لما وقعت البيعةُ للمأمون عبد الله بن المنصور أحمد السعدي العام الماضي وتكاملَ أمرُها، ثار الرئيس أبو سليمان داود بن عبد المؤمن ابن السلطان محمد الشيخ، وهو ابن أخي المنصور، وفرَّ إلى جبل سكسيوة وشقَّ عصا الطاعة ودعا إلى نفسه، فانثالت عليه أوشابٌ من البربر وغيرهم، ونجَمَ أمرُه وأثَّرت في أذن الرعية جعجعتُه، فبعث إليه المنصور قائدَه الزعيم أبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن بجة، فناوشه القتال بجبل سكسيوة، فهزمه وفرَّ إلى جبل هوزالة، فتحزبوا عليه وقَوِيَت بهم شوكته، وأخذ يشنُّ لهم الغارات على أهل درعة إلى أن ضاقوا به ذرعًا، فشكَوا أمره إلى المنصور، فبعث إليه قائده الذي ذُكِرَ فلم يزَلْ في مقابلته ومقاتلته إلى أن شرَّده عن جبل هوزالة، ففرَّ داود منه إلى الصحراء واستقرَّ به الرحيل بها عند عرب الودايا من بني معقل، فلم يزل عندهم إلى أن هلك، وكُفِيَ المنصورُ أمرَه.
في الوقتِ الذي نجح فيه ابنُ رشيد في بسطِ نفوذِه ليشمَلَ بلادَ الوشم وسدير كان محمدُ بن سعود ينازِعُ عَمَّه الإمامَ عبد الله على الحُكمِ، بحُجَّةِ أنَّه الوريثُ الشرعيُّ لوالِدِه، فدارت بينهما عدةُ معارك انتهت في هذه السنة بتغَلُّبِ أبناء سعود على عَمِّهم عبد الله، ودخلوا الرياض واعتقلوا عمَّهم عبد الله وسَجَنوه.
هو أميرُ المُسلِمينَ تاشفينُ بنُ علي بن يوسف بن تاشفين صاحِبُ المَغرِب، وكانت وِلايتُه تزيد على أربعِ سِنينَ، تولَّى تاشفين غَزْوَ الأسبان أيامَ أبيه فافتتَحَ عِدَّةَ حُصونٍ، ولَمَّا توفِّيَ أبوه بويعَ له بالعَهدِ، وكان عبدُ المؤمن أميرُ الموحِّدينَ قد توغَّلَ بالمغرب فقاتَلَه تاشفين فكانت أيَّامُه حروبًا كُلُّها هزائِمُ وكان مَوتُه في إحدى المعارك، حيث كان فارًّا بفَرَسِه الذي كبا به فخَرَّ على وَجْهِه مَيتًا، وقيلَ إنَّ تاشفين قَصَدَ حِصنًا هناك على رابيةٍ، وله فيه بُستانٌ كبيرٌ فيه مِن كُلِّ الثِّمارِ، فاتَّفَق أنَّ عُمَرَ الهنتاتي، مُقَدَّم عَسكَرِ عبدِ المؤمن، سَيَّرَ سَريَّةً إلى الحِصنِ، يُعلِمُهم بضَعفِ مَن فيه، ولم يَعلَموا أنَّ تاشفين فيه، فألقَوا النَّارَ في بابه فاحتَرَق، فأراد تاشفين الهَرَب، فرَكِبَ فَرَسَه، فوَثَب الفَرَسُ من داخِلِ الحِصنِ إلى خارِجِ السور، فسَقَطَ في النار، فأُخِذَ تاشفين، وأرادوا حمَلْهَ إلى عبدِ المؤمن، فمات في الحالِ لأنَّ رَقَبَتَه كانت قد اندَقَّت، فصُلِبَ، وقُتِلَ كُلُّ مَن مَعه، وتفَرَّقَ عَسكَرُه ولم يَعُدْ لهم جماعةٌ، وكانت مُدَّةُ ولايتِه سنتين وشهرين وخَلَفه أخوه إسحاقُ بنُ عليٍّ، وكان صَبِيًّا, فضَعُفَ أمرُ المُلَثَّمينَ، وقَوِيَ عبدُ المؤمن.
تطَلَّع الإمامُ تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود إلى ضَمِّ الأحساء التي استعادها بنو خالد بعد سقوطِ الدرعية، وأراد التخلص من تهديدهم لدولته، فأمر عمر بن محمد بن عفيصان فغزاها فرَدَّ عليه أحدُ زعماء بني خالد بغزوِ بلدة حرمة بنجد. ولكنَّ الدائرةَ دارت على بني خالد ودخل الإمامُ تركي الأحساء دون قتالٍ، بعد هروب بني خالد منها، وقد وفد زعماءُ القطيف على الإمام وبايعوه على السَّمعِ والطاعة، وبهذا رجَعَت الأحساءُ مرة أخرى للدولة السعودية، وغادرها الإمام تركي تاركًا فيها عمر بن محمد بن عفيصان أميرًا عليها، وعبد الله الوهيبي قاضيًا لها.
هو السلطانُ العثماني عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث، ولِدَ سنة 1137هـ تولى الحكمَ عام 1187هـ/1773م بعد وفاة أخيه مصطفى الثالث، وكان محجوزًا في قصرِه مدَّةَ حكم أخيه مصطفى الثالث، استطاعت روسيا في عهدِه أن تحقِّقَ نصرًا على العثمانيين في معاهدة كيتشوك كاينارجي، وطلب الصدرُ الأعظمُ الصلحَ والمفاوضة، وتمَّ ذلك في مدينة قاينارجة في بلغاريا على البحر الأسود عام 1187هـ. في هذه الظروفِ الحَرِجة توفِّي السلطان عبد الحميد الأول، ووهنت عزيمةُ الجند ودخل اليأسُ قلوبَهم، واستغَلَّ الأعداء ما حدث وتضافرت جهودُهم لإضعافِ العثمانيين، وتمكَّنوا من النصر؛ ففي 31 تموز و22 أيلول عام 1789م استولى الروس على مدينة بندر الحصينة واحتلُّوا معظم الفلاخ والبغدان وبسارابيا، ودخل النمساويون بلغراد وبلاد الصرب التي رُدَّت بعد ذلك للعثمانيين بمقتضى معاهدة زشتوي. توفِّيَ السلطان عبد الحميد الأول متأثرًا بنزيفٍ في المخِّ بعد سماعه خبرَ سقوطِ قلعة أوزي بيد الروسِ وذبح أهلها بطريقةٍ بشعة، دام في الحُكمِ خمسة عشر عامًا وعدة أشهر، وتولى بعده ابنُ أخيه سليم الثالث بن مصطفى الثالث، ويعتبرُ هذا السلطانُ هو أولَ سلاطين عصر الانحطاط، ثمَّ استمَرَّت السلطنةُ في سلالة السلطان عبد الحميد الأول إلى نهايةِ الدولة.
في محرم خرج من مدينة بجاية بإفريقية أبو الحسن علي ابن السلطان أبى فارس عبد العزيز ملك الحفصيين، حتى نزل على قسنطينة، وحصرها، ثم في شهر صفر سار أبو عمرو عثمان بن أبي عبد الله محمد ابن السلطان أبى فارس عبد العزيز من مدينة تونس يريد قسنطينة؛ لقتال عمه أبي الحسن علي.
قَدِمَ رئيس الدلم زيدُ بن زامل ومعه أناسٌ من أعيان قومِه على الإمام عبد العزيز في الدرعية فجأةً، فبايعوا على الإسلامِ والسمع والطاعة، والالتزام بإقامة الشريعة في بلادِهم، فطلب منه عبد العزيز أنواعًا من السلاح والخيل, فلما أرسله أخذ عبد العزيز البعضَ منه وردَّ له البعض الآخرَ ترغيبًا له وتأليفًا. لكنَّه نقض العهدَ في السنة التالية.
بِمُجَرَّد وَفاةِ مُعاوِيَة بن أبي سُفيان سارَع زُعماءُ الكوفَة بالكِتابةِ إلى الحُسين بن عَلِيٍّ رضي الله عنه، وطلبوا منه المَسيرَ إليهم على وَجْهِ السُّرعةِ, فلمَّا تَواتَرت الكُتُبُ إليه مِن جِهَةِ أهل العِراق, وتَكرَّرت الرُّسُلُ بينهم وبينه, وجاءَهُ كِتابُ مُسلِم بن عَقِيلَ بالقُدومِ عليه بأَهْلِه, ثمَّ وقَع في غُبونِ ذلك ما وقَع مِن قَتْلِ مُسلمِ بن عَقِيلَ والحُسينُ لا يَعلَم بشيء مِن ذلك, فعزَم على المَسيرِ إليهم, والقُدومِ عليهم, فاتَّفَق خُروجُه مِن مكَّة أيَّام التَّرويَةِ قبلَ مَقتَلِ مُسلِم بيومٍ واحدٍ, فإنَّ مُسلِمًا قُتِلَ يومَ عَرفَة, ولمَّا اسْتَشعر النَّاسُ خُروجَه أشْفَقوا عليه مِن ذلك, وحَذَّروهُ منه, وأشار عليه ذوو الرَّأي منهم والمَحَبَّةِ له بعَدمِ الخُروجِ إلى العِراق, وأَمَروهُ بالمُقامِ بمكَّة, وذَكَّروهُ ما جَرى لأبيه وأخيه معهم, وكان ممَّن نَهاهُ عن الخُروجِ عبدُ الله بن عبَّاس، وعبدُ الله بن عُمَر، وعبدُ الله بن الزُّبيرِ، وأبو سعيدٍ الخُدريُّ, إلَّا أنَّه أَصَرَّ على الخُروجِ إلى الكوفَة.
بعدَ أن تَفَشَّت الخَوارِج في المَغرِب وهُم الصُّفْرِيَّة وَلَّوْا عليهم مَيسرَة المدغري المعروف بِمَيسرَة الحَقير، فأَعلَن الثَّورَةَ على عُبيدِالله بن الحَبْحاب فاستولى على طَنجَة وقَتَل عامِلَها عُمَرَ بن عبدِ الله المُرادي ووَلَّى عبدَ الأعلى الرُّومي، فتَوَجَّه الأَخيرُ إلى السُّوس لِقِتال إسماعيل بن عُبيدِ الله بن الحَبْحاب، وكان أَبُوه وَلَّاه على السُّوس، وقُتِلَ في المعركة عبدُ الأعلى فسَيَّرَ مَيسرَة لِقِتالِ إسماعيل على رَأسِ جَيشٍ مِن البَرْبَر فقاتَلوا وقَتَلوا إسماعيل، فوَجَّه عُبيدُ الله بن الحَبْحاب جَيشًا بِقِيادَة خالد بن أبي عُبيدَة الفِهري لِقِتالِ مَيسرَة فتَحاجَز الفَريقان وعاد مَيسرَةُ إلى طَنجَة فنَقِمَ عليه البَرْبَرُ وقَتَلوه ووَلَّوْا عليهم خالدَ بن حُميد الزَّناتي فالْتَقى جَيشُ البَرْبَر مع جَيشِ خالد الفِهري بالقُربِ مِن طَنجَة فكانت مَعركةً ضارِيةً شَديدةً كانت نَتيجَتُها هَزيمةَ جَيشِ خالد الفِهري وقَتْلَ الكَثيرِ منهم، وسُمِّيَت وَقعةَ الأَشراف لِكَثَرةِ الأشراف في جَيشِ خالد الفِهري والذين قُتِلَ الكَثيرُ منهم.
هو ضيدان بن خالد بن فيصل بن حزام بن مانع آل حثلين، شيخ قبيلة العجمان، ومن قادة الإخوان (إخوان من طاع الله) الذين شاركوا مع الملك عبد العزيز في نشرِ الدعوة وتوحيد البلاد. إلا أنه اختلف معه حولَ استخدام المخترعات الحديثة، كالهاتف والبرقيات، ومرونتِه في التعامُل مع دول وفئات يرى ابن حثلين أنَّه من الخطأ التعامُلُ معهم؛ لانحرافهم عن الدينِ الصَّحيحِ، وقد انضَمَّ ابن حثلين مع زعماء الإخوان فيصل الدويش، وسلطان بن بجاد، وأعلنوا انشقاقَهم على الملك، وزاد من حِدَّة خلاف ضيدان مع الملك عبد العزيز منعُه من شَنِّ غارات على بادية العراق. إلَّا أن ضيدان مع ذلك لم يشارِكْ زعماء الإخوان في معركة السبلة، وكان في هجرة الصرار على مقربة من الأحساء، فلما دعاه عبد الله بن جلوي أمير الأحساء لمقابلته امتنع، فوجه إليه ابنَه فهدًا، فتقابلا في العوينة وقُتِلَ ضيدان في خيمة فهد ابن جلوي الذي قَتَل أحد العجمان بعد قَتْلِه لضيدان، وتولى زعامة العجمان بعد ضيدان ابنُ عمه نايف بن حثلين.
هو محمد عبد الله حسن نور صومالي، قاد الجهاد ضِدَّ الاحتلال الإنجليزي والإيطالي والأثيوبي في مطلع القرنِ العشرينَ، وُلِدَ سنة 1856م، سماه الإنجليز «الملا المجنون» عندما واجه الاستعمارين البريطاني والإيطالي، واستطاع أن يقاوم المستعمرين لمدة عشرين عامًا، كبَّدهم أثناءها الخسائِرَ الفادحة، وانتزع حقَّ السيادة على مناطِقَ عديدة، خاض محمد بن عبد الله 270 موقعة في الجهاد ضدَّ البريطانيين انتصر في معظمها. في العام 1920م تعرض محمد بن عبد الله لقصف من الطيران البريطاني استهدف مواقِعَهم في مدينة جالكاسيو غرب الصومال، فاستطاع أن يصِلَ إلى أثيوبيا ثم توفِّيَ فيها.
وُلِد الأميرُ مِتْعِب بنِ عبد العزيز آل سُعودٍ في مدينة الرِّياض عامَ 1350 هـ، وهو الابنُ السابعَ عشَرَ مِن أبناء الملك عبْد العزيز الذُّكور. والدتُه الأميرةُ شهيدة، وهي والدةُ الأميرَينِ: منصور، ومِشْعل، درَس في «معهد الأنجال»، ثم درَس البكالوريوس في جامعةِ كاليفورنيا بأمريكا في العُلوم السِّياسية، وتخرَّج فيها عامَ 1372هـ، وكان وزيرًا سابقًا للشُّؤون البَلَدية والقرويَّةِ.
تُوفِّي رحمه الله بعْد مُعاناتِه مع المرض عن عُمرٍ يُناهزُ 88 عامًا، وصُلِّيَ عليه في جامعِ الإمام تُرْكي بن عبد الله بالرِّياض، ثم نُقِل جُثمانه إلى مكَّةَ المكرَّمةِ، حيث صُلِّي عليه في المسجد الحرامِ ودُفِن بمَقبرةِ العدل.
هو الأميرُ أبو حفص عمر بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص ملك تونس. لمَّا استقر لأبي حفص المُلك بتونس بعد قتله أحمد بن مرزوق بن أبي عمار الذي ادَّعى أنه الفضل بن أمير المؤمنين الواثقِ بالله يحي بن محمد بن أبي زكريا. تلقَّب أبو حفص بالمستنصِر بالله أمير المؤمنين، وهو المستنصِرُ الثاني، ولما استقَرَّ في المملكة سار ابنُ أخيه يحيى بن إبراهيم بن أبي زكريا الذي سَلِمَ من المعركة إلى بجاية، وملَكَها وتلقَّب بالمنتخب لإحياءِ دين الله، أمير المؤمنين، واستمَرَّ المستنصر الثاني أبو حَفص عمرُ بن أبي زكريا في مملكتِه حتى توفي، وفي أوائِلِ المحرم سنة 695، ولما اشتَدَّ مَرَضُه بايع لابنٍ له صغيرٍ، فاجتمَعَت الفُقَهاءُ، وقالوا له: أنت صائرٌ إلى الله، وتوليةُ مثل هذا لا يحِلُّ، فأبطل بيعَتَه، وأخرج ولَدَ الواثِقِ المخلوعَ، الذي كان صغيرًا وسَلِمَ من الذبح، الملَقَّب بأبي عصيدة، وهو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وبويع صبيحةَ مَوتِ أبي حفص عمر الملقَّب بالمستنصر, وكانت وفاة أبي حفص ليلة الجمعة رابع عِشْري ذي الحجة، وكانت مدَّةُ حُكمِه إحدى عشرة سنة وثمانية أشهر.
هو الأميرُ ثويني بن عبد الله بن محمد بن مانع آل شبيب، من فرع آل شبيب رئيس المنتفق، خَلَف والدَه في رئاسة المنتفق في العراق سنة 1175هـ وهو صغير السن، واستفرد بزعامة المنتفق بعد مقتلِ ابنِ عمِّه ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع سنة 1193هـ / 1779م. احتلَّ البصرة سنة 1202ه فحكمها مستقلًّا ثلاث سنوات، التجأ ثويني إلى الدرعية مستنصرًا بحاكِمِها الإمامِ عبد العزيز ليستعيدَ رئاسته للمنتفق، فقدَّم له الإمام العونَ والمدد، ثم حاول غزوَ الدرعيةِ مرَّتين، وقُتِل اثناء الحملة الثانية.
هو السلطان أبو عبد الله محمد بن محمد شيخ الوطاسي المعروف بالبرتغالي، صاحب المغرب، وقع في الأسر عند البرتغاليين مدةً من الزمن وهو صغير السن؛ ولذلك لقِّب بالبرتغالي, تولى السلطنة بعد والده محمد شيخ، وقد انشغل بجهاد البرتغاليين, وبعد وفاته تولى أخوه أبو الحسن علي بن محمد الثاني الملقب أبو حسون، فقام أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد بخلع عمه أبي حسون.