لم تنته الفتنة بين أبناء فيصل بموت سعود، بل استمَرَّت إلى أبعَدَ من ذلك؛ ففي عام 1291 هـ تولى عبد الرحمن بن فيصل إمامةَ نجدٍ بعد وفاة أخيه سعود، ومضى في حكمِه على أتمِّ وجه حوالي السنة، وبعدها اضطربت الأوضاعُ بالنسبة لعبد الرحمن؛ إذ جاء أخوه عبد الله الإمامُ الشرعي ومعه أخوه محمد من بادية العجمان -حيث كانا لاجئينِ سياسيينِ هناك- إلى الرياض ومعهما قوات من بدوِ عتيبة ومِن حَضَرِ الوشم، والتقيا بقواتِ عبد الرحمن الذي رفض التنازلَ لأخيه الكبير في بلدة ثرمدا، ونشبت الحرب بين الطرفين لم يصِلْ أحدهما إلى نصرٍ حاسم، فتفاوضا ونتج عن هذا التفاوض صُلحٌ مؤقت تمركزت فيه قواتُ عبد الله في الشمالِ، وظلت قوات عبد الرحمن تسيطِرُ على الرياض والجنوب.أمَّا بالنسبة لأولاد سعود فقد وقفوا بجانبِ عَمِّهم عبد الرحمن؛ لأنه كان يؤيِّدُ والدهم سعودًا في آخر أيامه، ومع هذا فلم يهدأ الوضعُ المتأزِّم؛ إذ ثار أبناء سعود ضِدَّ عمهم عبد الرحمن وأخذوا يطالبونَه بالحكم، وانقلبوا عليه بعد أن كانوا يؤيِّدونَه. ولم يستطع عبد الرحمن الصمودَ أمام ثورتهم، بل اضطرَّ تحت ضغطهم أن يخرجَ مِن الرياض ويلتجئ عند أخيه عبد الله في بادية عتيبة، وعاهده أن يتعاونَ معه ضِدَّ أولاد سعود!! وهكذا انعكس الوضعُ السياسي في نجد، فأصبح الحكمُ بيَدِ أولاد سعود بدلًا من عَمَّيْهم الشَّرعِيَّينِ، وكان لا بدَّ للعمَّينِ أن يقاوما أولادَ أخيهما حتى يستردَّا السلطة، فجمع عبد الله قواتٍ اتَّجَهت من الشمال نحو الرياض، إلَّا أن أولاد سعود لَمَّا رأوا تصميم عمَّيهم على الحرب، وضَعْفَ قوتهم، تركوا الرياض واتجهوا إلى مركزهم الأول الخَرج، وهكذا استطاع عبد الله وأخوه دخولَ الرياض بدون قتال عام 1293ه / 1876م.
كان والِدُ عبدِ الرحمنِ النَّاصر- محمَّدُ بنُ عبدِ الله- قد قتله أخوه المُطَرِّفُ فِي صدر دولةِ أبيهما. وخلَّفَ محمَّدٌ ابنَه عبدَ الرحمنِ، وهو ابنُ عشرين يومًا. ولَمَّا توفِّيَ الأميرُ عبدُ اللَّهِ جَدُّ عبدِ الرحمنِ سنة ثلاثمئة، وليَ عبدُ الرحمنِ الأمرَ بعده. وكان ذلك مِن غرائبِ الأمورِ؛ لأنَّه كَانَ شابًّا مع وجودِ أكابِرَ مِن أعمامِه وأعمامِ أبيه، وتقدَّم هُوَ- وهو ابن اثنتين وعشرين سنة- فوَلِيَ الإمارةَ، والبلادُ كُلُّها في حالةِ اضطراب؛ قد امتَنَعَت على الدولةِ حصونُ بكورة رَيَّة وحصن ببشتر، فحاربها الناصر، حتّى استَرَدَّها، وكان طُليطُلة قد خالف أهلَ الدولة، فقاتلهم حتَّى عادُوا إلى الطاعة، ولم يزَلْ يقاتل المخالفين حتَّى أذعنوا له، وأطاعوه نيِّفًا وعشرين سنة، فاستقامت البلادُ، وأَمِنَت دولته، واستقام لَهُ الأمرُ، وقد حكم خمسين سنة من 300عام إلى 350.
تَوَلَّى عبدُ الرَّحمن الغافِقِيُّ أُمورَ القِيادَةِ على الشَّاطِئ الشَّرقيِّ مِن الأَندَلُس مِن قِبَل عُبيدَة بن عبدِ الرَّحمن القَيْسِي صاحِب أفريقيا في عَهْدِ هِشامِ بن عبدِ الملك مُدَّةَ سَنتينِ ونِصف، وطِيلَة تلك المُدَد كان يَقوم بالغَزْوِ والفَتْح، وكانت انْتِصاراتُه على البَرْبَر مَشهودَةً، وساعَد على ذلك حُسْنُ مُعامَلتِه للبَرْبَر ممَّا كان له الأَثَر الكَبير في دُخولِ كَثيرٍ منهم إلى الإسلام، وقاتَل معه الكَثيرُ في حُروبِه وكان عبدُ الرَّحمن قد أَوْغَل داخِل فَرنسا ثمَّ بَقِيَ كذلك حتَّى حَصَلت مَعركَة بَلاط الشُّهَداء التي اسْتُشْهِد فيها هو وكَثيرٌ ممَّن كان معه.
ثار أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الفِهري بالأندلس، وكان من حديثه: أنَّه كان في سِجنِ عبد الرحمن بقُرطبةَ مِن حينِ هرب أبوه، وقُتِل أخوه عبد الرحمن، وحُبِس أبو الأسود، وتعامى في الحبسِ ثمَّ هرب منه واجتمعَ حَولَه خَلقٌ كثيرٌ، فرجع بهم إلى قتال عبد الرحمن الداخل، فالتقيا على الوادي الأحمر بقسطلونة، واشتدَّ القتال، ثم انهزم أبو الأسودِ، وقُتِلَ من أصحابِه أربعةُ آلاف سوى من تردَّى في النهر، واتَّبَعه الداخل يقتُلُ من لحِقَ، حتى جاوز قلعةَ الرباح، ثم جمَعَ وعاد إلى قتالِ الداخل، في سنة تسع وستين، فلما أحسَّ بمَقْدَمةِ الأمويِّ انهزم أصحابُه وهو معهم، فأُخِذَ عيالُه، وقُتِلَ أكثَرُ رجاله، وبَقِيَ إلى سنة سبعين، فهلك بقريةٍ مِن أعمال طليطِلة. وقام بعده أخوه قاسِمٌ وجمع جمعًا، فغزاه الأميرُ، فجاء إليه بغيرِ أمانٍ فقَتَله.
مدينة تيهرت، أسسَّها عبد الرحمن بن رستم بن بهرام، وكان مولًى لعثمانَ بن عفان، وكان خليفةً لأبي الخطاب أيامَ تغلُّبِه على إفريقية، ولما دخل ابن الأشعث القيروان فرَّ عبد الرحمن إلى الغرب بما خلفَ مِن أهله وماله، فاجتمعت إليه الإباضية، وعزموا على بنيان مدينةٍ تجمَعُهم، فنزلوا بموضعِ تيهرت، وهي غَيضة يكثر فيها الشجر بين ثلاثة أنهارٍ، فبنوا مسجدًا من أربع بلاطات، واختَطَّ الناسُ مساكِنَهم، وكانت في الزمان الخالي مدينةً قديمة، فأحدثها عبد الرحمن بن رستم وبقي بها إلى أن مات في سنة 168
كانت بنغلاديش جُزءًا من الهند في ظِلِّ الإسلامِ الذي وصَلَ إلى تلك المِنطَقةِ في القرن العاشر الميلادي. وفي النصف الثاني من القرن الثامنَ عشَرَ، احتلَّ المستعمِرُ البريطانيُّ القارة الهنديَّةَ، ومن ضِمنها بنغلاديشُ وباكستانُ وجامو وكشمير تحت نير الإمبراطوريَّة الاستعماريَّة البريطانيَّة في جنوب آسيا. ناضلتِ (الرابطة الإسلاميَّة) التي ضمَّتِ المسلمينَ في القارة الهنديَّةِ تحت راية الكِفاح ضدَّ الاستعمار البريطانيِّ، وتوَّجَ الإسلاميُّون نِضالَهم بقيام باكستان عام 1947م، وأصبحت بلاد البنغال تُدعى باكستان الشرقية وجزء من دولة باكستان، وقامتِ الحكومة الباكستانيَّة بمُحاولاتٍ لإلغاء لُغة الهندوس الأقليَّة الموجودة بين الأغلبية الإسلاميَّة إلا أن قُوَّة الديمقراطية قد حالت دون ذلك. وتشكَّل حِزب سياسيٌّ بنغاليٌّ هو «رابطة عوامي» أي: «حزب العامَّة» بزعامة مُجيب الرحمن دعا فيه إلى استقلال بنغلاديش. وفي انتخابات 1970م فاز هذا الحزبُ بأكثريَّة المقاعِدِ في برلمان الباكستان. إلا أن الحكومة الباكستانية قامت بحلِّ البرلمانِ مما أثار نِقمةً شعبيَّةً، فقام الجيش الباكستاني بقَمعِها واعتقَلَ مجيب الرحمن. وفي عام 1971م اندلعتِ الحربُ الكارثيَّة بين الهند -التي كانت تُساند انفصالَ بنغلاديش- وباكستان. نتيجةً لهذه الحرب انتصر الجيشُ الهنديُّ ودخل مدينة دكا، وفي العام نفسه أُعلن عن استقلال بنغلاديش، وأصبح مجيب الرحمن أوَّلَ رئيس جمهوريةٍ. وقُتل مجيب الرحمن وأفرادُ عائلته عام 1975م نتيجةَ انقلابٍ عسكريٍّ، فتسلَّم الرئاسةَ أحمدُ مُشتاق، ثم بعد ذلك توالت سلسلةُ الانقلاباتِ العسكريَّةِ، فخلف مُشتاق العميدُ خالد مشرف، ثم محمد صايم، ثم ضياء الرحمن والدُ رئيسة الوزراء خالدة ضياء. وأعلَنَ الجنرال ضياء الرحمن منذ بداية حُكمه، أنه سوف يُحول نظام البلاد من الدكتاتوريَّةِ إلى الديمقراطيَّةِ. فأجرى انتخاباتٍ رئاسيَّةٍ عام 1978م وفاز بها. واُغتيل ضياء الرحمن في 30 أيار 1981م، وتلا ذلك انتخاباتٌ رئاسيَّةٌ فاز بها عبد الستار، مُرشَّح الحزب الوطني البنغالي. وفي أواخر عام 1983م أعلن قائدُ الجيش حسين محمد إرشاد نفسه رئيسًا للدولة، وفي 15 تشرين الأول عام 1986م أُعيد انتخابُ الرئيس إرشاد.
هو الإمامُ العلَّامةُ الأوحد الشيخ عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، الثِّقةُ الثَّبتُ, التقي الوَرِعُ المجاهد المحتَسِب, ذو الهمة العالية والشجاعة المتناهية, الذي خَلَف والِدَه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مؤازرة الإمامِ عبد العزيز بن محمد بن سعود، وخَلَفه في بثِّ العلم والقيام بدعوة التوحيد ونَشْرها، والدفاع عنها بالقلَمِ واللسان، والحُجَّة والبيان، وهو عالمُ نجد بعد أبيه ومُفتيها، ومَن له الفتاوى السديدة والأجوبة العديدة، والرُّدود العظيمة، ومن ضُرِبَت إليه أكبادُ الإبل مِن سائِرِ بلدان نجد، وتوالت عليه الأسئلةُ من جميع قرى نجد ومدُنِها. ولِدَ في الدرعية سنة 1165هـ ونشأ بها في كَنَف والده، وقرأ القرآنَ حتى حَفِظه ثم شرع في القراءةِ على والده، فتفَقَّه في المذاهب الإسلامية، ومهَرَ في علمي الفروع والأصول، وكان مع هذا عالِمًا بارزًا في علم التفسير والعقائد وأصول الدين، عارفًا بالحديث ومعانيه، وبالفِقهِ وأصوله، وعلم النحو واللغة، وله اليدُ الطولي في جميع العلوم والفنون، كرَّس جُهدَه وأوقف حياته على تحصيلِ العلم وتعليمه ونَشْره تدريسًا وتأليفًا، فأخذ عنه العِلمَ خلقٌ كثيرٌ من فطاحلة عُلماء نجد وجهابِذتِهم، وكان مَرجِعَ القضاة في عهد الإمامِ عبد العزيز بن محمد بن سعود، وابنِه الإمام سعود، وابنِه الإمام عبد الله، وقد ألَّف مؤلفات كثيرة، منها: جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية، ردَّ به على بعض عُلماء الزيدية الذين اعترضوا على دعوةِ التوحيد السَّلَفية، وألَّف مختَصَر السيرة النبوية في مجلَّدٍ ضخمٍ، والكلمات النافعة في المكفِّرات الواقعة، وألَّف منسكًا صغيرًا للحج، وكتب رسائِلَ وفتاوى كثيرة، وكان له دروسٌ خاصة يحضُرُها الإمام سعود عبد العزيز، وابنه الإمام عبد الله بن سعود، في الدرعية، وقد صَحِبَ الأمير سعودَ بن عبد العزيز في دخوله مكَّةَ سنة 1218، وكتب حالَ دخوله مكة المكرمة مع الأمير سعود رسالةً وإجابةً منه لِمن سأله عمَّا يعتقدونه ويدينون للهِ به، وكان مع هذا شجاعًا مِقدامًا، وقف في باب البجيري المعروف -أثناء حصار إبراهيم باشا للدرعيَّة- وشهَرَ سَيفَه وقاتل قِتالَ الأبطال قائلًا كلمته المشهورة: "بطنُ الأرض على عِزٍّ خيرٌ من ظهرِها على ذُلٍّ" وقاتَلَ حتى رد العساكِرَ وزحزحهم عن مواقِفِهم، وذلك في آخر حرب الباشا على الدرعية، ثم نقله باشا إلى مصرَ بعد ما استولى على الدرعية، وذلك سنة 1242هـ, ونقل معه ابنه عبد الرحمن، وبقي بمصر محدودَ الإقامة حتى توفِّيَ بمصر، وقد أنجب ثلاثةَ أبناء عُلَماء، هم: الشيخ سليمان، الذي قتله إبراهيم باشا في الدرعية، وعليٌّ قُتِلَ فيما بعد على يد بعض عساكرِ الترك بنجد، وعبد الرحمن نُقِلَ مع أبيه إلى مصر صغيرًا وتعلَّم بها ودرَّس برُواق الحنابلةِ.
لمَّا طُعِنَ عُمَرُ بن الخطَّاب رضِي الله عنه بسِكِّينٍ مَسمومةٍ وأَيْقَن أنَّه مَيِّتٌ طَلبوا منه أن يَسْتَخْلِفَ كما اسْتخلَفهُ أبو بكرٍ رضِي الله عنه؛ لكنَّه أَبَى ذلك، ولكن جعَل سِتَّةً مِن الصَّحابةِ وكُلُّهُم مِن المُبشَّرين بالجنَّة: عُثمانَ بن عفَّانَ، وعَلِيَّ بن أبي طالبٍ، وعبدَ الرَّحمن بن عَوفٍ، والزُّبيرَ بن العَوَّامِ، وسعدَ بن أبي وَقَّاصٍ، وطَلحةَ بن عُبيدِ الله رضِي الله عنهم، وأَوْصاهُم أن يَختاروا رجلًا منهم يَخْلُفُه بعدَ مَوتِه، فلمَّا مات وصُلِّيَ عليه ودُفِنَ اجتمعوا في بيتِ المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ، جَمَعَهُم المِقْدادُ بن الأسودِ، وحضَر عبدُ الله بن عُمَرَ كذلك، وتَداوَلُوا بينهم حتَّى قال عبدُ الرَّحمنِ بن عَوفٍ: مَن يَخرُج منها بِنفسِه على أن يُوَلِّيَها أَفضلَكُم؟ فلم يُجِبْ أحدٌ، فقال: هو أنا. يعني أنَّه يَنْسَحِب مِن الخِلافةِ، ولكن يكون أَمْرُ تَعيينِ الخَليفةِ له، فعَمِلَ عبدُ الرَّحمن جُهْدَهُ وسألَ النَّاسَ، حتَّى قِيلَ: إنَّه لم يَترُك حتَّى الصِّغارَ سألَهم: مَن يُولِّيها؟ ظَلَّ كذلك ثلاثةَ أيَّامٍ ثمَّ جَمَعَهُم عبدُ الرَّحمن ثمَّ سألَ عَلِيًّا أنَّ يَسِيرَ سِيرَةَ الخَليفَتين قَبلَهُ، فقال: إنَّه يَعملُ بِعِلْمِه وطاقَتِه. وأمَّا عُثمانُ فأجابَ بالإيجابِ فبايَعَهُ عبدُ الرَّحمن، ثمَّ بايَعَهُ النَّاسُ جميعًا حتَّى علِيُّ بن أبي طالبٍ، وكان طَلحةُ غائبًا عن هذا فلمَّا حضَر بايَع هو كذلك، وقد قِيلَ: إنَّ عبدَ الرَّحمن لمَّا سألَ النَّاسَ كانوا يَكادون يُجْمِعون على عُثمانَ. فكانت تلك قِصَّةَ خِلافتِه رضِي الله عنه وأَرضاهُ.
استبدَّ شيخ مجيب الرحمن بالحكمِ وحلَّ التنظيماتِ السياسيةَ كلَّها سوى حزبه الحاكمِ حزب رابطة عوامي، وبدأ الفسادُ الإداريُّ والفقر ينتشران، وبقِيَت بنغلادش تحت الوصاية الهنديةِ، فخاف الرئيسُ من العسكريِّين فنظم جيشًا سريًّا هو واكي باهيتي لحمايتِه الشخصيَّة. لكن العسكر قاموا بانقلابٍ ضد مجيبِ الرحمن في 28 رجب / 15 أغسطس، فأطاحوا به وبنائبِه ورئيس وزرائه والنظام القائمِ كله، وقُتِل مجيب الرحمنِ، ثم نُصِّب وزير التجارة السابق خاندكار مشتاق أحمد رئيسًا للدولة، وكان ضد الشيوعية، وهو الذي غيَّرَ اسم الدولة الرسمي من بنغلادش إلى جمهورية بنغلادش الإسلامية.
اغتِيلَ الرئيسُ ضياء الرحمن في مُحاولة انقلابٍ عَسكري، يُعتقَدُ أنَّ قائده الفريق محمد عبد المنصور، وهو قائدُ إحدى الوحداتِ العسكريةِ، وذلك في 27 رجب 1401هـ / 30 أيار 1981م، وتولى الرِّئاسةَ القاضي عبدُ الستار محمد صايم؛ الرئيسُ السابق الذي خُلِعَ عام 1397هـ، وقد كان نائبًا للرئيسِ ضِياء الرحمن.
هو عبدُ اللهِ بنُ محمَّدِ بنِ عبد الرحمن بن الحاكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الداخِل، صاحِبُ الأندلس، وليَ الأمرَ بعد أخيه المُنذِر بن محمد في صفر سنة 275، وطالت أيامُه، وبقي في المُلكِ خمسًا وعشرين سنةً وأحد عشر شهرًا، وكان من الأمراءِ العادلين الذين يَعِزُّ وجودُ مثلهم. كان صالحًا تقيًّا، كثيرَ العبادةِ والتلاوة، رافعًا لِعَلمِ الجِهادِ، مُلتَزِمًا للصَّلواتِ في الجامعِ، وله غَزواتٌ مَشهورةٌ، منها غزوةُ "بلي" التي يُضرَبُ بها المثل. وذلك أنَّ ابنَ حفصونَ حاصرَ حِصنَ بلي في ثلاثين ألفًا. فخرج الأميرُ عبد الله من قُرطُبةَ في أربعة عشر ألف مقاتل، فهَزَم ابنَ حَفصونَ، وتبعه قتلًا وأسرًا، حتى قيل: إنَّه لم ينجُ مِن الثّلاثين ألفًا إلَّا النَّادُّ, وكان عبد الله أديبًا عالِمًا. مات وكان عمُرُه اثنتين وأربعين سنة، وخلَّف أحدَ عشَرَ ولدًا ذكرًا، أحدُهم محمَّد المقتول, وهو والدُ عبد الرحمن الناصر، قتله أخوه المطرف فِي صدرِ دولة أبيهما، ولَمَّا توفِّيَ عبدالله تولى بعده ابنُ ابنِه عبد الرحمن بن محمَّد لمدة خمسينَ سنةً.
لما انتُخِبَ عبد الرحمن عارف رئيسًا للجمهورية كان لمدةٍ سنة واحدة فقط مع إمكان تجديدِها، وكان من المفترض تعديلُ الدستور، ولكِنَّ العدوانَ اليهوديَّ على مصر والأردن وسوريا ومساهمة العراق بالمساعدة أخَّر ذلك، ومع ذلك وقبل انتهاء فترة حُكمِ الرئيس حدث انقلابٌ أطاح بعبد الرحمن عارف؛ فقد قام تنظيمٌ سري باسم (الثوريون العرب) حرَّكه مديرُ الاستخبارات العسكرية وتمكَّن من التواصُلِ مع رئيس الحرس الجمهوري، وتعاونوا مع الجناحِ المعتدل من حِزبِ البعثِ الذي يمثِّلُه أحمد حسن البكر وجماعته، ولما شعروا بالاستعداد قاموا بتحريكِ الدَّبَّابات باتجاه القصر الجمهوري ولم يُبدِ رئيسُ الحرس الجمهوري أيَّ مساعدة للحكم، وبعد عِدَّة طلقات استسلم الفريقُ عبد الرحمن عارف وألقيَ القبضُ عليه وأُذيع نبأُ الانقلاب، وأُعلِنَ عن تشكيل مجلس لقيادة الثورة، واختير أحمد حسن البكر رئيسًا للجمهورية، وأُعلِنَ أن الهدف من الحركة هو الوحدة الوطنية، وأحيل عبدُ الرحمن عارف إلى التقاعُدِ ونُفيَ خارجَ البلد إلى لندن. وبعد ثلاثة عشر يومًا فقط من الانقلاب انفرد البعثيُّون بالسُّلطة، وأُبعِدَ رئيس الحكومة فغادر إلى لندن، كما أُبعدَ أعوانُه.
في حوالَيْ عامِ 232هـ ومع ضَعفِ الحُكام العباسيِّينَ بدأت تظهرُ أطماعُ بعضِ الوُلاةِ المحلِّيينَ في كَوْكبانَ وعلى رأسِهم يَعفُرُ بنُ عبدِ الرحمنِ الحَوَاليُّ. ومع أواخِرِ القرنِ التاسعِ الميلاديِّ، أصبحت اليَمنُ قاعدةَ عملياتٍ لحركةِ الشِّيعةِ الفاطميِّينَ. وقد عهِدَ يَعفُرُ بالسُّلطةِ لابنِه محمدٍ الذي فضَّلَ أن تكونَ مِن صَنعاءَ، ثم عهِدَ محمدُ بنُ يَعفُرَ بالسُّلطةِ بعدَ ذلك لابنِه إبراهيمَ، الذي اختَلَف مع أبيه على أسلوبِ الحُكم، وانتهي الأمرُ بقتلِ أبيه عامَ 892م/269هـ. تَبِعَ ذلك فوضى وتمَرُّدٌ بينَ القبائلِ وأهالي القُرى بَينَ السُّنِّيِّينَ والشِّيعةِ، وعَمَّ التَّوتُّرُ شوارعَ صَنعاءَ حتى أرسلَ الخليفةُ العباسيُّ في بغدادَ آنذاكَ، علِيَّ بنَ الحُسَينِ إلى اليَمنِ لِيقضيَ على الفِتنةِ ويَضعَ نهايةً لِلتَّمرُّدِ.
بعدَ استِدعاءِ ابنِ الحُسَينِ إلى بَغدادَ عامَ 895م/282هـ. اهتزَّتِ الأمورُ في صَنعاءَ، وحينَئِذٍ ظهرَ أوَّلُ إمامٍ زَيديٍّ ليتوَلَّى زِمامَ الأمرِ، وهو الإمامُ الهادي إلى الحقِّ يحيى بنُ الحُسَينِ، ولكنَّه لم يَستطِعْ أن يحُدَّ مِنَ الصِّراعاتِ، فعادَ بنو يَعفُرَ إلى الحُكمِ، ومع وفاةِ آخِرِ حُكَّامِهم عبدِ اللهِ بنِ قَحطانَ، انتهى حُكمُهم، وظلَّتِ البِلادُ في حالةِ فوضى سياسيةٍ إلى أن جاء إلى الحُكمِ سُلالةٌ أُخرى حاكمةٌ، وهم بَنو الصُّليحيِّ عامَ 1047م/439هـ.
تولى عبدُ الرحمنِ بنُ فيصل حُكمَ الرياض بعد وفاةِ أخيه عبد الله؛ لأنَّ أخاه محمدًا وهو أكبر منه لم يكن له مطمَعٌ في الحُكمِ، وطلب عبد الرحمن من ابنِ رشيد أن يعزِلَ فهَّاد ابن رخيص عن إمارة الرياضِ فقابل ابن رشيد هذا الطَّلَبَ بتحَدٍّ، فعزل ابن رخيص وعيَّنَ ابنَ سبهان العدوَّ اللدودَ لابن سعود.
هرب عبد الرحمن بن حبيب- الذي كان أبوه أميرَ إفريقية- مع الخوارج، واتَّصل بكتامة، فسيَّرَ يزيد بن حاتم أمير إفريقية العسكرَ في أثَره، وقاتلوا كتامة. فلمَّا كانت هذه السَّنةُ سيَّرَ يزيدُ عسكرًا آخرَ مددًا للذين يقاتلون عبد الرحمن، فاشتد الحصارُ على عبد الرحمن، فمضى هاربًا، وفارقَ مكانَه، فعادت العساكرُ عنه، ثم ثار في هذه السنة على يزيد بن حاتم أبو يحيى بن فانوس الهواري بناحية طرابلس، فاجتمع عليه كثيرٌ من البربر، وكان عسكرٌ ليزيد بن حاتم مع عامل البلد، فخرج العاملُ والجيش معه، فالتَقَوا على شاطئ البحرِ من أرض هوارة، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فانهزم أبو يحيى بن فانوس وقُتِلَ عامَّة أصحابه، وسكنَ النَّاسُ بإفريقيَّة وصَفَت ليزيد بن حاتم.