الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2497 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 937 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1531
تفاصيل الحدث:

خاض الأسطول العثماني معركةً بحرية مع الأسطول البرتغالي المكوَّن من 190 سفينة حربية و210 سفن نقل محمَّلة بستة وعشرين ألف جندي، وذلك قربَ جزيرة ديو الواقعة في المحيط الهندي، والتي تبعد عن شمال جزيرة بومباي بمسافة 250 كم. وقد حقَّق العثمانيون انتصارًا كبيرًا في هذه المعركة.

العام الهجري : 680 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1281
تفاصيل الحدث:

ورد الخبر بدخول منكوتمر أخي أبغا بن هولاكو بن طلوي بن جنكيزخان إلى بلاد الروم بعساكر المغول، وأنه نزل بين قيسارية والأبلستين، فبعث السلطان قلاوون الكشافة، فلقوا طائفةً من التتار أسروا منهم شخصًا وبعثوا به إلى السلطان، فقَدِمَ إلى دمشق في العشرينَ مِن جمادى الأولى، فأتاه السلطانُ ولم ينزل به حتى أعلَمَه أن التتار في نحو ثمانين ألفًا، وإنهم يريدونَ بلاد الشام في أول رجب، فشرع السلطانُ في عرض العساكر، واستدعى الناس، فحضَرَ الأمير أحمد بن حجي من العراق في جماعة كبيرةٍ مِن آل مراتكون زهاء أربعة آلاف فارس، وقدمت نجدةٌ من الملك المسعود خضر بن الظاهر بيبرس صاحب الكرك، وقدمت عساكِرُ مصر وسائر العربان والتركمان وغيرهم، فوردت الأخبار بمسير التتار، وأنهم انقَسَموا فسارت فرقةٌ مع الملك أبغا بن هولاكو إلى الرحبة ومعه صاحب ماردين، وفرقة أخرى من جانب آخر، فخرج بجكا العلائي في طائفة من الكشافة إلى جهة الرحبة، وجفل الناسُ من حلب إلى حماة وحمص حتى خلت من أهلها، وعَظُم الإرجاف، وتتابع خروج العساكر من دمشق إلى يوم الأحد سادس عشر جمادى الآخرة، فخرج السلطانُ إلى المرج، بمن بقي من العساكر وأقام به إلى آخر الشهر، ثم رحل يريد حمص فنزل عليها في حادي عشر رجب ومعه سائر العساكر، وحضر الأمير سنقر الأشقر من صهيون ومعه بعض أمرائه فسُرَّ السلطان قلاوون بذلك وأكرمهم وأنعم عليهم، وكان ذلك في ثاني عشر فنزل سنقر الأشقر على الميسرة، وقويت الأراجيف بقرب العدو، ووصل التتارُ إلى أطراف بلاد حلب، وقدم منكوتمر إلى عين تاب، ونازل الملك أبغا قلعة الرحبة في السادس عشر جمادى الآخرة، ومعه نحو ثلاثة آلاف فارس، وتقدم منكوتمر قليلًا قليلًا حتى وصل حماة، وأفسد نواحيها وخرب جواسقَ الملك المنصور صاحب حماة وبستانه فورد الخبر إلى السلطان قلاوون بذلك وهو على حمص، وأن منكوتمر في خمسين ألفًا من المغول وثلاثين ألفًا من الكرج والروم والأرمن والفرنجة، وأنَّه قد قفز إليه مملوك الأمير ركن الدين بيبرس العجمي الجالق ودله على عورات المسلمين، ثم ورد الخبَرُ بأن منكوتمر قد عزم أن يرحل عن حماة، ويكون اللقاء في يوم الخميس رابع عشر رجب، واتفق عند رحيله أن يدخل رجلٌ منهم إلى حماة وقال للنائب: اكتُبِ الساعة إلى السلطان قلاوون على جناحِ الطائر بأن القَومَ ثمانون ألف مقاتل، في القلب منهم أربعةٌ وأربعون ألفًا من المغول وهم طالبون القلب، وميمنتهم قوية جدًّا، فيقوي ميسرة المسلمين، ويحترز على السناجق، فسقط الطائر بذلك وعلم بمقتضاه، وبات المسلمون على ظهور خيولهم، وعند إسفار الصباح من يوم الخميس رابع عشر شهر رجب: ركب السلطان ورتب العساكِرَ: وجعل في الميسرة الأميرَ سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء، ثم اختار السلطانُ مِن مماليكه مائتي فارس، وانفرد عن العصائب ووقف على تل، فكان إذا رأى طلبًا قد اختل أردفه بثلاثمائةٍ مِن مماليكه، فأشرَفت كراديس التتار وهم مِثْلَا عساكر المسلمين، ولم يعتدُّوا منذ عشرين سنة مثل هذه العِدَّة، ولا جمعوا مثل جَمعِهم هذا، فإنَّ أبغا عرض من سيره صحبة أخيه منكوتمر فكانوا خمسة وعشرين ألف فارس منتخبة، فالتحم القتال بين الفريقين بوطأة حمص، قريبًا من مشهد خالد بن الوليد، ويوم الخميس رابع عشر رجب، من ضحوة النهار إلى آخره، وقيل من الساعة الرابعة، فصدمت ميسرة التتار ميمنة المسلمينَ صَدمةً شديدة ثبتوا لها ثباتًا عظيمًا، وحملوا على ميسرةِ التتار فانكسرت وانتَهَت إلى القلب وبه منكوتمر، وصَدَمَت ميمنة التتار  ميسرة المسلمين، فانكسرت الميسرةُ وانهزم من كان فيها، وانكسر جناحُ القلب الأيسر، وساق التتار خلفَ المسلمين حتى انتهوا إلى تحت حمص وقد غُلِّقَت أبوابها، ووقعوا في السوقةِ والعامة والرجَّالة والمجاهدين والغلمان بظاهر حمص، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأشرف الناس على التلاف، ولم يعلم المسلمون من أهل الميسرة بما جرى للمسلمين أهل الميمنة من النصر، ولا علم التتار الذين ساقوا خلف المسلمين ما نزل بميسرتِهم من الكسرة، ووصل بعض المنهزمين إلى صفد، وكثيرٌ منهم دخل دمشق، ومر بعضُهم إلى غزة، فاضطرب الناسُ بهذه البلاد وانزعجوا انزعاجًا عظيمًا، وأما التتار الذين ساقوا خلف المنهزمين من المسلمين أصحاب الميسرة، فإنهم نزلوا عن خيولهم وأيقنوا بالنَّصرِ، وأرسلوا خيولهم ترعى في مرج حمص، وأكلوا ونهبوا الأثقال والوطاقات والخزانة وهم يحسبون أن أصحابهم ستُدرِكُهم، فلما أبطأوا عليهم بعثوا من يكشف الخبر، فعادت كشافتُهم وأخبرتهم أن منكوتمر هرب، فركبوا وردُّوا راجعين، هذا ما كان من أمر ميمنة التتار وميسرة المسلمين، وأما ميمنة المسلمين فإنها ثبتت وهزمت ميسرة التتار حتى انتهت إلى القلب، إلا الملك المنصورَ قلاوون فإنه ثبت تحت السناجق –الرماح-، ولم يبقَ معه غير ثلاثمائة فارس، والكوسات تضرب، وتقدَّم سنقر الأشقر، وبيسري، وطيبرس الوزيري، وأمير سلاح، وأيتمش السعدي، ولاجين نائب دمشق، وطرنطاي نائب مصر، والدواداري، وأمثالهم من أعيان الأمراء إلى التتار، وأتاهم عيسى بن مهنا فيمن معه، فقتلوا من التتار مقتلةً عظيمة، وكان منكوتمر مقدم التتار قائمًا في جيشه، فلما أراده الله من هزيمته نزل عن فرسه ونظر من تحت أرجل الخيل، فرأى الأثقالَ والدواب فاعتقد أنَّها عساكر، ولم يكن الأمرُ كذلك، بل كان السلطان قلاوون قد تفرقت عنه عساكِرُه ما بين منهزم ومَن تقدم القتال، حتى بقي معه نحو الثلاثمائة فارس لا غير، فنهض منكوتمر من الأرض ليركَبَ فتقنطر عن فرسِه، فنزل التتار  كلُّهم لأجله وأخذوه، فعندما رآهم المسلمون قد ترجَّلوا حملوا عليهم حملةً واحدة كان الله معهم فيها، فانتصروا على التتار، وقيل إنَّ الأمير عز الدين أزدمر الحاج حمل في عسكر التتار وأظهر أنه من المنهزِمين، فقَدِمَهم وسأل أن يوصَلَ إلى منكوتمر، فلما قرب منه حمل عليه وألقاه عن فَرَسِه إلى الأرض، فلما سقط نزل التتارُ إليه من أجل أنه وقع، فحمل المسلمون عليهم عند ذلك، فلم يثبُت منكوتمر وانهزم وهو مجروح، فتبعه جيشه وقد افترقوا فرقتين: فرقة أخذت نحو سلمية والبرية، وفرقة أخذت جهة حلب والفرات، وأما ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فإنها لما رجعت من تحت حمص كان السلطان قد أمر أن تلف السناجق ويبطل ضرب الكوسات، فإنَّه لم يبق معه إلَّا نحو الألف، فمرت به التتار ولم تعرض له، فلما تقدموه قليلًا ساق عليهم، فانهزموا هزيمةً قبيحة لا يلوون على شيء، وكان ذلك تمام النصر، وهو عند غروبِ الشمس من يوم الخميس، ومر هؤلاء المنهزمون من التتار نحو الجبل يريدون منكوتمر، فكان ذلك من تمام نعمة الله على المسلمين، وإلَّا لو قدر الله أنهم رجعوا على المسلمين لما وجدوا فيهم قوة، ولكِنَّ الله نصر دينه، وهزَمَ عَدُوَّه مع قوتهم وكثرتهم، وانجلَت هذه الواقعة عن قتلى كثيرة من التتار  لا يحصى عددهم، وعاد السلطانُ في بقية يومه إلى منزلتِه بعد انقضاء الحرب، وكتب البطائِقَ بالنصرة وبات ليلةَ الجمعة إلى السحر في منزلته، فثار صياحٌ لم يشك النَّاسُ في عود التتار، فبادر السلطان وركب وسائِرُ العساكر، فإذا العسكر الذي تبع التتار وقت الهزيمة قد عاد، وقتل من التتار في الهزيمة أكثَرَ ممن قتل في المصاف، واختفى كثيرٌ منهم بجانب الفرات، فأمر السلطان أن تُضرَمَ النيران بالأزوار التي على الفرات، فاحترق منهم طائفة عظيمة، وهلك كثير منهم في الطريق التي سلكوها من سلمية، وفي يوم الجمعة: خرج من العسكر طائفة في تتبع التتار، مقدمهم الأمير بدر الدين بيليك الأيدمري، ورحل السلطان من ظاهر حمص إلى البحيرة ليبعد عن الجيف، وقتل من التتار صمغار، وهو من أكبر مقدميهم وعظمائهم، وكانت له إلى الشام غارات عديدة، واستشهد من المسلمين زيادة على مائتي رجل، وأمَّا أبغا بن هولاكو ملك التتار فإنه لم يشعر وهو على الرحبة إلا وقد وقعت بطاقة من السلطانِ إلى نائب الرحبة، بما منَّ الله به من النصر وكسرةِ التتار فعندما بلغه ذلك بدق بشائر القلعة رحل إلى بغداد، ووصل الأميرُ بدر الدين الأيدمري إلى حلب، وبعث في طلب التتار إلى الفرات، ففَرُّوا من الطلب وغرق منهم خلق كثير، وعبرت طائفة منهم على قلعة البيرة، فقاتلهم أهلُها وقتلوا منهم خمسمائة، وأسروا مائة وخمسين، وتوجَّه منهم ألف وخمسمائة فارس إلى بغراس، وفيهم أكابِرُ أصحاب سيس وأقاربهم فخرج عليهم الأميرُ شجاع الدين السيناني بمن معه، فقتَلَهم وأسَرَهم عن آخرهم بحيث لم يُفلِتْ منهم إلا دون العشرين، وتوجَّه منهم على سلمية نحو أربعة آلاف، فأخذ عليهم نواب الرحبة الطرقات والمعابر، فساروا في البرية فماتوا عطشًا وجوعًا، ولم يسلم منهم إلا نحو ستمائة فارس، فخرج إليهم أهل الرحبة فقتلوا أكثرهم، وأحضروا عِدَّةً منهم إلى الرحبة ضُرِبت أعناقهم بها، وأدرك بقية التتار  الملك أبغا، وفيهم أخوه منكوتمر وهو مجروح، فغضب عليه وقال: " لم لا مت أنت والجيش ولا انهزمت" وغضب أيضًا على المقدمين، فلما دخل أبغا بغداد سار منها إلى جهة همذان وتوجه منكوتمر إلى بلاد الجزيرة فنزل بجزيرة ابن عمر، وكانت الجزيرة لأمه قد أعطاها إياها أبوه هولاكو لما أخذها.

العام الهجري : 396 العام الميلادي : 1005
تفاصيل الحدث:

غزا يَمينُ الدَّولةِ مَحمودُ بنُ سبكتكين المولتان، وكان سبَبُ ذلك أنَّ واليَها أبا الفتوحِ نُقِلَ عنه خُبثُ اعتقادِه، ونُسِبَ إلى الإلحاد، وأنَّه قد دعا أهلَ ولايتِه إلى ما هو عليه، فأجابوه. فرأى يمينُ الدَّولة أن يُجاهِدَه ويَستنزِلَه عمَّا هو عليه، فسار نحوه، فابتدأ ببلدِ أندبال قبلَ المولتان، وقال: نجمعُ بين غزوتينِ، فدخَلَ بلادَه، وجاسَها، وأكثَرَ القَتلَ فيها، والنَّهبَ لأموالِ أهلِها، والإحراقَ لأبنِيَتِها، ففَرَّ أندبال مِن بينِ يديه، ولَمَّا سَمِعَ أبو الفتوح بخبَرِ إقبالِه إليه عَلِمَ عَجزَه عن الوقوفِ بينَ يديه والعِصيانِ عليه، فنَقَل أموالَه إلى سرنديب، وأخلى المولتان، فوصَل يمينُ الدَّولة إليها ونازلَها، فإذا أهلُها في ضلالِهم يَعمَهونَ، فحصَرَهم، وضَيَّقَ عليهم، وتابع القِتالَ حتى افتتَحَها عَنوةً، وألزم أهلَها عشرينَ ألفَ درهمٍ؛ عُقوبةً لعِصيانِهم، ثمَّ سار عنها إلى قلعةِ كواكير، وكان صاحِبُها يُعرَف ببيدا، وكان بها ستُّمِئَة صنم، فافتتَحَها وأحرقَ الأصنام، فهرَبَ صاحِبُها إلى قلعته المعروفة بكالنجار، فسار خَلْفَه إليها، وهو حِصنٌ كبيرٌ ووصَلَ إلى القَلعةِ فحَصَرها ثلاثةً وأربعين يومًا، وراسَلَه صاحِبُها في الصُّلحِ، فلم يُجِبْه، ثمَّ بلَغَه عن خراسان اختلافٌ بسبَبِ قَصدِ إيلك الخان لها، فصالح ملِكَ الهندِ على خمسمِئَة فيل، وثلاثةِ آلافٍ مِن فِضَّة، ولَبِسَ خِلَعَه يمينُ الدَّولة بعد أن استعفى مِن شَدِّ المِنطَقةِ، فإنَّه اشتَدَّ عليه، فلم يُجِبْه يمينُ الدَّولة إلى ذلك، فشَدَّ المِنطقةَ، وقطَعَ إصبَعَه الخنصَر وأنفَذَها إلى يمينِ الدَّولةِ توثقةً فيما يعتَقِدونَه، وعاد يمينُ الدَّولة إلى خُراسان لإصلاحِ ما اختُلِف فيها، وكان عازمًا على الوُغولِ في بلادِ الهند.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ المجدُ السلامي على البريدِ مِن عند الملك أبي سعيد بن خربندا في طلب الصُّلحِ، فخرج القاضي كريم الدين الكبير إلى لقائه، وصَعِدَ به إلى القلعة، فأخبر المجد السلامي برغبةِ جوبان وأعيان دولة أبي سعيد في الصلحِ، وأنَّ الهديَّةَ تَصِلُ مع الرسل، فكَتَب إلى نائبي حلب ودمشق بتلقِّي الرسُلِ وإكرامِهم، فقدم البريدُ بأن سليمان بن مهنا عارض الرُّسُل، وأخذ جميعَ ما معهم من الهَديَّة، وقد خرج عن الطاعةِ لإخراجِ أبيه مهنَّا من البلاد وإقامةِ غيرِه في إمرة العرب، ثمَّ قَدِمَت الرسل بعد ذلك بالكُتُب، وفيها طلب الصلحِ بشُروطٍ: منها ألا تدخُلَ الفداوية إليهم، وأنَّ مَن حضر من مصر إليهم لا يُطلَبُ، ومن حضر منهم إلى مصرَ لا يعود إليهم إلَّا برضاه، وألَّا يُبعَث إليهم بغارة من عَرَب ولا تُركمان، وأن تكون الطريقُ بين المملكتين مفتوحةً تسير تجارُ كُلِّ مملكة إلى الأخرى، وأن يسيرَ الركبُ من العراق إلى الحجاز في كلِّ عامٍ بمَحمَلٍ ومعه سنجق فيه اسمُ صاحِبِ مِصرَ مع سنجق أبي سعيد ليتجَمَّلَ بالسنجق السلطانيِّ، وألا يُطلَب الأميرُ قراسنقر، فجمع السلطانُ الأمراءَ واستشارهم في ذلك بعدما قرأ عليهم الكتاب، فاتفق الرأي على إمضاءِ الصلحِ بهذه الشروط، وجُهِّزَت الهدايا لأبي سعيدٍ, وفيها خِلعةٌ أطلس باولي زركش، وقباءٌ تتَرِيٌّ وقرقلات وغير ذلك، ممَّا بلغت قيمته أربعين ألف دينار، وأعيد الرسُلُ بالجوابِ، وفيه ألَّا يُمكَّنَ عَرَبُ آل عيسى من الدخول إلى العراق، فإنَّ العَسكَرَ واصِلٌ لقتالهم، وسافر السلامي على البريد يُبَشِّرُ بعود الرسُلِ بالهَديَّة.

العام الهجري : 1299 العام الميلادي : 1881
تفاصيل الحدث:

كانت السودانُ خاضعةً لحكم محمد علي باشا من عام 1237هـ /1821 م. فقامت الحركةُ المهدية في الفترة من 1299 - 1317هـ /1881 - 1899 م؛ لتخليص السودانِ مِن ظلم الحكومة المصرية الواقِعِ على السودانيين؛ حيث أعلن محمد أحمد بن عبد الله أنَّه المهدي المنتَظَر لبعث الأمَّة، فتبعه كثيرون وسيطَرَ على أغلب البلاد، وكان محمد المهدي في سنة 1298 هـ (1881 م) تلقَّب بالمهديِّ المنتظَر، وكتب إلى فقهاء السودان يدعوهم لنصرته. وانبَثَّ أتباعه (ويُعرَفون بالأنصار أو الدراويش) بين القبائل يحضُّون على الجهاد. وسمع بالمهدي رؤوف باشا المصري (حاكم السودان العام) فاستدعاه إلى الخرطوم، فامتنع, فأرسل رؤوف قوَّةً تأتيه به فانقض عليها أتباعُه في الطريق وفتَكُوا بها. وساقت الحكومةُ المصرية جيشًا لقتاله بقيادةِ جيقلر باشا البافاري، فهاجمه نحو 50 ألف سوداني وهزموه. واستولى المهديُّ على مدينة (الأبيض) سنة 1300 هـ وهاجمه جيش مصري ثالث بقيادة هيكس باشا فأُبيدَ. وهاجم بعضُ أتباعه (الخرطوم) وفيها غوردون باشا فقَتَلوه وحملوا رأسَه على حربة سنة 1302 هـ وانقاد السودان كلُّه للمهدي، وكان فَطِنًا فصيحًا قَوِيَّ الحُجَّة، إذا خطَب خَلَب الأسماع, وأقام يجمَعُ الجموع ويجَنِّد الجنود لأجل التغلب على القواتِ المصرية، وأرسل إلى الخديوي والسلطان عبد الحميد وملكة إنكلترا يشعرهم بدولته ومقرِّ سلطنته، وضَرَب النقودَ, ولكِنَّه لم يلبث أن مات بالجدري، وظلَّت حركة المهدية إلى أن قُضي عليها بجيش مصري تحت قيادة إنجليزية سنة 1317 هـ/1899م.

العام الهجري : 709 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1310
تفاصيل الحدث:

في سادَسَ عَشَر شوال وقع بين أهلِ حوران من قيس ويَمَن فقتل منهم مقتلةٌ عَظيمةٌ جِدًّا، قُتِلَ مِن الفريقينِ نحوٌ من ألف نفسٍ بالقُربِ من السويداء (جنوبي سوريا)، وكانت الكسرةُ على يمن، فهربوا من قيس حتى دخل كثيرٌ منهم إلى دمشقَ في أسوأ الحال وأضعفِه، وهَرَبت قيس خوفًا من الدولةِ، وبَقِيَت القُرى خاليةً والزُّروعُ سائبةً.

العام الهجري : 176 العام الميلادي : 792
تفاصيل الحدث:

هو يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان يحيى ممَّن نجا يوم فخٍّ بمكَّة عام 169هـ فهرب إلى اليمن، ثم لمصر، ثم بغداد، ثم نزل ببلاد الديلم، واتَّبَعه خلقٌ كثيرٌ وجَمٌّ غفير، وقَوِيَت شوكتُه، وارتحل إليه الناسُ من الكور والأمصار، فانزعج لذلك الرشيدُ وقَلِقَ من أمره، فنَدَب إليه الفضلَ بن يحيى بن خالد بن برمك، فسار الفضلُ إليه وكاتَبَه بأنَّه سيسعى له بالأمانِ إن هو خرجَ مُطيعًا وأغرى صاحِبَ الديلم أن يعطيَه ألف ألف درهم إن هو سعى إلى إخراجِ يحيى للصُّلحِ، فطلب يحيى أن يكتُبَ له الرشيدُ بخَطِّ يده الأمانَ، فلما وصل الخبَرُ للرشيد سُرَّ بذلك وكتب له الأمانَ، وأشهد عليه القُضاةَ والفقهاءَ ومَشيخةَ بني هاشم، وبعثه ومعه الهدايا والأموال، ثم جاء يحيى ودخل بغدادَ بهذا الأمانِ، وأكرَمَه الرشيدُ، ثم لم يلبث الرشيدُ فتنكَّرَ ليحيى مرَّةً أخرى فحَبَسَه في سرداب حتى مات عام 180هـ، وقد كَثُرت الروايات في سبَبِ مَوتِه؛ قيل: جَوَّعَه حتى مات، وقيل: عُذِّبَ، وقيل: بل مات دون دافِعٍ، وقيل غيرُ ذلك.

العام الهجري : 325 العام الميلادي : 936
تفاصيل الحدث:

خرج الخليفةُ الراضي وأميرُ الأمراءِ محمَّدِ بن رائق من بغداد قاصدينِ واسِطَ؛ لقتال أبي عبد الله البريدي نائبِ الأهواز، الذي قد تجبَّرَ بها ومنع الخَراج، فلما سار ابنُ رائق إلى واسِط خرجَ الحجريَّةُ فقاتلوه فسَلَّطَ عليهم بجكم فطحَنَهم، ورجع فَلُّهم إلى بغدادَ فتلقَّاهم لؤلؤ أميرُ الشرطة فاحتاط على أكثَرِهم ونُهِبَت دورهم، ولم يبقَ لهم رأسٌ يَرتَفِع، وقُطِعَت أرزاقهم من بيت المال بالكليَّة، وبعث الخليفةُ وابنُ رائق إلى أبي عبد الله البريدي يتهدَّدانه فأجاب إلى حَملِ كُلِّ سَنةٍ ثلاثمائة ألف وستين ألف دينار يقوم بها، تحمَلُ كُلَّ سَنةٍ على حدته، وأنه يجهِّزُ جيشًا إلى قتال عضُدِ الدولة بن بويه، فلما رجع الخليفةُ إلى بغداد لم يَحمِلْ شيئًا ولم يبعَثْ أحدًا، ثم بعث ابنُ رائق بجكم وبدرًا الحسيني لقتال البريدي، فجَرَت بينهم حروب وخطوب، ثم لجأ البريدي إلى عمادِ الدولة واستجار به، واستحوذ بجكم على بلادِ الأهواز، وجعل إليه ابنُ رائق خراجَها، وكان بجكم هذا شجاعًا فاتكًا، وفي ربيع الأول خلع الخليفةُ على بجكم وعقَدَ له الإمارةَ ببغداد، وولَّاه نيابة المشرق إلى خُراسان.

العام الهجري : 614 العام الميلادي : 1217
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ السلطانُ علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش من همدان قاصدًا بغداد في أربعمائة ألف مقاتل، وقيل في ستمائة ألف، فاستعَدَّ له الخليفة واستخدم الجيوَش وأرسل إلى الخليفةِ يطلُبُ منه أن يكون بين يديه على قاعدةِ مَن تقَدَّمه من الملوك السلاجقة، وأن يَخطُبَ له ببغداد، فلم يجِبْه الخليفة إلى ذلك، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي، فلما وصل شاهدَ عند خوارزم شاه من العظمةِ وكثرة الملوك بين يديه وأخذَ السهروردي في خطبةٍ هائلة فذكر فيها فضلَ بني العباس وشرَفَهم، والترجمان يعيد على السلطانِ خوارزم شاه، فقال السلطانُ أمَّا ما ذكرتَ مِن فضل الخليفة فإنَّه ليس كذلك، ولكني إذا قَدِمتُ بغداد أقمتُ من يكون بهذه الصِّفة، وانصرف السهروردي راجعًا، وأرسل الله تعالى على خوارزم شاه وجنده ثلجًا عظيمًا ثلاثة أيام حتى طَمَّ الخيامَ والخراكي -لفظ فارسيٌّ يعني بيتًا من الخشب- ووصل إلى قريب رؤوس الأعلام، وتقطَّعت أيدي رجالٍ وأرجُلُهم، وعَمَّهم من البلاء ما لا يُحَدُّ ولا يوصف، فمات كثيرٌ من الدواب والرجال، فلم يحقِّق خوارزم شاه ما جاء لأجلِه، وخاف أن يتغلَّب التَّترُ على بلاده؛ إذ قد بدأوا بالتحرُّك، فرجع إلى بلاده!

العام الهجري : 790 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1388
تفاصيل الحدث:

خرج الأميرُ يلبغا الناصري نائِبُ حلب عن طاعة السلطان برقوق؛ وذلك لأن السلطان أصلًا كان من مماليكِه، فأبى أن يكونَ مِن تابعيه، وخاصةً أنَّ السُّلطانَ كان يقبض على الكثير من الأمراء بأدنى ريبةٍ؛ مِمَّا أوغر صدورَهم تجاهه، وانضمَّ إلى يلبغا أمير ملطية الأمير تمربغا الأفضلي المعروف باسم منطاش، فأرسل السلطان العساكِرَ لإعادتهم إلى الطاعة، ثمَّ في حادي عشر من جمادى الأولى ورد صراي تَمُر- دوادار الأمير يونس الدوادار، ومملوك نائب حلب - على البريد بأن العسكَرَ توجَّه إلى سيواس، وقاتل عسكَرَها، وقد استنجدوا بالتترِ، فأتاهم منهم نحو الستين ألفًا، فحاربوهم يومًا كاملًا وهزموهم، وحصروا سيواس بعدما قُتِلَ كثير من الفريقين وجُرح معظمهم، وأنَّ الأقواتَ عندهم عزيزةٌ، فجهَّز السلطان إلى العسكر مبلغ خمسين ألف دينار مصرية، وسار بها تُلَكتمُر الدوادار في السابع والعشرين، ثم إن العسكر تحركوا للرحيلِ عن سيواس، فهجم عليهم التتار من ورائهم، فبرز إليهم الأمير يلبغا الناصري نائب حلب، وقَتَل منهم خلقًا كثيرًا، وأسر نحو الألف، وأخذ منهم العسكرُ نحو عشرة آلاف فرس، وعادوا سالمين إلى جهة حلب.

العام الهجري : 1367 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1948
تفاصيل الحدث:

كان عامر شرف الدين الشيوعي رئيسًا للحكومة ووزيرًا للدفاع في أندونيسيا، ولكنه أُقيل من منصبه بعد الضَّغطِ الشعبي على الرئيس أحمد سوكارنو الذي عيَّنه بنفسه، فثار الشيوعيون، وألف الحزبُ الشيوعي الأندونيسي مجلسًا للثورة وقيادة عليا وقَدَّم أحدهم هو عيديد مذكرةً للحكومة للمطالبة بالتبادل السياسي مع الدول الشيوعية، وبالتأميم، ومصادرة الأملاك، وإقالة الحكومة، والسير مع الدول الماركسية، والانضمام إلى المعسكر الشيوعي تحت لواء الكرملين، وبدؤوا أيضا باختطاف الضباط من الجيش، وقاموا بأعمال تخريبية، وقتلوا بعض القياديين المسلمين، وهاجموا مراكزَ الشرطة، ثم في 16 من ذي القعدة 1367هـ / 19 أيلول أعلنت إذاعةُ ماديون عن قيام جمهورية أندونيسيا السوفيتية التي يتولى رئاسةَ حكومتِها عامر شرف الدين، فأصبح في أندونيسيا على هذا حكومتان، فأعلن المسلمون الجهادَ وتحَرَّك الجيش الأندونيسي واستطاع القضاء على هذه الثورة الشيوعية التي كان من نتائجِها قَتلُ ألف وخمسمائة من العلماء وأساتذة المدارس الإسلامية، وإحراق جثثهم بعد إعدامهم، وكُوِيَت أعيُنُ عدد كبير من الأطفال، ثم سيقَ زعماء الثورة الشيوعية وقُدِّموا للمحاكمة، وأعدِمَ عَدَدٌ منهم رميًا بالرصاص، وفي مقدمتهم عامر شرف الدين.

العام الهجري : 3 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 625
تفاصيل الحدث:

كان سببُها أنَّ المشركين حين قُتِلَ مَن قُتِلَ مِن أَشرافِهِم يوْمَ بَدْرٍ، وسَلمَت العِيرُ بما فيها مِنَ التِّجارةِ التي كانت مع أبي سُفيانَ، فلمَّا رجع فَلُّهُم إلى مكَّةَ قال أبناءُ مَن قُتِلَ، ورُؤساءُ مَن بَقِيَ لأبي سُفيانَ: ارْصُدْ هذه الأموالَ لِقتالِ محمَّدٍ، فأَنفَقوها في ذلك، وجمعوا الجُموعَ والأَحابيشَ وأَقبلوا في قَريبٍ مِن ثلاثةِ آلافٍ، حتَّى نزلوا قريبًا مِن أُحُدٍ تِلْقاءَ المدينةِ، فصلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الجُمعةِ، فلمَّا فَرَغَ منها صلَّى على رجلٍ مِن بني النَّجَّارِ، يُقالُ له: مالكُ بنُ عَمرٍو، واسْتَشار النَّاسَ: أَيخرُجُ إليهِم، أمْ يَمكُثُ بالمدينةِ؟ فأشار عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ بالمقامِ بالمدينةِ، فإن أقاموا أقاموا بِشَرِّ مَحْبسٍ وإن دخلوها قاتلَهُم الرِّجالُ في وُجوهِهم، ورَماهم النِّساءُ والصِّبيانُ بالحِجارةِ مِن فوقِهم، وإن رجعوا رجعوا خائِبين. وأشار آخرون مِنَ الصَّحابةِ ممَّن لم يَشهدْ بدرًا بالخُروجِ إليهم، فدخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلَبِسَ لَأْمَتَهُ وخرج عليهم... فسار في ألفٍ مِن أصحابِهِ، فلمَّا كان بالشَّوطِ رجع عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ في ثُلُثِ الجيشِ مُغْضَبًا؛ لِكَونِه لم يُرجَعْ إلى قولِه، وقال هو وأصحابُه: لو نعلمُ اليومَ قِتالًا لاتَّبَعناكُم، ولكِنَّا لا نَراكُم تُقاتلون اليومَ. واستَمرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سائرًا حتَّى نزل الشِّعْبَ مِن أُحُدٍ في عَدْوَةِ الوادي. وجعل ظَهرَهُ وعَسكرَهُ إلى أُحُدٍ، وتَهيَّأَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للقِتالِ وهو في سبعمائةٍ مِن أصحابِهِ، وأمَّرَ على الرُّماةِ عبدَ الله بنَ جُبَيْرٍ أخا بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، والرُّماةُ يَومئذٍ خمسون رجلًا. فقال: انْضَحْ الخَيْلَ عَنَّا بِالنَّبْلِ، لا يَأتونا مِن خَلفِنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثْبُتْ مكانَك لا نُؤْتَيَنَّ مِن قِبَلِكَ، وظاهَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين دِرعَينِ، وأَعطى اللِّواءَ مُصعبَ بنَ عُميرٍ أخا بني عبدِ الدَّارِ، وأجاز رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعضَ الغِلْمانَ يَومئذٍ وأَرجأَ آخرين، وتَعبَّأتْ قُريشٌ وهُم ثلاثةُ آلافٍ، ومعهم مائتا فَرَسٍ قد جَنَبُوها، فجعلوا على مَيْمَنةِ الخَيْلِ خالدَ بنَ الوليدِ، وعلى المَيسَرةِ عِكْرِمةَ بنَ أبي جَهْلٍ، ودفعوا إلى بني عبدِ الدَّارِ اللِّواءَ... ثمَّ كان بين الفَريقين ما كان، وكانت بَوادرُ النَّصرِ تَلوحُ لِصالحِ المسلمين، فلمَّا رَأى المسلمون تَقَهْقُرَ المشركين أَهملَ الرُّماةُ وَصِيَّةَ نَبِيِّهِم لهم ونزلوا يَحصُدون الغَنائمَ، فانْتهَز خالدُ بنُ الوليدِ الفُرصةَ فالْتَفَّ خَلفَهم وأَعملَ الحربَ فيهم، ممَّا أَدَّى لِقَلْبِ الموازينِ وانْجَلَتِ المعركةُ عن مَقْتَلِ سبعين رجلًا مِن المسلمين مِنهم حمزةُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ، ومُصعبُ بنُ عُميرٍ، وعبدُ الله بنُ حَرامٍ والدُ جابرٍ، وعبدُ الله بنُ جُبيرٍ أَميرُ الرُّماةِ....

العام الهجري : 585 العام الميلادي : 1189
تفاصيل الحدث:

كان وصولُ نبأ سقوط مملكةِ بيت المقدس إلى أوروبا كنتيجةٍ لمعركة حطين صاعِقًا لنصارى أوربا. فإنَّ البابا أوربان الثامن ما إن علم بما حدث حتى توفي من وقْعِ الصدمة. ودعا خليفَتَه البابا غريغوريوس الثامن بمنشور باباوي إلى حملةٍ صليبية جديدة، وأمَرَهم بالصيام كلَّ أسبوع في يوم الجمعة على امتدادِ خمس سنوات، كما أمَرَهم بالامتناع كليًّا في هذه الحقبة من الزَّمَنِ عن أكل اللحم مرَّتينِ في الأسبوع، والدعوة إلى المشاركة في حربٍ صليبية لاسترداد بيت المقدس, وقد قام بهذه الدعوة ببالغِ الهِمَّة الكاردينال إنريكو من ألبانو، وبعد شهرين حلَّ البابا كليمنت الثالث مكانَ غريغوريوس، واستكمل المهمَّةَ، وقام الكاردينالات بالتطوافِ مَشيًا على الأقدام في عموم فرنسا وإنجلترا وألمانيا. فجهَّزَ نصارى أوروبا ثلاثَ حملات ألمانية وإنكليزية وفرنسية، كل ذلك لمحاولة استرداد بيت المقدس، وصَلَت الحملتان الإنكليزية والفرنسية بحرًا سنة 586 إلى عكا، وساهمت في الحصار البحري، وكان فيهم ريتشارد المعروف بقلب الأسد، أما الحملة الألمانية فكان مَلِكُهم فريدريك الأول بربروسا، أوَّل من تحرك من ملوك أوربا لنصرة بيت المقدس وجمع عساكِرَه وسار للجهاد بزعمه. تحركت القوات الألمانية قبل غيرِها وهم من أكثر الحَمَلات عددًا، وأشدِّهم بأسًا، فكان طريقُهم على القسطنطينية، فأرسل ملكُ الروم بها إلى صلاح الدين يُعَرِّفُه الخبر ويَعِدُ أنَّه لا يمَكِّنُه من العبور في بلاده، فلما وصل ملك الألمان إلى القسطنطينية عجَزَ مَلِكُها عن منعه من العبورِ لكثرة جموعه، لكنَّه منع عنهم الميرة، ولم يمكِّنْ أحدًا من رعيَّتِه من حمل ما يريدونَه إليهم، فضاقت بهم الأزوادُ والأقوات، وساروا حتى عَبَروا خليجَ القسطنطينية، وصاروا على أرضِ بلاد الإسلام، وهي مملكةُ الملك قلج أرسلان ابن مسعود بن سليمان بن قتلمش بن سلجق. فلما وصلوا إلى أوائلها ثار بهم التركمانُ الأوج، فما زالوا يسايرونَهم ويَقتُلونَ مَن انفرد ويَسرِقونَ ما قدروا عليه، وكان الزمانُ شتاء والبرد يكونُ في تلك البلاد شديدًا، والثلجُ متراكمًا، فأهلكهم البردُ والجوع والتُّركمانُ، فقَلَّ عَدَدُهم، فلما قاربوا مدينة قونية خرج إليهم المَلِك قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان ليمنَعَهم، فلم يكُن له بهم قوَّة، فعاد إلى قونية، فلما عاد عنهم قطب الدين أسرعوا السير في أثَرِه، فنازلوا قونية، وأرسلوا إلى قلج أرسلان هديةً وقالوا له: ما قصَدْنا بلادَك ولا أردناها، وإنما قصَدْنا بيت المقدس، وطلبوا منه أن يأذن لرعيَّتِه في إخراجِ ما يحتاجون إليه مِن قُوتٍ وغيره، فأذِنَ في ذلك، فأتاهم ما يريدون، فشَبِعوا، وتزوَّدوا، وساروا، وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن وصاحِبُها لافون بن اصطفانة بن ليون، فأمَدَّهم بالأقوات والعلوفات، وحَكَّمَهم في بلاده، وأظهر الطاعةَ لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية، وكان في طريقِهم نهر، فنزلوا عنده، ودخل مَلِكُهم إليه ليغتسل، فغَرِقَ في مكانٍ منه لا يبلغ الماءُ وسَطَ الرجُل، وكفى اللهُ شَرَّه، وكان معه ولدٌ له، فصار ملكًا بعده، وسار إلى أنطاكية، فاختلف أصحابُه عليه، فأحب بعضُهم العود إلى بلاده، فتخَلَّفَ عنه، وبعضُهم مال إلى تمليكِ أخٍ له، فعاد أيضًا، وسار فيمن صَحَّت نيتُه له، فعَرَّضَهم، وكانوا نيفًا وأربعين ألفًا، ووقَعَ فيهم الوباءُ والموت، فوصلوا إلى أنطاكية وكأنهم قد نُبِشوا من القبورِ، فتبَرَّمَ بهم صاحبُها، وحَسَّنَ لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكَّا، فساروا على جبلة ولاذقية وغيرهما من البلاد التي ملكها المسلمونَ، وخرج أهلُ حلب وغيرها إليهم، وأخذوا منهم خلقًا كثيرًا، ومات أكثَرُ مَن أُخِذَ، فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أيامًا، فكَثُرَ فيهم الموت، فلم يبقَ منهم إلا نحو ألف رجل، فركبوا في البحر إلى الفرنجِ الذين على عكا، ولَمَّا وصولوا رأوا ما نالهم في طريقِهم وما هم فيه من الاختلافِ عادوا إلى بلادهم، فغرقت بهم المراكِبُ ولم ينجُ منهم أحدٌ.

العام الهجري : 536 العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

سار سِنجر إلى لقاء التُّرك، فعبَرَ إلى ما وراء النَّهرِ، فشكا إليه محمودُ بنُ محمد خان من الأتراك القارغلية، فقَصَدهم سنجر، فالتجؤوا إلى كوخان الصيني ومَن معه من الكُفَّار، وأقام سنجر بسمرقند، فكتب إليه كوخان كتابًا يتضَمَّنُ الشَّفاعةَ في الأتراكِ القارغلية، ويَطلُبُ منه أن يعفوَ عنهم، فلم يُشَفِّعْه فيهم، وكتَبَ إليه يدعوه إلى الإسلامِ ويتهَدَّدُه إن لم يُجِبْ عليه، ويتوعَّدُه بكَثرةِ عساكرِه، ووَصْفِهم، وبالَغَ في قتالِهم بأنواعِ السِّلاحِ، حتى قال: وإنَّهم يَشُقُّونَ الشَّعرَ بسِهامهم، فلم يرْضَ هذا الكتابَ وزيرُه طاهر بن فخر الملك بن نظام الملك، فلم يُصغِ إليه، وسَيَّرَ الكِتابَ، فلمَّا قُرئَ الكِتابُ على كوخان أمَرَ بنَتفِ لحيةِ الرَّسولِ، وأعطاه إبرةً، وكَلَّفَه شَقَّ شَعرةٍ مِن لحيَتِه فلم يَقدِرْ أن يفعَلَ ذلك، فقال: كيف يَشُقُّ غَيرُك شَعرةً بسَهمٍ وأنت عاجِزٌ عن شَقِّها بإبرةٍ؟ وقيل: سَبَبُ المعركة أنَّ سنجرَ كان قَتَلَ ابنًا لخوارزم شاه أتسز بن محمد، فبعث خوارزم شاه إلى الخطا، وهم مِن الأتراك المجوس بما وراءَ النهر، وحَثَّهم على قَصدِ مملكةِ السُّلطان سنجر، فساروا في ثلاثمئة ألف فارسٍ بقيادة مَلِكِهم كوخان، وسار إليهم سنجر في عساكِرِه، واستعَدَّ كوخان للحَربِ، وعنده جنودُ الترك والصين والخطا وغيرهم، وقصد السُّلطانُ سنجر، فالتقى العسكرانِ بما وراءَ النَّهرِ بمَوضعٍ يقال له قطوان، وكانا كالبَحرينِ العَظيميَنِ، وطاف بهم كوخان حتى ألجأهم إلى وادٍ يقالُ له درغم، وكان على ميمنةِ سِنجر الأميرُ قماج، وعلى مَيسَرتِه ملك سجستان، والأثقالُ وراءهم، فاقتتلوا خامِسَ صَفَر, وكانت الأتراكُ القارغليَّة الذين هربوا من سنجر مِن أشَدِّ النَّاسِ قِتالًا، ولم يكُنْ ذلك اليومَ مِن عَسكَرِ السُّلطان سنجر أحسَنُ قتالًا من صاحِبِ سجستان، فانجَلَت الحربُ عن هزيمة المسلمين، فقُتِلَ منهم ما لا يُحصى مِن كَثرتِهم، واشتمل وادي درغم على عشرةِ آلاف من القتلى والجرحى، ومضى السُّلطانُ سنجر مُنهَزِمًا، وأُسِرَ صاحب سجستان والأميرُ قماج وزوجةُ السُّلطان سنجر، وهي ابنةُ أرسلان خان، فأطلَقَهم الكُفَّارُ، ولَمَّا انهزم سنجر قَصَد خوارزم شاه مدينةَ مَروٍ، فدخلها مُراغمةً للسُّلطانِ سنجر، وقَتَل جمعًا مِن أهلها، وقَبَضَ على أبي الفضل الكرماني الفقيهِ الحنفي وعلى جماعةٍ مِن الفقهاء وغيرِهم من أعيانِ البَلَدِ، وممَّن قُتِلَ الحسامُ عُمَرُ بن عبد العزيز بن مازة البُخاري الفقيهُ الحنفي المشهور. ولم يكُنْ في الإسلامِ وَقعةٌ أعظَمُ من هذه ولا أكثَرُ مِمَّن قُتِلَ فيها بخراسان، واستقَرَّت دولة الخطا والترك الكُفَّار بما وراء النهر، وبَقِيَ كوخان إلى رَجَب من سنة 537 فمات فيه.

العام الهجري : 302 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 914
تفاصيل الحدث:

أنفذ أبو محمَّدٍ عبيدُ الله الملقَّبُ بالمهديِّ جيشًا من إفريقية مع قائدٍ مِن قوَّادِه يقال له حُباسةُ، إلى الإسكندريَّةِ، فغلب عليها وكان مسيرُه في البحر، ثمَّ سار منها إلى مصر، فنزل بين مصر والإسكندريَّة، فبلغ ذلك المُقتَدِر، فأرسل مؤنِسًا الخادِمَ في عسكرٍ إلى مصر لمحاربةِ حُباسة، وأمدَّه بالسلاح والمال، فسار إليها، فالتقى العسكرانِ، فاقتتلوا قتالًا شديدًا فقُتِلَ مِن الفريقَيْن جمعٌ كثير، وجُرِحَ مِثلُهم، ثمَّ كان بينهم وقعةٌ أخرى بنحوها، ثمَّ وقعة ثالثة ورابعة، فانهزم فيها المغاربةُ أصحابُ المهديِّ، وقُتلوا وأُسِروا، فكان مبلغُ القتلى سبعةَ آلاف مع الأسرى، وهرب الباقون، وكانت هذه الوقعةُ في نهاية جمادى الآخرة، وعادوا إلى الغَربِ، فلمَّا وصلوا إلى الغربِ قتَلَ المهديُّ حُباسةَ.