تُوفِّيَ الشيخُ عبدُ الفتاح بنُ عبدِ الغني بن محمد القاضي، المولودُ في دمنهور البحيرة بمصرَ في 14/10/1907م. وهو عالِمٌ مُبرَّزٌ في القِراءات وعُلومها، التحقَ بالمعهدِ الأزهريِّ بالإسكندرية بعدَ أن حفِظَ القرآنَ الكريم، وتدرَّجَ في التعليمِ حتى حصَل على شَهادة التخصُّص القديمِ (الدكتوراه حاليًّا) عامَ 34/1935م. تَتلمذَ على كِبار عُلماء عصْره بالإسكندرية والقاهرةِ؛ منهم الشيخُ محمد تاج الدينِ في التفسيرِ، والشَّيخُ شحاتة منيسي في البلاغةِ، والشَّيخُ حسن الشريف في الحديثِ الشريفِ، والشَّيخُ أمين محمود سرور في التوحيدِ، وحضَر المنطِقَ وأدب البحثِ على الشيخِ مَحمود شلتوت شيخِ الأزهر، وعبد الله دِراز، وعبد الحليم قادوم، والشَّيخ محمد الخضر حُسين. عُيِّنَ في عدة مَناصبَ: مدرِّسًا ثانويًّا عقِبَ التخرُّجِ، ورئيسًا لِقِسمِ القِراءات بكُلية اللُّغة العربية بالأزهرِ، ومفتِّشًا عامًّا بالمعاهد الأزهريةِ، وشيخًا للمَعهدِ الأزهريِّ بدُسوق، ثم المعهدِ الأزهريِّ بمَدينة دَمنهور، ووَكيلًا عامًّا للمعاهد الأزهريةِ، ثم مديرًا عامًّا لها، ثم رئيسًا لِقِسمِ القراءات بكُلِّية القرآنِ الكريم والدِّراسات الإسلامية بالجامعةِ الإسلامية بالمدينةِ النَّبويةِ، وقد عُيِّن رئيسًا للجنةِ تَصحيحِ المصاحِف بالأزهرِ، وخطيبًا بمسجدِ الشَّعراني بالقاهرة، وعُضوًا في لَجنةِ اختبار القُراء بالإذاعة المصريةِ. مرِضَ بالمدينةِ النبويةِ -على ساكنِها الصلاة والسلامُ- وسافَرَ إلى القاهرة للعلاجِ، وتُوفِّي رحمه الله بها وقتَ آذانِ الظُّهر يوم الاثنين 1/11/1982م، ودُفِنَ بالقاهرةِ.
في 18 إبريل 1983 اقتَرَبت سيارةٌ مُفخَّخة مِن سِفارة الولايات المتحِدةِ في بَيروت، وحدَث انفجارٌ هائلٌ أدَّى إلى تدميرٍ كاملٍ للقِسم المركزي للبِناية، وتسبَّبَ الانفجارُ في سُقوط 60 قتيلًا؛ بينهم 17 أمريكيًّا، و100 جريح. وكانت السَّيارة المفخَّخةُ التي دمَّرت السفارة مجهَّزةً بحَوالي 180 كغم مِن المتفجِّرات، وكانت السيارةُ -حسَبَ تقاريرِ وكالةِ المخابرات الأمريكيةِ- قد تمَّت سَرِقتُها قبلَ عامٍ واحدٍ مِن السفارة الأمريكية، وكانت تَحمِلُ شارةَ السفارةِ، واستطاع سائقُها لهذا السببِ الدُّخولَ بسُهولةٍ إلى مرآبِ السفارةِ. وكان مِن بيْن القتلى الأمريكيينَ ثمانيةُ موظَّفين لوكالةِ المخابرات الأمريكيةِ، وكان تفجيرُ السِّفارة -حسَبَ تصريحاتِ الجِهة المنفِّذة- ردَّةَ فِعلٍ على مَذبحةِ صبرا وشاتيلا. وبعدَ حادثةِ تَفجير السفارةِ تمَّ نقْلُ البعثةِ الدُّبلوماسية الأمريكية إلى بَيروت الشرقيةِ، ولكنَّ الموقعَ الجديد تعرَّض إلى استهدافٍ بسيارةٍ مُفخَّخة أُخرى في 20 سبتمبر 1984، وقُتِلَ في هذه المرةِ أمريكيانِ و20 لُبنانيًّا.
تفجَّرت عمليةُ التمرُّدِ التي يَقودها أبو موسى داخلَ حرَكة (فتح)، في شكْل صِدامٍ مسلَّح مع أنصار ياسر عرفات في مَدينة بعْلَبك بوادي البِقاع بلُبنانَ، وأدَّت حركةُ التمرُّد والانشقاقِ هذه إلى إحداثِ انهيارٍ للتَّيار التقدُّمي في داخل حرَكة (فتْح).
في أغسطس 1983م انسحَبَت إسرائيلُ مِن جَبَل الشوف بلبنان، مُزِيلةً الفاصلَ ما بين الدُّروز والنَّصارى، لِتَندلِعَ معاركُ عنيفةٌ ودامية بين الحِزب التقدُّمي الاشتراكيِّ، مَدْعومًا مِن بعضِ القُوى الفِلَسطينية في مُواجَهة القواتِ اللُّبنانية والجيش اللُّبناني، وارتفَعَت بسُرعةٍ وَتيرةُ المعاركِ على مختلَف الجَبَهات، لِتَرتفِعَ معها أعدادُ القتْلى بسُرعةٍ هائلةٍ؛ إذ كان يَسقط مئاتُ المقاتلينَ مِن الطرفينِ كلَّ بِضعةِ أيامٍ. اعتُبِرَت حربُ الجَبَل إحدى أعنَفِ فُصول الحرْب اللُّبنانية، وانتَهَت المعاركُ بهَزيمةٍ مُدوِّية للقُوات اللُّبنانية، وانسحابِ المقاتلينَ النَّصارى إلى بَلدةِ دير القمَرِ، ومِن ثَمَّ إلى بَيروتَ الشرقية، وارتُكِبَت مجازرُ مُتبادلة مِن الطرفينِ، وسقَطَ المئاتُ مِن الناس.
بدَأ المسلمونَ في السُّودان يطالِبون بتَعديل الدُّستور، وتَقييد صلاحياتِ السُّلطات المطلَقة للرئيسِ، ثم بدَأَت المظاهراتُ سخطًا على غزْو الرُّوس لأفغانستانَ، وأخذَت المظاهراتُ تُنادي بتَطبيقِ الشريعة؛ إذ أيَّد ذلك قِيامُ الثَّورة الخُمينية في إيرانَ التي كانت تُعلِن تطبيقَ الشريعةِ في ظاهرِ الأمر، ثم زاد السَّخطُ بزِيارة الساداتِ للقُدس لِمُفاوضة اليهودِ، وازداد الإلحاحُ على تَطبيق الشريعةِ؛ لإنقاذِ الوضْع السُّوداني، وخاصةً بعد أنْ أفلسَتِ القوانينُ الوضعية؛ مِن رأسماليةٍ، واشتراكيةٍ، وشُيوعيةٍ، ولم تَنجَحْ أيٌّ منها في إصلاحِ الأحوال، فتَشكَّلت لجنةٌ لِتَعديل القوانينِ؛ حتى تَتماشى مع الشريعة الإسلاميةِ، حتى انتهَت مِن مُهِمَّتها، وبدَأ تَطبيقُ الشريعةِ الإسلامية يَنفُذ مِن شهرِ ذي الحجة 1403هـ / أيلول 1983م، فأثار هذا الأمرُ الأعداءَ شرقًا وغرْبًا، فتحرَّك اتِّحادُ الكنائسِ العالمي، والإرسالياتُ التَّنصيرية، وإسرائيلُ، وأصحابُ العصبيَّات، وحذَّر الرئيس السودانيُّ مِن مَغبَّة هذا الأمرِ، فأعلَنَ تَغيير الوزارةِ، لكنَّ أمْرَه لم يَدُمْ طويلًا؛ إذ قامت حركةٌ ضِدَّه، وأطاحت بنِظامه، وبقِيَ المسلمون يَعمَلون على استمرارِ تطبيقِ الشريعةِ، بينما أخَذ أعداؤهم مِن الرَّأسماليينَ، والشُّيوعيينَ، والعلمانيينَ، والصَّليبيين، واليهودِ يُحارِبونهم باستمرارٍ، حتى دَعَموا حركةَ التمرُّد في الجنوب للتخلُّص مِن تَطبيق الشريعةِ الإسلامية.
قامت مُنظَّمةُ الجِهاد الإسلاميِّ بتَفجير مَقرِّ قِيادة مُشاة البحريةِ الأمريكية، ومَقرِّ سِرَية فرنسية مِن المظلِّيين في بَيروت؛ وذلك إبَّانَ الحرْب الأهليةِ في لُبنان، وأسفَر التفجيرانِ عن مَقتلِ 239 أمريكيًّا و58 فرنسيًّا، وكان الفارقُ بين التفجيرينِ بِضعَ لَحظاتٍ، وأدَّى هذانِ التفجيرانِ إلى إصدار الرئيسِ الأمريكي رونالد ريغان قرارًا بسحْب المارينزِ مِن الأراضي اللُّبنانية إلى السُّفن الأمريكيةِ الراسيةِ على الشواطئِ اللُّبنانية.
جَمعيةُ المُعجمية العربية: هي هيئةٌ عِلْميةٌ تأسَّست بتُونس عام 1983م، وتَهتمُّ بالبحثِ المُعجميِّ لِما يهمُّ العربيةَ، وقد اعتنَتْ خاصَّةً بالمُعجمِ التاريخيِّ، ونظَّمت لذلك نَدوةً عِلْمية دَعَت لها اللُّغويينَ العربَ. صدَرَت عن هذه الجَمعية مَجلَّة عِلميةٌ مُتخصِّصة تُسمى مَجلة "المعجمية". ترأَّسَ هذه الجمعيةَ الأستاذُ محمد رشاد الحمزاويُّ، ويَترأَّسُها منذ عامِ 1994م الأستاذُ إبراهيم بن مراد. وعندما تأسَّست جَمعية المُعجَمية العربية، اهتمَّت بمَوضوعِ المُعجَم التاريخيِّ، فخصَّته بنَدوتِها العِلْمية الدَّولية الثانية عامَ 1989، وأُنشِئَ عام 1990 مَشروع (المعجَم العربي التَّاريخي) بتَمويلٍ مِن الحكومةِ التُّونسية، ولكنَّ هذا المشروع توقَّفَ، ثم أُعِيدَ العمل فيه عامَ 1996. ولهذا فإنَّ اتِّحادَ المجامعِ اللُّغوية والعِلمية العربية قَرَّر إنشاءَ مُؤسَّسة مُستقِلة تَتفرَّغُ لِتأليفِ المُعجَم التاريخيِّ لِلُّغة العربيةِ.
مَنحت بريطانيا الحُكم الذاتيَّ لسَلطنة بروناي في رمضان 1391هـ / تشرين الثاني 1971م، وفي ذي الحجَّة 1395هـ / ديسمبر 1975هـ أصدر مجلسُ الأُمَم المتَّحدة قرارًا دعا فيه بريطانيا للانسحاب من بروناي، وعودة المنفيِّينَ السياسيِّينَ، وإجراءِ انتخاباتٍ عامَّةٍ، وتمَّتِ المُفاوضةُ بين سَلطنة بروناي وبين بريطانيا عام 1398هـ / 1978م، وأعقبتْها تأكيداتٌ من إندونيسيا وماليزيا على احتِرام استِقلال سَلطنة بروناي، ووُقِّعتْ اتفاقيةٌ بعد ذلك بين الطرفَينِ في صفر 1399هـ / كانون الثاني 1979م، قضتْ بأن تُصبِح بروناي دولةً مُستقِلَّةً خلالَ خمسِ سنواتٍ، وفي 28 ربيع الأول 1404هـ / 1 كانون الثاني 1984م، أُعلِنَ استقلالُ سَلطنة بروناي، وشغل السُّلطان حسن البلقية السَّلطنةَ.
أحمد سيكوتوري هو أحدُ أبرز القادةِ الأفارقةِ المُناضِلينَ، ممَّن أظهر مُعاداتَهُ للاستعمار، وُلِدَ أحمد سيكوتوري في مِنطَقةِ فاراناه، فيما كان يُعرف بمِنطَقة النيجر الأعلى عام 1922م، لعائلةٍ تشتغلُ بالزراعة، وهو ينحدِرُ من قبيلةِ المالنكي التي ظلَّت تُقاوم الاستعمار الفرنسي بشراسةٍ لمدة ستَّةَ عشَرَ عامًا قبل نهايةِ القرن التاسعَ عشَرَ، وكان جدُّهُ أحدَ أشهَرِ زُعَماء هذه القبيلةِ ورجالاتِها الأقوياءِ.
درس أحمد سيكوتوري في باكورةِ عُمُره القُرآنَ الكريمَ، ثم التحَقَ بمدرسةٍ فَنيَّةٍ في كوناكري، وخلال تلك الفترة بدأت رُوح مقاومةِ ومُعارضةِ الاستعمارِ تَسري في عُروقه، وتبلوَرَتْ عمليًّا للمرَّة الأُولى في الإضراب الذي نظَّمه وقادَهُ آنذاك، والذي كان سببًا في فَصلِهِ وطردِهِ من تلك المدرسةِ، ولكن سيكوتوري استكمَلَ دراستَهُ بالمُراسَلةِ.
في عام 1941م تحصَّل على وظيفةٍ في وزارةِ البريدِ، وظلَّ فيها لمدَّةِ سبعِ سنواتٍ، وأسَّس عام 1945م نقابةَ غينيا للعُمَّال، وبعد عام تقريبًا صار أمينًا لاتحادِ نِقاباتِ غينيا، وأوفده هذا الاتِّحادُ هو ومجموعةً من رِفاقِهِ للدراسة في المجال السياسيِّ بفرنسا وبِراغ، ثم صار سيكوتوري عُضوًا في المؤتمر التأسيسي لحزب التجمُّع الإفريقي الديمقراطي.
انتقل عام 1948م للعَمَلِ بوزارة الماليةِ، ولكنَّه لم يمكُثْ بها طويلًا، وطُرد منها بسبب توسُّع وتأثيرِ نشاطاتِهِ، ومَواقِفِهِ السياسيَّة والنقابيَّة، التي أحدثت صَداها الشَّعْبي، وأصبحت تُثير قلقَ وتخوُّفَ المُحتلِّينَ الفَرَنسيِّينَ، انفصَلَ سيكوتوري فيما بعدُ من المؤتمر التأسيسي لحزب التجمُّع الإفريقي الديمقراطي، لخلافه مع أقطابِ المؤتمَرِ الآخرينَ، الذين كانوا يُنادون بالتعاوُنِ والتنسيق مع فرنسا في إدارةِ وتنفيذ مهامِّهم، وأسَّس الحِزْب الديمقراطيَّ الذي حصَرَ نشاطَه في غينيا، وحدَّد له هدفًا واحدًا، وهو تحقيقُ حُرية واستقلال غينيا. تمكَّنَ في انتخاباتِ عام 1955م من الفَوزِ برئاسة بلدية كوناكري رغم مُعارضة الفَرَنْسيِّينَ له، وفي عام 1957م أصبح رئيسًا لمجلِسِ غينيا.
وفي عام 1958م تحصَّلت غينيا على استقلالِها، وأصبح سيكوتوري رئيسًا لها، وتُوُفِّيَ في شهر مارس عام 1984م بإحدى المستشفيات الأمريكية.
اقتحمتْ مجموعةٌ من مُقاتلي الإنقاذِ (الجَناح العَسْكري للجَبْهة الوطنيَّة لإنقاذِ ليبيا) مُعَسكَرَ باب العزيزيةِ في طرابلس، وقد اشتبكتْ هذه المجموعةُ مع قُوَّات ليبيَّةٍ وأجنبيةٍ تحرُسُ المُعَسكَرَ لفترةٍ تراوحتْ بين خَمسِ وسَبعِ ساعاتٍ استُخدمت فيها كافَّةُ الأسلحة، وقد قُتل جميعُ الذين اشتركوا في العملية من المُقاتِلينَ وعددُهم ثمانية، ولم يتمكَّنْ بعض الموجودين في المُعَسكَرِ من الفَرار عبر أحد المخابئ السِّريَّةِ، إلا بعدما تدخَّلت قُوَّات مُدرَّعة، وحَرَس أجنبيٌّ، وعلى الأخصِّ الألمانُ الشرقيُّون، وسقط في هذه المعركة من الجانب الآخر عددٌ يتراوح بين 100 و120 شخصًا ما بين قَتيلٍ وجَريحٍ، وقد انضمَّ عددٌ من الجُنود الليبيِّينَ إلى جانِبِ المُقاتِلينَ.
مُحمَّد عِزَّة دَروزة مُفكِّر وكاتب مُسلِم، وُلِد في نابلس في 21 حُزَيران 1887م وتُوُفِّيَ في دِمَشقَ في 26 تموز 1984م. كان أديبًا، وصحفيًّا، ومترجمًا، ومُؤرخًا، ومُفسرًا للقُرآن. نشأ في أُسرة من عشيرةِ "الفريحات" التي كانت تسكُنُ شَرْق الأُردُنِّ، وانحدرت إلى فِلَسطينَ، واستوطنتْ نابلس. كان والِدُهُ يملِكُ محلًّا لتِجارة الأقمشةِ في سُوق خان التُّجَّار القديمِ الشهيرِ في المدينةِ القديمةِ في نابلس. تلقَّى دَروزةُ تعليمَه الأساسيَّ في نابلس حيث حصل على الشَّهادة الابتدائية في سنة 1900م، التحَقَ بعدها بالمدرسة الرَّشادية، وهي مدرسةٌ ثانويَّةٌ مُتوسِّطةٌ، وتخرَّج منها بعد ثلاثِ سنواتٍ، حاصلًا على شهادتِها. قرأ كُتُبًا كثيرةً مختلفةً في مجالات الأدبِ، والتاريخِ، والاجتماعِ، والحُقوقِ، سواءٌ ما كان منها باللُّغة العربية، أو بالتُّركية التي كان يُجيدُها. يسَّرت له وظيفتُهُ في مصلحة البريدِ أن يطَّلِع على الدَّورياتِ المِصريَّةِ المُتداولةِ في ذلك الوقتِ كالأهرامِ والهِلالِ والمُؤيِّد والمُقطَّمِ والمُقتَطَف، وكان البريدُ يقوم بتوزيع هذه الصُّحُف على المشتركين بها. بدأ نشاطُ مُحمَّد عِزَّة دَروزة في مَيدان الحَرَكة الوطنيَّةِ مُبكرًا في سنة 1909م، وشارك في إنشاء الجمعيَّات الوطنيَّةِ، والأحزابِ السياسيَّةِ. مالَ دَروزةُ إلى اتِّخاذِ إجراءاتٍ مُتصاعدةٍ ضدَّ السُّلطة البريطانية ما لم تستجبْ لمطالب البِلاد، ولم تجِدْ بريطانيا لمُواجَهةِ هذه الثورة بُدًّا من اعتقاله هو وزملاءَه، ولمَّا تجدَّدت الثورة سنة 1937م كان المسؤولَ عن التخطيط السياسي للثَّورة الفِلَسطينيَّةِ، وكانت تتلقَّى أوامرها من دِمَشقَ، حيث كان يُقيم دَروزةُ وغيرُهُ من القياداتِ الفِلَسطينيَّةِ اللَّاجِئينَ إليها، وظلَّ هناك قائمًا على أمر الثَّورة الفِلَسطينيَّةِ حتى اعتقله الفَرَنْسيُّونَ بتحريضٍ من الإنجليز في عام 1939م، وحُوكِمَ أمام محكمةٍ عسكريَّةٍ، فأصدرت عليه حكمًا بالسجن، ثم أُفرِجَ عنه سنة 1941م فلجأ إلى تُركيا، وقضى هناك أربعَ سنواتٍ عاد بعدها إلى فلسطين، واستمرَّ دَروزةُ يقوم بدَورِهِ السياسيِّ في خِدْمةِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ حتى اشتدَّ عليه المرضُ في سنة 1948م، فاستقالَ من عُضويَّةِ الهيئةِ العربيةِ العُليا لفلسطين، وتفرَّغ للكتابة والتأليف، وقد سجَّلَ مُذكِّراتِهِ في ستَّةِ مُجلَّداتٍ ضخمةٍ، حوتْ مسيرةَ الحركةِ العربيةِ، والقضيةَ الفلسطينيةَ خلال قرنٍ من الزَّمانِ. وكتَبَ عددًا من المُؤلَّفاتِ حول فِلَسطينَ، وحول العُروبة، والقضايا العربية، وكتَبَ أيضًا حول الإسلام، والقضايا الإسلامية، منها كتابُ: "الدُّستور القرآني والسُّنَّة النَّبويَّة في شُؤون الحياة"، وطُبع في مُجلَّدينِ كبيرَينِ. ثم وافتْهُ المنيَّةُ في دِمَشقَ بحي الرَّوضةِ في يوم الخميس 26 من تموز 1984 الموافق 28 من شوال 1404هـ.
حِزْبُ العُمَّال الكُردستانيُّ هو حِزبٌ سياسيٌّ كُرديٌّ يساريٌّ مُسلَّحٌ، ذو توجُّهاتٍ قوميَّةٍ كُرديَّةٍ وماركسيَّةٍ - لِينينيَّةٍ، هدفُهُ إنشاءُ ما يُطلق عليه الحِزبُ دولةَ كُردستانَ المستقِلَّةِ. ويُعتبر الحِزبُ في قائمة المُنظَّماتِ الإرهابيَّةِ على لوائح الولايات المُتَّحدةِ، والمملكة المُتَّحِدة، والاتِّحادِ الأوروبيِّ، وتُركيا، وإيرانَ، وسُوريَة، وأُستراليا. تأسَّس في عام 1978م، وبدأ حركةَ تمرُّدِهِ المُسلَّحةِ ضدَّ السُّلطة المركزيَّةِ من أجْلِ إقامة دولةٍ كُرديَّةٍ مُستقِلَّةٍ في جنوب شرقِ الأناضولِ 15 آب / أغسطس 1984م، جاعلًا المسألةَ الكُرديَّةَ أبرزَ مُشكلةٍ تُواجهُها تركيا. وقد تحوَّلت مطالبُ حِزبِ العُمَّال الكُردستانيِّ في سبيل الحُصول على استِقلال المِنطَقةِ الكُرديَّةِ في تركيا إلى مطالبَ بإقامةِ حُكمٍ ذاتيٍّ في إطار نظامٍ فِيدراليٍّ.
بدأ النظام السياسيُّ في ليبيا التدخُّلَ في تشاد في 1977م، حيث قام بتمويلِ حَرَكة فلورينا بقيادة كوكني وداي ومساعدةِ حسين حبري ضدَّ الحكومة التشادية في ذلك الوقت، وبعد وُصول جبهة فلورينا للحُكم في تشاد حدث انفصالٌ بين كوكني وداي وحسين حبري، وانحاز النظام السياسيُّ في ليبيا إلى كوكني وداي ضدَّ حسين حبري، وكانت هذه المجموعةُ تُطالب بشريط أوزو الذي كان محلَّ خلافٍ بين ليبيا وتشاد في السابق، وقد فُصل فيها من قِبَل الأُمَم المُتَّحِدة. وفي نهاية 1980م أعلَنَ النظامُ السياسيُّ في ليبيا الحربَ على حسين حبري تحت اتِّفاقٍ مُعلَنٍ بينه وبين كوكني وداي، ودخلت القُوَّات الليبية وقُوَّات كوكنى داخل تشاد، وسيطروا عليها، حاولت القُوَّات الليبية الوُصولَ إلى العاصمة التشاديَّةِ (أنجامينا)، وتدخَّلت القُوَّات الفرنسية مع النظام السياسيِّ في ليبيا؛ لتُقسَّم تشاد إلى قسمَينِ، وكان خطُّ العَرْض 16 هو الفاصل بين القُوَّات، وكانت أقربُ مدينةٍ لهذا الخط مدينةَ (فاد)، واستمرَّت القُوَّات الليبية وقُوَّات كوكني وداي في الشَّمال، وقوات حسين حبري والقُوَّات الفرنسيَّةُ في الجنوب. وفي 25 سبتمبر 1984م بدأ انسحابُ القُوَّات الليبيَّةِ والفرنسيَّةِ من تشاد وَفق اتفاقيَّةِ وُقِّعَتْ بين البلدَينِ.
مُحمَّد نجيب يوسف نجيب قُطب القشلانُ سياسيٌّ وعَسكريٌّ مِصريٌّ، وُلد بالخُرطوم، والتحَقَ بالكُليَّة الحربيَّةِ في مِصرَ في إبريل عام 1917م وتخرَّج فيها في 23 يناير 1918م، ثم سافَرَ إلى السُّودان في 19 فبراير 1918م، والتحَقَ بذات الكَتيبةِ المِصريَّةِ التي كان يعملُ بها والدُهُ؛ ليبدأ حياتَهُ كضابطٍ في الجيش المِصريِّ، حصل على شَهادةِ الكفاءةِ، ودخَلَ مدرسةَ البوليسِ لمُدَّةِ شهرَينِ، واحتكَّ بمُختلِف فِئات الشَّعبِ المِصري، وتخرَّج وخدَمَ في مِصرَ القديمةِ، وعاد مرَّة أخرى إلى السودان عام 1922م.
انتقل بعد ذلك إلى الحَرَس المَلَكيِّ بالقاهرة في 28 إبريل 1923م، ثم انتقل إلى الفِرقةِ الثامنةِ بالمعادي بسبب تأييدِهِ للمُناضِلينَ السُّودانيينَ. حصَلَ على شَهادةِ البكالوريا عام 1923م، والتحَقَ بكُليَّةِ الحُقوقِ، ورُقِّيَ إلى رُتبة الملازِمِ أوَّل عام 1924م.
في عام 1927 كان مُحمَّد نجيب أوَّلَ ضابطٍ في الجيش المِصريِّ يحصُلُ على ليسانس الحُقوقِ، ودُبلوم الدراساتِ العُليا في الاقتصاد السياسيِّ عام 1929م ودُبلوم آخَرَ في الدراسات العُليا في القانون الخاصِّ عام 1931م.
رُقِّيَ إلى رُتبة اليوزباشي (نقيب) في ديسمبر 1931م، ونُقل إلى سِلاح الحُدودِ عام 1934م، ثم انتقَلَ إلى العريشِ. كان ضِمنَ اللجنة التي أشرفت على تنظيم الجيشِ المِصريِّ في الخُرطومِ بعد مُعاهدةِ 1936م، ورُقِّيَ لرُتبةِ الصاغ (رائد) في 6 مايو 1938م، ورفَضَ في ذلك العام القيام بتدريباتٍ عسكريَّةٍ مُشتركةٍ مع الإنجليز في مرسى مطروح. قاد ثَورة 23 يوليو 1952م وعرَضَ عليه المَلِك فاروق منصبَ وزير الحربيَّةِ، ومنحه رُتبة فريقٍ مع مُرتَّبِ وزيرٍ، لكنَّه تنازل عنها بعد خُروج المَلِك فاروق إلى المنفى.
وهو أوَّلُ رئيسٍ لجُمهورية مِصرَ العربيَّةِ (1953 - 1954)، لم يستمرَّ في سُدَّة الحُكم سوى فترةٍ قليلةٍ بعد إعلانِ الجُمهوريَّةِ (يونيو 1953 - نوفمبر 1954)، حيث أُقيل من جميع مناصِبِهِ في 14 نوفمبر 1954م وعزله مجلسُ قيادةِ الثَّورةِ، ووضَعَهُ تحت الإقامةِ الجَبْريَّةِ بقَصرِ زينب الوكيل حَرَمِ مُصطفى النَّحَّاس باشا بضاحية المَرْجِ شرق القاهرة. تُوُفِّيَ مُحمَّد نجيب في هُدوءٍ عن عُمر يُناهز 82 عامًا بتاريخ 28 أغسطس 1984م في مُستشفى المعادي العسكري بالقاهرة، لم يكن يعاني من أمراضٍ خطيرةٍ، لكنها كانت أمراضَ الشَّيخوخةِ.