الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2999 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 816 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1414
تفاصيل الحدث:

قام السلطانُ المؤيد شيخ المحمودي في شهر ذي الحجة باستدعاء داود بن المتوكل على الله من داره، وهو أخو الخليفة العباسي العباس المستعين بالله، فحضر بين يديه بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة الأربعة، فعندما رآه قام له، وقد ألبسه خِلعةً سوداء، وأجلسه بجانبه، بينه وبين قاضي القضاة شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني، فدعا القضاة، وانصرفوا على أن داود بن المتوكل على الله استقَرَّ في الخلافة، ولم يقع خلع الخليفة المستعين بالله، ولا أقيمت بينه بما يوجب شغور الخلافة عنه، ولا بويع داود هذا، بل خُلِعَ عليه فقط، ولُقِّبَ بأبي الفتح المعتضد بالله أمير المؤمنين، أما الخليفة المستعين بالله فأُخِذ إلى قلعة الجبل في دار بالقلعة مدة، ثم نُقِل إلى برج بالقلعة إلى يوم عيد النحر من سنة 819، فأُنزل من القلعة نهارًا إلى ساحل النيل على فرس، وصحبته أولاد الملك الناصر فرج ابن الظاهر برقوق، وهم: فرج، ومحمد، وخليل، وتوجه معهم الأمير كزل الأرغون شاوي إلى الإسكندرية، فدام الخليفة المستعين هذا مسجونًا بالإسكندرية إلى أن نقله الملك الأشرف برسباي إلى قاعة بثغر الإسكندرية، فدام بها إلى أن توفي بالطاعون في يوم الأربعاء لعشرين بقين من جمادى الأولى سنة 833، ولم يبلغ الأربعين سنة من العمر، ومات وهو في زعمه أنه مستمِرٌّ على الخلافة، وأنه لم يُخلَع بطريق شرعي؛ ولذلك عهد بالخلافة لولده يحيى، فلما مات المعتضد داود في يوم الأحد رابع شهر الأول من سنة 845، تكلم يحيى المذكور في الخلافة، وسعى سعيًا عظيمًا، فلم يتِمَّ له ذلك.

العام الهجري : 815 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1412
تفاصيل الحدث:

دار الأمرُ بين السلطان والأمراء العصاة عليه، وفي هذه الأثناء وفي يوم السبت خامس عشرين المحرم خلع الخليفة المستعين بالله الملكَ الناصر فرج من السلطنة، واتفق الأمراء على إقامة الخليفة المستعين بالله أبي الفضل العباس ابن الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد ابن الخليفة المعتصم بالله أبي بكر ابن الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان ابن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن الحسين في السلطنة؛ لتستقيم بسلطنته الأحوال، وتنفذ الكلمة، وتجتمع الناس على سلطان، وثبت خَلعُ الملك الناصر على القضاة، وأجمعوا على إقامة الخليفة سلطانًا، فامتنع الخليفة من ذلك غايةَ الامتناع، وخاف ألا يتمَّ له ذلك فيَهلِك، وصمم على الامتناع، وخاف من الملك الناصر خوفًا شديدًا، فلما عجز عنه الأمراء دبَّروا عليه حيلةً، وطلبوا الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازي أخا الخليفة المستعين بالله لأمِّه، فندبوه بأن يركب ومعه ورقة تتضمن مثالب الملك الناصر ومعايبه، وأن الخليفة قد خلعه من المُلكِ وعزله من السلطنة، ولا يحل لأحد معاونته ولا مساعدته، فلما بلغ الخليفة ذلك لام أخاه ناصر الدين بن مبارك شاه على ذلك، وأيس الخليفة عند ذلك من انصلاح الملك الناصر له، فأذعن لهم حينئذ بأن يتسلطن؟ فبايعوه بأجمعهم، وحلفوا له بالأيمان المغلظة والعهود على الوفاء له وعلى القيام بنصرته ولزوم طاعته، وأما الملك الناصر فإنه لما تسلطن الخليفة، وخُلِعَ هو من المُلك، نفر الناس عنه وصاروا حزبين: حزبًا يرى أن مخالفة الخليفة كُفر، والناصر قد عُزِل من الملك، فمن قاتل معه فقد عصى اللهَ ورسوله، وحزبًا يرى أن القتال مع المَلِك الناصر واجب، وأنه باقٍ على سلطنته، ومن قاتله إنما هو باغٍ عليه وخارج عن طاعته، ومن حينئذٍ أخذ أمر الملك الناصر في إدبار.

العام الهجري : 573 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1178
تفاصيل الحدث:

هو محمَّدُ بن عبد الله بن هبة الله بن المظفَّر، الوزير أبو الفرج ابنُ رئيس الرؤساء، ولَقَبُه عضد الدولة. وكان أبوه أستاذ دار المقتفي وأقرَّه المستنجد. فلمَّا ولي المستضيء استوزره، فشرع ظهيرُ الدين بن العطَّار أبو بكر صاحب المخزن في عداوة أبي الفرج، حتَّى غيَّر قلب الخليفة عليه، فطلب الحجَّ فأذِنَ له، فتجهَّزَ جهازًا عظيمًا واشترى ستَّمائة جمل لحَملِ المنقطعينَ وزادِهم، وحمل معه جماعةً من العلماء والزهَّاد، وأخذ معه بيمارستانًا فيه جميع ما يحتاج إليه، وسافر بتجمُّلٍ زائد. فلمَّا وصل إلى باب قطفتا خرج إليه رجلٌ صوفي بيده قصَّة، فقال: مظلومٌ، فقال الغلمان: هات قصَّتك. فقال: ما أسلِّمُها إلَّا للوزير. فلمَّا دنا منه ضربه بسكِّينٍ في خاصرته، فصاح: قتلتَني، وسقط من دابَّتِه، وبَقِيَ على قارعة الطريق مُلقًى، وتفرَّق من كان معه إلَّا حاجب الباب، فإنَّه رمى بنفسه عليه، فضَرَبَه الباطني بسكِّينٍ فجرحه، وظهر للباطنيِّ رفيقان فقُتِلوا وأُحرِقوا. ثمَّ حُمل الوزير إلى داره فمات بها. وكان مشكورَ السِّيرة محببًّا إلى الرعيَّة، غير أنَّ القاضى الفاضِلَ لَمَّا بلغه خبر قتله، أنشد:
وأحسن من نيل الوزارة للفتى
حياة تريه مصرع الوزراء
وما ربُّك بظلَّامٍ للعبيد.
كان ابن المظفر- عفا الله عنه- قد قتل وَلَدي الوزير ابن هُبيرة وخلقًا كثيرًا.

العام الهجري : 1443 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2022
تفاصيل الحدث:

وُلِد حَسَن شيخ محمود عام 1955م،وهو من قبيلة هوية. انتخبه البرلمانُ الصُّوماليُّ رئيسًا جديدًا للصُّومالِ خَلَفًا للرَّئيسِ محمَّد عبد الله محمَّد،وبهذا يكونُ رئيسَ الصُّومالِ العاشِرَ، وكان رئيسَ حِزبِ السَّلامِ والتنميةِ.

العام الهجري : 713 العام الميلادي : 1313
تفاصيل الحدث:

ثار أبو سعيدٍ فَرَجُ بن إسماعيل بن يوسف بن نصر الأحمري صاحِبُ مالقة على ابنِ عَمِّه نصر بن محمد الثاني واستولى على المرية وبلش، وهزم قوات نصر؛ مما اضطر نصرًا إلى التنازل له عن العَرشِ والخروج من غرناطة إلى وادي آش ومبايعة أبي الوليد إسماعيل بن فرج من أسرة بني نصر خلفًا له.

العام الهجري : 944 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1538
تفاصيل الحدث:

العلَّامةُ الحافِظُ وجيهُ الدِّين أبو محمد عبد الرحمن بن علي الدَّيبع الشيباني العبدري الزَّبيدي الشافعي. قال في آخِرِ كتابه «بغية المستفيد بأخبار زبيد»: "كان مولدي بمدينة زَبيد المحروسةِ في يوم الخميس الرابِعَ مِن المحَرَّم الحرام سنةَ سِتٍّ وستين وثمانمائة في منزل والدي منها، وغاب والدي عن مدينةِ زبيدٍ في آخرِ السنة التي وُلِدتُ فيها ولم تَرَه عيني قطُّ، ونشأتُ في حجر جدِّي لأمِّي العلَّامة الصَّالح العارف بالله تعالى: شرف الدِّين أبي المعروف إسماعيل بن محمد بن مبارز الشافعي، وانتفعتُ بدعائه لي، وهو الذي ربَّاني- جزاه الله عنِّي بالإحسان، وقابله بالرَّحمة والرِّضوان". وكان ثقةً صالحًا حافظًا للأخبار والآثار، متواضِعًا، انتهت إليه رئاسةُ الرحلةِ في علم الحديث، وقَصَده الطلبةُ من نواحي الأرض, ومن مصنَّفاتِه «تيسير الوصول إلى جامع الأصول» في مجلدين, و«حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله المصطفين الأخيار»، و«تمييز الطَّيِّب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث»، و«مصباح المشكاة»، و«شرح دعاء ابن أبي حربة»، و«غاية المطلوب وأعظم المنَّة فيما يغفِرُ الله به الذنوبَ ويوجِبُ به الجنَّة»، و«بغية المستفيد في أخبار مدينة زَبيد»، و«قرَّة العيون في أخبار اليمن الميمون»، إلى غير ذلك. ومِن شِعرِه قولُه في «صحيح» البخاري ومسلم:تنازع قومٌ في البخاري ومُسلِم لديَّ وقالوا: أيَّ ذينِ يقدَّم فقلتُ: لقد فاق البخاريُّ صَنعةً كما فاق في حُسنِ الصِّياغة مُسلِم . ولم يزَلْ على الإفادة وملازمةِ بيته ومسجدِه لتدريسِ الحديثِ والعبادة، إلى أن توفِّيَ ضُحى يوم الجمعة السادسَ والعشرين من رجب.

العام الهجري : 828 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1425
تفاصيل الحدث:

أخذ السلطان في تجهيز الغزاة وعيَّن جماعة كبيرة من المماليك السلطانية والأمراء، وقام السلطان في الجهاد أتمَّ قيام، ثم في العشرين من هذا الشهر سارت خيول الأمراء والأعيان من المجاهدين في البر إلى طرابلس، وعِدَّتُها نحو ثلاثمائة فرس؛ لتحمل من طرابلس صحبة غزاتها في البحر، ثم في يوم الخميس تاسع شوال ورد الخبر من طرابلس بنصرة المسلمين على الفرنج، وبينما الناس مستبشرون في غاية ما يكون من السرور والفرح بنصر الله قَدِمَ الخبر في يوم الاثنين الثالث عشر شوال بوصول الغُزاة المذكورين إلى الطينة من مصر، وكان من خبرهم أنهم لما توجهوا من ساحل بولاق إلى دمياط ساروا منه في البحر المالح إلى مدينة طرابلس فطلعوا إليها، فانضم عليهم بها خلائق من المماليك والعساكر الشامية وجماعة كبيرة من المطوعة إلى أن رحلوا عن طرابلس في بضعة وأربعين مركبًا، وفي يوم الجمعة ثاني رجب سار أربعة أمراء إلى الجهاد، وهم تغري بردي المحمودي رأس نوبة، وقد جُعِل مقدَّمَ عسكر البر، والأمير أينال الجكمي أمير مجلس، وجُعِل مقدَّمَ عسكر البحر، والأمير تغري برمش، والأمير مراد خجا، وتبعهم المجاهدون، وتوجهوا في النيل أرسالًا حتى كان آخرهم سفرًا في يوم السبت الحادي عشر، ثم في شهر شعبان في خامسه قدم الخبر بأن طائفة من الغزاة لما ساروا من رشيد إلى الإسكندرية وجدوا في البحر أربع قطع بها الفرنج، وهي قاصدة نحو الثغر، فكتبوا لمن في رشيد من بقيتهم بسرعة لحاقهم، وتراموا هم والفرنج يومهم، وباتوا يتحارسون، واقتتلوا من الغد، فما هو إلا أن قَدِمَت بقية الغزاة من رشيد، فولى الفرنج الأدبار بعدما استُشهد من المسلمين عشرة. وصلت في رجب عساكر المسلمين  الماغوصة لغزو قبرص، فنزلوا عليها بأجمعهم، وخيَّموا في برها الغربي، وقد أظهر متملك الماغوصة طاعة السلطان الأشرف برسباي وعرَّفهم تهيؤَ صاحب قبرص واستعداده لقتالهم وحربهم، فاستعدوا وأخذوا حِذْرَهم وباتوا بمخيمهم على الماغوصة، وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، ولما أصبحوا يوم الاثنين شنُّوا الغارات على ما بغربيِّ قبرص من الضِّياع، ونهبوا وأسروا وقتلوا وأحرقوا وعادوا بغنائم كثيرة، ثم ساروا ليلة الأربعاء يريدون الملاحة، وتركوا في البر أربعمائة من الرجَّالة يسيرون بالقرب منهم إلى أن وصلوا إليها ونهبوها وأسَروا وأحرقوا أيضًا، ثم ركبوا البحر جميعًا وأصبحوا باكر النهار فوافاهم الفرنج في عشرة أغربة -نوع من المراكب- وقرقورة كبيرة، فلم يثبتوا للمسلمين وانهزموا من غير حرب، واستمر المسلمون بساحل الملاحة وقد أرست مراكبهم عليها، وبينما هم فيما هم فيه كرَّت أغربة الفرنج راجعة إليهم، وكان قصد الفرنج بعودهم أن يخرج المسلمون إليهم فيقاتلوهم في وسط البحر، فلما أرست المسلمون على ساحل الملاحة كرَّت الفرنج عليهم، فبرز إليهم المسلمون وقاتلوهم قتالًا شديدًا إلى أن هزمهم الله تعالى، وعادوا بالخِزي، وبات المسلمون ليلة الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، فلما كان بُكرة نهار الجمعة أقبل عسكر قبرص وعليهم أخو الملك، ومشى على المسلمين، فقاتله مقدار نصف عسكر المسلمين أشد قتال حتى كسروهم، وانجَلَت المعركة عن وقوع جينوس بن جاك متمَلِّك قبرص في الأسر بأمر من عند الله يُتعَجَّبُ منه؛ لكثرة مَن معه وقوتهم، وقلَّة من لَقِيَه، ووقع في الأسر عدة من فرسانه، فأكثر المسلمون من القتل والأسر، وانهزم بقية الفرنج، ووُجد معهم طائفة من التركمان قد أمدهم بهم علي بك بن قرمان، فقُتِل كثير منهم، واجتمع عساكر البر والبحر من المسلمين في الملاحة في يوم الاثنين ثانيه، وقد تسلم ملك قبرص الأمير تغري بردي المحمودي، وكثرت الغنائم بأيدي الغُزاة، ثم ساروا من الملاحة يوم الخميس خامسه يريدون الأفقسية، مدينة الجزيرة، ودار مملكتها، فأتاهم الخبر في مسيرهم أن أربعة عشر مركبًا للفرنج قد أتت لقتالهم، منها سبعة أغربة -نوع من المراكب- وسبعة مربعة القلاع، فأقبلوا نحوها وغنموا منها مركبًا مربعًا، وقتلوا عدة كثيرة من الفرنج، وتوجه الغزاة إلى الأفقسية وهم يقتلون ويأسِرون ويغنمون، حتى دخلوها، فأخذوا قصر الملك، ونهبوا جانبًا من المدينة، وعادوا إلى الملاحة بعد إقامتهم بالأفقسية يومين وليلة، فأراحوا بالملاحة سبعة أيام، وهم يقيمون شعائر الإسلام, وكان من خبر ذلك أن الغُزاة نازلوا قلعة اللمسون حتى أخذوها عَنوةً في يوم الأربعاء السابع والعشرين شعبان، وهدموها وقتلوا كثيرًا من الفرنج وغنموا، ثم ساروا بعد إقامتهم عليها ستة أيام، في يوم الأحد أول شهر رمضان وقد صاروا فرقتين؛ فرقة في البر، وفرقة في البحر، حتى كانوا فيما بين اللمسون والملاحة، إذا هم بجينوس بن جاك متملك قبرص قد أقبل في جموعِه، فكانت بينه وبين المسلمين حرب شديدة، ثم ركبوا البحر عائدين بالأسرى والغنيمة في يوم الخميس الثاني عشر، وقد بعث أهل الماغوصة يطلبون الأمان، ثم في يوم الاثنين الثالث والعشرين رمضان قدم الخبر في النيل بأخذ جزيرة قبرص وأسْر ملكها، وفي يوم الأحد سابع شهر شوال قَدِمَ الأمير تغري بردي المحمودي والأمير أينال الجكمي -مُقَدَّمَا الغُزاة المجاهدين- بمن معهما من العسكر، وصُحبتهم جينوس بن جاك متملك قبرص، وعاد ومن أسروه وسَبَوه من الفرنج، وما غنموه، وجميعهم في مراكبهم التي غزوا قبرص فيها، فمروا على ساحل بولاق حتى نزلوا بالميدان الكبير، فكان يومًا مشهودًا، ثم طال الكلام فيما يَفدي به نفسه، وطُلِبَ منه خمسمائة ألف دينار، فتقرر الصلح على مائتي ألف دينار، يقوم منها مائة ألف دينار، فإذا عاد إلى مُلكِه بعث بمائة ألف دينار، ويقوم في كل سنة بعشرين ألف دينار، واشترط على السلطان أن يكُفَّ عنه الطائفة البندقية وطائفة الكيتلان.

العام الهجري : 818 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1415
تفاصيل الحدث:

هو الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله المحمدي الظاهري، الشهير بتلي، يعني مجنونًا، كان من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان خاصكيته، وترقى في الدولة الناصرية فرج بن برقوق إلى أن صار أمير مائة ومقدم ألف. ثم قُبِضَ عليه وحُبِسَ بثغر الإسكندرية، هو وبيبرس الصغير الدوادار، وجانم بن حسن شاه، في يوم الخميس سابع عشر ذي الحجة سنة 806، فاستمروا في السجن إلى أن أُفرج عنهم في شوال سنة 807. وقَدِموا القاهرة، فأقام سودون المحمدي بالقاهرة، من جملة الأمراء، إلى يوم الخميس ثامن شوال سنة 808، استقر أمير آخورا كبيرًا، عوضًا عن جرباش الشيخي الظاهري بحكم عزله. فاستمر في وظيفته إلى أن اختفى الملك الناصر فرج، وخُلع وتسلطن أخوه الملك المنصور عبد العزيز ابن الملك الظاهر برقوق، فاستمر سودون المحمدي على وظيفته، إلى أن ظهر الملك الناصر وأراد الطلوع إلى القلعة، فمنعه سودون المحمدي مع من منعه من الأمراء، وقاتلوه قتالًا ليس بالقويِّ، ثم انهزم سودون ومن معه فملك الناصِرُ القلعة وتسلطن ثانيًا، وخلع المنصور عبد العزيز، فأمسك بسودون وأخرجه إلى دمشق على إقطاع الأمير سودون اليوسفي، واستقَرَّ الأمير أخورية من بعده الأمير جاركس القاسمي المصارع, ولما توجه سودون المحمدي إلى دمشق قبض عليه نائبها الأمير شيخ المحمودي، وحبسه بقلعتها إلى أوائل سنة 809، إلى أن فرَّ من السجن، ولحق بالأمير نوروز الحافظي، وهو إذ ذاك خارج عن طاعة الملك الناصر فرج. واستمر بتلك البلاد سنين، ووقع له أمور ومحن، وملك مدينة غزة، وشنَّ بها الغارات إلى أن ظفر به الأمير شيخ ثانيًا، وحبسه أيضًا بقلعة دمشق مدة، وحبس معه سودون اليوسفي وغيره من الأمراء. وبلغ الملك الناصر مسْكه، فبعث بطلبه مع الأمير كمشبغا الجمالي، فامتنع شيخ من إرسال سودون ورفقته، ثم أطلقهم وخرج شيخ أيضًا عن الطاعة، وذلك في سنة 812. فعاد الجمالي إلى الناصر بغير طائل، وصار سودون المحمودي من أعزِّ أصحاب شيخ، ودام معه إلى أن ملك صفد من جهة شيخ، ثم خرج عن طاعة شيخ وفرَّ إلى نوروز ثانيًا، ثم اصطلح الجميع على العصيان. واستمرَّ مع شيخ ونوروز إلى أن قُتِلَ الملك الناصر فرج، وقدِمَ سودون بصحبة الأمير شيخ إلى الديار المصرية، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف, واستمرَّ على ذلك إلى أن قبض عليه الملك المؤيد شيخ في شوال سنة 815 وحبسه بثغر الإسكندرية، فاستمر بها إلى أن قُتِلَ سودون في المحرم سنة ثماني عشرة وثمانمائة، وقتل معه الأمير دمرداش المحمدي والأمير طوغان الحسني, وسودون هذا غير الأمير سودون بن عبد الله النوروزي المعروف بالعجمي المتوفى سنة 847

العام الهجري : 567 العام الميلادي : 1171
تفاصيل الحدث:

قام صلاح الدين الأيوبي بقَطعِ الخُطبة للحاكم الفاطمي بمصر، والدُّعاء للخليفة العباسي "المستضيء" على منابر مصر، معلنًا بذلك نهاية الدولة الفاطمية، ومُعَبِّرًا عن طاعته وولائه للخليفة العباسي.

العام الهجري : 575 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1180
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ، أبو محمد الحَسَن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي الهاشمي، العباسي المستضيء بأمر الله. ولِدَ سنة 536, وأمه أرمنية، اسمها غضة. بويع بالخلافة يوم موت أبيه، في ربيع الآخر، سنة 566، وقام بأمر البيعة عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء، فاستوزره يومئذ, وكان المستضيءُ ذا حِلمٍ وأناة ورأفةٍ وبِرٍّ وصدقات. قال ابن الجوزي: "لَمَّا بويع نُودي برفع المكوس، وردِّ المظالم، وأظهَرَ مِن العدل والكرم ما لم نَرَه من أعمارنا، وفَرَّق مالًا عظيمًا على الهاشميين, والعلويين والعُلماء والأربطة، وكان دائِمَ البذل للمال ليس له عنده وقْعٌ، وخلَعَ على أرباب الدولة والقضاة والجند وجماعة من العلماء", وفي خلافته زالت دولة العُبَيديين بمصر، وخُطِبَ له بها، وجاء الخبر، فغُلِّقَت الأسواق للمسرة، وعُمِلَت القباب، وصَنَّف ابن الجوزي (النصر على مصر) وخُطِبَ للمستضيء باليمن، وبرقة، وتوزر، وبلاد الترك، ودانت له الملوك، وكان يطلُبُ ابن الجوزي، ويأمرُه أن يعِظَ بحيث يَسمَع، ويميل إلى مذهب الحنابلة، وضَعُفَ بدولته الرفضُ ببغداد ومصر وظهرت السنة، وحصَل الأمن. وفي ثاني ذي القعدة توفي المستضيء بأمر الله، وكانت خلافتُه نحو تسع سنين وسبعة أشهر، فلما مات شَرَع ظهيرُ الدين ابن العطار في أخذِ البيعة لولده الناصر لدين الله، أمير المؤمنين، فلمَّا تمت البيعة صار الحاكم في الدولة أستاذ الدار مجد الدين أبو الفضل بن الصاحب، وسُيِّرَت الرسلُ إلى الآفاق لأخْذِ البيعة، فسَيَّرَ صدر الدين شيخ الشيوخ إلى البهلوان، صاحب همذان وأصفهان والري وغيرها، فامتنع من البيعة، فراجعه صدر الدين، وأغلظ له في القول، فاضطرَّ إلى المبايعة والخطبة، وأرسل إلى رضي الدين القزويني مدرس النظامية إلى الموصل لأخذ البيعة، فبايع صاحِبها، وخطب للخليفة الناصر لدين الله أمير المؤمنين.

العام الهجري : 487 العام الميلادي : 1094
تفاصيل الحدث:

طَلَبَ يوسفُ بن تاشفين من الخَليفَةِ العبَّاسيِّ المُستَظهِر بالله أن يُقَلِّدَهُ البِلادَ التي فَتحَها وبَعثَ إليه بهذا الطَّلَبَ مع عبدِالله بن العربي الإشبيلي ووَلَدِه القاضي أبي بكرِ بن العربي الإمامِ المَشهورِ، فعَهِدَ الخَليفةُ لابنِ تاشفين بما طَلَبَ.

العام الهجري : 399 العام الميلادي : 1008
تفاصيل الحدث:

كان الحاكِمُ بأمرِ اللهِ العُبَيديُّ حالُه مُضطربةٌ في الجَورِ والعَدلِ، والإخافةِ والأمنِ، والنُّسُك والبِدعة, ومذهَبُه في الرَّفضِ مَعروفٌ. ولقد كان مضطرِبًا فيه، فكان يَأذَنُ في صلاةِ التَّراويحِ ثمَّ ينهي عنها، وكان يرى بعِلمِ النُّجومِ ويُؤثِرُه، ويُنقَلُ عنه أنَّه منع النِّساءَ مِن التصرُّفِ في الأسواقِ، ومنَعَ مِن أكلِ الملوخيَّا. ورُفِعَ إليه أنَّ جماعةً مِن الرَّوافِضِ تعرَّضوا لأهلِ السنَّةِ في التراويحِ بالرَّجمِ، وفي الجنائِزِ، فكتب في ذلك سجِلًّا قُرِئَ على المِنبَرِ بمِصرَ في رمضان، ورَدَ فيه: أمَّا بعدُ، فإنَّ أميرَ المؤمنينَ يتلو عليكم آيةً مِن كِتابِ اللهِ المُبينِ: {لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ} مضى أمسُ بما فيه، وأتى اليومُ بما يَقتَضيه. معاشِرَ المُسلِمينَ نحنُ الأئِمَّة، وأنتم الأمَّة. لا يحِلُّ قَتلُ مَن شَهِدَ الشَّهادَتينِ ولا يحلُّ عروةً بين اثنين تجمَعُها هذه الأخوَّة، عصم اللهُ بها من عَصَم، وحرَّم لها ما حرَّم، مِن كُلِّ مُحرًّمٍ مِن دمٍ ومالٍ ومَنكَحٍ، الصَّلاحُ والأصلَحُ بين الناسِ أصلَحُ، والفَسادُ والإفسادُ مِن العبَّادِ يُستقبَحُ. يُطوى ما كان فيما مضى فلا يُنشَر، ويُعرَض عَمَّا انقضى فلا يُذكَر. ولا يُقبَلُ على ما مرَّ وأدبَر من إجراءِ الأمورِ على ما كانت عليه في الأيَّام الخاليةِ؛ أيَّامَ آبائِنا الأئمَّة المُهتَدين. سلامُ الله عليهم أجمعين، يصومُ الصَّائِمونَ على حِسابِهم ويُفطِرون، ولا يُعارضُ أهل الرُّؤية فيما هم عليه صائِمون ويُفطِرون، وصلاةُ الخمسين للذين بما جاءهم فيها يُصَلُّون، وصلاةُ الضحى وصلاة التراويح لا مانِعَ لهم منها ولا هم عنها يُدفَعون، ويُخَمِّسُ في التكبير على الجنائِزِ المُخَمِّسون، ولا يُمنَعُ مِن التربيع عليها المُرَبِّعون؛ يُؤذِّنُ بحيَّ على خيرِ العَمَلِ المُؤذِّنون، ولا يُؤذَى مَن بها لا يُؤَذِّنون؛ لا يُسَبُّ أحَدٌ مِن السَّلَف، ولا يُحتَسَب على الواصِفِ فيهم بما يَصِف، والحالِفُ منهم بما حلف؛ لكُلِّ مُسلمٍ مُجتَهِدٍ في دينه اجتهادٌ، وفي يوم عيد الغديرِ مُنِعَ النَّاسُ مِن عَمَلِه". ودَرَسَت كنائِسُ كانت بطريقِ المكس وكنيسة بحارة الرُّوم من القاهرةِ ونُهِبَ ما فيها، وقُتِلَ في هذه الليلة كثيرٌ مِن الخَدَم والصَّقالبة والكُتَّاب، بعد أن قُطِعَت أيديهم بالسَّاطورِ على خشبةٍ مِن وسط الذِّراعِ.

العام الهجري : 341 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 953
تفاصيل الحدث:

هو المنصورُ بالله أبو الطاهرِ إسماعيلُ بنُ القائم أبي القاسم محمَّد بن عُبَيد الله المهدي، بويع يومَ وفاةِ أبيه القائم، وكان بليغًا فصيحًا يرتجِلُ الخُطَب. كانت خلافتُه سبعَ سنينَ وستَّة عشر يومًا، وكان سببُ مَوتِه أنَّه مَرِضَ من البردِ الشديدِ، فلازَمَه السهرُ حتى لا يستطيعَ النَّومَ أبدًا، فداواه أحد الأطباء بدواءٍ منوِّمٍ فمات منه، ولَمَّا مات وَلِيَ الأمرَ بعده ابنُه معد، وهو المعِزُّ لدين الله، وأقام في تدبير الأمور إلى سابع ذي الحجة، فأذِنَ للناس فدخلوا عليه، وجلس لهم، فسَلَّموا عليه بالخلافة، وكان عمره أربعًا وعشرينَ سنة.

العام الهجري : 862 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1458
تفاصيل الحدث:

وقع حريق عظيم بساحل بولاق لم يُسمَعْ بمثله في سالف الأعصار إلا قليلًا، بحيث إنَّه أتى على غالب أملاك بولاق من ساحل النيل إلى خط البوصة التي هي محل دفن أموات أهل بولاق، وعجز الأمراء والحكام عن إخماده، وكان من أمر هذا الحريق أنه لما كان صبيحة يوم الجمعة سادس رجب هبت ريح عظيمة وعظمت حتى اقتلعت الأشجار وألقت بعض المباني، واستمرت في زيادة ونمو إلى وقت صلاة الجمعة، فلما كان وقت الزوال أو بعده بقليل احترق ربع الحاج عبيد البرددار بساحل البحر، وذهب الربع في الحريق عن آخره ومات فيه جماعة من الناس، كل ذلك في أقل من ساعة رمل، ثم انتقلت النار إلى ربع القاضي زين الدين أبي بكر بن مزهر وغيره، وهبت الرياح وانتشرت النيران على الأماكن يمينًا وشمالًا، وحاجب الحجَّاب وغيره من الأمراء والأعيان وكل أحد من الناس في غاية الاجتهاد في تخميد النار بالطفي والهدم، وهي لا تزداد إلا قوة وانتشارًا على الأماكن، إلى أن وصلت النار إلى ربع الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص، وإلى الحواصل التي تحته، وأحرقت أعلاه وأسفله، وذهب فيه من بضائع الناس المخزونة فيه ما لا ينحصر كثرة، وسارت النار إلى الدور والأماكن من كل جهة، هذا وقد حضر الحريق جميع أمراء الدولة بمماليكهم وحواشيهم، شيئًا بعد شيء، والأمر لا يزداد إلا شدة، إلى أن صار الذي حضر من الناس لأجل طفي النار كالمتفرِّج من عِظَم النار والعجز عن إخمادها، وصارت النار إذا وقعت بمكان لا تزال به حتى يذهب جميعه، ويضمحل عن آخره، فعند ذلك فطن كل أحد أن النار تسير من دار إلى دار إلى أن تصل إلى القاهرة؛ لعِظَم ما شاهدوا من هولها، والريح يتداول هبوبها من أول النهار إلى نصف الليل؛ ولشدة هبوب الريح صارت رياحًا؛ لأنها بقيت تهب من سائر الجهات، فيَئِس كل من كان له دار تحت الريح، وتحقق زوالها، وشرع في نقل متاعه وأثاثه، واستمر الأمراء والأعيان يشاهدون الحريق، ويطفئون ما قدروا عليه من أطراف المواضع المنفردة؛ وأما الحريق العظيم فلا يستجرئ أحد أن يقربه لعِظَمِه، بل يشاهدونه من بعيد، واستمروا على ذلك إلى بعد أذان عشاء الآخرة، ثم ذهب كل واحد إلى داره والنار عمالة إلى نصف الليل، فأخذ أمر الريح في انحطاط، فعند ذلك اجتهد كل أحد في إخمادها، وأقاموا على ذلك أيامًا كثيرة، والنار موجودة في الأماكن والجُدُر والحيطان، والناس تأتي لبولاق أفواجًا للفرجة على هذا الحريق العظيم، فكان عدة ما احترق فيه من الأرباع زيادة على ثلاثين رَبْعًا، كل رَبْع يشتمل على مائة سكن وأكثر، وما به من الحوانيت والمخازن ما خلا الدور والأماكن والأفران والحوانيت وغير ذلك، وقد اختُلِفَ في سبب هذا الحريق على أقوال كثيرة، منهم من قال: إنها صاعقة نزلت من السماء، ومنهم من قال: إن الأرض كأن النار تنبع منها، ثم بعد ذلك بأيام أشيع أن الذي كان يفعل ذلك ويلقي النار في الأماكن هم جماعة من القرمانية ممن أحرق العسكر المصري أمكنَتَهم لما توجهوا إلى تجريدة ابن قرمان، وشاع القولُ في أفواه الناس، ثم ظهر للناس بعد ذلك أن الذي صار يحرق من الأمكنة بالقاهرة وغيرها بعد حريق بولاق إنما هو مِن فِعلِ المماليك الجلبان، لينهبوا ما في بيوت الناس عندما تُحرق، فإنه تداول إحراق البيوت أشهرًا، ثم تداول الحريق بعد ذلك بخط بولاق والقاهرة، وقوي عند الناس أن الذي يفعل ذلك إنما هو من تركمان ابن قرمان، ثم وقع الحريق أيضًا في شعبان بأماكن كثيرة، وتداول الحريق بالقاهرة وظواهرها، وضرَّ ذلك كثيرًا بحال الناس، وقد قوي عندهم أن ذلك من فعل القرمانية والمماليك الأجلاب: يعنون بالقرمانية والأجلاب أن القرمانية إذا فعلوا ذلك مرةً ويقع الحريق، فتَنهَبُ المماليك الأقمشة وغيرها لِما يطلبون الدور المحروقة للطفي، فلما حسن ببال المماليك ذلك صاروا يفعلون ذلك.

العام الهجري : 792 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1390
تفاصيل الحدث:

بعد أن خرج الظاهِرُ برقوق السلطانُ المخلوعُ مِن سجن الكرك واجتمَعَ له أهلُ الكرك ونصروه، وما زال أمرُه في ظهور حتى العُربان اجتمعت عليه، وأخلاطُ أهل مدينة الكرك، فخرج من الكرك يريد الشَّامَ فأقام بالثنية خارج الكرك يومين، ورحل في الثامِنِ والعشرين من شوال، وسار بهم يريد دمشقَ، وبها الأمير جَنتمُر أخو طاز، متولِّي نيابتها وقد وصل إليه الأمير ألطنبغا الحلبي الدوادار من مصر نائبًا على حلب بحُكم عصيان كمشبغا الحموي، فاستعَدَّا لقتال الظاهر، وتوجَّه إليهما الأميرُ حسام الدين حسين بن باكيش نائب غزة بعساكرها وعشيرها، وأقبل الظاهِرُ بمن معه، فخرجوا إليه وقاتلوه بشقحب قريبًا من دمشق قتالًا شديدًا، كسَروه فيه غيرَ مرة، وهو يعودُ إليهم ويقاتِلُهم، إلى أن كسرهم وانهزموا منه إلى دمشق، وقَتَل منهم ما ينيفُ على الألف، فيهم خمسةَ عشر أميرًا، وقُتِلَ من أصحابه نحو الستين، ومن أمرائِه سَبعةٌ، وركب أقفيةَ المنهزمين، فامتنع جَنتمر بالقلعة، وتوجَّه بالقلعة وتوجَّهَ من أمراء دمشق ستة وثلاثون أميرًا، ومعهم نحو الثلاثمائة وخمسين فارسًا، قد أُثخِنوا بالجراحات، وأخَذوا نائِبَ صفد، وقَصَدوا ديار مصر، فلم يمضِ غيرُ يوم واحد حتى وصل ابنُ باكيش بجمائعه، فقاتله الظاهِرُ وهَزَمَه، وأخذ جميعَ ما كان معه، فقَوِيَ به قوة كبيرة، وأتاه عِدَّةٌ من مماليكه، ومن أمراء الشام، فصار في عسكرٍ كبير، وأقبل إليه الأميرُ جبرائيل حاجِبُ الحجاب بدمشق، وأمير علي بن أسندمر الزيني، وجَقمَق، ومقبل الرومي، طائعين له، فصاروا في جملته، ونزل السلطان برقوق على قبة يلبغا ظاهر دمشق، وقد امتنع أهلُها بها، وبالغوا في تحصينِها، فحصرها وأحرق القبيبات وخربها، وأهلك في الحريق خلقًا كثيرًا، وجَدَّ أهل المدينة في قتالِه، وأفحشوا في سَبِّه، وهو لا يفتُرُ عن قتالهم، فأمَدَّه الأمير كمشبغا من حلب بثمانين فارسًا من المماليك الظاهريَّة، فأخرج إليهم الأمير جَنتمر خمسمائة فارس من دمشق، ليَحُولوا بينهم وبين الظاهر، فقاتلوهم فكسَرَهم الظاهرية، واستولوا على جميعِ ما معهم، وأتَوا إلى الظاهر فأقبل الأمير نعير بعُربانه يريدُ محاربته، فحاربه وكَسَرَه فانهزم عنه، وتقوى ممَّا صار إليه في هذه الوقائع، واستمَرَّ الظاهرُ برقوق على حصار دمشق وقتال أهلها، فورد الخبَرُ بذلك إلى منطاش في خامس عشر ذي القعدة، فتقَدَّم في السابع عشر منه إلى الصاحب موفق الدين أبي الفرج بتجهيز المَلِك المنصور حاجي للسَّفَر، فلم يجِدْ في الخزائن ما يجَهِّزُه به، فأخذ أموال اليتامى التي في الخزائِنِ وأخذ كذلك من اليهود والنصارى أموالًا، واستصدر فتوى بحلِّ قَتلِ الظَّاهِرِ برقوق بسَبَبِ ما قام به من خَلعِ الخليفة والسلطان السابق وغيرها من الأمور، ثمَّ جُهِّزَت العساكر من مصر للسير لقتال الظاهر برقوق، ففي ثاني محرم من سنة 792 وصل السلطانُ الملك المنصور إلى مدينة غزَّةَ بعساكرِ مِصرَ، وبلغ ذلك المَلِكَ الظاهر فترك قتالَ أهل دمشق، وأقبل نحوَهم، فنزل العسكَرُ المصري على قرية المليحة، وهي تبعد عن شقحب بنحو بريدٍ، وأقاموا بها يومَهم، وبعثوا كشافَتَهم، فوجدوا الظاهِرَ برقوق على شقحب، فكان اللقاءُ يوم الأحد الرابع عشر، وقد وافاهم الظاهِرُ برقوق، فوقف الأمير منطاش في الميمنةِ وحمل على ميسرة الظاهر، فحمل أصحابُ ميمنة الظاهر على ميسرة المنصور، وبذل كلٌّ من الفريقين جُهدَه، وكانت حروبًا شديدة، انهزمت فيها ميمنةُ الظاهر وميسرتُه، وتَبِعَهم منطاش بمن معه، وثبت الظاهرُ في القلب، وقد انقطع عنه خبَرُ أصحابه، وأيقَنَ بالهلاك، ثم حمل على المنصورِ بمن بقي معه، فأخذ المنصورَ والخليفةَ المتوكِّلَ والقُضاة والخزائِنَ، ومالت الطائفةُ التي ثبتت معه على الأثقال، فأخَذَتْها عن آخرها، وكانت شيئًا يخرُجُ عن الحَدِّ في الكثرة، ووقع الأميرُ قجماس ابن عم الظاهر في قبضةِ منطاش، ومَرَّ في أثر المنهزمين حتى وصل إلى دمشق، وأما الظاهر وأصحابه، فإن الأمير كمشبغا نائب حلب كان ممن انهزم على شَقْحب، فتَمَّ في الهزيمة إلى حلب، وتَبِعَه الأمير حسام الدين حسن الكجكني نائب الكرك، ومن بَقِي من عساكر حلب، فاستولى عليها، وانهزم أهلُ الكرك إليها، فلم يَصِلوا حتى مرَّت بهم شدائد، ولم يتأخَّرْ مع الظاهر إلا نحو الثلاثين، وقد تمَزَّقت عساكره وعساكِرُ مصر، فلم يقصِدْ إلا المنصور، فأخذه بمن معه فصار السلطانُ حاجي والخليفةُ المتوكل في قبضة الظاهر، ثم في يوم الاثنين أقبل منطاش في عالمٍ كبير من عوام دمشقَ وعساكرها ومن كان معه، فدارت بينه وبين الظاهِرِ في هذا اليوم منذ شروق الشمسِ إلى آخره حروبٌ لم يُعهَدْ بمصر والشام في هذه الأعصُرِ مِثلُها، وبعث الله ريحًا ومطرًا في وجهِ منطاش ومن معه، فكانت من أكبَرِ أسبابِ خِذلانه، ولم تغرُب الشمس حتى فَنِيَ من الفريقين خلقٌ كثير من الفرسان والعامة، وانهزم منطاش إلى دمشق، وعاد الظاهِرُ إلى منزلته فأقام بها سبعة أيام، وعَزَّت عنده الأقواتُ، وفي أثناء إقامته أمر الظاهر فجَمَع كُلَّ من معه من الأعيان، وأشهد على المنصور حاجي أنَّه خلع نفسه، وحَكم بذلك القضاة، ثم بويع الظاهِرُ، وأثبت القضاةُ بَيعَتَه، فولَّى الظَّاهِرُ الأميرَ فخر الدين إياس الجرجاوي نيابة صفد، والأمير سيف الدين قديد القَمطاي الكرك، والأمير علاء الدين أقبغا الصغير غزة، ورحل الظاهِرُ فأتاه عند رحيله منطاش بعَسكرِ الشام، ووقف على بُعدٍ فاستعد الظاهر إلى لقائه، فولى عنه وعاد إلى دمشق، وسار الملك الظاهِرُ ومن معه يريدُ ديار مصر، وبعث إلى غزة يأمرُ منصور الحاجب بالقبضِ على حسام الدين حسن بن باكيش، فقُبِض عليه واستولى على غزة، وبعث بابن باكيش إلى السلطان الظاهر برقوق فضربه بالمقارع وهو بالرملة، وسار الظاهر إلى غزة فضربه بها ضربًا مبَرِّحًا يوم دخلها مستهَلَّ صفر، ثم في بكرة نهار يوم الثلاثاء رابع عشر صفر نزل الملك الظاهر بالريدانية خارج القاهرة، فخرج إلى لقائِه الأشرفُ مع السيد علي نقيب الأشراف، وخرجت طوائِفُ الفقراء بصناجِقِها، وخرجت العساكِرُ بلبوسِها الحربية، وكانت العساكِرُ منذ خرج بطا وأصحابه لابسةً السلاح ليلًا ونهارًا، وخرجت اليهودُ بالتوراة، والنصارى بالإنجيل، ومعهم شموعٌ كثيرةٌ مُشعَلة، وخرج من عامةِ الناس رجالُهم ونساؤهم ما لا يحصيه إلا الله، وعندهم من الفَرَحِ والسرور شيءٌ زائد، وهم يضجُّون بالدعاء للسلطان، حتى لَقُوه وأحاطوا به، وقد فُرِشَت الشُّقَق الحريرُ من الترب إلى باب السلسة، فلما وصل إليها تنحى بفَرَسِه عنها، وقَدَّمَ المَلِكَ المنصور حاجي بن الأشرف حتى مشى بفَرَسِه عليها، ومشى بجانِبِه، فصار كأنَّ الموكِبَ للمنصور، فوقع هذا من الناسِ مَوقعًا عظيمًا، ورفعوا أصواتَهم بالدعاء والابتهال له؛ لتواضعه مع المنصور في حال غَلَبتِه وقَهْرِه له، وأنَّه معه أسيرٌ! وعُدَّ هذا من فضائله، واستَدعى الخليفةَ وشيخَ الإسلام وقضاة القضاة وأهل الدولة، وهو بالإسطبل، وجدد عقد السلطنة وتجديد التفويض الخليفتية، فشهد بذلك القضاةُ على الخليفة ثانيًا، وأُفيضَت التشاريف الخليفتيَّة على السلطان، ثم أُفيضَت التشاريف السلطانية على الخليفة، وركب السلطانُ مِن الإسطبل وصَعِدَ القلعة، وتسَلَّمَ قُصوره، وقد عاد إليها حَرَمُه وجواريه، فحقت البشائرُ.