الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2497 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 488 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو أبو شُجاعٍ الوَزيرُ محمدُ بن الوَزيرِ حُسينِ بن عبدِ الله بن إبراهيمَ، الروذراوريُّ، أَهوازيُّ الأَصلِ من همذان. كان أبو شُجاعٍ قد قَرأَ الفِقهَ والعَربيَّةَ، وسَمِعَ الحَديثَ من جَماعةٍ منهم: أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، وصَنَّفَ كُتُبًا منها كِتابُه الذي ذَيَّلَهُ على ((تجارب الأمم)) ووَزَرَ للمُقتدِي بالله سَليمًا مِن طَمَعٍ، وكان يَملِك حِينئذٍ عَيْنًا ستمائة ألف دِينارٍ، فأَنفَقَها في الخَيراتِ والصَّدقاتِ. قال أبو جَعفرِ بن الخِرقيِّ: "كُنتُ أنا مِن أَحَد عشر يَتَولَّون إِخراجَ صَدَقاتِه، فحَسِبتُ ما خَرَجَ على يَدِي فكان مائة ألف دِينارٍ، ووَقَّفَ الوُقوفَ، وبَنَى المَساجِدَ، وأَكثَرَ الإنعامَ على الأَرامِلِ واليَتامَى، وكان يَبيعُ الخُطوطَ الحَسَنَة، ويَتصدَّق بثَمَنِها ويقول: أَحَبُّ الأَشياءِ إليَّ الدِّينارُ والخَطُّ الحَسَن، فأنا أُخرِجُ للَّه مَحبوبي. ووَقَعَ مَرَضٌ في زَمانِه، فبَعَثَ إلى جَميعِ أَصقاعِ البَلدِ أَنواعَ الأَشرِبَةِ والأَدوِيَةِ، وكان يُخرِج العُشْرَ من جَميعِ أَموالِه النَّباتيَّة على اختِلافِ أَنواعِه. حَكَى حاجِبُه الخاصُّ بهِ قال: استَدعاني لَيلةً، وقال: إنِّي أَمَرتُ بعَمَلِ قَطائفَ، فلمَّا حَضَرَ بين يديَّ ذَكرتُ نُفوسًا تَشتَهيهِ فلا تَقدِرُ عليه، فنَغَّصَ ذلك عليَّ أَكْلَهُ، ولم أَذُق منه شَيئًا، فاحمِل هذه الصُّحونَ إلى أَقوامٍ فُقراءَ. فحَمَلَها الفَرَّاشُونَ معه، وجَعَلَ يَطرُق أَبوابَ المَساجِد ببابِ المَراتِبِ، ويَدفَع ذلك إلى الأَضِرَّاءِ المُجاوِرينَ بها"  وكان يُبالِغُ في التَّواضُع، حتى تَرَكَ الاحتِجابَ فيُكَلِّم المَرأَةَ والطِّفلَ، وأَوْطَأَ العَوامَّ والصَّالِحينَ مَجلِسَه، وكان يُحضِر الفُقهاءَ الدِّيوانَ في كلِّ مُشكِلٍ، وكانوا إذا أَفتَوا في حَقِّ شَخصٍ بوُجوبِ حَقِّ القَصاصِ عليه سَأَلَ أَولياءَ الدَّمِ أَخْذَ شَيءٍ من مالِه وأن يَعفُوا، فإن فَعَلوا وإلَّا أَمَرَ بالقَصاصِ، وأَعطَى ذلك المالَ وَرَثَةَ المَقتُولِ الثاني، وفي زَمانِه أُسقِطَت المُكوسُ، وأُلبِسَ أَهلُ الذِّمَّةِ الغِيارَ، وتَقدَّم إلى الخِرَقيِّ المُحتَسِب أن يُؤَدِّبَ كلَّ مَن فَتَحَ دُكَّانَه يَومَ الجُمعةِ ويُغلِقَه يومَ السبتِ مِن البَزَّازينَ وغَيرِهم، وقال: هذه مُشارَكةٌ لليَهودِ في حِفْظِ سَبتِهم. وكان قد سَمِعَ أن النَّفَّاطِينَ والكِلابزيَّة -مَن يَتَولَّى تَربيَةَ الكِلابِ وبَيعَها- يَقِفونَ على دَكاكِين المُتعيِّشين فيَأخُذون منهم كلَّ أُسبوعٍ شَيئًا، فنَفَذَ مَن يَمنعُهم مِن الاجتِيازِ بهم. وحَجَّ في وِزارَتِه سَنةَ ثمانين، فبَذَلَ في طَريقِه الزَّادَ والأَدوِيَةَ، وعَمَّ أَهلَ الحَرمَينِ بصَدَقاتٍ، وساوَى الفُقراءَ في إِقامَةِ المَناسِك والتَّعَبُّد، وكان كَثيرَ البِرِّ للخَلْقِ، كَثيرَ التَّلَطُّفِ بهم، ولمَّا عُزِلَ خَرجَ إلى الجامِعِ يومَ الجُمعةِ فانثالَت عليه العامَّةُ تُصافِحُه وتَدعُو له، فكان ذلك سَبَبًا لالتِزامِه بَيتَه، والإنكارِ على مَن صَحِبَهُ، وبَنَى في دِهليزِ دارِهِ مَسجِدًا وكان يُؤَذِّن ويُصلِّي فيه، ثم وَرَدَت كُتُبُ نِظامِ المُلْكِ بإخراجِه من بغداد، فأُخرِجَ إلى بَلدةٍ، فأَقامَ مُدَّةً، ثم استَأذَنَ في الحَجِّ فأُذِنَ له فخَرجَ, وجاوَرَ بالمَدينَةِ، فلمَّا مَرِضَ مَرْضَ المَوتِ حُمِلَ إلى مَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وتُوفِّي مِن يَومِه ودُفِنَ بالبَقيعِ بعدَ أن صُلِّيَ عليه بمَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في مُنتَصفِ جُمادَى الآخِرَة من هذه السَّنَةِ وهو ابنُ إحدى وخمسين سَنةً، وكان له شِعْرٌ حَسَنٌ.

العام الهجري : 564 العام الميلادي : 1168
تفاصيل الحدث:

في ربيع الأول، سار أسد الدين شيركوه بن شاذي إلى ديار مصر، فمَلَكَها ومعه العساكر النورية، وسَبَبُ ذلك تمكُّن الفرنج من البلاد المصرية، وأنهم جعلوا لهم في القاهرة شحنةً وتسَلَّموا أبوابها، وجعلوا لهم فيها جماعةً من شجعانهم وأعيان فرسانهم، وحكَموا المسلمين حكمًا جائرًا، ورَكِبوهم بالأذى العظيم، فعَمِلوا أيضًا على تجهيز الجيوش لتمَلُّك مصر كلها، وشرعوا يتجهَّزون ويُظهِرون أنَّهم يريدون قصد مدينة حمص، فلما سمع نور الدين محمود بهم شرع يجمَعُ عساكِرَه، وأمَرَهم بالقدوم عليه، وجَدَّ الفرنج في السير إلى مصر، فقدموها، ونازلوا مدينة بلبيس، ومَلَكوها قهرًا مستهَلَّ صفر، ونهبوها وقتلوا فيها وأسروا وسَبَوا، وكان جماعة من أعيان المصريين قد كاتبوا الفرنج، ووعَدوهم النصرة، فقَوِيَ جنان الفرنج، وساروا من بلبيس إلى مصر، فنزلوا على القاهرة عاشِرَ صَفَر وحصروها، فخاف الناسُ منهم أن يفعلوا بهم كما فعلوا بأهل بلبيس، فحمَلَهم الخوف منهم على الامتناعِ، فحفظوا البلد، وقاتلوا دونَه وبذلوا جُهدَهم في حفظه، وأمر شاور بإحراق مدينة مصر تاسع صفر، وأمر أهلَها بالانتقال منها إلى القاهرة، وأن يُنهَب البلد، فانتقلوا، وبقُوا على الطرق، ونُهِبَت المدينة وافتقرَ أهلُها، وذهبت أموالُهم ونعمتهم قبل نزول الفرنج عليهم بيوم، خوفًا أن يملِكَها الفرنج، فبَقِيَت النار تحرقها أربعة وخمسين يومًا، وأرسل حاكمُ مصر العاضد العبيدي إلى نور الدين يستغيثُ به، ويُعَرِّفُه ضعف المسلمين عن دفع الفرنج، فشرع في تسيير الجيوش، وأما الفرنج فإنهم اشتدوا في حصار القاهرة وضَيَّقوا على أهلها، وشاوِر هو المتولي للأمر والعساكر والقتال، فضاق به الأمر، وضَعُف عن ردهم، فأخلد إلى أعمال الحيلة، فأرسل إلى ملك الفرنج يَذكُرُ له مودته ومحبته القديمة له، وأنَّ هواه معه؛ لخوفه من نور الدين والعاضد، فأجابه إلى ذلك على أن يعطوه ألف ألف دينار مصرية، يُعَجَّل البعض، ويُمهَل البعض فاستقرت القاعدةُ على ذلك، وجعل شاوِر يجمع لهم المال من أهل القاهرة ومصر، فلم يتحصَّل له إلا قدر لا يبلغ خمسة آلاف دينار، وهم في خلالِ هذا يراسلون نور الدين بما الناس فيه، وبذلوا له ثلث بلاد مصر، وأن يكونَ أسدُ الدين مقيمًا عندهم في عسكر، وأقطاعهم في الديار المصرية أيضًا خارجًا عن الثُّلث الذي لهم، وسار أسد الدين شيركوه من رأس الماء مجدًّا منتصف ربيع الأول، فلما قارب مصرَ رحل الفرنج عنها عائدين إلى بلادِهم بخُفَّي حُنَين خائبين مما أمَّلوا، وسمع نور الدين بعودهم، فسره ذلك، وأمر بضَربِ البشائر في البلاد، وبَثَّ رسله في الآفاق مبشرين بذلك، فإنه كان فتحًا جديدًا لمصر، وحفظًا لسائر بلاد الشام وغيرها، فأمَّا أسد الدين فإنه وصل إلى القاهرة سابع جمادى الآخرة، ودخل إليها، واجتمع بالعاضد، وخلع عليه وعاد إلى خيامِه بالعاضدية، وفرح به أهلُ مصر، وأُجريت عليه وعلى عسكره الجرايات الكثيرة، والإقامات الوافرة.

العام الهجري : 730 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1330
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ يوسفُ الكيمياوي إلى مِصرَ في يوم الخميس سابعَ عشر رمضان، وكان من خبَرِ هذا الرجل أنه كان نصرانيًّا من أهل الكرك فأسلم، ومضى إلى دمشقَ بعدما خَدَع بمدينة صفد الأميرَ بهادر التقوى حتى انخدع له وأتلَفَ عليه مالًا جزيلًا، فلما ظهَرَ له أمْرُه سَجَنه مُدَّةً، ثم أفرج عنه، فاتصَلَ يوسف بالأمير تنكز نائب الشام، وقَصَد خديعته فلم ينخَدِعْ له، وأمر والي دمشق بشَنقِه، فصاح وقال: أنا جيت للسُّلطانِ حتى أملأَ خِزانَتَه ذهبًا وفِضَّة، فلم يجِدْ تنكز بدًّا من إرساله إلى السلطان، فقَيَّده وأركَبَه البريدَ مع بعض ثقاتِه، وكتب بخَبَرِه وحَذَّر منه، فلما اجتمع يوسفُ بالسلطان مال إلى قَولِه، وفَكَّ قَيدَه، وأنزله عند الأمير بكتمر الساق وأجرى عليه الرواتِبَ السَّنِيَّة، وأقام له عِدَّةً مِن الخدم يتولَّون أمره، وخلع عليه، وأحضر له ما طلَبَ من الحوائج لتدبيرِ الصَّنعةِ، حتى تمَّ ما أراده، فحضر يوسف بين يدي السلطان، وقد حضر الفخر ناظِرُ الجيش والتاج إسحاق وابن هلال الدولة والأمير بكتمر الساقي في عِدَّةٍ من الأمراء، والشيخ إبراهيم الصائغ وعِدَّة من الصواغ، فأوقدوا النَّارَ على بوطقة قد مُلِئَت بالنُّحاسِ والقصدير والفضة حتى ذاب الجميعُ، فألقى عليه يوسفُ شيئًا من صنعته، وساقوا بالنَّارِ عليها ساعةً، ثم أفرغوا ما فيها فإذا سبيكةُ ذَهَبٍ كأجوَدِ ما يكونُ، زِنَتُها ألفُ مثقالٍ، فأعجَبَ السلطانَ ذلك إعجابًا كثيرًا، وسُرَّ سرورًا زائدًا، وأنعم على يوسف بهذه الألفِ مِثقالٍ، وخلع عليه خِلعةً ثانية، وأركبه فرسًا مُسرَجًا مُلَجَّمًا بكنبوش حرير، وبالغ في إكرامِه، ومكَّنَه من جميع أغراضه، فاتصل به خُدَّام السلطان، وقَدَّموا له أشياء كثيرة مستحسنة، فاستخَفَّ عُقولَهم حتى ملكها بكَثرةِ خُدَعِه، فبذلوا له مالًا جزيلًا، ثم سَبَك يوسف للسلطان سبيكةً ثانية من ذهب، فكاد يطيرُ به فرحًا، وصار يستحضِرُه بالليل ويحادِثُه، فيزيده طَمَعًا ورغبة فيه، فأذِنَ له أن يركب من الخيولِ السُّلطانيَّة ويمضي حيث شاء من القاهرةِ ومصر، فركب وأقبَلَ على اللهو، وأتاه عِدَّةٌ من الناس يسألونَه في أخذِ أموالهم، طمعًا في أن يُفيدَهم الصَّنعةَ أو يُغنيهم منها، فمَرَّت له أوقاتٌ لا يتهيَّأُ لكلِّ أحَدٍ مِثلُها مِن طِيبتِها، ثم إنَّه سأل أن يتوجَّه إلى الكرك لإحضارِ نبات هناك، فأركبه السلطانُ البريد، وبعث معه الأميرَ طقطاي مُقَدَّم البريدية، بعدما كتب إلى نائب غَزَّة ونائب الكرك بخدمتِه وقضاء ما يُرسَم به والقيام بجميع ما يحتاجُ إليه من ديوان الخاص، فمضى يوسفُ إلى الكرك وأبطأ خبَرُه، ثم قَدِمَ وقد ظهر كَذِبُه للسلطان، فضَيَّق عليه وحبسه في القاهرة، ثم إنَّه في عام 731 هرب من السجنِ ثمَّ بعد عدة أشهر وُجِدَ في أحميم فمَثُلَ بين يدي السلطان فسأله عن المال، فقال: عَدِمَ مني، فسأله السلطانُ عن صناعته فقال: كُلُّ ما كنتُ أفعَلُه إنما هو خِفَّةُ يدٍ، فعوقب عُقوبةً شديدة بالضرب، ثم حُمِلَ إلى خزانة شمائل سجن أرباب الجرائم بجوار باب زويلة من القاهرة، فمات ليلة الأحد خامس عشر ذي الحجة، فسُمِّرَ وهو ميت وطيف به القاهرة على جملٍ في يوم الأحَدِ.

العام الهجري : 999 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1591
تفاصيل الحدث:

عزم السلطانُ أحمد المنصور السعدي على غزو السودان، فاشتغل بتجهيز آلة الحرب وما يحتاج إليه الجيشُ من آلة السفر ومهمَّاته، وأمر القوَّادَ أن يقوِّموا حِصَصَ القبائل وما يحتاجون إليه من إبلٍ وخيل وبغال، وأنَّ من أتى بجملٍ ضعيف يعاقَبُ، واشتغل هو بتقويم آلةِ الحرب من المدافِعِ والعجلات التي تحمِلُها، والبارود والرصاص والكور، وتقويم الخشب واللوح والحديد للغلائط، والسفن والفلك والمجاذيف والقلوع والبراميل والروايا لحمل الماء، وألَّف النجارون ذلك في البر إلى أن تألَّف، ثم خلعوه وشدوه أحمالًا، واستمر الحالُ إلى أن استوفى المنصورُ أمر الغزو في ثلاث سنين، ثم أمر بإخراج المضارب والمباني لوادي تانسيفت، فخرجت الأحمالُ والأثقال من مراكش في اليوم السادس عشر من ذي الحجة سنة 998 ونزلت العساكرُ وضَربت أبنيتَها خيلًا ورَجِلًا، وجملتها عشرون ألفًا، ومعهم من المعلمين البحرية والطبجية ألفان، فالمجموع اثنان وعشرون ألفًا، وعقد المنصور على ذلك الجيش لمولاه الباشا جؤذر، وشدَّ أزره بجماعةٍ من أعيان الدولة، فاختار منهم من يعلَمُ نجدته ويعرِفُ كفايته، وتخيَّر من الإبل كلَّ بازل وكوماء، ومن الخيل كلَّ عتيق وجرداء، ثم نهضوا في زيٍّ عظيم وهيئة لم يُرَ مِثلُها، وذلك في محرَّم من هذه السنة، وكتب المنصور إلى قاضي تنبكتو الفقيه العلامة أبي حفص عمر ابن الشيخ محمود بن عمراء قيت الصنهاجي يأمُره بحضِّ الناس على الطاعة ولزوم الجماعة. ولما نهضوا من تانسيفت جعلوا طريقَهم على ثنية الكلاوي، ثم على درعة، ودخلوا القفرَ والفيافي فقطعوها في مائةِ مرحلة، ولم يَضِعْ لهم عِقالُ بعير ولا نقص منهم أحدٌ، فنزلوا على مدينة تنبكتو ثغر السودان، فأراحوا بها أيامًا، ثم صاروا قاصدين دار إسحاق سكية، ولما سمع بقدومهم احتشدت أمَمُ السودان وقبائلُها وقبائل الملثمين المهادنين لهم، وخرج من مدينة كاغو يجر الشوك والمدَرَ يقال: إنه جمع مائة ألف مقاتل وأربعة آلاف مقاتل. وقيل: لم يقنَعْ بالجيوش التي جمع حتى أضاف إليها أشياخَ السَّحَرة وأهلَ النَّفث في العُقَد وأرباب العزائم والسيمياء؛ ظنًّا منه أن ذلك يغنيه شيئًا وهيهات! ولما تقارب الجمعان عبَّأ الباشا جؤذر عساكِرَه وتقدَّم للحرب فدارت بهم عساكِرُ السودان من كل جهة، وعقلوا أرجلَهم مع الإبِلِ وصبروا مع الضحى إلى العصر، وكانت سلاحهم إنما هي الحرشان الصغار والرِّماح والسيوف، ولم تكن عندهم هذه المدافعُ، فلم تُغنِ حرشانُهم ورماحُهم مع البارود شيئًا، ولما كان آخرُ النهار هبَّت ريح النصر وانهزم السودان، فولَّوا الأدبار وحقَّ عليهم البوار وحكَمَت في رقابهم سيوفُ جؤذر وجندُه، حتى كان السودان ينادون: نحن مسلمون، نحن إخوانُكم في الدين، والسيوفُ عاملة فيهم وجُندُ جؤذر يقتلون ويَسلبون في كلِّ وجهٍ، وفرَّ إسحاق في شرذمة من قومِه ولم يدخل قلعةَ مُلكِه، وتقدم جؤذر فدخلها واحتوى على ما فيها من الأموالِ والمتاعِ، وكان ذلك في منتصف جمادى الأولى من هذه السنة.

العام الهجري : 19 العام الميلادي : 639
تفاصيل الحدث:

حاصَر المسلمون عَيْنَ شَمْسٍ وارْتَقى الزُّبيرُ بن العَوَّام السُّورَ، فلمَّا أَحَسَّ أهلُها بذلك انْطَلَقوا بِاتِّجاهِ البابِ الآخَرِ الذي عليه عَمرُو بن العاصِ؛ ولكنَّ الزُّبيرَ كان قد اخْترقَ البابَ عَنْوَةً ووصَل إلى البابِ الذي عليه عَمرٌو؛ ولكنَّ أهلَ عَيْنِ شَمْسٍ كانوا قد سَبَقوه وصالحوا عَمرًا, وكتَب لهم عَمرٌو كِتابَ أَمانٍ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عَمرُو بن العاصِ أهلَ مِصْرَ مِن الأمانِ على أَنفُسِهم، ومِلَّتِهِم، وأَموالِهِم، وكَنائِسِهم، وصُلُبِهِم، وبَرِّهِم، وبَحْرِهِم، لا يُدْخَلُ عليهم شيءٌ مِن ذلك، ولا يُنْتَقَصُ، ولا يُساكِنُهم النُّوبَةُ، وعلى أهلِ مِصْرَ أن يُعطوا الجِزيَةَ إذا اجتمعوا على هذا الصُّلْحِ، وانتهت زِيادَةُ نَهْرِهِم فعليهم خمسين ألف ألف، فإن أَبَى أحدٌ منهم أن يُجِيبَ رُفِعَ عنهم مِن الجَزاءِ بِقَدْرِهِم، وذِمَّتُنا ممَّن أَبَى بَريئَةٌ، وإن نَقَصَ نَهْرُهُم مِن غايَتِهِ رُفِعَ عنهم بِقَدْرِ ذلك، ومَن دخَل في صُلْحِهم مِن الرُّومِ والنُّوبَةِ فله مِثلُ ما لهم، وعليه مِثلُ ما عليهم، ومن أَبَى واخْتار الذِّهابَ فهو آمِن حتَّى يَبلُغَ مَأْمَنَهُ، أو يَخرُجَ مِن سُلْطانِنا، على ما في هذا الكِتابِ عَهْدُ الله، وذِمَّةُ رَسولِه، وذِمَّةُ الخَليفةِ أميرِ المؤمنين، وذِمَمُ المؤمنين، وعلى النُّوبَةِ الذين استجابوا أن يُعينوا بكذا وكذا رَأسًا، وكذا وكذا فَرَسًا، على أن لا يُغْزَوْا ولا يُمْنَعُوا مِن تِجارةٍ صادِرَةٍ ولا وارِدَةٍ.

العام الهجري : 352 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 963
تفاصيل الحدث:

لَمَّا رجَعَ سَيفُ الدولة إلى حَلَب من غزو الروم، كان لحِقَه في الطريق غشيةٌ أرجَفَ عليه الناسُ بالموت، فوثب هبةُ الله ابنُ أخيه ناصر الدولة بن حمدان بابنِ دنجا النصراني فقتَلَه، وكان خصيصًا بسيفِ الدولة، وإنما قتَلَه لأنَّه كان يتعَرَّضُ لغلام له، فغار لذلك، ثمَّ أفاق سيفُ الدولة، فلَمَّا عَلِمَ هِبةُ الله أن عمه لم يمُتْ هَرَب إلى حرَّان، فلما دخلها أظهر لأهلِها أنَّ عَمَّه مات، وطلب منهم اليمينَ على أن يكونوا سِلْمًا لِمَن سالَمَه، وحَرْبًا لِمَن حاربه، فحَلَفوا له، واستثنَوا عَمَّه في اليمين، فأرسل سيفُ الدَّولةِ غُلامَه نجا إلى حرَّانَ في طلَبِ هبةِ الله، فلما قاربها هربَ هِبةُ الله إلى أبيه بالمَوصِل، فنزل نجا على حَرَّان في السابع والعشرين من شوال، فخرج أهلُها إليه من الغدِ، فقبض عليهم وصادَرَهم على ألف ألف درهم، ووكلَ بهم حتى أدَّوها في خمسة أيام، بعد الضَّربِ الوجيع بحضرةِ عِيالِهم وأهليهم، فأخرجوا أمتعتَهم فباعوا كلَّ ما يساوي دينارًا بدِرهمٍ؛ لأنَّ أهلَ البلد كلَّهم كانوا يبيعون ليس فيهم مَن يشتري؛ لأنَّهم مُصادَرون، فاشترى ذلك أصحابُ نجا بما أرادوا، وافتقَرَ أهل البلد، وسار نجا إلى ميافارقين، وترك حرَّان شاغرةً بغير والٍ، فتسَلَّط العيارون على أهلِها.

العام الهجري : 907 العام الميلادي : 1501
تفاصيل الحدث:

بعد أن أعلن إسماعيل الصفوي قيامَ الدولة الصفويَّة وعاصمتها تبريز، كان أول عملٍ قام به هو إعلانَ أنَّ مذهبَ دولته هو مذهب الإماميَّة الاثني عشرية، وأنه سيعمِّمُه في جميع بلاد إيران، وعندما نُصِحَ أنَّ مذهب أهل إيران هو مذهب الشافعي لم يستجبْ لنصحِهم وهدَّد من لم يستجب لأمره بالتشيعِ، فإنَّ مصيره القتل, فأمر الخطباء في المساجد بسبِّ الخلفاء الراشدين الثلاثة، مع المبالغةِ في تقديسِ الأئمة الاثني عشر, ثم صَكَّ عملة للبلاد كتب عليها: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله"، ثم كتب اسمه, وقد عانى أهلُ السنة في إيران معاناةً هائلة وأُجبروا على اعتناق المذهب الإمامي بعد أن قتَلَ الشاه إسماعيل في بضع سنين زيادةً على ألف ألف نفسٍ بحيث لا يُعهَد في الجاهلية ولا في الإسلام ولا في الأُمم السابقة من قَبلُ في قتل النفوسِ ما قتله شاه إسماعيل! وقتل عِدَّةً من أعاظم العلماء بحيث لم يبقَ من أهل العلم أحدٌ في بلاد العجم، وأحرق جميعَ كتبهم ومصاحفهم، وكان شديد الرفض بخلاف آبائه، ولم يكتفِ الشاه إسماعيل بنشر المذهب الشيعي في إيران، بل حرص على نشره خارج إيران، فوصلت دعوته للتشيع إلى الأقاليم التابعة للدولة العثمانية، فكان من الطبيعي أن يتصدى لتلك الدعوة السلطانُ سليم الأول سلطان الدولة العثمانية السُّنِّية.

العام الهجري : 1409 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1989
تفاصيل الحدث:

وقعَتْ أزمةٌ بين موريتانيا والسنغال، بسبب الزُّنوجِ في الصحْراءِ المتاخِمة للبلَدَينِ، فقد قُتِلَ اثنانِ من السنغاليِّينَ في قريةٍ على الحدود في الجنوب الشرقي من موريتانيا على يدِ رُعاةٍ موريتانيِّينَ من الزُّنوج، وقام وزيرُ الداخليَّةِ السنغاليِّ بزيارة موريتانيا، وقابَلَ الرئيس، وأعلَنَ الوزيرُ أنَّ الأمر مُبَيَّتٌ، ولن تَسكُتِ السنغالُ، فقام في اليوم التالي السنغاليُّونَ بمظاهَراتٍ في البلدة القريبة من الحادث، وهاجموا محلاتِ الموريتانيِّينَ، ونهبوها، ثم حَرَقوها، وقَتَلوا مَنِ استطاعوا قَتلَه منهم، ومَثَّلوا بجُثَثِهم، وعمَّتِ المظاهَراتُ أجزاءَ السنغال، وفعَلوا كما فعَلَ إخوانُهم في تلك القرية، وهرَبَ مَنِ استطاع الهربَ منَ الموريتانيِّينَ إلى المساجِدِ، أو القُنْصليَّة التي لم تَسلَمْ كذلك من الهجومِ، وتَعرَّضَ ما يُقارِبُ من نصف مليون موريتانيٍّ في السنغال للأذى، ثم في 19 رمضان انفجَرَ الوضْعُ في موريتانيا على ما فعَلَه السنغاليون في بلادهم، فهاجموا الرعايا السنغاليِّينَ في موريتانيا، وقاموا بنفس ما قام به السنغاليُّونَ بإخوانِهم الموريتانيِّينَ، ثم سَيْطَرت الحكومةُ على الوضع، وأُعلن منعُ التجوُّلِ، وجُمِعَ السنغاليُّونَ في المساجِدِ والمعارضِ، وشُدِّدت عليهم الرقابةُ، ثم عاد الأمر، وتفجَّرَ في السنغال في 24 رمضان، وأخذ القتلُ يلحَق بالموريتانيِّينَ حتى أَعلنت الدولةُ حالةَ الطوارئِ، ثم تمَّ الاتفاق على نقلِ رَعايا كل بلدٍ إلى بلدِه، فنُقِلَ أكثرُ من مِئَتَيْ ألف موريتانيٍّ من السنغال، ومئةُ ألفِ سِنغاليٍّ من موريتانيا.

العام الهجري : 485 العام الميلادي : 1092
تفاصيل الحدث:

لمَّا كان السُّلطانُ ببغداد قَدِمَ إليه أَخوهُ تاجُ الدولةِ تتش من دِمشقَ، وقَسِيمُ الدولةِ أتسز من حَلَب، وبوزان من الرها، فلمَّا أَذِنَ لهم السُّلطانُ في العَوْدِ إلى بِلادِهم أَمَرَ قَسِيمُ الدولةِ وبوزان أن يَسِيرا مع عَساكِرهِما في خِدمَةِ أَخيهِ تاجِ الدولةِ، حتى يَستولِيَ على ما للمُستَنصِر الفاطميِّ حاكمِ مصر بساحِلِ الشامِ، من البلادِ، ويَسيرُ، وهُم معه، إلى مصر لِيَملِكَها، فساروا أجمعون إلى الشامِ، ونَزلَ على حِمصَ، وبها ابنُ ملاعب صاحبُها، وكان الضَّرَرُ به وبأَولادِه عَظيمًا على المسلمين، فحَصَروا البلدَ، وضَيَّقوا على مَن بِه، فمَلَكَهُ تاجُ الدولةِ، وأَخَذَ ابنَ ملاعب ووَلدَيهِ، وسار إلى قَلعةِ عرقة فمَلَكَها عُنوةً، وسار إلى قَلعةِ أفامية فمَلَكَها أيضًا، وكان بها خادِمٌ للمُستَنصِر، فنَزلَ بالأمانِ فأَمَّنَهُ، ثم سار إلى طرابلس فنازَلَها، فرأى صاحبُها جلالُ المُلْكِ ابنُ عمَّارٍ جَيشًا لا يُدفَعُ إلا بِحِيلَةٍ، فأَرسلَ إلى الأُمراءِ الذين مع تاجِ الدَّولةِ، وأَطمَعَهم لِيُصلِحوا حالَه، فلم يَرَ فيهم مَطمَعًا، وكان مع قَسيمِ الدولةِ أتسز وَزيرٌ له اسمُه زرين كمر، فراسَلَهُ ابنُ عمَّارٍ فرأى عنده لِينًا، فأَتحَفَهُ وأَعطاهُ، فسَعَى مع صاحبِه قَسيمِ الدولةِ في إصلاحِ حالِه لِيَدفَعَ عنه، وحَمَلَ له ثلاثين ألف دينارٍ، وتُحَفًا بمِثلِها، وعَرَضَ عليه المَناشِيرَ التي بِيَدِه من السُّلطانِ بالبلدِ، والتَّقَدُّم إلى النُّوَّابِ بتلك البلادِ بمُساعَدتِه، والشَّدَّ بيَدِه، والتَّحذيرَ من مُحارَبَتِه، فقال أتسز لتاجِ الدولةِ تتش: لا أُقاتِلُ مَن هذه المَناشيرُ بِيَدِه. فأَغلَظَ له تاجُ الدولةِ، وقال: هل أنت تابِعٌ لي؟ فقال أتسز أنا أُتابِعُك إلَّا في مَعصِيَةِ السُّلطانِ، ورَحَلَ من الغَدِ عن مَوضِعِه، فاضطرَّ تاجُ الدولةِ إلى الرَّحيلِ، فرَحَلَ غَضبانًا، وعاد بوزان أيضًا إلى بلاده، فانتُقِضَ هذا الأَمرُ.

العام الهجري : 240 العام الميلادي : 854
تفاصيل الحدث:

هو أفلحُ بن عبدالوهاب بن عبدالرحمن بن رستم، إمامُ الرستميَّة الإباضيَّة الثالث في تاهرت، بويع له للإمامة بعد أبيه عام 190هـ، كان حازِمًا للأمورِ، وقد خرجت عليه كثيرٌ من الحروبِ والفِتَن، كان مؤيِّدًا للأُمَويِّين في الأندلس، وهو الذي أحرق مدينةَ العباسيَّة التي بناها الأغالبةُ عام 239هـ وكافأه على ذلك عبدُالرحمن الأوسط أميرُ الأندلس بمائة ألف دِرهَم، ودامت إمامتُه للرستمية خمسين سنة، واستخلف بعدَه ابنُه أبو اليقظان.

العام الهجري : 641 العام الميلادي : 1243
تفاصيل الحدث:

قدم التتار بلاد الروم، وأوقعوا بالسلطانِ غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن يخسرو بن قلج أرسلان، وهزموه وملكوا بلادَ الروم وخلاط وآمد، فدخل غياثُ الدين في طاعتِهم، على مالٍ يحملُه إليهم، وملكوا أيضًا سيواس وقيسارية بالسيف وقرَّروا على صاحبهما في كل سنة أربعمائة ألف دينار ففَرَّ غياث الدين منهم إلى القسطنطينية، وقام من بعده ركنُ الدين ابنه وهو صغيرٌ إلى أن قُتِل.

العام الهجري : 1434 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 2013
تفاصيل الحدث:

وافَق مجلسُ بلدية "دبلن" الأيرلندية على إنشاءِ أكبرِ مسجدٍ في "أيرلندا"، قامت منظمة "دبلن ويلفار" الإسلاميةُ بتقديمِه إلى مجلسِ البلدية، وتبلُغ تكلفةُ المشروعِ حوالَي (40) مليون يورو، ممنوحةٍ من دولة الإمارات العربية المتحدة. وتبلُغ مساحةُ هذا المشروع (157) ألفَ متر مربع، تشمَلُ: مطعَمًا، وصالةَ مؤتَمراتٍ، ومدرسةً ابتدائيةً، وكلِّيَّةً، ويستوعِب المسجدُ حوالَي (500) مصلٍّ كلَّ جمعة و(3) آلافٍ في العيدَين.

العام الهجري : 202 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 818
تفاصيل الحدث:

عزَّ على علماء الأندلس انتهاكُ الحكَمِ بنِ هشام للحُرُمات، وأْتَمَروا ليخلعوه، ثم جيَّشوا لقتاله، وجَرَت بالأندلس فتنةٌ عظيمة على الإسلام وأهلِه- فلا قوة إلا بالله- فلمَّا هَمَّ العُلَماءُ بخلعِ الحَكَمِ، قالوا: إنَّه غيرُ عدلٍ، ونكَثُوه في نفوس العوامِّ، وزعموا أنَّه لا يحِلُّ المُكثُ ولا الصبرُ على هذه السيرةِ الذَّميمةِ، وكان ممن تقدَّمَ العلماءَ في الدعوةِ لخلعِ الحكَمِ بن هشام يحيى بن يحيى الليثي، وطالوتُ المعافري, وعوَّلَ أهلُ العلم على تقديمِ أحدِ أهل الشورى بقرطبة، وهو أبو الشماس أحمد بن المنذر بن عبدالرحمن الداخل ابن عمِّ الحكم بن هشام؛ لِما عرفوا من صلاحِه وعَقلِه، ودينِه، فقصدوه، وعرَّفوه بالأمر، فأبدى الميلَ إليهم والبُشرى بهم، وقال لهم: أنتم أضيافي الليلةَ؛ فإنَّ الليلَ أستَرُ. وناموا، وقام هو إلى ابنِ عَمِّه الحكَمِ، فأخبَرَه بشأنهم، فاغتاظ لذلك، وقال: جئتَ لسَفكِ دمي أو دمائِهم، وهم أعلامٌ، فمن أين نتوصَّلُ إلى ما ذكرت? فقال: أرسِلْ معي من تثِقُ به ليتحقَّقَ. فوجَّه من أحبَّ، فأدخلهم أحمدُ في بيته تحت سِترٍ، ودخل الليلُ، وجاء القَومُ، فقال: خبِّروني مَن معكم? فقالوا: فلانٌ الفقيهُ، وفلانٌ الوزير. وعَدُّوا كبارًا، والكاتِبُ يكتب حتى امتلأ الرَّقُّ، فمَدَّ أحدُهم يدَه وراء السترِ، فرأى القومَ، فقام وقاموا، وقالوا: فعلْتَها يا عدوَّ الله. فمَن فَرَّ لحينِه نجا، ومن لا، قُبِضَ عليه، فكان ممَّن فَرَّ: عيسى بن دينار الفقيه، ويحيى بن يحيى الفقيه صاحِبُ مالك، وقرعوس بن العباس الثَّقفي, وقبض على ناس كمالك بن يزيد القاضي، وموسى بن سالم الخولاني، ويحيى بن مُضَر الفقيه، وأمثالهم من أهل العلمِ والدين، في سَبعةٍ وسبعين رجلًا، فضُرِبَت أعناقُهم وصُلِبوا, وأضاف إليهم الحكَمُ عَمَّيه؛ كُليبًا وأميَّة، فصُلِبا، وأحرق القلوبَ عليهم، وسار بأمرِهم الرِّفاقُ، وعَلِمَ الحكمُ أنَّه محقودٌ من الناس كلهم، فأخذ في جمعِ الجُنود والحشَمِ، وتهيَّأ، وأخذت العامَّةُ في الهياجِ، واستأسد النَّاسُ، وتنَمَّروا، وتأهَّبوا. واستفحل الشَّرُّ.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

بَعَث رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زيدَ بنَ حارِثةَ رَضي اللهُ عنه في سَريَّةٍ في سبعين ومئةِ راكِبٍ إلى العيصِ -اسمِ مَوضِعٍ قُربَ المدينةِ على ساحِلِ البحرِ- بهَدفِ اعتِراضِ عيرٍ لقُريشٍ أقبلَت مِن الشامِ بقيادةِ أبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ، فأدرَكوها، فأخَذوها وما فيها، وأخَذوا يومئذٍ فِضَّةً كَثيرةً لصَفوانَ بنِ أُميَّةَ، وأسَروا ناسًا ممَّن كان في العيرِ، منهم: أبو العاصِ بنُ الرَّبيعِ، وقَدِموا بهم إلى المدينةِ. وكان أبو العاصِ من رجالِ مكة المعدودين تِجارةً ومالًا وأمانةً، وهو زوجُ زَينبَ بنتِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمُّه هالةُ بِنتُ خويلدٍ أُختِ خَديجةَ رَضي اللهُ عنها. فأتى أبو العاصِ زينبَ رَضي اللهُ عنها في اللَّيلِ، وكانت زينبُ هاجَرَت قَبلَه وتَرَكَته على شِركِه فاستَجارَ بها فأجارَته، وأجازَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جِوارَها.

العام الهجري : 219 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 834
تفاصيل الحدث:

وجَّه المعتَصِمُ بالله عجيفَ بن عنبسة لحرب الزطِّ الذين كانوا غلَبوا على طريق البصرةِ، وعاثوا وأخذوا الغَلَّات من البيادر بكسكر وما يليها من البصرة، وأخافوا السبيلَ، ورتَّبَ عجيفٌ الخيلَ في كلِّ سكَّةٍ مِن سِكَكِ البريدِ، تركُضُ بالأخبارِ إلى المعتَصِم، فسار عجيف حتى نزل تحت واسط، وأقام على نهرٍ يقال له بردودا حتى سدَّه وأنهارًا أخَرَ كانوا يخرجون منها ويدخلون، وأخذ عليهم الطرُقَ، ثم حارَبَهم فأسَرَ منهم في معركةٍ واحدةٍ خمسَمائة رجلٍ، وقتل في المعركةِ ثلاثَمائة رجلٍ، فضرب أعناقَ الأَسرى، وبعث الرُّؤوسَ إلى بابِ المُعتَصِم. ثم أقام عجيف بإزاءِ الزطِّ خمسة عشر يوما فظَفِرَ منهم فيها بخلقٍ كثير، وكان رئيسُ الزطِّ رجلًا يقال له محمد بن عثمان، وكان صاحِبُ أمره إنسانًا يقال له سماق، ثم استوطن عجيفٌ وأقام بإزائهم سبعةَ أشهر.