الشَّيخ إحسان إلهي ظهير عالِمٌ باكستانيٌّ، حمل لواءَ الحَرْب على أصحابِ الفِرَق الضالَّة، وبيَّنَ مَدى ما هُم فيه من انحرافٍ عن سبيلِ الله تعالى، وحيادٍ عن سُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وُلد في "سيالكوت" شمال شرق البنجاب بباكستان عام 1363هـ من أُسرةٍ تُعرف بالانتماء إلى أهل الحديث، ولمَّا بلغ التاسعة كان قد حفظ القُرآن كاملًا. وقد أكمل دراستَه الابتدائية في المدارس العادية، وفي الوقت نفسه كان يختلفُ إلى العلماء في المساجد، وينهلُ من مَعين العلوم الدينية والشرعية.
حصل الشيخ إحسان على الليسانس في الشريعة من الجامعة الإسلامية في المدينة النَّبويَّة، وكان ترتيبُه الأول على طلبة الجامعة عام 1961م. وبعد ذلك رجع إلى باكستان، وانتظم في جامعة البنجاب، كلية الحقوق والعُلوم السياسية، وفي ذلك الوقت عُيِّن خطيبًا في أكبر مَساجِدِ أهل الحديثِ بلاهور. ثم حصل على الليسانس أيضًا. وظلَّ يدرُسُ حتى حصَلَ على سِتِّ شهاداتِ ماجستير في الشريعة، والسياسة، واللُّغة العربية، والفارسية، والأُردية، وكلُّ ذلك من جامعة البنجاب.
كان رحمه الله رئيسًا لمجمع البحوث الإسلامية، بالإضافة إلى رئاسة تحرير مجلة "ترجمان الحديث" التابعة لجمعيَّة أهل الحديث بلاهور في باكستان، كذلك كان مدير التحرير بمجلَّة أهل الحديث الأسبوعية. وبما أن الشيخ كان سلفيَّ العقيدة؛ من المنتمين لأهل الحديث، فقد جعله هذا في حربٍ فكريَّةٍ دائمةٍ مع الطوائف الضالَّة كالرافضة، والإسماعيلية، والقاديانية. ولما أحسَّ به أهل الانحراف، وشعروا بأنه يخنُقُ أنفاسَهم، ويدحضُ كيدَهم عمدوا إلى التصفيَّة الجسديَّة بطريقةٍ ماكرةٍ، فوضعوا له قنبلة داخل مزهريَّةٍ بجمعية أهل الحديث انفجرت به وبمَن معه أثناء إلقائه محاضرةً مع عددٍ من الدُّعاة والعُلَماء، وذلك في 23 رجب 1407هـ، ليلًا، قتلت سبعةً من العُلَماء في الحال، ولحق بهم بعد مُدَّة اثنانِ آخرانِ. وبقي الشيخ إحسان أربعةَ أيَّامٍ في باكستان، ثم نُقِل إلى الرياض بالمملكة العربية السُّعودية على طائرةٍ خاصَّةٍ بأمرٍ من الملك فهدِ بن عبدِ العزيز، واقتراحٍ من العلَّامة الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمهُمُ الله تعالى. وأُدخل المستشفى العسكريَّ، لكن رُوحه فاضت إلى بارئها في الأول من شعبان عام (1407هـ)، فنُقِل بالطائرة إلى المدينة النَّبويَّة، ودُفن بمقبرة البقيعِ بالقُرب من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن آثارِهِ بالإضافة إلى مُحاضراتِهِ في باكستانَ، والكُويت، والعِراق، والمملكة العربية السعودية والمراكز الإسلامية في مُختلف ولايات أمريكا؛ العديدُ من الكُتُب والمؤلَّفات التي سعى إلى جمع مصادرها من أماكنَ مُتفرقةٍ كإسبانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيران، ومصر.
رشيد عبد الحميد كرامي سياسيٌّ لبنانيٌّ، شغل مَنصِب رئيسِ الوزراء ثمانِ مرَّات، أوَّلُها بين سبتمبر 1955 ومارس 1956 وآخرُها بين إبريل 1984 إلى وفاته في يونيو 1987م. ينتمي رشيد كرامي إلى عائلة سياسيَّة عريقةٍ؛ إذ شغل والدُه وأخوه عمر مَنصِب رئيس الوزراء. وُلد رشيد كرامي في بلدة بالقُرب من طرابلس في لبنان، في عائلة من أهمِّ العائلات السياسية اللبنانيَّة. كان والدُه عبد الحميد كرامي رئيسًا للوزراء لأشهُرٍ قليلةٍ في حكومة 1945. وكذلك أخوه الأصغر عمر كرامي شغل مَنصِب رئيس الوزراء. بعد تخرُّج رشيد كرامي من جامعة القاهرة كلية الحقوق، وحصوله على درجة الليسانس في سنة 1940م بدأ تمرينَه كمُحامٍ في طرابلس. وانتُخب في البرلمان اللبناني سنة 1951م ليشغل المنصب الشاغر نتيجةً لموت والده. وفي نفس السَّنة أصبح وزيرًا للعدل في حكومة رئيس الوزراء حسين العويني. وفي سنة 1953م أصبح وزيرًا للاقتصاد والشؤون الاجتماعية في حكومة عبد الله اليافي. اغتُيل رشيد كرامي على إثر تفجير طائرةٍ عموديةٍ عسكريَّة كان يستقِلُّها. وأُدين سمير جعجع قائدُ القوات اللبنانية بتدبير الاغتيال بعد الحرب، وحُكم عليه بالقتل، ثم بالسجن المُؤبَّد قبل أن يُطلق سراحه سنة 2005م.
في صَباح يوم الجُمُعة في اليوم السادس من شهر ذي الحجَّة عام 1407هـ، والحجيجُ على وَشكِ التأهُّب للرحيل إلى المشاعر المُقدَّسة، واستكمال مَناسِك الحج، وفي شمال مكَّة في مِنطَقة الحجون والمعلَّاة، على مَقرُبة من شِعب بني عامر الشَّهير، قام الحُجَّاج الإيرانيون بإثارة الشَّغَب، وترديد شِعاراتٍ مُستَنكرةٍ لا تليقُ بمَوسِم الحج مِثلَ: (لبَّيك يا خُميني، والموتُ لأمريكا)، وقد حصلت مُواجَهاتٌ بين المُتظاهِرينَ من جهةٍ، والشَّعب والشُّرطة من جهةٍ أخرى، حتى أخمَدَ الله الفتنةَ، وردَّ كيدَ أصحابِها في نُحورهم.
بعد أن أُعلنت إثيوبيا دولةً اشتراكَّية. ومات هيلاسيلاسي في آب 1975م. وتعهَّدت الطُّغمة العسكريَّة الحاكمة بإقامة دولة الحزب الواحد، ونفَّذت برنامجًا ناجحًا للإصلاح الزراعي، وتمَّ قمع المعارضة بعُنف، والحدُّ من نُفوذ الكنيسة القبطية الملكية في 1975م. وفي 1977م قُتل تفري بنتي الحاكم السابق، وحلَّ محلَّه العقيد منجستو هيلا مريام، وكانتِ المُدَّة من 1977م إلى 1979م هي فترة الإرهاب الأحمر، حيث قتَلَ نظامُ مريام الماركسيُّ آلاف الأبرياء، ودفع الناسَ إلى إقامة المزارع الجماعيَّة. وبدأت عصابة جبهة تحرير شعب تيجراي القتالَ؛ لتحقيق حُكم ذاتي في المرتفعات الشمالية، وتدهورتِ العلاقات مع الولايات المتحدة التي كانت حليفًا رئيسًا. ومن ناحية أخرى تمَّ توقيع اتفاقياتٍ للتعاون مع الاتحاد السوفياتي في 1977م. وفي عام 1988 وقَّعت إثيوبيا والصومال اتفاق سلامٍ بينهما. وفي أيلول 1984م تأسَّس نظام الحكم الشيوعي وأصبح منجستو زعيمًا للحزب، وفي 1985م وقعت أسوأُ مجاعة، وأُرسلت المساعدات الخارجية، وتمَّ بالقوة تنفيذُ برامج إعادة تَوطين الناس في إريتريا وتيجراي في الشمال. وكان قد نتج عن القَحط والجفاف الذي أصاب البلاد، وامتدَّ أمدُه إلى أن مات قُرابة مِليون شخصٍ من الجوع والمرض. وفي 1988م حدَّت الحكومة من أعمال الإغاثة في المناطق المنكوبة بالجفافِ؛ لأن رجالَ العصابات الإريترية كانوا قد حقَّقوا انتصاراتٍ على القوات الحكومية. في 1989م أُحبطت محاولة انقلابية ضد منجستو، وفي ذلك العام قام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بمُحادثات سلامٍ مع ثوار إريتريا. وفي شُباط 1991م شنَّت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، التي تضمُّ تحت مِظلَّتها ستة جيوش ثورية هجومًا كبيرًا ضد القوات الحكومية. وتمَّت الإطاحة بمنجستو وفرَّ من البلاد، وأقامتِ الجبهة الثورية الديمقراطية للشعب الإثيوبي حكومةً انتقاليَّةً برئاسة ميليس زيناوي. وفي ديسمبر 1994م تمَّ إقرار دُستور جديد أُجريت في ظِلِّهِ أولُ انتخابات تعدُّدية عامَّة في تاريخ إثيوبيا، وذلك في 1995م حقَّق فيها الحزب الحاكم نصرًا ساحقًا، بينما قاطعتها معظمُ الجماعات المعارضة.
ساءتِ العَلاقات السُّعودية الإيرانية منذُ قيام الثورة الخمينية، وإعلانِ الجُمهورية الإسلامية المزعومة في إيران تصديرَ الثورة، والتدخُّلَ في الشؤون الداخليَّة لبعض الدُّوَل، ودعمَ الطوائف الشيعية فيها، كما قامت إيران بإثارة القلاقل والفوضى في مواسم الحج، والتي منها أحداثُ مكَّة عام 1407هـ التي خرج الحُجَّاج الإيرانيون فيها بمُظاهراتٍ مُؤيِّدة للثورة الإسلامية؛ مُستغِلَّة المواسم الدينية لمصالحها السياسيَّة، وأدَّى ذلك إلى حُدوث مُنعطف مُهمٍّ في العَلاقة بين البلدينِ، ترتَّب عليه قطعُ العَلاقات بينهما، واستمرَّ ذلك الانقطاع حتى عام 1411هـ.
قِمَّة عمان في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، شاركت فيها عِشرون دولةً عربيَّةً، ومُنظَّمة التحرير الفلسطينية، صدر عنه بيانٌ خِتاميٌّ، ومجموعة من القرارات أهمُّها:
- إدانةُ إيران لاحتلالها جُزءًا من الأراضي العراقية، والتضامُن مع العراق.
- تضامُن المؤتمر مع السُّعودية والكويت، والتنديدُ بالأحداث التي اقترفها الإيرانيُّون في المسجد الحرام بمكَّة المُكرَّمة.
- التمسُّك باستِرجاع كافَّة الأراضي العربية المحتلَّة، والقُدس الشَّريف كأساسٍ للسلام، وضرورةُ بناء القُوَّة الذاتية للعرب.
- إدانةُ الإرهاب الدولي.
- العَلاقات الدُّبلوماسيَّة بين أي دولة عضو في الجامعة العربية وبين مصر عملٌ من أعمال السيادة تُقرِّرها كل دولة بموجب دُستورها وقانونها.
- تكثيفُ الحِوار مع حاضرة الفاتيكان، ودَعوة الملك حُسَين إلى إجراء الاتصالات معها.
في سنة 1985م جرى تعيينُ زين العابدين وزيرَ دولةٍ للأمن في مكتب رئيس الوزراء محمد مزالي، وفي سنة 1986م عُيِّن وزيًرا للداخلية، وظلَّ في منصبه هذا حتى تولَّى رئاسة الوزارة، فجمع بين منصب الوزير الأول، ووزير الحكومة، فضلًا عن تولِّيه الأمانة العامة للحزب الاشتراكي الدُّستوري، الحِزب الحاكم. وزينُ العابدين بن علي رجُلٌ عسكريٌّ اصطفاه بورقيبة منذُ سنواتٍ؛ ليكون قبضتَه الحديديَّة في مُواجهة خُصومه والأزمات التي حلَّت بنظامه.
أخذت أوضاعُ الرئيس التُّونسيُّ الحبيب بورقيبة تزداد سُوءًا جِسميًّا ونفسيًّا، حتى أثَّر ذلك على قراراته الرئاسية، وتقدَّمت به السِّنُّ حتى فقد الرصانة في تسيير الحُكم كما فقَدَ المنطقَ، وأخذ تأثيرُ الحاشية يَظهر على القرارات السياسيَّة، فقام في 16 ربيع الأول 1408هـ / 7 تشرين الثاني 1987م الوزيرُ الأوَّل زين العابدين بن علي بتنحيةِ الرئيس الحبيب بورقيبة وتسلَّم السُّلطة، وأخذ بإزالة العَهدِ الماضي، فأزال التماثيلَ التي ملأتِ الشَّوارعَ للحبيب بورقيبة، وأخرَجَ كثيرًا من قادة التيَّار الإسلامي من المُعتقلات، ولكنَّه لم يلبث على هذا طويلًا؛ إذ رجع، فسار على نفس الطريق الذي سار عليه سَلَفُهُ.
تُوُفِّيَ اللُّغوي العراقيُّ أحمد عبد الستار الجواري. وقد وُلِد في الكَرْخ ببغداد، وحصل من جامعةِ القاهرة على الدُّكتوراه سنة 1953م، ثم عاد إلى بغدادَ للتَّدريس في دار المُعلِّمينَ العالية. وانتُخب نقيبًا للمُعلِّميَن ثم رئيسًا لاتحاد المُعلِّمينَ العرب سنة 1969م، ثم تولَّى وزارة التربية سنة 1963م، ووزارة شُؤون رئاسة الجمهورية سنة 1970م، وحضر كثيرًا من المؤتمراتِ، وكان عضوًا عاملًا في المجامع اللغوية في بغداد ودِمَشقَ وعمَّان والقاهرة. وقد غذَّى مجلَّة المجمع العِلمي العراقي بعددٍ من الدراسات، وكان له دورٌ كبيرٌ في وضع المُعجَم الطبي الموحَّد الذي استمرَّ إعدادُه سبع سنوات. وله أبحاثٌ وكُتُب تختصُّ باللغة والنحو.
ارتكب الرُّوسُ فظائعَ وجرائمَ في حقِّ الشعب الأفغاني المسلم، أدَّت إلى مقتل أكثَرَ من مِليون مُسلِمٍ، وتشريدِ حوالي خمسة ملايين آخرين، واستخدم الرُّوسُ أحدث ما في ترسانتِهم العسكريَّةِ من أسلحةٍ فتَّاكة ومُحرَّمة دوليًّا، غير أنها لم توفِّر لهم البقاء الآمن في أفغانستان، حيث شنَّ المجاهدون الأفغانُ حربًا شرسةً ضد الروس، أدَّت إلى استنزافٍ دائمٍ لقُوَّاتهم، وخسر الروس حوالي أكثر من (13) ألفَ قتيلٍ و(35) ألف جريحٍ في حربهم التي استمرَّت أكثر من ثماني سنواتٍ في أفغانستان حتى انسحبوا منها في 26 جمادى الآخرة 1408هـ = 15 فبراير 1988م، غير أن "نجيب الله محمد" رئيسَ الاستخبارات الأفغانية، والموالي للسوفييت، سيطَرَ على الحُكم في البلاد، وهو ما دفع المجاهدينَ إلى الاستمرار في الحرب حتى استطاعوا تقويض أركانِ حُكمِهِ، ثم قَتلِهِ عَلَنًا أمام كاميراتِ التِّلفاز.
في جُمادى الآخرة بدأتِ الانتخابات الرئاسية في السنغال، وأخذت الصراعات تظهر في بعض المناطق بين رجال الأمن ورجال الأحزاب المُعارِضة، ثم أُعلنت النتائج في رجب من العام نفسه، فظهر أن رئيس الجُمهوريَّة عبده ضيوف قد حصل على 73.2% من الأصوات، وحصل حزبه الحاكم حزبُ التجمُّع الديمقراطي السنغالي على أكثر المقاعد.
دخلتِ العراق في حربٍ مع إيران، ولكن لم تكن هي الجبهة الوحيدة التي يُقاتل عليها العراقيُّون في ذلك الوقت، فقد كانت مُشكلة الأكراد ما تزال قائمةً، ولما كانت العراق لا تستطيع أن تُقاتل على جبهتينِ معًا، لجأت إلى المباحثات مع جلال الطالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردي، ووقفِ القتال، فتمَّ التفاهم معه في ربيع الأول 1404هـ / ديسمبر 1983م على إطلاقِ تسعة وأربعين سجينًا سياسيًّا، وعودةِ ثمانية آلافِ عائلةٍ كُرديَّةٍ إلى مناطقها في كُردستان، بعد أن كانوا أُجبروا على الإقامة بجنوب العراق، وشمول مِنطَقة الحكم الذاتي للأكراد على مِنطَقة كركوك الغنية بالنفط، وإعطاءِ نِسبةٍ ثابتةٍ للأكراد من النفط تتراوح بين عِشرينَ إلى ثلاثينَ بالمائة، ثم بعد فترة تغيَّر موقفُ الرئيس العراقي صدام حسين تجاه الاتحاد الوطني الكُردي، والحزب الشُّيوعي الكُردي بعد الدَّعم الدولي للعراق، فعاد لاستئناف الحِوار بشكلٍ جَدَليٍّ، وحاولتِ العراق التفاهُمَ مع تركيا للقضاء على المقاومة الكُردية، وبالتالي رفَضَ حزبُ الاتحاد الوطني الكردي العرضَ العراقيَّ بالعفو عن السياسيين، فانهارتِ المفاوضات حول الحكم الذاتي، وعاد القتال معهم ثانية بعد أن توقَّف لأكثَرَ من عام، ثم لما أخذ التهديد الإيراني يقلُّ عام 1407هـ ركَّزت العراق اهتمامها على الشمال، حيث سيطر الأكراد على عشرة آلاف كيلو مترًا مربعًا، فاتخذت الحكومةُ سياسة الأرض المحروقة، فدكَّت أكثر من ثمانمائة قريةٍ كُرديةٍ على طول الحزام الأمني مع إيران، وأجبرت أعدادًا كبيرةً على المغادرة والانتقال للجنوب، واستمرَّ هذا حتى منتصف عام 1408هـ، ثم في بداية النصف الثاني منه نجح الأكرادُ في شنِّ غاراتٍ على الأراضي التي تُسيطر عليها الحكومة، فقامت العراقُ بهجمةٍ انتقاميةٍ ضد بلدة حلبجة، وقتلت أربعة آلاف كُرديٍّ، وقد اندمجتِ التنظيماتُ الكُرديَّة مع بعضها في سبيل الوقوف المُشتَرَك في وجه الحكومة العراقية، وهم سِتَّة أحزابٍ، ثم في أواخر السَّنة بعد أن بدأت أمورُ الحرب مع إيران تنتهي خصَّص ما يقرُب من سبعين ألف جنديٍّ؛ لإنهاء المسألة الكُرديَّة، واستُعملت الأسلحة الممنوعة دوليًّا، فهرب أكثر من مائة ألف كُرديٍّ إلى إيران وتركيا، ثم في الخامس من صفر 1409هـ / 16 أيلول 1988م صدر عفوٌ عامٌّ، ودعت الحكومة العراقية الأكرادَ للعودة إلى الوطن خلال ثلاثين يومًا، ووعدت بإطلاق المعتقلين، وفعلًا رجع للبلاد ما يقرُب من ستين ألف كرديٍّ، تمَّ توزيعُهم على المناطق العراقية.
كانت باكستانُ مأوى للَّاجئينَ الأفغانِ، وكذلك كانت محضنًا للمجاهدين، وكانت روسيا تتَّهِم باكستان بإثارة الأفغانِ على نِظام كابل، وبدأتِ المحادثات تجري في جنيف بين باكستان وبين نظام أفغانستان الخاضِع للرُّوس في 28 رمضان 1402هـ / 19 تموز 1982م، واستمرَّت حتى تمَّ التوقيع على الاتفاقية بين الطرفينِ في 27 شعبان 1408هـ / 14 نيسان 1988م، وكانت حول مبادئ العلاقات، واحترام السيادة والسلامة الإقليميَّة، وعدم التدخُّل المُسلَّح، والتخريب والاحتلال العسكري، أو حتى تشجيع الأنشطة المتمرِّدة، أو مُساعدة دول أخرى ضدَّها، ووقَّعت روسيا وأمريكا إعلانًا بشأن الضمانات الدولية الخاصَّة بهذه الاتفاقية، ثم وُقِّع اتفاق آخر بين أفغانستان وباكستان بشأن عودة اللَّاجئينَ الطوعيَّة.