الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3515 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 536 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ، البَحرُ المتفنِّنُ: أبو عبد الله محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ عُمَرَ بن محمد التميمي المازري (نسبةً إلى مازرة بصقليَّةَ) المالكي، الحافِظُ المحَدِّث المشهور. وُلِدَ بالمهدية بإفريقيَّة. كان إمامًا حافِظًا مُتقِنًا أحدَ الأذكياءِ الموصوفين، والأئمَّة المتبحِّرينَ، عارفًا بعلوم الحديثِ، سَمِعَ وسافَرَ كثيرًا وكتب الكثير. قيل: "إنَّه مَرِضَ مَرضةً، فلم يجِدْ مَن يعالجُه إلَّا يهوديٌّ، فلمَّا عُوفِيَ على يَدِه، قال اليهودي: لولا التزامي بحِفظِ صِناعتي، لأعدَمتُك، فأثَّرَ هذا عند المازري، فأقبَلَ على تعَلُّمِ الطبِّ، حتى فاق فيه، وكان ممَّن يُفتي فيه، كما يُفتي في الفِقهِ". قال القاضي عياض: "هو آخِرُ المتكَلِّمينَ مِن شُيوخِ إفريقيَّة بتحقيقِ الفِقهِ، ورتبةِ الاجتهادِ، ودِقَّةِ النظر. درَسَ أصولَ الفِقهِ والدِّينَ، وتقَدَّمَ في ذلك، فجاء سابقًا، لم يكُنْ في عصره للمالكيَّةِ في أقطارِ الأرضِ أفقَهُ منه، ولا أقوَمُ بمَذهَبِهم، سَمِعَ الحديث، وطالَعَ معانيَه، واطَّلَعَ على علومٍ كثيرة من الطِّبِّ والحسابِ والآداب، وغير ذلك، فكان أحدَ رجالِ الكمال، وإليه كان يُفزَعُ في الفُتيا في الفِقه، وكان حسَنَ الخُلُقِ، مليحَ المُجالَسةِ، كثيرَ الحكايةِ والإنشاد، وكان قَلَمُه أبلَغَ مِن لسانه" من أشهَرِ تصانيفِه: شرحُ صحيح مسلم، سَمَّاه " كتاب المُعْلِم بفوائد كتابِ مُسلِم" وعليه بنى القاضي عِياضٌ كِتابَ الإكمالَ، وهو تَكمِلةٌ لهذا الكتاب، وله إيضاحُ المحصولِ في برهانِ الأصول, والكَشفُ والإنباءُ في الرَّدِّ على الإحياءِ، كتاب الغزالي، وله شَرحُ كتاب (التلقين) لعبد الوهاب المالكي في عشرةِ أسفار، وهو مِن أنفَسِ الكُتُب. وله كتُبٌ أخرى في الأدب. حَدَّثَ عنه القاضي عِياضٌ، وأبو جعفر بن يحيى القُرطبي الوزغي. مات وله ثلاث وثمانون سنة, ودفن بالمنستير.

العام الهجري : 1249 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1834
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، من أمراءِ نجد، وَلِيَها بعد مقتل ابنِ عَمِّه مشاري بن سعود. كان تركي بن عبد الله فارًّا من وجه التُّرك وعُمَّال والي مصر محمد علي، في الخَرجِ بنجد، وعلم بأنَّ مشاري بن معمر قبض على ابنِ عَمِّه مشاري وسَلَّمه إلى الترك فقَتَلوه، فخرج من مخبئه ودخل العارضَ فنازع ابن معمر برهةً مِن الزمن، ثم قتَلَه بابن عمه، وتولى الحكمَ مكانه. وبولايةِ تركي بن عبد الله انتقل الحكمُ في آل سعود من سلالةِ عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى سلالة أخيه عبد الله بن محمد بن سعود، وكان تركي شجاعًا؛ أخذ على عاتقه إخراجَ الترك ومَن معهم من المصريين عن بلادِه، فاستردَّ الأحساء والقطيف، وصالحَه أميرُ حائل، وانبسط نفوذُه في القصيم. واستمَرَّ إلى أن قام مشاري بن عبد الرحمن ابن أخت تركي بن عبد الله -وهو ابنُ عمه أيضًا- بقَتلِه غدرًا، قال ابن بشر: "عزم مشاري على إظهارِ ما أبطن وجَرَّد سيفه لإثارة الفِتَن، وذلك بمساعدة رجالٍ أسافِلَ مِن الخدمِ الأراذلِ، وقد تواعدوا عليه بعد صلاةِ الجمعة إذا خرج من المسجِدِ، فلما صلى الجمعة وخرج.. من المسجدِ، وقف له البغاة عند الدكاكين بين القصر والمسجد، وبيده مكتوبٌ يقرؤه، وفي جنبه رَجُلٌ على يساره، واعترضهم منهم عبدٌ خادم لهم يقال له إبراهيم بن حمزة، فأدخل الطبنجة مع كُمِّه وهو غافِلٌ فثورها فيه، فخَرَّ صريعًا، فلم تخط قلبه، وإذا مشاري قد خرج من المسجد فشَهَر سيفَه وتهدَّد الناس وتوعَّدَهم، وشهر أناسٌ سُيوفَهم معه فبُهِتَ الناس وعَلِموا أن الأمر تشاوروا فيه وقُضِيَ بليلٍ، فلما رأى زويد العبد المشهور مملوكُ تركي عمَّه صريعًا، شهر سيفه ولَحِقَ برجلٍ من رجاجيل مشاري فجَرَحَه.. ثم إن مشاري دخل القصرَ من ساعته وأعوانه معه.. وجلس للناسِ يدعوهم إلى البيعةِ، فلما علم آلُ الشيخِ وقوعَ هذا الأمر جلسوا في المسجد، فلم يخرجوا منه حتى أرسل إليهم مشاري يدعوهم فأبَوا أن يأتوا إلا بالأمانِ، فكتب لهم بالأمان، فأتوا إليه وطلب منهم المبايعةَ فبايعوه، ثمَّ نُقِلَ تركي من موضعه ذلك، وأدخلوه بيت زويد فجُهِّزَ وصلى عليه المسلمون بعد صلاة العصر، ودُفِنَ في مقبرة الرياض آخر ساعة من يوم الجمعة"، وكان قتلُ تركي بن عبد الله على يد ابن عمه مشاري بن عبد الرحمن أوَّل جريمةٍ مِن نوعِها في آل سعود.  وكان ابنُه فيصل في القطيف على رأس جيشٍ، فلما علم بمقتلِ أبيه رجع من فوره واستطاع أن يقتُلَ مشاري، ثم يتولى الإمامةَ والحُكمَ.

العام الهجري : 904 العام الميلادي : 1498
تفاصيل الحدث:

كان تسليم غرناطة للملك فرديناند ملك أراغون والملكة إيزابيلا ملكة قشتالة بناء على معاهدة، لكن فرديناند وزوجته لم يَفيَا بهذه العهود، بل أصدرت إيزابيلا قانونًا يقضي بإجبار المسلمين على التنصر وتحريم إقامة شعائرهم الدينية، وتأمر كذلك بإحراق الكتب الإسلامية في غرناطة, وبعد أن نقض فرديناند شروط تسليم غرناطة شرطًا شرطًا بدا بدعوة المسلمين إلى التنصر وأكرههم عليه فدخلوا في دينه كرهًا وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق من يقول فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارًا إلا من يقولها في نفسه وفي قلبه أو خفيةً من الناس!! وجعلت النواقيس بدل الأذان في مساجدِها والصور والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فكم فيها من عينٍ باكية! وكم فيها من قلب حزين! وكم فيها من الضعفاء والمعدومين لم يقدروا على الهجرة واللحوق بإخوانهم المسلمين! قلوبهم تشتعل نارًا ودموعهم تسيل سيلًا غزيرًا مدرارًا، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ويسجدون للأوثان ويأكلون الخنزير والميتات ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم ولا على زجرهم! ومن فعل ذلك عوقب أشد العقاب، فيا لها من فاجعة ما أمرَّها ومصيبةٍ ما أعظمَها وأضرَّها وطامَّةٍ ما أكبَرَها! عسى الله أن يجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، إنه على كل شيء قدير.  وقد كان بعض أهل الأندلس قد امتنعوا من التنصر وأرادوا أن يدافعوا عن أنفسهم كأهل قرى ونجر والبشرة وأندراش وبلفيق، فجمع الملك فرديناند عليهم جموعه وأحاط بهم من كل مكان حتى أخذهم عنوة بعد قتال شديد فأخذ أموالهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وصبيانهم ونصَّرهم واستعبدهم إلا أن أناسًا في غربي الأندلس امتنعوا من التنصر وانحازوا إلى جبل منيع وعر فاجتمعوا فيه بعيالهم وأموالهم، وتحصنوا فيه فجمع عليهم الملك فرديناند جموعه وطمع في الوصول إليهم كما فعل بغيرهم، فلما دنا منهم وأراد قتالهم خيب الله سعيه ورده على عَقِبه ونصرهم عليه بعد أكثر من ثلاثة وعشرين معركة، فقتلوا من جنده خلقًا كثيرًا من رجال وفرسان! فلما رأى أنه لا يقدر عليهم طلب منهم أن يعطيهم الأمان ويجوزهم لعدوة الغرب مؤمَّنين فأنعموا له بذلك إلا أنه لم يسَرِّح لهم شيئًا من متاعهم غير الثياب التي كانت عليهم وجوَّزهم لعدوة الغرب كما شرطوا عليه، ولم يطمع أحد بعد ذلك أن يقوم بدعوة الإسلام، وعمَّ الكفرُ جميع القرى والبلدان وانطفأ من الأندلس نور الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، كما انتحب شاعر الأندلس أبو البقاء الرندي (ت684) في قصيدته المشهورة التي رثا فيه الأندلس بعد سقوط قرطبة سنة 633 ومدن كبرى كإشبيلية وبلنسية وغيرها بيد الفرنج، والتي مطلعها: (لكل شيء إذا ما تم نقصانُ * فلا يغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ)، فإنا لله وإنا إليه راجعون! كان ذلك في الكتاب مسطورًا، وكان أمر الله قدَرًا مقدورًا، لا مردَّ لأمره ولا معقِّبَ لحكمِه، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!

العام الهجري : 27 العام الميلادي : 647
تفاصيل الحدث:

أَمَرَ عُثمانُ عبدَ الله بن سعدِ بن أبي السَّرْحِ أن يَغْزُوَ بِلادَ أفريقيا فإذا افتَتَحها الله عليه فله خُمُسُ الخُمُسِ مِن الغَنيمةِ نَفْلًا، فسار إليها في عشرةِ آلافٍ فافتَتَحها سَهْلَها وجَبَلَها، وقتَل جُرْجِيرَ مَلِكَ الرُّومِ وخَلْقًا كثيرًا مِن أهلِها، ثمَّ اجتمَع أهلُ أفريقيا على الإسلامِ، وحَسُنَتْ طاعتُهم. أخَذ عبدُ الله بن سعدِ خُمُسَ الخُمُسِ مِن الغَنيمةِ، ثمَّ بعَث بخُمُسٍ إلى عُثمانَ، وقَسَّمَ الباقي بين الجيشِ، فأصاب الفارِسُ ثلاثةَ آلافِ دِينارٍ، والرَّاجِلُ ألفَ دِينارٍ. ثمَّ ضرَب عبدُ الله بن أبي السَّرْحِ فُسْطاطًا في مَوضِع القَيْروانِ، ووَفَّدَ وَفْدًا مِن جُندِه لِعُثمانَ، فشَكَوْا عبدَ الله فيما أخَذ، فقال لهم: أنا نَفَّلْتُه, وقد أَمرتُ له بذلك، وذاك إليكم الآن، فإن رَضِيتُم فقد جاز، وإنَّ سَخِطْتُم فهو رَدٌّ. قالوا: فإنَّا نَسْخَطُه. قال: فهو رَدٌّ. وكتَب إلى عبدِ الله بِرَدِّ ذلك واسْتِصْلاحِهم، قالوا: فاعْزِلْهُ عَنَّا، فإنَّا لا نُريدُ أن يَتَأَمَّرَ علينا، وقد وقَع ما وقَع. فكتَب إليه أن اسْتَخْلِفْ على أفريقيا رجلًا ممَّن تَرضى ويَرْضَوْنَ، واقْسِمْ الخُمُسَ الذي كُنتَ نَفَّلْتُكَ في سَبيلِ الله، فإنَّهم قد سَخِطوا النَّفْلَ. ففعَل، ورجَع عبدُ الله بن سعدٍ إلى مِصْرَ وقد فتَح أفريقيا.

العام الهجري : 284 العام الميلادي : 897
تفاصيل الحدث:

ظهر اختلالُ حالِ هارونَ بنِ خِمارَوَيه بنِ أحمد بن طولون بمصر، واختلَفَت القوَّاد، وطَمِعوا فانحَلَّ النظام، وتفَرَّقَت الكلمة، فأقاموا له أحدَ أمراءِ أبيه يديرُ الأمورَ ويُصلِحُ الأحوال، وهو أبو جعفرِ بن أبان، وكان عند والدِه وجَدِّه مُقَدَّمًا كبيرَ القَدرِ، فأصلحَ مِن الأحوالِ ما استطاع، وكان مَن بدمشق من الجُندِ قد خالفوا على أخيه جيشِ بنِ خِمارَوَيه، فلما تولى أبو جعفرٍ الأمورَ سَيَّرَ جيشًا إلى دمشق عليهم بدرُ الحمامي، والحسينُ بن أحمد الماذرائي، فأصلحا حالَها وقرَّرا أمور الشامِ، واستعملا على دمشقَ طغج بن جف واستعملا على سائر الأعمال، ورجعا إلى مصرَ والأمور فيها اختلالٌ، والقُوَّاد قد استولى كلُّ واحدٍ منهم على طائفةٍ مِن الجند وأخذَهم إليه، وهكذا يكون انتقاضُ الدُّوَل، وإذا أراد الله أمرًا فلا مَرَدَّ لحُكمِه، وهو سريعُ الحِسابِ.

العام الهجري : 393 العام الميلادي : 1002
تفاصيل الحدث:

مَلَك يَمينُ الدَّولةِ محمودُ بنُ سبكتكين سجستانَ، وانتزَعَها مِن يدِ خلَفِ بنِ أحمدَ الصَّفَّار، وكان سبَبُ أخْذِها أنَّ يمينَ الدَّولةِ لَمَّا رحَلَ عن خلَفٍ بعد أن صالَحَه، سنة تسعينَ وثلاثمِئَة، عَهِدَ خَلَفٌ إلى ولَدِه طاهرٍ، فلمَّا استقَرَّ طاهِرٌ في المُلكِ عقَّ أباه وأهمَلَ أمْرَه، فلاطَفَه أبوه ورفَقَ به، حتى قبضَ على أبيه وسَجَنه، وبقِيَ في السِّجنِ إلى أن مات فيه، وأظهَرَ عنه أنَّه قتَلَ نَفسَه، ولَمَّا سَمِعَ عَسكَرُ خَلَف وصاحِبُ جيشِه بذلك، تغيَّرَت نيَّاتُهم في طاعتِه وكَرِهوه، وامتَنَعوا عليه في مدينتِه، وأظهروا طاعةَ يمينِ الدَّولة، وخطَبوا له، وأرسلوا إليه يطلُبونَ مَن يتسَلَّمُ المدينةَ، ففعَلَ ومَلَكَها، واحتوى عليها في هذه السَّنةِ، وعزَمَ على قَصدِ خَلَف وأخْذِ ما بيده والاستراحةِ مِن مَكْرِه. فسار إليه، وهو في حِصنِ الطاق، وله سبعةُ أسوارٍ مُحكَمة، يُحيطُ بها خَندقٌ عَميقٌ عَريضٌ، لا يُخاضُ إلَّا مِن طريقٍ على جِسرٍ يُرفَعُ عند الخَوفِ، فنازله وضايقَه فلم يصِلْ إليه، فلم يزَلْ أصحابُ يمينِ الدَّولةِ يدفعونَهم، فلمَّا رأى خلَفٌ اشتدادَ الحَربِ، وأنَّ أسوارَه تُملَكُ عليه، وأنَّ أصحابَه قد عجزوا، أرسلَ يَطلُبُ الأمانَ، فأجابه يمينُ الدَّولةِ إلى ما طلَبَ، وكَفَّ عنه، فلمَّا حَضَر عنده أكرَمَه واحتَرَمه، وأمر بالمُقامِ في أيِّ البلادِ شاء.

العام الهجري : 561 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1166
تفاصيل الحدث:

هو الزاهِدُ، صاحِبُ الكرامات والمقامات، شيخُ الحنابلة أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى بن عبد الله بن يحيى الزاهد الهاشمي القرشي العلوي الجيلي الحنبلي. ولد بجيلان سنة 470 وقيل 471. دخل بغداد سنة ثمان وثمانين، وله ثماني عشرة سنة، فقرأ الفقهَ على: أبي الوفاء بن عقيل، وأبي الخطاب، وأبي سعد المخرمي، وأبي الحسين بن الفراء، حتى أحكم الأصولَ، والفروع، والخلاف, وسمع الحديث، ومدرسته ورباطه مشهوران ببغداد. بنى أبو سعد المخرمي مدرسة لطيفة بباب الأزج، ففوض إلى عبد القادر التدريسَ فيها, فتكلَّم على الناس بلسان الوعظ وظهر له صيتٌ, فضاقت مدرسته بالناس، فكان يجلس عند سور بغداد مستندًا إلى الرباط ويتوب عنده في المجلس خلقٌ كثير, وكان له سمتٌ حسنٌ، وصَمتٌ غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان فيه تزهدٌ كثير وله أحوال صالحة، ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالًا وأفعالًا ومكاشَفات أكثَرُها مغالاة، وقد كان صالحًا وَرِعًا، وقد صنَّف كتاب الغنية، وفتوح الغيب، وفيهما أشياءُ حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة، وبالجملة كان من سادات المشايخ، قال ابن النجار في ترجمة عبد القادر: "قرأ الأدبَ على أبي زكريا التبريزي، واشتغل بالوعظ إلى أن برز فيه, ثم لازم الخَلوة، والرياضة، والسياحة، والمجاهدة، والسهر، والمقام في الخراب والصحراء. وصحب الشيخ حماد الدباس، وأخذ عنه علم الطريق، ثمَّ إن الله تعالى أظهره للخلق، وأوقع له القبول العظيم، فعَقد مجلس الوعظ سنة 521 وأظهر الله الحكمة على لسانه, ثم جلس في مدرسة شيخه أبي سعد للتدريس والفتوى سنة 528، صنف في الأصول والفروع، وله كلام على لسان أهل الطريقة". قال: عبد الرزاق ولد عبد القادر يقول: "كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبَّائي قال: كنت أسمع كتاب «الحلية» على ابن ناصر، فرَقَّ قلبي، وقلت في نفسي: اشتهيت أن أنقَطِعَ عن الخلق وأشتغل بالعبادة. ومضيت فصليتُ خلف الشيخ عبد القادر، فلما صلى جلسنا، فنظر إلي وقال: إذا أردت الانقطاع، فلا تنقطع حتى تتفقَّه، وتجالِسَ الشيوخ، وتتأدب، ولا تنقطِعْ وأنت فريخ ما ريَّشت؛ فإن أشكلَ عليك شيء من أمر دينك تخرجُ من زاويتك وتسأل الناس عن أمر دينك! ما يَحسُن صاحب الزاوية أن يخرُجَ من زاويته ويسأل الناس عن أمر دينه! ينبغي لصاحب الزاوية أن يكون كالشَّمعة يُستضاء بنوره". وقال عبد الرزاق: وُلِدَ لوالدي تسع وأربعون ولدًا، سبعة وعشرون ذكرًا، والباقي إناث". توفي وله تسعون سنة ودفن بالمدرسة التي كانت له.

العام الهجري : 1337 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1919
تفاصيل الحدث:

كانت فارس مقسَّمةً إلى ثلاثة أقسام: قسم تحت النفوذ الروسي، وقسم تحت النفوذ البريطاني، وقسم محايد، ولما انتهى النفوذ الروسي في فارس بعد قيام الثورة الشيوعية، وتسلمها مقاليد الحكم في محرم 1336هـ / تشرين الأول 1917م وتنازلوا عن ديونهم على فارس، وأرادت إنجلترا أن تحُلَّ محلَّ روسيا فلم تتمكَّنْ، ولكنها رأت أن تجعل على الأقل سدًّا في وجه التوسع الشيوعي، فأسرعت في توقيع اتفاقية مع فارس بعد مباحثات لمدة سنة، فكان التوقيعُ على الاتفاقية المسمَّاة بـالمساعدة البريطانية من أجل تقدُّم فارس ورفاهيتها، واعترفت ظاهرًا باستقلال فارس، لكنها قيَّدتْها بقيود جعلتها تحت حمايتها؛ حيث جاء في الاتفاقية أن تستخدم فارس المستشارين البريطانيين في كلِّ مؤسَّساتها حتى الجيش، وألَّا تتسلَّح إلا من بريطانيا، وأن تكون بريطانيا هي من ينشئ فيها المواصلاتِ وكذلك تحديد الحدود، ثم أقرضَتْها دينًا قدره مليونا جنيه بفائدة سبعة بالمائة، ووقَّع الاتفاقية رئيس وزراء فارس "وثوق الدولة" والسفير البريطاني برسي كوكس، ورضي الشاه أحمد بالاتفاقية، ولكن الشعب ثار وحدثت انتفاضاتٌ في عدد من المناطق وأسست المعارضة حكوماتٍ مُستقلةً في تلك المناطق.

العام الهجري : 1400 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1980
تفاصيل الحدث:

لم تَرْضَ روسيا عن حَفيظ الله أمين رغم شُيوعيته؛ فهم لا يَرغبون بشُيوعيةٍ تخرُج عن دائرتِهم، وكان حِزْبُ برشام (الراية) الحزبَ الشيوعيَّ الأقربَ لِمُوسكو؛ فهو يرى الارتباطَ بها، وكان زَعيم الحزب هو بابرك كارمل، وكان لا يَزال في (براغ) عاصمة تشيكسلوفاكيا كلاجئٍ سياسيٍّ، ثم في يوم 6 صفر 1400هـ / 27 ديسمبر حدَث هجومٌ على القصر الجُمهوري برئاسة وزير الدِّفاع محمد أسد وطنجار، واعتُقِلَ رئيسُ الجمهوريةِ حفيظ الله أمين، وفي اليوم التالي لَقِيَ حتْفَه، وعُيِّن بابرك كارمل رئيسًا للجمهوريةِ وهو لا يَزالُ في (براغ)؛ حيث تحرَّك منها إلى موسكو، وألْقى منها بيانًا أعلَنَ فيه أن سلَفَه كان عميلًا لِأمريكا، ثم رجَع إلى كابُلَ مع الجيشِ الرُّوسي الذي كان قد سبَقَه إلى كابُلَ.

العام الهجري : 156 العام الميلادي : 772
تفاصيل الحدث:

هو الإمام العلم أبو عمارة حمزةُ بن حبيبِ بنِ عمارة التيميُّ المعروف بالزيَّات، ولد سنة 80. قيل له " الزيات " لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان, ويجلب إلى الكوفة الجبن والجوز. أصله من سبي فارس، وقيل: ولاؤه لبني عجل، وقيل: ولاؤه لتيم الله بن ثعلبة. أدرك عددًا من الصحابة, أحدُ القراء السبعة، من أهل الكوفةِ، تلا عليه طائفةٌ، منهم الأعمش، وحدَّثَ عنه كثيرٌ، منهم الثوريُّ، كان إمامًا قَيِّمًا لكتاب الله، قانتًا لله، ثخينَ الورع، رفيعَ الذِّكر، عالِمًا بالحديث والفرائض، عديم النظير في وقته علما وعملا، قال الثوري: ما قرأ حمزةُ حرفًا إلَّا بأثَرٍ. قال أسود بن سالم: سألت الكسائي عن الهمز والإدغام: ألكم فيه إمام؟ قال: نعم، حمزة، كان يهمز ويكسر، وهو إمام من أئمة المسلمين، وسيد القراء والزهاد، لو رأيته لقرت عينك به من نسكه. وقال حسين الجعفي: ربما عطش حمزة فلا يستسقي كراهية أن يصادف من قرأ عليه. وذكر جرير بن عبد الحميد أن حمزة مر به فطلب ماء قال: فأتيته فلم يشرب مني لكوني أحضر القراءة عنده. وقال يحيى بن معين: سمعت ابن فضيل يقول: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة.

العام الهجري : 813 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1410
تفاصيل الحدث:

لما أوقع الطاغية صاحب قشتالة بالمسلمين في الزقاق، كثرت غاراته في بلاد المسلمين بالأندلس، وكثرت غاراتهم أيضًا على بلاد قشتالة، وكان ألفونسو قد قام بأمر أخيه دون، وكان عارفًا بالحروب والمكايد، شجاعًا، دَربًا، شديد البأس، فجمع لحرب المسلمين، ونزل على أشقيرة -تجاه مالقة - أول ذي الحجة، فلم يستنجد أبو الحجاج يوسف بن يوسف بن محمد بن إسماعيل بن نصر ابن الأحمر -صاحب غرناطة- عساكر فاس كما هي العادة، بل رأى أن في عسكره كفاية، وجهَّز أخويه محمدًا وعليًّا على عسكر الأندلس، وقد جمع أهل القرى بأسرها، وخرجوا من غرناطة في ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، ونزلوا على حصن أرشذونة -وهو على ستة أميال من أشقيرة- حتى تكاملت الجموع في الثامن والعشرين، ثم ساروا في ليلة التاسع والعشرين وعسكروا تجاه العدو، بسفح جبل المدرج، فما استقَرَّت، وقد أعجبتهم أنفسهم بهذه الدار حتى زحف العدو لحربهم، فثاروا لقتاله، وقد أعجبتهم أنفسهم، واغتروا بكثرتهم، وتباهوا بزينتهم، ولم يراقبوا الله في أمرهم، فما أحد إلا ومعه نوع من المعاصي كالخمر والأحداث، فلما اشتد القتالُ في الليل، انهزم العدو بعد ما قتل من المسلمين عشرة فرسان، ولما كان أول يوم من محرم سنة ثلاث عشر، نادى أخو السلطان في العسكر بالنفقة، وكانت نفقة السفر قد أُخِّرت عن وقتها؛ لئلا يأخذها العسكر ولا يشهدوا الحرب، وجُعِلت عند حضور الجهاد، فهَمَّ في أخذ النفقة، وإذا بالعدو وقد أقبل عند طلوع الشمس، فخرجت المطوعة وقاتلتهم، وأقام العسكر بأجمعهم لأخذ النفقة، وعلم العدو بذلك فرجعوا كأنهم منهزمين، والمطوعة تتبعُهم، وتنادي في العسكر: يا أكالين الحرامِ، العامةُ هزمت النصارى، وأنتم في خيامكم جلوس، فلما وصل العدو إلى معسكرهم وقفوا للحرب، وقد اجتمع جميع رجالة المسلمين طمعًا في الغنيمة، فإذا العدو وقد خندق على معسكره ورتَّب عليه الرماة، فسُقِط في أيديهم، ووقفوا إلى الظهر في حيرة، فخرج أمراء الطاغية عند ذلك من جوانب الخندق، وحملوا على المسلمين، فقتَلوا من قاتلهم، وأسروا من ألقى منهم سلاحه، حتى وصلوا مخيَّم المسلمين، فركب طائفة من بني مرين وبني عبد الواد، وقاتلوا على أطراف خيمهم قليلًا، وانهزموا هم وجميع أهل الأندلس، بحيث خرج أخوا السلطان بمن معهما مشاة إلى الجبل على أقدامهم، فأحاط العدو بجميع ما كان معهم، وأكثروا من القتل فيهم، وكانت عدة من قُتل من المعروفين من أهل غرناطة خاصة مائة ألف إنسان، سوى من لم يُعرَف، وسوى أهل أقطار الأندلس؛ بحرِها وبَرِّها، سهلها وجبلها؛ فإنهم عالم لا يحصيه إلا الله تعالى، وأقام النصارى ثلاثة أيام يتتبعون المسلمين، فيقتلون ويأسرون، وبعث الطاغية إلى أعماله يخبرهم بنصرته، فلما بلغ ذلك أهل أبدة وسبتة، وأهل حيان، خرجوا إلى وادي أش -وهو بيد المسلمين- ونزلوا قريبًا من حصن أرتنة، فاستغاث أهل الحصن بأهل غرناطة، فأمدوهم بعسكر، فصار النصارى إلى حصن مشافر، وقاتلوا أهله حتى أخذوا الربض، وشرعوا في تعليق الحصن، وإذا بعسكر غرناطة قد جاءهم في سابع المحرم، فأوقعوا بهم وقيعة شنعاء، أفنَوهم فيها، وأسروا منهم زيادة على ألف وخمسمائة، وعادوا إلى غرناطة بهم، فدخلوا في تاسعه، وبلغ ذلك الطاغية -وهو على حصار أشقيرة- فكف أصحابه عن الدخول بعدها إلى بلاد المسلمين، وأقام على الحصار ستة أشهر حتى ضَعُفت أحوال المسلمين بأشقيرة، ورفعوا كرائم أموالهم إلى حصنها، وتعلقوا به، فملك الطاغية المدينة بما فيها من الأزواد والأمتعة، ووقع مع هذا في المسلمين الوخم، فمات منهم جماعة كثيرة، فاضطرهم الحال إلى طلب الأمان؛ ليلحقوا ببلاد المسلمين بأموالهم فأمَّنهم ألفونسو على أن يخرجوا بما يطيقون حمله، فخرجوا بأجمعهم إلى معسكره، فوفى لهم، وجهز جميع المسلمين، وبعث من أوصلهم إلى غرناطة، فلم يفقد أحد منهم، ولا شراك نعل وأقام بأشقيرة من يثق به، وعاد عنها قافلًا إلى بلاده في أوائل جمادى الآخرة، فكانت هذه الحادثة من أشنع ما أصاب المسلمين بالأندلس!

العام الهجري : 32 العام الميلادي : 652
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الله بن مَسعودِ بن غافِلِ بن حَبيبٍ، أحدُ المُكثِرين في الرِّوايةِ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قَديمُ الإسلامِ، أوَّلُ مَن جَهَر بالقُرآنِ في مكَّةَ بعدَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم،كان في خِدمَةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى كان يُعرَفُ في الصَّحابةِ بصاحِبِ السَّوادِ والسِّواكِ، وهاجَر الهِجرَتين جميعًا إلى الحَبشةِ وإلى المدينةِ، وصلَّى إلى القِبْلَتين، كان مِن كِبارِ القُرَّاءِ المعروفين مِن الصَّحابةِ، وفيه قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن أراد أن يَقرأَ القُرآنَ رَطْبًا كما أُنْزِلَ فَلْيَقرأْهُ على قِراءَةِ ابنِ أُمِّ عَبْدٍ). يعني ابنَ مَسعودٍ، أو كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوفِّيَ في المدينةِ ودُفِنَ بالبَقيعِ وصلَّى عليه عُثمانُ، وقِيلَ: بل عَمَّارٌ. وقِيلَ: بل الزُّبيرُ. والله أعلم.

العام الهجري : 1433 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

انتَخَب المَجلسُ الوطنيُّ التأسيسيُّ التونُسيُّ «منصف المرزوقي»، أمينَ عامِّ حزبِ (المؤتمر من أجل الجمهورية)، رئيسًا لتونُس خلالَ المرحلةِ الانتقالِيَّة. وحَصَل المرزوقي على (153) صوتًا من أصل (217)، ويُعتبَر منصف المرزوقي أوَّلَ رئيسٍ لتونس يخلُف فؤاد المبزع الذي تولَّى رِئاسةَ البلاد مؤقَّتًا بعد سقوطِ نظامِ ابن علي. وقد وُلد منصف المرزوقي في عام (1945م) في جنوب تونُس، وسافر إلى فرنسا عامَ (1964م) وأقام هناك (15) سنةً، وفي سنة (1975) سافر إلى الصِّين ضِمنَ وفدٍ لمُعايَنة تجرِبَةِ الطبِّ في خدمة الشعبِ في الصِّين. ثم عاد إلى تونُس عامَ (1979م)، وعَمِل أُستاذًا مساعِدًا في قسمِ الأعصابِ في جامعة تونس. وشارك في تجرِبَة الطبِّ الشعبيِّ الجماعيِّ في تونس قبلَ وَقفِ المشروعِ. واعتُقل في مارس (1994م) ثم أُطلِق بعدَ أربعةِ أشهُرٍ من الاعتقالِ في زنزانةٍ انفراديَّة، وقد أُفرِج عنه على خلفيَّة حملةٍ دَوليَّةٍ وتدخُّلٍ من نيلسون مانديلا. وأسَّس مع رفاقِه المجلسَ الوطنيَّ للحُرِّيات في (10 ديسمبر من عام 1997م) بمناسبة الذِّكرى السنويةِ للإعلان العالمي لحُقوقِ الإنسان. وقد اختِير أولَ رئيسٍ للجنة العربية لحُقوقِ الإنسان من عام (1997م) حتى (2000م). وغادر في ديسمبر (2001م) ليعمَلَ مُحاضِرًا في جامعةِ باريس. وعاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم (18 يناير 2011م). وشارك في انتِخاباتِ المجلسِ الوطنيِّ التأسيسيِّ في (23 أكتوبر 2011م) مع حزبِه (المؤتَمَر من أجل الجمهورية).

العام الهجري : 316 العام الميلادي : 928
تفاصيل الحدث:

عاث أبو طاهرٍ سُلَيمانُ بنُ أبي سعيد الجَنابي القرمطي في الأرضِ فسادًا، وحاصَرَ الرحبةَ فدخلها قهرًا وقتل مِن أهلِها خَلقًا، وطلب منه أهلُ قرقيسيا الأمانَ فأمَّنَهم، وبعث سراياه إلى ما حولَها من الأعرابِ، فقتل منهم خلقًا، حتى صار الناسُ إذا سمعوا بذِكرِه يَهربونَ مِن سماع اسمه، وقدَّرَ على الأعرابِ إمارة يحملونَها إلى هجَرَ في كل سنة، عن كل رأسٍ ديناران، وعاث في نواحي الموصِل فسادًا، وفي سنجار ونواحيها، وخَرَّب تلك الديار وقتَلَ وسَلَب ونهب، فقصَدَه مؤنِسٌ الخادم فلم يتواجَها بل رجع إلى بلده هجَرَ فابتنى بها دارًا سَمَّاها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي الذي ببلاد المغرب بمدينة المهدية، وتفاقم أمرُه وكثُرَ أتباعُه، فصاروا يكبِسونَ القرية من أرضِ السوادِ فيقتلون أهلَها وينهَبونَ أموالَها، ورام في نفسِه دخولَ الكوفة وأخْذَها فلم يُطِقْ ذلك، ولَمَّا رأى الوزيرُ عليُّ بن عيسى ما يفعَلُه هذا القرمطي في بلادِ الإسلام وليس له دافِعٌ، استعفى من الوزارةِ؛ لضَعفِ الخليفةِ وجَيشِه عنه، وعزل نفسَه منها، فسعى فيها عليُّ بن مقلة الكاتب المشهور، فوَلِيَها بسفارة نصر الحاجب، ثم جهَّزَ الخليفة جيشًا كثيفًا مع مؤنِسٍ الخادم فاقتتلوا مع القرامطةِ، فقتلوا من القرامطة خلقًا كثيرًا، وأسروا منهم طائفةً كثيرة من أشرافِهم، ودخل بهم مؤنِسٌ الخادم بغدادَ، ومعه أعلامٌ مِن أعلامهم مُنكَّسةٌ مكتوبٌ عليها (ونريدُ أن نمُنَّ على الذين استُضعِفوا في الأرض)، ففرح الناسُ بذلك فرحًا شديدًا، وطابت أنفُسُ البغداديَّة، وانكسر القرامطةُ الذين كانوا قد نشؤوا وفَشَوا بأرض العراق، وفوَّضَ القرامِطةُ أمرَهم إلى رجلٍ يقال له حريث بن مسعود، ودَعَوا إلى المهديِّ الذي ظهر ببلاد المغرب جَدِّ الفاطميين، وهم أدعياءُ كَذَبةٌ، كما قد ذكر ذلك غيرُ واحد من العُلَماء.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

لمَّا أراد الله عزَّ وجلَّ إظهارَ دينهِ، وإعزازَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنجازَ مَوعِدِه له خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَوسمِ الحجِّ يَعرِضُ نَفْسَهُ على قبائلِ العربِ، كما كان صنع في كُلِّ مَوسمٍ. فبينما هو عند العَقبةِ لَقِيَ رهطًا مِنَ الخَزرجِ أراد الله بهم خيرًا فقال لهم مَن أنتم؟ قالوا: نَفرٌ مِنَ الخَزرجِ، قال أمِن موالي يَهودَ؟ قالوا: نعم. قال أفلا تَجلِسون أُكلِّمكُم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزَّ وجلَّ، وعرض عليهم الإسلامَ، وتلا عليهم القُرآنَ. وكان مما صنع الله لهم به في الإسلامِ أنَّ يَهودَ كانوا معهم في بلادِهم، وكانوا يتَوعَّدونَهُم بِقُربِ ظُهورِ نَبِيٍّ يتَّبِعونهُ ثمَّ يَقتلون معه العربَ قتلَ إِرَمَ, فلمَّا كلَّمهُم صلَّى الله عليه وسلَّم ودعاهم إلى الله قال بعضُهم لبعضٍ: يا قومُ، تعلموا والله إنَّه للنَّبيُّ الذي تَوعَّدكُم به يَهودُ فلا تَسْبِقَنَّكُم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه وقالوا له: إنَّا قد تركنا قومَنا، ولا قومٌ بينهم مِنَ العَداوةِ والشَّرِّ ما بينهم، وعسى أن يجمعَهُم الله بكَ. فَسنَقدَمُ فنَدعوهُم إلى أمرِك، ونعرِضُ عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدِّينِ، فإن يَجمعْهُم الله عليك فلا رجلَ أعزُّ منك. ثمَّ انصرفوا راجِعين إلى بلادِهم، قد آمنوا وصدَّقوا". فلمَّا قَدِموا المدينةَ إلى قومِهم ذكروا لهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ودَعوهُم إلى الإسلامِ حتَّى فَشا فيهِم فلمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها ذِكْرٌ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.