الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2638 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 1341 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1923
تفاصيل الحدث:

اعترفت إنجلترا باستقلال شرق الأردن، واحتفظت لنفسِها بالإشراف العسكريِّ، وبعضِ الإشرافِ الماليِّ عليه، والمعروف أنَّ هذا القسم كان تحت حكم ِالأمير عبد الله بن حسين بن شريف مكةَ، وفي 15 أيار أقيمَ حَفلٌ رَسميٌّ بمناسبة اعتراف بريطانيا باستقلالِ شرق الأردن، شارك فيه رجالاتُ الأردن وفلسطين، وأيضًا المندوب السامي البريطاني في فلسطين الصهيوني هربرت صموئيل، ومعه الجنرال كلايتون الذي يعمل في المكتب العربي في القاهرة، وكان له دورٌ كبير في عمليات الثورة العربية، وقد ألقى الأميرُ عبد الله خطبةً طويلة استهلَّها بمقدِّمة تاريخية عن مجد الأمة العربية، وما أصاب هذه الأمَّةَ بعد الدولة العباسية، ثم تحدَّث عن مفاوضاته مع جلالةِ ملك بريطانيا مُثمِّنًا اعتراف جلالته باستقلال هذا القِسمِ مِن المملكة العربية، وأن الحكومةَ ستشرع بتعديل قانون الانتخابات، ووضْعِ القانون الأساسيِّ لشرق الأردن، ثم شكر الأميرُ عبد الله كلَّ الذين ساهموا في إنجاز المعاهدة أو في خطوات الاستقلال، وإرساء قواعد الدولة، وخَصَّ بالشكر المندوبَ السامي في فلسطين الصهيوني هربرت صموئيل، وتناول فرنسا في حديثِه؛ حيث قال: "إني لآمُلُ أن يكونَ موقِفُ الدولة الفرنسية تجاهَ قضيتنا العربية المقدَّسة وتجاه القسم الشمالي الباقي من وطننا المحبوب آخِذًا بها إلى عهدٍ جديدٍ كافٍ للدَّلالةِ على احترامِ أبناء الثورة الفرنسية لحريةِ الأقوامِ واستقلالِها"

العام الهجري : 311 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 924
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ الحافظُ الحُجَّة الفقيهُ، شيخُ الإسلام، محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النَّيسابوري، الشافعي، الملقَّب بإمامِ الأئمَّة أبو بكر بنُ خُزيمة، صاحِبُ التصانيفِ. ولد: سنة 223. مولى مُحسِن بن مزاحم، عُنِيَ في حداثته بالحديثِ والفِقهِ، حتى صار يُضرَبُ به المثَلُ في سعة العلم والإتقان. كان بحرًا من بحور العِلمِ، طاف البلادَ ورحل إلى الآفاقِ في الحديثِ وطلب العلم، فكتب الكثيرَ وصَنَّف وجمع، وكتابُه الصحيحُ من أنفعِ الكُتُب وأجَلِّها، وهو من المجتهدينَ في دينِ الإسلام، حكى الشيخ أبو إسحاقَ الشيرازي في طبقاتِ الشافعية عنه أنه قال: "ما قلدتُ أحدًا منذ بلغت ستَّ عشرة سنةً".

العام الهجري : 514 العام الميلادي : 1120
تفاصيل الحدث:

كان دبيس بن صدقة صاحب الحلة بالعراق، فلما بلغه خبر انهزام الملك مسعود أمام أخيه محمود، ركب دبيس بنفسه إلى بغداد، ونصب خيمته بإزاء دار الخلافة، وأظهر ما في نفسه من الضغائن، وذكر كيف طِيفَ برأس أبيه في البلاد أيام السلطان محمد بعد قتله في المعركة سنة 501، فنهب البلاد وخربها، وفعل فيها الأفاعيل القبيحة, وتهدد المسترشد بالله، فأرسل إليه الخليفة يسكِّن جأشه ويَعِدُه أنه سيصلح بينه وبين السلطان محمود، إلى أن أتاه رسول السلطان محمود، وطَيَّب قلبه، فلم يلتفت، فلما قدم السلطان محمود بغداد أرسل دبيس يستأمن فأمنه وأجراه على عادته، ثم إنه نهب جسر السلطان، فركب السلطان بنفسه لقتال دبيس، واستصحب معه ألف سفينة ليعبُرَ فيها، فهرب دبيس والتجأ إلى إيلغازي فأقام عنده سنة، ثم عاد إلى الحلة، وأرسل إلى الخليفة والسلطان يعتذر إليهما مما كان منه، فلم يقبلا منه، وجهز إليه السلطان جيشًا فحاصره وضيق عليه قريبًا من سنة، وهو ممتنع في بلاده لا يقدر الجيشُ على الوصول إليه.

العام الهجري : 690 العام الميلادي : 1291
تفاصيل الحدث:

استهلَّت هذه السنةُ والخليفةُ بمصرَ الحاكمُ بأمر الله أبو العباس العباسي، وسلطانُ البلادِ المَلِكُ الأشرف صلاحُ الدين خليل بن المنصور قلاوون، ونائبُه بمصر وأعمالها بدر الدين بيدرا، ووزيرُه ابن السلعوس الصاحِبُ شمس الدين، ونائبه بالشام حسامُ الدين لاجين السلحداري المنصوري، وصاحِبُ اليمن الملِكُ المظفَّر شمس الدين يوسف بن المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول، وصاحِبُ مكة نجم الدين أبو نمي محمد بن إدريس بن علي بن قتادة الحسيني، وصاحبُ المدينة عز الدين جماز بن شيحة الحسيني، وصاحب الرومِ غياثُ الدين كيخسرو، وهو ابنُ ركن الدين قلج أرسلان السلجوقي، وصاحِبُ حماة تقي الدين محمود بن الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين محمد، وسلطانُ بلاد العراق وخراسان وتلك النواحي أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولو بن جنيكزخان. وجلال الدين فيروز الخلجي في الهند.

العام الهجري : 1207 العام الميلادي : 1792
تفاصيل الحدث:

لَمَّا بلغ أهلَ الأحساء هزيمةُ بني خالد في الشيط، وقع الرعب في قلوبهم وخافوا خوفًا عظيمًا، ثم سار الأمير سعود بجنوده ناحيةَ الأحساء فنزل الردينية الماء المعروف في الطف فأقام أيامًا وأتته المكاتبات مع رسل أهل الأحساء يدعونه إليهم ليبايعوه، فارتحل منها وسار إلى الأحساء ونزل عينَ النجم خارج البلدِ، فخرج إليه أهلُها وبايعوه على دين الله ورسولِه والسمع والطاعة, ثم دخل جيشُ سعود الأحساءَ فهَدَموا جميع ما فيه من القباب والمشاهِدِ التي على القبور، والمواضِعَ الشركية, ثم أقام سعود قريبًا من شهر رتَّب أئمة المساجِدِ وأمَرَهم بالمواظبة على الصلواتِ وإقامة الجُمَع والجماعات، ونادى بإبطال جميعِ المعاملات الرِّبوية وما خالف الشَّرعَ، ورتب الدروسَ وجعل فيهم علماءَ مِن قَومِه يعلِّمونهم التوحيد, وكان أهلُ الأحساء قد أبطنوا الغدرَ ونَقْضَ العهد، وقَتْلَ العلماء المعَلِّمة وأميرَهم وصاحِبَ بيت المال، وكانوا نحوًا من 30 رجلًا, فأجمعوا على ذلك فقتلوا أميرَهم محمد بن حملي، وقتلوا البقية وجرُّوهم في الأسواقِ، وفعلوا بهم أفعالًا قبيحةً, واستولى  زيدُ بن عريعر على الأحساءِ.

العام الهجري : 1223 العام الميلادي : 1808
تفاصيل الحدث:

بعث الإمامُ سعود سَريَّةً قليلة إلى عمان لتعَلِّمَ أهلها فرائض الدين والاطلاع على أحوالهم, فلما وصلوا هناك فغذا قيسُ بن أحمد المسمى ابن الإمام رئيس سحار وجميع باطنة عمان وابن أخيه سعيد بن سلطان رئيس مسقط ومعهم من الجنود نحو عشرة آلاف رجل سائرين على النواحي التي تليهم من رعية الإمام سعود، الذين كان يرأسُهم من جهة سعود سلطانُ بن صقر بن راشد صاحِبُ رأس الخيمة، فأرسل إلى من يليه من أهل عُمان، فاجتمع عنده نحو ثلاثة آلاف رجل, فالتقى الجمعان: جمعُ قيس وجمع سلطان عند خوير بين الباطنة ورأس الخيمة، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزم جمعُ قيس هزيمةً شنيعةً وقُتِلَ قيس وهلك من قومِه خَلقٌ كثير بين القتل والغرق في البحر, ثمَّ بعد هذه الوقعة أرسل ابن قيس إلى الإمام سعود وسلطان بن صقر، وطلبَ المبايعةَ على دين الله ورسوله والسمع والطاعة، وبايع على ذلك وبذل مالًا كثيرًا وشوكةً من الحرب, وصار جميعُ عمان تحت ولاية الإمام سعود

العام الهجري : 310 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 923
تفاصيل الحدث:

هو أبو جعفرٍ محمَّدُ بنُ يزيدَ بنِ كثير بن غالب الطَّبَري، صاحبُ التَّفسيرِ الكبيرِ, والتاريخِ الشَّهيرِ، كان إمامًا في فنون كثيرةٍ، منها: التفسير والحديث، والفقه والتاريخ، وغير ذلك، وله مُصنَّفات مَليحة في فنونٍ عديدة تدلُّ على سَعةِ عِلمِه وغزارةِ فَضلِه، وكان من الأئمَّة المجتَهِدين، لم يقَلِّدْ أحدًا مِن المجتَهِدين. مولِدُه سنة 224 بآمل طبرستان. أكثَرَ مِن التَّرحالِ، ولقي نُبلاءَ الرِّجالِ، وكان من أفراد الدَّهرِ عِلمًا وذكاءً وكثرةَ تصانيفَ، قلَّ أن ترى العيونُ مِثلَه. قال الذهبي: "كان ثقةً صادِقًا حافِظًا، رأسًا في التفسير، إمامًا في الفقه والإجماعِ والاختلاف، علَّامةً في التاريخِ وأيَّامِ النَّاسِ، عارِفًا بالقراءات وباللُّغة، وغير ذلك" قال أبو بكرٍ الخطيبُ: "كان أحدَ أئمَّةِ العُلَماءِ، يُحكَمُ بقَولِه، ويُرجَعُ إلى رأيِه؛ لِمَعرفتِه وفَضلِه، وكان قد جمعَ مِن العلوم ما لم يشارِكْه فيه أحدٌ مِن أهل عصره، وكان حافِظًا لكتابِ الله، عارفًا بالقراءاتِ، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكامِ القرآن، عالِمًا بالسُّنَن وطُرُقِها؛ صحيحِها وسَقيمِها، ناسِخِها ومَنسوخِها، عارفًا بأقاويلِ الصَّحابةِ والتابعين ومَن بعدَهم في الأحكامِ ومسائل الحلالِ والحرام، خبيرًا بأيَّامِ الناس وأخبارِهم، وله الكتابُ المشهور في تاريخِ الأُمَم والملوك، والكتابُ الذي في التفسيرِ لم يصنَّفْ مِثلُه، وله في أصولِ الفِقهِ وفُروعِه كتبٌ كثيرةٌ، وأخبارٌ مِن أقاويل الفقهاء، وتفرَّد بمسائل حُفِظَت عنه"، كان من العبادةِ والزَّهادةِ والوَرَع والقيامِ في الحَقِّ لا تأخذُه في ذلك لومةُ لائم، وكان حسَنَ الصَّوتِ بالقراءة مع المعرفةِ التَّامَّة بالقراءات على أحسَنِ الصِّفات، وكان من كبارِ الصَّالحينَ، يتعَفَّفُ عن قَبولِ أموال السلاطين والوزراء، وكان صاحِبَ هِمَّة عالية في الكتابةِ, قال الخطيب: "سمعتُ عليَّ بنَ عبيد الله اللُّغوي يحكي أنَّ محمَّدَ بنَ جرير مكث أربعينَ سَنةً يكتبُ في كلِّ يومٍ منها أربعينَ ورقةً". قال أبو محمد الفرغاني: " تمَّ مِن كتُبِ مُحمَّد بن جريرٍ كتابُ "التفسير" الذي لو ادَّعى عالمٌ أن يُصنِّفَ منه عشرةَ كُتُب، كلُّ كتابٍ منها يحتوي على عِلمٍ مُفَردٍ مُستقصًى، لفَعَلَ". وتمَّ مِن كُتُبِه كتاب "التاريخ" إلى عصرِه، وكتاب "تاريخ الرجال" من الصحابة والتابعين، وإلى شيوخه الذين لقِيَهم، وكتاب "لطيفُ القول في أحكام شرائع الإسلام" وهو مذهبه الذي اختاره وجَوَّده واحتَجَّ له، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا، وكتاب "القراءات والتنزيل والعدد"، وكتاب "اختلاف علماء الأمصار"، وكتاب "الخفيف في أحكام شرائع الإسلام" وهو مختصر لطيف، وكتاب "التبصير" وهو رسالةٌ إلى أهل طبرستان، يشرحُ فيها ما تقَلَّده من أصول الدين، وابتدأ بتصنيف كتاب "تهذيب الآثار" وهو من عجائِبِ كُتُبِه، ابتداءً بما أسنده الصِّدِّيقُ ممَّا صَحَّ عنده سنَدُه، وتكلَّمَ على كلِّ حديثٍ منه بعِلَلِه وطُرُقِه، ثمَّ فِقهِه، واختلافِ العُلَماءِ وحُجَجِهم، وما فيه من المعاني والغريبِ، والردِّ على المُلحِدينَ، فتَمَّ منه مُسنَدُ العَشَرةِ وأهلِ البيت والموالي، وبعضُ "مسند ابن عبَّاس"، فمات قبل تمامِه".وهو أحدُ المحَدِّثين الذي اجتَمَعوا في مصرَ في أيام ابنِ طولون، وهم محمَّد بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمة إمامُ الأئمَّة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمَّد بن هارون الروياني، ومحمد بن جريرٍ الطَّبري هذا. توفِّيَ ببغداد ودُفِنَ ليلًا بداره؛ لأنَّ العامَّة اجتمعت ومَنَعَت من دفنِه نهارًا، وادَّعوا عليه الرَّفضَ، ثمَّ ادَّعوا عليه الإلحادَ، وكان عليٌّ بن عيسى يقول: واللهِ لو سُئِل هؤلاء عن معنى الرَّفضِ والإلحادِ ما عَرَفوه، ولا فَهِموه"، وحُوشِيَ ذلك الإمامُ عن مثلِ هذه الأشياءِ، وأمَّا ما ذكره عن تعصُّبِ العامَّة، فليس الأمرُ كذلك، وإنَّما بعض الحنابلةِ تعصَّبوا عليه، ووقَعُوا فيه، فتَبِعَهم غيرُهم؛ ولذلك سبَبٌ، وهو أنَّ الطبريَّ جمع كتابًا ذكر فيه اختلافَ الفُقَهاءِ، لم يُصنَّفْ مِثلُه، ولم يَذكُرْ فيه أحمدَ بنَ حَنبَل، فقيل له في ذلك، فقال: لم يكُنْ فقيهًا، وإنَّما كان محدِّثًا، فاشتدَّ ذلك على الحنابلة، وكانوا لا يُحصَونَ كثرةً ببغداد، فشَغَّبوا عليه- رحمه الله رحمةً واسعة.

العام الهجري : 137 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 755
تفاصيل الحدث:

هو الأمير أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم بن عثمان بن يسار، بن شذوس بن جودرن من ولد بزرجمهر بن البختكان الخراساني الفارسي صاحب الدعوة، وهازم جيوش الدولة الأموية، والقائم بإنشاء الدولة العباسية. وقيل كان اسمه إبراهيم بن عثمان بن يسار غيره بطلب من الإمام إبراهيم بن محمد لمزيد من التخفي. قال الذهبي: "كان أبو مسلم من أكبر الملوك في الإسلام، كان ذا شأن عجيب، ونبأ غريب، من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان، ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام، ويعود بكتائب أمثال الجبال، ويقلب دولة، ويقيم دولة أخرى! كان قصيرا، أسمرا، جميلا، حلوا، نقي البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية، طويل الشعر، طويل الظهر، خافض الصوت، فصيحا بالعربية وبالفارسية، حلو المنطق، وكان لا يكاد يقطب في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الفادحة الشديدة، فلا يرى مكتئبا, وكان إذا غضب، لم يستفزه الغضب, وكان لا يأتي النساء في العام إلا مرة واحدة، يشير إلى شرف نفسه وتشاغلها بأعباء الملك". كان مولده بأصبهان سنة 100, وضعته أمه يتيما فنشأ عند عيسى بن معقل، فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب، فخرج أديباً لبيباً يشار إليه من صغره, وكان راوية للشعر، عارفا بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته. كان بدء أمر أبي مسلم أنه قدم الكوفة جماعة من نقباء العباسيين، فصادفوا أبا مسلم، فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم ثم عرف أمرهم وأنهم دعاة، ثم خرج معهم إلى مكة، فأهدوه للإمام إبراهيم بن محمد، فأُعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه، وقال لهم: هذا عضلة من العضل. وأقام أبو مسلم عند الإمام إبراهيم يخدمه حضراً وسفراً. ثم إن النقباء عادوا إلى الإمام إبراهيم وسألوه رجلاً يقوم بأمر خراسان، فقال: إني قد جربت هذا الأصبهاني وعرفت ظاهره وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم دعا أبا مسلم وكان عمره ثمان عشر سنة وقلده الأمر وأرسله إلى خراسان, فأخذ يدعو الناس إلى رجل من بني هاشم وأقام على ذلك سنين, وبعد مقتل الإمام إبراهيم بن علي صار أبو مسلم يدعو الناس إلى أبي العباس عبد الله بن محمد الملقب السفاح. حتى مكن للعباسيين وقضى على الأمويين في الشرق وكان سفاكا للدماء قال ابن خلكان: "قتل أبو مسلم في دولته ستمائة ألف صبراً. قيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم خير أو الحجاج قال: لا أقول إن أبا مسلم خيراً من أحد، ولكن الحجاج كان شراً منه", وقال الذهبي: "كان أبو مسلم سفاكا للدماء، يزيد على الحجاج في ذلك، وهو أول من سن للعباسيين لبس السواد, وكان بلاء عظيما على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحد السيف". قال أحمد بن سيار: حدثنا الحسن بن رشيد العنبري، سمعت يزيد النحوي يقول: "أتاني إبراهيم بن إسماعيل الصائغ، فقال لي: ما ترى ما يعمل هذا الطاغية، إن الناس معه في سعة، غيرنا أهل العلم؟ قلت: لو علمت أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلت، إن أمرت ونهيت يقيل أو يقتل، ولكني أخاف أن يبسط علينا العذاب، وأنا شيخ كبير، لا صبر لي على السياط. فقال الصائغ: لكني لا أنتهي عنه. فذهب، فدخل عليه، فأمره ونهاه، فقتله" وكان أبو مسلم يجتمع قبل أن يعلن بدعوة العباسيين بإبراهيم الصائغ، ويعده بإقامة الحق, فلما ظهر وبسط يده، دخل عليه، فوعظه فقتله". لما خشي المنصور من خطر أبي مسلم على دولته قرر التخلص منه, وكان المنصورُ قد غضِبَ عليه لعدَّةِ أمورٍ؛ منها: أنَّه تقدَّمَ عليه في الحجِّ، وأكثَرَ مِن النفقةِ حتى قيل فيه ما قيل، ثم إنَّه خافه بعد أن صار أمرُه في خراسان قويًّا، فبعد أن هزمَ أبو مسلم جيش عبد الله بن علي، أمَرَه المنصور بالعودةِ إليه فأبى، فاحتال له أنَّه يوليه الشامَ ومصرَ فأبى عليه كلَّ ذلك، وأرسل له رسلًا وكُتُبًا، كلُّ ذلك وهو يأبى الرجوعَ؛ حيثُ شعر أنَّ هناك مكيدةً، ومن ذلك أن المنصور كاتب أبا مسلم ليقدم عليه، فكتب إليه أبو مسلم: "إنه لم يبق لك عدو إلا أمكنك الله منه، وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان: إن أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء، فنحن نافرون من قربك، حريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت، فإن أرضاك ذلك، فأنا كأحسن عبيدك، وإن أبيت نقضت ما أبرمت من عهدك، ضنا بنفسي، والسلام" فرد عليه الجواب يطمئنه ويمنيه، وكان المنصور داهية وقته، ثمَّ لَمَّا جاءه الخبَرُ أن المنصورَ سيقاتِلُه بنفسه إن أبى الرجوعَ إليه، عاد، وقيل: إنَّه قيل له أن يقتُلَ المنصور قبل أن يقتُلَه، لكنَّ المنصور احتال عليه وأمرَ بعضَهم بالاختباءِ وراء الستورِ، فإذا صفق بيده انقضُّوا عليه، فدعاه المنصور على غدائِه وعاتبه على أفعالِه، وكل ذلك يعتذِرُ أبو مسلم ويقَبِّلُ يدَه، ولكنه لم يرضَ عنه حتى صفق بيدِه، فخرجوا وقتلوه، فكانت تلك نهايةَ أبي مسلم الخراساني، الذي كان له الأثَرُ الكبيرُ في توطيدِ دعائمِ الدَّعوة العباسيَّة. قتله المنصور وله من العمر سبع وثلاثون سنة. قال الذهبي: " فرحنا بمصير الأمر إلى بني العباس، ولكن والله ساءنا ما جرى؛ لما جرى من سيول الدماء، والسبي، والنهب فإنا لله وإنا إليه راجعون فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء، ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجمية خراسانية جبارة، ما أشبه الليلة بالبارحة " وقال: "وقد كان بعض الزنادقة، والطغام من التناسخية، اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول، عندما رأوا من تجبره، واستيلائه على الممالك، وسفكه للدماء، فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها". لما قُتل أبو مسلم الخرساني، خرج بخراسان سنباذ للطلب بثأر أبي مسلم، وكان سنباذ مجوسيا، فغلب على نيسابور والري، وظفر بخزائن أبي مسلم، واستفحل أمره, فجهز المنصور لحربه جمهور بن مرار العجلي، في عشرة آلاف فارس، فانهزم سنباذ، وقتل من عسكره نحو من ستين ألفا، وعامتهم كانوا من أهل الجبال، فسبيت ذراريهم، ثم قتل سنباذ بأرض طبرستان.

العام الهجري : 817 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1415
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ العلَّامة أبو الطاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي اللغوي، وُلِدَ سنة 729 بمدينة كازرون وتفقه بها. قال جلال الدين السيوطي: "كان يرفع نسبَه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه، ويقول: إن جده فضل الله ولد الشيخ أبي إسحاق، ولا يبالي بما يشاع بين الناس أن الشيخ أبا إسحاق لم يتزوَّج فضلًا عن أن يُعقِبَ" وقال المقري التلمساني: "ثم ارتقى الشيخ مجد الدين درجة فادعى بعد أنْ ولي قضاء اليمن بمدة طويلة أنَّه من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وزاد إلى أنْ رأيت بخطه لبعض نوابه في بعض كتبه: محمد الصديق, ولم يكن مدفوعًا عن معرفة إلَّا أنَّ النفس تأبى قبولَ ذلك". دخل بلاد الروم واتصل بخدمة السلطان بايزيد بن السلطان مراد، ونال عنده رتبة وجاهًا، وأعطاه السلطان مالًا جزيلًا، وأعطاه تيمورلنك خمسة آلاف دينار، ثم جال البلاد شرقًا وغربًا، وأخذ عن علمائها، حتى برع في العلوم كلها، لا سيما الحديث والتفسير والفقه. توفي بزَبيد من بلاد اليمن في ليلة العشرين من شوال، عن ثماني وثمانين سنة وأشهر، وَلِيَ قضاء الأقضية ببلاد اليمن نحو عشرين سنة حتى مات بعدما طاف البلاد، وأقام بالقاهرة زمانًا، وله مصنفات كثيرة تنيفُ على أربعين مصنفًا، أشهرها كتاب القاموس في اللغة المعروف بالقاموس المحيط، وكتاب تسهيل الأصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول، وله بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، وله فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وله المرقاة الوفية في طبقات الحنفية، وله تاريخ أصبهان، وغيرها.

العام الهجري : 1426 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 2005
تفاصيل الحدث:

الملكُ فهدُ بنُ عبدِ العزيزِ هو الابنُ التاسعُ من أبناء الملك عبدِ العزيزِ آلَ سعودٍ الذكور -رحمهما اللهُ- وهو خامسُ ملوك المملكة العربية السعودية، وأولُ مَن تلقَّب بخادم الحرمَينِ الشريفَينِ رسميًّا بإعلانه ذلك في المدينة المنورة، تولَّى مقاليدَ الحُكم في 21 شعبان 1402هـ الموافق13 يونيو 1982م، وذلك بعد وفاة أخيه غير الشقيق الملك خالد بن عبد العزيز، تعرَّض الملك فهد إلى جَلْطة في عام 1995م، وتولَّى الأمير عبد الله بن عبد العزيز إدارة شؤون الحكم اليومية نظرًا لمرض الملك، وُلد الملك فهدٌ في الرياض عامَ 1921م 1340هـ، ووالدتُه هي الأميرة حصَّة بنت أحمد بن محمد السديري، وهو الأخ الشقيق للأمراء السبعة: سلمان، ونايف، وسلطان، وأحمد، وعبد الرحمن، وتركي الثاني، وفي عام 1954م تولَّى الأمير فهد بن عبد العزيز وزارةَ التعليم، كما أصبح الأميرُ فهدُ بنُ عبد العزيز يتولَّى المباحثات من الجانب السعودي خلالَ انعقاد جامعة الدول العربية، كما تولَّى وزارةَ الداخلية في عهد الملك فَيْصل، تميَّز عهدُه بصدور النظام الأساسي للحُكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق في 26 رجب 1412 هجرية الموافق 31 يناير 1992م، أسهم الملك فهد بن عبد العزيز في حل الكثير من الأزمات العربية في عهده، وأهمُّها: اتفاق الطائف الذي وحَّد لُبنان وأنْهى الحرب الأهلية فيها، كما قدَّم دعمًا ماديًّا وسياسيًّا لإنهاء اضطهاد المسلمين في البوسنة خلال حرب البَلْقان، أُعلن عن وفاته رسميًّا في يوم الاثنين 25 جمادى الثانية 1426هـالموافق 1 أغسطس 2005م في مستشفى الملك فَيْصل التخصصي بمدينة الرياض، بعدَ إصابته بالتهابٍ رِئويٍّ حادٍّ، ودُفن الملك فهد -رحمه الله- في مقبرة العود في الرياض، وتمَّ تنصيبُ الأمير عبد الله بن عبد العزيز خلفًا له، والأمير سلطان بن عبد العزيز وليًّا للعهد.

العام الهجري : 633 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1235
تفاصيل الحدث:

هو أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد بن فرج بن خلف بن قومس بن أحمد بن دحية بن خليفة الكلبي الحافظ، شيخ الديار المصرية في الحديث، ولد سنة 546. كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبطُ أبي البسام الحسيني الفاطمي. كان بصيرًا بالحديث معتنيًا بتقييده، مكبًّا على سماعه، حسنَ الحَطِّ معروفًا بالضبط، له حظٌّ وافر من اللغة، ومشاركة في العربية وغيرها. وهو أول من باشر مشيخة دار الحديث الكامليَّة بها، وقد كان يتزيد في كلامه، فترك الناس الرواية عنه وكذَّبوه، وقد كان الكامِلُ مقبلًا عليه، فلما انكشف له حاله أخذ منه دار الحديث وأهانه، توفي بالقاهرة ودفن بقرافة مصر، قال ابن خلكان: وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقنًا لعلم الحديث وما يتعلَّقُ به، عارفًا بالنحو واللغة وأيَّام العرب وأشعارها، اشتغل ببلادِ المغرِب، ثمَّ رحل إلى الشام ثم إلى العراق، واجتاز بإربل سنة 604، فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب " التنوير في مولد السراج المنير " وقرأه عليه بنفسه، فأجازه بألف دينار، ولي قضاء دانية مرتين، ثم صُرِف عن ذلك لسيرة نُعِتَت عليه، فرحل منها. روى عنه الدبيثي فقال: "كان له معرفة حسنة بالنحو واللغة، وأنسة بالحديث، فقيهًا على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ " صحيح مسلم " جميعه، وأنه قرأه على بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة. قلت (الذهبي): كان صاحب فنون، وله يد طولي في اللغة، ومعرفة جيدة بالحديث على ضعف فيه. قرأت بخط الضياء الحافظ قال: لقيت الكلبيَّ بأصبهان، ولم أسمع منه شيئًا، ولم يعجبني حالُه، وكان كثير الوقيعة في الأئمة، وأخبرني إبراهيم السنهوري بأصبهان أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفَه. وقد رأيتُ منه أنا غير شيء ممَّا يدل على ذلك" قال ابن نقطة: "كان موصوفًا بالمعرفة والفضل، ولم أره إلَّا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها. ذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام - ثقة - قال: نزل عندنا ابنُ دحية، فكان يقول: أحفظ " صحيح مسلم "، و" الترمذي "، قال: فأخذت خمسة أحاديث من " الترمذي "، وخمسة من " المسند " وخمسة من الموضوعات فجعلتها في جزء، ثم عرضتُ عليه حديثًا مِن " الترمذي "، فقال: ليس بصحيح، وآخر فقال: لا أعرفه. ولم يعرف منها شيئًا. قلت (الذهبي): ما أحسن الصدق، لقد أفسد هذا المرءُ نَفسَه". قال ابن كثير: وقد تكلَّمَ الناس فيه بأنواع من الكلام، ونسبه بعضهم إلى وضعِ حديثٍ في قَصرِ صلاة المغرب، ولابن دحية مصنفات منها: المطرب في أشعار أهل المغرب، ونهاية السول في خصائص الرسول، والنبراس في خلفاء بني العباس، وغيرها.

العام الهجري : 1262 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1846
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ المحَدِّث الكبير، أشرف علي التهانوي بن عبد الحق بن الحافظ فيض علي، صاحِبُ التصانيف النافعة المفيدة، وُلِدَ صباح الخامس من شهر ربيع الثاني سنة 1280هـ / 10 سبتمبر 1863م، في إحدى قرى الهند وهي قرية (تهانه بهون)، وترعرع في بيئة علمية، وكان منذ نعومة أظفاره مكبًّا على العلم والعلماء، بعيدًا عن اللهو. ويعتبر أشرفُ علي التهانوي أحد كبار مشيخة ديوبند، تخرَّج عليه خلقٌ كثيرون، وعلماء أمثال: الشيخ المفتي محمد شفيع المفتي الأكبر بباكستان، والعلامة السيد سليمان الندوي، والمحدِّث ظفر أحمد التهانوي، والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، والشيخ عبد الباري الندوي. مات رحمه الله في النصف الأول من ليلة الأربعاء، 16 رجب، وصلَّى عليه ابن أخته العلَّامة المحدث الشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي، ودُفِنَ في المقبرة التي وقَفَها الشيخ بنفسه لدفنِ موتى المسلمين.

العام الهجري : 104 العام الميلادي : 722
تفاصيل الحدث:

عَزَل يَزيدُ بن عبدِ الملك عبدَ الرَّحمن بن الضَّحَّاك عن المَدينَة ومَكَّة، وكان عامِلَهُ عليهما ثلاثَ سِنين، ووَلَّى عبدَ الواحِد النَّضْري، وكان السَّبَب في عَزْلِه أنَّه خَطَب فاطِمَة بِنتَ الحُسين بن عَلِيٍّ فقالت: ما أُريدُ النِّكاحَ، ولقد قَعَدتُ على بَنِيِّ هؤلاء. فأَلَحَّ عليها وقال: لئن لم تَفعَلي لأَجْلِدَنَّ أَكبرَ بَنِيك في الخَمْرِ. فبَعَثَتْ كِتابًا إلى الخَليفَة تُخبِرُه بِخَبرِه. فأَخَذ الكِتابَ فَقَرأهُ وجَعَل يَضرِب بِخَيْزران في يَدهِ ويَقولُ: لقد اجْتَرأ ابنُ الضَّحَّاك، هل مِن رَجُلٍ يُسْمعني صَوتَه في العَذابِ؟ قِيلَ له: عبدُ الواحِد بن عبدِ الله النَّضْرِي. فكَتَب بِيَدِه إلى عبدِ الواحد: قد وَلَّيْتُكَ المَدينَة فاهْبِط إليها واعْزِل عنها ابنَ الضَّحَّاك، وأَغْرِمْهُ أَربعين ألفَ دِينارٍ، وعَذِّبْهُ حتَّى أَسمعَ صَوتَه وأنا على فِراشي. وكان ابنُ الضَّحَّاك قد آذَى الأَنْصارَ طُرًّا، فهَجاهُ الشُّعَراءُ وذَمَّهُ الصَّالِحون، ولمَّا وَلِيَهم النَّضْرِيُّ أَحسَن السِّيرةَ فأَحَبُّوه، وكان خَيِّرًا يَسْتَشيرُ فيما يُريدُ فِعلَه القاسِمَ بن محمَّد وسالِمَ بن عبدِ الله بن عُمَر.

العام الهجري : 247 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 862
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنينَ أبو الفضلِ بنِ المعتَصِم بالله محمَّد بن هارون الرَّشيد القُرَشي العبَّاسي البغدادي. ولِدَ سنةَ خَمسٍ ومائتين، وبويعَ في ذي الحِجَّة سنةَ اثنتينِ وثلاثين بعد الواثقِ, وتلقَّبَ بالمتوكِّل على الله. وكان أسمَرَ مليحَ العينينِ، نحيفَ الجِسمِ خفيفَ العارِضَينِ، إلى القِصَرِ أقرَب. وأمُّه أمُّ ولد اسمُها: شجاع. قال خليفة: "استُخلِفَ المتوكِّلُ، فأظهرَ السُّنَّةَ وعَمِلَ بها في مجلِسِه، وكتبَ إلى الآفاقِ برَفعِ المحنةِ؛ خلْق القرآنِ، وإظهارِ السُّنَّة وبَسْطِها ونصرِ أهلِها"، كان إبراهيمُ بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاءُ ثلاثة: "أبو بكرٍ الصِّديقُ يومَ الرِّدَّة، وعمرُ بنُ عبد العزيز في رَدِّ مظالمِ بني أميَّة، والمتوكِّلُ في محوِ البِدَع وإظهارِ السُّنَّة". وقد قِدَمَ المتوكِّلُ دمشقَ في صفر سنة أربع وأربعين، وعزم على المُقام بها وأعجَبَته، ونقل دواوينَ المُلك إليها. وأمرَ بالبناء بها. وأمر للأتراكِ بما أرضاهم من الأموالِ، وبنى قصرًا كبيرًا بداريَّا من جهة المزَّة، لكنَّه عاد إلى سامرَّا, وقد قتله ابنُه المنتصِرُ بعد أن تآمرَ مع الأتراكِ على قَتلِه.

العام الهجري : 507 العام الميلادي : 1113
تفاصيل الحدث:

هو الأمير المجاهد شرف الدولة مودود بن التونتكين بن الأتابك زنكي -أتابك يعني الأمير الوالد- بن قسيم الدولة آقسنقر التركماني، صاحب الموصل، أمير من أمراء السلاجقة العظام، كان رجلًا فاضلًا عالمًا مجاهدًا, خيِّرا عادلًا كثير الخير, وهو والد عماد الدين زنكي "أبو الفتح"، وهو من جملة الأمراء والنواب الذين قدموا لقتال الفرنج بالشام، ولما دخلوا دمشق دخل الأمير مودود يوم الجمعة إلى جامعها ليصلِّيَ فيه، فجاءه باطني في زي سائل فطلب منه شيئًا فأعطاه، فلما اقترب منه ضربه في فؤاده، فمات من يومه -رحمه الله، وقيل: بل كان قتله عام 505هـ. وقيل: كان قتله بتحريض من طغتكين التركي. وقيل: إن الباطنية بالشام خافوه وقتلوه، وكان يومها صائمًا. ودفن مودود بدمشق في تربة دقماق صاحبها، وحمل بعد ذلك إلى بغداد، فدُفِنَ في جوار أبي حنيفة، ثم حُمِل إلى أصبهان، وقال ابن الأثير: "إن بغدوين ملك بيت القدس الصليبي كتب كتابًا فيه: إنَّ أمةً تقتُل عميدَها يوم عيدِها في بيت معبودِها لحقيقٌ على الله أن يُبيدَها!".