الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1937 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 543 العام الميلادي : 1148
تفاصيل الحدث:

فارق السُّلطانُ مَسعودًا جماعةٌ مِن أكابِرِ الأمراءِ، وهم من أذربيجان: إيلدكر المسعودي، صاحِبُ كنجة وأرانية، وقيصر، ومن الجبل: البقش كون خر، وتتر الحاجب، وهو من مماليك مسعود أيضًا، وطرنطاي المحمودي، شحنة واسط، والدكز، وقرقوب وابن طغايرك، وكان سَبَبُ ذلك مَيلَ السُّلطانِ إلى خاص بك واطِّراحَه لهم، فخافوا أن يَفعَلَ بهم مِثلَ فِعلِه بعبدِ الرَّحمنِ وعَبَّاس وبوزابة، ففارقوه وساروا نحو العراق، ووصل إليهم عليُّ بن دبيس صاحِبُ الحلة، فنزل بالجانب الغربيِّ، فجند الخليفةُ أجنادًا يحتمي بهم، ووقع القتالُ بين الأمراء وبين عامَّةِ بغداد ومَن بها مِن العَسكَرِ، واقتتلوا عِدَّةَ دَفعاتٍ، ففي بَعضِ الأيَّامِ انهزَمَ الأمراءُ الأعاجِمُ مِن عامَّةِ بغدادَ مَكرًا وخَديعةً، وتَبِعَهم العامة، فلما أبعدوا عادوا عليهم وصار بَعضُ العسكَرِ مِن ورائهم، ووضعوا السَّيفَ فقُتِلَ مِن العامَّةِ خَلقٌ كثير، ولم يُبقُوا على صغيرٍ ولا كبيرٍ، وفَتَكوا فيهم، فأصيبَ أهلُ بغداد بما لم يصابوا بمِثلِه، وكَثُرَ القتلى والجرحى، وأُسِرَ منهم خلقٌ كثيرٌ، فقُتِلَ البعضُ وشُهر البَعضُ، ودفَنَ النَّاسُ مَن عرفوا، ومَن لم يُعرَفْ تُرِكَ طريحًا بالصَّحراءِ، وتفَرَّقَ العَسكَرُ في المحالِّ الغربية، فأخذوا مِن أهلِها الأموالَ الكثيرة، ونهَبوا بلدَ دجيل وغيره، وأخذوا النِّساءَ والولدان، ثمَّ إن الأمراءَ اجتَمَعوا ونزلوا مقابِلَ التاج وقَبَّلوا الأرضَ واعتَذروا، وتَردَّدَت الرُّسُلُ بينهم وبين الخليفةِ إلى آخِرِ النَّهارِ، وعادوا إلى خيامِهم، ورَحَلوا إلى النهروان، فنَهَبوا البلادَ، وأفسَدوا فيها، وعاد مسعود بلال شحنة بغداد من تكريت إلى بغداد، ثمَّ إنَّ هؤلاء الأمراءَ تفَرَّقوا وفارَقوا العراقَ، وتوفِّيَ الأميرُ قيصر بأذربيجان، هذا كُلُّه والسُّلطانُ مَسعود مُقيمٌ ببَلَدِ الجبل، والرسُلُ بينه وبين عَمِّه السُّلطان سنجر مُتَّصِلة، فسار السُّلطانُ سنجر إلى الريِّ، فلَمَّا عَلِمَ السُّلطان مسعود بوصولِه سار إليه وترَضَّاه، واستنزله عمَّا في نَفسِه فسَكَنَ. وكان اجتماعُهما سنة 544.

العام الهجري : 577 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

هو أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله مصغر بن أبي سعيد بن سليمان الأنباري النحوي صاحب التصانيف المفيدة، من الأئمَّة المشار إليهم في علمِ النحو، وُلِدَ في شهر ربيع الآخر سنة 513, وسكن بغداد من صباه إلى أن مات، وتفقَّه على مذهب الشافعي، بالمدرسة النظامية وتصدَّر لإقراءِ النحو بها، وصار شيخَ العراق في الأدب غيرَ مُدافَع له. تولى التدريس في بغداد, وقَصَده طلابُ العلم من سائر الأقطار, يقول ابنُ خَلِّكان: "اشتغل عليه خلقٌ كثيرٌ وصاروا عُلَماء، ولَقِيتُ جماعة منهم، وصَنَّف في النحو كتاب "أسرار العربية" وهو سهل المأخذ كثير الفائدة، وله كتاب "الميزان" في النحو، وله كتاب في "طبقات الأدباء" جمع فيه المتقَدِّمين والمتأخرين مع صغر حجمه، وكتُبُه كلها نافعة، وكان نفَسُه مباركًا ما قرأ عليه أحدٌ إلا وتميز". ثم انقطع ابن الأنباري في منزله مشتغلًا بالعلم والعبادة والإفادة، قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: "لم أر في العُبَّاد والمنقطعين أقوى منه في طريقِه، ولا أصدق منه في أسلوبه، جِدٌّ مَحضٌ لا يعتريه تصَنُّع، ولا يَعرِف الشرورَ ولا أحوال العالَم. كانت له دارٌ يَسكُنُها، وحانوت ودار أخرى يتقَوَّت بأجرتهما، سيَّرَ له المستضيء خمس مائة دينار فردَّها، وكان لا يُوقَد عليه ضوء، وتحته حصير قصب، وثوبَا قُطن، وله مائة وثلاثون مصنفًا" ومن تصانيفه في المذهب "هداية الذاهب في معرفة المذاهب" و"بداية الهداية" وفي الأصول "الداعي إلى الإسلام في أصول الكلام" و"النور اللائح في اعتقاد السلف الصالح" وغير ذلك، وفي الخلاف "التنقيح في مسلك الترجيح"، و"الجمل في علم الجدل" وغير ذلك، وفي النحو واللغة ما يزيد على الخمسين مصنَّفًا، وله شعر حسن كثير, ثم انقطع في آخر عمره في بيته مشتغلًا بالعلم والعبادة، وتَرَك الدنيا ومجالسة أهلها، ولم يزل على سيرة حميدة إلى أن توفي ليلة الجمعة تاسع شعبان من هذه السنة ببغداد، ودُفِنَ بباب أبرز بتربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.

العام الهجري : 643 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1245
تفاصيل الحدث:

هو الإمام العلَّامة، شيخ القرَّاء والأدباء، عَلَمُ الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب الهمذاني المصري السخاوي، ثم الدمشقي المقرئُ النحوي شيخُ القراء بدمشق، ولد سنة 558 وقيل سنة تسع وخمسين. كان قد اشتغل بالقاهرةِ على الشيخِ أبي محمد القاسم الشاطبي المقرئ، وأتقن عليه علم القراءات والنَّحو واللُّغة، وشرح قصيدتَه الشاطبيَّة، كان إمامًا في العربية، بصيرًا باللغةِ، فقيهًا مفتيًا عالمًا بالقراءات وعِلَلِها، مجوِّدًا لها، بارعًا في التفسير. صنف وأقرأ وأفاد، وروى الكثير، وبَعُد صيتُه، وتكاثر عليه القراء. وختم عليه ألوفٌ من الناس، وله شرحُ المفصَّل للزمخشري, وله تفاسير وتصانيف كثيرة، ومدائح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له حلقةٌ بجامع دمشق، قال ابن خلكان: "رأيته بدمشقَ والناس يزدحمونَ عليه في الجامِعِ لأجل القراءة، ولا تصِحُّ لواحدٍ منهم نوبةٌ إلَّا بعد زمان، ورأيتُه مرارًا يركَبُ بهيمةً وهو يصعد إلى جبلِ الصالحين وحولَه اثنان وثلاثة وكل واحدٍ يقرأ ميعاده في موضعٍ غير الآخر، والكل في دفعةٍ واحدة، وهو يردُّ على الجميعِ، ولم يزل مواظبًا على وظيفته إلى أن توفِّيَ بدمشق" قال الذهبي: " وكان يترخَّصُ في إقراء اثنين فأكثَرَ، كل واحدٍ في سورة، وفي هذا خلافُ السنَّة، لأنَّنا أُمِرنا بالإنصاتِ إلى قارئٍ لنفهَمَ ونعقِلَ ونتدبر" ومع حلقته بجامع دمشق ولي مشيخةَ الإقراء بتربة أم الصالح، وبها كان مسكنُه ووفاته, وكان مع سعة علومِه وفضائله دَيِّنًا حَسَن الأخلاقِ، مُحبَّبًا إلى الناسِ، وافِرَ الحرمةِ، مُطَّرِحًا للتكلُّف، ليس له شغل إلا العلم ونشرُه. قال الإمام أبو شامة: "في ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة 643، توفي شيخنا علم الدين علَّامة زمانه وشيخُ أوانه بمنزله بالتربة الصالحيَّة، وكان على جنازتِه هيبةٌ وجَلالةٌ وإخبات، ومنه استفدت علومًا جمة كالقراءات، والتفسير، وفنون العربية" ودُفِنَ بقاسيون، وهو غيرُ السخاوي المشهور بالحديث.

العام الهجري : 672 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1274
تفاصيل الحدث:

هو جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري, وعرف أيضًا باسم مولانا جلال الدين الرومي شاعر، عالمٌ بفقه الحنفيَّة. من فحولِ شعراء الصوفية في الإسلام. وُلد ببلخ في 6 من ربيع الأول 604هـ (30 من سبتمبر 1207م) لأسرةٍ قيل: إن نسَبَها ينتهي إلى أبي بكر الصديقِ رضي الله عنه، وتحظى بمصاهرة البيت الحاكم في خوارزم، وأمُّه كانت ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد, وما كاد يبلغُ الثالثة من عمره حتى انتقل مع أبيه إلى بغداد سنة 607هـ (1210م) على إثر خلاف بين أبيه والوالي محمد قطب الدين خوارزم شاه, وفي بغداد نزل أبوه في المدرسة المستنصريَّة، ولكنه لم يستقِرَّ بها طويلًا؛ إذ قام برحلة واسعة ومعه ابنه جلال الدين زار خلالها دمشق ومكة وملطية وأرزبخان ولارند، ثم استَقَرَّ آخر الأمر في قونية في عام 632هـ (1226م) حيث وجَدَ أبوه الحماية والرعاية في كنف الأمير السلجوقي علاء الدين قبقباذ، واختير للتدريس في أربع مدارس بقونية حتى توفي سنة 628هـ (1231م)، فخلفه ابنه جلال الدين في التدريس بتلك المدارس. وقد عُرف جلال  الدين بالبراعة في الفقه إلا أنه لم يستمر كثيرًا في التدريس؛ فقد كان للقائه بالصوفي المعروف شمس الدين تبريزي أعظَمُ الأثر في حياته العقليَّة والأدبية، فمنذ أن التقى به حينما وفد على قونية في إحدى جولاته، تعلق به جلال الدين، وأصبح له سلطانٌ عظيمٌ عليه ومكانةٌ خاصة لديه. وانصرف جلال الدين بعد هذا اللقاء عن التدريس، وانقطع للتصوُّفِ ونظْمِ الأشعار وإنشادها، وأنشأ طريقةً صوفية عُرفت باسم المولويَّة نسبة إلى مولانا جلال الدين.اهتم جلال الدين الرومي بالرياضة وسماع الموسيقى، وجعل للموسيقى مكانةً خاصة في محافِلِ تلك الطريقة. توفِّي جلال الدين عن عمر بلغ نحو سبعين عامًا، ودُفن في ضريحه المعروف في "قونية" في تلك التكية التي أنشأها لتكون بيتًا للصوفيَّة.

العام الهجري : 748 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1348
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامة الحافِظُ شَمسُ الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي خاتمةُ الحُفَّاظ، كان من أسرة تُركمانيَّة الأصل، تنتهي بالولاءِ إلى بني تميم، سكنت مدينة ميافارقين من أشهَرِ مدن ديار بكر، ولِدَ في كفر بطنا قرب مدينة دمشق في شهرِ ربيع الآخر سنة 673, وهو حافِظٌ لا يُجارَى ولافِظٌ لا يُبارى، أتقَنَ عِلمَ الحديث ورجالَه، ونظَرَ عِلَلَه وأحوالَه، وعرف تراجم الناس وأزال الإبهام في تواريخهم, واشتهَرَ بالعِلمِ والورع؛ قال السيوطي: "حُكِيَ عن شيخ الإسلام أبي الفضلِ ابنِ حَجَر أنَّه قال: شَرِبتُ ماء زمزم لأصِلَ إلى مرتبة الذهبيِّ في الحفظِ, ثم قال السيوطي: والذي أقولُه: إن المحَدِّثين عيالٌ الآن في الرجالِ وغَيرِها من فنونِ الحديث على أربعةٍ: المِزِّي، والذَّهَبي، والعِراقي، وابن حجر" ومُصَنَّفاته كثيرةٌ جِدًّا تُنبِئ عن عِلمِه الزاخر في الحديث والرجال والتاريخ، فله كتب مشهورة، منها: كتاب تاريخ الإسلام وطبقات مشاهير الأعلام، وكتاب سير أعلام النبلاء، وله في الرجال كتب كثيرة أشهرها: ميزان الاعتدال في أحوال الرجال، وتذكرة الحُفَّاظ، وطبقات القُراء، وله تعليقات على المستدرك، وله كتاب الكبائر، والطب النبوي، وغيرها كثير يصعُب حَصرُه هنا، وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على تاريخه الكبير المسمى بتاريخ الإسلام جزءًا بعد جزء إلى أن أنهاه مطالعةً وقال: "هذا كتابُ عَلَمٍ اجتمَعْتُ به وأخذتُ عنه وقرأتُ عليه كثيرًا من تصانيفه، ولم أجِدْ عنده جمودَ المحدِّثين، ولا كَودَنة النَّقلة، بل هو فقيهُ النَّظَر، له دُربة بأقوالِ النَّاسِ ومذاهِبِ الأئمة من السلف وأرباب المقالاتِ، وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفِه مِن أنه لا يتعدى حديثًا يورده حتى يبيِّنَ ما فيه من ضَعفِ مَتنٍ أو ظَلامِ إسنادٍ أو طَعنٍ في رواتِه، وهذا لم أرَ غَيرَه يراعي هذه الفائدةَ فيما يورده. توفي في ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة، وصُلِّيَ عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق ودُفِنَ بباب الصغير.

العام الهجري : 824 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1421
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ الظاهر سيف الدين أبو الفتح ططر بن عبد الله الظاهري الشركسي, ربَّاه بعض التجار، وعلَّمه شيئًا من القرآن وفِقهَ الحنفية، وقَدِمَ به القاهرة في سنة 801، وهو صبيٌّ، فدل عليه الأمير قانبيه العلاي لقرابته به، فسأل السلطان الملك الظاهر برقوق فيه حتى أخذه من تاجره، ونزله في جملة مماليك الطباق، فنشأ بينهم، وكان الملك الظاهر برقوق أعتقه بسفارة الأمير جرباش الشيخي. بعد وفاة الملك المؤيد شيخ بويعَ ابنُه الملك المظفر أحمد، وقام الأمير الكبير ططر بأعباء الدولة، وخلع عليه لالا -مربي- للسلطان وكافله. ثم عزل ططر المظفر أحمد؛ لصِغَر سنِّه، وأخذ البيعة بالسلطنة لنفسه, وفي أول ذي الحجة يوم الخميس زاد مرض السلطان الظاهر ططر، والإرجاف بمرضه كبير، ثم في يوم الجمعة استدعى الخليفة والقضاة إلى القلعة، وقد اجتمع الأمراء والمباشرون والمماليك، وعهد السلطان لابنه الأمير محمد، وأن يكون القائم بدولته الأمير جانبك الصوفي، والأمير برسباي الدقماقي لالا -مربي السلطان- فحلف الأمراء على ذلك، كما حلفوا لابن الملك المؤيد، فلما كانت ضحوة نهار الأحد رابعَه توفي السلطان، فاضطرب الناس ساعة، ثم غُسِّل وأخرج من باب السلسلة، وليس معه إلا نحو العشرين رجلًا، حتى دُفن بجوار الليث بن سعد من القرافة، فكانت مدة تحكمه منذ مات المؤيد أحد عشر شهرًا تنقص خمسة أيام، منها مدة سلطنته أربعة وتسعين يومًا، أما السلطان الجديد فهو محمد بن الظاهر ططر أقيم في السلطنة بعهد أبيه إليه، وعمره نحو العشر سنين، عقيب موت أبيه، وفي يوم الأحد رابع ذي الحجة من هذه السنة اجتمع الأمراء بالقلعة إلا الأمير جانبك الصوفي فإنه لم يحضر، فما زالوا به حتى حضر، وأجلسوا السلطان، ولقَّبوه بالملك الصالح ناصر الدين، وفوَّض الخليفة إلى الأمير الكبير نظام الملك برسباي أمورَ المملكة بأسرها؛ ليقوم بها إلى أن يبلغ السلطان رُشدَه، وحكم بصحة ذلك قاضي القضاة الحنفي.

العام الهجري : 876 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1472
تفاصيل الحدث:

هو الأمير يحيى ابن الأمير الخير الفقيه يشبك المؤيدي سبط السلطان المؤيد شيخ، ولد في ربيع الأول سنة 842, وأمه الخوند آسية بنت السلطان شيخ كانت خيِّرة ديِّنة، عارفة بطرائق الخوندات، ولها شهرة وذكر. مات أبوها السلطان المؤيد وقد زادت على أربع سنين. فتزوجها أبوه الأمير الخير الفقيه يشبك وهو من موالى أبيها بعد موته، وكان لالتها - مربيها- نشأ يحي في عز, فقرأ القرآن واشتغل يسيرًا وجوَّد الكتابة عند البرهان الفرنوي وغيره، وتقدم فيها بحيث كتب بخطه أشياء بديعة، وكان مع ذلك متقدمًا في الفروسية بسائر أنواعها، كالرمح والسيف والدبوس والنشاب وسَوق الخيل، بحيث إنه ساق المحمل عدة سنين، مع حسن المحاضرة والشكالة ولطف العشرة والظرف وجودة الفهم ومزيد الإسراف على نفسه، وتزوج ابنة المحب بن الشحنة واستولدها ابنة ماتت في حياتهما ثم فارقها, وعظُمَ ميل أبيه إليه ومحبته فيه حتى إنه كان المستبدَّ بكثير من الأمور أيام مباشرته الدوادارية الكبرى مع شدة مبالغته في طواعية والده ومزيد خدمته له، وقد رقاه الظاهر خشقدم وأمره بعد سنطباي وغيره وصار أمير أربعين، وسافر في أيامه إلى الحجاز أمير الركب الأول وإلى البلاد الشامية لتقليد بعض النواب ورجع بمال كثير وابتدأ به التوعك من ثمَّ، بحيث أشرف على الموت وتحدَّث به الناس حتى بمكة, ونزل السلطان للسلام عليه وعالجه الأطباء خصوصًا المظفر محمود الأمشاطي حتى نجع ثم انتقض عليه بعد بمدة وتنوعت به الأمراض كالسل ونحوه، بل يقال إنه عرض له داء الأسد وأقام مدة واختلف الأطباء عليه وأكثروا له من الحقن إلى أن انتحل، وتخلى مما عسى أن يكون كل هذا سببًا للتكفير عنه. ومات يحيى وأبوه في دمياط وأمه تقالبه يوم الجمعة السادس عشر رمضان سنة ست وسبعين وصُلي عليه من الغد في جمع حافل جدًّا فيه السلطان، ودفن بالمؤيدية مدرسة جده، قال السخاوي: "بلغني عن المحب بن الشحنة أنه لم يخلف بعده في أبناء الترك مثله- سامحه الله وإيانا وعوضه وأبويه الجنة"

العام الهجري : 1399 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1979
تفاصيل الحدث:

هو أبو الأعْلى المَوْدوديُّ بنُ أحمَدَ حسن مودودي أميرُ الجماعة الإسلامية، وُلِدَ في 3 رجب سنة 1321هـ بمدينة أورَنْج آباد الدكن في حَيْدر آباد، وتلقَّى تعليمَهُ على يد والدِهِ، فتعلَّم المودوديُّ القُرآنَ والعربيةَ والحديثَ والفِقْه حتى حَفِظَ المُوطَّأَ، ثم دخل الثانويَّةَ وهو ابن 11 سنةً لنُبوغِهِ، ثم بعد ذلك بدأ العملَ في الصَّحافةِ التي وجَدَ فيها مجالًا للدَّعْوة والتَّعْليم، وكان يُصدِرُ مجلةَ ترجمان القُرآن، وأسَّس الجماعةَ الإسلاميةَ في لاهورَ بهَدَف الدَّعْوة إلى الإسلام، وتمَّ انتخابُهُ أميرًا لها في 3 شعبان 1360 هـ / 26 أغسطس 1941م، وبعد عامَينِ نقلتِ الجماعةُ الإسلاميةُ مركزَها الرئيسيَّ من لاهورَ إلى دار السَّلام، ومع إعلانِ قيام دَوْلة باكستان 1366 هـ / 1947م عاد المودوديُّ مع زُملائِهِ إلى لاهور مرَّةً أخرى؛ حيث مقرُّ الجماعةِ الإسلاميةِ بها، وبعد قيام باكستان بنحو خمسةِ أشهُرٍ ألقى المودوديُّ أولَ خِطابٍ له في كُلية الحُقوق، وطالب بتشكيلِ النِّظام الباكستاني طِبقًا للقانون الإسلامي، وظلَّ المودوديُّ يُلِحُّ على مُطالبة الحكومة بهذا المطلب، فألقى خطابًا آخَرَ في اجتماعٍ عامٍّ بكراتشي في ربيع الآخر 1367 هـ / مارس 1948م تحت عُنوان "المُطالبةُ الإسلاميةُ بالنِّظامِ الإسلاميِّ"، فاعتقلته الحكومة مع عددٍ من قادةِ الجماعةِ الإسلاميةِ في غُرَّة ذي الحِجَّة 1367 هـ / 4 أكتوبر 1948م إلى أن أُطلِقَ سراحُهُ في 11 شعبان 1369 هـ / 28 من مايو 1950م، ثم اعتُقِلَ في 1372هـ، وبعد أربعةِ أيَّامٍ من اعتقاله حُكِمَ عليه بالقتل، ثم تم تَخْفيف حُكم القتل والحُكم عليه بالسَّجْن مدى الحياة، ثم صدر حُكم بالعَفْو عنه في 1374 هـ / 1955م. كانت حياةُ المودوديِّ العِلْميةُ مليئةً بالتَّأليف والعَمَل والنَّشاط؛ فقد ألَّفَ أكثَرَ من مائةٍ وعِشرينَ كتابًا وكُتيِّبًا، غير المُحاضَرات والمَقالات منها: كتاب ((الحِجابُ))، و ((مبادئُ الإسلامِ))، و ((نحن والحَضارةُ الغربيَّةُ))، و ((المُصطَلَحاتُ الأربعةُ في القُرآنِ))، و ((تفسيرُ سُورةِ النُّور))، وغيرُها كثيرٌ، تُوفِّيَ المودوديُّ في الأول من ذي القعدة / 22 أيلول في نيويورك بأمريكا، ونُقِلَ جُثمانُهُ إلى باكستانَ، ودُفِنَ في المَنْصورةِ بلاهورَ.

العام الهجري : 1420 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1999
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ الشيخ عبد العزيز في الرياض في الثانيَ عَشَرَ من ذي الحِجة سنةَ 1330ه،ـ ونشأ في بيئة علمٍ وصلاحٍ، حفِظ القرآنَ قبل أنْ يبلُغَ سنَّ البلوغ، وكان قد بدأ يضعُفُ بصرُه إثْرَ مرضٍ أصابَه في عينَيْه حتى فقَدَ بصرَه نهائيًّا سنةَ 1350هـ، وعمرُه 20 عامًا، فزاد ذلك من هِمَّته لطلب العلمِ مُلازمًا العلماءَ بذكاءٍ مُفرطٍ، وذاكرةٍ حادَّةٍ، وسرعةِ بَديهةٍ، واستحضارٍ لمسائل العلمِ، معَ ما أُوتيَ من فِراسةٍ، وكان مُتواضِعًا زاهدًا حليمًا، واسعَ الصدرِ، كريمَ الأخلاق، وبرز -رحمه الله- في علومٍ شَتَّى في: التوحيد، والتفسير، والفقه، والأصول، والحديث، والفِرَق والمذاهب، وكان عالمًا ربَّانيًّا، تلقَّى علومَه على يد عدد من المشايخ مثلِ: الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وغيرهم، وكان قد عُيِّن قاضيًا في الخَرْج، ثم الدلم، ثم أصبحَ بعد وفاة المفتي ابن إبراهيم مفتيًا للملكة العربية السعودية، وكان قد تولَّى التدريس بعد القضاء في المعهد العلمي بالرياض سنةَ 1372هـ، ثم أصبَحَ رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنةَ 1395هـ، بعد أنْ كان نائبًا لرئيسها الأسبق ابن إبراهيم، كانت حياته مليئةً بالعلم والتعليم، قدَّم للأمة الإسلامية خلالَها من علمه وفِقهِه ما نفع اللهُ به المسلمين، ممَّا جعلَه إمامَ عصره بحقٍّ، وقد تركَ تُراثًا كبيرًا في شَتَّى العلوم من فتاوى، وشروح، ودروس في الفقه والتوحيد، وغيرها من فنون الإسلام، ومؤلَّفاتُه شاهدةٌ على صفاء ذهنِه وعِلمِه، وقد جُمعت رسائلُه وفتاواه في مجلَّدات، أمَّا وفاته فقد كان يشكو من عدة أمراضٍ -رحمه الله- ثم في ليلة الخميس ضاق نَفَسُه حتى نُقِلَ إلى مُستشفى الملك فَيْصل بالطائف، حيث تُوفيَ هناك في السابع والعشرين من محرم 1420هـ، ثم صُلِّيَ عليه في المسجد الحرام بعد صلاة الجمُعة، ودُفنَ في مَقبرةِ العدل، رحمه اللهُ تعالى، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء.

العام الهجري : 1421 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2001
تفاصيل الحدث:

أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ صالحِ بنِ سليمانَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عُثمانَ (الذي كان مَعروفًا بعُثيمينٍ تَصغيرًا) التميميُّ، نزَحَ أجدادُه من الوشمِ إلى عُنيزةَ، التي وُلد فيها الشيخ محمد سنةَ 1347هـ في السابع والعشرين من شهر رمضانَ، في بيت علمٍ واستقامةٍ، وكان الشيخ قد رُزق ذكاءً وهمَّةً عاليةً، مع إعراضٍ عن الدنيا، يأمُرُ بالمعروف، ويَنْهى عن المنكرِ، صَبورًا حازمًا حريصًا على وقته، معَ زُهدٍ وورَعٍ، تتلمذَ على يد عددٍ من العلماء من أبرزهم: الشيخُ عبدُ الرحمن بنُ سِعديٍّ، والشيخُ عبدُ العزيز بنُ بازٍ، والشيخُ محمدٌ الأمينُ الشنقيطيُّ، وعلى جَدِّه الشيخِ عبدِ الرحمنِ بنِ سليمانَ آلَ دامغٍ، وغيرِهم، وكان قد تصدَّرَ للتدريس في جُمادى الآخرةِ 1376هـ، وبَقيَ إلى وفاتِه يُقدِّمُ للأمة الإسلامية عِلمًا وفِقهًا بأسلوبٍ سهلٍ يَفهَمُه العامةُ والخاصةُ، وهذا من ميزات الشيخِ رحمه اللهُ، وجمَعَ في تعليمِه بين مدرسَتَيِ الفقهاءِ والمحدِّثينَ، فغدا فقيهَ عصرِه، ولا أدلَّ على ذلك من أشرطتِه السمعيَّة التي شرحَ فيها العديدَ من المتونِ في مختلِفِ الفنون، من الحديث، والنحو، والفقه، والأصول، وأشهرُها الشرحُ الممتعُ بالإضافة للفتاوى، وكذلك مؤلَّفاتُه التي بلغت قُرابةَ المئةِ وخمسةَ عَشَرَ مؤلَّفًا بين كتابٍ وكُتيِّبٍ، منها: ((أصول التفسير))، و((الأصول من علم الأصول))، و((حكم تارك الصلاة))، و((رسالة في صفة الصلاة))، و((شرح لمعة الاعتقاد))، و((الشرح الممتع))، و((القواعد المثلى))، و((القول المفيد على كتاب التوحيد))، وغيرها كثيرٌ، أثْرى بها المكتبةَ الإسلاميةَ، فجزاه اللهُ خيرًا، أمَّا وفاتُه فكانت في عصر يوم الأربعاء، في الخامسَ عَشَرَ من شوالٍ 1421هـ / العاشر من كانون الثاني 2001م، إثْرَ مرضٍ ألمَّ به في أمعائه، وكان في المستشفى التخصصي بجُدَّةَ، وصُلِّيَ عليه في اليوم التالي بعد صلاة العصر في المسجد الحرام، ودُفِنَ بمقبرة العدل، بجوار شيخه الإمام ابن بازٍ، الذي تُوفيَ قبلَه بسنةٍ وثمانية أشهرٍ وثمانيةَ عَشَرَ يومًا. رحمهما اللهُ رحمةً واسعةً، وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

العام الهجري : 1425 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 2004
تفاصيل الحدث:

اسمُه الحقيقيُّ عبدُ الرؤوف عرفات عبد الرحمن القدوة، واسمُه الحركيُّ: ياسر عرفات أبو عمَّار، وُلد في القاهرة بحي السكاكين في حارة اليهود، بتاريخ 24/08/1929م. جَدُّه عبد الرحمن القدوة قدِمَ من المغرب إلى القُدسِ في أواخر القرن التاسعَ عَشَرَ، لازم الشيخَ عصام السعيد في المسجد الأقْصى يُعينه في كلِّ ما يطلب منه، ثم تزوَّج ابنتَه -وكانت عانسًا ومُقْعَدةً- فأنجبا ولدًا واحدا سمَّياه عرفات، تزوَّج ياسر عرفات من سُها الطويل التي تَنْتَمي لعائلة نصرانيَّة من القُدس، والدها صاحب ومؤسِّس المَصرِف العثماني، وجَدُّها كان أحدَ كبار الإقطاعيين في فِلَسْطينَ، عُيِّن رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفِلَسْطينية 06/09/1969م، ورئيسًا لسُلْطة الحكم الذاتي الفِلَسْطيني منذُ اتفاق أوسلو 13/09/1993م، وفي يوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2004م ظهرت أُولى علامات التدهور الشديد لصحة ياسر عرفات، فقد أُصيب عرفات كما قرَّر أطباؤه بمرض في الجهاز الهضمي، وقبلَ ذلك بكثير عانى عرفات من أمراض مختلِفة، منها نزيفٌ في الجمجة ناجمٌ عن حادث طائرة، وفي السنة الأخيرة من حياتِه تمَّ تشخيصُ جُرحٍ في المعدة، وحَصًى في كيس المرارة، وعانى ضَعفًا عامًّا وتَقلُّبًا في المِزاجِ، فعانى من تدهورٍ نفسيٍّ، وضعفٍ جُسمانيٍّ، وتدهورت حالتُه الصحية تدهورًا سريعًا في نهاية أكتوبر 2004م، فنُقل إلى الأُردُنِّ، ثم إلى مستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004م، ثم تمَّ الإعلان الرسمي عن وفاتِه من قِبَل السُّلْطة الفِلَسْطينية في 11 نوفمبر 2004م، ودُفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله، بعد أن تمَّ تَشييع جُثمانه في مدينة القاهرة، وذلك بعد الرفض الشديد من قِبَل الحكومة الإسرائيلية لدفن عرفات في مدينة القُدسِ كما كانت رغبة عرفات قبلَ وَفاته، وأفاد التقرير أن الوفاة نتجَت عن نزيف دموي شديد في الدماغ، وتضارَبت الأقوال كثيرًا في وفاة ياسر عرفات، ويعتقد الكثيرون بأن وفاتَه كانت نتيجة لعملية اغتيال بالتسميم، أو بإدخال مادةٍ مجهولةٍ إلى جسمه.

العام الهجري : 1426 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 2005
تفاصيل الحدث:

الملكُ فهدُ بنُ عبدِ العزيزِ هو الابنُ التاسعُ من أبناء الملك عبدِ العزيزِ آلَ سعودٍ الذكور -رحمهما اللهُ- وهو خامسُ ملوك المملكة العربية السعودية، وأولُ مَن تلقَّب بخادم الحرمَينِ الشريفَينِ رسميًّا بإعلانه ذلك في المدينة المنورة، تولَّى مقاليدَ الحُكم في 21 شعبان 1402هـ الموافق13 يونيو 1982م، وذلك بعد وفاة أخيه غير الشقيق الملك خالد بن عبد العزيز، تعرَّض الملك فهد إلى جَلْطة في عام 1995م، وتولَّى الأمير عبد الله بن عبد العزيز إدارة شؤون الحكم اليومية نظرًا لمرض الملك، وُلد الملك فهدٌ في الرياض عامَ 1921م 1340هـ، ووالدتُه هي الأميرة حصَّة بنت أحمد بن محمد السديري، وهو الأخ الشقيق للأمراء السبعة: سلمان، ونايف، وسلطان، وأحمد، وعبد الرحمن، وتركي الثاني، وفي عام 1954م تولَّى الأمير فهد بن عبد العزيز وزارةَ التعليم، كما أصبح الأميرُ فهدُ بنُ عبد العزيز يتولَّى المباحثات من الجانب السعودي خلالَ انعقاد جامعة الدول العربية، كما تولَّى وزارةَ الداخلية في عهد الملك فَيْصل، تميَّز عهدُه بصدور النظام الأساسي للحُكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق في 26 رجب 1412 هجرية الموافق 31 يناير 1992م، أسهم الملك فهد بن عبد العزيز في حل الكثير من الأزمات العربية في عهده، وأهمُّها: اتفاق الطائف الذي وحَّد لُبنان وأنْهى الحرب الأهلية فيها، كما قدَّم دعمًا ماديًّا وسياسيًّا لإنهاء اضطهاد المسلمين في البوسنة خلال حرب البَلْقان، أُعلن عن وفاته رسميًّا في يوم الاثنين 25 جمادى الثانية 1426هـالموافق 1 أغسطس 2005م في مستشفى الملك فَيْصل التخصصي بمدينة الرياض، بعدَ إصابته بالتهابٍ رِئويٍّ حادٍّ، ودُفن الملك فهد -رحمه الله- في مقبرة العود في الرياض، وتمَّ تنصيبُ الأمير عبد الله بن عبد العزيز خلفًا له، والأمير سلطان بن عبد العزيز وليًّا للعهد.

العام الهجري : 1069 العام الميلادي : 1658
تفاصيل الحدث:

بدأت اضطرابات محدودة من قِبَل المسلمين في جبل البشرات تمكَّن جنود مركيز مندخار (الحاكم العسكري) من إنهائها بسرعة, ومكَّن الهدوء النسبي الذي لحق ذلك بدء انتقال أعداد من شبان مدينة غرناطة إلى الجبال سرًّا للتدرُّب على استخدام السلاح. وفي الثالث والعشرين من ديسمبر اعتقد الثوارُ أن عددهم كان كافيًا للقيام بالخطوة التالية فشنُّوا هجومًا مباغتًا على مدينة غرناطة فيما كانت حاميتها تستعد للاحتفال بعيد الميلاد. وتمكَّن الثوار بقيادة فراس بن فراس من التوغل في المدينة والاشتباك مع جنود مركيز مندخار إلا أنهم لم يتمكنوا من أخذ المدينة، فانسحبوا وعادوا إلى البشرات بعد إيقاع خسائر كبيرة بجنود الحامية، وبدؤوا بإزالة كل أشكال السلطة والكنيسة القشتالية في المراكز المحررة. وحيال هذا التطور أصدر ملك أسبانيا فيليب الثاني أوامره إلى مركيز مندخار بإخماد ثورة البشرات، فقاد جيشًا من حوالي أربعة آلاف جندي إلى الجبال إلا أنه لم يشتبك معهم، وبدأ بدلًا من ذلك مفاوضات لوقف الثورة آخذًا على عاتقه محاولة إقناع الملك فيليب الثاني برفع الضغوط عن الأندلسيين. وأوقف الأندلسيون العمليات العسكرية فيما بدأ المركيز اتصالاته لإقناع الملك بإعطاء الثوار فرصة، إلا أن فيليب رفض الفكرة وأمر المركيز بقمع الثورة وضرب زعمائها ليكونوا عبرة لغيرهم ليس فقط في الجنوب وإنما في ممالكه الأخرى قاطبة. وفي هذه الأثناء أقدم بعضُ جنود المركيز على مذبحة في مدينة جبيل راح ضحيتها عدد من الأندلسيين، وتعرضت مدينة لورة إلى هجمات مماثلة، وفقد المركيز السيطرةَ على جنوده فأخذ هؤلاء يمارسون أعمال القتل بلا حساب فتحرَّك الأندلسيون بسرعة وبسطوا سيطرتَهم على البشرات. وفي غرناطة نفسها وصلت إلى الحامية إشاعات عن قيام الثوار الأندلسيين بقتل 90 قسيسًا و1500 قشتالي، فهاجم الجنود سجن البيازين وذبحوا مئة وعشرة أندلسيين كانوا فيه. وأمام انفلات الوضع أقرَّ مركيز مندخار بعجزه عن السيطرة على الوضع، ووضع نفسه تحت إمرة فيليب الثاني. وكانت نار الثورة بدأت تستعر بسرعة وتنتشر في مناطق جديدة في الجنوب عندما بدأ الملك تدارُس الوضع مع مستشاريه العسكريين. وفي هذه الأثناء بدأ العثمانيون يحققون الانتصار تلو الآخر في البحر الأبيض المتوسط، وراحوا يهددون شواطئ ممالكه هناك. وفي تلك السنة أيضًا اندلعت الثورة في قطالونيا وقطعت أساطيل البروتستانت الطرق البحرية إلى خليج بسقاية، وخشي فيليب الثاني أن يستفحِلَ خطر الثورة ويستغل العثمانيون استمرارها لمهاجمة صقلية والجزائر الشرقية وربما الجنوب الأندلسي، فاختار لمهمة القضاء على الثورة أخاه دون خوان النمسوي، وأوصى فيليب الثاني دون خوان بضرورة اتخاذ قرارات المجلس بالإجماع، وإذا لم يتحقق هذا يجب عليه العودة إليه لاتخاذ القرار النهائي. وكان على دون خوان التحرُّك بسرعة للقضاء على الثورة خوفًا من انتقالها إلى الأندلسيين في أرغون. ولما عرض دون خوان على أعضاء المجلس هذا الرأي أخذوا به، لكنَّ مركيز مندخار عارضه وأعرب عن اعتقاده أن التفاوض وليس الحرب هو طريق إنهاء الأزمة. وأمام هذا الموقف نشد المجلس موافقة فيليب الثاني، فكتب إليه دون خوان رسالة مُطوَّلة أوصى فيها بالحزم في التعامل مع الثوار، وتعهَّد لأخيه بالقضاء على الثورة سريعًا إن أعطاه الصلاحيات وأطلق يديه. لكنه تردد ولم يجبه، فاستغل الأندلسيون تردُّد الملك فالتحق بالثوار عدد كبير من المتطوعين حتى صار قوامهم نحو عشرة آلاف مقاتل، وبدؤوا يشنون الهجمات على مواقع القوات القشتالية، فامتلكوا عددًا منها، ثم نقلوا الحرب إلى مناطق قريبة من مدينة غرناطة ودارت معارك بينهم وبين القشتاليين قرب الأسوار. وسرت في القشتاليين المخاوفُ من انقلاب الأندلسيين الغرناطيين عليهم فتشدَّدوا في معاملتهم؛ مما أدى إلى فرار بعضهم من المدينة والالتحاق بمعاقل الثوار. وخلال فترة قصيرة اتسعت الرقعة التي بسط عليها الثوار نفوذَهم حتى شملت معظم المناطق المحيطة بمدينة غرناطة. ووصلت أخيرًا أوامر فيليب الثاني آخذًا في الاعتبار معظم توصيات أخيه، لكنَّه أمر بشطر القوات التي تجمَّعت شطرين أسند قيادة الأول إلى مركيز مندخار، والثاني إلى منافسه مركيز بلش مالقه، لكنه حظر في الوقت نفسِه على دون خوان الاشتراك في أي عمليات عسكرية. واعتبر باقي أعضاء المجلس هذا التكليف تشكيكًا من الملك بمركيز مندخار فانهزَّت الثقة به وخضعت قراراته للمساءلة وتصرفاته للمراقبة!

العام الهجري : 60 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 680
تفاصيل الحدث:


كان مُعاوِيَةُ في عام 50 هـ قد عَهِدَ إليه بالخِلافَة مِن بعدِه، وأخَذ ذلك على النَّاسِ؛ ولكنَّ البعضَ لم يَرْضَ مِثلَ ابنِ عُمَر، وابنِ الزُّبيرِ، وعبدِ الرَّحمن بن أبي بكرٍ، والحُسينِ بن عَلِيٍّ، ثمَّ لمَّا حضَرَت مُعاوِيَةَ الوَفاةُ كان يَزيدُ غائبًا فأَوْصى إليه، ثمَّ لمَّا تُوفِّي بايَعَت الأمصارُ لِيَزيدَ إلَّا مَن ذُكِرَ آنِفًا، وبذلك تَمَّتْ له الخِلافَة، ثمَّ بايَع له ابنُ عُمَرَ، وابنُ عبَّاسٍ، أمَّا ابنُ الزُّبيرِ فخرج إلى مكَّة وحصَل منه ما حصَل، وأمَّا الحُسينُ فلَحِقَهُ أيضًا إلى مكَّة حتَّى خرَج إلى الكوفَةِ وكان فيها ما كان.

العام الهجري : 257 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 871
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قُتِلَ خفاجة بن سفيان استعمل الناسُ ابنه محمدًا، وأقره محمد بن أحمد بن الأغلب أبو الغرانيق- صاحِبُ القيروان- على ولايته, كان ذلك في عام خمس وخمسين ومائتين، وفي رجب من عام سبع وخمسين ومائتين قُتِلَ الأميرُ محمد، قتله خَدَمُه الخصيان نهارًا وكتموا قَتْلَه، فلم يعرَفْ إلَّا مِن الغد، وكان الخدَمُ الذين قتلوه قد هربوا فطُلِبوا فأُخِذوا وقُتِلَ بعضُهم، ولَمَّا قُتِلَ استعمل محمَّدُ بن أحمد بن الأغلب على صقلية أحمدَ بن يعقوب بن المضاء بن سلمة، فلم تطُلْ أيَّامُه.