الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2161 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 864 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1459
تفاصيل الحدث:

هو الإمام العلامة جلال الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم بن الكمال الأنصاري المحلي الأصل نسبة للمحلة الكبرى من الغربية بالقاهرة، الشافعي المصري، ويعرف بالجلال المحلي. ولد في مستهل شوال سنة 791 ونشأ بها فقرأ القرآن وحفظ المتون واشتغل في فنون، فأخذ الفقه وأصوله والعربية وأفتى ودرَّس عدة سنين، وله عدة مصنفات، ولم يكمل بعضها، ورُشِّح لقضاء الديار المصرية غير مرة. قال شمس الدين السخاوي: "مهَر المحلي وتقدم على غالب أقرانه وتفنَّن في العلوم العقلية والنقلية، وكان أولًا يتولى بيع البزِّ في بعض الحوانيت ثم أقام شخصًا عوضه فيه وتصدى هو للتصنيف والتدريس والإقراء، فشرح كلًّا من جمع الجوامع والورقات والمنهاج الفرعي والبردة، وأتقنها ما شاء مع الاختصار، وعمل منسكًا وتفسيرًا لم يكمل وغيرهما، ورَغِب الأئمة في تحصيل تصانيفه وقراءتها وإقرائِها وكان شيخنا ابن خضر يكثر من وصفه بالمتانة والتحقيق, وقرأ على جلال الدين من لا يحصى كثرة، وارتحل الفضلاء للأخذ عنه، وتخرج به جماعة درَّسوا في حياته، ولكنه صار بأخرة أيامه يستروح في إقرائه لغلبة الملل والسآمة عليه وكثرة المخبطين، ولا يصغي إلا لمن علم تحرزه خصوصًا، وهو حاد المزاج لا سيما في الحر، وإذا ظهر له الصواب على لسان من كان، رجع إليه مع شدة التحرز، وحدَّث باليسير وسمع منه الفضلاء، وقد ولِيَ تدريس الفقه بالبرقوقية، وبالمؤيَّدية وعرض عليه القضاء فأبى، وشافه الظاهرَ العجزَ عنه، بل كان يقول لأصحابه: إنه لا طاقة لي على النار، وكان إمامًا علامة محققًا نظَّارًا مفرط الذكاء صحيح الذهن؛ بحيث كان يقول بعض المعتبرين: إن ذهنه يثقب الماس، وكان هو يقول عن نفسه: إن فهمي لا يقبل الخطأ، حاد القريحة قوي المباحثة" وأشهر مصنفاته هو التفسير الذي لم يكمله، وأكمله بعده جلال الدين السيوطي، والمعروف اليوم بتفسير الجلالين نسبة إليهما، وله كنز الراغبين في فقه الشافعية، وله البدر الطالع في شرح جمع الجوامع في أصول الفقه، وغيرها من المصنفات, وقد حج مرارًا. توفي بالقاهرة وسنه نحو ثلاث وسبعين بعد أن تعلل بالإسهال من نصف رمضان, وفي صبيحة يوم السبت مستهل محرم سنة أربع وستين، وصلِّيَ عليه بمصلى باب النصر في مشهد حافل جدًّا، ثم دفن مع آبائه بتربته التي أنشأها تجاه جوشن، وتأسف الناس عليه كثيرًا وأثنوا عليه جميلًا ولم يخلف بعده في مجموعة مثله، ورثاه بعض الطلبة بل مدحه في حياته جماعة من الأعيان.

العام الهجري : 64 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 684
تفاصيل الحدث:

لمَّا بايَع النَّاسُ مَرْوانَ سار مِن الجابِيَة إلى مَرْج راهِط قريبا من دمشق وبها الضَّحَّاك بن قيسٍ ومعه ألفُ فارسٍ، وكان قد اسْتَمَدَّ الضَّحَّاكُ النُّعمانَ بن بَشيرٍ وهو على حِمْص فأَمَدَّهُ حَبيبَ بن ذي الكِلاعِ، واسْتَمَدَّ أيضًا زُفَرَ بن الحارثِ وهو على قِنَّسْرين فأَمَدَّهُ بأهلِ قِنَّسْرين، وأَمَدَّهُ ناتِل بأهلِ فِلَسْطين، فاجتمعوا عنده، واجتمع على مَرْوان كَلْبٌ وغَسَّانُ, والسَّكاسِك والسَّكون، وتَحارَب مَرْوانُ والضَّحَّاكُ بمَرْج راهِط عِشرين ليلةً، واقْتَتَلوا قِتالًا شَديدًا، فقُتِلَ الضَّحَّاكُ، قَتلَهُ دِحْيَةُ بن عبدِ الله، وقُتِلَ معه ثمانون رجلًا مِن أشرافِ أهلِ الشَّام، وقُتِلَ أهلُ الشَّام مَقتلَةً عَظيمةً، وقُتِلَت قَيسٌ مَقتلةً لم يُقْتَلُ مِثلُها في مَوطِن قَطُّ، وكان فيمَن قُتِلَ هانىءُ بن قَبيصةَ النُّمَيْريُّ سَيِّدُ قومِه، كان مع الضَّحَّاك، قَتلَهُ وازِعُ بن ذُؤالَة الكَلبيُّ، ولمَّا انْهزَم النَّاسُ مِن المَرْج لَحِقوا بأَجنادِهِم، فانتهى أهلُ حِمْص إليها وعليها النُّعمانُ بن بَشيرٍ، فلمَّا بَلغَهُ الخَبرُ خرَج هَربًا ليلًا ومعه امرأتُه نائِلةُ بنتُ عُمارةَ الكَلبيَّة وثَقَلُهُ وأوَّلادُه، فتَحَيَّرَ لَيلَتَهُ كُلَّها، وأصبَح أهلُ حِمْص فطلبوه، وكان الذي طَلبَهُ عَمرُو بن الجَلِيِّ الكَلاعيُّ، فقَتلَهُ ورَدَّ أهلَه والرَّأسَ معه، وجاءَت كَلْبٌ مِن أهلِ حِمْص فأخذوا نائِلةَ وولدَها معها، ولمَّا بَلغَت الهَزيمةُ زُفَرَ بن الحارثِ الكِلابيَّ بقِنَّسْرين هرَب منها فلَحِقَ بقَرْقِيسِيا وعليها عِياضٌ الحَرَشِيُّ، وكان يَزيدُ وَلَّاهُ إيَّاها، وهرَب ناتِلُ بن قيسٍ الجُذاميُّ عن فِلَسْطين فلَحِقَ بابنِ الزُّبيرِ بمكَّة، واسْتَعمَل مَرْوانُ بعده على فِلَسْطين رومَ بن زِنْباع، واسْتَوْثَق الشَّامُ لمَرْوان واسْتَعمَل عُمَّالَه عليها.

العام الهجري : 85 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 704
تفاصيل الحدث:

أراد عبدُ الملك بن مَرْوان أن يَخْلَع أخاه عبدَ العزيز مِن وِلايَة العَهْد ويُبايِع لابنِه الوَليد بن عبدِ الملك، فنَهاهُ عن ذلك قَبِيصَةُ بن ذُؤَيْب وقال: لا تَفعَل؛ فإنَّك تَبْعَث على نَفْسِك صَوتَ عَارٍ، ولَعَلَّ الموتَ يأتيه فتَسْتَريح منه. فَكَفَّ عنه ونَفْسُه تُنازِعُه إلى خَلْعِه. فدَخَل عليه رَوْحُ بن زِنْباع، وكان أَجَلَّ النَّاس عند عبدِ الملك، فقال: يا أميرَ المؤمنين، لو خَلعتَه ما انْتَطَح فيه عَنْزان، وأنا أوَّلُ مَن يُجيبُك إلى ذلك. قال: نُصْبِح إن شاء الله. ونام رَوْحٌ عند عبدِ الملك، فدَخَل عليهما قَبيصةُ بن ذُؤَيب وهُما نائِمان، وكان عبدُ الملك قد تَقَدَّم إلى حُجَّابِه أن لا يَحْجِبوا قَبيصةَ عنه، وكان إليه الخاتَم والسِّكَّة، تَأتيهِ الأخبارُ والكُتُبُ قبلَ عبدِ الملك، فلمَّا دَخَل سَلَّم عليه، قال: آجَرَك الله في أَخيك عبدِ العزيز. قال: وهل تُوفِّي؟ قال: نعم. فاسْتَرْجَع عبدُ الملك، ثمَّ أقْبَل على رَوْح، فقال: كَفانا الله ما كُنَّا نُريد، وكان ذلك مُخالِفًا لك يا قَبيصة. فقال قَبيصةُ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ الرَّأْي كُلَّه في الأَناةِ، فقال عبدُ الملك: ورُبَّما كان في العَجَلة خَيْرٌ كَثيرٌ، رَأيتَ أَمْرَ عَمرِو بن سَعيد، ألم تكُن العَجَلَةُ فيه خيرًا مِن الأَناةِ؟ وكانت وَفاةُ عبدِ العزيز في جُمادَى الأُولى في مِصْرَ، فضَمَّ عبدُ الملك عَمَلَه إلى ابنه عبدِ الله بن عبدِ الملك ووَلَّاه مِصْرَ. فلمَّا مات عبدُ العزيز قال أهلُ الشَّام: رُدَّ على أَميرِ المؤمنين أَمْرُهُ. فلمَّا أَتَى خَبَرُ مَوْتِه إلى عبدِ الملك أَمَر النَّاسَ بالبَيْعَة لابْنَيْهِ الوَليد وسُليمان، فبايَعوا، وكَتَبَ بالبَيْعَة لهما إلى البُلْدان.

العام الهجري : 237 العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدالله- وقيل: أبو جعفر- محمَّد بن موسى الخوارزمي، رياضيٌّ فلَكيٌّ جغرافيٌّ مؤرِّخٌ، من أهل خوارزم, وقيل ولد عام 164هـ بخوارزم, وكان يُنعَت بالأستاذِ، أقامه المأمونُ قَيِّمًا على خزانة كتُبِ بيتِ الحكمة، وعَهِدَ إليه بجَمعِ الكتب اليونانية وترجَمتِها، ترجم كتابَ بطليموس المجسطي، فصار أساسَ عِلمِ الفلك، ووضع جدولًا فلكِيًّا للمواقع الجغرافيَّة بحسب الابتعادِ التدريجيِّ عن خطِّ الزوال، يعتبَرُ أكبَرَ رياضيٍّ في عصره، أسس علمَ الجَبرِ، وله كتابُ الجبر والمقابلة، وكتب صورة الأرضِ وغيرها. وقد بيَّن الخَوارزميُّ في مُقدِّمة كتابه " الجبر والمقابلة" أن الخليفةَ المأمونَ هو الذي طلَبَ منه أن يُؤلِّفَ كتابَ الجَبرِ والمقابلة؛ كي يسهُلَ الانتفاعُ به في كلِّ ما يحتاجُ إليه الناس. وقد قال- رحمه الله- في مقدِّمة كتاب "الجبر والمقابلة": "وقد شجَّعني ما فضَّلَ اللهُ به الإمامَ المأمونَ، أميرَ المؤمنينَ، مع الخلافةِ التي حاز له إرثَها وأكرَمَه بلباسِها وحَلَّاه بزينتها, من الرغبةِ في الأدَبِ وتقريبِ أهلِه وإدنائِهم وبَسْطِ كَنَفِه لهم، ومعونته إيَّاهم على إيضاحِ ما كان مستهمًّا، وتسهيل ما كان وعرًا، على أن ألَّفْتُ من كتابِ الجبر والمقابلة كتابًا مُختصَرًا، حاصِرًا لِلَطيفِ الحسابِ وجَليلِه؛ لِمَا يَلزمُ النَّاسَ مِن الحاجة إليه في مواريثِهم ووصاياهم، وفي مُقاسماتِهم وأحكامِهم وتجاراتِهم، وفي جميعِ ما يتعاملون به بينهم من مساحةِ الأراضي وكَرْيِ الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهِه وفنونِه، مُقدِّمًا لحُسْن النيَّة فيه، راجيًا لأن يُنزِلَه أهلُ الأدبِ- بفَضلِ ما استُودِعوا من نِعَمِ الله تبارك وتعالى، وجليلِ آلائه، وجميلِ بلائِه عندهم- منزلتَه، وباللهِ توفيقي في هذا وغيرِه، عليه توكَّلْتُ وهو ربُّ العَرْشِ العظيم" وقيل: توفي عام 232هـ

العام الهجري : 413 العام الميلادي : 1022
تفاصيل الحدث:

عالمُ الرَّافِضةِ، صاحِبُ التَّصانيفِ: أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ محمد بن القاضي النعمان البغدادي الكَرْخي بن محمد المغربي، المعروفُ بابنِ المعَلِّم أو الشَّيخ المُفيد شيخ الإماميَّة الرَّوافض، والمُصَنِّف لهم، والمُحامي عن حوزتِهم، صاحِب فُنونٍ وبحوثٍ وكلام، واعتزالٍ وأدبٍ. قال الذهبي: "ذكَرَه ابن أبي طي في "تاريخ الإماميَّة"، فأطنب وأسهب، وقال: كان أوحَدَ في جميعِ فُنونِ العلم: الأصلينِ، والفِقه، والأخبار، ومعرفة الرِّجال، والتفسير، والنحو، والشعر". كانت له وَجاهةٌ عند ملوك الأطرافِ، وكان مَجلِسُه يَحضُرُه خَلقٌ كَثيرٌ مِن العُلَماءِ مِن سائر الطوائِفِ، وكان من جُملةِ تلاميذِه الشَّريفُ الرَّضِيُّ، والمرتضى، له تصانيفُ؛ منها: الإرشادُ، والرسالة المُقنِعة، والإعلام فيما اتَّفَقَت عليه الإماميَّة من الأحكامِ وغيرها. كان يُناظِرُ أهلَ كُلِّ عقيدةٍ مع ما له من العَظَمةِ في الدَّولة البُويهيَّة، والرُّتبة الجَسيمة عند الخُلَفاء، وكان قويَّ النَّفسِ، كثيرَ البِرِّ، عظيمَ الخُشوعِ، كثيرَ الصَّلاة والصَّوم، يَلبَسُ الخَشِنَ من الثياب، وكان مُديًما للمطالعةِ والتَّعليمِ، ومن أحفَظِ الناس. قيل: "إنَّه ما ترك للمُخالفينَ كِتابًا إلَّا وحَفِظَه، وبهذا قَدَرَ على حَلِّ شُبَهِ القَومِ، وكان مِن أحرَصِ النَّاسِ على التَّعليم؛ يدورُ على المَكاتبِ وحوانيتِ الحاكَةِ، فيتلَمَّحُ الصبيَّ الفَطِنَ، فيستأجرُه من أبويه- يعني فيُضِلُّه- وبذلك كَثُر تلامِذتُه". ربما زاره عَضُدُ الدَّولة، وكان يقضي حوائجَه ويقول له: اشفَعْ تُشَفَّع، وكان يقومُ لتلامذتِه بكُلِّ ما يحتاجونَ إليه. وكان الشَّيخُ المفيد ربعةً نحيفًا، أسمرَ، وما استغلَقَ عليه جوابٌ إلَّا فَزِعَ إلى الصلاة، ثم يسألُ اللهَ فيُيَسِّرُ له الجواب. عاش ستًّا وسبعين سنة، وصَنَّف أكثَرَ من مِئَتي مُصَنَّف، وشَيَّعَه ثمانون ألفًا، وكانت جنازتُه مشهودة. قال الذهبي: "بلَغَت تواليفُه مِئَتين، لم أقِفْ على شيءٍ منها، ولله الحَمدُ"

العام الهجري : 473 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحَسنِ عليُّ بن محمدِ بن عليٍّ المُلقَّب بالصليحيِّ، كان أَبوهُ قاضِيًا باليَمنِ سُنِّيًّا، أمَّا الصليحيُّ فتَعلَّم العِلمَ وبَرعَ في أَشياءَ كَثيرةٍ من العُلومِ، وكان شِيعِيًّا على مَذهبِ القَرامِطَةِ، ثم كان يَدُلُّ بالحَجِيجِ مُدَّةَ خمس عشرة سَنَةً، استَحوذَ على بلادِ اليمنِ بكمالها بكاملها في أَقصرِ مُدَّةٍ، واستَوثقَ له المُلْكُ بها سَنةَ خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ صاحبِ مصر، وقد حَجَّ في سَنةِ 473هـ، واستَخلفَ مَكانَه وَلدَه المَلِكَ المُكرَّمَ أحمدَ. فلمَّا نَزلَ بظاهرِ المهجم وَثَبَ عليه جَيَّاشُ بن نَجاحٍ وأَخوهُ سَعيدٌ فقَتَلاهُ بأَبيهِما نَجاحٍ الذي سَمَّهُ الصُّليحيُّ بواسطةِ جاريةٍ كان قد أَهداهُ إيَّاها لهذا الغَرضِ، فانذَعرَ الناسُ، وكان الأَخَوانِ قد خَرَجا في سبعين راجِلًا بلا مَركوبٍ ولا سِلاحٍ بل مع كلِّ واحدٍ جَريدةٌ - سَعَفةٌ طويَلة تُقَشَّر من خُوصِها- في رَأسِها مِسمارُ حَديدٍ، وساروا نحوَ السَّاحلِ. وسَمِعَ بهم الصُّليحيُّ فسَيَّرَ خمسةَ آلافِ حَربةٍ مِن الحَبشَةِ الذين في رِكابِه لِقِتالِهم فاختَلَفوا في الطريقِ. ووَصلَ السبعون إلى طَرفِ مُخيَّمِ الصُّليحيِّ، وقد أَخذَ منهم التَّعَبُ والحَفَا، فظَنَّ الناسُ أنَّهم مِن جُملةِ عَبيدِ العَسكرِ، فتَمَكَّنا من قَتلِه وقَطْعِ رَأسِه, ثم أَرسلَ ابنُ نَجاحٍ إلى الخَمسةِ الآفٍ فقال: إنَّ الصُّليحيَّ قد قُتِلَ، وأنا رَجلٌ منكم، وقد أَخذتُ بثَأرِ أبي، فقَدِموا عليه وأَطاعُوهُ. فقَاتلَ بهم عَسكرَ الصُّليحيِّ، فاستَظهرَ عليهم قَتْلًا وأَسْرًا، ورَفعَ رَأسَ الصُّليحيِّ على رُمحٍ، وقَرأَ القارئُ: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممَّن تشاء} ورَجعَ ابنُ نَجاحٍ فمَلَكَ زبيد، وتهامة.

العام الهجري : 521 العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

لما توفِّيَ عزُّ الدين مسعود بن آقسنقر البرسقي صاحِبُ الموصل، أشار الوزير أنوشروان على السلطان محمود أن يولِّيَ الأتابك عماد الدين زنكي الموصِلَ وما حولَها؛ لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج, وخاصةً أن الفرنج قد استولوا على أكثر الشام، فاستحسن ذلك السلطان ومال إلى توليته؛ لما يعلمه من كفايته لما يليه، فأحضره وولَّاه البلاد كلها، وكتب منشورةً بها، وسار عماد الدين فبدأ بالبوازيج ليملكها ويتقوى بها ويجعلها ظهرَه؛ لأنه خاف من جاولي سقاوو أنه ربما صدَّه عن البلاد، ثم تملَّك الموصل ثم ترك نائبًا له فيها هو نصر الدين جقر, وسار هو إلى حلب مفتتحًا في طريقه جزيرة ابن عمر وبها مماليك البرسقي، فامتنعوا عليه، فحصرهم وراسلهم، وبذل لهم البذولَ الكثيرة إن سَلَّموا، فلم يجيبوه إلى ذلك، فجد في قتالهم حتى استلَمَها، ثم سار إلى نصيبين وفيها حسام الدين تمرتاش، فلما ملك نصيبين سار عنها إلى سنجار، فامتنع مَن بها عليه، ثم صالحوه وسلَّموا البلد إليه، ثم سار إلى حران، وهي للمسلمين، وكانت الرها، وسروج، والبيرة، وتلك النواحي جميعها للفرنج، وأهل حران معهم في ضرٍّ عظيم، وضيقٍ شديدٍ؛ لخلو البلدِ مِن حامٍ يذُبُّ عنها، وسلطان يمنَعُها، فلما قارب حران خرج أهل البلد وأطاعوه وسَلَّموا إليه، فلما ملَكَها أرسل إلى جوسلين الفرنجي، صاحب الرها وتلك البلاد، وراسله وهادنه مدة يسيرة، وكان غرضه أن يتفرغ لإصلاح البلد، وتجنيد الأجناد، وكان أهم الأمور إليه أن يعبُرَ الفرات إلى الشام، ويملك مدينة حلب وغيرها من البلاد الشامية، فاستقرَّ الصلح بينهم، وأمِنَ الناس، ثم مَلَك حلب في أول السنة التالية من محرم.

العام الهجري : 1348 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1929
تفاصيل الحدث:

اندلعت في فلسطينَ ثورةٌ مَعروفةٌ باسم حائط البراق في 15 أغسطس من هذا العامِ، لكِنَّ إرهاصاتها تعودُ إلى نحو 12 شهرًا سابقة على هذا التاريخ مع وقوعِ عَدَدٍ من المواجهات بين الفلسطينيين واليهود في القدس؛ بسبب حائط البُراق -الحائط الغربي للمسجد الأقصى- الذي أطلق عليه اليهودُ اسمَ حائط المَبكى، وذلك بعد أن انعقد المؤتمرُ الصهيوني العالمي في السادس عشر في مدينة زيورخ السويسرية في صيف 1928م، وخرج "الحزب الإصلاحي" بزعامة الصهيوني المتطرف "زئيف جابوتنسكي" من المؤتمر بأجندة جديدة داعيًا اليهود في فلسطين إلى التسلُّحِ وسلوكِ طَريقِ العُنفِ واستخدام القوَّة لتحقيق أهدافهم. ثمَّ خرجت مُظاهراتٌ يهودية يوم 15 أغسطس 1928م حتى الحَرَم القدسي الشريف انتهت إلى "حائط البراق" وقام اليهود برفع العلم اليهودي على الحائط رافعينَ شِعارًا يقول: "الحائط حائطنا" مُنشِدين الأناشيد اليهودية. وكان القائِدُ العسكري البريطاني الميجور "ساندرس" قد بدأ بتوزيع السلاحِ على اليهود في فلسطين وتجنيدِ بَعضِهم في الفِرَق النظامية للجيش البريطاني باعتبارهم من الرعايا البريطانيين، أي: من حاملي الجنسية الإنجليزية. إلى أن كان يوم 15 أغسطس هذا العامَ؛ حيث كان اليهود يحتفلون بعيد الغُفران، فقامت منظمة "بيتار" الصهيونية المتطرِّفة بزعامة "يوسف ترمبلدور" بتنظيم مظاهرة للاستيلاء على الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف بحُجَّة أنَّه من بقايا هيكل سليمان، فاندلعت الثورة في "القدس" أولًا، ثم في عموم فلسطين بعد ذلك؛ حيث اجتاحت الاشتباكاتُ مُدُنَ "الخليل" و"عكا" و"حيفا" و"يافا" و"صفد" و"بيسان" وغيرها من مدن فلسطين. وبعد عدَّةِ أيام من الاشتباكات المتفرِّقة بين العرب من جهة وبين اليهود وقوات الاحتلال البريطاني الموجودة في فلسطين من جهة أخرى بدأت ثورةُ البراق تتَّخِذُ طابعًا أكثر تنظيمًا؛ ففي يوم 20 أغسطس 1929م قامت معركةٌ عنيفة عند ممرِّ البراق في بيت المقدِسِ لم يتمكَّن البوليس البريطاني من إنهائِها إلا بعد مشقة بالغة. وجدد الفلسطينيون هجومَهم في القدس وفي أنحاءٍ مختلفة من فلسطين خاصةً على المجموعات المسلَّحة من اليهود، استمَرَّت طيلةَ يوم 23 أغسطس جُرِحَ خلالها 107 من الجانبين، وخَسِرَ اليهود 28 قتيلًا، وقُتِل 13 من العرب، وكانت هذه المعركة تدور في مدينة القدس من شارع إلى شارعٍ، ومن ركن إلى ركن. ومع سَرَيان أنباء الثورةِ في عموم فلسطين قامت معركةٌ أخرى في مدينة الخليل جنوبيَّ القدس؛ حيث أُعلِنَ رسميًّا عن مصرع ستين يهوديًّا وإصابة خمسين آخرين، وهوجِمَت مراكز البوليس البريطانية، ونَشَبت معركةٌ جديدة في ضواحي الخليل. وفي صفد نشبت معركةٌ أخرى في نفس يوم معركة مدينة الخليل استمَرَّت لساعات طويلة جُرِحَ خلالها 28 يهوديًّا وقُتِل تسعة آخرون. وفي توثيق الكاتب "عيسى السفري" لأحداث ثورة البراق في فلسطين -كما عاصرها- يقول: "إن الثورة استمَرَّت 15 يومًا، قُتِلَ وجُرِحَ خلالها 472 يهوديًّا".

العام الهجري : 744 العام الميلادي : 1343
تفاصيل الحدث:

اتَّفَق بظاهِرِ القاهرةِ أمرٌ اعتُنِي بضَبطِه، وهو أنَّه كان بناحية اللوق كوم يُعرفُ بكوم الزل يأوي إليه أهلُ الفسوق من أوباشِ العامَّة، فأخذ بعضُهم منه مَوضِعًا ليبنيَ له فيه بيتًا، فشَرَع في نقل الترابِ منه، فبينا هو يحفِرُ إذ ظهر له إناءُ فخَّار فيه مكاتيبُ دار كانت في هذا البُقعةِ، وتدُلُّ على أنه كان به أيضًا مَسجِدٌ، ورأى آثار البنيان، فأشاع أحدُ شياطينِ العامَّة- وكان يقال له شُعَيبٌ- أنَّه رأى في نَومِه أنَّ هذا البنيان على قَبرِ بعض الصحابة رَضِيَ الله عنهم، وأنَّ مِن كراماتِه أنَّه يُقيمُ المُقعَد ويَرُدُّ بصَرَ الأعمى، وصار يصيحُ ويُهَلِّلُ ويُظهِرُ اختلالَ عَقلِه، فاجتمَعت عليه الغوغاء، وأكثروا مِن الصياح، وتناولوا تلك الأرضَ بالحَفرِ حتى نزلوا فيها نحوَ قامتينِ، فإذا مَسجِدٌ له محرابٌ، فزاد نشاطُهم، وفَرِحوا فرحًا كبيرًا، وباتوا في ذِكرٍ وتَسبيحٍ، وأصبَحوا وجَمَعَهم نحو الألف إنسان، فشالوا ذلك الكوم، وساعَدَهم النساء، حتى إنَّ المرأة كانت تشيل الترابَ في مقنَعِها، وأتاهم الناسُ مِن كل أَوبٍ، ورفعوا معهم الترابَ في أقبِيَتِهم وعمائِمِهم، وألقَوه في الكيمان، بحيث تهيَّأَ لهم في يومٍ واحدٍ ما لا تفي مُدَّةُ شَهرٍ بنَقلِه، وحَفَر شُعَيبٌ حُفرةً كبيرة، وزعم أنَّها مَوضِعُ الصحابي، فخرج إليه أهلُ القاهرة ومصر أفواجًا، وركِبَ إليه نِساءُ الأمراءِ والأعيان، فيأخُذُهنَّ شُعَيبٌ ويُنزِلُهنَّ تلك الحفرة لزيارتِها، وما منهنَّ إلَّا من تدفَعُ الدنانيرَ والدَّراهم، وأشاع شُعَيبٌ أنه أقام الزَّمنى، وعافى المرضى، وردَّ أبصارَ العِميانِ، في هذه الحُفرة، وصار يأخذُ جماعةً مِمَّن يُظهِرُ أنَّه من أهل هذه العاهات، ويَنزِلُ بهم إلى الحُفرةِ، ثم يُخرِجُهم وهم يُسَبِّحونَ: الله أكبر الله أكبر، ويزعُمونَ أنَّهم قد زال ما كان بهم، فافتَتَن الناس بتلك الحُفرة، ونزلت أمُّ السلطانِ لزيارتها، ولم تبقَ امرأةٌ مشهورة حتى أتتها، وصار للنَّاسِ هناك مجتَمَعٌ عظيم، بحيث يُسرَجُ به كلَّ ليلة نحو مائتي قنديل، ومن الشُّموعِ الموكبيَّة شيءٌ كثير، فقامت القضاةُ في ذلك مع الأميرِ أرغون العلائي والأمير الحاج آل ملك نائب السُّلطان، وقَبَّحوا هذا الفِعلَ، وخَوَّفوا عاقبَتَه، حتى رُسِمَ لوالي القاهرة أن يتوجَّهَ إلى مكان الحفرة ويكشِفَ أمْرَها، فإن كان فيها مقبورٌ يُحمَلُ إلى مقابِرِ المُسلِمينَ ويُدفَنُ به سِرًّا، ثمَّ يُعفى الموضِعُ، فلما مضى إليه ثارت به العامَّةُ تُريدُ رَجْمَه، وصاحوا عليه بالإنكارِ الشَّنيعِ حتى رماهم الجُندُ بالنشَّاب، فتفَرَّقوا، وهَرَب شُعَيبٌ ورفيقه العجوي، وما زال الحفَّارون يعملون في ذلك المكانِ إلى أن انتَهَوا فيه إلى سرابِ حمام، ولم يجدوا هناك قبرًا ولا مَقبورًا، فطَمُّوه بالتراب، وانصَرَفوا، وقد انحَلَّت عزائِمُ النَّاسِ عنه، بعدما فُتِنوا به، وضَلُّوا ضلالًا بعيدًا، وجَمَع شُعَيبٌ ورفيقه كثيرًا من المالِ والثيابِ شيئًا طائلًا!!

العام الهجري : 317 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 929
تفاصيل الحدث:

اشتَدَّت الوحشةُ بين مُؤنِسٍ الخادمِ والمُقتَدِر بالله، وتفاقَمَ الحالُ وآل إلى أن اجتَمَعوا على خَلعِ المُقتَدِر وتولية القاهِرِ محمَّد بن المعتضد، فبايعوه بالخلافةِ وسَلَّموا عليه بها، ولقَّبوه القاهر بالله، وذلك ليلة السبت النصف من المحرم، وقَلَّدَ عليَّ بنَ مقلة وزارته، وولى نازوك الحُجُوبة مضافًا إلى ما بيده من الشُّرطة، وألزم المقتَدِر بأن كتب على نفسِه كتابًا بالخَلعِ مِن الخلافة، وأشهد على نفسِه بذلك جماعةً من الأمراء والأعيان، وسلَّم الكتاب إلى القاضي أبي عمر محمد بن يوسُف، فقال لولده الحُسَين احتفظ بهذا الكتابِ، فلا يريَنَّه أحَدٌ مِن خَلقِ الله، ولَمَّا أعيدَ المقتَدِرُ إلى الخلافة بعد يومينِ رَدَّه إليه، فشَكَره على ذلك جدًّا وولَّاه قضاءَ القُضاةِ، فلمَّا كان يوم الأحد السادس عشر من المحرم جلس القاهِرُ بالله في منصب الخلافة، وجلس بين يديه الوزيرُ أبو علي بن مقلة، وكتب إلى العُمَّال بالآفاق يُخبِرُهم بولاية القاهِرِ بالخلافة عِوضًا عن المقتدر، فلما كان يوم الاثنين جاء الجندُ وطلبوا أرزاقَهم وشَغَّبوا، وبادروا إلى نازوك فقَتَلوه، وكان مخمورًا، ثمَّ صلبوه، وهرب الوزيرُ ابنُ مقلة، وهرب الحُجَّاب ونادوا يا مُقتَدِرْ يا منصور، ولم يكن مؤنسٌ يومئذٍ حاضِرًا، وجاء الجندُ إلى باب مؤنسٍ يُطالِبونَه بالمُقتَدِر، فأغلق بابَه دونهم، فلما رأى مؤنِسٌ أنَّه لا بُدَّ مِن تسليم المقتَدِر إليهم أمَرَه بالخروج، فخاف المقتَدِرُ أن يكون حيلةً عليه، ثم تجاسَرَ فخرج فحَمَلَه الرجالُ على أعناقهم حتى أدخلوه دارَ الخلافة، فسأل عن أخيه القاهرِ وأبي الهيجاء بن حمدان ليكتُبَ لهما أمانًا، فما كان عن قريبٍ حتى جاءه خادِمٌ ومعه رأسُ أبي الهيجاء قد احتَزَّ رأسَه وأخرجه من بين كتفيه، ثم استدعى بأخيه القاهر فأجلَسَه بين يديه واستدعاه إليه، وقبَّلَ بين عينيه، وقال: يا أخي أنت لا ذنبَ لك، وقد علمتُ أنَّك مُكرَهٌ مقهورٌ، والقاهرُ يقول: اللهَ اللهَ، نفسي يا أمير المؤمنين، فقال: لا جرى عليك مني سوءٌ أبدًا، وعاد ابنُ مقلة فكتب إلى الآفاقِ يُعلِمُهم بعَودِ المقتدر إلى الخلافة، ورجَعَت الأمورُ إلى حالها الأوَّل، وكان ابنُ نفيس من أشَدِّ الناس على المقتدر، فلما عاد إلى الخلافةِ خرج من بغداد متنكِّرًا فدخل الموصل، ثم صار إلى إرمينية، ثم لحِقَ بالقسطنطينيَّة، فتنصر بها مع أهلِها، وقرَّرَ أبا علي بن مقلة على الوزارةِ، وولَّى محمد بن يوسف قضاءَ القضاة، وجعل محمَّدًا أخاه - وهو القاهِرُ - عند والدته بصفةِ محبوسٍ عندها، فكانت تحسِنُ إليه غايةَ الإحسان، وتشتري له السراريَّ وتُكرِمُه غايةَ الإكرامِ.

العام الهجري : 214 العام الميلادي : 829
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فرغ محمَّدُ بن حميد الطوسي مِن أمْرِ المتغَلِّبينَ على طريقِه إلى بابك الخُرمي سار نحوه وقد جمع العساكر، والآلاتِ والميرة، فاجتمع معه عالمٌ كثير من المتطوِّعةِ مِن سائر الأمصار، فسلك المضايقَ إلى بابك، وكان كلَّما جاوز مضيقًا أو عقبةً ترك عليه من يحفَظُه من أصحابِه إلى أن نزل بهشتادسر (جبل في إيران)، وحفَر خندقًا وشاور في دخولِ بلد بابك، فأشاروا عليه بدخولِه مِن وجهٍ ذكروه له، فقَبِلَ رأيهم، وعبَّأ أصحابه، فكان بابك يُشرِفُ عليهم من الجبل، وقد كمَنَ لهم الرجالُ تحت كلِّ صخرةٍ، فلما تقدَّمَ أصحابُ محمد، وصَعِدوا في الجبل خرج عليهم الكُمَناء وانحدر بابك إليهم فيمن معه، وانهزم الناسُ، وصبَرَ محمَّد بن حميد مكانَه، وفرَّ من كان معه غيرَ رجلٍ واحد، وسارا يطلبانِ الخلاص، فرأى جماعةً وقِتالًا فقَصَدهم، فرأى الخرميَّة يقاتلونَ طائفةً مِن أصحابه، فحين رآه الخرميَّة قصدوه؛ لِما رأَوا من حسن هيئتِه، فقاتَلَهم، وقاتلوه، وضربوا فَرَسه بزراق، فسقط إلى الأرضِ، وأكبُّوا على محمد بن حميد فقتلوه.

العام الهجري : 767 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1366
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ المَلِكُ المجاهد سيف الدين أبو يحيى علي ابن السلطان الملك المؤيد هزبر الدين داود ابن السلطان الملك المظفر يوسف ابن السلطان الملك المنصور عمر بن نور الدين علي بن رسول، التركماني الأصل، اليمني المولد والمنشأ والوفاة، صاحب اليمن. كان مولِدُ المجاهد سنة 701 بتعز، ونشأ بها وحَفِظَ التنبيه في الفقه وبحَثَه وتخَرَّج على المشايخ، منهم: الشيخ الإمام العلامة الصاغاني، وتأدب على الشيخ تاج الدين عبد الباقي، وغيرهما، وشارك في علوم، وكان جيِّدَ الفهم وله فَوقٌ في الأدب، وله نظْمٌ ونثر، وطالت مدَّةُ المجاهد في مملكة اليمن، وفعل الخيراتِ وله مآثِرُ: عَمَّر مدرسة عظيمة بتعز وزيادة أخرى وغير ذلك، وعمر مدرسة بمكة المشرفة بالمسجد الحرام بالجانب اليماني مُشرِفَة على الحرم الشريف، توفي بعدن في يوم السبت الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى من هذه السنة، وقيل سنة أربع وستين، وولِيَ بَعدَه ابنُه الملك الأفضل عباس.

العام الهجري : 1224 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1810
تفاصيل الحدث:

الإمامُ سعود يحُجَّ الحَجَّةَ السادسة وحَجَّ معه جمعٌ ممن شملتهم دولتُه مِن أهل العارض والجنوب ووادي الدواسر والأحساء ونواحيه وعمان وأهل نجد وأهل التهايم والحجاز واليمن والمدينة النبوية، ومعهم النساء والأطفال والثقيل والخفيف، وبنات الإمام سعود، وكثير من نساء آل مقرن، ودخلوا مكة واعتمروا وحَجُّوا بأمانٍ عظيم لا يُحمَل فيه سلاحٌ، ونزل سعود القصر الشمالي من البياضية، وأهدى عليه الشريفُ غالب هدايا سَنية وأعطاه عطاءً جزيلًا وبذل في مكة من الصدقات والعطاء شيئًا كثيرًا، ويزوره الشريف كل يوم إلَّا قليلًا، كأنه أحد أمرائِه الذين في نجد, ويدخُلُ سعود الحرمَ ويطوف بالبيتِ ويجلِسُ فوق زمزم مقابِلَ البيت الشريف، وكسا الكعبة المشرفة بالقيلان الأسود الفاخر، وجعل إيزارها وكسوة الباب من الحرير الأحمر المطَرَّز بالذهب والفضة، ثم رحل عنها في العشر الأواخر من ذي الحجة، وبعث إلى المدينة مرابِطةً بدل الذين فيها، ورجع إلى وطنه ولم يحُجَّ في هذه السنة أحدٌ من أهل الشام ولا مصر ولا استانبول ولا العراق إلَّا من كان يحُجُّ بأمانِ الإمامِ سعود.

العام الهجري : 484 العام الميلادي : 1091
تفاصيل الحدث:

في أيامِ السُّلطانِ ملكشاه، فإنه اجتَمعَ منهم ثمانية عشر رجلًا، فصَلُّوا صلاةَ العِيدِ في ساوة، ففَطَنَ بهم الشِّحْنَةُ –المسؤول عن ضبط أمن ساوة-، فأَخَذَهم وحَبَسَهم، ثم سُئِلَ فيهم فأَطلَقَهم، فهذا أَوَّلُ اجتِماعٍ كان لهم، ثم إنهم دَعوا مُؤذِّنًا من أَهلِ ساوة كان مُقيمًا بأصبهان، فلم يُجِبهُم إلى دَعوَتِهم، فخافوه أن يَنِمَّ عليهم، فقَتَلوه، فهو أَوَّلُ قَتيلٍ لهم، وأَوَّلُ دَمٍ أَراقوهُ، فبَلغَ خَبرُه إلى نِظامِ المُلْكِ، فأَمَرَ بأَخْذِ مَن يُتَّهَم بِقَتلِه، فوَقعَت التُّهمَةُ على نَجَّارٍ اسمُه طاهِر، فقُتِلَ، ومُثِّلَ به، وجَرُّوا بِرِجْلِه في الأَسواقِ، فهو أَوَّلُ قَتيلٍ منهم، وأَوَّلُ مَوضِعٍ غَلَبوا عليه وتَحصَّنوا به بَلدٌ عند قاين، كان مُتَقَدِّمُه على مَذهَبِهم، فاجتَمَعوا عنده، وُقُووا به، فتَجَرَّدَ للانتِقامِ منهم أبو القاسم مَسعودُ بنُ محمدٍ الخجنديُّ، الفَقيهُ الشافعيُّ، وجَمَعَ الجَمَّ الغَفيرَ بالأَسلِحَةِ، وأَمَرَ بحَفْرِ أخاديد، وأَوْقَدَ فيها النِّيرانَ، وجَعلَ العامَّةَ يَأتون بالباطِنيَّة أَفواجًا ومُنفَرِدين، فيُلقَونَ في النارِ، وجَعَلوا إنسانًا على أخاديد النِّيران وسَمَّوهُ مالِكًا، فقَتَلوا منهم خَلْقًا كَثيرًا.

العام الهجري : 320 العام الميلادي : 932
تفاصيل الحدث:

غزا الناصِرُ مدينة طُلَيطلة غَزاتَه الثانيةَ التي فُتِحَ فيها عليه، وكان أهل طليطلة لَمَّا أخذهم الحصار، واشتَدَّ عليهم التَّضييق، ولازمهم القُوَّادُ، استنجدوا بالمشركين، ورَجَوا نصرهم لهم، فلم يغنوا عنهم فتيلًا، ولا كشَفوا عنهم عذابًا، ولا جَلَبوا إليهم إلَّا خِزيًا وهوانا. وخرج القُوَّادُ المُحاصِرون لهم إلى الكَفَرة، فهزموهم وفَرَّقوا جموعهم، وانصرفوا مُوَلِّينَ على أعقابهم، خاذلينَ لِمن انتصر بهم، ورجا الغِياثَ مِن قِبَلِهم، فلما يئس أهلُ طُلَيطِلة أن ينصُرَهم أحدٌ مِن بأس الله الذي عاجَلَهم، وانتقامِه الذي طاوَلَهم، عاذوا بصَفحِ أمير المؤمنين، وسألوه تأمينَهم، وضَرَعوا إليه في اغتفارِ ذنوبهم، فخرج لاستنزالِ أهل طليطلة، وتوطيدِ طاعتِه فيها، وإحكامِ نَظَرِه بها، ثم أمَّنَ أهلَ طُلَيطِلة، وخرجوا إلى العسكَرِ، ونالوا المرافِقَ فيه، وابتاعوا المعايشَ التي طال ما أجهَدَهم عدَمُها، ومنَعَهم الحصارُ منها؛ فعَرَفوا غِبطةَ ما صاروا إليه من الأمنِ بعد الخوفِ، والسَّعةِ إثرَ الضِّيقِ، والانبساطِ بعد طول الانقباضِ، ثم ركب الناصرُ إلى طليطلة في اليومِ الثاني مِن نُزولِه بمَحَلَّتِه عليها، ودخَلها وجال في أقطارها, فرأى مِن حصانتِها، وشَرَفِ قاعدتِها، وانتظامِ الجبال داخِلَ مدينتها، وامتناعِها من كل الجهاتِ بواديها ووَعْرِها، وطِيبِ هوائها وجَوهرِها، وكثرة البشَرِ بها، ما أكثَرَ له من شكْرِ الله عزَّ وجَلَّ على ما منَحَه فيها، وسهَّلَ له منها، وعلم أنَّه لولا ما أخذ به مِن الجِدِّ والعزمِ في أمرها، لَمَا مُلِكَت مع حصانتِها ومَنعتِها, ولِما اعتاده أهلُها من مداخلة المشركينَ ومُوالاتهم، والاستمداد على الخُلَفاء بهم، فكم أعيَتْ طُلَيطِلة الملوكَ، وامتنعت من العساكِرِ، ثم بنى فيها بناءً مُحكَمًا مُتقَنًا؛ ليكونَ مُستقَرًّا للقُوَّادِ الملازمينَ فيها، وملأها رجالًا وعُدَّةً وسِلاحًا. وركب إليها النَّاصِرُ، وأمر بهَدمِ ما وجب هدمُه في المدينة، وترَدَّد عليها ثمانيةَ أيَّامٍ حتى أكمَلَ فيها ما دَبَّرَه، واطمأنت بأهلِ المدينة الدار، ثم قفل الناصِرُ من طليطلة إلى قرطبة، ودخلها لعشرٍ بقين من شعبان، وقد استتَمَّ في غزاته ستة وثلاثين يومًا.