الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 58 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 678
تفاصيل الحدث:

هي عائشةُ الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيق رضي الله عنها، تَزوَّجها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعدَ خَديجةَ في مكَّة؛ ولكن لم يَدْخُلْ بها إلَّا في المدينةِ بعدَ الهِجرَةِ، لها مِن الفضائلِ الكثيرُ، نزلت بَراءتُها مِن السَّماءِ بآياتٍ تُتْلَى إلى يومِ القِيامَة، توفِّيت في المدينةِ النَّبَوِيَّةِ وأَوْصَتْ أن تُدْفَنَ ليلًا، وصلَّى عليها أبو هُريرةَ، ونزَل في قَبرِها خمسةٌ ودُفِنَت في البَقيعِ، وكانت مِن أَفْقَهِ النِّساءِ، فجَزاها الله خيرًا عن الإسلامِ والمسلمين ورضي الله عنها وأرضاها، وكانت مِن المُكْثِرين في الرِّاويَةِ عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولها اسْتِدْراكاتٌ على الصَّحابَةِ مَعروفة.

العام الهجري : 783 العام الميلادي : 1381
تفاصيل الحدث:

بعد وفاةِ محمد بردي بك أمير أذربيجان سنة 762 وقد كان ولَدُه توقتاميش صغيرًا على الملك فعَمَّت الفوضى البلاد فاستقَلَّ الحاج جركس بمنطقة استراخان، واستقَلَّ ماماي بمنطقة القرم، وأما منطقة سراي فحَكَمَها خضر بك وهرب توقتاميش إلى سمرقند إلى تيمورلنك، فاستغَلَّ الروس هذا الاختلاف فانقَضُّوا على التتار والتَقَوا مع ماماي وانتصروا عليه، فقام توقتاميش بالرجوع إلى سراي وحكَمَها بمساعدة تيمورلنك، ثم في هذه السنة 783 بعد أن استطاع توقتاميش خان السيطرةَ على أمور التتار والجلوس على عرش الحكم فيها، حيث استقَلَّ بسلطنة دشت القفجاق وسراي، بعد أن قتل تيمر ملك خان في حدود سنة 780 فأرسل إلى حكام الروسية ليدينوا له بالطاعةِ، ولكن حصل منهم تباطؤ وممالأة، فسار إليهم توقتاميش إلى موسكو في أوائل سنة 783 من طريقِ البلغار وعبَرَ نَهرَ أدل (أولغا) ففَرَّ منها حاكمُها ديمتري وهرب معه كثيرٌ مِن أهل موسكو، وبَقِيَ مَن بقي للمدافعة والقتال مغترين بسور المدينة العظيم، ثم وصل التتار وبدؤوا الحصار والرمي ثلاثة أيام، ثم بدأت المحاربة في اليوم الرابع وقال لهم توقتاميش: إن همه هو ديمتري ثم استقَرَّ رأي أهل البلد أن يفتحوا الأبوابَ، فلما فعلوا دخل التتار وقتلوا كلَّ من رأوا أمامَهم من الأهالي ونَهَبوا الأموال وأسَروا من أسَروا ثم عادوا إلى بلادهم بما حصَّلوه من أموال.

العام الهجري : 782 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1380
تفاصيل الحدث:

في ليلةِ الجمعة تاسِعَ عَشَر صفر لَبِسَ الأمير بركة السلاحَ هو ومماليكه، ولبس الأمراءُ أيضًا وباتوا في إسطبلاتهم على احتراز، فلما أصبح نهارُ يوم الجمعة، طلب الأميرُ الكبير برقوق القضاةَ ومشايخَ العلم وندبهم للدخول بينه وبين الأمير بركة في الصُّلحِ؛ مكيدةً منه ودَهاءً، فما زالوا يتردَّدونَ بينهما عِدَّة مرار، حتى وقع الصلحُ على دَخَن، وحلف كلٌّ منهم لصاحبه، ونزعوا عنهم السلاحَ، فبعث الأميرُ برقوق بالأمير أَيْتَمِش إلى الأمير بركة، فنزل إليه وفي عُنُقِه منديل، ليفعل ما يريدُ مِن قتل أو حبس أو غير ذلك، وخضع له خضوعًا زائدًا، فلم يجِدْ بركةُ بدًّا من الإغضاءِ عنه وقبول معذرته، وخلع عليه، وأعاده إلى الأميرِ برقوق، والقلوبُ ممتلئةٌ حَنَقًا، ونودي في القاهرة بالأمان وفَتْح الأسواق، فسكن انزعاجُ الناس، فلما أصبح نهارُ الأربعاء تاسع شهر ربيع الأول أنزل برقوق السلطانَ المَلِكَ المنصور إلى عنده بالإسطبل السلطاني، ونادى للمماليكِ السُّلطانية بالحضور، فحضروا فأخرجَ جماعةً كبيرة من الأمراء ومعهم المماليك السلطانية ونَدَبَهم لقتال بركة بعد أن بلَغَه أنَّه يريدُ أن يقتُلَه غِيلةً يوم الجمعة في الصلاة، ودُقَّت الكوسات بقلعة الجبل، هذا وقد جَهَّز بركة أيضًا جماعةً كبيرة أيضًا من أصحابِه؛ لملتقى من ندبه برقوق لقتالِه، وسار كل من الفريقينِ إلى الآخر حتى تواجَها على بُعدٍ، فلم يتقَدَّمْ أحد من العسكرين إلى غريمِه، فلما كان بعد الظهر بعث الأميرُ بركة أمير آخوره سيف الدين طغاي يقول لبرقوق: ما هذا العَمَلُ، هكذا كان الاتفاق بيننا؟ فقال برقوق: هكذا وقع، قل لأستاذك: يتوجه نائبًا في أيِّ بلد شاء، فرجع أميرُ آخور بركة إليه بهذا القَولِ، فلم يوافِقْ بركة على خروجه من مصر أصلًا، فركب بركةُ بأصحابه ومماليكه من وَقتِه، وساقوا فرقتين: فرقةٌ من الطريق المعتادة، وفرقةٌ من طريق الجبل، وكان بركةُ في الفرقة التي بطريق الجَبَل، وبلغ برقوقًا ذلك فأرسل الأمراءَ والمماليك في الوَقتِ لِمُلتقاه، فلما أقبل بركةُ هرب أكثَرُ عساكر برقوق ولم يَثبُتْ إلَّا الأميرُ علان الشعباني في نحو مائة مملوك، والتقى مع بركة، وكان يلبغا الناصري بمن معه من أصحابِ بركة توجَّه من الطريق المعتادة، فالتقاه أيتمش البجاسي بجماعةٍ وكسره، وضَرَبَه بالطبر، وأخذ جاليشَه وطبلخاناتِه، ورجع مكسورًا بعد أن وقع بينهم وقعةٌ هائلة جُرِحَ فيها من الطائفتين خلائق، وأما بركة فإنه لما التقى مع علان صَدَمَه عَلَّان صدمةً تقنطَرَ فيها عن فَرَسِه، وركب غَيرَه، فلما تقنطر انهزم عنه أصحابُه، فصار في قِلَّة، فثبت ساعة جيدةً ثم انكسر وانهزم إلى جهةِ قُبَّة النصر، وأقام به إلى نِصفِ الليل، فلم يجسُرْ أحد من البرقوقيَّة على التوجه إليه وأخْذِه، فلما كانت نصفُ ليلة الخميس رأى بركة أصحابَه في قلة، وقد تخَلى عنه أكثَرُ مماليكه وحواشيه، وهرب من قُبَّة النصر هو والأمير آقبغا صيوان إلى جامع المقسي خارج القاهرة، فغُمِزَ عليه في مكانه فمُسِكَ هو وآقبغا من هناك، وطُلِعَ بهما إلى برقوق، وتتَبَّعَ برقوق أصحابَ بركة ومماليكه فمسك منهم جماعةً كبيرة مع من مُسِك مع بركة من الأمراء، وبَقِيَت القاهرة ثلاثة أيام مغلقة والنَّاسُ في وَجَل بسبب الفتنة، فنادى برقوقٌ عند ذلك بالأمان والاطمئنان، وأمَّا أمرُ بركة فإنه لما كان شهر رجب من هذه السنة ورد الخبَرُ من الأمير صلاح الدين خليل بن عرام نائب الإسكندرية بموت الأمير زين الدين بركة الجوباني اليلبغاوي بسِجنِ الإسكندرية، فلما بلغ الأتابك برقوقًا ذلك بعث بالأميرِ يونس النوروزي الدوادار بالإسكندرية لكَشفِ خَبَرِ الأمير بركة وكيف كانت وفاتُه، فتوجه يونُسُ إلى الإسكندرية، ثم عاد إلى مصر ومعه ابنُ عرام نائب الإسكندرية، وأخبر برقوقًا بأنَّ الأمرَ صَحيحٌ، وأَّنه كشف عن موته وأخرجه من قَبرِه فوجد به ضرباتٍ: إحداها في رأسِه، وأنه مدفون بثيابِه مِن غير كفن، وأن يونُسَ أخرجه وغَسَّله وكَفَّنه ودفنه وصلَّى عليه خارج باب رشيد، وبنى عليه تربة، وأن الأمير صلاح الدين خليل بن عرام هو الذي قتَلَه، فحَبَس برقوقٌ ابنَ عرام بخزانة شمائل وهي السِّجنُ المخصَّص لأصحاب الجرائم، ثم عصره وسأله عن فصوصٍ تركها بركة عنده، فأنكرها وأنكر أنَّه رآها، فلما كان يوم الخميس خامس عشرين شهر رجب طلع الأمراءُ للخدمة على العادة، وطُلِبَ ابن عرام من خزانة شمائل، فطلعوا به إلى القلعةِ على حمار، فرَسَم برقوق بتسميره، فخرج الأميرُ مأمور القلمطاوي حاجب الحجاب، وجلس بباب القلة هو وأميرُ جاندار، وطلب ابن عرام بعد خدمةِ الإيوان، فعُريَ وضُرِبَ بالمقارع ستة وثمانين شيبًا، ثم سفر على جمل بلعبة تسمير عطب، وأنزل من القلعة إلى سوق الخيل بالرميلة بعد نزول الأمراء، وأوقفوه تجاه الإسطبل السلطاني ساعةً، فنزل إليه جماعةٌ من مماليك بركة وضَرَبوه بالسيوف والدبابيس حتى هَبَروه وقطَّعوه قطَعًا عديدة، ثم إنَّ بَعضَهم قَطَع أذنه وجعل يَعَضُّها صفة الأكل، وأخذ آخَرُ رجله، وآخر قَطَعَ رأسَه وعَلَّقَها بباب زويلة، وبقيت قِطَعٌ منه مرمية بسوق الخيل، وذُكِرَ أن بعض مماليك بركة أخذ من لحمه قطعةً شواها، والله أعلم بصحة ذلك، ثم جُمِعَ ابن عرام بعد ذلك ودُفِنَ بمدرسته خارج القاهرة عند جامع أمير حسين بن جندر بحكر جوهر النوبي.

العام الهجري : 32 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 653
تفاصيل الحدث:

هو العبَّاسُ بن عبدِ المُطَّلِب بن هاشمِ بن عبدِ مَنافٍ، أبو الفَضلِ، عَمُّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومِن أكابرِ قُريشٍ في الجاهِليَّةِ والإسلامِ، وجَدُّ الخُلفاءِ العبَّاسيِّين رضِي الله عنه. كان مُحسِنًا لِقومِه، سَديدَ الرَّأيِ، واسعَ العَقلِ، مُولَعًا بإعْتاقِ العَبيدِ، كارِهًا للرِّقِّ، اشْتَرى 70 عبدًا وأَعتَقَهم، وكانت له سِقايةُ الحاجِّ، وعِمارةُ المسجدِ الحرامِ -وهي أن لا يَدَعَ أحدًا يَسُبّ أحدًا في المسجدِ ولا يَقولُ فيه هَجْرًا- أَسلَم قبلَ الهِجرَةِ وكتَم إسلامَه، وأقام بمكَّةَ يَكتُب إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخبارَ المشركين، ثمَّ هاجَر إلى المدينةِ، وشَهِدَ وَقعةَ "حُنين" فكان ممَّن ثبَت حين انْهزَم النَّاسُ، وشَهِدَ فَتحَ مكَّةَ، وعَمِيَ في آخرِ عُمُرِهِ، وكان إذا مَرَّ بعُمَرَ في أيَّام خِلافَتِه تَرَجَّلَ عُمَرُ إجلالًا له، وكذلك عُثمانُ، وكانت وَفاتُه في المدينةِ عن عشرةِ أولادٍ ذُكورٍ سِوَى الإناثِ، وله في كُتُبِ الحديثِ 35 حديثًا تَقريبًا، وإليه تُنْسَبُ الدَّولةُ العبَّاسيَّة التي حَكَمت ما يَزيد عن خمسةِ قُرونٍ.

العام الهجري : 465 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1072
تفاصيل الحدث:

هو سُلطانُ العالَم عَضُدُ الدَّولةِ أبو شُجاعٍ، المُلَقَّبُ بالعادِل محمد، ألب أرسلان بن جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق بن سلجوق التُّركيُّ, واسمُه بالعربي محمدُ بنُ داودَ وألب أرسلان اسمٌ تُركيٌّ مَعناهُ شُجاع أَسَد، فألب: شُجاع، وأرسلان: أَسَد. وهو ابنُ أخي السُّلطانِ طغرلبك، أَصلُه من قَريةٍ يُقال لها: النور. وُلِدَ سَنةَ 424هـ, وَجَدُّهُ دقاق، هو أَوَّلُ مَن دَخلَ في الإسلامِ, وألب أرسلان أَوَّلُ مَن ذُكِرَ بالسُّلطانِ على مَنابِرِ بغداد, وكان مَلِكًا عادِلًا، مَهِيبًا، مُطاعًا، مُعَظَّمًا. وَلِيَ السَّلْطَنَةَ بعدَ وَفاةِ عَمِّهِ طغرلبك بن سلجوق في سَنةِ 457هـ. لمَّا ماتَ السُّلطانُ طُغرلبك نَصَّ على تَوْلِيَةِ الأَمرِ لسُليمانَ بنِ داودَ أخي ألب أرسلان، ولم يَنُصَّ على ألب أرسلان؛ لأنَّ أُمَّ سُليمانَ كانت عنده فتَبِعَ هَواها في وَلَدِها، فقام سُليمانُ بالأَمرِ وثارَ عليه أَخوهُ ألب أرسلان، وجَرَت بينهم خُطوبٌ فلم يَتِمَّ لِسُليمانَ الأَمرُ، وكانت النُّصرةُ لألب أرسلان. فاستَولَى على المَمالِكِ، وعَظُمَت مَملكَتُه ورُهِبَت سَطوتُه، وفَتحَ من البِلادِ ما لم يكُن لِعَمِّهِ طُغرلبك مع سِعَةِ مُلْكِ عَمِّهِ، وقَصدَ بِلادَ الشامِ فانتَهَى إلى مَدينةِ حَلَب، وهو أَوَّلُ مَن عَبَرَ الفُراتَ من مُلوكِ التُّركِ. وكاد أن يَتَمَلَّكَ مصر. أَعزَّ الله بهِ الإسلامَ وأَذَلَّ الشِّرْكَ. كان ألب أرسلان مِن أَعدَلِ الناسِ، وأَحسَنِهم سِيرَةً، وأَرغَبِهِم في الجِهادِ وفي نَصرِ الدِّينِ. وعَظُمَ أَمرُ السُّلطانِ ألب آرسلان، وخُطِبَ له على مَنابرِ العِراقِ والعَجَمِ وخُراسان، ودانَت له الأُمَمُ، وأَحَبَّتْهُ الرَّعايا، ولا سيما لمَّا هَزَمَ العَدُوَّ، طاغِيةَ الرُّومِ أرمانوس في مَعركةِ ملازكرد سَنةَ 463هـ, وقَنعَ من الرَّعِيَّةِ بالخَراجِ في قِسطَينِ، رِفْقًا بهم, وكان كَثيرَ الصَّدَقاتِ، يَتَفقَّد الفُقراءَ في كلِّ رَمضانَ بأَربعةِ آلافِ دِينارٍ ببَلخ، ومَرو، وهراة، ونيسابور، ويَتَصدَّق بحَضرَتِه بعشرةِ آلافِ دِينارٍ. كَتبَ إليه بَعضُ السُّعاةِ في نِظامِ المُلْكِ وَزيرِهِ، وذَكَرَ مالَه في مَمالِكِه فاستَدعاهُ فقال له: خُذْ إن كان هذا صَحيحًا فهَذِّبْ أَخلاقَك وأَصلِح أَحوالَك، وإن كَذَبَ فاغْفِر له زَلَّتَهُ. وكان شديدَ الحِرصِ على حِفْظِ مالِ الرَّعايا، بَلَغَهُ أنَّ غُلامًا من غِلمانِه أَخذَ إِزارًا لبَعضِ أَصحابِه فصَلَبَهُ فارتَدعَ سائرُ المَماليكِ به خَوفًا من سَطوتِه. في أَوَّلِ سَنةِ 465هـ قَصدَ السُّلطانُ ألب أرسلان، ما وَراءَ النَّهرِ، وصاحبُه شَمسُ المُلْكِ تكين، فعَقدَ على جيحون جِسْرًا وعَبرَ عليه في نَيِّفٍ وعِشرينَ يومًا، وعَسكرُه يَزيدُ على مائتي ألف فارسٍ، فأَتاهُ أَصحابُه بمُسْتَحْفِظِ قَلعَةٍ يُعرفُ بيُوسُف الخوارزمي، في سادس شهرِ رَبيعٍ الأوَّل، وحُمِلَ إلى قُرْبِ سَريرِه مع غُلامَينِ، فقال له يُوسفُ: يا مُخَنَّث! مِثلي يُقتَل هذه القِتلَة؟ فغَضِبَ السُّلطانُ ألب أرسلان، وأَخذَ القَوْسَ والنِّشابَ، وقال للغُلامَينِ: خَلِّيَاهُ! ورَماهُ بِسَهمٍ فأَخطَأهُ، ولم يكُن يُخطِئ سَهمَه، فوَثبَ يُوسفُ يُريدُه، والسُّلطانُ على سُدَّةٍ، فلمَّا رأى يُوسفَ يَقصِدُه قام عن السُّدَّةِ ونَزلَ عنها، فعَثَرَ، فوَقعَ على وَجهِه، فبَرَكَ عليه يُوسفُ وضَربَهُ بسِكِّينٍ كانت معه في خاصِرَتِه، وكان سعدُ الدَّولةِ واقِفًا، فجَرَحَهُ يُوسفُ أيضًا جِراحاتٍ، ونَهضَ ألب أرسلان فدَخَل إلى خَيمةٍ أُخرَى، وضَرَبَ بَعضُ الفَرَّاشِين يُوسفَ بِمِرْزَبَّةٍ على رَأسِه، فقَتَلَه وقَطَّعَهُ الأتراكُ، ولمَّا جُرِحَ السُّلطانُ قال: ما مِن وَجهٍ قَصدتُه، وعَدُوٍّ أَردتُه، إلَّا استَعنتُ بالله عليه، ولمَّا كان أَمسُ صَعدتُ على تَلٍّ، فارتَجَّت الأرضُ تحتي مِن عِظَمِ الجَيشِ وكَثرَةِ العَسكرِ، فقلتُ في نفسي: أنا أَملِكُ الدُّنيا، وما يَقدِر أَحَدٌ عَلَيَّ، فعَجَّزَني الله تعالى بأَضعفِ خَلْقِه، وأنا أَستَغفِرُ الله تعالى، وأَستَقيلُه من ذلك الخاطرِ. فتُوفِّي عاشرَ رَبيعٍ الأوَّلِ من السَّنَةِ، فحُمِلَ إلى مَرو ودُفِنَ عند أَبيهِ. تُوفِّي عن إحدى وأربعين سَنَةً، وكانت مُدَّةُ مُلكِه منذ خُطِبَ له بالسَّلْطَنَةِ إلى أن قُتِلَ تِسعَ سِنينَ وسِتَّةَ أَشهُر وأيامًا، ولمَّا وَصلَ خَبرُ مَوتِه إلى بغداد جَلسَ الوَزيرُ فَخرُ الدَّولةِ بن جهير للعَزاءِ به في صَحنِ السَّلامِ. تَركَ ألب أرسلان من الأولادِ ملكشاه، وإياز، ونكشر, وبوري برس, وأرسلان، وأرغو، وسارة، وعائشة، وبِنتًا أُخرى, وتَولَّى بعده ابنُه ملكشاه.

العام الهجري : 583 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1187
تفاصيل الحدث:

لَمَّا أتت صلاحُ الدين البِشارةَ بهزيمة الإسبتارية والدواية، وقَتْل مَن قُتِل منهم، وأسْر مَن أُسِرَ في صفوريَّة، عاد عن الكرك إلى العسكَرِ الذي مع وَلَدِه الملك الأفضل، فنزل بالأقحوانةِ بقرب طبرية، وتقَدَّم صلاح الدين حتى قارب الفرنجَ، فلم يَرَ الفرنج من يمنَعُهم من القتال، ونزل جريدةً إلى طبرية وقاتلَهم، ونقَّبَ بعض أبراجها، وأخذَ المدينة عَنوةً في ليلة، ولجأ من بها إلى القلعةِ التي لها، فامتنعوا بها، وفيها صاحبتُها، فنهَبَ المدينةَ وأحرَقَها، فقَوِيَ عَزمُ الروم على التقَدُّم إلى المسلمين وقتالِهم، فرحلوا من مُعسكَرِهم الذي لَزِموه، وقَرُبوا من عساكِرِ الإسلام، فلما سمع صلاح الدين بذلك عاد عن طبريَّةَ إلى عسكره، وكان قريبًا منه، وإنما كان قَصدُه بمحاصرةِ طبريَّةَ أن يفارِقَ الفرنج مكانَهم للتمكُّنِ مِن قتالهم، وكان المسلمونَ قد نزلوا على الماء، والزَّمانُ قَيظٌ شديدُ الحر، فوجد الفرنجُ العَطشَ، ولم يتمكنوا من الوصولِ إلى ذلك الماء من المسلمين، وكانوا قد أفنَوا ما هناك من ماءِ الصهاريج ولم يتمكَّنوا من الرجوع خوفًا مِن المسلمين، فبَقُوا على حالهم إلى الغد، وهو يوم السبت، وقد أخذ العطشُ منهم، وأصبح صلاحُ الدين والمسلمونَ يوم السبت لخمسٍ بَقِينَ مِن ربيع الآخر، فرَكِبوا وتقَدَّموا إلى الفرنج، فركب الفرنجُ، ودنا بعضُهم من بعضٍ إلَّا أن الفرنجَ قد اشتَدَّ بهم العَطَشُ وانخَذَلوا، فاقتتلوا، واشتَدَّ القتال، وصبر الفريقان، ورمى المسلمونَ مِن النشاب ما كان كالجراد المنتَشِر، فقَتَلوا من خيول الفرنج كثيرًا. والفرنج قد جمعوا نفوسَهم براجِلِهم وهم يقاتلون سائرينَ نحو طبرية، لعَلَّهم يردون الماء. فلما عَلِمَ صلاح الدين مَقصِدَهم صَدَّهم عن مرادِهم، وكان بعضُ المتطَوِّعة من المسلمين قد ألقى في تلك الأرض نارًا، وكان الحشيش كثيرًا فاحترق، وكانت الريحُ على الفِرنجِ، فحَمَلت حَرَّ النار والدُّخان إليهم، فاجتمع عليهم العَطَشُ وحَرُّ الزمانِ وحَرُّ النار، والدُّخانُ، وحَرُّ القتال، فلما انهزم القُمُّص-كبير القساوسة- سُقِطَ في أيديهم وكادوا يستسلِمونَ، ثمَّ عَلِموا أنَّهم لا ينجِّيهم من الموتِ إلَّا الإقدام عليه، فحملوا حملاتٍ مُتداركة كادوا يزيلونَ بها المسلمينَ، على كثرتِهم، عن مواقِفِهم، لولا لُطفُ الله بهم، إلَّا أن الفرنجَ لا يَحمِلونَ حملةً فيَرجِعونَ إلَّا وقد قُتِلَ منهم، فوهنوا لذلك وهنًا عظيمًا، فأحاط بهم المسلمون إحاطةَ الدائرة بقُطرِها، فارتفع من بَقِيَ مِن الفرنج إلى تلٍّ بناحية حطين، وأرادوا أن ينصِبوا خيامَهم، ويجمُّوا نفوسَهم به، فاشتد القتالُ عليهم من سائر الجهات، ومنعوهم عمَّا أرادوا، ولم يتمَكَّنوا من نصب خيمةٍ غيرَ خيمةِ مَلِكِهم، وأخذ المسلمونَ صَليبَهم الأعظمَ الذي يسمُّونَه صليبَ الصلبوت، ويذكرون أنَّ فيه قطعة من الخَشَبة التي صُلِبَ عليها المسيحُ عليه السَّلامُ- بزَعمِهم- فكان أخذُه عندهم من أعظَمِ المصائب عليهم، وأيقنوا بعده بالقَتلِ والهلاك، هذا والقَتلُ والأسرُ يَعمَلانِ في فرسانهم ورجالتِهم، فبَقِيَ الملك على التلِّ في مقدار مائة وخمسين فارسًا من الفُرسان المشهورين والشُّجعان المذكورين، وكان سبَبُ سقوط الفرنج لَمَّا حملوا تلك الحملات ازدادوا عطشًا، وقد كانوا يرجون الخلاص في بعض تلك الحَمَلاتِ مِمَّا هم فيه، فلما لم يجِدوا إلى الخلاصِ طريقًا، نزلوا عن دوابِّهم وجلسوا على الأرض، فصَعِدَ المسلمون إليهم، فألقوا خيمةَ الملك، وأسرُوهم عن بَكرةِ أبيهم، وفيهم الملِكُ وأخوه والبرنس أرناط، صاحِبُ الكرك، ولم يكن للفرنجِ أشَدُّ منه عداوةً للمسلمين، وأسَروا أيضًا صاحِبَ جبيل، وابن هنفري، ومقدم الداوية، وكان من أعظم الفرنجِ شأنًا، وأسروا أيضًا جماعةً مِن الداوية، وجماعةً من الإسبتارية، وكثُرَ القتل والأسر فيهم، فكان من يرى القتلى لا يظُنُّ أنهم أَسَروا واحدًا، ومَن يرى الأسرى لا يظُنُّ أنهم قتلوا أحدًا! فلما فرغ المسلمونَ منهم نزل صلاح الدين في خيمتِه، وأحضر مَلِكَ الفرنجِ عنده، وبرنس أرناط صاحِبَ الكرك، وأجلس المَلِك إلى جانبه وقد أهلَكَه العَطَشُ، فسقاه ماءً مثلوجًا، فشَرِبَ، وأعطى فَضْلَه برنس صاحب الكرك، فشَرِبَ، فقال صلاح الدين: إنَّ هذا الملعون لم يشرَبِ الماءَ بإذني فينالَ أماني؛ ثمَّ كلَّم البرنس، وقَرَّعه بذنوبه، وعَدَّد عليه غَدَراتِه، وقام إليه بنفسه فضَرَبَ رَقَبتَه، وقال: كنتُ نَذَرتُ دفعتَينِ أن أقتُلَه إن ظَفِرتُ به: إحداهما لَمَّا أراد المسيرَ إلى مكة والمدينة، والثانية لَمَّا أخذ القافلةَ غدرًا، فلما قتَلَه وسُحِبَ وأُخرِجَ، ارتعدت فرائص الملك، فسَكَّن جأشَه وأمَّنَه.

العام الهجري : 532 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1138
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المُؤمِنينَ: أبو جعفر الرَّاشِدُ باللهِ مَنصورُ بنُ المسترشدِ باللهِ الفَضلِ بنِ أحمدَ العباسي، وُلِدَ سنة 502 في رمضان. وقيل: وُلِدَ بلا مَخرجٍ، ففُتِقَ له مخرجٌ بآلةٍ مِن ذهَبٍ، وأمُّه أم ولد. خُطِبَ له بولايةِ العَهدِ سنة 513، واستخلف في ذي القعدة، سنة 529, وكان أبيضَ مليحًا، تامَّ الشَّكلِ، شديدَ الأيدِ. وكان حَسَنَ السِّيرةِ، مُؤثِرًا للعَدلِ، فصيحًا، عَذْبَ العبارةِ، أديبًا شاعرًا جَوادًا، قال أبو طالبٍ بنُ عبد السميع: "مِن كلامِ الرَّاشِدِ: إنَّا نَكرَهُ الفِتَنَ؛ إشفاقًا على الرعيَّة، ونُؤثِرُ العَدلَ والأمْنَ في البَريَّة، ويأبى المَقدور إلَّا تَصَعُّبَ الأمور، واختلاطَ الجمهور، فنسألُ اللهَ العَونَ على لمِّ شَعثِ النَّاس بإطفاءِ ثائرةِ البَاس". وقال أبو الحسن البيهقي: "الراشِدُ باللهِ أعطاه اللهُ مع الخِلافةِ صُورةً يُوسُفيَّة، وسِيرةً عُمَريَّة". خرج الرَّاشِدُ باللهِ إلى همذان، وبها المَلِكُ داود وبوزابة ومَن معهما من الأُمَراءِ والعساكِرِ بعد انهزامِ السُّلطانِ مَسعود وتفَرُّقِ العساكر، وكان بعد خروجِ الرَّاشِدِ مِن بغدادِ مجيءُ السُّلطانِ مَسعود بنِ مُحمَّد بن ملكشاه، فاجتمع بالأعيانِ، وخَلَعوا الرَّاشِدَ، وبايعوا عَمَّه المُقتفيَ. وقيل: "إنَّ السُّلطانَ مَسعودًا أخرج خَطَّ الرَّاشِدِ يقولُ فيه: إنِّي متى عَسكَرْتُ أو خرَجْتُ، انعَزَلتُ" لم تَطُلْ أيَّامُه حتى خرج إلى المَوصِل، ثمَّ إلى أذربيجان، وعاد إلى أصبهان، فأقام على بابِها مع السُّلطان داود، محاصِرًا لها، فقَتَلَتْه الملاحِدةُ هناك، ففي الخامِسِ والعشرون من رمضان وثب عليه نفَرٌ مِن الخراسانيَّة الذين كانوا في خِدمتِه، فقَتَلوه وهو يريدُ القَيلولةَ، وكان في أعقابِ مَرَضٍ قد بَرِئَ منه. ودُفِنَ بظاهرِ أصفهان بشهرستان، فرَكِبَ مَن معه فقَتَلوا الباطنيَّةَ.

العام الهجري : 719 العام الميلادي : 1319
تفاصيل الحدث:

حشد الفِرنجُ وأقبلوا يريدونَ استئصالَ المسلمين من الأندلس في غرناطةَ في عدَدٍ لا يُحصى، فيه خمسة وعشرونَ ملكًا بزعامة ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة، فقَلِقَ المسلمون بغرناطة ومَلِكُها الغالب بالله أبو الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر من بني الأحمر، واستنجدوا بالمريني مَلِك فاس فلم يُنجِدْهم، فلجؤوا إلى الله وحارَبوهم في الألبيرة وهم نحو ألف وخمسمائة فارس وأربعة آلاف راجل، فقتلوا الفرنجَ بأجمَعِهم، وأقلُّ ما قيل إنَّه قُتِلَ منهم خمسون ألفًا، وأكثَرُ ما قيل ثمانون ألفًا، ولم يُقتَلْ من المسلمين سوى ثلاثةَ عشر فارسًا، وغَنِمَ المسلمون ما لا يدخُلُ تحت حصر، وسُلِخَ الملكُ دون بتروا وحُشِيَ قُطنًا، وعُلِّقَ على بابِ غرناطة، فطَلَب الفرنجُ الهُدنةَ فعُقِدَت، وبَقِيَ دون بتروا مُعَلَّقًا عدَّةَ سنينَ.

العام الهجري : 513 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1119
تفاصيل الحدث:

سار جوسلين، صاحب تل باشر، في جمع من الفرنج، نحو مائتي فارس، من طبرية، فكبس طائفة من طي يُعرفون ببني خالد فأخذهم، وأخذ غنائمهم وسألهم عن بقية قومهم من بني ربيعة، فأخبروه أنهم من وراء الحزن، بوادي السلالة، بين دمشق وطبرية، فقدم جوسلين مائة وخمسين فارسًا من أصحابه، وسار هو في خمسين فارسًا على طريق آخر، وواعدهم الصبح ليكبسوا بني ربيعة، فوصلهم الخبر بذلك، فأرادوا الرحيل، فمنعهم أميرهم من بني ربيعة، وكانوا في مائة وخمسين فارسًا، فوصلهم المائة وخمسون من الفرنج معتقدين أن جوسلين قد سبقهم أو سيدركهم، فضَلَّ الطريقَ، وتساوت العِدَّتان، فاقتتلوا، وطعنت العرب خيولهم، فجعلوا أكثرهم رجَّالة، وظهر من أميرهم شجاعة وحسن تدبير وجودة رأي؛ فقُتل من الفرنج سبعون، وأُسر اثنا عشر من مقَدَّميهم، بذل كل واحد منهم في فداء نفسه مالًا جزيلًا وعِدةً من الأسرى، وأما جوسلين فإنه ضلَّ في الطريق وبلغه خبر الوقعة، فسار إلى طرابلس، فجمع جمعًا وأسرى إلى عسقلان، فأغار على بلدها، فهزمه المسلمون هناك، فعاد مفلولًا.

العام الهجري : 1329 العام الميلادي : 1910
تفاصيل الحدث:

هو محمد عبد الله حسن نور صومالي، قاد الجهاد ضِدَّ الاحتلال الإنجليزي والإيطالي والأثيوبي في مطلع القرنِ العشرينَ، وُلِدَ سنة 1856م، سماه الإنجليز «الملا المجنون» عندما واجه الاستعمارين البريطاني والإيطالي، واستطاع أن يقاوم المستعمرين لمدة عشرين عامًا، كبَّدهم أثناءها الخسائِرَ الفادحة، وانتزع حقَّ السيادة على مناطِقَ عديدة، خاض محمد بن عبد الله 270 موقعة في الجهاد ضدَّ البريطانيين انتصر في معظمها. في العام 1920م تعرض محمد بن عبد الله لقصف من الطيران البريطاني استهدف مواقِعَهم في مدينة جالكاسيو غرب الصومال، فاستطاع أن يصِلَ إلى أثيوبيا ثم توفِّيَ فيها.

العام الهجري : 623 العام الميلادي : 1226
تفاصيل الحدث:

كان بين المعظم والأشرف خلافٌ سَبَبُه أنَّه لَمَّا توفِّيَ الملك العادل أبو بكر بن أيوب، اتفق أولاده الملوك بعده اتفاقًا حسنًا، وهم: الملك الكامل محمد، صاحب مصر، والملك المعظم عيسى، صاحب دمشق، والملك الأشرف موسى، صاحب ديار الجزيرة وخلاط، واجتمعت كلمتُهم على دفع الفرنج عن الديار المصريَّة، ولما رحل الكامل عن دمياط لما كان الفرنج يحصُرونَها، صادفه أخوه المعظَّم من الغد، وقَوِيَت نفسه، وثَبَتت قدمه، ولولا ذلك لكان الأمر عظيمًا، ثم إنَ المعظم لما عاد من مصر سار إلى أخيه الأشرف ببلاد الجزيرة مرَّتين يستنجده على الفرنج، ويحثُّه على مساعدة أخيهما الكامل، ولم يزل به حتى أخذه وسارا إلى مصر، وأزالوا الفرنجَ، فلما فارق الفرنجُ مصرَ وعاد كل من الملوك أولاد العادل إلى بلده بَقُوا كذلك يسيرًا، ثم سار الأشرفُ إلى أخيه الكامل بمصر، فاجتاز بأخيه المعظَّم بدمشق، فلم يستصحِبْه معه، وأطال المقامَ بمصر، فساء المعظَّم ذلك، ثم إن المعظَّم سار إلى مدينة حماة وحصرها، فأرسل إليه أخوه من مصرَ ورحَّلاه عنها كارهًا، فازداد نفورًا، وقيل: إنَّه نقل إليه عنهما أنهما اتفقا عليه، والله أعلم بذلك، ثم انضاف إلى ذلك أن الخليفة الناصر لدين الله، كان قد استوحش من الكامِلِ؛ لِما فعله ولده صاحِبُ اليمن من الاستهانة بأمير الحاج العراقي، فأعرض عنه وعن أخيه الأشرف لاتفاقِهما، وقاطعهما وراسل مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي، صاحب إربل، يعلِمُه بانحرافه عن الأشرف، واستمالَه واتفقا على مراسلة المعظَّم وتعظيم الأمر عليه، فمال إليهما وانحرف عن إخوته، ثم اتفَقَ ظهور جلال الدين وكثرةُ ملكه، فاشتد الأمرُ على الأشرف بمجاورة جلال الدين خوارزم شاه ولاية خلاط، ولأنَّ المعظم بدمشق يمنع عنه عساكرَ مصر أن تصِلَ إليه، وكذلك عساكر حلب وغيرها من الشام، فرأى الأشرفُ أن يسير إلى أخيه المعظَّم بدمشق، فسار إليه في شوال واستماله واصطلح معه، فلما سمع الكامل بذلك عظم عليه، ثم إنهما راسلاه وأعلماه بنزول جلال الدين على خلاط، وعظَّما الأمر عليه، وأعلماه أن هذه الحال تقتضي الاتفاق لعمارة البيت العادلي، وانقضت السنةُ والأشرف بدمشق والناس على مواضِعِهم ينتظرون خروجَ الشتاء ما يكون من الخوارزميين.

العام الهجري : 1208 العام الميلادي : 1793
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ سعود بن عبد العزيز بجيوشِه من جميع نواحي نجدٍ وعُربانها، وقصَدَ الأحساءَ، وكان أهلُ الأحساءِ بعد نقضِهم العهدَ أتى إليهم زيدُ بن عريعر واستولى عليهم واستوطنَ البلَدَ هو وإخوانُه وذووه، فأقبل إليهم سعود  بجنوده وفرسانه، ومعهم براك بن عبد المحسن بن سرداح آل حميد مهاجر، ونزل سعودٌ بجنوده على قرية الشقيق المعروفة في الأحساء، فحاصرها يومين وأخذها عَنوةً، واستولى عليها وهرب أهلُها، تم اجتمع أهل قرى شمال الأحساءِ في قرية القرين، فسار إليها سعود فنزلها وحاصرها أشدَّ الحصار وحاصر أهل بلد المطيرفي فصالحوه على نصفِ أموالهم، وسار سعود بجنوده إلى المبرز، فخرج عليهم زيدُ بن عريعر بما عنده من الخيلِ، فحصل بينهم قتالٌ، قُتِلَ مِن قومِ زيد غديرُ بن عمر، وحمود بن غرمول، وانهزم زيد ومن معه إلى البلدِ، ثم بعد أيام. سارت الجموعُ إلى المبرز فكمنوا لهم فجرت وقعةُ المحيرس قُتِلَ فيها من أهل المبرز مقتلةٌ عظيمة، قيل: إن القتلى ينيفون عن المائة رجل، وسارت الجنودُ إلى البطالية، فوقع فيها قتالٌ فانهزم أهلُها وقُتِلَ منهم عددٌ كثير، وأخذ سعود ما فيها من الأمتعةِ والطعام والحيوان والأموال، ثم ساروا إلى بلدانِ الشرق فحصل فيها قتالٌ وجِلادٌ، وارتجف أهل الشرق، ثم إنَّ براك بن عبد المحسن أتى إلى سعود وقال: إن أهل الأحساء يريدون المبايعة والدخول في الإسلامِ، ولكِنْ لا يقدرون على الجلوسِ بين يديك خوفًا وفَرَقًا وهيبةً، فقال: سعود لا بُدَّ من إقبالهم عندي، فشفَعَ براك برؤساء المسلمين على سعودٍ يرحَلُ عنهم، وقال لسعود: إذا رحلت عنهم أخرجوا عنهم زيدَ بن عريعر وأتباعه، ووفَدوا عليك وبايعوك فرحل سعود قافلًا إلى الدرعية، وركب براك إلى أهلِ الأحساءِ، فلما وصل إليهم نابذوه ونقضوا ما بينهم وبينه، وقاتَلوه واستمَرُّوا على أمرهم، فأرسل إليه فريق السياسب وأدخلوه المبرز، وكان أولاد عريعر في الجفر والجشة، فحصل بينهم وبين السياسب وأتباعهم قتالٌ شديد، فهرب أولادُ عريعر من الأحساء، وقصدوا البصرة والزبير وسكنوا فيه، واستولى على الأحساء من جهة الإمام عبد العزيز براكُ بن عبد المحسن وبايعوه على السمع والطاعة, وكتب إليه عبد العزيز أنه يجلي من الأحساءِ رؤساء الفتن: محمد بن فيروز، وأحمد بن حبيل، ومحمد بن سعدون، فأخرجهم براك منها، ودخل أهلُ الأحساء في طاعة براك، وصار أميرًا نائبًا للإمامِ عبد العزيز سامعًا مُطيعًا. وبزوال ولاية زيدِ بن عريعر عن الأحساء زالت ولاية آل حميد عن الأحساء ونواحيها؛ لأن ولاية براك هذه كانت للإمامِ عبد العزيز بن محمد بن سعود وتابعةً لدولة الدرعية.

العام الهجري : 1400 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1980
تفاصيل الحدث:

لم تَرْضَ روسيا عن حَفيظ الله أمين رغم شُيوعيته؛ فهم لا يَرغبون بشُيوعيةٍ تخرُج عن دائرتِهم، وكان حِزْبُ برشام (الراية) الحزبَ الشيوعيَّ الأقربَ لِمُوسكو؛ فهو يرى الارتباطَ بها، وكان زَعيم الحزب هو بابرك كارمل، وكان لا يَزال في (براغ) عاصمة تشيكسلوفاكيا كلاجئٍ سياسيٍّ، ثم في يوم 6 صفر 1400هـ / 27 ديسمبر حدَث هجومٌ على القصر الجُمهوري برئاسة وزير الدِّفاع محمد أسد وطنجار، واعتُقِلَ رئيسُ الجمهوريةِ حفيظ الله أمين، وفي اليوم التالي لَقِيَ حتْفَه، وعُيِّن بابرك كارمل رئيسًا للجمهوريةِ وهو لا يَزالُ في (براغ)؛ حيث تحرَّك منها إلى موسكو، وألْقى منها بيانًا أعلَنَ فيه أن سلَفَه كان عميلًا لِأمريكا، ثم رجَع إلى كابُلَ مع الجيشِ الرُّوسي الذي كان قد سبَقَه إلى كابُلَ.

العام الهجري : 228 العام الميلادي : 842
تفاصيل الحدث:

سبَبُ ذلك أنَّ موسى بن موسى كان من أعيانِ قُوَّادِ عبد الرحمن، وهو العامِل على مدينةِ تَطيلة، فجرى بينه وبين القُوَّادِ تحاسُدٌ سنةَ سَبعٍ وعشرين، فعصِيَ موسى بن موسى على عبد الرحمنِ بنِ الحَكَم، فسَيَّرَ إليه جيشًا واستعمل عليهم الحارِثَ بنَ يزيغ والقُوَّاد، فاقتتلوا عند برجة، فقُتل كثيرٌ من أصحاب موسى، وقُتِلَ ابنُ عَمٍّ له، وعاد الحارِثُ إلى سرقسطة، فسيَّرَ موسى ابنَه ألب بن موسى إلى برجة، فعاد الحارِثُ إليها وحصَرَها فمَلَكَها وقتَلَ ابنَ موسى، وتقَدَّمَ إلى أبيه فطلبه فحضر، فصالحه موسى على أن يخرُجَ عنها، فانتقل موسى إلى أزبيط، وبقِيَ الحارث يتطَلَّبُه أيامًا ثم سار إلى أزبيط، فحصر موسى بها فأرسل موسى إلى غرسية، وهو مِن ملوك الأندلسيِّينَ المُشرِكينَ، واتَّفقا على الحارث، واجتمعا وجعلا له كمايِنَ في طريقِه، واتخذَ له الخيلَ والرِّجالَ بموضِعٍ يقال له بلمسة على نهرٍ هناك، فلمَّا جاء الحارِثُ النَّهرَ خرج الكُمَناءُ عليه، وأحدَقوا به، وجرى معه قِتالٌ شديد، وكانت وقعةً عظيمةً، وأصابه ضربةٌ في وجهِه فَلَقَت عينَه، ثم أُسِرَ في هذه الوَقعةِ، فلمَّا سَمِعَ عبدُ الرحمن خبَرَ هذه الوقعةِ، عَظُمَ عليه، فجهَّزَ عسكرًا كبيرًا واستعمل عليه ابنَه محمدًا، وسيَّرَه إلى موسى في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائتين، وتقَدَّمَ محمد إلى بنبلونة، فأوقع عندها بجمعٍ كثيرٍ مِن المشركين، وقُتِلَ فيها غرسية، وكثيرٌ من المشركين، ثم عاد موسى إلى الخلافِ على عبد الرحمن، فجَهَّزَ جيشًا كبيرًا وسَيَّرَهم إلى موسى، فلمَّا رأى ذلك طلَبَ المُسالَمةَ، فأُجيبَ إليها وأعطى ابنَه إسماعيلَ رهينةً، وولَّاه عبدُ الرحمن مدينةَ تطيلة، فسار موسى إليها فوصلها وأخرجَ كلَّ من يخافُه، واستقَرَّت تطيلةُ في عمالتِه.

العام الهجري : 564 العام الميلادي : 1168
تفاصيل الحدث:

لما توفي أسد الدين شيركوه كان معه صلاح الدين بن أخيه أيوب بن شاذي قد سار معه على كُرهٍ منه للمسير، وأما كيفيَّة ولايته، فإنَّ جماعة من الأمراء النورية الذين كانوا بمصر طلبوا التقدُّمَ على العساكر، وولاية الوزارة العاضدية بعده، منهم عينُ الدولة الياروقي، وقطب الدين، وسيف الدين المشطوب الهكاري، وشهاب الدين محمود الحارمي، وهو خالُ صلاح الدين، وكُلُّ واحد من هؤلاء يخطُبها، وقد جمع أصحابه ليغالَ عليها، فأرسل العاضد إلى صلاح الدين فأحضرَه عنده، وخلعَ عليه، وولَّاه الوزارة بعد عَمِّه، وكان الذي حمله على ذلك أن أصحابَه قالوا: ليس في الجماعة أضعَفُ ولا أصغَرُ سنًّا من يوسف بن أيوب (صلاح الدين)، والرأيُ أن يولَّى، فإنَّه لا يخرجُ من تحت حُكمِنا، ثم نضَعُ على العساكر من يستميلُهم إلينا، فيصير عندنا من الجنود من نمنَعُ بهم البلاد، ثم نأخذ يوسف أو نخرِجُه، فلما خلع عليه لقب الناصر لم يُطِعْه أحد من أولئك الأمراء الذين يريدونَ الأمرَ لأنفُسِهم، ولا خَدَموه، وكان الفقيهُ عيسى الهكاري مع صلاح الدين، فمَيَّل الأمراء الذين كانوا قد طمعوا بالوزارة إلى الانقيادِ إليه، فأجابوا سوى عين الدولة الياروقي؛ فإنه امتنع، وثبتَ قَدَمُ صلاح الدين، ومع هذا فهو نائب عن نور الدين محمود، واستمال صلاحُ الدين قلوبَ النَّاسِ، وبذل الأموال، فمالوا إليه وأحبُّوه وضَعُف أمر العاضد، ثم أرسل صلاحُ الدين يطلُب من نور الدين أن يرسِلَ إليه إخوتَه وأهلَه، فأرسلهم إليه، وشرعَ عليهم طاعتَه والقيامَ بأمره ومساعدته، وكلُّهم فعل ذلك، وأُخِذت إقطاعات الأمراء المصريين فأعطاها أهله والأمراء الذين معه، وزادهم، فازدادوا له حبًّا وطاعةً.