الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1937 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1336 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1918
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد الثاني، السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخِرُ من امتلك سلطةً فعليةً منهم. ولد في 16 شعبان 1258هـ الموافق 21 سبتمبر 1842م، وتولَّى الحكم عام 1293هـ 1876م. أبعِدَ عن العرش عام 1327هـ / 1909م بتهمة الرجعية، وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 15 جمادى الأولى 1337هـ الموافق 10 فبراير 1918م. تلقى السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد تعليمَه بالقصر السلطاني، وأتقن من اللغات: الفارسية والعربية، وكذلك درس التاريخ والأدب. يعرِّفُه البعض، "باولو خاقان" أي "الملك العظيم" وعُرِفَ في الغرب باسم "السلطان الأحمر"، أو "القاتل الكبير" بسبب مذابح الأرمن المزعوم وقوعُها في فترة تولِّيه منصِبَه. رحَّب جزء من الشعب العثماني بالعودة إلى الحكم الدستوري بعد إبعاد السلطان عبد الحميد عن العرش في أعقاب ثورة الشباب التركي "الاتحاديين". غيرَ أن الكثير من المسلمين ما زالوا يقدِّرون قيمة هذا السلطان الذي خَسِرَ عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعَها لزعماء الحركة الصهيونية. تولى السلطانُ عبد الحميد الثاني الخلافة في 11 شعبان 1293هـ، الموافق 31 آب (أغسطس) 1876م، وتبوَّأ عرشَ السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال؛ حيث كانت الدولة في منتهى السوء والاضطراب، سواء الأوضاع الداخلية أو الخارجية. دبَّرت جمعية "الاتحاد والترقي" عام 1908م انقلابًا على السلطان عبد الحميد تحت شعارات الماسونيةِ "حرية، عدالة، مساواة". كان اليهودُ لَمَّا عُقِدَ مؤتمرُهم الصهيوني الأول في (بازل) بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل 1860م-1904م رئيس الجمعية الصهيونية، اتَّفقوا على تأسيس وطنٍ قوميٍّ لهم يكون مقرًّا لأبناء عقيدتهم، وأصَرَّ هرتزل على أن تكون فلسطينُ هي الوطنَ القوميَّ لهم، فنشأت فكرةُ الصهيونية، وقد اتَّصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهودِ بالانتقال إلى فلسطين، ولكِنَّ السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيطِ كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلةٌ بالسلطان أو ببعض أصحابِ النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيطِ بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يُفلح، وأخيرًا زار السلطانَ عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي) و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقَدِّمات مُفعَمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءاتِ المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالًا طائلةً مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالُف سياسي يُوقفون بموجِبِه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضِدَّه في صحف أوروبا وأمريكا. لكِنَّ السلطان رفض بشدةٍ وطردهم من مجلسِه، وقال: " إنكم لو دفعتم ملءَ الدنيا ذهبًا، فلن أقبل؛ إنَّ أرضَ فلسطين ليست ملكي، إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلِمون بدمائهم لا يمكن أن يباعَ، وربما إذا تفَتَّت إمبراطوريتي يومًا يمكِنُكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل"، ثم أصدر أمرًا بمنعِ هجرة اليهود إلى فلسطين. عندئذ أدرك خصومُه الصهاينة أنهم أمام رجلٍ قوي وعنيد، وأنَّه ليس من السهولة بمكانٍ استمالتُه إلى صفِّها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه ما دام على عرش الخلافة فإنَّه لا يمكِنُ للصهيونية العالمية أن تحقِّقَ أطماعها في فلسطين، ولن يمكِنَ للدول الأوروبية أن تحقِّقَ أطماعها أيضًا في تقسيمِ الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان؛ لذا قرَّروا الإطاحةَ به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسَها لتمزيق ديار الإسلام؛ أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولَعِبَ يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان إلى أن تمَّ عزلُه وخَلعُه من منصبه عام 1909، وتم تنصيب شقيقِه محمد رشاد خلفًا له. وتوفِّيَ السلطان عبد الحميد الثاني في المنفى في 15 جمادى الأولى 1337هـ 10 فبراير 1919م.

العام الهجري : 813 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1410
تفاصيل الحدث:

هو أحمد بن أويس بن الشيخ حسن النوين بن حسين بن أقبغا بن أيلكان بن القال غياث الدين سلطان العراق. أوَّل ما ولي إمرة البصرة من أخيه حسين، فلما اختلف الأمراء على حسين خرج من بغداد إلى تبريز، فقدم أحمد بالجنود واغتال أخاه وقام بالسلطنة، وذلك في صفر سنة أربع وثمانين، وقبض على أعيان الأمراء فقتلهم وأقام أولادهم، فثار عليه من بقي ببغداد مع أخيه شيخ على شاه زاده؛ فآل الأمر إلى أن قتل واستبد أحمد فسار السيرة الجائرة وقتل في يوم واحد ثمانمائة نفس من الأعيان وانهمك في اللذات، واتفق أن تيمورلنك نازل شاه منصور صاحب شيراز وقتله وبعث برأسه إلى بغداد، والتمس منهم ضرب السكة باسمه، فلم يُطِعْه أحمد، فنزل تيمورلنك بغداد في شوال سنة خمس وتسعين، ففرَّ منها ابن أويس بأهله وما يعزُّ عليه من ماله، فلحقه عسكر تيمورلنك بالحلة فهزموه ونهبوا ما معه وخربوا الحلة، وقَصَد الشام فوصل إلى الرحبة واستأذن الظاهر في القدوم عليه، فأجابه بما يطيب خاطره وأمر النواب بإكرامه، ثم جهز السلطان أحمد بن أويس في أول شعبان سنة 796 ورسم له بجميع ما يحتاج إليه، فدخل بغداد في رمضان فوجد بها مسعود الخراساني من جهة تيمورلنك، ففر وأقام أحمد ببغداد، واستخدم جنودًا من العرب والتركمان، ووقع الوباء ببغداد، ففر أحمد إلى الحلة، وجرى على سيرته السيئة من سفك الدماء والجِدِّ في أخذ أموال الرعية، ولم يزل على ذلك إلى أن عاد تيمورلنك طالبًا الشام، ففرَّ أحمد إلى قرا يوسف بن قرا محمَّد بن بيرم خجا صاحب الموصل واستنجد به فسار معه، وكان أهل بغداد قد كرهوه فحاربوه وهزموهما معًا، فدخلا بلاد الشام واستأذنا أمير حلب وكان يومئذٍ دقماق من جهة الناصر فرج، وذلك في شوال سنة 802، فلم يأذن لهم فخرج لمحاربتهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزم أهل حلب وأُسِرَ دقماق، فبلغ الناصر ذلك فغضب وأمر بتجهيز عساكر الشام، فتوجهوا ففر قرا يوسف فأوقعوا بأحمد فكسروه ونهبوا ما معه وبعثوا بسيفه إلى الناصر. رجع أحمد إلى بغداد فأقام بها قليلًا فثار عليه ولده طاهر بن أحمد ففر منه وأتى إلى قرا يوسف فسار معه وقاتلا طاهرًا بالحلة، فانهزم وغرق، ودخل أحمد بغداد ثم غدر أحمد بجماعة كانوا عنده من جهة قرا يوسف عدتهم خمسون نفسًا من أعيان دولته، فغضب قرا يوسف وسار لمحاربة أحمد، فهرب ثم اختفى في بئر ببغداد، فأمر قرا يوسف بطم البئر، فطُمَّت فما شكُّوا في هلاكه، واتفق أنه كان بالبئر فرجة فخرج منها ابن أويس ومضى إلى تكريت ثم إلى حلب، وملك قرا يوسف بغداد فأخذها منه تيمورلنك, فكتب قرا يوسف إلى أحمد ليجتمعا على قتال عسكر تيمورلنك فنازلا مرزا أبي بكر بن تيمورلنك بالسلطانية سنة 808، فهزموه وقتلوا ابنه, وملك قرا يوسف تبريز ورجع أحمد إلى بغداد، فاستأذنه قرا يوسف فيمن يقيمه في السلطنة، فأذن له بإقامة ولده بزق ففعل، وذلك في سنة إحدى عشرة، فقدم مرزا شاه في طلب ثأر ولده، فواقعه قرا يوسف فقتل، وغنم قرا يوسف جميع ما كان معه, واتفق في غضون ذلك أن أحمد لما تغلب على طباعه من الغدر مضى إلى تبريز فملكها، ونهب جميع ما وجده لقرا يوسف وولده، فرجع إليه وقاتله فانهزم منه، وذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة، فلم يزل قرا يوسف يتطلب ابن أويس إلى أن ظفر به فأكرمه، ثم سجنه ثم دسَّ عليه من خنقه، فمات في آخر يوم من ربيع الآخر، واستقرت قدم قرا يوسف في بغداد وتبريز، وكان أحمد بن أويس سفاكًا للدماء، متجاهرًا بالقبائح، وله مشاركة في عدة علوم، كالنجوم والموسيقى، وله شعر كثير بالعربية وغيرها؛ وكتب الخط المنسوب، وكانت له شجاعة ودهاء وحِيَل، ومحبة في أهل العلم.

العام الهجري : 605 العام الميلادي : 1208
تفاصيل الحدث:

هو سنجر شاه بن غازي بن مودود بن زنكي بن آقسنقر، صاحب جزيرة ابن عمر، وهو ابن عم نور الدين، صاحب الموصل، قتله ابنه غازي، وسبب ذلك أن سنجر كان سيئَ السيرة غشومًا ظلومًا لرعيته وجندِه وحَرَمِه وولَدِه، كثيرَ القهر لهم والانتقام منهم، فاقِدَ الشفقة على بنيه حتى غرَّب ابنيه محمودًا ومودودًا إلى قلعة فرح من بلاد الزوزان لتوهُّمٍ توهَّمه فيهما, ثم أخرج ابنه غازي إلى دار بالمدينة, ووكل به فساءت حاله، وكانت الدار كثيرة الخشاش فضَجِرَ من حاله, فأعمل غازي الحيلة حتى نزل من الدار التي كان قد حبسه أبوه بها واختفى، ثمَّ إن غازي بن سنجر تسلَّقَ إلى دار أبيه، واختفى عند بعضِ سراريِّه، وعلم به أكثَرُ من بالدار، فسَتَرت عليه بغضًا لأبيه، وتوقعًا للخلاصِ منه لشِدَّتِه عليهن، فبقي كذلك، وترك أبوه الطَّلبَ له ظنًّا منه أنَّه بالشام، فاتفق أنَّ أباه، في بعض الأيام شرب الخمر بظاهرِ البلد مع نُدَمائه، فلم يزل كذلك إلى آخر النهار، وعاد إلى داره، فلما دخل الخلاءَ، دخل عليه ابنه غازي فضربه بالسكينِ أربع عشرةَ ضربةً، ثم ذبحَه، وتركه مُلقًى، فاتفق أن بعض الخدم الصغار خرج إلى البابِ وأعلم أستاذ دار سنجر الخبَرَ، فأحضر أعيان الدولة وعرَّفَهم ذلك، وأغلق الأبوابَ على غازي، واستحلف الناسَ لمحمود بن سنجر شاه، وأرسل إليه فأحضره من قلعةِ فرح ومعه أخوه مودود، فلما حلفَ الناس وسكنوا فتحوا باب الدارِ على غازي، ودخلوا عليه ليأخُذوه، فمانعهم عن نفسِه، فقتلوه وألقَوه على باب الدار، فأكلت الكلابُ بعضَ لحمه، ثم دُفِنَ باقيه، ووصل محمودٌ إلى البلد ومَلَكَه، ولُقِّبَ بمعز الدين، لَقَب أبيه، فلما استقَرَّ عمد الى الجواري اللواتي واطأنَ على قتل أبيه فغرَّقَهن في دجلةَ.

العام الهجري : 631 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1233
تفاصيل الحدث:

هو العلامة المتكلم أبو الحسن علي بن أبي علي ابن محمد بن سالم الثعلبي سيف الدين الآمدي، الحنبلي ثم الشافعي. الحموي الدمشقي، صاحبُ المصَنَّفات في الأصلين وغيرهما، ومن مصنفاته: " أبكار الأفكار في الكلام " و" دقائق الحقائق في الحكمة " و" إحكام الأحكام في أصول الفقه " ولد بعد 550 بيسيرٍ بآمد، وقرأ بها القراءات على الشيخ محمد الصفار، وعمار الآمدي. وحفظ "الهداية" في مذهب أحمد. كان حنبليَّ المذهب فصار شافعيًّا أشعريًّا أصوليًّا منطقيًّا جدليًّا خلافيًّا، وكان حسن الأخلاق، وقد تكَلَّموا فيه بأشياءَ اللهُ أعلم بصحتها، وقد كانت ملوك بني أيوب كالمعظَّم والكامل يُكرمونَه وإن كانوا لا يحبُّونه كثيرًا، وقد فوَّضَ إليه المعَظَّم تدريس العزيزية، فلما ولي الأشرفُ دمشق عزله عنها ونادى بالمدارس أن لا يشتغل أحدٌ بغير التفسير والحديث والفقه، ومن اشتغل بعلومِ الأوائل نفيتُه، فأقام الشيخ سيف الدين بمنزله إلى أن توفِّي بدمشق، ودُفِنَ بتربته بسفح قاسيون، وكان قد اشتغل ببغداد على أبي الفتح نصر بن فتيان بن المنى الحنبلي، ثم انتقل إلى مذهبِ الشافعي فأخذ عن ابن فضلان وغيره، وحَفِظَ طريقة الخلاف للشريف، وزوائد طريقة أسعد الميهني، ثم انتقل إلى الشام واشتغل بعلوم المعقول. قال الذهبي: "تفنَّنَ في علم النظر، والفلسفة وأكثَرَ من ذلك. وكان من أذكياءِ العالم, ثم دخل الديارَ المصرية وتصَدَّرَ بها لإقراء العقليات بالجامع الظافري. وأعاد بمدرسةِ الشافعي. وتخرَّج به جماعة. وصنَّف تصانيفَ عديدة. ثم قاموا عليه، ونسبوه إلى فساد العقيدة والانحلال والتعطيل والفلسفة. وكتبوا محضرًا بذلك. قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطَهم بما يستباحُ به الدم، فخرج مستخفيًا إلى الشام فاستوطن حماة" ثم تحوَّل إلى دمشق فدرس بالعزيزية، ثم عُزِلَ عنها ولزم بيته إلى أن مات، وله ثمانون عامًا- رحمه الله تعالى وعفا عنه.

العام الهجري : 775 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1373
تفاصيل الحدث:

وقع بين المَلِك الأشرَفِ وبين زوج أمِّه ألجاي اليوسفي كلامٌ مِن أجل التَّرِكة المتعَلِّقة بخوند-السيدة- بركة والدة الأشرف, وكان ذلك يومَ الثلاثاء سادس المحرَّم مِن هذه السنة، وكَثُرَ الكلام بين السلطان وبين ألجاي اليوسفي، حتى غضب ألجاي، وخرج عن طاعةِ المَلِك الأشرف، ولبس هو ومماليكُه آلة الحرب، ولَبِسَت مماليلك السلطان أيضًا، وركِبَ السلطان بمن معه مِن أمرائه وخاصكيته، وباتوا الليلةَ لابسين السلاحَ إلى الصَّباحِ، فلمَّا كان نهارُ الأربعاء سابِعَ المحرم كانت الوقعةُ بينهما، فتواقعوا إحدى عشرة مرة، وعَظُمَ القتال بينهما حتى كانت الوقعةُ الحادية عشرة انكسر فيها ألجاي اليوسفي وانهزم إلى بركة الحبش، ثم تراجع أمرُه وعاد بمن معه مِن على الجبل الأحمر إلى قُبَّة النصر، فطلبه السلطانُ الملك الأشرف فأبى، فأرسل إليه خِلعةً بنيابة حماة فقال: أنا أروحُ بشرط أن يكونَ كُلُّ ما أملِكُه وجميعُ مماليكي معي، فأبى السلطانُ ذلك، وباتوا تلك الليلة، فهرب جماعةٌ من مماليك ألجاي في الليل وجاؤوا إلى المَلِك الأشرف، فلما كان صباحُ يوم الخميس ثامن المحرم، أرسل السلطان الأمراء والخاصكيَّة ومماليك أولادِه وبَعضَ المماليك السلطانية إلى قُبَّة النصر إلى حيث ألجاي، فلما رآهم ألجاي هرب، فساقوا خلْفَه إلى الخرقانيَّة، فلما رأى ألجاي أنه مُدرَكٌ رمى بنَفسِه وفرسه إلى البَحرِ؛ ظنًّا أنه يُعَدِّي به إلى ذلك البَرِّ، وكان ألجاي عوَّامًا، فثَقُل عليه لِبسُه وقماشه، فغرق في البَحرِ وخرج فرَسُه، وبلغ الخبَرُ السلطانَ الملك الأشرف فشَقَّ عليه موتُه وتأسَّفَ عليه، ثمَّ أمَرَ بإخراجه من النيل، فنزل الغوَّاصون وطَلَعوا به وأحضروه إلى القلعة في يوم الجمعة تاسع المحرم في تابوت وتحته لبادٌ أحمر، فغُسِّلَ وكُفِّن وصَلَّى عليه الشيخ جلال الدين التباني، ودفن في القبة التي أنشأها بمدرسته برأس سويقة العزي خارج القاهرة.

العام الهجري : 877 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1472
تفاصيل الحدث:

هو الصوفي إبراهيم بن علي بن عمر برهان الدين الأنصاري المتبولي ثم القاهري الأحمدي، قدم من بلده متبول من الغربية إلى طنطا، فأقام بضريحها مدة ثم تحول إلى القاهرة ونزل بظاهر الحسينية، فكان يدير بها مزرعة ويباشر بنفسه العمل فيها من عزق وتحويل وغير ذلك من مصالحها، وكان يجتمع إذ ذاك بالشيخ إبراهيم الغنام ونزل بزاوية هناك بدرب التتر، تعرف بالشيخ رستم ثم قطن زاوية غيرها بالقرب من درب السباع، وصار الفقراء يَرِدون عليه فيها ويقوم بكلفتِهم من زرعه وغيره، فاشتهر أمره وتزايد خبره وحج غير مرة وانتقل لبركة الحاج، وأنشأ هناك زاوية كبيرة للجمعة والجماعات وبستانًا متسعًا وسبيلًا على الطريق هائلًا عم الانتفاعُ به سيما في أيام الحج، وكذا أنشأ جامعًا كبيرًا بطنطا وبرجًا بدمياط وأماكن غير ذلك، وكثرت أتباعه بحيث صار يُخبَز لهم كل يوم زيادة على أردب، وربما بلغ ثلاثة أرادب سوى عليق البهائم التي بلغت ثمانية أرادب، وهرع الأكابر فضلًا عمن دونهم لزيارته والتبرك به، ونسب إليه جماعته من الكرامات الكثير واستفيض بينهم أنه لم يجب عليه غُسلٌ قط لا من جماع فإنه لم يتزوج، ولا احتلام، بل كان- فيما قيل- يذكر ذلك عن نفسه، ويقول إنه أخذ عن الشيخ يوسف البرلسي الأحمدي وانتفع بصحبته وإنه فتح عليه في سطح جامع الظاهر؛ لأنه أقام فيه مدة وتزاحم الناس عليه في الشفاعات وكان يرفدهم برسائله، بل ربما توجه هو بنفسه في المهم منها، كل ذلك مع أميته ومداومته على الإهداء لكثير من الأمراء ونحوهم من فاكهة بستانه ونحوها، والناس فيه فريقان. مات وقد توجه لزيارة القدس والخليل بعد توعكه مدة بمكان بين غزة والرملة يقال له سدود بالقرب من المقام المنسوب للسيد سليمان، في ليلة الاثنين الثامن عشر ربيع الأول سنة سبع وسبعين، ودفن هناك وسنُّه ظنًّا يزيد على الثمانين.

العام الهجري : 886 العام الميلادي : 1481
تفاصيل الحدث:

هو السلطان المجاهد الغازي أبو الفتوحات: محمد بن السلطان مراد الثاني ابن السلطان محمد ابن السلطان بايزيد ابن السلطان مراد الأول بن أورخان بن عثمان، تنازل له أبوه بالملك سنة 848 لكنه لم يستقر فيه إلا بعد وفاة أبيه سنة 855. اقتفى أثر أبيه في المثابرة على دفع الفرنج حتى فاق ملوك زمانه، مع وصفه بمزاحمة العلماء، ورغبته في لقائهم، وتعظيم من يَرِدُ عليه منهم، وله مآثر كثيرة من مدارس وزوايا وجوامع، كان مُلكُ محمد الفاتح عظيمًا خاصة بعد فتحه للقسطنطينية عاصمة البيزنطيين وجعْلِها كرسي مملكته، غادر السلطان الفاتح إستنبول إلى آسيا الصغرى؛ حيث كان قد أُعد في إسكدار جيش آخر كبير، وكان السلطان محمد الفاتح قبل خروجه من إستنبول قد أصابته وعكة صحية إلا أنه لم يهتمَّ بذلك لشدة حبه للجهاد وشوقه الدائم للغزو، وخرج بقيادة جيشه بنفسه، إلا أن المرض تضاعف عليه هذه المرة وثقلت وطأتُه بعد وصوله إلى اسكدار فطلب أطباءَه غيرَ أنَّ القضاء حمَّ به فلم ينفع فيه تطبيبٌ ولا دواء، ومات السلطان الفاتح وسط جيشِه العرمرم يوم الخميس الرابع من ربيع الأول 886 (3 مايو 1481م) وهو في الثانية والخمسين من عمره بعد أن حكم نيفًا وثلاثين عامًا، لم يكن أحدٌ يعلم شيئًا عن الجهة التي كان سيذهب إليها السلطان الفاتح بجيشه، وذهبت ظنونُ الناس في ذلك مذاهبَ شتى، فهل كان يقصد رودس ليفتح هذه الجزيرة التي امتنعت على قائده مسيح باشا؟ أم كان يتأهب للحاق بجيشه الظافر في جنوبي إيطاليا ويزحف بنفسِه بعد ذلك إلى روما وشمالي إيطاليا ففرنسا وإسبانيا؟ توفي أوائل هذه السنة أثناء توجهه إلى برصا، ودفن بالبرِّية هناك، ثم حول إلى إستنبول في ضريح بالقرب من أكبر الجوامع بها, وبعد وفاة السلطان محمد الفاتح تولى ابنُه بايزيد الثاني أكبر أولاده الذي كان حاكمًا لمقاطعة أماسيا.

العام الهجري : 1402 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1982
تفاصيل الحدث:

أبو الوليد سعد صايل هو عسكريٌّ فِلَسطيني، وُلِدَ في قرية كفر قليل (محافظة نابلس)، وتلقَّى دِراسته الابتدائيةَ والثانوية في مَدينة نابلس، والتحقَ بالكُلِّية العسكرية الأُرْدنية سَنة 1951م، وتخصَّص في الهندسة العسكريةِ، ثم أُرسِلَ في دوراتٍ عسكريةٍ إلى بريطانيا سنة 1954م (هندسة تَصميم الجُسور وتصنيفها)، وبريطانيا سنة 1958م، والولايات المتحِدة سنة 1960م (هندسة عَسْكرية متقدِّمة)، وعاد إلى الولايات المتحدة سَنة 1966م، فدرَسَ في كُلِّية القادة والأركانِ. تدرَّج أبو الوليد في عددٍ مِن المناصب العسكريةِ في الجيش الأُرْدني، إلى أن أُسنِدَت إليه قِيادة لواء الحسين بن علي وكان برُتبةِ عقيدٍ. انتسَب صايل إلى حركةِ التحرير الوطني الفِلَسطيني (فتح)، وفي أحداثِ أيلول سنة 1970م بين القواتِ الأُرْدنية وقُوات الثورةِ الفلسطينية، التحَقَ بالقواتِ الفلسطينية، فأُسنِدَت إليه مناصبُ عسكرية هامَّة، وقد عُيِّن مديرًا لهيئة العملياتِ المركزية لِقُوات الثورة الفلسطينية، وعُضوًا في القيادةِ العامة لِقُوات العاصفةِ، وعضوًا في قِيادة جهاز الأرض المحتلَّة، بعْدَ أنْ رُقِّيَ إلى رُتبة عميد، كما اختِيرَ عضوًا في المجلسِ الوطني الفلسطينيِّ، وانتُخِبَ في اللجنة المركزيةِ لحرَكة فتْحٍ في مُؤتمرِها الذي عُقِدَ في دمشقَ سنة 1980م. شارك أبو الوليد في إدارةِ دَفةِ العمليات العسكريةِ لِقُوات الثورة الفلسطينية في تصدِّيها للقوات الإسرائيلية في لُبنان، ولُقِّبَ بمارشال بَيروت. اغتِيلَ سعد صايل بتاريخ 29/9/1982 في عمليةٍ تعرَّض لها بعد انتهائِه من جَولة على قُوات الثورة الفلسطينية في سَهل البقاع بلُبنان، وقد رُقِّيَ إلى رُتبة لواءٍ، ودُفِنَ في مقبرة الشُّهداء في مُخيَّم اليرموك بدمشقَ. وتَخليدًا لِذِكرى أبي الوليد أَطلَقَت السُّلطة الوطنية الفلسطينية اسمَه على العديدِ من المعالِمِ الوطنية في غَزَّة والضفةِ الغربية؛ مِثلُ الأكاديميةِ الأمنيةِ في أريحا، ومواقعَ للقُوات الأمنيةِ في غَزة، ومدرسةٍ في مَدينة نابلس، وعِدة أماكنَ أُخرى.

العام الهجري : 572 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ، قاضي القضاة أبو الفضل كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، الفقيه الموصلي الشافعي، بقيَّةُ الأعلام. وُلِدَ سنة 491, وكان والدُه أحد علماء زمانه يُلقَّب: بالمرتضى. لَمَّا قُتِلَ عماد الدين زنكي عند قلعةِ جعبر كان كمال الدين حاضرًا في العسكر هو وأخوه تاج الدين أبو طاهر يحيى، فلما رجع العسكَرُ إلى الموصل كانا في صُحبتِه, ولَمَّا تولى سيفُ الدين غازي بن عماد الدين زنكي فوَّضَ الأمورَ كُلَّها إلى القاضي كمال الدين وأخيه بالموصِل وجميع مملكته، ثمَّ إنه قبض عليهما في سنة 542 واعتقَلَهما بقلعة الموصل، ثمَّ إن الخليفة المقتفي شَفَعَ فيه وفي أخيه فأُخرِجا من الاعتقال، وقَعَدا في بيوتهما وعليهما الترسيمُ، ولما مات سيف الدين غازي رُفِعَ الترسيم عنهما، ثم انتقل كمال الدين إلى خدمة نور الدين محمود صاحب الشام في سنة 550 الذي احتفى به وأكرم وِفادتَه، فأقام بدمشق، ثم فوَّضَه نور الدين محمود في صفر سنة 555، نظَرَ الجامِعِ ودارَ الضرب وعمارة الأسوار والنَّظَر في المصالح العامة. واستناب ولَدَه وأولاد أخيه ببلاد الشام، وترقَّى القاضي كمال الدين إلى درجة الوزارة، وحَكَم في بلاد الشام في ذك الوقت، واستناب ولَدَه القاضي محيي الدين في الحُكم بمدينة حلب، ولم يكنْ شَيءٌ من أمور الدولة يخرجُ عنه، حتى الولاية وشد الديوان، ولَمَّا مات نور الدين وملك صلاح الدين دمشقَ أقَرَّه على ما كان عليه. وكان فقيهًا أديبًا شاعرًا كاتبًا ظريفًا فَكِهَ المجالسة، يتكَلَّمُ في الخلاف والأصول كلامًا حسنًا، وكان شهمًا جَسورًا كثير الصدقة والمعروف، وقَّفَ أوقافًا كثيرة بالموصل ونصيبين ودمشق، وكان عظيمَ الرياسة خبيرًا بتدبير المُلك، لم يكُنْ في بيته مثلُه ولا نال أحدٌ منهم ما ناله من المناصِبِ مع كثرة رؤساءِ بَيتِه، توفي القاضي كمال الدين في السادس من المحرم من هذه السنة، وقد كان من خيار القضاة وأخصِّ الناس بنور الدين محمود، ولَمَّا حضرته الوفاةُ أوصى بالقضاء لابنِ أخيه ضياء الدين بن تاج الدين الشهرزوري، مع أنَّه كان يجِدُ عليه؛ لِمَا كان بينه وبينه حين كان صلاحُ الدين سَجَنه بدمشق، وكان يعاكِسُه ويخالِفُه، ومع هذا أمضى وصيَّتَه لابن أخيه، فجلس في مجلسِ القضاءِ على عادةِ عَمِّه وقاعدتِه.

العام الهجري : 558 العام الميلادي : 1162
تفاصيل الحدث:

أمر الخليفة المستنجد بالله بإهلاك بني أسد أهل الحلة المزيدية الشيعة؛ لِما ظهَرَ مِن فسادهم، ولما كان في نفس الخليفة منهم من مساعدتهم السلطان محمدًا لَمَّا حصر بغداد، فأمر يزدن بن قماج بقتالهم وإجلائهم عن البلاد، وكانوا منبسطين في البطائح، فلا يُقدر عليهم، فتوجه يزدن إليهم، وجمع عساكر كثيرة من راجل وفارس، وأرسل إلى ابن معروف مُقدم المنتفق، وهو بأرض البصرة، فجاء في خلق كثير فحصرهم وسَدَّ عليهم الماء، وصابرهم مدة، فأرسل الخليفة إلى يزدن يَعتِبُ عليه ويُعَجِّزُه وينسبه إلى موافقتهم في التشيع، وكان يزدن يتشيع، فجدَّ هو وابن معروف في قتالهم والتضييق عليهم، وسد مسالكهم في الماء، فاستسلموا حينئذ، فقُتل منهم أربعة آلاف قتيل، ونادى فيمن بقي: من وُجِدَ بعد هذا في المزيدية فقد حلَّ دمه، فتفرقوا في البلاد، ولم يبقَ منهم في العراق من يُعرَف، وسُلِّمت بطائحُهم وبلادُهم إلى ابن معروف.

العام الهجري : 624 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

وصل الكرج مدينةَ تفليس، ولم يكُنْ بها من العسكَرِ الإسلاميِّ من يقومُ بحمايتها، وسبَبُ ذلك أنَّ جلال الدين لَمَّا عاد من خلاط، وأوقع بالإيوانية، فرق عساكره إلى المواضع الحارة الكثيرة المرعى، ليشتُوا بها، وكان عسكره قد أساؤوا السيرةَ في رعية تفليس، وهم مسلمون، وعَسَفوهم، فكاتبوا الكرج يستدعونَهم إليهم، ليملِّكوهم البلد، فاغتنم الكرج ذلك؛ لميل أهل البلدِ إليهم، وخَلَّوه من العسكر، فاجتمعوا، وكانوا بمدينتي قرس وآني وغيرهما من الحصون، وساروا إلى تفليس، وكانت خاليةً، ولأن جلال الدين استضعف الكرجَ لكثرة من قُتِلَ منهم، ولم يظنَّ فيهم حركة، فملكوا البلد، ووضعوا السيفَ فيمن بقي من أهلها، وعَلِموا أنَّهم لا يقدرون على حفظ البلدِ مِن جلال الدين، فأحرقوها، وأمَّا جلال الدين فإنه لما بلغه الخبَرُ سار فيمن عنده من العساكر ليدرِكَهم، فلم يرَ منهم أحدًا، كانوا قد فارقوا تفليس لَمَّا أحرقوها.

العام الهجري : 1117 العام الميلادي : 1705
تفاصيل الحدث:

بعد عزل باي تونس إبراهيم الشريف اجتمع أهل الحل والعقد من العلماء وأكابر العسكر بتونس، فنصبوا ديوانًا لتولية من يصلح للقيام بأمر الخلق، فلم يجدوا أصلح من حسين باي بن علي الحسيني، فجددوا بيعته وأبقوه على ما هو عليه من ولايته؛ لِما يعلمون من شفقته وعطفه وحسن عهده وسلامة صدره من المكر والحقد والغدر، ولِما جبله الله عليه من اللين والرفق وحسن التدبير والسياسة، ففرح الخلقُ عامة من أهل تونس وأوطانها وعجمها وعربها وبلدانها بتوليته، وسُقِط في يد أهل الفساد ما كانوا يتمنون، وازداد أهل الخير فرحًا به؛ لِما كانوا منه يرتقبون، وكان عفيف البطن من المسكرات، والفرج من الفواحش والمنكرات، فاستقامت أحواله وانتظمت آماله، وسَعِدت رعيته بسعده، ودافع عنهم بجِدِّه وجهده، وبتوليه انتهى عهد المراديين في تونس، وبدأ عهد البايات الحسينيين، والذي استمر إلى عهد الاستعمار الحديث وتمكين الحبيب أبي رقيبة من رئاسة تونس.

العام الهجري : 1299 العام الميلادي : 1881
تفاصيل الحدث:

وقَّع محمد بن رشيد مع أهلِ المجمعة حِلفًا دفاعيًّا سريًّا ضد الإمام عبد الله بن فيصل الذي وقع في خلافٍ مع أهالي الوشم والمجمعة الذين ثاروا لتحقيق استقلالِهم عن الرياضِ، ولَمَّا تقدمت جيوشُ عبد الله المؤلَّفة من البوادي والحضر في وادي حنيفة، بادر محمَّد بن رشيد إلى نجدة المجمعة بجيشٍ مؤلَّف من بوادي شمر وقبائل حرب، ولَمَّا وصلت قواتُ ابن رشيد بُرَيدة انضَمَّ إليها أميرُ البلدة حسن آل مهنا أبو الخيل، ومعه جند القصيم، وزحفت قواتُ ابن رشيد إلى الزلفي، وكانت قواتُ عبد الله تعسكر في ضرماء، ولَمَّا عرف عبد الله استعدادَ ابن رشيد للقتال، وعرف أنَّ قواته لا تستطيع مجابهةَ قوَّات خصمه، انسحَب إلى الرياض، ودخل ابنُ رشيد المجمعة وعيَّنَ عليها سليمان بن سامي من أهالي حائل نائبًا عنه، وبذلك انضمت المجمعة إلى ابنِ رشيد وانفصلت نهائيًّا عن الرياضِ.

العام الهجري : 647 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1250
تفاصيل الحدث:

بعد وفاةِ الملك الصالحِ نجمِ الدين أيوب قَدِمَ ابنُه المعظَّم توران شاه, وكان في حصنِ كيفا، فسار من حصنِ كيفا إلى دمشق، لإحدى عشرةَ ليلةً مضت من شهر رمضان، فنزل عانةً في خمسين فارسًا من أصحابه، يوم الخميس النِّصفَ من شهر رمضان وخرج منها يوم الأحدِ يريد دمشق على طريقِ السماوة في البرية فنَزَل القصيرَ في دهليز ضربه له الأميرُ جمال الدين موسى بن يغمور نائب دمشق يوم الجمعة لليلتين بَقِيَتا من شهر رمضان، ودخل المعظَّم توران شاه من الغد - وهو يوم السبتِ آخره - إلى دمشقَ، ونزل بقلعتِها، فكان يومًا مشهودًا وأفرَجَ عَمَّن كان بدمشق في حَبسِ أبيه، وأتته الرسلُ مِن حَماة وحَلَب تهنئه بالقدوم، ولأربع مضينَ من شوال سقطت البطائقُ إلى العسكر والقاهرة، بوصول الملك المعظَّم إلى دمشق وسلطته بها فضُرِبَت البشائر بالمعسكر وبالقاهرة، وسار السلطانُ توران شاه من دمشق يوم الأربعاء السابع عشر يريدُ مِصرَ، وقَدِمَ معه القاضي الأسعد شرف الدين هبة الله بن صاعد الفائزي، وكان مقيمًا بدمشقَ عند الأمير جمال الدين، وقَدِمَ معه أيضًا هبة الله بن أبي الزهر بن حشيش الكاتب النصرانيُّ، وقد وعده السلطان بوزارة مصر، فأسلم وتلقَّب بالقاضي مُعين الدين، وعندما تواترت الأخبارُ في القاهرة بقدوم السلطان، خرج قاضي القضاة بدر الدين السنجاري، فلَقِيَه بغزة وقَدِمَ معه وخرج الأميرُ حسام الدين بن أبي علي نائب السلطان إلى الصالحية، فلقيه بها يوم السبت لأربع عشرة ليلة بَقِيَت من ذي القعدة، ونزل السلطان المعظم توران شاه في قصر أبيه، ومنه يومئذٍ أعلن بموتِ الملك الصالحِ نجم الدين أيوب ولم يكنْ أحدٌ قبل هذا اليوم ينطق بموتِه، بل كانت الأمور على حالها، فتسَلَّم السلطان المعظم مملكةَ مصر، ثم إنه رحل من الصالحية ونزل تلبانة، ثم نزل بعدها منزلة ثالثةً، وسار منها إلى المنصورة، وقد تلقَّاه الأمراء المماليك، فنزل في قصرِ أبيه وجَدِّه يوم الخميس لتسعٍ بَقِينَ من ذي القعدة، فأوَّل ما بدأ أن أخذ مماليكَ الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ الصغار بدون القيمة، ولم يعطِ ورثته شيئًا، وكان ذلك بنحوِ الخمسة عشر ألف دينار، وأخذ يسُبُّ فخر الدين ويقول: أطلق السكَّر والكتان، وأنفِقِ المال وأطلق المحابيسَ إيش ترك لي.

العام الهجري : 291 العام الميلادي : 903
تفاصيل الحدث:

أمرَ محمَّدُ بنُ سليمان- الذي ولَّاه المكتفي قتالَ القرامطةِ- بمناهضةِ صاحِبِ الشامة القرمطيِّ الحسين بن زكرويه - المُدَّعي أنَّه أحمد بن عبد الله- فسار إليه في عساكِرِ الخليفة، حتى لَقُوه وأصحابَه بمكان بينهم وبين حماة اثنا عشرَ ميلًا، فقَدَّمَ القرمطيُّ أصحابَه إليهم، وبقِيَ في جماعةٍ مِن أصحابه، معه مالٌ كان جمعه، وسوادُ عَسكرِه، والتحمت الحربُ بين أصحاب الخليفةِ والقرامطة، واشتَدَّت وانهزمت القرامطةُ وقُتِلوا كلَّ قِتلةٍ، وأُسِرَ مِن رجالهم بشَرٌ كثير، وتفَرَّق الباقون في البوادي، وتَبِعَهم أصحابُ الخليفة،فلما رأى صاحِبُ الشامة ما نزل بأصحابِه، حمَّلَ أخًا له يكنَّى أبا الفضلِ مالًا، وأمره أن يلحَقَ بالبوادي إلى أن يظهَرَ بمكانٍ فيسيرَ إليه، ورَكِبَ هو وابنُ عمه المسمى بالمَدَّثر، والمطوق صاحبه، وغلام له رومي، وأخذ دليلًا وسار يريدُ الكوفة عرضًا في البريَّة، فانتهى إلى الداليَّة مِن أعمالِ الفُرات، وقد نفِدَ ما معهم من الزادِ والعَلَف، فوجَّه بعضَ أصحابه إلى الداليَّة المعروفة بدالية ابن طوق ليشتريَ لهم ما يحتاجونَ إليه، فدخلها فأنكروا زيَّه، فسألوه عن حالِه فكتَمَه، فرفعوه إلى متولِّي تلك الناحية الذي يُعرفُ بأبي خبزة خليفةِ أحمد بن محمد بن كشمرد، فسأله عن خبَرِه، فأعلمه أنَّ صاحِبَ الشامة خلْفَ رابيةٍ هناك مع ثلاثةِ نفَرٍ، فمضى إليهم وأخَذَهم، وأحضرهم عند ابنِ كشمرد، فوجَّهَ بهم إلى المكتفي بالرقَّةِ، ورجعت الجيوشُ مِن الطلب، وفي يوم الاثنين لأربعٍ بَقِينَ من المحرم أُدخِلَ صاحِبُ الشامة الرقَّة ظاهرًا على فالجٍ- وهو الجملُ ذو السَّنامينِ- وبين يديه المدَّثِّر والمطوق؛ وسار المكتفي إلى بغدادَ ومعه صاحبُ الشامة وأصحابُه، وخلَّفَ العساكِرَ مع محمد بن سليمان، وأُدخل القرمطيُّ بغدادَ على فيلٍ، وأصحابُه على الجمل، ثم أمرَ المكتفي بحَبسِهم إلى أن يَقدَمَ محمَّد بن سليمان، فقَدِمَ بغداد، وقد استقصى في طلَبِ القرامطة، فظَفِرَ بجماعةٍ من أعيانهم ورؤوسِهم، فأمر المكتفي بقَطعِ أيديهم وأرجُلِهم، وضَرْبِ أعناقهم بعد ذلك، وأُخرِجوا من الحبس، وفُعِلَ بهم ذلك، وضُرِبَ صاحب الشامة مائتي سوطٍ، وقُطِعَت يداه، وكُوِيَ فغُشِيَ عليه، وأخذوا خشبًا وجعلوا فيه نارًا ووضعوه على خواصِرِه، فجعل يفتَحُ عينه ويُغمِضُها، فلما خافوا موتَه ضربوا عنُقَه، ورفعوا رأسَه على خشبة، فكبَّرَ الناس لذلك، ونُصِبَ على الجِسرِ.