الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2458 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 808 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1406
تفاصيل الحدث:

الخليفةُ أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بن المعتضد أبي بكر ابن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد، وكان عرض عليه الاستقلال بالأمر مرتين فأبى، وكان بويع بالخلافة بعهد من أبيه في سابع جمادى الآخرة سنة 763، وجعله الأمير أينبك البدري بن زكريا بن إبراهيم في ثالث عشرين صفر سنة تسع وسبعين، ثم أعيد في عشرين ربيع الأول، منها، وقبض عليه الظاهر برقوق في أول رجب سنة خمس وثمانين، وقيَّده وسجنه إلى أول جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين، ثم أفرج عنه. توفي المتوكل على الله في سابع عشرين شهر رجب. وفي يوم الاثنين أول شعبان استدعى السلطان الملك الناصر أبا الفضل العباس ولد الخليفة المتوكل على الله أبي عبد الله محمد، وبايعه بالخلافة بعد موت أبيه، ولبس العباس التشريف، ولُقِّب بالمستعين بالله، ونزل إلى داره.

العام الهجري : 1279 العام الميلادي : 1862
تفاصيل الحدث:

طالت الحربُ مع أهل عنيزة بعد قَتْلِ أميرهم عبد العزيز المحمد أبو العليان وأثناء حصارِ عُنيزة حاول الأميرُ طلال بن رشيد أن يعقِدَ صلحًا بين عبد الله وأهل عنيزة، فأرسل سرًّا إلى الأمير عبد الله اليحيى السليم وزامل العبد الله أنَّ الإمام لا يكره الصلحَ ووَقْفَ القتالِ إذا كان طلبُ الصلح منكم، فأنابوه عنهم وقالو له إنَّك مفوَّضٌ مِن قِبَلِنا، فعرض على عبد الله رغبةَ أهل عنيزة في الصلحِ، فقال: عبد الله إذا قَبِلوا بشروطنا قَبِلْنا منهم الطاعةَ، فحضر عنده زامل العبد الله وأغلظ له في القَولِ لكَثرةِ نقضِهم العهدَ، ثم فرض عليهم أموالًا وسلاحًا كثيرًا، فتوسط لهم الأمير طلال فأسقط عبد الله جزءًا منها، فقبل زامل فأحضر أهل عنيزة المالَ والسلاح وتمت البيعةُ، وضَمِنَ الأمير طلال الوفاءَ بالعهدِ.

العام الهجري : 1182 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1769
تفاصيل الحدث:





هو العلامةُ المجتهد السيد الحسني صاحب التصانيف: الأمير محمد بن إسماعيل الكحلاني، ثم الصنعاني. ولِدَ ليلة الجمعة نصف جمادى الآخرة سنة 1099هـ بكحلان ثم انتقل مع أسرته إلى صنعاء سنة 1107هـ وأخذ عن علمائها، ووالده كان من الفضلاء الزاهدين في الدنيا الراغبين في العمل، وله شعر جيد، مات في ثالث شهر ذي الحجة سنة 1142هـ. رحل الصنعاني إلى مكة وقرأ الحديث على أكابر علمائها وعلماء المدينة، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرد برئاسة العلم في صنعاء، وأظهر الاجتهاد وعَمِل بالأدلة، ونفر عن التقليد وزيَّف ما لا دليلَ عليه من الآراء الفقهية، وجرت له مع أهل عصره خطوبٌ ومِحَنٌ، منها في أيام المتوكل على الله القاسم بن الحسين، ثم في أيام ولده الإمام المنصور بالله الحسين بن القاسم، ثم في أيام ولده الإمام المهدى العباس بن الحسين، وتجمع العوامُّ لقتلِه مرة بعد أخرى، وحفظه الله من كيدهم ومكرهم، وكفاه شرهَّم، وولاه الإمامُ المنصور بالله الخطابةَ بجامع صنعاء، فاستمر كذلك إلى أيام ولده الإمام المهدي، واتفق في بعض الجمع أنَّه لم يذكر الأئمة الذين جرت العادة بذكرِهم في الخطبة الأخرى، فثار عليه جماعةٌ من آل الإمام الذين لا أنسةَ لهم بالعلم، وعضَّدهم جماعة من العوام وتواعدوا فيما بينهم على قتلِه في المنبر يوم الجمعة المقبلة، ولم يفلحوا، واستمر ناشرًا للعلم تدريسًا وإفتاءً وتصنيفًا، وما زال في محَنٍ من أهل عصره، ووقعت له فِتَن كبار وقاه الله شَرَّها, وكان الصنعاني قد بدأ بعقد حلقات العلم ولَمَّا يُتِمَّ الرابعة والعشرين من عمره, فقد كان بارعًا في الفقه والأصول، ومؤلفاته تنمُّ عن سعة علمه وجودة ذهنه، واستحضاره للأدلة ومناقشتها، واستخراج الأحكام الفقهية، وكان يدعو إلى تجديد الدين والعودة إلى أصوله وحقيقته كدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ ولذلك لَمَّا بلغته دعوةُ الشيخ المجدد أيَّدَها وأرسل للشيخ قصيدةً يثني فيها عليه وعلى دعوته، ومما قاله فيها: سلامي على نجدٍ ومن حلَّ في نجـدِ وإن كان تسليمي على البعدِ لا يُجدي وقد صدرت من سفحِ صنعا سقى الحيا رباهـا وحـياهـا بقهقهة الرعـدِ سرت من أسير ينشد الريح أن سرت ألا يا صبا نجـدٍ متى هِجتَ من نجـدِ قفي واسألي عن عالمٍ حَـَّل سوحها به يهتدي من ضَلَّ عن منهج الرشدِ محمَّـد  الهـادي  لسنة أحمـد فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي لقد أنكرَت كلُّ  الطوائف  قولَهبلا صدَرٍ في الحقِّ منهم ولا وردِ وللإمام الصنعاني مؤلفات كثيرة، منها: التحبير لإيضاح معاني التيسير، وهو شرح كتاب تيسير الوصول لابن الديبع, والتنوير شرح الجامع الصغير، وتوضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار, وثمرات النظر في علم الأثر, والعدة على شرح العمدة، وهو مليء بالفوائد الفقهية والأصولية، وتطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد, وحاشية على البحر الزخار في الفقه الزيدي, وسبل السلام اختصره من البدر التمام للمغربي, ومنحة الغفار جعلها حاشية على ضوء النهار للجلال, وشرح التنقيح في علوم الحديث للسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير، وسماه التوضيح, ومنظومة الكافل لابن مهران في الأصول وشرحها شرحًا مفيدًا, وله مصنفات غير هذه، وقد أفرد كثيرًا من المسائل بالتصنيف بما يكون جميعه في مجلدات، وله شعر فصيح منسجم، جمعه ولده العلامة عبد الله بن محمد في مجلد، وغالبه في المباحث العلمية والتوجع من أبناء عصره والردود عليهم، وبالجملة فهو من الأئمة المجدِّدين لمعالم الدين. أما وفاته فقد أصيب بالحمى والإسهال الشديد حتى توفي في الثالث من شعبان من هذا العام, وقد بلغ من العمر ثمانين سنة. ونظم بعضُهم تاريخه، ورثاه شعراءُ العصر وتأسَّفوا عليه.





 

العام الهجري : 82 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 702
تفاصيل الحدث:

هو المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة ظالم، أبو سَعيد الأَزْدِيُّ، الأميرُ البَطَل، قائدُ الكَتائِب أحدُ أَشْرافِ أهلِ البَصْرَةِ، ووُجَهائِهِم ودُهاتِهِم وأَجْوادِهِم وكُرَمائِهِم، وُلِدَ عامَ الفَتْح، نَزَل المُهَلَّبُ البَصْرَة وغَزا في أيَّام مُعاوِيَة أرضَ الهِنْد سنةَ أربع وأربعين، ووَلِيَ الجزيرةَ لابنِ الزُّبير سنةَ ثمانٍ وسِتِّين، ثمَّ وَلِيَ حَربَ الخَوارِج أوَّلَ دَولةِ الحَجَّاج، وقَتَل منهم في وَقعةٍ واحدة أربعةَ آلاف وثمانمائة، فعَظُمَت مَنزِلتُه عندَ الحَجَّاج, وكان فاضلًا شُجاعًا كريمًا، وله كلامٌ حسن، منه: نِعْمَ الخَصْلَة السَّخاء، تَسْتُر عَورةَ الشَّريف، وتَلْحَق خَسِيسَة الوَضِيع، وتُحَبِّب المَزْهُود فيه. وقال: يُعْجِبُني في الرَّجُل خَصْلَتان: أن أرى عَقْلَه زائِدًا على لِسانِه، ولا أرى لِسانَه زائدًا على عَقْلِه. تُوفِّي المُهَلَّبُ غازيًا بِمَرْو الرُّوذ، وعُمُرهُ سِتَّة وسبعون سنة رَحِمَه الله، وكان مِن الشُّجْعان، وله مَواقِف حَميدة، وغَزَوات مَشْهورة في التُّرْك والأَزارِقَة وغَيرهِم مِن أنواعِ الخَوارِج، وجَعَل الأمرَ مِن بَعدِه لِوَلَدِه يَزيدَ بن المُهَلَّب على إِمْرَةِ خُراسان، فأَمْضَى له ذلك الحَجَّاجُ وعبدُ الملك بن مَرْوان.

العام الهجري : 170 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 786
تفاصيل الحدث:

أراد الهادي أن يعهَدَ لابنه جعفرٍ بدلًا من أخيه هارون الرشيد الذي عيَّنه والده المهديُّ واليًا ثانيًا للعهد. وألحَّ الهادي على ذلك وشجَّعَه جماعةٌ من ولاته, لكِنَّ خالد بن يحيى البرمكي نبَّهَه أنَّ جعفر ما زال صغيرًا لم يبلُغ الحنثَ، ثمَّ إنَّ هذا سيجعل الناسَ تستخِفُّ بأيمانِها، فرجع الهادي عن رأيه في عَزْلِ الرشيد, والعجيبُ أنَّ الرشيدَ كان مُسالِمًا لأخيه الهادي في هذا الأمرِ دون أن يبديَ أيَّ اعتراضٍ, حتى جاءه الرشيدُ يومًا فجلس عن يمينه بعيدًا عنه، فجعل الهادي ينظُرُ إليه مليًّا، ثم قال: يا هارونُ، تطمَعُ أن تكونَ وليًّا للعهدِ حَقًّا؟ فقال: إي والله، ولئنْ كان ذلك لأصِلَنَّ مَن قطعتُ، ولأُنصِفَنَّ من ظَلَمتُ، ولأزوِّجَنَّ بنيك من بناتي. فقال: ذاك الظَّنُّ بك. فقام إليه هارونُ ليقَبِّلَ يدَه، فحلف الهادي ليجلس معه على السرير فجلس معه، ثم أمرَ له بألف ألف دينار، وأن يدخُلَ الخزائنَ فيأخُذَ منها ما أراد، وإذا جاء الخَراجُ دفع إليه نِصفَه. ففعل ذلك كلَّه ورَضِيَ الهادي عن الرشيد, فاستلم هارونُ الرشيد زمامَ الخلافة في اليوم التالي لوفاة أخيه الهادي.

العام الهجري : 380 العام الميلادي : 990
تفاصيل الحدث:

لَمَّا قُتِلَ باذ الكردي سار ابنُ أخته أبو عليِّ بنُ مروان الكردي في طائفةٍ مِن الجيش إلى حصن كيفا، وهو على دجلة، وهو من أحصَنِ المعاقل، وكان به امرأةُ باذ وأهلُه، فلمَّا بلغ الحِصنَ قال لزوجة خالِه: قد أنفذني خالي إليك في مُهِمَّة، فظنَّتْه حقًّا، فلمَّا صَعِدَ إليها أعلَمَها بهلاكِه، وأطمَعَها في التزوُّجِ بها، فوافقَتْه على مُلكِ الحِصنِ وغَيرِه، ونزل وقصَدَ حصنًا حصنًا، حتى مَلَك ما كان لخالِه، وسار إلى ميافارقين، وسار إليه أبو طاهرٍ وأبو عبد الله ابنا حَمدانَ طمعًا فيه، ومعهما رأسُ باذ، فوجدا أبا عليٍّ قد أحكَمَ أمْرَه، فتصافُّوا واقتَتَلوا أكثَرَ مِن مَرَّة، وأقام ابنُ مروان بدِيارِ بَكرٍ وضَبَطَها، وأحسَنَ إلى أهلِها، وألان جانِبَه لهم، فطَمِعَ فيه أهلُ ميافارقين، فاستطالوا على أصحابِه، فأمسك عنهم إلى يومِ العيد، وقد خرجوا إلى المصلَّى، فلمَّا تكاملوا في الصَّحراءِ وافى إلى البلَدِ، وأخذ أبا الصَّقرِ شيخَ البلد فألقاه مِن على السور، وقبَضَ على من كان معه، وأخذ الأكرادُ ثيابَ النَّاسِ خارِجَ البلد، وأغلق أبوابَ البلَدِ، وأمَرَ أهلَه أن ينصَرِفوا حيثُ شاؤوا، ولم يمَكِّنْهم من الدُّخولِ، فذهبوا كلَّ مذهَبٍ.

العام الهجري : 463 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

هو الصاحبُ، الوَزيرُ، العَلَّامَةُ، أبو الوَليدِ أحمدُ بن عبدِ الله بن أحمدَ بن غالبِ بن زَيدونَ المَخزُومِيُّ، القُرشيُّ، الأندَلُسيُّ، القُرطُبيُّ، الشاعرُ الماهرُ، حاملُ لِواءِ الشِّعْرِ في عَصرِه. اتَّصلَ بالأَميرِ المُعتَمِدِ بن عبَّادٍ، صاحبِ إشبيلية، فحَظِيَ عنده وصار مُشاوِرًا في مَنزِلَةِ الوَزيرِ، كان بارِعًا أَديبًا شاعرًا مُجيدًا، كان يُشعِر لِنَفسِه لا للتَّكَسُّبِ، أُفْعِمَ بِحُبِّ وَلَّادَة بِنتِ المُستَكْفِي المرواني أَميرِ الأندَلُس، سُجِنَ بِتُهمَةِ مَيْلِه لِبَني أُمَيَّةَ، قال ابنُ بَسَّام: " كان أبو الوَليدِ غايةَ مَنثورٍ ومَنظومٍ، وخاتِمةَ شُعراءِ بني مَخزومٍ، أَحدُ مَن جَرَّ الأيامَ جَرًّا، وفاتَ الأنامَ طُرًّا، وصَرَّفَ السُّلطانَ نَفْعًا وضُرًّا، ووَسَّعَ البيانَ نَظْمًا ونَثْرًا؛ إلى أَدبٍ ليس للبَحرِ تَدَفُّقُهُ، ولا للبَدرِ تَأَلُّقُهُ، وشِعْرٍ ليس للسِّحْرِ بَيانُه، وللنُّجومِ الزُّهْرِ اقتِرانُه. وحَظٍّ مِن النَّثْرِ غَريبِ المَباني، شِعريِّ الألفاظِ والمعاني", وكان من أَبناءِ وُجوهِ الفُقَهاءِ بقُرطُبة، فانتَقلَ منها إلى عند صاحبِ إشبيلية المُعتَضِدِ بن عبَّادٍ، بعد الأربعين وأربع مائة، فجَعَلَهُ مِن خَواصِّه، وبَقِيَ معه في صُورةِ وَزيرٍ. تُوفِّي في إشبيلية ثم نُقِلَ إلى قُرطُبة ودُفِنَ فيها.

العام الهجري : 37 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 657
تفاصيل الحدث:


لمَّا تَسلَّم عَلِيُّ بن أبي طالبٍ الخِلافةَ بدَأ بِعَزْلِ بعضِ العُمَّالِ وأبدَلَهم بآخَرين، وكان ممَّن عزَلَهم مُعاويةُ بن أبي سُفيانَ الذي كان على الشَّامِ, كان رأيُ عَلِيٍّ في قَتلةِ عُثمانَ عدمَ الاسْتِعجالِ في القِصاصِ قبلَ أن يَسْتَتِبَّ الأمرُ ويَقْوَى سُلطانُ الخِلافةِ, وكان مُعاويةُ على رأي أهلِ الجَملِ الاسْتِعجال في الاقْتِصاصِ مِن قَتَلَةِ عُثمانَ، قَرَّرَ عَلِيٌّ عَزْلَ مُعاويةَ عن وِلايةِ الشَّام, ووَلَّى بدلًا عنه سَهلَ بن حَنيفٍ، ولمَّا سار الأخيرُ للشَّامِ رَفَضَهُ أهلُها، وأَبَى مُعاويةُ الانْعِزالَ؛ لأنَّه يَرى أنَّ الأمرَ لم يَسْتَتِبَّ تمامًا لِعَلِيٍّ، وخاصَّةً أنَّ قَتَلَةَ عُثمانَ لا يَزالون يَسرَحون في البِلادِ، فقام عَلِيٌّ بالحَزْمِ وهو لا يَرضى اللِّينَ في مِثل ذلك، فحَرَّك جيشًا إليه وهو على رَأسِهِم؛ ولكنَّه تَحوَّلَ إلى البَصرَةِ بعدَ سَماعِه بخُروجِ طَلحةَ والزُّبيرِ وعائشةَ ومَن معهم، فكانت مَوقعةُ الجَملِ، وبعدَ أن انتهى مِن الجَملِ وبَقِيَ في الكوفةِ فَترةً أرسَل خِلالَها جَريرَ بن عبدِ الله لِمُعاويةَ ليُبايِعَ له، ويُبَيِّنَ له حُجَّةَ عَلِيٍّ في أَمْرِ القَتَلَةِ؛ لكنَّ مُعاويةَ لم يُعْطِ جَوابًا، ثمَّ تَتابَعت الرُّسُلُ ولكن دون جَدوى حتَّى سَيَّرَ عَلِيٌّ الجيشَ، وعَلِمَ مُعاويةُ بذلك فسار بجَيشِه وسَبَقَ إلى صِفِّينَ واسْتَمْكَنَ مِن الماءِ، ولمَّا وصَل عَلِيٌّ طلَب أن يكونَ الماءُ حُرًّا للطَّرَفين فأَبَوْا عليه، فاسْتَطاع أهلُ العِراقِ إزاحَتَهُم عن الماءِ فجعَلهُ عَلِيٌّ رضِي الله عنه حُرًّا للجَميعِ، وبَقِيَ الطَّرفان أيَّامًا دون قِتالٍ، ثمَّ وقَع القِتالُ ودخَل شهرُ مُحَرَّم فتَوقَّفَ الفَريقان عن القِتالِ لَعَلَّهُم يتَصالحون، وكانت السُّفَراءُ بينهم ولكن دون جَدوى، فعَلِيٌّ باقٍ على رَأيِه ومُعاويةُ لا يَستَجيبُ بشيءٍ، ثمَّ عادت المُناوَشاتُ واسْتَمرَّتْ لشهرِ صَفَر، ثمَّ اشْتَدَّ القِتالُ ثلاثةَ أيَّامٍ قُتِلَ فيها عمَّارُ بن ياسرٍ الذي قال فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (وَيْحَ عمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ الباغِيَةُ). ولمَّا بدأت لَوائحُ الهَزيمةِ تَلوحُ على أهلِ الشَّام اقْتَرحوا التَّحْكيمَ، ثمَّ كُتِبَتْ صَحيفةُ التَّحكيمِ وشهِد عليها رِجالٌ مِن الطَّرَفين، ثمَّ رحَل عَلِيٌّ إلى الكوفةِ ومُعاويةُ إلى الشَّامِ، ثمَّ اجْتَمع المحكمان أبو موسى الأشعريُّ مِن طَرَف عَلِيٍّ وعَمرُو بن العاصِ مِن طَرَف مُعاويةَ، ولكنَّ اجْتِماعَهُما لم يُسْفِرْ عن أيِّ اتِّفاقٍ ممَّا جعَل عَلِيًّا يَتَهَيَّأُ للمَسيرِ ثانِيةً للشَّامِ؛ ولكنَّ أمرَ الخَوارِجِ صرَفهُ عن ذلك.

العام الهجري : 833 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1429
تفاصيل الحدث:

في ثامن عشر محرم بعث صاحب تونس وإفريقية وتلمسان أبو فارس عبد العزيز ملك الحفصيين أسطولًا فيه مائتا فرس، وخمسة عشر ألف مقاتل من العسكرية والمطوعة؛ لأخذ جزيرة صقلية، فنازلوا مدينة مارز حتى أخذوها عنوة، ومضوا إلى مدينة مالطة، وحصروها حتى لم يبق إلا أخذها، فانهزم من جملتِهم أحد الأمراء من العلوج، فانهزم المسلمون لهزيمته، فركب الفرنج أقفيتهم، فاستُشهِد منهم في الهزيمة خمسون رجلًا من الأعيان، ثم إنهم ثبتوا وقبضوا على العلج الذي كادهم بهزيمتِه، وبعثوا به إلى أبي فارس، فأمدَّهم بجيوش كثيرة.

العام الهجري : 488 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو مَلِكُ الأَندلسِ المُعتَمِدُ على الله أبو القاسمِ محمدُ بنُ المُعتَضِد بالله أبي عَمروٍ عَبَّادِ بنِ الظافرِ المُؤيَّدِ بالله أبي القاسمِ محمدِ قاضي إشبيلية بن أبي الوليدِ إِسماعيلَ بن قُريشِ بن عَبَّاد بنِ عَمرِو بن أَسلمَ بنِ عَمرِو بنِ عَطَّاف بنِ نعيمٍ، اللخميُّ، مِن وَلَدِ النُّعمانِ بن المُنذِر اللخميِّ، آخرِ مُلوكِ الحِيرَةِ؛ كان المُعتَمِدُ صاحِبَ قُرطبةَ وإشبيلية وما والاهُما مِن جَزيرةِ الأندلسِ. كان بِدءُ أَمرِ عائِلَةِ المُعتَمِد في بِلادِ الأندلسِ أن نعيمًا وابنَه عَطَّافًا أَوَّلُ مَن دَخلَ إليها من بِلادِ المَشرقِ، وهُما مِن أَهلِ العريشِ، المَدينَة القَديمَة الفاضِلَة بين الشامِ والدِّيارِ المِصريَّة في أَوَّلِ الرَّملِ من جِهَةِ الشامِ، وأقامَا بها مُستَوطِنين بقَريَةٍ بقُربِ يَومينِ مِن إقليم طشانة من أَرضِ إشبيلية. نَشأَ المُعتَمِدُ بنُ عبَّادٍ في الأَندلسِ كغَيرِه مِن أَبناءِ المُلوكِ على المُيولِ والدِّعَةِ والتَّرَفِ، كان مَوصوفًا بالكَرمِ والأَدَبِ والحِلمِ، حَسَنَ السِّيرَةِ والعِشرَةِ والإحسانِ إلى الرَّعيَّةِ، والرِّفقِ بهم. تُوفِّي والدُه المُعتَضِد سَنةَ 464هـ فخَلَفَهُ في الحُكمِ، فكان فارِسًا شُجاعًا، عالِمًا أَديبًا، ذَكِيًّا شاعِرًا، مُحسِنًا جَوادًا مُمْدَحًا، كَبيرَ الشَّأنِ، خَيرًا مِن أَبيهِ. كان أَندَى المُلوكِ راحَةً، وأَرحَبَهُم ساحَةً، كان بابُه مَحَطَّ الرِّحالِ، وكَعبَةَ الآمالِ, ومَألَفَ الفُضلاءِ، حتى إنه لم يَجتمِع ببابِ أَحدٍ مِن مُلوكِ عَصرِه مِن أَعيانِ الشُّعراءِ وأَفاضِلِ الأُدباءِ ما كان يَجتَمِع ببابِه. قال أبو بكر محمدُ بن اللَّبَّانة الشاعِرُ: "مَلَكَ المُعتَمِدُ مِن مُسَوَّراتِ البِلادِ مائتي مُسَوَّر، ووُلِدَ له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون وَلَدًا، وكان لِمَطبَخِه في اليوم ثَمانيةُ قَناطيرَ لَحمٍ، وكُتَّابُه ثَمانية عشر".  ولمَّا قَوِيَ أَمرُ الأذفونش بعدَ أَخذِه طُليطلة، اجتَمعَ العُلماءُ، واتَّفَقوا مع ابنِ عَبَّادٍ على أن يُكاتِبوا الأَميرَ ابنَ تاشفين صاحِبَ مراكش لِيُنجِدَهُم، فقال جَماعةٌ لابنِ عبَّادٍ: نَخافُ عليك من استِمدادِه. فقال: رَعْيُ الجِمالِ خَيرٌ مِن رَعْيِ الخَنازيرِ. فلمَّا عَبَرَ ابنُ تاشفين بجُيوشِه إلى الجَزيرَةِ، اجتَمعَ به المُعتَمِد، وأَقبَلَت المُطَّوِّعَةُ من النَّواحي، وقاتَلَ المُعتَمِدُ بن عبَّادٍ في الزَّلَّاقَةِ وثَبَتَ في ذلك اليوم ثَباتًا عَظيمًا، وأَصابَهُ عِدَّةُ جِراحاتٍ في وَجهِه وبَدَنِه، وشُهِدَ له بالشَّجاعَةِ، وغَنِمَ المسلمون دَوابَّ الفِرنجَةِ وسِلاحَهم، ورَجَعَ ابنُ تاشفين إلى بِلادِه والمُعتَمِد إلى بِلادِه. ثم إن الأَميرَ يوسفَ عادَ إلى الأندلسِ بعدَ أن وَصلَتهُ فَتاوَى العُلماءِ بخَلعِ مُلوكِ الطَّوائفِ قال ابنُ خلدون: "وأَفتاهُ الفُقهاءُ وأَهلُ الشُّورَى من المَغربِ والأَندلسِ بِخَلْعِهِم وانتِزاعِ الأَمرِ مِن أَيدِيهم، وصارَت إليه بذلك فَتاوَى أَهلِ الشَّرقِ الأَعلامِ مثل: الغزاليِّ والطَّرطوشيِّ". فلمَّا أَجازَ ابنُ تاشفين انقَبَضوا عنه إلَّا ابنَ عَبَّادٍ فإنه بادَرَ إلى لِقائِه. استَعانَ بالأذفونش مَلِكُ اشتاله وطَلَبَ منه المَدَدَ، فقَدَّمَ ابنُ تاشفين سيرَ بنَ أبي بكر الأندلسي، فوَصَلَ إلى إشبيلية وبها المُعتَمِدُ فحاصَرَهُ أَشَدَّ مُحاصَرةٍ، وظَهرَ مِن مُصابَرةِ المُعتَمدِ وَشِدَّةِ بَأسِه وتَرامِيه على المَوتِ بنَفسِه ما لم يُسمَع بمِثلِه، والناسُ بالبلدِ قد استَولَى عليهم الفَزَعُ وخامَرَهُم الجَزَعُ, فلمَّا كان يومُ الأَحدِ العشرين من رجب سَنةَ 484هـ هَجَمَ عَسكرُ الأَميرِ ابنِ تاشفين البَلدَ وشَنُّوا فيه بالغاراتِ، وقُبِضَ على المُعتَمِد وأَهلِه، وكان قد قُتِلَ له وَلدانِ قبلَ ذلك، أَحدُهما: المأمون، نائِبُه في قُرطبة والثاني الرَّاضي، كان نائِبًا عن أَبيهِ في رندة، وهي مِن الحُصونِ المَنيعَةِ, ولمَّا أُخِذَ المُعتَمِد قَيَّدوهُ من ساعَتِه، وأُودِعَ سِجْناً في أغمات بالعَدوَةِ وتَشَرَّدَ أَهلُه وافتَقَروا في بلادِ المَغربِ, ودَخَلَ عليه يَومًا بَناتُه السِّجنَ، وكان يَومَ عِيدٍ، وكُنَّ يَغزِلنَ للناسِ بالأُجرَةِ في أغمات، فرآهُنَّ في أَطمارٍ رَثَّةٍ وحالَةٍ سَيِّئَةٍ، فصَدَّعنَ قَلبَه وأَنشدَ:
"فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في أغمات مأسور
نرى بناتك في الأطمار جائعةً
يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعةً
أبصارهن حسيراتٍ مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافيةٌ
كأنها لم تطأ مسكًا وكافورا"
زالت دَولةُ المُعتَمِد بن عبَّادٍ على يَدِ شَريكِه في النَّصرِ بعدَ أن دَخلَ قُرطبة، ومات غَريبًا في مَنفاهُ بـأغمات بالمغربِ, وقد حَزِنَ الناسُ عليه، وقال في مُصابِه الشُّعراءُ فأَكثَروا, ويُعتَبر مِن أَشهرِ مُلوكِ دَولةِ الطَّوائفِ التي قامَت في الأَندلسِ في القَرنِ الخامسِ الهِجريِّ، بعدَ انهِيارِ دَولةِ الخِلافةِ الأُمويَّة.

العام الهجري : 770 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1369
تفاصيل الحدث:

في يومِ الجمعة ثالثَ عَشرَ ذي القعدة تجمَّعَت الغوغاء من زعر العامة بأراضي اللوق خارج القاهرة للشلاق، فقُتِلَ بينهم واحد منهم، فركب والي القاهرة الشريفُ بَكتمُر، وأركب معه الأميرَ علاء الدين علي بن كَلَفت الحاجب، والأمير أقبغا اليوسفي الحاجب، وقصد المشالقينَ، ففروا منهم، وبَقِيَ من هناك من النظَّارة، فضرب عِدَّةً منهم بالمقارع، فتعَصَّبت العامة، ووقفوا تحت القلعةِ في يوم الثلاثاء، وأصبحوا يوم الأربعاء الثامن عشر كذلك، وهم يستغيثونَ ويضجُّون بالشكوى من الوالي، فأُجيبوا بأن السلطان يَعزِلُ عنكم هذا الواليَ فأبوا إلا أن يُسَلِّمَه إليهم هو والحاجبين، وكان الوالي قد ركب على عادته بُكرةَ النهار يريد القلعة، فرجمته العامَّةُ حتى كاد يَهلِكَ فالتجأ منهم بالإسطبل، وظَلَّ نهاره فيه، والعامَّةُ وقوفٌ تحت القلعة إلى قريب العصر، وكلما أمروا بأن يَمضُوا أبَوا ولَجُّوا، فركب إليهم الوالي في جمعٍ موفور من مماليك الأمير بَكتمُر المومني، أمير آخور، ومن الأوجاقية، فثارت العامَّةُ ورجمتهم رجمًا متداركًا حتى كَسَروهم كسرةً قبيحة، فركِبَت المماليك السلطانية، والأوجاقية وحَمَلوا على العامة، وقتلوا منهم جماعةً، وقَبَضوا على خلائِقَ منهم، وركب الأمير ألجاي اليوسفي، وقَسَّم الخطط والحارات على الأمراء والمماليك، وأمرهم بوضع السيف في الناس، فجرت خطوبٌ شنيعة، قتل فيها خلائِقُ ذهبت دماؤهم هدرًا، وأُودِعَت السجونَ منهم طوائِفُ، وامتدت أيدي الأجنادِ إلى العامَّةِ حتى إنَّه كان الجنديُّ يدخل إلى حانوت البياع من المتعَيِّشينَ ويَذبَحُه ويمضي، وحكى بعضُهم أنَّه قَتَل بيده في هذه الواقعة من العامة سبعة عشر رجلًا، وكانت ليلةُ الخميس التاسع عشر من ليالي السوءِ، وأصبح الناسُ وقد بلغ السلطانَ الخَبَرُ، فشَقَّ عليه وأنكره، وقال للأمير بكتمر المومني عَجَّلت بالأضحية على الناس وتوعَّده، فرجف فؤادُه ونَحَب قَلْبُه، وقام فلم يزَلْ صاحِبَ فراش حتى مات، وأمر السلطانُ بالإفراج عن المسجونين، ونُودِيَ بالأمان، وفَتْح الأسواق، ففُتِحَت وقد كان الناس قد أصبحوا على تخوفٍ شديدٍ لِما مَرَّ بهم في الليلِ.

العام الهجري : 1263 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1847
تفاصيل الحدث:

هو الأمير عبد الله بن علي بن رشيد، من الجعافرة (آل جعفر) من الربيعية، من عبدة، من شمر: أول حكام آل رشيدٍ في جبل شمر، ومؤسِّسُ حُكمِهم فيها. ولِدَ بحائل سنة 1202ه. كان جدُّه رشيد من سكان حائل ومات في أواخر القرن الثاني عشر للهجرة, وعُرِفَ أبناءُ رشيد وأحفاده بآل رشيد. وكانت لهم في شماليَّ جزيرة العرب إمارةٌ واسعة ظهر فيها أمراءُ وفرسان عُرِفوا في تاريخ نجد الحديث. خلَّف رشيد عليًّا. وعلي خلَّفَ عبد الله وعبيدًا، حاول عبد الله بن علي بن رشيد -وهو من أغنياء أسرة جعفر العريقة وأعيانها- سنة 1235ه أن يستوليَ على العرش في حائل وينتزِعَه من آل علي بمعاونة أقاربِه الكثيرين ذَوِي النفوذ، فنَشبت الحرب بينهم وبين آل علي ودارت الدائرةُ على عبد الله فنُفِيَ، ولكِنَّ عبد الله عاد بعد عشر سنوات إلى جبل شمر فعَيَّنَه فيصل بن تركي أميرًا على جبل شمر؛ اعترافًا بفضله في استرداد حكم الرياض، ومساعدته له في قتل مشاري بن عبد الرحمن الذي تآمرَ على قتل والدِه تركي بن عبد الله، وقتل عبدَ مشاري حمزة بن إبراهيم الذي باشر قتل تركي بن عبد الله، وبعد أن تمكَّنَ عبد الله بن رشيد في حائل طردَ بيت آل علي من جبل شمر, ثم بنى عبد الله القصر الكبير، وقد توثَّقَت العلاقةُ بين فيصل بن تركي وبين ابن رشيد بالمصاهرة بين الأسرتين، فقد تزوَّج عبد الله بن فيصل بن تركي من نورة آل عبد اللهِ الرشيد، ثم من ابنة عمها طريفة بنت عبيد ابن رشيد، ولما توفي عنها، تزوَّجها شقيقه محمد بن فيصل بن تركي, وكذلك تزوَّج عبد الله ابن رشيد بالجوهرة أخت فيصل بن تركي، وتزوَّج ابنه طلال من الجوهرة بنت فيصل. توفي عبد الله بن رشيد في حائل بعد عودته من غزوة غزا فيها عنزة، وخلَفَه في حكم الجبل ابنُه طلال, وكان ابن رشيد خلَّفَ من الأبناء متعبًا الأول-وتوفي صغيرًا- ومحمدًا، وطلالًا، ومتعبًا.

العام الهجري : 859 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1455
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامةُ العِزُّ مجد الدين عبد السلام بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمد بن كيدوم بن عمر بن أبي الخير سعيد الحسيني القيلوي البغدادي ثم القاهري الحنبلي ثم الحنفي. ولدَ تقريبًا بعد سنة 770 والقيلوي نسبة لقرية بالجانب الشرقي من بغداد يقال لها قيلويه نشأ بها العز. قرأ القرآنَ لعاصم وحَفِظَ كتبًا جمة في فنون كثيرة، وبحث في غالب العلوم على مشايخ بغداد والعجم والروم، حتى إنه بحث في مذهبي الشافعي وأحمد وبرع فيهما وصار يقرأ كتبَهما ولازم الرحلةَ في العلم إلى أن صار أحدَ أركانه، وأدمن الاشتغال والأشغال بحيث بقي أوحدَ زمانه، ومن شيوخه في فقه الحنفية الضياء محمد الهروي أخذ عنه المجمع بعد أن حفظه، وسمع غالب الهداية على عبد الرحمن التشلاقي أو القشلاغي، وسمع عليه أصولَ الحنفية، وفي فقه الحنابلة محمد بن الحادي، وسمع عليه البخاري، وتزايد اشتغاله بالمذهب الحنبلي لكون والده كان حنبليًّا، وفي فقه الشافعية ناصر الدين محمد المعروف بأيادي الأبهري ولازمه مدة طويلة أخذ عنه فيها النحو والصرف، ولم يتسير له البحث في فقه المالكية، وقصد ذلك فما قدر، وأخذ أصول الدين وآداب البحث عن السراج الزنجاني، وأصول الفقه عن أحمد الدواليبي، وحضر بحث المختصر الأصلي لابن الحاجب والعضد وكثيرًا من شروح التلخيص في المعاني، وكثيرًا من الكشَّاف على ميرك الصيرامي أحد تلامذة التفتازاني، وبحث بعض الكشاف أيضًا والمعاني والبيان على عبد الرحمن ابن أخت أحمد الجندي، وجميع الشاطبية بعد حفظها على الشريف محمد القمني، والنحو عن أحمد بن المقداد وعبد القادر الواسطي، وبحث عليه الأشنهية في الفرائض بخلوة الغزالي من المدرسة النظامية ببغداد، وانتفع به في غير ذلك, وعُنِيَ بالطب والمعاني والبيان بعد حفظه للتلخيص عن المجد محمد المشيرقي السلطاني الشافعي, والمنطق بعد حفظه الشمسية عن القاضي غياث الدين محمد الخراساني الشافعي، كذا بحث عليه علم الجدل والطب عن موفق الدين الهمذاني، وسمع على موسى باش الرومي علم الموسيقى بحثًا، وارتحل إلى تبريز فأخذ بها عن الضياء التبريزي النحو وأصول الفقه، وعن الجلال محمد القلندشي فقه الشافعية وأصولهم، وحضر المعاني والبيان وبعض الكشاف عند حيدر، ثم ارتحل إلى أرزنجان من بلاد الروم فأخذ علم التصوف عن يارغلي السيواسي، ثم عاد من بلاد الروم بعد أن جال الآفاق وقاسى شدة مع تيمورلنك بحيث كانوا يقطعون الرؤوس ويحمِّلونه إياها إلى البلاد الشامية في سنة 810, ولقي بحلب مَن شاء الله من العلماء، وناظر في الشام الجمالَ الطيماني واجتمع في القدس بالشهاب بن الهائم فعظَّمه كثيرًا وارتحل إلى القاهرة بعد هذا كله, فأشير إليه في الصرف والنحو والمعاني والبيان والمنطق والجدل وآداب البحث والأصلين، والطب والعروض، والفقه والتفسير والقراءات، والتصوف وغيرها، فنزل بالجمالية وقرر في صوفيتها وأقبل الناس عليه فأخذوا عنه، وزوَّجه الشيخ مصطفى المقصاتي ابنته وتدرب به في عمل المقصات، وتكسب بها وقتًا مع اشتهاره بالفضيلة التامة حتى إنه لما تمت عمارة الجامع المؤيدي وحضر السلطان عند مدرسيه ومنهم البدر الأقصرائي الحنفي كان من جملة الحاضرين فلم يتكلم معه غيره، بحيث عظُمَ في عين السلطان، وأشار لما تم الدرس ورام المدرس الدعاء بنفسه مبالغة في تعظيم السلطان القيلوي أن يفعل ففعل، وأعلمه البدر بن مزهر وذلك قبل أن يلي كتابة السر بأنه رجل عالم يتكسب بعمل المقصات، فوعد ببناء مدرسة من أجله يكون هو شيخًا فما تيسر، وربما أقرأه ولده إبراهيم بل رام المؤيد الاجتماع به في محل خلوة للقراءة عليه، فما وافق العز خوفًا من إلصاق كثير مما يصدر عن السلطان به، وعُدَّ ذلك من وفور عقله، واستمر العز ملازمًا للإشغال غير مفتقر للاستفادة من أحد إلا في علم الحديث دراية ورواية؛ فإنه أخذ علوم الحديث جميعًا لابن الصلاح عن الولي العراقي بعد قراءته وسائره سماعًا، وسمع المنظومة في غريب القرآن، ومن أول السيرة الألفية إلى ذكر أزواجه والكثير من النكت على ابن الصلاح، وقرأ منها جميع الألفية الحديثية رواية، والمورد الهني، ومن غيرها الكثير من الأصول الكبار وغيرها، قال شمس الدين السخاوي: " قرأ العز عبد السلام على شيخنا الكمال الشمني صحيح البخاري والنخبة له، واختص به كثيرًا، وكان أحد الطلبة العشرة عنده بالجمالية، وحضر دروسه وأماليه، ورأيت بخط شيخنا بتصنيفه النخبة كتبها برسمه قال في آخرها ما صورته: علقها مختصرها تذكرةً للعلامة مجد الدين عبد السلام نفع الله به آمين، وتمت في صبيحة الأربعاء ثاني عشر شوال سنة أربع عشرة، وقال في أولها ما نصه: رواية صاحبها العلامة الأوحد المفنن مجد الدين عبد السلام البغدادي، وكتب له عليها أنه قرأها قراءة بحث وإتقان وتقرير وبيان، فأفاد أضعاف ما استفاد، وحقق ودقق ما أراد، وبنى بيت المجد لفكره الصحيح وأشاد، ثم قال: وأذن له أن يُقرئها لمن يرى ويرويها لمن درى، والله يسلمه حضرًا وسفرًا، ويجمع له الخيرات زُمَرًا" وأما الرواية فإنه سمع وقرأ على غير واحد وطلبها بنفسه فأكثر وكتب الطباق، وضبط الناس ورافق المتميزين، صار غالب فضلاء الديار المصرية من تلامذة العز عبد السلام، كل ذلك مع الخير والديانة والأمانة والزهد والعفة، وحب الخمول والتقشف في مسكنه وملبسه ومأكله، والانعزال عن بني الدنيا والشهامة عليهم وعدم مداهنتهم، والتواضع مع الفقراء والفتوة والإطعام وكرم النفس والرياضة الزائدة، والصبر على الاشتغال واحتمال جفاء الطلبة والتصدي لهم طول النهار، والتقنع بزراعات يزرعها في الأرياف ومقاساة أمر المزارعين، والإكثار من تأمل معاني كتاب الله عز وجل وتدبره، مع كونه لم يستظهر جميعه ويعتذر عن ذلك بكونه لا يحب قراءته بدون تأمل وتدبر، والمحاسن الجمة بحيث سمعت عن بعض علماء العصر أنه قال: لم نعلم من قَدِمَ مصر في هذه الأزمان مثل العز عبد السلام البغدادي, ولقد تجملت هي وأهلها به, وكان ربما جاءه الصغير لتصحيح لوحه ونحوه من الفقراء المبتدئين لقراءة درسه وعنده من يقرأ من الرؤساء، فيأمرهم بقطع قراءتهم حتى ينتهي تصحيح ذاك الصغير أو قراءة ذاك الفقير لدرسه، ويقول: أرجو بذلك القربة وترغيبهم وأن أندرج في الربانيين ولا يعكس، ولم يحصل له إنصاف من رؤساء الزمان في أمر الدنيا ولا أُعطي وظيفة مناسبة لمقامه، وكان فصيح اللسان مفوهًا طلْقَ العبارة قوي الحافظة سريع النظم جدًّا. مات في ليلة الاثنين الخامس العشر رمضان سنة تسع وخمسين، وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر، ودُفن بتربة الأمير بورى خارج باب الوزير تحت التنكزية، ولم يخلَّف بعده في مجموعِه مثله.

العام الهجري : 7 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 628
تفاصيل الحدث:

أرسل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بكِتابٍ إلى قَيصرِ الرُّومِ وكان حاملَ الكِتابِ هو دِحيةُ بنُ خَليفةَ الكَلبيُّ، فلمَّا كان مِن قَيصرَ ما كان أجاز دِحيةَ بنَ خَليفةَ الكَلبيَّ بمالٍ وكِسوَةٍ، ولمَّا كان دِحيةُ بحِسْمَى في الطَّريقِ لَقِيَهُ ناسٌ مِن جُذَامَ، فقَطعوها عليه، فلم يتركوا معه شيئًا، فجاء دِحيةُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قبلَ أن يَدخُلَ بيتَه فأخبرَهُ، فبعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زيدَ بنَ حارثةَ إلى حِسْمَى، وهي وَراءَ وادي القُرى، في خمسمائةِ رجلٍ، فشَنَّ زيدٌ الغارةَ على جُذامَ، فقَتل فيهم قتلًا ذَريعًا، واسْتاقَ نَعَمَهُم ونِساءَهُم، فأخذ مِنَ النَّعَمِ ألفَ بَعيرٍ، ومِنَ الشَّاةِ خمسةَ آلافٍ، والسَّبْيِ مائةً مِنَ النِّساءِ والصِّبيانِ. وكان بين النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين قَبيلةِ جُذامَ مُوادَعةٌ، فأسرعَ زيدُ بنُ رِفَاعةَ الجُذاميُّ أَحَدُ زُعماءِ هذه القَبيلةِ بتَقديمِ الاحْتِجاجِ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان قد أَسلمَ هو ورِجالٌ مِن قومِه، ونَصَروا دِحيةَ حين قُطِعَ عليه الطَّريقُ، فقَبِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم احْتِجاجَهُ، وأَمَر بِرَدِّ الغَنائمِ والسَّبْيِ.

العام الهجري : 93 العام الميلادي : 711
تفاصيل الحدث:

هو أَحَدُ المُكْثِرين مِن الرِّواية عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وليس بِغَريبٍ فهو خادِمُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، دَعَا له النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِطُولِ العُمُر والبَرَكَة في المالِ والوَلَدِ، فكان له الكَثيرُ مِن الأوَّلادِ زادوا على المائة، وقِيلَ: كان له بُستانٌ يُثْمِرُ مَرَّتَيْنِ في السَّنَة. وكان سَكَنَ البَصْرَةَ وبَقِيَ فيها إلى أن تُوفِّي فيها، وهو آخِرُ الصَّحابَة مَوْتًا فيها، وكان قد آذاهُ الحَجَّاجُ فكَتَبَ إلى عبدِ الملك يَشْتَكِيه فكَتَبَ عبدُ الملك إلى الحَجَّاجِ فاعْتَذَر له وأَحسَن إليه، فرَضِيَ اللهُ عن أَنَسٍ خادِم النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأَرْضاهُ.