سار الرَّئيسُ التركي جمال غورسيل على نهجِ مصطفى كمال، خاصةً وأنَّ حُكمَه كان حُكمًا عسكريًّا، ثم إنَّ أوضاعَ الرئيس جمال الصحيَّة ساءت؛ ممَّا دعاه إلى الاعتزالِ قبل انتهاء فترةِ الرئاسة بما يقرُبُ من السنتين، وأُجريت انتخاباتٌ لاختيار رئيسٍ مكانه، فنجح جودت صوناي.
قام قائدُ الجيش جونسون أغوي إيرونسي وهو من قبائل الإيبو (الوثنية) بإقالةِ الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية، وعيَّن حاكِمًا عسكريًّا لكل إقليم، وبذلك صارت البلاد كلُّها تحت قبضته، وشكَّل مجلسًا عسكريًّا أعلى، وأعلنت السلطةُ العسكريةُ مقترحاتٍ في شوال 1385هـ / شباط 1966م لإلغاء الدولة الاتحادية وإقامة دولة وَحدَوية، ثم غيَّرَت السلطة العسكرية اسمَ البلاد؛ فأصبحت جمهورية نيجيريا الاتحادية بعد أن كانت اتحاد نيجيريا.
هو الشيخُ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن أبي بكر المعَلِّمي العتمي اليمني، وُلِدَ في أولِ سنة 1313هـ بقرية المحاقرة التابعة لمحافظة صنعاء، قرأ القرآنَ على والدِه، ثم درس في المدرسةِ الحكومية، وتعلَّم القرآنَ والتجويدَ والحسابَ، ثم قرأ النحو، ثم ارتحل إلى جازان سنة 1336هـ، فترأَّس فيها القضاءَ، ثم ارتحل إلى عَدَن ثمَّ الهند مصحِّحًا لكتب الحديث وعلومه، ثمَّ إلى مكة سنة 1371هـ وكان بارعًا في علم الحديثِ والرِّجالِ والجَرح والتعديل، وله مؤلفات، منها: ((التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل))، و ((الأنوار الكاشفة بما في كتاب أضواء على السُّنَّة من الزلل والتضليل والمجازفة))، في الردِّ على أبي رَيَّة. و ((علمُ الرجال وأهميته))، وله بحوث كثيرة مستقِلَّة، وله تحقيقات، منها تحقيق كتاب الرد على الأخنائي لابن تيمية، والفوائد المجموعة، والجَرح والتعديل وتقدِمتُه، والمنار المنيف في الصحيح والضعيف، وغيرها كثير، توفي رحمه الله في مكَّةَ المكرمة، وعمره ثلاث وسبعون سنة.
كان عارف عبد الرزاق (ناصريُّ التوجُّه) قد حاول الانقلابَ على رئيس العراقِ عبد الرحمن عارف الجميلي في جمادى الأولى 1385هـ / 16 أيلول بالاشتراكِ مع عددٍ من كِبار الضبَّاط العراقيِّين، وبدعمٍ مِن المخابراتِ السُّوريَّةِ؛ لِقَلبِ نظامِ الحُكمِ في العراق, ففَشِلَ وهرب إلى مصرَ، ثم تسَلَّل من مصرَ إلى بغدادَ مع بعض الأشخاص، وفي 11 ربيع الأول من هذا العامِ استولى على المطارِ العسكريِّ بالموصل، وهاجمت الطائراتُ الحرسَ الجُمهوريَّ والإذاعةَ ببغداد، ولكِنَّ الهجومَ الجويَّ فَشِل، وتحرَّكت المدرَّعات إلى العاصمة؛ للاستيلاءِ عليها، وأُذيعَ نجاحُ الانقلابِ، ولكِنَّ محطَّةَ إذاعةٍ حكوميةٍ أذاعت فَشَلَ الانقلابِ واستسلامَ المتمَرِّدين، وقام رئيسُ الحرس الجمهوري العقيدُ بشير طالب بهجومٍ مُعاكسٍ ضِدَّ المتمَرِّدين، وأمر الرئيسُ الشُّرطةَ المواليةَ له في الموصل بالقَبضِ على عارف عبد الرزاق فاعتُقِل، وسيطرت الحكومةُ على المطار، وانتهى أمرُ الانقلابِ الذي لم يدُمْ أكثَرَ من يومين، وسُجِن عارف عبد الرزاق.
هو سيد قطب بن إبراهيم؛ ولد في قرية موشا في أسيوط سنة 1324هـ / 1906م. نشأ سيد في مجتمعٍ قُروي صعيدي. حفظ القرآنَ الكريمَ كاملًا من نفسِه وهو في سن العاشرة؛ ذهب إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة وعاش عند خاله، والْتَحَق أوَّلًا بإحدى مدارس المعلِّمين الأوَّليَّة وعمل مدرسًا ابتدائيًّا. بدت في القاهرة في هذه المدَّة سوءاتُ الاحتلالِ الأجنبي ومفاسدُه؛ حيث سادت عوامِلُ التمزُّق الطَّبَقي والصِّراع الحزبي، واختار سيد حزبَ الوفد؛ ليستأنسَ بقيادته في المواجهة، وكان يضمُّ وقتذاك عباس محمود العقاد وزملاءه من كُتَّاب الوفد، وارتفعت الصلةُ بينه وبين العقَّاد إلى درجة عالية من الإعجاب؛ لما في أسلوبِ العقَّاد من قوة التفكير ودقة التعبير. تخرَّج من كلية دار العلوم بالقاهرة سنة 1352 هـ / 1933 م وعمل في جريدة الأهرام. وكتب في مجلَّتَيِ الرسالة والثقافة، وعُيِّن مدرسًا للعربية، فمُوظَّفًا في ديوان وزارة المعارف، ثمَّ مراقبًا فنيًّا للوزارة. وأُوفِدَ في بعثةٍ لدراسة برامج التعليم في أمريكا. عاد سيد قطب من أمريكا في 23 أغسطس 1950 ليعمَلَ بمكتب وزير المعارف، فأخذ ينتقِدُ البرامجَ المصرية، وكان يراها من وضْعِ الإنجليز، وطالب ببرامِجَ إسلامية، إلَّا أنه تمَّ نقلُه أكثَرَ من مرة حتى اضطرَّ أن يقَدِّمَ استقالته في 18 أكتوبر 1952، ومنذ عودتِه من أمريكا تأكَّدت صلته بالإخوان المسلمين إلى أن دُعِيَ في أوائل عام 1953 ليشارك في تشكيلِ الهيئة التأسيسيَّة للجماعة؛ تمهيدًا لتولِّيه قِسمَ الدعوة، حاول جمال عبد الناصر أن يحتويَ سيد قطب قبل انضمامِه للإخوان، وعندما انشَقَّ سيد عن الإخوان انضَمَّ لهيئةِ التحرير التي أسَّسها الضبَّاطُ الأحرار بعد عام من ثورة يوليو، فأقامت الهيئةُ لسيد قطب احتفالًا كبيرًا، ثمَّ تمَّ اعتقاله بعد حادث المنشية عام 1954م؛ وحُكِمَ عليه بالسجن 15 سنة، كتب فيه عددًا من كتبه ثم أُفرِجَ عنه بعفوٍ صحيٍّ في مايو 1964، ثم قُبِضَ عليه مرةً أخرى، وقُدِّم مع كثير من الإخوان للمحاكمة، وحُكِمَ عليه وعلى 7 آخرين بالقتل، ونُفِّذ فيه الحُكمُ في فجر الاثنين 13 جمادى الأولى 1386هـ.
بعد أن فَشِلَت الثَّورةُ الشُّيوعيَّةُ الثانية، وكان الرئيسُ الأندونيسي أحمد سوكارنو يؤيِّدُها ويريدُ أن يعيدَ وَضعَ الشيوعيَّةِ على ما كانت عليه، ومع أنَّ الشَّعبَ كان قد انتخبه رئيسًا مدى الحياة، إلَّا أنَّه قد ثار عليه النَّاسَ؛ فقامت المظاهراتُ ضِدَّه وضِدَّ الشيوعيَّة، وأعلنت الأحزابُ السياسيَّة في "جاوه الغربية" مطالبتَها المجلسَ الاستشاريَّ بالنَّظرِ في أمر تنحيتِه، وأعلنت رابطةُ القضاة والمحامين وجوبَ تقديمه للمحاكَمة بصفتِه المسؤولَ الأوَّلَ عن الثَّورة الشُّيوعيَّة الثانية، فاتخذَ المجلسُ الاستشاريُّ الأعلى قرارًا بإلغاء رئاسة أحمد سوكارنو مدى الحياة، وحدَّدها بإجراءِ الانتخابات بعد عامين، ثم وقَّع أحمد سوكارنو على وثيقةٍ يتنازل فيها عن السلطة ويُعطي الصلاحياتِ جميعَها إلى سوهارتو الذي لا يختلف عنه كثيرا وتمَّ تعيينُه رسميًّا رئيسًا للجمهورية.
يعدُّ الانتماءُ المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى الجناحِ اليساري في حركة القوميين العرب عامِلًا مهمًّا في دَعمِ ثوار ظفار التحررية، حيث أعلن اليمنُ الجنوبي استعدادَه لتقديم كلِّ الدعم للمُعارضة العمانية باعتبار أنَّ ذلك جزء من أهدافه الوطنية. وعسكريًّا وفَّر اليمنُ الجنوبي قواعِدَ للجبهة في كلٍّ من حوف والغيظة والمكلا وعدن، إضافةً إلى وسائل التدريب العسكري، بالإضافةِ إلى تحمُّل حكومة اليمن الجنوبي جزءًا كبيرًا من ميزانية الجبهة، كما كانت أغلبُ الوسائل الإعلامية للجبهة في اليمن؛ فمحطة الإذاعة في المكلا، وصحيفة صوت الشعب في عَدَن، إضافةً إلى ما تقدِّمُه وسائل الإعلام اليمنية من دعمٍ وإعلام.
قامت إسرائيل بشنِّ غارةٍ على سوريا انتقامًا من الفدائيِّين الذين دخلوا فلسطينَ من الجبهة السورية، وأسقطت بعضَ الطائرات السورية فوق ضواحي دمشق، فأمر جمال عبد الناصر القواتِ المصريَّة أن تزحَفَ إلى سيناء، وطلب إنهاءَ عمل قوات الطوارئ الدوليَّة فيها، وأعلنت مصرُ إغلاقَ خليج العقبة أمامَ السُّفُن الإسرائيلية والسُّفُن التي تحمِلُ البضائع لها، ونصحت روسيا مصر ألَّا تبدأ هي بالهجومِ حتى يكونَ الإسرائيليون هم البادئين، وصدَّق جمال النصيحةَ فباغتةَ اليهود في صباح 27 صفر 1387هـ / 5 حزيران 1967م واستهدفوا المطاراتِ بغاراتٍ خاطفة وما هي إلا ساعة، وغدا الطيرانُ المصري مشلولًا عاجزًا! وجاءت الأوامرُ بالانسحابِ من سيناء، وكان الطيرانُ الإسرائيلي يتصيَّد المنسحبين، وطلبت مصرُ وقف إطلاق النار، وتوقَّفت الحربُ على الجبهة المصرية بعد أن خَسِرَت مصر غزة وسيناء، ودُمِّر ثمانون بالمائة من أسطولها الجوي الذي استغرق بناؤه نحو 15 سنة، ثم التفَّتْ إسرائيلُ على الجبهة الأردنية التي كانت هادئة، فاحتلَّت الضفةَ الغربية، ثم طَلَبت الأردن وقفَ إطلاق النار، فكان ذلك، فاتجَهت إسرائيلُ إلى الجبهة السورية فسقطت الجولان بأيدي اليهود، وتصيَّد اليهودُ الذين انسحبوا بشكلٍ عشوائي، واحتلَّت إسرائيلُ القنيطرة، وتوقَّف القتال، وانتصرت إسرائيلُ على الجبهات الثلاث واحدةً تِلوَ الأخرى!! وتُعرَفُ هذه الحرب في كلٍّ من سوريا والأردن باسمِ نكسة حزيران، وفي مِصرَ باسم نكسة 67، وتسمَّى في إسرائيل "حرب الأيَّام السِّتة".
تمَّ خِلالُ مؤتمر الخرطوم وضعُ وإقرارُ مبادئ تنسيق الدول العربية, وخاصةً فيما يخصُّ التسوية في الشرق الأوسط. وُضِعَت في الخرطومِ صيغةُ اللاءات الثلاث المعروفة، والمعبِّرة عن الموقف العربي المشتركِ حيال إسرائيل "لا صُلحَ, لا مفاوضاتِ, لا اعتِرافَ", والتي تمسَّكت بها طوالَ السنوات اللاحقة جميعُ الدول العربية إلى أن خَرَقَت مصرُ في عهدِ السادات هذا الإجماعَ بعقدِ صُلحٍ منفردٍ ومباشِرٍ مع إسرائيل
هو المشيرُ محمد عبد الحكيم بن علي عامر، وُلِدَ في 11 ديسمبر 1919م في قرية أسطال مركز سمالوط بمحافظة المنيا في أسرةٍ ثرية، وكان والِدُه عمدةَ القرية، ويُعدُّ المشير أحد رجال ثورة يوليو عام 1952م في مصر. وكان صديقًا مقربًا للرئيس جمال عبد الناصر، ورئيسِ المخابرات صلاح نصر، ووزيرِ الحربية شمس بدران حتى حرب 1967. وقائدًا عامًّا للقوات المسلحة المصرية، ونائِبَ رئيس الجمهورية. تخرَّج عامر من الكلية الحربية عام 1939، وشارك في حرب 1948 في نفس وَحدة جمال عبد الناصر. لعِبَ عامر دورًا كبيرًا في القيام بالثورة عام 1952, وفي العام التالي للثورة، وفي عام 1954 تولى وزارة الحربية، ثمَّ تمَّ ترقيتُه من رتبة صاغ (رائد) إلى رتبة لواء متخطيًا ثلاث رتب، وأصبح رئيسًا للأركان. وقاد القواتِ المصريَّةَ والمقاوَمةَ في حرب العدوان الثلاثي عام 1956، وبعد الوحدة مع سوريا عام 1958 أصبح القائِدَ الأعلى للقوات المشتركة. وفي عام 1964 أصبح نائبًا أوَّلَ لرئيس الجمهورية. فَسَدَت العلاقةُ بين الرئيس عبد الناصر والمشير عامر على نحوٍ سريع عقب حرب 1967 بعد إصدار الرئيس عبد الناصر قرارًا بتنحيةِ عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش، وتعيينه نائبًا لرئيس الجمهورية، وهو القرارُ الذي رفضه عامر بشدَّة، فوُضِعَ قَيدَ الإقامةِ الجبرية في منزله، حتى مات فيه، قيل مسمومًا وقيل منتحرًا.
كان اليمنُ الجنوبي يمثِّل مجموعةً من المحميات الخاضعة للاحتلال البريطاني، وتنقَسِمُ إلى محميَّات غربية عاصمتها عدن، ومحميَّات شرقية عاصمتها المكلا، وفي حوالي سنة 1960م بدأ يظهرُ حزبُ البعث العربي الاشتراكي باليَمَن الجنوبي متأثرًا بالمدِّ الاشتراكي القومي العربي: مذهبِ جمال عبد الناصر! وتوسَّع في صفوفِ العُمَّال العَدَنيين، وكان يطالِبُ بالاستقلال التام، وبدأ يَقوَى حتى اجتاح البلادَ بالمظاهراتِ والاصطداماتِ مع القوى البريطانية، ثمَّ بعد سنة ونصف انفجرت الثورةُ في اليمن الشمالي وتَبِعَها اليمنُ الجنوبي؛ فقامت المظاهراتُ الدامية في عَدَن، وبدأت حربُ العصابات في الجبال، وعَقَدت بريطانيا مؤتمرًا في لندن سنة 1964م لحكَّام الجنوب، فرفضت المعارضةُ الحضور، فقرَّر المؤتمرُ تحديدَ موعد الاستقلال في سنة 1968م، وتطوير نطام الحُكم، والسماح للأحرار بالعودة للبلاد، ولكِنْ بسبب تزايُد حدة الاضطرابات قُدِّم الموعِدُ إلى 20 نوفمبر 1967م، وأُعلِنَت فيه جمهوريةُ اليمن الجنوبية الشعبية، وكانت هناك جبهتان، هما: جبهةُ تحرير الجنوب العربيِّ التي قامت على أساسِ حِزبِ البعث الاشتراكي، وجبهةٌ قوميَّةٌ ذاتُ ميول وطنية تطالِبُ باستقلال اليمن وتوحيدِه، وتنافست الجبهتانِ على قيادة الحركة الوطنية والثورة، وانتصرت الجبهةُ القومية، واستطاعت بعد معارِكَ دامية أن تَكونَ القوةَ الشعبيَّةَ الأولى والوحيدةَ في البلاد، وفاوض الإنجليزُ رئيسَها قحطان الشعبي الذي أصبح فيما بعدُ رئيسًا للجمهورية، وانسحبت بريطانيا عن اليمن بعد تدخُّل كلٍّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وتمَّ الجلاء عن القواعد العسكرية من بحريةٍ وجوية، وتسليم كافة الجُزُر للجنوبيين. وبعد انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن حدثت تحوُّلاتٌ اجتماعية متأثِّرةً بالمد الماركسي، فاضطرَّ كثيرٌ من أُسَرِ اليمن الجنوبي إلى الهرب إلى السعودية حتى قبل إعلان الاستقلال.
أصدر مجلسُ الأمن الدولي في 22 نوفمبر قرارًا برقم 242 وذلك في أعقاب نكسة حزيران 67 التي أسفرت عن هزيمة الجيوشِ العربيَّة، واحتلال إسرائيل لمناطِقَ عربية جديدة، وقد جاء هذا القرار كحَلٍّ وسطٍ بين عدة مشاريع طُرِحَت للنقاش بعد الحرب. تضمَّن القرار في مادته الأولى في (الفقرة أ) انسحابَ القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتُلَّت في النزاع الأخير، وإنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنًا بإسرائيلَ دون ربط ذلك بحلِّ قضية فلسطين التي اعتبرها القرارُ مشكلة لاجئين. ويشكِّلُ هذا القرار منذ صدوره أساسَ كل مشاريع السَّلام والمساعي الدولية العربية؛ لإيجادِ حَلٍّ للصراع العربي الإسرائيلي! فقد اعتمدت عليه المعاهدةُ المصرية الإسرائيلية (اتفاقية كامب ديفيد) وما بعدها.
كان الفلسطينيون يشكِّلون نسبةً عاليةً من تَعداد سكان الأردن في تلك الفترة، يتمركزون في بلدة الكرامة على الجانب الأردني، وكانوا قد استهدفوا إسرائيلَ مرارًا عبر هَجَمات خلال الحدودِ مِن قِبَل الفدائيين الفلسطينيين. وكرَدِّ فعلٍ على مجموعةٍ من الهجمات التي صدرت من جانب حدود الأردن قام جيشُ الدفاع الإسرائيلي باجتياح بلدة الكرامة في 21 مارس، وقد أعلن رئيسُ الوزراء الإسرائيلي ليفي إشكول في حينها أنَّ الهدفَ من العملية هو منعُ موجة جديدة من الإرهاب؛ فقُتِلَ في ذلك الاجتياح 128 فلسطينيًّا، وقيل 170. وكاد الإسرائيليون أن ينتصروا ويُكمِلوا اجتياحهم لولا تدخُّل الجيش الأردني بقيادة "مشهور حديثة" فقامت معركة كبيرةٌ بين الجيشين عُرِفَت باسم معركة الكرامة. قُتِلَ في المعركة 250 جندي إسرائيلي وجُرح 450، كما فقد جيشُ الدفاع الإسرائيلي مئات الآليات. وقُتِل من جانب الجيش الأردني 60 جنديًّا. وصُنِّف هذا النصرُ على أنَّه أول انتصار لجيش عربي على إسرائيل.
دعت الحُكومةُ الأندونيسيَّةُ إلى عقدِ مؤتمر للأديان في جاكرتا عام 1387هـ / 1967م فلبَّى الدعوةَ مَن وُجِّهت إليهم، وعُقِدَ المؤتمر في دار المجلس الاستشاري الأعلى ووجَّه فيه الرئيسُ سوهارتو نداءً إلى أتباع الأديان؛ كي يركِّزَ كُلٌّ منهم اهتمامَه التامَّ على مهمة تصعيد مستوى الوعيِ الدينيِّ في أبناء طائفته، وأن يحرصوا على الحيلولة دونَ أن تُحِسَّ طائفة من الطوائف أنَّها مُعَرَّضة لدعايات طائفة أخرى ومُستهدَفة لنشاطها، وقدَّم الجانبُ الإسلامي في المؤتمر أسلوبًا للتراضي، وقد صِيغَ في مشروع ميثاق بين الأديان ملبيًّا نداءَ الرئيس سوهارتو، ولكِنَّ الجانب النصراني -سواء كان الكاثوليكي أو البروتستانتي- قد قابل ذلك المشروعَ بالرَّفض التام، على الرغم من أنَّ النصارى أقلِّيَّة وقد سُوُّوا بالأكثرية المُطلَقة!