الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1885 ). زمن البحث بالثانية ( 0.007 )

العام الهجري : 573 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1178
تفاصيل الحدث:

هو محمَّدُ بن عبد الله بن هبة الله بن المظفَّر، الوزير أبو الفرج ابنُ رئيس الرؤساء، ولَقَبُه عضد الدولة. وكان أبوه أستاذ دار المقتفي وأقرَّه المستنجد. فلمَّا ولي المستضيء استوزره، فشرع ظهيرُ الدين بن العطَّار أبو بكر صاحب المخزن في عداوة أبي الفرج، حتَّى غيَّر قلب الخليفة عليه، فطلب الحجَّ فأذِنَ له، فتجهَّزَ جهازًا عظيمًا واشترى ستَّمائة جمل لحَملِ المنقطعينَ وزادِهم، وحمل معه جماعةً من العلماء والزهَّاد، وأخذ معه بيمارستانًا فيه جميع ما يحتاج إليه، وسافر بتجمُّلٍ زائد. فلمَّا وصل إلى باب قطفتا خرج إليه رجلٌ صوفي بيده قصَّة، فقال: مظلومٌ، فقال الغلمان: هات قصَّتك. فقال: ما أسلِّمُها إلَّا للوزير. فلمَّا دنا منه ضربه بسكِّينٍ في خاصرته، فصاح: قتلتَني، وسقط من دابَّتِه، وبَقِيَ على قارعة الطريق مُلقًى، وتفرَّق من كان معه إلَّا حاجب الباب، فإنَّه رمى بنفسه عليه، فضَرَبَه الباطني بسكِّينٍ فجرحه، وظهر للباطنيِّ رفيقان فقُتِلوا وأُحرِقوا. ثمَّ حُمل الوزير إلى داره فمات بها. وكان مشكورَ السِّيرة محببًّا إلى الرعيَّة، غير أنَّ القاضى الفاضِلَ لَمَّا بلغه خبر قتله، أنشد:
وأحسن من نيل الوزارة للفتى
حياة تريه مصرع الوزراء
وما ربُّك بظلَّامٍ للعبيد.
كان ابن المظفر- عفا الله عنه- قد قتل وَلَدي الوزير ابن هُبيرة وخلقًا كثيرًا.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

نزل صلاحُ الدين بحرزم، تحت ماردين، فلم يَرَ لأخذها وجهًا، فسار عنها إلى آمد، على طريق البارعيَّة، وكان نور الدين محمد بن قرا أرسلان يطالبُه في كل وقتٍ بقَصدِها وأخْذِها وتَسلِيمها إليه، على ما استقَرَّت القاعدةُ بينهما، فوصل إلى آمد سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ونازلها، وأقام يحاصِرُها، وقاتلهم صلاح الدين، ونصب المجانيقَ، وزحف إليها، وهي الغايةُ في الحصانة والمَنَعة، بها وبسورِها يُضرَبُ المثل، وابن نيسان على حالِه من الشُّحِّ بالمال، وتصَرُّفِه تصرُّفَ مَن ولَّت سعادته وأدبَرَت دولته، فلما رأى الناسُ ذلك منه تهاونوا بالقتال، وجَنَحوا إلى السلامة، وأمَرَ صلاح الدين أن يكتب على السِّهامِ إلى أهلِ البلد يَعِدُهم الخيرَ والإحسان إن أطاعوه، ويتهَدَّدُهم إن قاتلوه، فزادهم ذلك تقاعدًا وتخاذلًا، وأحبُّوا مُلكَه وتركوا القتال، فوصل النقَّابون إلى السور، فنَقَبوه وعَلِقوه- حازوه- فلما رأى الجندُ وأهلُ البلد ذلك، طمعوا في ابن نيسان واشتَطُّوا في المَطالَبِ، فحين صارت الحالُ كذلك أخرج ابن نيسان نساءَه إلى القاضي الفاضل، وزير صلاح الدين، يسألُه أن يأخُذَ له الأمان ولأهلِه وماله، وأن يؤخِّرَه ثلاثةَ أيام حتى ينقُلَ ما له بالبلدِ مِن الأموال والذخائر، فسعى له الفاضل في ذلك، فأجابه صلاحُ الدين إليه، فسَلَّمَ البلد في العشر الأُوَل من المحرم، فلما تسَلَّمَها صلاح الدين سلمها لنور الدين صاحِبِ الحصنِ.

العام الهجري : 714 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1315
تفاصيل الحدث:

هي الشيخةُ العاملةُ الفقيهة الزاهدة القانتة الواعظة سيدة نساء زمانها: أم زينب فاطمة بنت عياش بن أبي الفتح البغدادية، كانت تفقه الفقه جيدًا, وانتفع بها خلقٌ من نساء أهل دمشق لصِدقِها في وعظها، ثم تحولت إلى القاهرة فحصل بها النفع وارتفع قدرُها وبعُدَ صيتُها، وكانت قد تفقهت عند المقادسة، كالشيخ ابن أبي عمر وغيره. كانت وافرة العلم، فائقة قانعة باليسير، حريصة على النفع والتذكير، ذات إخلاص وخشية، انصلح بها نساء دمشق، ثم نساء مصر، وكان لها قبول زائد، ووقْع في النفوس, وقل من أُنجِبَ من النساء مثلها. قال ابن كثير: "كانت من العالِمات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بالاحتساب على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالَهم وأصول أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال، وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية، فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعتُ الشيخ تقي الدين يثني عليها ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من المغني أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلِها وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها، وقد ختم لديها نساء كثيرًا القرآن، منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ جمال الدين المِزِّي، وهي التي أقرأت ابنَتَها زوجتي أَمَة الرحيم زينب" ماتت فاطمة ليلة عرفة عن نيف وثمانين سنة، وشيَّعها خلائق.

العام الهجري : 841 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1437
تفاصيل الحدث:

قدم الخبرُ بأن ملك البرتغال صاحب مدينة شلب من الأندلس سار يريد مدينة طنجة، فنزل على سبتة في المحرم، ومضى منها وهى بيده في البر والبحر، ومعه فيما يقال ثمانية عشر ألف رامٍ، وستة آلاف فارس، حتى نزل على طنجة فحصرها مدة شهر إلى أن أتته جموع المسلمين من فاس ومكناسة وأصيلا في شهر ربيع الآخر، فكانت بينهم وبين البرتغال من النصارى حروب عظيمة، نصر الله فيها المسلمين، وقُتِل نحو الثلثين من النصارى، والتجأ باقيهم إلى محلتهم، فضايقهم المسلمون حتى طلبوا الأمان على أن يسلِّموا للمسلمين مدينة سبتة، ويُفرجوا عن سبعمائة أسير من المسلمين، ويدفعوا ما بأيديهم من آلات الحرب للمسلمين، فأمَّنوهم، وبعثوا برهائنهم على ذلك، فصار المسلمون يأخذون النصارى ويوصلونهم إلى أسطولهم بالبحر، فحسد أحمد اللحيانى القائم بتدبير مكناسة الأزرق، وهو أبو زكريا حي بن زيان بن عمر الوطاسي القائم بتدبير مدينة فاس، وقَتَل عدة من النصارى، ورحل، فحنق النصارى من ذلك، وحطموا على المسلمين حطمةً قُتِلَ فيها جماعة، وخلصوا إلى أسطولهم، وبقي ابن ملكهم في يد المسلمين، فلما وصلوا إلى بلادهم، لم يرضَ أكابرهم بتسليم سبتة للمسلمين، وبعثوا في فداء ابن الملك بمال، فلم يقع بينهم وبين الرسول اتفاق، وسجنوه مع ابن الملك المرتهن عند صالح بن صالح بن حمو، بطنجة، فيقول المكثر: إن الذى قُتِلَ من النصارى في هذه الواقعة خمسة وعشرون ألفًا، وغَنِمَ المسلمون منهم أموالًا كثيرة.

العام الهجري : 1274 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1858
تفاصيل الحدث:

هو الشريف محمد بن عبد المعين بن عون بن محسن بن عبد الله بن حسين بن عبد الله بن حسن ابن أبي نمي، ولِدَ بمكة سنة 1204ه،ـ ونشأ بها، ولما استولى محمد علي باشا على مكَّةَ ذهب به إلى مصر وجلس بها عنده مدَّةَ سنواتٍ، ولَمَّا قُتِل الشريف يحيى بن سرور الشريف شمبر بمكة في شعبان سنة 1243هـ تولى عبد المطلب بن غالب إمارةَ مكة وهي إمارته الأولى وبقي أميرًا حتى قَدِمَ محمد بن عبد المعين بن عون من مصر في جمادي الآخر سنة 1243هـ وتولَّى إمارة مكة حتى سنة 1253
حيث أعيد إلى مصر، ثم صدر الأمر السلطاني على محمد على باشا
بمصر بإعادةِ محمد بن عبد المعين بن عون أميرًا لمكَّة، فأعيد إليها 1256هـ وبقي أميرًا لمكة حتى سنة 1267 حيث ورد الأمرُ السلطاني بترحيلِه وجميع أبنائه إلى تركيا، وتولية الشريف عبد المطلب بن غالب، وهي المرة الثانية لولاية الشريف عبد المطلب، ثم عاد محمد بن عبد المعين ابن عون من تركيا وتولى إمارة مكة سنة 1271هـ وبقي بها أميرًا حتى توفِّيَ في ثالث شعبان من هذه السنة، وخلَّف ستة أبناء، هم: عبد الله، وعلي، وحسين، وعون، وسلطان. وتولى بعده إمارة مكة ابنُه الأكبر عبد الله.

العام الهجري : 1307 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1889
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، ثالث حكَّام الدولة السعودية الثانية، بويع بالرِّياضِ بعد وفاةِ والده سنة 1282هـ وخالفه أخوه سعود، فنشبت بينهما معارِكُ استولى سعودٌ في آخرها سنة 1287هـ على الرياض. وخُلِعَ عبد الله، فلجأ إلى التركِ في الأحساءِ فلم يطمئنُّوا إليه، فابتعد عنهم، وجمع بعضَ القبائِلِ وأعاد الكَرَّة على أخيه سعود. فاقتتلا في وقعةِ الجزعة من أراضي نجد، وفشل عبد الله، فقَصِدَ عتيبة مبتعدًا عن الرياض. ومات سعود سنة 1291 هـ وولِيَ بعدَه أخوهما عبد الرحمن، فزحف إليه عبدُ الله، فنزل له عبد الرحمن عن الإمامةِ. ودخل الرياضَ فكان حُكمُه الثاني من 1291 - 1301 هـ / 1874 - 1884 م، فثار عليه أبناءُ أخيه سعود وهاجموا الرياض، فظَفِروا به وحبسوه فيها. ودبَّت الفوضى، فقَوِيَت شوكة محمد ابن الرَّشِيد صاحِبِ حائل فهاجم الرياض، وفرَّ أبناء سعود إلى الخرج، وأفرج ابنُ رشيد عن عبد الله واصطحبه معه إلى حائل، فأقام عنده إلى سنة 1307هـ، وأذن له ابنُ الرَّشيدِ بالعودة إلى بلَدِه الرياض مع أخيه عبد الرحمن، فلم يستقِرَّ غيرَ يوم واحد ووافته منيَّتُه فيها، فتولى عبد الرحمن بن فيصل الحُكمَ بعده.

العام الهجري : 802 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1399
تفاصيل الحدث:

تزايد الاختلافُ بين أمراء المماليك والخاصكية، وكثُر نفور الخاصكية من الأمير أيتمش الذي كان يتولَّى نيابة السلطنة بوصية السلطان برقوق، وخاصة أن السلطان فرجًا ما زال قاصرًا، وظنوا به وبالأمراء أنَّهم قد مالوا إلى نائب الشام الأمير تنم الحسني الذي بدأ يعصي عن الطاعة، واتفقوا معه على إفناء المماليك بالقتل والنفي، فحَذِرَ الأمراء منهم، واشتدت الوحشةُ بين الطائفتين، وتعيَّن من الخاصكية سودون طاز، وسودون بن زاده، وجركس المصارع، ووافقوا الأمير يشبك الشعباني الذي كان منافسًا لأيتمش، فصاروا في عصبة قوية وشوكة شديدة، وشرع كلٌّ من الأمراء والخاصكية في التدبير، والعمل على الآخر، ثم استدعى الملكُ الناصر فرج الأميرَ الكبير أيتمش إلى القصر، وقال له: يا عمِّ، أنا قد أدركت، وأريد أن أترشَّدُ، وكان هذا قد بيَّته معه الأمير يشبك، والأمير سودون طاز، فيمن معهما من الخاصكية، ليستبِدَّ السلطان ويحصُلَ لهم الغرض في أيتمش والأمراء، ويمتنع أيتمش من تصرُّف السلطان، فينفتح لهم باب إلى القتال، ومحاربة أيتمش والأمراء، فأجاب أيتمش السلطانَ بالسمع والطاعة، واتَّفق مع الأمراء والخاصكية على ترشيد السلطان، وأن يُمتثَلَ سائِرُ ما يرسُمُ به، فكان كما أراد ورُسم بترشيد السلطان، وافترق من يومئذ العسكر فريقان: فرقة مع أيتمش، وفرقة مع يشبك، وانقطع يشبك بداره، وأظهر أنه مريض، فحَذِرَ أيتمش ومن معه من الأمراء وظنوا أنَّها من يشبك حيلة، حتى إذا دخلوا لعيادته قبض عليهم، فلزم كلٌّ منهم داره واستعَدَّ، وأخلد أيتمش إلى العجز، وأعرض عن إعمال الرأي والتدبير، وكان قد تبيَّن منذ مات الظاهر عجزُه وعدم أهليته للقيام بالأمر، فلما كان ليلة الاثنين عاشر من شهر صفر أشيع من العصر ركوب العساكر للقتال، وماج الناس وكثرت حركاتهم، فلم يدخل الليل حتى لبس أيتمش ومن معه آلةَ الحرب، وملك أيتمش الصوة -قرية بشرقية مصر- تجاه باب القلعة، وأصعد عدةً من المقاتِلة إلى عمارة الأشرف تجاه الطبلخاناه؛ ليرموا على من فيها ومن يقف على باب القلعة، ولم يخرُج يشبك من بيته، وأخذ الأمير فارس حاجب الحجاب رأس الشارع الملاصِق لباب مدرسة السلطان حسن؛ ليقاتِلَ من يخرج من باب السلسلة، ودُقَّت بها الكوسات -قطعتان من نحاس يُدَقُّ بإحداهما على الأخرى- الحربية، ولبست المماليك السلطانية، ووقعت الحروبُ بين الفريقين من وقت العشاء الآخرة إلى السَّحَر، وقد نزل السلطان من القصر إلى الإسطبل، فاشتَدَّ قتال المماليك السلطانية، وثبت لهم الأمير فارس، وكاد يهزمُهم لولا ما كادوه من أخذ مدرسة السلطان حسن، ورَمْيه من أعلاها إلى أن هزموه، وأحاطوا بداره، وهزموا تغري بردي وأرغون شاه، بعدما أبلى تغري بردي بلاء كثيرًا، وأحاطوا بدورهما، فصار الجميع إلى أيتمش، وقد امتدَّت الأيدي إلى دُورِهم، فنهبوا ما فيها، فنادي أيتمش بالقاهرة وظواهرها: من قبض مملوكًا جركسيًّا من المماليك السلطانية، وأحضره إلى الأمير الكبير أيتمش يأخذُ عريةً فحنقوا من ذلك، وفارقه من كان معه من الجراكسة، وصاروا إلى جهة السلطان، ومالوا بأجمعِهم على أيتمش، فانهزم ممن بقي معه وقت الظهر من يوم الاثنين يريدون جهة الشام، وانهزم معه من الأمراء الألوف أرغون شاه أمير مجلس، وتغري بردي أمير سلاح، وغيرهم، فمرُّوا بالخيول السلطانية في ناحية سرياقوس، فأخذوا من جيادها نحو المائة، وساروا إلى دمشق، وتجمَّع من المفسدين خلائق، ونهبوا مدرسة أيتمش، وحفَروا قبر ولده الذي بها، وأحرقوا الرَّبعَ المجاور لها من خارج باب الوزير، فلم يُعمَر بعد ذلك، ونهبوا جامع أقسنقر، واستهانوا بحرمة المصاحف، ونهبوا مدرسةَ السلطان حسن، وأتلَفوا عِدَّةً من مساكن المنهزمين، وكسروا حبس الديلم وحبس الرحبة، وأخرجوا المسجونين.

العام الهجري : 1233 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

ركب إبراهيم باشا من أشيقر بخيلِه وقصد بلد شقراء، فأتاها واستدار فيها، وقاسَها وعَرَف موضِعَ منزلِه ومنزل عسكرِه وقبوسيه؛ لأنه يعلم أنَّ أهلها محاربون أشداءُ وأهلُ صدق في الحرب مجرِّبون، وكان قد أتى إليه أمدادٌ من العساكر والقبوس، وصار في قوَّةٍ عظيمة، فنزل أسفلَ البلد وشمالَه، فخرج إليه أهلُها فساق الباشا عليهم الرومَ، فوقع بينهم قتال شديد في وسطِ النخيل وخارجه، فقُتِل من الروم قتلى كثيرٌ وجُرح كثيرٌ منهم، فتكاثرت عليهم أفزاعُ الروم وجُرح الأمير حمد بن يحيى جرحًا شديدًا فدخلوا البلد واحتصروا فيها، ثم إنَّ الباشا جرَّ القبوس والقنابر والمدافع وجعلها فوقَ المرقب الجبل الشمالي، فرمى البلد فيه رميًا هائلًا أرهب ما حولَه من القرى والبلدان من أهل مدبر ومنيخ والمحمل وغيرهم، حتى سمعه من كان في العرمة ومجزل وما حوله. فلما احتصر أهلُ البلد فيها أنزل قبوسَه ومدافعه وقنابره من رأسِ الجبلِ وقَرَّبها من السور، وحَقَّق عليهم الحرب والرميَ المتتابع حتى قيل إنه رماها في ليلة واحدة بثلاثمائة حمل من الرصاص والبارود، وذُكِرَ أن رصاص القبوس والمدافع والقنابر والبنادق يتضارب بعضُها ببعض في الهواء فوق البلدِ وفي وسطها، ثم إنَّه هدم ما يليه من سورِها وقطع نخيلَها إلَّا قليلَها، هذا وأهل البلد ثابتون، وفي أكنافِها يقاتلون، فقرَّب الباشا القبوسَ من السور وهدَمَ ما يليه من الدُّورِ والقصور، فحماهم الله سبحانه وكفَّ أيديَ الروم عنهم؛ وذلك لصِدقِهم في مواطِنِ اللقاء بالسيف، فلما همَّ الروم بالحملة عليهم أثنى عزمَهم الخندقُ وما ذاقوه من شدة القتال أوَّلَ نزولِهم على شقراء، فصار الخندقُ من الأسباب لثباتِ أهلها لأنَّه لا يُرام، وفي كلِّ يوم وليلة والباشا يناديهم ويدعوهم إلى المصالحةِ ويأبون عليه، فلما كان يومُ الخميس وقَعَت المصالحة بين الباشا وبينهم؛ خرج إليه رجلان من رؤساء أهلِها فصالحوه على دمائِهم وأموالِهم وما احتوت عليه بلادُهم، وكان جميعُ بلدان الوشم أعطوه الطاعةَ لَمَّا نزل شقراء، فلما استقَرَّ الصلح بعث الباشا عساكِرَ من الترك رئيسُهم رشوان أغا إلى ناحية سدير ومنيخ، فنزل رشوان بلد جلاجل وفرَّق العساكر في البلدان وأخذوا ما فيها من الخيل الجِياد الثمينة وحنطة وعليقًا للخيل، وأقاموا عندهم إلى أن أراد الرحيلَ من بلد شقراء، فرحلوا من بلد سدير إلى الوشم، ولَمَّا كان بعد أيام من مصالحةِ أهل شقراء وشى بهم رجالٌ عند الباشا من أهل نجد ممن يساعده وسار معه وقال إنَّه ارتحل منهم عدَّةُ رجال من أعيانهم وعامَّتِهم إلى الدرعية، وأنَّهم يريدون أن ينقُضوا العهد بعدما ترتحل عنهم ويقطعوا سبلك، فأفزع ذلك الباشا وأهمه فدخل البلدَ مُغضَبًا بعددٍ كثير من عساكره، فلما دخل جعل العسكرَ في المسجد فأوقدوا فيه النيران، وذلك وقتَ الشتاء.ثم دخل الباشا بيت إبراهيم بن سدحان المعروف جنوبَ المسجِدِ، وأرسل إلى الأمير حمد وهو جريحٌ فجيء به بين رجلين، فتكلم الباشا عليه بكلامٍ غليظ.ثم أرسل إلى الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري، وكان قد كَبِرَ وثقل فجيءَ به محمولًا فأكرَمَه وأعظمَه، فذكَرَ لهم ما حدث من أهل البلد.فعلوا وفعلوا وكان قصدُه أن يفتك بهم، فقال له الشيخ عبد العزيز الحصين: كل ما تقولُ صِدقٌ، ولكن العفو يا باشا. فقال: عَفَونا عَفَونا إكرامًا لمجيئك، فكفى الله سبحانه شَرَّه، وهدم سور البلد ودفَن خندَقَها، وأقام عليها نحوًا من شهر، ثم ارتحل منها بعساكِرِه، وأخذ معه عشرةَ رجال من رؤسائهم، وسار منها إلى بلد ضرم، وأتت إليه مُكاتبات أهل المحمل وحريملاء وأعطوه الطاعة.

العام الهجري : 32 العام الميلادي : 652
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الله بن مَسعودِ بن غافِلِ بن حَبيبٍ، أحدُ المُكثِرين في الرِّوايةِ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قَديمُ الإسلامِ، أوَّلُ مَن جَهَر بالقُرآنِ في مكَّةَ بعدَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم،كان في خِدمَةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى كان يُعرَفُ في الصَّحابةِ بصاحِبِ السَّوادِ والسِّواكِ، وهاجَر الهِجرَتين جميعًا إلى الحَبشةِ وإلى المدينةِ، وصلَّى إلى القِبْلَتين، كان مِن كِبارِ القُرَّاءِ المعروفين مِن الصَّحابةِ، وفيه قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن أراد أن يَقرأَ القُرآنَ رَطْبًا كما أُنْزِلَ فَلْيَقرأْهُ على قِراءَةِ ابنِ أُمِّ عَبْدٍ). يعني ابنَ مَسعودٍ، أو كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوفِّيَ في المدينةِ ودُفِنَ بالبَقيعِ وصلَّى عليه عُثمانُ، وقِيلَ: بل عَمَّارٌ. وقِيلَ: بل الزُّبيرُ. والله أعلم.

العام الهجري : 64 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 684
تفاصيل الحدث:

لمَّا احْتَرَقت الكَعبةُ حين غَزا أهلُ الشَّامِ عبدَ الله بن الزُّبير أيَّام يَزيدَ تَرَكها ابنُ الزُّبير يُشَنِّع بذلك على أهلِ الشَّام، فلمَّا مات يَزيدُ واسْتَقَرَّ الأمرُ لابنِ الزُّبير شرَع في بِنائِها، فأَمَر بِهَدْمِها حتَّى أُلْحِقَت بالأرضِ، وكانت قد مالت حيطانُها مِن حِجارَةِ المَنْجنيقِ، وجَعَل الحَجَرَ الأسودَ عنده، وكان النَّاسُ يَطوفون مِن وراءِ الأساسِ، وضرَب عليها السُّورَ وأدخل فيها الحِجْرَ، واحْتَجَّ بأنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لعائشةَ: (لولا حَدَثانُ عَهْدِ قَومِك بالكُفْرِ لرَدَدْتُ الكَعبةَ على أساسِ إبراهيمَ، وأَزيدُ فيها الحِجْرَ). فحفَر ابنُ الزُّبير فوجَد أساسًا أمثال الجِمالِ، فحَرَّكوا منها صَخرةً فبَرِقَت بارِقَة، فقال: أَقِرُّوها على أساسِها وبِنائِها، وجعَل لها بابَيْنِ يُدْخَل مِن أحدِهما ويُخْرَج مِن الآخر.

العام الهجري : 254 العام الميلادي : 867
تفاصيل الحدث:

كانت ديارُ مصر قد أُقطِعَت لبابكيال، وهو مِن أكابر قوَّاد الأتراك، وكان مُقيمًا بالحَضرة، والتمسَ بابكيال من يستخلِفُه بمصر، فأشيرَ عليه بأحمد بن طولون؛ لِمَا ظهَرَ عنه من حُسنِ السيرة، وكان طولون والدُ أحمد بن طولون أيضًا من الأتراك، وقد نشأ هو بعد والدِه على طريقةٍ مُستقيمة، وسيرةٍ حَسنةٍ، فولَّاه بابكيال وسيَّرَه إليها، وكان بها ابنُ المدبر على الخَراج، وقد تحكَّمَ في البلد، فلمَّا قَدِمَها أحمد كفَّ يد ابن المدبر، واستولى على البلدِ، وكان بابكيال قد استعمَلَ أحمد بن طولون على مصرَ وَحدَها سوى باقي الأعمالِ كالإسكندرية وغيرها، فلما قتَلَ المهتدي بابكيال وصارت مصر لياركوج التركي، وكان بينه وبين أحمد بن طولون مودَّة متأكِّدة، استعمله على ديارِ مِصرَ جَميعِها، فقَوِيَ أمرُه، وعلا شأنُه ودامت أيامه.

العام الهجري : 317 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 929
تفاصيل الحدث:

غزا الناصِرُ أميرُ الأندلس مدينةَ بَطليوس؛ لمحاربة أهلِها وأميرِهم ابن مروان الجليقي؛ فلمَّا أخَذَهم الحِصارُ، وطاوَلَتهم الحربُ، وفَنِيَ رجالُهم، واستُبيحَت نَعَمُهم، وقُطِعَت ثَمراتُهم، ورأوا عزمًا لا فترةَ فيه، وجِدًّا لا بقاءَ لهم عليه- استأمنوا الناصِرَ، وعاذُوا بصَفحِه، فأوسعهم ما أوسَعَ أمثالَهم قبلهم. واستنزل ابنَ مروان الجليقي وأهلَه، وذوي الشوكة مِن صَحْبِه، وأسكَنَهم قرطبة، وألحقهم في الملاحِقِ السَّنِيَّة، وملك المدينة وولَّاها عُمَّاله، وصارت بسيلِ كوره. ثم انتقل الناصِرُ منها قاصدًا إلى مدينة أكشونبة بقرب الساحلِ الغربي من البحرِ المحيط، فاحتل بها يوم الاثنين لسبعٍ بقين من جمادى الآخرة، وكان قد افتتَحَ في طريقه حصنَ الوقاع وتردَّدَت الفتوحاتُ في هذا العامِ بوقائِعَ كانت على أهلِ بطليوس، وافتُتِحَت فيه مدينة شاطبة من بلنسيَّة، ثم افتُتِحَت بطليوس في العامِ التالي.

العام الهجري : 322 العام الميلادي : 933
تفاصيل الحدث:

لَمَّا خُلِعَ القاهِرُ ووَلِيَ الرَّاضي، طَمِعَ هارونُ بنُ غريبٍ في الخلافة؛ لكَونِه ابنَ خالِ المُقتَدِر، وكان نائبًا على ماه والكوفة والدينور وماسبذان، فدعا إلى نفسِه واتَّبَعه خلقٌ كثيرٌ مِن الجند والأمراء، وجبى الأموالَ واستفحل أمرُه، وقَوِيَت شوكتُه، وقصد بغداد فخرج إليه محمَّدُ بنُ ياقوت رأسُ الحَجَبةِ بجميع جندِ بغداد، فاقتَتَلوا فخرج في بعض الأيامِ هارونُ بنُ غريب يتقصَّدُ؛ لعَلَّه يعمَلُ حيلةً في أسر محمد بنِ ياقوت، فتقنطر به فرَسُه فألقاه في نهرٍ، فضربه غلامُه حتى قتَلَه وأخذ رأسَه حتى جاء به إلى محمد بن ياقوت، وانهزم أصحابُه ورجع ابنُ ياقوت فدخلَ بغداد ورأسُ هارون بن غريب يُحمَلُ على رمحٍ، ففَرِحَ النَّاسُ بذلك، وكان يومًا مشهودًا. 

العام الهجري : 549 العام الميلادي : 1154
تفاصيل الحدث:

سَيَّرَ الخَليفةُ العبَّاسيُّ المُقتَفِي لأَمرِ الله عَسكرًا إلى تَكريتَ لِيَحصُروها، وأَرسلَ معهم مُقدَّمًا عليهم أبا البَدرِ بن الوَزيرِ عَوْنِ الدِّينِ بن هُبيرَة وتُرشُكَ، وهو مِن خَواصِّ الخَليفةِ، وغَيرَهما، فجَرَى بين أبي البَدرِ وتُرشُكَ مُنافرَةً فكَتَبَ ابنُ الوَزيرِ للخَليفةِ يشكو من تُرشكَ، فأَمرَ الخَليفةُ بالقَبضِ على تُرشكَ، فعَرَفَ ذلك، فأَرسلَ إلى مَسعودِ بِلال، صاحِبِ تَكريت، وصالَحَهُ وقَبَضَ على ابنِ الوَزيرِ ومَن معه مِن المُتَقدِّمينَ، وسَلَّمَهم إلى مَسعودِ بِلالٍ فانهَزمَ العَسكرُ وغَرَقَ منه كَثيرٌ، وسار مَسعودُ بِلالٍ وتُرشكُ من تَكريتَ إلى طَريقِ خراسان فنَهَبَا وأَفسَدا، فسار المُقتَفِي عن بغداد لدِفْعِهِما، فهَرَبا من بين يَديهِ، فقَصَدَ تَكريتَ، فحَصَرَها أَيامًا وجَرَى له مع أَهلِها حُروبٌ مِن وَراءِ السُّورِ، فقُتِلَ من العَسكرِ جَماعةٌ بالنُّشَّابِ، فعاد الخَليفةُ عنها، ولم يَملِكها.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

لما فرغ صلاح الدين من أمر جبلة، سار عنها إلى اللاذقية، فوصل إليها في الرابعِ والعشرين من جمادى الأولى، فترك الفرنجُ المدينة لعَجزِهم عن حِفظِها، وصَعِدوا إلى حصنينِ لها على الجبل فامتنَعوا بهما، فدخل المسلمونَ المدينة وحصروا القلعتينِ اللتين فيهما الفرنجُ، وزحفوا إليهما، ونَقَّبوا السور ستين ذراعًا، وعَلِقوه- حازوه-  وعَظُمَ القتال، واشتد الأمرُ عند الوصول إلى السور، فلما أيقن الفرنجُ بالعَطَبِ، ودخل إليهم قاضي جبَلة فخَوَّفَهم من المسلمين؛ طَلَبوا الأمانَ فأمَّنَهم صلاح الدين، ورفع المسلمونَ الأعلامَ على الحصنين، وكان ذلك في اليومِ الثالث من النزول عليها، وكانت عمارةُ اللاذقية من أحسَنِ الأبنية وأكثَرِها زَخرفةً مملوءةً بالرخام على اختلافِ أنواعها، فسَلَّمَها صلاح الدين إلى ابن أخيه تقيِّ الدين عمر، فعَمَرَها، وحَصَّنَ قَلعتَها.