَ العُلَماءِ والقُضاة والطَّالبيِّينَ، كما استتابَ فُقَهاءَ المُعتَزِلة، فأظهروا الرُّجوعَ وتبَرَّؤوا من الاعتزالِ والرَّفضِ والمقالاتِ المخالفةِ للإسلامِ. تُوفِّيَ القادِرُ بالله وكانت خلافتُه إحدى وأربعينَ سَنةً وثلاثةَ أشهُرٍ وعشرين يومًا، وكانت الخلافةُ قَبلَه قد طَمِعَ فيها الديلَمُ والأتراك، فلَمَّا وَلِيَها القادِرُ بالله أعاد جِدَّتَها، وجَدَّد ناموسَها، وألقى اللهُ هَيبَتَه في قلوبِ الخَلقِ، فأطاعوه أحسَنَ طاعةٍ وأتَمَّها، فلمَّا مات القادِرُ بالله جلَسَ ابنُه القائِمُ بأمرِ الله أبو جعفرٍ عبدُ الله، وجُدِّدَت له البيعةُ، وكان أبوه قد بايَعَ له بولايةِ العهدِ سنةَ 421، واستقَرَّت الخلافةُ له، وأوَّلُ مَن بايَعَه الشَّريفُ أبو القاسِمِ المرتضى، وأرسل القائِمُ بأمرِ اللهِ قاضيَ القُضاةِ أبا الحسَن الماوَرديَّ إلى المَلِك أبي كاليجار؛ ليَأخُذَ عليه البَيعةَ، ويَخطُبَ له في بلادِه، فأجابَ وبايَعَ، وخَطَب له في بلادِه.

العام الهجري : 656 العام الميلادي : 1258
تفاصيل الحدث:

نزل هولاكو بجيشِه المغولي بعدَ مذبحةِ بغداد حرَّان واستولى عليها ومَلَك بلادَ الجزيرة، ثم سيَّرَ ولده أشموط إلى الشامِ وأمره بقطعِ الفرات وأخْذ البلاد الشامية، وسيَّرَه في جمعٍ كثيف من التتار فوصَلَ أشموط إلى نهرِ الجوز وتل باشر، ووصل الخبَرَ إلى حلب من البيرة بذلك، وكان نائبُ السلطان صلاح الدين يوسف بحلب ابنه الملك المعظم توران شاه، فجفَل النَّاسُ بين يدي التتارِ إلى جهة دمشق وعظم الخطب، واجتمع الناسُ من كلِّ فجٍّ عند الملك الناصر بدمشق، واحترز الملك المعظَّم توران شاه بن الملك الناصر بحَلَب غاية الاحتراز، وكذلك جميعُ نوَّاب البلاد الحلبيَّة، وصارت حَلَب في غاية الحصانة بأسوارها المحكَمة البناءِ وكثرة الآلات، فلمَّا كان العشر الأخير من ذي الحِجَّة قصد التتارُ حَلَب ونزلوا على قريةٍ يقال لها سلميَّة وامتَدُّوا إلى حيلان والحادي، وسيَّروا جماعةً مِن عَسكَرِهم أشرفوا على المدينة، فخرج عسكرُ حلب ومعهم خلقٌ عظيم من العوام والسُّوقة، وأشرفوا على التتار وهم نازلونَ على هذه الأماكِنِ، وقد رَكِبوا جميعُهم لانتظار المسلمينَ، فلمَّا تحقَّق المسلمون كثرتَهم كَرُّوا راجعين إلى المدينة، فرسم المَلِكُ المعظَّم بعد ذلك ألا يخرُجَ أحد من المدينة، ولما كان غدُ هذا اليوم رحلت التتارُ من منازلهم طالبين مدينةَ حلب، واجتمع عسكرُ المسلمين بالنواشير وميدان الحصا وأخذوا في المشورة فيما يعتَمِدونه، فأشار عليهم الملك المعظَّم أنهم لا يخرجون أصلًا لكثرة التتار ولقوَّتهم وضعف المسلمين على لقائهم، فلم يوافِقْه جماعة من العسكر وأبوا إلَّا الخروج إلى ظاهر البلد لئلَّا يطمع العدو فيهم، فخرج العسكرُ إلى ظاهر حلب وخرج معهم العوامُّ والسوقة، واجتمع الجميعُ بجبل بانقوسا، ووصل جمع التتار إلى أسفَلِ الجبل فنزل إليهم جماعة من العسكر ليقاتِلوهم، فلما رآهم التتار اندفعوا بين أيديهم مكرًا منهم وخديعةً، فتبعهم عسكرُ حلب ساعةً من النهار، ثم كرَّ التتار عليهم فوَلَّوا منهزمينَ إلى جهة البلد والتتارُ في أثرهم، فلما حاذوا جبل بانقوسا وعليه بقية عسكر المسلمين والعوام اندفعوا كلُّهم نحو البلد والتتار في أعقابِهم، فقتلوا من المسلمينَ جمعًا كثيرًا من الجند والعوام، ونازل التتارُ المدينة في ذلك اليوم إلى آخره، ثم رحلوا طالبينَ أعزاز فتسَلَّموها بالأمانِ.

العام الهجري : 699 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1300
تفاصيل الحدث:

رحل المغولُ مِن دمشق على أنَّهم سيعودون زمن الخريف ليدخلوا مصر أيضًا، وعاد سيف الدين قبجق إلى دمشقَ يوم الخميس بعد الظهر خامس عشرين جمادى الأولى ومعه الألبكي وجماعة، وبين يديه السيوفُ مُسَلَّلة وعلى رأسه عصابةٌ، فنزل بالقصر ونودي بالبَلَدِ: نائبُكم قبجق قد جاء فافتَحوا دكاكينَكم واعملوا معاشَكم، ولا يغرر أحدٌ بنفسه هذا الزَّمان والأسعارُ في غاية الغلاءِ والقِلَّة، ولما كان في أواخر الشهر نادى قبجق بالبلد أن يخرُجَ الناس إلى قُراهم، وأمر جماعة وانضاف إليه خلقٌ من الأجناد، وكَثُرت الأراجيف على بابه، وعَظُم شأنه ودُقَّت البشائر بالقلعة، وركب قبجق بالعصائبِ في البلد والشاويشية بين يديه، وجهز نحوًا من ألف فارس نحو خربة اللصوصِ، ومشى مشيَ الملوك في الولاياتِ وتأمير الأمراءِ والمراسيم العالية النافذة، ثم إنَّه ضمن الخماراتِ ومواضِعَ الزنا من الحاناتِ وغيرها، وجُعِلَت دارُ ابن جرادة خارج من باب توما خمارةً وحانة أيضًا، وصار له على ذلك في كلِّ يومٍ ألفُ درهم، وهي التي دمَّرَتْه ومحقت آثارَه، وأخذ أموالًا أخرى من أوقاف المدارس وغيرها، ورجع بولاي من جهة الأغوار وقد عاث في الأرض فسادًا، ونهب البلادَ وخَرَّب ومعه طائفةٌ من التتر كثيرة، وقد خربوا قرًى كثيرة، وقتلوا من أهلها وسَبَوا خلقًا من أطفالها، وجبى لبولاي من دمشق أيضًا جباية أخرى، وخرج طائفةٌ من القلعة فقَتَلوا طائفة من التتر ونهبوهم، وقُتِلَ جماعة من المسلمين في غبون ذلك، وأخذوا طائفةً ممن كان يلوذ بالتتر، ورَسَمَ قبجق لخطيبِ البلَدِ وجماعة من الأعيان أن يدخُلوا القلعة فيتكَلَّموا مع نائِبِها في المصالحةِ، فدخلوا عليه يومَ الاثنين ثاني عشر جمادى الآخرة، فكلَّموه وبالغوا معه فلم يجِب إلى ذلك، وقد أجاد وأحسن وأرجل في ذلك بيَّضَ اللهُ وَجهَه، وفي ثامن رجب طلب قبجق القضاةَ والأعيان فحَلَّفَهم على المناصحة للدولة المحمودية- يعني قازان- فحلفوا له، وفي هذا اليوم خرج الشيخ تقيُّ الدين ابن تيمية إلى مخيَّم بولاي فاجتمع به في فكاكِ مَن كان معه من أسارى المُسلمين، فاستنقذ كثيرًا منهم من أيديهم، وأقام عنده ثلاثةَ أيامٍ ثم عاد، ثم راح إليه جماعةٌ من أعيان دمشق ثم عادوا من عنده فشُلحوا عند باب شرقي وأخَذَ ثيابَهم وعمائِمَهم ورجعوا في شرِّ حالة، ثم بعَثَ في طلبهم فاختفى أكثَرُهم وتغيَّبوا عنه.