الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1350 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1931
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ المجاهِدُ عُمَرُ بنُ مختار بن عمر المنفي، نسبةً إلى قبيلة منفة في بادية برقة بليبيا، تعلم في الزوايا السنوسية، وجعله محمد المهدي السنوسي شيخًا على زاوية القصور بالجبل الأخضر، خرج لجهادِ الطليان بعد أن احتلُّوا مدينة بنغازي عام 1329هـ وصَمَد للعدو صمودًا منقَطِعَ النظير جعَلَه في أوائل الأبطال في الجهاد الليبي ضِدَّ الطليان، كانت منطقة المختار برقة ثابتةً منيعةً. وتهادن الإيطاليون والطرابلسيون سنة 1340هـ، ودبَّ الخلافُ في زعماء طرابلس وبرقة، وتجدَّدت المعركة مع الإيطاليين، فتولى عمَرُ قيادة الجبل الأخضر وتلاحقت به القبائِلُ، واتفق الرؤساءُ على أن يكون هو القائِدَ العامَّ والرئيس الأعلى للمجاهدين. وهاجمتهم القوى الإيطالية، فردُّوا هجومها، وغَنِموا منها آلاتٍ حربية ومؤنًا غير قليلة. وأشهر ما نشب من المعارك معركة الرحيبة وعقيرة المطمورة وكرِسة، يقول غراتسياني القائد العام الإيطالي في بيان له عن الوقائع التي نشبت بين جنوده والسيد عمر المختار: إنها "كانت 263 معركةً في خلال عشرين شهرًا" هذا عدا ما خاضه المختار من المعارك في خلال عشرين سنة قبلَها. وبينما هو في سرية من رجالِه تُقدَّر بخمسين فارسًا بناحية سلطنة بالجبل الأخضر يستطلع مواقِعَ العدو فوجئ بقوةٍ مِن الأعداء أحاطت به فقاتَلَها، واستُشهِدَ أكثَرُ من كان معه، وأصيب هو بجراحٍ بعد أن عُقِرَ جَوادُه، فانقض عليه الطليان وحُمِل أسيرًا وهو لا يُعرَف، ثم حمل إلى سوسة فعرفوه، فنقل بطراد إلى بنغازي وسُجِنَ أربعة أيام ثم حقَّقوا معه، ثم أُعدِمَ شنقًا في مركز سلوق ببنغازي في 4 جمادى الأولى وعمره يومها خمسة وسبعون عامًا، ومع ذلك كان يجاهِدُ على جواده يقوم بنفسه بالاستطلاع، فرَحِمَه اللهُ وقَبِلَه عنده في الشهداءِ.

العام الهجري : 306 العام الميلادي : 918
تفاصيل الحدث:

كانت غزاة الحاجِبِ بدرِ بنِ أحمد إلى دار الحرب، وهي غزاة مطونية -مدينة بالأندلس-. وكان أميرُ المؤمنين الناصر لَمَّا اتَّصل به تطاوُلُ المشركينَ على من كان بإزائِهم من أهل الثغور بامتناعِ الصَّوائِفِ عن غزوهم، والإيغالِ في بلادهم بالحرب؛ أحفَظَه ذلك، وأذكى عَزْمَه، وأكَّدَ بصيرته في مجاهدةِ أعداء الله وأعداءِ دينه في هذا العام، فأمر بالاحتفال في الحَشدِ وجَمعِ الرجالِ والتكثيرِ مِن الأجناد والفرسان الأبطال. وعَهِدَ إلى حاجبه بالغزو بنفسِه في الصائفة. ونَفَذت كتبُه إلى أهل الأطراف والثغور بالخروجِ إلى أعداء الله، والدُّخول في معسكره، والجِدِّ في نكاية أهل الكفر، والإيقاعِ بهم في أواسط بلادِهم، ومُجتَمَع نصرانيَّتِهم. ففصل الحاجِبُ بالجيوشِ يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرَّم، وانثالت إليه العساكِرُ مِن كلِّ جهة في ثغور المسلمين، ودخل بهم دارَ الحرب، وقد احتشد المشركونَ، وتجمَّعوا من أقاصي بلادهم، واعتَصَموا بأمنَعِ جبالهم، فنازلهم الحاجبُ بدر بن أحمد بأولياءِ الله وأنصارِ دينِه، فكانت له على أعداءِ الله وقائِعُ اشتَفَت فيها صدورُ المسلمين، وانتَصَروا على أعداءِ الله المشركين. وقُتل في هذه الغزاةِ مِن حُماتهم وأبطالِهم، وصُلاةِ الحُروبِ منهم، جملةٌ عظيمةٌ لا يأخذها عدٌّ، ولا يحيطُ بها وصفٌ. وكان الفتحُ يوم الخميس لثلاثٍ خلون من ربيع الأول ويوم السبت لخمس خلون من ربيع الأول، في معاركَ جليلة، لم يكن أعظَمُ منها صنعًا، ولا أكثَرُ من أعداء الله قتيلًا وأسيرًا. وورد الكتاب بذلك على أمير المؤمنين النَّاصرِ يومَ الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول؛ فأكثَرَ مِن شُكرِ الله عز وجل على ما منَّ به، وفتحَ فيه.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

لمَّا نَقضَتْ قُريشٌ ومَن معها العهدَ الذين الذي بينهم وبين المسلمين في الحُديبيةِ عزَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المَسيرِ إليهم، أمَر النَّاسَ بالجِهازِ وأَعلمَهُم أنَّه سائِرٌ لمكَّةَ، وقال: (اللَّهمَّ خُذِ العُيونَ والأَخبارَ عن قُريشٍ حتَّى نَبْغَتَها في بِلادِها). وزِيادةٌ في الإخفاءِ والتَّعمِيَةِ بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً قَوامُها ثَمانيةُ رِجالٍ، تحت قِيادةِ أبي قَتادةَ بنِ رِبْعِيٍّ، إلى بَطْنِ إِضَمٍ، فيما بين ذي خَشَبٍ وذي المَروَةِ، على ثلاثةِ بُرُدٍ مِنَ المدينةِ، في أوَّلِ هذا الشَّهرِ الكريمِ؛ لِيَظُنَّ الظَّانُ أنَّه صلى الله عليه وسلم يتَوَجَّهُ إلى تلك النَّاحيةِ، ولِتذهَبَ بذلك الأَخبارُ، وواصلت هذه السَّرِيَّةُ سَيْرَها حتَّى إذا وصلت حيثما أُمِرَتْ بلَغها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خرَج إلى مكَّةَ، فسارت إليه حتَّى لَحِقْتُه.

العام الهجري : 308 العام الميلادي : 920
تفاصيل الحدث:

كان الأميرُ الناصر غزا إلى دار الحرب، وهي غزاة مويش، والحشودُ والعساكر تتلاحَقُ به من سائر أقطار الأندلس، وجميع جهاتها، ونزل على مدينةِ طُلَيطلة، وخرج إليه لبُّ بن الطربيشة صاحِبُها، مبادرًا إليه، وغازيًا معه، وكان يظهر طاعةً تحتها معصيةٌ، حتى نزل بمدينة الفرج، فنظر لأهلها، وخرج للجهاد أكثَرُهم، حتى احتَلَّ بثغر مدينة سالم، وأظهَرَ التوجه إلى الثغر الأقصى. وقَدِمَت المُقَدِّمة نحوه. ثم عرجَ بالجيوش إلى طريقِ آلية والقلاع، وطوى من نهارِه ثلاث مراحل، حتى احتَلَّ بوادي دوبر؛ فاضطربت العساكر فيه، وباتت عليه. ثم أخرج صباحَ تلك الليلة سعيد بن المنذر الوزير، في جرائد الخيل وسرعان الفرسان، إلى حصن وخشمة؛ فأغذَّ السيرَ حتى قَرُب من الحصن، وسرَّحَ الخيل المُغيرة يَمنة ويَسرة، والمشركون في سكونٍ وغفلة؛ إذ كان العِلجُ الذي يلي أمورَهم قد كاتبَ النَّاصِرَ مكايدًا له في إزاحته عن بلدِه بمواعيدَ وعدها من نفسه، فأظهر الناصر قَبولَ ذلك منهم، وأضمَرَ الكيد بهم، فغشيتهم الخيلُ المُغيرةُ على حينِ غَفلةٍ، وأصابوا نَعَمهم وسوامَهم ودوابَّهم مُسرحةً مُهملةً؛ فاكتسحوا جميع ذلك، وانصرفوا إلى العسكرِ سالمين غانمين. فلما كان في صباحِ يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من صفر، اندفعت الخيلُ إلى حصن وخشمة، ففر عنه الكفرة، وأخلوه، ولاذوا بالغياض الأشبة –المواضعُ التي يكثُرُ فيه الشجرُ ويلتفُّ-، والصخور المنقطعة. ودخل المسلمون الحِصنَ، وغنموا جميعَ ما فيه وأضرموه نارًا. ثم رحل عنها في اليومِ الثاني إلى حصن قاشتر مورش، وهي شنت أشتبين، بيضة المفرة وقاعدتُهم، فخرجوا هاربين عنه، فدخله المسلمون وغنموا جميعَ ما فيه، وخَرَّبوا حِصنَ القبيلة المجاور له، ولم يترك لأعداء اللهِ في تلك الجهة نعمةً يأوونَ إليها، واضطرب العسكرُ بشرقي حصن قاشتر مورش. وبات المسلمونَ ليلة الأحد بأسرِّ ليلة كانوا بها، والحمدُ لله. ثم انتقل الناصر في صبيحة اليوم الثاني من مكانِ المُضطَّرَب شرقيَّ الحصن إلى غربيِّه، ولم يكن بين الموضعين إلا قدرُ ميل، فكسر العسكرُ في ذلك المكانِ يوم الأحد متقصيًا لآثار الكفرة، ومستبيحًا لنَعَمِهم. ثم ارتحل إلى مدينةٍ لهم أولية تعرف بقلونية، وكانت من أمهَّات مُدُنِهم، فلم تمرَّ الجيوش إليها إلَّا على قرًى منتظمة وعمارة بسيطة، فغَنِمَت جميع ما كان بها، وقتلت من أدرَكَت فيها، حتى أوفت العساكِر على المدينة، فأُلقِيَت خالية، قد شُرِّدَ عنها أهلُها إلى الجبالِ المجاورة لهم، فغنم المسلمون جميعَ ما أصابوا فيها، وعَمِلَت الأيدي في تخريبِ ديارِها وكنائسها، وكسر الناصر عليها ثلاثةَ أيَّام، مطاولًا لنكايةِ المُشرِكين، وانتساف نَعَمِهم. ثم ارتحل من مدينة قلونية يوم السبت لخمس بقينَ من صفر إلى ثغر تطيلة، لغِياثِ صريخِ المسلمين به، إذ كان العِلجُ شانجه قد ضايقهم، وتردَّد بكَفَرته عليهم، ثم احتَلَّ الناصر حوز تطيلة ثم قدَّم الخيل مع محمَّد بن لبّ عاملها إلى حصن قلهرة الذي كان اتَّخذه شانجه على أهلها. فلما قصَدَته الخيلُ أخلاه مَن كان فيه، وضَبَطه المسلمون. ثم نهض الناصر إلى حِصن قلهرة. وكان شانجة قد اتخذه معقِلًا، وتبوَّأه مسكنًا. فلما فجَأته العساكِرُ أخلاه العِلجُ، وزال عنه؛ فغَنِمَه المسلمون بأسرِه، ثم رحل بالجيوشِ يوم الأحد لأربعٍ خَلَون من ربيع الأول إلى دي شره، وأجاز إليها وادي إبره، فخرج شائجة من حصن أرنيط في جموعه وكفَرَته، متعرضًا لمن كان في مُقدِّمة العسكر، فتبادر إليه شُجعان الرِّجال، تبادر رشق النبال، فانهزم الكفرة، وركِبَتْهم الخيلُ، تقتل وتجرَحُ، حتى توارَوا في الجبال، ولاذُوا بالشعاب وأيقنوا بالدمارِ والهلاك. وحِيزَ كثيرٌ من رؤوسِ المشركين؛ فتلقوا بها الناصر، ولا علم عنده بالمعركةِ التي دارت بينهم وبين أعداء الله. واضطرب العسكرُ بهذا الموضع، وبات المسلمون ظاهرينَ على عَدُوِّهم، ومنبسطين في قُراهم ومزارعهم، وورد الخبرُ على الناصر باجتماع العِلجَينِ أرذون وشانجة، واستمداد بعضِهما ببعض، طامعينِ في اعتراضِ المقَدِّمة، أو انتهاز فرصة في السَّاقة. فأمر الناصرُ بتعبئة العساكر، وضبْطِ أطرافِها، ثم نهض بها موغِلًا في بلاد الكَفَرة، فتطلَّلوا على كُدًى مشرفةٍ وجبالٍ منيعة؛ ثم تعرضوا من كان في أطرافِ الجيش، وجعلوا يتصايحون، ويولوِلون لِيُضعِفوا من قلوب المسلمين، فعهد الناصر بالنزولِ والاضطراب وإقامةِ الأبنية. ثم تبادر الناسُ إلى محاربة الكفرة، وقد أسهلوا من تلك الجبالِ، فواضعوهم القتالَ، واقتحم عليهم حتى انهزم المشركونَ، والمسلمون على آثارِهم، يقتلون من أدركوا منهم، حتى حجز الظَّلامُ بينهم، ولجأ عند الهزيمةِ ما يزيد على ألفٍ مِن العلوج إلى حصن مويش، ورجوا التمنُّع فيه. فأمر الناصرُ بتقديم المظل وأبنية العسكرِ إلى الحصن، فأحيط به من جميعِ جِهاتِه، وحُوربوا داخِلَه حتى تغلَّب عليه، واستخرج جميعَ العُلوج منه، وقُدِّموا إلى الناصر، فضُرِبَت رقابُ جميعهم بين يديه، وأصيب في الحصنِ والمحلة التي كانت للكَفَرة بقربه من الأمتعةِ والأبنية والحِليةِ المُتقَنة والآنية ما لا يحصى كثرةً، وأصيب لهم نحوُ ألف وثلاثمائة فرس، ثم انتقل الناصرُ يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول إلى حصنٍ كان اتَّخذه شانجة على أهل بقيرة فألقاه خاليًا، قد فرَّ عنه أهلُه، فعَهِدَ بهَدمِه، ولم يبرح الناصرُ مِن محلَّتِه هذه حتى نُقِلَ إلى حصنِ بقيرة من أطعمة الكَفَرة ألفُ مُدٍّ تقويةً لأهله. ثم انتقل إلى حصونِ المُسلمين يسكِّنُها وينظر في مصالحِ أهلها، فكلما ألفى بقربها مَعقلًا للمشركين، هدمه وأحرق بسيطَه، حتى اتصل الحريقُ في بلاد المشركين عشرةَ أميال في مثلها. واجتمع عند الناس من الأطعمةِ والخيرات ما عجزوا عن حَملِه، ولم يجدوا لها ثمنًا تباع به، وقفل الناصر يوم الثلاثاء. لثلاثٍ بقين من ربيع الأول، حتى انتهى إلى مدينة أنتيشة؛ وبعث إلى قرطبةَ مِن رؤوس الكَفَرة التي أصيبت في المعارك المذكورة أعدادًا عظيمة، حتى لقد عجَزَت الدواب عن استيفاءِ حَملِها. ودخل الناصرُ القصر بقرطبة يوم الخميس الثالث عشر من ربيع الآخر، وقد استكمل في غزاتِه هذه تسعين يومًا.

العام الهجري : 618 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1221
تفاصيل الحدث:

لما مات أمير مكة قتادة، وملك بعده ابنه الحسن، وكان له ابن آخر اسمه راجح، مقيم في العرب بظاهر مكة، يُفسِد وينازع أخاه في ملك مكة، فلما سار حاج العراق كان الأمير عليهم مملوكًا من مماليك الخليفة الناصر لدين الله اسمه أقباش، وكان حسن السيرة مع الحاج في الطريق، كثير الحماية، فقصده راجح بن قتادة، وبذل له وللخليفة مالًا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك، ووصلوا مكة، ونزلوا بالزاهر، وتقدم أقباش إلى مكة مقاتلًا لصاحِبِها الحسن، وكان الحسَنُ قد جمع جموعًا كثيرة من العرب وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله، وتقدم أميرُ الحاج من بين يدي عسكره منفردًا، وصعد الجبل إدلالًا بنفسِه، وأنه لا يقدم أحدٌ عليه، فأحاط به أصحابُ الحسن، وقتلوه، وعلقوا رأسه، فانهزم عسكر أمير المؤمنين، وأحاط أصحابُ الحسن بالحاجِّ لينهبوهم، فأرسل إليهم الحسنُ عمامته أمانًا للحُجَّاج، فعاد أصحابه ولم ينهبوا منهم شيئًا وسكن النَّاسُ، وأذِنَ لهم الحسن في دخول مكة وفِعْل ما يريدونه من الحج والبيع وغير ذلك، وأقاموا بمكَّةَ عشرة أيام، وعادوا، فوصلوا إلى العراق سالمين، وعظُمَ الأمر على الخليفة، فوصلت رسل الحسنِ يعتذرون، ويطلبون العفوَ عنه، فأجيبَ إلى ذلك.

العام الهجري : 233 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 847
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافِظُ الجَهبَذُ، شيخُ المحَدِّثين، أبو زكريَّا يحيى بن مَعِينِ بنِ عون بن زياد بن بسطام. الغطفانيُّ, ثم المُرِّي مولاهم البغدادي. ولد سنة ثمان وخمسينَ ومائة. أحدُ أعلامِ أئمَّة الحديثِ، سيِّدُ الحفَّاظِ، إمامُ عَصرِه بالجَرح ِوالتَّعديلِ، وإليه المنتهى والمرجِعُ بذلك، وقال الإمام أحمد: "كلُّ حديثٍ لا يَعرِفُه يحيى، فليس بحديثٍ"، له كتابٌ في العِلَلِ، وكتابٌ في الجَرحِ والتعديل، توفِّيَ بالمدينةِ وغُسِّلَ على الأعوادِ التي غسِّلَ عليها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ونادى منادٍ في جنازتِه: هذا الذي كان يذُبُّ الكَذِبَ عن رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ودُفِنَ في البقيعِ- رحمه الله تعالى، وجزاه عن الإسلامِ والمُسلِمينَ خَيرًا.

العام الهجري : 402 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1011
تفاصيل الحدث:

كان مَلِكُ قصدار قد صالحَ يَمينَ الدَّولةِ محمودَ سبكتكين على مالٍ يُؤدِّيه إليه، ثمَّ قطَعَه اغتِرارًا بحَصانةِ بَلَدِه، وكَثرةِ المضايِقِ في الطريقِ، واحتمى بايلك الخان، وكان يمينُ الدَّولة يريدُ قَصْدَها، فيتَّقي ناحيةَ إيلك الخان، فلمَّا فَسَدَ ذاتُ بينهما صَمَّمَ العزمَ وقَصَدَها وتجَهَّزَ، وأظهَرَ أنَّه يريدُ هَراةَ، فسار مِن غزنةَ في جمادى الأولى، فلمَّا استَقَلَّ على الطريقِ، سار نحو قصدار، فسبَقَ خَبَرُه، وقطَعَ تلك المضايقَ والجبَل، فلم يشعُرْ صاحِبُها إلَّا وعسكَرُ يمينِ الدَّولة قد أحاط به ليلًا، فطلب الأمانَ فأجابه وأخَذَ منه المالَ الذي كان قد اجتمَعَ عنده، وأقَرَّه على ولايتِه وعاد.

العام الهجري : 422 العام الميلادي : 1030
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ الظَّاهِرُ حاكِمُ مِصرَ العُبَيديُّ إلى الشَّامِ الدزبريَّ وزيرَه، فملَّكه، وقَصَد حسَّانَ بنَ المفرج الطائي، فألحَّ في طلَبِه، فهَرَب منه، ودخل بلدَ الرُّومِ ولَبِسَ خِلعةَ مَلِكِهم، وخرج مِن عِندِه وعلى رأسِه عَلَمٌ فيه صليبٌ، ومعه عسكَرٌ كثيرٌ، فسار إلى أفامية فكَبَسَها، وغَنِمَ ما فيها، وسبى أهلَها، وأسَرَهم، وسيَّرَ الدزبري إلى البلادِ يستنفِرُ النَّاسَ للغزو وخرج فخافه نصرُ بن صالح وقَرَّرَ لِمَلِك الرومِ على نفسِه خَمسَمِئَة ألف درهم، صرف ستين درهمًا بدينار، على أن يحميَه، وذلك في جُمادى الأولى؛ فاتَّفَقَ مَرَضُ الدزبري بدمشق، وأُرجِفَ به، ثم عوفيَ.

العام الهجري : 570 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1175
تفاصيل الحدث:

أثناءَ حِصار صلاحِ الدين الأيوبي لحَلَب بلَغَه مسيرُ الفرنجِ إلى حمص وتجهُّزُهم لِقَصدِها، فرحل عن حَلَب إلى حماة، فوصله ثامِنَ رَجَب، بعد نزول الفرنجِ على حمص بيومٍ، ثم رحل إلى الرستن، فلمَّا سَمِعَ الفرنجُ بقُربِه رَحَلوا عن حمص، ووصل صلاحُ الدين إليها، فحصر القلعةَ إلى أن ملكها في الحادي والعشرين من شعبان، فصار أكثَرُ الشام بيده، ولَمَّا ملك حمص سار منها إلى بعلبك، وبها خادِمٌ اسمه يمن، وهو والٍ عليها من أيام نورِ الدين محمود، فحصرها صلاحُ الدين، فأرسل يمن يطلبُ الأمان له ولمن عنده، فأمَّنَهم صلاحُ الدين، وسُلِّمَ القلعة رابع شهر رمضان.

العام الهجري : 664 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1266
تفاصيل الحدث:

اهتم السلطانُ الظاهر بيبرس بأمر صفد، وأحضر العساكِرَ المجردة، ورحَّل الأمير بكتاش الفخري أميرَ سلاح بالدهليز السلطاني ونزل على صفد، وتبعه الأميرُ البندقدار والأميرُ عز الدين أوغان في جماعة، وحاصروها، هذا والسلطانُ مقيم على عكا حتى وافته العساكرُ، وعمل عدةَ مجانيقَ، ثم رحل والعساكِرُ لابسة، وساق إلى قربِ باب عكا، ووقفَ على تل الفضول، ثم سار إلى عين جالوت، ونزل على صفد يوم الاثنين ثامن شهر رمضان وحاصرها، فقدم عليه رسول متملك صور ورسل الفداوية، ورسول صاحب بيروت ورسول صاحب يافا، ورسل صاحب صهيون، وصار السلطان يباشر الحصارَ بنَفسِه، وقَدِمَت المجانيق من دمشق إلى جسر يعقوب وهو منزلة من صفد ثم نصبت المجانيقُ فرمي بها في السادس عشر، وصار السلطان يلازم الوقوف عندها وهي ترمي، وأتت العساكِرُ من مصر والشام، فنزلوا على منازلهم وفي ثاني يوم عيد الفطر: وقع الزحفُ على صفد، ودفع الزراقون النفطَ، ووعد السلطان الحجَّارين أنه من أخذ أول حجر كان له مائة دينار، وكذلك الثاني والثالث إلى العشرة، وأمر حاشيته بألا يشتغلوا بخدمته، فكان بين الفريقين قتال عظيم استُشهِدَ فيه جماعة، وكان الواحد من المسلمين إذا قُتِلَ جَرَّه رفيقه ووقف موضِعَه، وتكاثرت النقوبُ ودخل النقَّابون إليها، ودخل السلطانُ معهم، وبذل السلطانُ في هذا اليوم من المال والخِلَع كثيرًا، ونصب خيمةً فيها حكماء وجرائحية وأشربة ومآكل، فصار من يُجرَحُ من العُربان والفقهاء والفقراء وغيرهم يُحضَرُ إليها، وفي ثامنه: كانت بين الفريقين أيضًا مَقاتِلُ، وفي ليلة الرابع عشر: اشتد الزحف من الليل إلى وقت القائلة، فتفرق الناس من شدة التعب، فغضب السلطانُ من ذلك وأمر خواصَّه بالسَّوقِ إلى الصاواوين وإقامة الأمراء والأجداد بالدبابيس، وقال المسلمون على هذه الصورة، وأنتم تستريحون!! فأقيموا، وقبَضَ السلطان على نيف وأربعين أميرًا، وقيَّدَهم وسجَنَهم بالزردخاناه-خزانة السلاح-، ثم شفع فيهم فأطلَقَهم وأمرهم بملازمةِ مواضِعِهم، وضُرِبَت الطبلخاناه- الطبول والأبواق- واشتد الأمر إلى أن طلب الفرنجُ الأمان، فأمَّنَهم السلطان على ألا يخرجوا بسلاحٍ ولا لَأْمةِ حَربٍ ولا شيءٍ مِن الفضيات، ولا يُتلِفوا شيئًا من ذخائر القلعة بنارٍ ولا هدم، وأن يُفتَّشوا عند خروجهم، فإن وُجِدَ مع أحد منهم شيء من ذلك انتقَضَ العهد، ولم تزل الرسُلُ تتردد بينهم إلى يوم الجمعة الثامن عشر، ثم طلعت السناجق –رماح- الإسلاميَّة، وكان لطلوعها ساعةٌ مشهودة، هذا والسلطان راكِبٌ على باب صفد حتى نزل الفرنجُ كُلُّهم، ووقفوا بين يديه فرسم بتفتيشِهم، فوجد معهم ما يناقض الأمانَ من السلاح والفضيات، ووجد معهم عِدَّةً من أسرى مسلمين أخرجوهم على أنهم نصارى، فأخذ ما وجد معهم وأُنزِلوا عن خيولهم، وجُعِلوا في خيمةٍ ومعهم من يحفظهم، وتسَلَّمَ المسلمون صفد، وولى السلطانُ قلعَتَها الأميرَ مجد الدين الطوري، وجعل الأميرَ عز الدين العلائي نائب صفد، فلما أصبح حضر إليه النَّاسُ، فشكر اجتهادَهم واعتذر إليهم مما كان منه إلى بعضِهم، وإنه ما قصَدَ إلَّا حَثَّهم على هذا الفتح العظيم، وقال: من هذا الوقتِ نتحالَلُ، وأمَرَهم فركبوا، وأُحضِرَت خيالة الفرنج وجمعٌ من صفد، فضُرِبَت أعناقهم على تل قرب صفد حتى لم يبق منهم سوى نفرينِ، أحدهما الرسول، فإنه اختار أن يقيمَ عند السلطان ويُسلِم، فأسلم وأقطَعَه السلطانُ إقطاعًا وقَرَّبَه، والآخَرُ تُرِكَ حتى يخبِرَ الفرنج ممَّا شاهده، وصَعِدَ السلطانُ إلى قلعة صفد، وفَرَّق على الأمراء العُدَد الفرنجية والجواري والمماليك، ونَقَل إليها زردخاناه من عنده، وحمل السلطانُ على كتفه من السلاح إلى داخل القلعة، فتشَبَّه به الناس ونقلوا الزردخاناه في ساعةٍ واحدة، واستدعى السلطانُ الرجال من دمشق للإقامةِ بصفد، وقرر نفقةَ رجال القلعة في الشهرِ مبلغ ثمانين ألف درهم نقرةً واستخدم على سائر بلاد صفد، وعَمِلَ بها جامعًا في القلعة وجامعًا بالربض ووقفَ على المجنون نصف وربع الحباب، وللربع الآخر على الشيخ إلياس، ووقف قريةً منها على قبر خالد بن الوليد بحمص، وفي السابع عشر: رحل السلطان من صفد إلى دمشق.

العام الهجري : 1380 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1961
تفاصيل الحدث:

اتَّسَعت أعمالُ إدارة المعارف بعد وفاة الملك عبد العزيز فجُعِلت وزارةً كسائر وزارات الدولة، وتولاها الأميرُ فهد بن عبد العزيز، وفي عهده أُنشِئَت جامعة الرياض، ثم تولى الوَزارةَ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ثم تولاها أخوه حسن بن عبد الله آل الشيخ الذي توسَّع نطاقُ جامِعة الرياض في عَهدِه، فشَمِلَت كليَّات العلوم والصيدلة والآداب والتجارة والزراعة، ثم الهندسة، وأُنشِئَت جامعة الملك عبد العزيز الأهلية في جُدة، والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

أَغار عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ -في بني عبدِ الله بنِ غَطَفانَ- على لِقاحِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التي بالغابةِ، فاسْتاقَها وقتَل راعيَها، وهو رجلٌ مِن غِفارٍ، وأخذوا امْرأتَهُ، فكان أوَّلَ مَن نذَر بهم سَلمةُ بنُ عَمرِو بنِ الأَكْوَعِ الأَسلميُّ رضي الله عنه، يقول سَلمةُ: خَرجتُ قبلَ أن يُؤذَّنَ بالأولى، وكانت لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَرعى بِذي قَرَدٍ، قال: فلَقِيَني غُلامٌ لِعبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ فقال: أُخِذَتْ لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فقُلتُ: مَن أخَذها؟ قال: غَطَفانُ. قال: فصَرختُ ثلاثَ صَرخاتٍ، يا صَباحاهُ. قال: فأَسمَعتُ ما بين لابَتَيِ المدينةِ، ثمَّ اندَفعتُ على وجهي حتَّى أدركتُهم بِذي قَرَدٍ، وقد أخَذوا يَسقون مِنَ الماءِ، فجَعلتُ أَرميهِم بِنَبْلي، وكنتُ راميًا، وأقولُ: أنا ابنُ الأكوعِ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ، فأَرتَجِز حتَّى اسْتنقَذتُ اللِّقاحَ منهم، واسْتلَبتُ منهم ثلاثين بُردةً، قال: وجاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم والنَّاسُ، فقلتُ: يا نَبيَّ الله، إنِّي قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ وهُم عِطاشٌ، فابعثْ إليهم السَّاعةَ. فقال: «يا ابنَ الأَكوعِ مَلَكْتَ فأَسْجِحْ». ثمَّ قال: «إنَّهم الآنَ ليُقْرَوْنَ في غَطَفانَ». وذهَب الصَّريخُ بالمدينةِ إلى بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، فَجاءتِ الأَمدادُ ولم تَزلْ الخيلُ تأتي، والرِّجالُ على أَقدامِهم وعلى الإبلِ حتَّى انْتَهَوْا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بِذي قَرَدٍ. وبلغ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ماءً يُقالُ له: ذو قَرَدٍ. فنحَر لِقْحَةً ممَّا اسْتَرجَع، وأقام هناك يومًا وليلةً، ثمَّ رجَع إلى المدينةِ. وقُتِلَ في هذه الغَزوةِ الأَخْرَمُ، وهو مُحْرِزُ بنُ نَضْلَةَ رضي الله عنه، قتَلهُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُيينةَ، وتَحوَّل على فَرسِه، فحمَل عليه أبو قَتادةَ فقَتلهُ، واسْتَرجَع الفَرسَ، وكانت لِمحمودِ بنِ مَسلمةَ، وأَقبلتِ المرأةُ المَأسورةُ على ناقةٍ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقد نَذرتْ: إنِ الله أَنجاها عليها لَتَنْحَرَنَّها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بِئسَ ما جَزَتْها، لا نذرَ لابنِ آدمَ فيما لا يَملِك، ولا في مَعصيةٍ. وأخَذ ناقتَهُ. وقد رَوى مُسلمٌ في صَحيحِه عن سَلمةَ بنِ الأَكوعِ في هذه القِصَّةِ قال: فرجَعنا إلى المدينةِ، فلم نَلبثْ إلَّا ثلاثَ ليالٍ، حتَّى خرَجنا إلى خَيبرَ.

العام الهجري : 1352 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1933
تفاصيل الحدث:

أمَرَ الملِكُ عبد العزيز بوضعِ نظامٍ لتولية العرش مِن بعدِه، فانعقد مجلِسَا الوكلاء والشورى، وأبرمَا قرارًا في 16 محرم 1352هـ الموافق 11/ 5 / 1933م بمبايعةِ كبير أبنائه الأمير سعود وليًّا للعهد،ثم أبرق الملِكُ على الأثرِ إلى سعود برقيةً جاء فيه: " تفهَمُ أنَّنا نحن والناس جميعًا ما نُعِز أحدًا ولا نذِلُّ أحدًا، وإنما المعِزُّ والمذِلُّ اللهُ هو سبحانه وتعالى، ومن التجأ إليه نجا، ومن اغتَرَّ بغيره عياذَ اللهِ وقع وهلك، موقِفُك اليومَ غيرُ موقفك بالأمس؛ ينبغي أن تعقِدَ نيَّتَك على ثلاثةِ أمور: أولًا/ نية صالحة، وعزمٌ على أن تكونَ حياتُك وديدنك إعلاءَ كلمة التوحيد، ونصر دين الله، وينبغي أن تتَّخِذَ لنفسِك أوقاتًا خاصة لعبادة الله والتضَرُّع بين يديه في أوقات فراغك. تعبَّدْ إلى الله في الرخاء تجِدْه في الشدة، وعليك بالحرصِ على الأمر بالمعروف، والنهيِ عن المنكر، وأن يكون ذلك كلُّه على برهانٍ وبصيرة في الأمر، وصِدقٍ في العزيمة، ولا يصلُحُ مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدقُ، وإلا العَمَلُ الخفيُّ الذي بين المرء وربه. ثانيًا/ عليك أن تجِدَّ وتجتهِدَ في النظر في شؤون الذين سيولِّيك الله أمْرَهم بالنصحِ سرًّا وعلانيةً، والعدلِ في المحبِّ والمُبغَض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل، والقيام بخدمتها باطنًا وظاهرًا، وينبغي ألَّا تأخُذَك في الله لومة لائم. ثالثًا/ عليك أن تنظُرَ في أمر المسلمين عامةً، وفي أمر أسرتِك خاصةً، اجعل كبيرَهم والدًا، ومتوسِّطَهم أخًا، وصغيرهم ولدًا، وهنْ نفسَك لرضاهم، وامحُ زلَّتَهم، وأقِل عَثرتَهم، وانصح لهم، واقضِ لوازِمَهم بقدر إمكانك، فإذا فهمت وصيتي هذه، ولازمت الصدق والإخلاص في العمل؛ فأبشر بالخير، وأوصيك بعلماء المسلمين خيرًا. احرص على توقيرِهم ومجالستِهم، وأخذِ نصيحتِهم. واحرِصْ على تعليم العِلمِ؛ لأنَّ الناس ليسوا بشيءٍ إلَّا بالله ثم بالعلم ومعرفة هذه العقيدة. احفَظِ الله يحفظك. هذه مقدمة نصيحتي إليك، والباقي يصلك إن شاء الله في غير هذا". 

العام الهجري : 566 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1171
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ، المستنجد بالله، أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بن المقتدي العباسي. أمُّه كرجية اسمُها طاووس. عقد له أبوه بولاية العهد في سنة سبع وأربعين، وعمره يومئذ تسع وعشرون سنة. فلما احتُضِر المقتفي، رام طائفة عزل المستنجد، وبعثت حَظِيَّة المقتفي أم علي إلى الأمراء تعدهم وتمنيهم؛ ليبايعوا ابنَها علي بن المقتفي. قالوا: كيف هذا مع وجود ولي العهدِ يوسف؟ فقالت أنا أكفيكموه، فدبرت مؤامرة للتخلص من يوسف الذي اكتشف الأمر فاعتقلها وابنها علي، وثَبَت الأمرُ له، وتلقب بالمستنجد بالله. كان يقولُ الشعر، ونقش على خاتمه: من أحَبَّ نفسه عَمِلَ لها. كانت خلافته إحدى عشرة سنة وشهرًا وستة أيام، وصُلِّي عليه يوم الأحد قبل الظهر، ودُفن بدار الخلافة، ثمَّ نُقِل إلى التربة من الرصافة، وكان سببُ موته أنه مرض واشتد مرضه، وكان قد خافه أستاذ الدار عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء، وقطب الدين قايماز المقتفوي، وهو حينئذ أكبَرُ أمير ببغداد، فلما اشتد مرض الخليفة اتفقا، ووضعا الطبيبَ على أن يصِفَ له ما يؤذيه، فوصف له دخولَ الحمام، فامتنع لضَعفِه، ثم إنه دخل وأغلق الباب عليه فمات، وقيل إنَّ الخليفة كتب إلى وزيره مع طبيبه ابن صفية يأمُرُه بالقبض على أستاذ الدار وقطب الدين وصَلْبِهما، فاجتمع ابن صفية بأستاذ الدار، وأعطاه خط الخليفة، فقال له: تعود وتقول إنني أوصلت الخطَّ إلى الوزير، ففعل ذلك، وأحضر أستاذ الدار قطب الدين ويزدن وأخاه تنامش، وعرض الخط عليهم، فاتفقوا على قتل الخليفة، فدخل إليه يزدن وقايماز الحميدي، فحملاه إلى الحمام وهو يستغيث وألقياه، وأغلقا الباب عليه وهو يصيح إلى أن مات، ثم بعد وفاة المستنجد، أحضرَ هو وقطب الدين ابنه أبا محمد الحسن، وبايعاه بالخلافة، ولقباه المستضيء بأمر الله، وشرطا عليه شروطًا: أن يكون عضدُ الدين وزيرًا، وابنُه كمال الدين أستاذ الدار، وقطب الدين أمير العسكر، فأجابهم إلى ذلك، ولم يتول الخلافة من اسمُه الحسنُ إلَّا الحسن بن علي بن أبي طالب، والمستضيء بأمر الله، فبايعه أهلُ بيته البيعةَ الخاصة يوم توفي أبوه، وبايعه الناسُ في الغد في التاج بيعةً عامة، ويُذكَرُ أن الخليفة المستنجد بالله كان من أحسن الخلفاء سيرةً مع الرعية، عادلًا فيهم، كثير الرفق بهم، وأطلق كثيرًا من المكوس، ولم يترك بالعراق منها شيئًا، وكان شديدًا على أهل العيثِ والفسادِ والسعاية بالناس.

العام الهجري : 209 العام الميلادي : 824
تفاصيل الحدث:

أظهرَ نَصرُ بنُ سيَّار بن شبث العقيلي الخِلافَ على المأمون سنة 198ه، وكان يسكن كيسوم، ناحية شماليَّ حَلَب، وكان في عنُقِه بيعةٌ للأمين، وله فيه هوًى، فلمَّا قُتِلَ الأمينُ أظهر نصرٌ الغضَبَ لذلك، وتغلَّبَ على ما جاوره من البلاد، وملك سميساط، واجتمع عليه خلقٌ كثيرٌ مِن الأعراب، وأهلِ الطمع، وقَوِيَت نفسُه، وعبَرَ الفُرات إلى الجانب الشرقي، وحدَّثَته نفسُه بالتغلُّب عليه، فلما رأى الناسُ ذلك منه كثُرَت جموعه وزادت عما كانت، فقَوِيَ أمرُه كثيرًا، فحاصره عبد الله بن طاهر بكيسوم، وضيَّقَ عليه، حتى طلب الأمانَ، فكتب ابنُ طاهر إلى المأمون يُعلِمُه بذلك، فأرسل إليه أن يكتُبَ له أمانًا عن أمير المؤمنين، فكتب له كتابَ أمانٍ فنزل فأمر عبدُ الله بتخريبِ المدينة التي كان متحصِّنًا بها، وذهبَ شَرُّه.