الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.002 )

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

كان لواء إسكندرون ضِمنَ المناطق الزرقاء التي تشمل سواحل بلاد الشام الشمالية، والتي أعطتها معاهدةُ سايكس بيكو إلى فرنسا، وكانت كذلك كيليكيا بيد فرنسا، فرغبت أن يكون لها قناة تواصُل مع الأتراك، كما للإنجليز فأعطت فرنسا -بعد مفاوضات- كيليكيا لتركيا، ورسمت الحدودَ بين سوريا وتركيا؛ حيث كان لواء إسكندرون في الأرض الشامية، ورَغِبَ مصطفى كمال في إظهار الإخلاص لأمَّتِه، فرفع طلبًا للأمم المتحدة لحَلِّ النزاع القائم بين سوريا ممثلةً بفرنسا، وبين تركيا؛ وذلك أن فرنسا تحتَلُّ لواء إسكندرون وأكثر سكانه من الأتراك، فاستجابت عصبةُ الأمم فأرسلت لجنة إلى إسكندرون، وأجرت الاستفتاءَ واتصلت بالسكَّان، وتعرفت على رغباتِهم، ومع أنَّ الاستفتاء أظهر أن نسبة الأتراك لا تزيد عن 35 % من السكَّان في اللواء إلا أنَّها أوصت بضَمِّه إلى تركيا، فتنازلت فرنسا عنه لصالح تركيا، وهو نوع من المداهنة الدولية لكسب تركيا في طرف الحُلَفاء وسَحْبِها إليهم بدَلَ أن تبقى في طرف الخصم ألمانيا، وأعطيَ اللواء استقلالًا ذاتيًّا من فرنسا وجُعِلَ تحت النفوذ التركي في 7 شوال 29 نوفمبر وأسمى الأتراكُ اللواءَ باسمِ هاتاي.

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بتسعة أشهر أعلنت إيطاليا ضمَّ طرابلس وبرقة إلى ليبيا سابقًا (ليبيا بالأصل تُطلَق على الصحراء التي تقع غربَ نهر النيل وجنوب برقة وطرابلس) ومنحت للسكَّان الجنسية الإيطالية، وألزمَتْهم تعلُّمَ اللغة الإيطالية، ومن عارضها هتكت عِرْضَه، وألقت كثيرًا من الناسِ مِن الطائرة وهم أحياء، إلى غير ذلك من الأعمال الوحشية.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ غازي بن فيصل بن الشريف حسين الهاشمي ثاني ملوكِ العراق. ولِدَ سنة 1333هـ / 1912م في مكة التي كانت واقعةً ضِمنَ ممالك وولايات الدولة العثمانية، وهو الابنُ الوحيد للملك فيصل الأول الذي كان له 3 بنات. عاش في كنَفِ جَدِّه حسين بن علي شريف مكة قائد الثورة العربية المنادي لاستقلال العرب من الأتراك العثمانيين، مناديًا بعودة الخلافة للعرب. أرسله والِدُه الملك فيصل الأول إلى كلية هارو في إنجلترا سنة 1927ه، فدرس فيها سنتين، وعاد إلى بغداد فتخرَّج بالمدرسة العسكرية، وكان مُولعًا بالرياضة والصيد. سمِّيَ وليًّا للعهد عام 1924م، وناب عن والِدِه في تصريف شؤون الملك سنة 1933م، فحَدَثت فتنة "الآشوريين" وأبوه في انجلترا، فكان موقِفُه فيها حازمًا. تولى الحكم وهو شاب يبلغُ حوالي 23 عامًا، ثم ملكًا لعرش العراق عام 1933م بعد وفاة والده؛ لذا كان بحاجة للخبرة السياسية التي استعاض عنها بمجموعة من المستشارين من الضباط والساسة الوطنيين. كان الملك غازي ذا ميول قومية عربية. ناهضَ النفوذَ البريطاني في العراق واعتبرَه عقبةً لبناء الدولة العراقية الفتيَّة وتنميتها، كما اعتبره المسؤول عن نهب ثرواته النفطية والآثار المكتَشَفة حديثًا؛ لذلك ظهرت في عهدِه بوادر التقارب مع حكومة هتلر قبل الحرب العالمية الثانية. وشهد عهده صراعًا بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى تيارينِ مُتنازِعَينِ داخِلَ الوزارة العراقية: تيار مؤيد للنفوذ البريطاني، وتيار وطني ينادي بالتحَرُّر من ذلك النفوذ؛ حيث كان كلُّ طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق. فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهِضِ للهيمنة البريطانية؛ حيث ساند انقلابَ بكر صدقي وهو أوَّلُ انقلاب عسكري في العالم العربي. كما قرَّب الساسةَ والضباط الوطنيين إلى البلاط الملكي، فعَيَّن الشخصية الوطنية المعروفة معالي رشيد عالي الكيلاني باشا رئيسًا للديوان الملكي, ونادى بتحرُّر الأقاليم والولايات العربية المحتلة التي كانت متوحِّدةً تحت الحكم العثماني، ودعا إلى إعادة توحيدِها تحت ظلِّ دولة عربية واحدة، ومن هنا ظهرت دعوته لتحرير الكويت من الوصاية البريطانية، وتوحيدها مع العراق والإمارات الشرقية لِنَجدٍ؛ حيث قام بتأسيسِ إذاعة خاصة به في قصره الملكي؛ قصر الزهور، وأعَدَّ البرامج الخاصة بتحرير ووحدة الأقاليم العربية، ومنها توحيد الكويت بالعراق، والوقوف إلى جانب فلسطين التي كانت تحت الاحتلالِ البريطاني، والتي كانت في حالة حرب داخلية؛ بسبب تعرُّضِها لهجرات واسعة من المستوطنين اليهود مِن كافة أرجاء العالم، ووقوف القوى الفلسطينية بوجهِ هذه الهجرات. فوقف إلى جانب قادة الثورة الفلسطينية، كعز الدين القسَّام، وغسان كنفاني، ومفتي القدس الشيخ عبد القادر الحسيني، وفي الثاني من شهر صفر 4 نيسان قُتِلَ الملك غازي بن فيصل في حادث سيارة كان يقودُها بنفسه حيث اصطدم بعمود الهاتف الممغنط الذي جذبَها نحوه، ويبدو أن الأمرَ ليس طبيعيًّا، ولعلَّ الأمر مدَبَّر، كذلك وجود جروح خلفَ رأس الملك غازي بمكانِ وجود المُرافق أمرٌ مشكوك فيه؛ لأنَّه لم يكن مَرضيًّا عنه من قِبَل إنجلترا، ثم اجتمع مجلس الوزراء بعد مقتله وأعلن تنصيبَ ولي العهد الأمير فيصل بن الملك غازي ملكًا على العراق باسم فيصل الثاني، ووُضِعَ عبد الإله بن علي بن الحسين، وهو خال الملك غازي وصيًّا على الملك الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، وكانت الملِكة عالية زوجة الملك غازي قد أدلت بشهادتها أمام المجلِسِ بأن زوجها الملك غازي أوصاها في حالة وفاته بتسميةِ الأمير عبد الإله -شقيقها- وصيًّا على ابنها فيصل، ثم تُوِّجَ رسميًّا في شعبان من عام 1372هـ / 2 أيار 1953م حيث بلغ سن الرشد ورفعت وصاية خاله عليه.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

في الثامن من ربيع الأول 18 إبريل وصل الملك عبد العزيز إلى الظهران، وأمضى يومين في استعراضِ مُنشآت النفط، بين الظهران وميناء رأس تنورة؛ ملازمًا في سيره خط الأنابيب، مُتَّبعًا مسيل الزيت من مكانِ خروجه إلى مكان انصبابه في الباخرة، وفي 11ربيع الأول صَعِدَ الباخرة في رأس تنورة، وافتتح مجرى انتقال الزيت إليها، فاندفع ما زِنَتُه عشرة آلاف طن، هي الحمولة التجارية الأولى، في أول باخرة شَحَنت شحنةً كاملة كأول تصدير نفطي غزير من بلاد المملكة العربية السعودية.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

حربٌ كونيَّةٌ مُدَمِّرة شاركت فيها معظَمُ دول العالم، استمَرَّت ست سنوات من 1 سبتمبر 1939م إلى 2 سبتمبر 1945م انطلقت شرارةُ هذه الحرب مع هجومِ ألمانيا على بولونيا في 17 رجب 1358هـ/ 1 سبتمبر 1939م؛ ليتسع ذلك الخلاف بإعلانِ كُلٍّ مِن فرنسا وإنجلترا الحربَ على ألمانيا، ثم تشكَّلَ طرفا النزاع من حِلْفَين: الأول دُولُ الحُلَفاء على رأسِها كُلٌّ من بريطانيا وفرنسا وروسيا الشيوعية، ثم انضمَّت إليهم أمريكا وغيرها من دول أوربية أخرى، والطرف الثاني دُوَل المحور وأبرز من يمثِّلُها ألمانيا النازية بقيادة هتلر، وإيطاليا الفاشية بقيادة موسوليني، والنمسا واليابان ومن التحق بهم من دول أخرى أو شعوب تبحث عن الخلاصِ مِن نِيرِ الاستعمار الأوربي، وقد تعددت أسبابُ ومراحل هذه الحرب الكونية التي بدأت بغزو ألمانيا لبولندا، وانتهت بإلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان، وشَمِلَت الحرب معظمَ أراضي القارات الأربع، وشارك فيها أكثر من 100 مليون جندي، وسَخَّرَت الدول الكبرى كلَّ طاقتها الاقتصادية والعسكرية والتقنية والبشرية، كما أسهم استخدامُ سلاح الجو وتطوره المحموم أثناء الحرب بين الدول الكبرى -لتحقيق أكبر قدر من النصر والمكاسب- في مضاعفة الخسائر البشرية والمادية أثناء سنوات الحرب وبعدها؛ حيث بلغت الخسائِرُ في الأرواح أكثر من 60 مليون قتيل، وعشرات الملايين من الجرحى والمشوَّهين والمشرَّدين الذين تم تدمير مدُنِهم بالكامل، ومن أبرز أسباب الحرب: أسبابٌ غيرُ مباشِرة للحرب، منها: 1/ الأزمة الاقتصادية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وما خلَّفَتْه من تدهور لاقتصاديات الدول الأوربية خاصة ألمانيا. 2/ معاهدة فرساي بشروطها القاسية التي استهدفت إضعاف ألمانيا عسكريًّا. 3/ خرق هتلر منذ وصوله إلى السلطة سنة 1933م لشروط فرساي عندما رفع عددَ جنود بلاده عن المتاح له باعتمادِ التجنيد الإجباري، وتطوير عتاده الحربي. 4/ ضمُّ هتلر لعدة مناطق بأوربا، كإقليم السار سنة 1936م، النمسا سنة 1938م. 5/ قيامُ تحالف بين الديكتاتوريات الثلاث ألمانيا وإيطاليا واليابان منذ سنة 1937م؛ لتنفيذ برنامج الحزب النازي. 6/ انسحاب الدول الثلاث ألمانيا وإيطاليا واليابان من عصبة الأمم 7/ توسُّع اليابانية في جنوب شرق آسيا (الصين). وأمَّا الأسبابُ المباشرة فأهمُّها: زيادة توتُّر العلاقة بين ألمانيا وفرنسا بعد عقد الأخيرة تحالفًا عسكريًّا مع الاتحاد السوفييتي والذي اعتبرته ألمانيا موجَّهًا ضِدَّها، فصَمَّم هتلر على استعادة عدة مناطق كانت قد انتُزِعَت منه بدعوى أن أغلبيةَ سكانه ألمان، فأعلنت فرنسا وإنجلترا الحرب على ألمانيا، فتضافرت العوامِلُ غير المباشرة مع المباشرة فاندلعت حربٌ كونية ثانية. وقد مرَّت الحرب في مرحلتين: الأولى: بين عامي 1939م و1942م، وتميَّزت هذه المرحلة باعتماد الحرب الخاطفة وشَمِلَت عدة جبهات في آسيا وأوربا، كالهجوم الإيطالي الألماني على فرنسا واكتساحها وتوقيعها هدنة مع دول المحور، وشَنِّ دُوَل المحور هجومًا جويًّا على المدن الإنجليزية بما فيها لندن، دام ثلاثة أشهر نتج عنه خسائر بشرية ضخمة، واحتلال إيطاليا ألبانيا ويوغسلافيا واليونان ودخولها مصر، لكن الإنجليز تمكَّنوا من طرد الإيطاليين من مصر رغم تركُّز الألمان في عدة مناطق من مصر، والهجوم الألماني على الاتحاد السوفييتي وتدميرها للسلاح الجوي السوفييتي على الأرض ووصول الألمان إلى مشارف موسكو، وعجزهم في التقَدُّم بسبب قساوة المناخ والمقاومة السوفيتية، وخلَّف هذا الهجوم خسائِرَ مادية وبشرية هائلة، والهجوم الياباني على القواعد الأمريكية بالمحيط الهادي عام 1941م، وإعلان روزفلت الحربَ على اليابان, وبفضل اعتماد ألمانيا أسلوبَ الحرب الخاطفة واستعمال دول المحور أسلحة جديدة متطورة جوًّا وبرًّا وبحرًا حققت ألمانيا وحليفاتها انتصارات كبيرة خلال هذه المرحلة. أما المرحلة الثانية من الحرب فقد تميزت بشمولية الحرب لأراضي القارات الأربع، وبحار ومحيطات العالم خاصة بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحربَ، ورغبة كلِّ معسكر في الانتصار؛ فقد انتصر الحلفاء في معركة العَلَمين بمصر عام 1942م, وتقَدَّمت القوات الإنجليزية نحو طرابلس حيث التقت بجيوشِ الحلفاء القادمة من الدار البيضاء، وبالتالي طرد قوات المحور من ليبيا ومصر وتونس سنة 1943م، وانتصار المقاومة السوفييتية في ستالينغراد على ألمانيا، وتحرير الجيش الأحمر للأراضي السوفيتية، وتشكيل التحالف الأكبر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وإنجلترا، وشن هجوم على الألمان حُرِّرَت بموجبه فرنسا وتسلمت ألمانيا، وإعلان الحرب على اليابان، فكثفت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي هجومهما على اليابان برًّا وبحرًا وجوًّا ما بين 1944م و1945م نتج عنه هزائم متتالية لليابان وإغراق 4 حاملات طائرات يابانية، واستعاد الحلفاء عدةَ مناطق في غينيا الجديدة، والفلبين، ولَمَّا رفضت اليابان الاستسلامَ بعد الإنذار الموجَّه لها من الولايات المتحدة تم إلقاءُ قنبلتين ذريتين على هيروشيما في 6 أغسطس، وناجازاكي في 9 أغسطس سنة 1945م ما أسفر عن استسلام اليابان. كان استخدام القنبلة الذرية آخِرَ فَصلٍ من فصول هذه الحرب، وقد ساهم التفوق اللوجستيكي الأمريكي والمقاومة السوفييتية في تغيُّرِ الحرب لصالح الحلفاء، وكان من أبرز نتائج هذه الحرب: تغيُّرُ موازين القوى على الصعيد العالمي، وتغيُّرُ خريطة أوربا حيت توسَّعت مساحةُ عدة دول كبولونيا، بلغاريا، فرنسا، ويوغسلافيا، وكذلك الاتحاد السوفييتي، في حين فقدت دول أخرى جزءًا من أراضيها، كالنمسا، وألمانيا، واليابان، كما تم تقسيمُ ألمانيا إلى أربع مناطِقِ نفوذ خاضعة للدول الأربعة المنتَصِرة في الحرب: إنجلترا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، وبنفس الطريقة قُسِّمَت برلين وفيينا؛ ومن أجل تجاوُزِ مخلَّفات الحرب الضخمة أنشأت الدولُ العظمى أثناء عقد مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945م هيئةَ الأمم المتحدة.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

بعد الأحداثِ التي عرفَتْها الساحةُ السياسية في الجزائر خلال الثلاثينيات، مثل انعقاد المؤتمر الإسلامي 1936، ووصول الجبهة الشعبية إلى الحكم في فرنسا، ثم خيبة أمل الحركة الوطنية الجزائرية في وعود الإصلاحِ مِن طَرَف الجبهة الشعبية ونتيجةً لحلِّ حزب نجم شمال إفريقيا سنة 1937؛ تم إعادة تشكيل حزب وطني جديد من قِبَلِ بعض أعضاء نجم شمال أفريقيا، فكان حزبُ الشعب الجزائري الذي تأسس في مارس 1937 في فرنسا، ويعتبر امتدادًا لحزب نجم شمال إفريقيا ذي الميول الشيوعية، وقد حضر الاجتماعَ التأسيسي أكثَرُ من 300 شخص، وتم انتخابُ مصالي الحاج "ذي الميول الشيوعية" رئيسًا للحزب الذي قرَّر نقل نشاطاته إلى الجزائر بعد عودتِه إليها في 18 جوان 1937، وأصبح حزبُ الشعب منظمةً سياسية قوية، وحركةً وطنية بحتة عُرِفت بقوة التنظيم وبسعة الانتشارِ في كل المدن الجزائرية مستفيدًا من أعضاء نجم شمال إفريقيا السابقين وتجاربهم السياسية، وأصدر حزبُ الشعب عدةَ صُحُف لنشر أفكاره ومبادئه، ومنها صحيفتا الأمة والشعب. ومنذ تأسيس حزب الشعب الجزائري اتخذ شعاره الخاص "لا اندماج، لا انفصال، لكن تحرُّر" في محاولة منه لتجنُّبِ المواجهة المباشِرة مع السلطات الفرنسية، وكان للحزب نشاطٌ سياسيٌ مكثفٌ، لكنَّ السلطات الفرنسية أصدرت قرارًا بحَلِّه.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

بعد أن استقَرَّ الأميرُ إدريس السنوسي في القاهرة أصبحت حركتُه محدودةً بعد أن فَرَض عليه الاحتلالُ البريطاني في مصر عدَمَ الاشتغال بالسياسة، وكان من حينٍ إلى آخر يكتُبُ في الصحف المصرية حولَ قضية بلاده. وعندما اشتعلت الحربُ العالمية الثانية نَشِطَ إدريس السنوسي وعقد اجتماعًا في داره بالإسكندرية حضره ما يقرب من 40 شيخًا من المهاجرين الليبيين، وذلك في 6 رمضان 1359هـ/ 20 أكتوبر 1939م، وانتهى الحاضِرون إلى تفويضِ الأميرِ في أن يقومَ بمفاوضةِ الحكومة المصرية والحكومة البريطانية لتكوينِ جيشٍ سنوسيٍّ يشترِكُ في استرجاع الوطن بمجرَّدِ دُخولِ إيطاليا في الحربِ ضِدَّ الحلفاء. وبدأ الأميرُ في إعداد الجيوش لمساندة الحلفاءِ في الحرب، وأقيم معسكرٌ للتدريب في إمبابة بمصرَ بلغ المتطوعون فيه ما يزيد عن 4 آلاف ليبي، كانوا فيما بعد عونًا كبيرًا للحلفاء في حملاتِهم ضِدَّ قوى "المحور" في شمال إفريقيا، وساهموا مساهمة فعليةً في الحرب، بالإضافة إلى ما قدَّمه المدنيون في ليبيا من خِدماتٍ كبيرةٍ للجيوش المحارِبة ضِدَّ إيطاليا.

العام الهجري : 1359 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1940
تفاصيل الحدث:

كانت إيران قد احتلَّت الأحواز (عربستان) في عهد رضا بهلوي عام 1925 بعد أن منحته بريطانيا هذا الإقليمَ العربيَّ مكافأة له على مساندتِه لها في الحرب العالمية الأولى، وقد بلغ غضبُ الأحوازيين بعد الأوضاع الشاذة التي تعرَّض لها على أيدي السلطات الإيرانية المحتلَّة ذِروتَه هذا العامَ، فأخذ أحرارُ الأحواز يحَرِّضون العشائِرَ على الثورة ورَفْع الذلِّ الذي نكَّس رؤوسَهم طوال هذه السنوات, وغسل عار استعبادهم. وبات البركانُ يغلي، والشعبُ الأحوازي يريد الفرصةَ المواتية له حتى يُظهِرَ استياءَه من الوضع، ويعلِنَ غَضَبَه على التنكيل والتعسُّف اللذين يتعَرَّضُ لهما، والاحتقار والازدراء اللذين يلاقيهما من السلطات العسكرية الفارسية؛ فهو صاحب الأرض، ولكن لا مكان لسكناه، وهو صاحِبُ الخيرات إلا أن الجوعَ نصيبُه, وفي 10 فبراير من هذه السنة تفجَّر بركانُ غضب الأحوازيين، وكانت منطقةُ الميناو محلَّه، وعشائر كعب العربية (حكام الإقليم قبل الاحتلال) هم من فجَّر الثورة بإعلان ثورتِهم على الاستعباد، وغضبِهم على سالبي حريتِهم وكرامتِهم وحقوقِهم، وكان قادةُ هذه الثورة زعماء كعب، ومنهم: حيدر بن طُلَيل، وهو القائد الحقيقي للثورة؛ لذا سمِّيَت باسمه "ثورة الشيخ حيدر"، وطُلَيل تصغيرٌ لطلالٍ. ومن القادة مهدي بن علي بن عمير: رئيس عشيرة كعب منان. ومسلم السلمان: أحد شيوخ كعب آل حاجي. وكاطع الشذر: شيخ طوائف مزرعة العشائر العربية الموجودة في الميناو. وداود الحمود: من شيوخ بني كعب. وأبريج: شيخ خزرج. وكان هدفهم القضاءَ على حاميات الفُرس الموجودة في المنطقة، وقد تمكَّنوا من إزالة تلك الحاميات. وسيطروا على ثكناتِها سيطرةً كاملةً، وقد دامت السيطرةُ العربية مدةً طويلة على المنطقة جاوزت الأربعة أشهر، لكن استطاعت سلطاتُ الفرس الإيرانية بعد ذلك أن تلقيَ القبض على الشيخ حيدر وجماعته، وفورَ اعتقالِهم نُقِلوا إلى منطقة تدعى (قلعة سهر)؛ حيث نُصِبَت لهم محكمةٌ عسكرية قضت بإعدام: حيدر طليل، ومهدي بن علي، وأبريج شيخ خزرج.

العام الهجري : 1359 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1940
تفاصيل الحدث:

كان المسلِمون في الهند قد قدَّموا مشروعاتٍ مِن أجل التقسيم؛ فمنهم من يرى الانقسامَ عن الهندوس، ومنهم من يرى البقاءَ وعدم التقسيم؛ لمصلحة الدعوة والأقليات، وكان محمد إقبال قد دعا إلى تشكيلِ دولة باكستان والانفصال عن الهندوس في 1356هـ، ولكنه توفِّيَ في العام التالي، ثم عُقِد مؤتمر السند الإقليمي للرابطة الإسلامية في كراتشي برئاسة محمد علي جناح، وقرر في شعبان 1357هـ / 10 أكتوبر 1938م أنَّه من الضروري تقسيم الهند إلى اتحادين: اتحاد للدول الإسلامية، وآخر للدول غير الإسلامية، ثم دعا حزب الرابطة إلى عقد مؤتمر في مدينة لاهور، وقد عُقِدَ المؤتمر وأقرَّت اللجنة العاملة للرابطة لعموم الهند في اجتماعها في صفر 1358هـ / 26 مارس 1939م تشكيلَ لجنة لدراسةِ المشروعات المقَدَّمة بشأن التقسيم والدستور، ومسألة حكم الأغلبية، ثمَّ عُقِدت اجتماعاتٌ للَّجنة العاملة ولمجلس الرابطة لعموم الهند في دلهي وجرت دراساتٌ جادة لمسألة تخصيص موطِنٍ منفصل للمسلمين، ثم تمَّ في الاجتماع الذي عقدته اللجنة العاملة في 12 صفر 1359هـ / 21 مارس 1940م تعيينُ لجنة خاصة لصياغة مشروعِ القرار الشهير بقرار لاهور، الذي طُرِحَ بعد يومينِ مِن التعيين المذكور، وفيه أنَّ المسلمين لن يقبَلوا بأيِّ خطة معدَّلة إلا إذا تم وضعُها بموافقتهم وإقرارهم ابتداءً، وأنَّه ما من خطة دستورية يمكِنُ أن تُقبَل إلَّا إذا أُعِدَّت وَفقَ مبادئ جوهرية يراها المسلمون، وفيه مسألةُ الدول المستقلة التي تتمتَّعُ الوحداتُ المكَوِّنة منها لها بحُكمٍ ذاتي وسيادة، وأن يتضَمَّن الدستور ضماناتٍ كافيةً مفوَّضًا بها من أجل الأقليات، وحيث يكون المسلمون أقليَّةً في إقليم يجِبُ أن يحَدَّد في الدستور ضماناتٌ كافية وفعَّالة ومفوَّض بها لحماية حقوقهم ومصالحهم الدينية، وأن يتسلَّمَ كُلُّ إقليم جميعَ السلطات، كالدفاع، والخارجية، والمواصلات، والجمارك، وبقية الأمور الضرورية الأخرى.

العام الهجري : 1359 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1940
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس مؤسِّسُ جمعية العلماء المسلمين بالجزائر. ولِدَ في 11 من ربيع الآخر 1307هـ بمدينة قسنطينة، ونشأ في أسرةٍ كريمة ذات عراقة وثراء، ومشهورة بالعلم والأدب، سافر إلى تونس في سنة 1326هـ وانتسب إلى جامع الزيتونة، وتلقى العلومَ الإسلاميةَ على جماعةٍ مِن أكابر علمائه، أمثال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ولقد آمن ابنُ باديس بأنَّ الطريق الأوَّلَ لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو العلم؛ لذا عَمِلَ ابن باديس على نشر العلم، وقد بدأ ابن باديس جهودَه الإصلاحية بعد عودته من الحَجِّ بإلقاء دروس في تفسير القرآن بالجامع الأخضر بقسنطينة، ودعوته إلى تطهير العقائدِ مِن الأوهام والأباطيل التي علقت بها، ثم بعد بضعِ سنوات أسَّس جماعةٌ من أصحابه مكتبًا للتعليم الابتدائي في مسجد سيد بومعزة، ثم انتقل إلى مبنى الجمعية الخيرية الإسلامية التي تأسَّست سنة 1336هـ، وقد هدفت الجمعيةُ إلى نشر الأخلاق الفاضلة، والمعارف الدينية والعربية، والصنائع اليدوية بين أبناء المسلمين وبناتهم، ودعا المسلمين الجزائريين إلى تأسيسِ مِثلِ هذه الجمعية، أو تأسيس فروعٍ لها في أنحاء الجزائر؛ لأنه لا بقاءَ لهم إلا بالإسلام، ولا بقاءَ للإسلام إلا بالتربية والتعليم. وحثَّ ابنُ باديس الجزائريين على تعليم المرأة، وإنقاذها ممَّا هي فيه من الجهل، وتكوينها على أساسٍ من العِفَّة وحسن التدبير، وبعد احتفال فرنسا بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر في سنة 1349هـ شُحِذَت همم علماء المسلمين في الجزائر وحماسهم وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فتنادوا إلى إنشاءِ جمعية تُناهِضُ أهداف المستعمِر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يعبِّرُ عن اتجاههم ومقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخبوا ابنَ باديس رئيسًا لها. وقد نجحت هذه الجمعيةُ في توحيد الصفوف لمحاربة المستعمِر الفرنسي، وحشْد الأمة الجزائرية ضِدَّها، وبَعْث الروح الإسلامية في النفوس، ونَشْر العلم بين الناس، وانتبهت فرنسا إلى خطر هذه التعبئة، وخَشِيَت من انتشار الوعي الإسلامي، فعطَّلَت المدارس، وزجَّت بالمدرسين في السجون، وأصدر المسؤول الفرنسي عن الأمن في الجزائر في عام 1352هـ تعليماتٍ مُشدَّدة بمراقبة العلماء مراقبةً دقيقة، كان ابن باديس مجاهِدًا سياسيًّا مجاهِرًا بعدم شرعية الاحتلال الفرنسي، وأنَّه حُكمٌ استبدادي غير إنساني، يتناقَضُ مع ما تزعُمُه مِن أن الجزائر فرنسية، وأحيا فكرةَ الوطن الجزائري بعد أن ظنَّ كثيرون أن فرنسا نجحت في جعْل الجزائر مقاطعةً فرنسية، وقد عبَّرَ ابن باديس عن إصرار أمَّتِه وتحديها لمحاولات فرنسا بقوله: "إن الأمةَ الجزائريةَ ليست هي فرنسا، ولا يمكِنُ أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا لو أرادت، بل هي أمةٌ بعيدةٌ عن فرنسا كلَّ البعد؛ في لغتها، وفي أخلاقِها وعنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمِجَ، ولها وطن محدَّدٌ مُعَيَّن هو الوطن الجزائري" ودخل في معركة مع الحاكم الفرنسي سنة 1352هـ واتَّهمه بالتدخُّل في الشؤون الدينية للجزائر على نحوٍ مخالفٍ للدين والقانون الفرنسي، وأفشل فكرةَ اندماج الجزائر في فرنسا التي خُدِعَ بها كثير من الجزائريين سنة 1353هـ. ودعا نوابَ الأمة الجزائريين إلى قَطعِ حبال الأملِ في الاتفاق مع الاستعمار، وضرورة الثقة بالنفس، وكانت الصحفُ التي يصدِرُها ابن باديس أو يشارِكُ في الكتابة بها من أهمِّ وسائله في نشر أفكاره الإصلاحية، وكان ابن باديس قد أصدر جريدة "المنتقد" سنة 1343ه وتولى رئاستَها بنفسِه، لكنَّ المحتَلَّ عطَّلها، فأصدر جريدة "الشهاب" واستمَرَّت في الصدور حتى سنة 1358هـ، واشترك في تحرير الصُّحُف التي كانت تصدِرُها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، مثل (السنة) و(الصراط) و(البصائر). توفِّي ابن باديس في 8 ربيع الأول، وكان سببُ وفاته التعب والإرهاق، وذلك أنه كان يلقي يوميًّا 15 درسًا، وفي عطلة نهاية الأسبوع كان يسافر إلى العاصمة، ثم يتنقِلُ من محطة القطار إلى الجامع الأخضر، وكان آخر درس ألقاه على النساء 3 أيام قبل وفاتِه في نفس الجامع، وكان كثير التنقُّل في الفترة الممتدَّة بين الصبح والظهر من البيت الذي يحضِّرُ فيه الدروس إلى مكان الإلقاء. وقد وافته المنيةُ في حدود الساعة الثانية بعد الظهر بحضور الدكتور ابن جلول ودكتور فرنسي وشقيقه الأكبر زبير، ولم يتمَّ تسميمُه ولم يُصَب بسرطان ولا بمَرَض أمعاءٍ، كما أشيعَ بعد موتِه.

العام الهجري : 1359 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1940
تفاصيل الحدث:

اندلعت نارُ الحرب العالمية الثانية في 17 رجب 1358هـ، ودخلت إيطاليا إلى جانب ألمانيا واليابان مقابِلَ إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، ومعنى ذلك أن أرضَ ليبيا ستكون ساحةَ صراع بين الأطراف المتخاصِمة؛ فأرضُها مُحتلَّة من قِبَل إيطاليا، بينما إنجلترا محتَّلةٌ الأراضي التي تحدُّها من الشَّرقِ، وهي مصر. وفرنسا تحتَلُّ الأراضي التي تحدُّها من الغرب والجنوب، وهي: تونس والجزائر وتشاد والنيجر، وكان الأسطول الإنجليزي له قوَّتُه في البحر المتوسط، ثم يأتي بعده الأسطول الفرنسي، وإيطاليا لها سواحِلُ ممتدة في وسط البحر، فلما انتصر الألمانُ على فرنسا واستطاعوا احتلالَها وسيطروا على معظَمِ أوربا حاولوا النزول إلى إنجلترا ففشلوا، فأرادوا نقلَ المعركة إلى البحر المتوسط لضرب مواقع الإنجليز المهمَّة واحتلالها، وهي: جبل طارق ومالطة وقبرص والإسكندرية، فالتقى هتلر الألماني مع موسوليني الإيطالي في برينير في رمضان 1359هـ / أكتوبر 1940م وأعلمه بنقلِ المعركة إلى البحر المتوسط، فبدأ الطليان الهجومَ على مصرَ مِن ليبيا، واستطاعوا دخولها ولم يمضِ أكثَرُ من شهرين حتى وصلوا إلى موقع سيدي براني، وبعد شهرين آخرين قام الإنجليز ومعهم الأستراليون بهجوم كاسح والتقوا بالإيطاليين حتى بنغازي غيرَ أن الألمان والطليان بقيادة رومل قاموا بهجومٍ معاكِسٍ أجبروا فيه الإنجليزَ على الرجوع إلى حدود مصر في عام 1360هـ / حزيران 1941م ثم تابع سيرَه إلى الإسكندرية غيرَ أنه توقف في موقع العلمين، وبذلك وصل الألمان والطليان إلى ذِروةِ تفوُّقِهم.

العام الهجري : 1360 العام الميلادي : 1941
تفاصيل الحدث:

ثورةُ رشيد عالي الكيلاني هي سلسلةُ الأحداث الدستورية التي تصاعدت بسببِ تضارُبِ مدارس الحُكم الملكي في العراق وتياراتِه ما بين التيارِ الوطني الثوري التحرري، والتيار الليبرالي الميَّال لممالأة الإنجليز، في وقت كان العراقُ يمثِّل زعامةً ومدرسةً سياسيةً يُعتَدُّ بها في المنطقة العربية، فلما تفاقمت الأمورُ في الحكومة العراقية وتأزَّمت بسبب موقِفِ العراق من الحرب العالمية الثانية وموقِفِها من الدول المتحارِبة، وكذلك بسبب رفض إنجلترا تسليحَ العراق، شعرت إنجلترا بما يُساوِرُ نفوس العراقيين وما يختَلِجُها من الاستياء من سياستها في العراق، وكرههم للحكومة العراقية الموالية للمحتَلِّ ودورانها في فلَكِها، فأرادت بريطانيا أن تُخفِّفَ من وطأة هذه الكراهية عليها وعلى أعوانها، ورأت أن تُسلِّمَ الحُكمَ للمعارضة، وقد برز بين رجال المعارَضة رشيد عالي الكيلاني -المعروف بوطنيته وعدم ارتياحه للإنجليز- وأن تعمَلَ ما في وُسعِها ليدورَ في فلَكِها، وربما يحدِثُ هذا فيما إذا قرَّبه أعوانُها، وأظهرت رضاها عن ذلك، ولَمَّا لم تستطع تنفيذَ خططها بجَلبِه إلى دائرة سياستها أبرزت كيفيةَ تسلُّم الكيلاني الحكم، وأنه قد تمَّ عن ترشيح أصدقائها. وتبعًا لهذا فقد رشَّحه نوري السعيد والوصي معًا لتسلُّم السلطة، غير أن رشيد الكيلاني لم يعتَمِدْ على هذا الترشيح، وإنما كان يرتكِزُ على قاعدة قوية؛ فالشعبُ يَدعَمُه، والجيش يُؤيِّدُه، وإضافةً إلى هذا فقد أخذ تعهدًا من رجال السياسة سواء الذين يناوِئونه؛ أمثال نوري السعيد، وتوفيق السويدي، وعلي جودت الأيوبي، وجميل المدفعي، أم الذين يؤيدونَه؛ أمثال ناجي شوكت، وناجي السويدي. ورُفِعَ هذا التعهُّد إلى الوصي فأيَّده، وبذا كانت الأرضُ التي يقف عليها رشيد عالي الكيلاني صلبةً، وخاب فألُ إنجلترا من كل النواحي؛ فمن ناحية ابتهج الشعب به، وضَمِنَ سلامة الخط، فأبدى الكيلاني مُعارضتَه للسياسة البريطانية، وأخذ يُصرِّح بذلك، ومن ناحية ثانية لم تستطع إنجلترا جرَّ رشيد عالي الكيلاني إلى سياستها، بل أبدى قوَّةً في الشخصية، وأظهر استقلاليَّتَه؛ حيث رفض قطْعَ العلاقة مع إيطاليا التي أعلنت الحربَ ضِدَّ إنجلترا وفرنسا، وهذا ما أغضب إنجلترا أشَدَّ الغضب؛ إذ أحسَّت أن العراقَ ليست تحت نفوذها، ولا تسيرُ برأيها، غيرَ أنَّه من الجانب الآخر قد ألهب هذا التصرُّفُ الشعبَ في العراق حماسةً لموقِفِ حكومته، وهذا ما زاده مُعارضةً للسياسة الإنجليزية. وانهارت فرنسا أمام الألمان، فطار الشعبُ فرحًا ليس حبًّا بالألمان، ولكن كرهًا لفرنسا ولسياستها الاستعمارية، وفي الواقع فقد زادت الدعايةُ لدول المحور في العراق رغبةً في هزيمة الحلفاء، ولم تُقصِّر المفوضية الإيطالية بذلك، وحتى توقعت إنجلترا أن تستأنِفَ العراق عَلاقتها مع ألمانيا، وهذا ما خَشِيَته أشدَّ الخشية، واستشاطت إنجلترا غضبًا وأخذت تعمل للتخلُّص من حكومة رشيد عالي الكيلاني، وكان لها ما أرادت؛ إذ أوعزت إنجلترا لأعوانها بالانسحاب من الوزارة، فكان عليها أن تستقيلَ وتُفسِحَ المجالَ لحكومة جديدة وأرادت إنجلترا أن تخرُجَ من المأزق الذي وقَعَت فيه بتسليم رشيد الكيلاني الحكم، وأرادت أن تخرجَ من المأزق بهدوءٍ ولا تعطي السلطةَ لأحدِ أعوانها؛ فقد يؤدى إلى مظاهرات وربما تندلع ثورة، وبمجرد أن طلب الوصيُّ من الكيلاني أن يقَدِّمَ استقالة حكومته حتى اهتَزَّ الوضع وتحرَّك الجيشُ وقامت مظاهراتٌ تطالب بتحقيق رأي الكيلاني بحَلِّ المجلس النيابي، وإجراء انتخابات جديدة، وتشَكَّلت وزارة طه الهاشمي، وهو قريب من المعارضة، وفي الخامس من ربيع الأول 1360هـ اجتمع في معسكر الرشيد رشيد علي الكيلاني: رئيس الحكومة، واللواء أمين زكي: رئيس الأركان، وبعض الضباط، وأعلنوا الاستنفارَ بالمعسكر وقرَّروا القيام بانقلابٍ إذا رفضت حكومةُ طه الهاشمي الاستقالةَ، وهي الحكومة التي ترضى عنها بريطانيا ويؤيِّدُها الوصيُّ على الملك عبد الإله بن علي، ثمَّ طلبوا منه التفاهُمَ مع الكيلاني لتشكيل وزارة جديدة، فأبى ثم أُجبِرَ على الاستقالة، ولما أُعلِمَ الوصي بذلك هرب متسللًا ودعا طه أعضاء وزارته للاجتماع به، وكان الجيش قد دخل المدينةَ وسيطر على المداخل الرئيسة وحاصر قصر الوصي الذي هرب منه، ثم في صباح 6 من ربيع الأول ذهب رشيد الكيلاني إلى دار طه لإقناعه بالانضمام لحركتِهم فوجدوا الوزارةَ ما زالت مجتَمِعةً، فجرى نقاشٌ حادٌّ ثم اجتمع الرأي على إبقاء الوزارة في الحكمِ، وألا يتدخَّل الجيش في السياسة، ويتعهد المدنيون والعسكريون على السواء بأن يقبَلوا بما يتم الاتفاق عليه، ويُطلَب من الوصي العودة للعاصمة، الذي كان قد انتقل إلى البصرة، ثم عاد رشيد الكيلاني والضباط فسَحَبوا الثقة من حكومة طه، وقرَّر الجيش تحمُّل المسؤولية في هذه المرحلة الحَرِجة, وقام رشيد باستدعاء المستشار الإنجليزي بوزارة الداخلية، وأعلمه أن حكومة طه الهاشمي استقالت والوصي غائب، وبذلك فالجيش هو مصدرُ السلطة، وقد أوكل الجيشُ لرشيد الأمرَ وهرب الوصي ومن معه إلى فلسطين، وتمَّ عَزلُ الوصي عبد الإله، وتعيين وصي جديد هو الشريف شرف الذي قَبِلَ استقالة حكومة طه الهاشمي، وسُرَّ الشعب بحركة رشيد عالي الكيلاني، وأما إنجلترا فقد عَدَّت هذا عملًا غير مشروع فقررت التخلُّصَ من حركته بالقوة، فطلبت من الهند إرسالَ قوات فنزلت رغم أنف الحكومة الجديدة، وحاصر الجيشُ العراقي قاعدةَ الحبانية الجوية، وفي 5 ربيع ثاني وزَّعت السفارة البريطانية منشورًا تتهم فيه الكيلاني وقادةَ الجيش أنهم باعوا أنفسهم للألمان والطليان، وأنها خوَّلت سفيرها اتخاذ ما يراه مناسِبًا، وفي الغد صباح 6 ربيع الثاني بدأ الهجومُ الجوي الإنجليزي وضَرْب المواقع العراقية وقصَفَت معسكر الرشيد، وأعلن المفتي الفلسطيني الجهادَ، وجاءت قواتٌ ألمانية تُعِين العراقيين بحكم عدائها لبريطانيا ضِمنَ الحرب العالمية الثانية إلَّا أنَّ قَصْفَها ليس جادًّا بالنسبة لَمَّا عُرٍف عن السلاح الجوي الألماني، ثم تدخَّلت قوات برية إنجليزية من الأردن، فقام رشيد الكيلاني بتشكيلِ لجنة الأمن الداخلي واتصل بالسياسيين لوقف القتال، وفي 6 جمادى الأولى رحل رشيد الكيلاني ومفتي فلسطين وغيرهم إلى طهران، وفي 7 جمادى الأولى وافق أمينُ العاصمة أرشد العمري على شروطِ هدنة قاسية على العراقيين؛ لأنَّهم لم يعودوا قادرين على مقاومة الإنجليز، فلم يكن لهم خيارٌ غير القبول بالهدنة، وعاد الوصي عبد الإله ونوري السعيد ومن معهما من أعوان الإنجليز إلى بغداد على متن طائرة بريطانية، وبهذا انتهت حركةُ رشيد عالي الكيلاني التي تعلَّقَت بها آمال العراقيين في التخَلُّص من الاستعمار البريطاني بمساعدة أعداء بريطانيا المتمَثِّل في الألمان والطليان.

العام الهجري : 1360 العام الميلادي : 1941
تفاصيل الحدث:

خرجت اليابانُ مِن هذه الحرب بملايين القتلى والجرحى من شَعبِها، واقتصاد مدمَّر كلِّيًّا، وسيطرة كاملة على أراضيها مِن قِبَل القوات الأمريكية؛ فمن هو المسؤول عن إشراك اليابان في هذه الحرب المدمِّرة، وتعرُّض الشعب إلى الكوارث بسببها؟ يرى البعضُ أن الإمبراطور هيروهيتو غيرُ مسؤول؛ لأن الحكومة والجيش الياباني ذا التوجُّهات القومية المتطرِّفة والنزعة التوسعية يعملون خلال السنوات الأخيرة منذ عهد الإمبراطور السابق يوشيهيتوا على إحكامِ سيطرتهم على مقدَّرات البلاد، وأنه بعد وفاته واعتلاء ابنِه هيروهيتو العرش لم ترغب الحكومةُ ولا الجيشُ في إعادة السلطات والامتيازات التي حصلوا عليها خلالَ سنوات حُكمِ أبيه الأخيرة لهيروهيتو؛ ليحكموا باسمه أمام الشعب الياباني. بالإضافة إلى أن الإمبراطور هيروهيتو كان يبدي معارضته وامتعاضه منذ بدايةِ تنفيذ قادة الجيش والحكومة اليابانية لخطَّتِهم التوسعية في قارة آسيا وغزوهم الصين والمذابح التي ارتكبوها هناك قبل الحرب الثانية، وحاول حثَّ الحكومة اليابانية على حَلِّ خلافاتها مع الحكومة الأمريكية عن طريق الحوارِ؛ لأنه كان يريد السلامَ، لكِنَّهم لم يُصغُوا إليه ولا لتوسلاته. بينما يرى البعضُ الآخر أن الإمبراطور هيروهيتو هو سبب رئيس في دخول بلادِه الحرب؛ ولذا كان من الواجب أن يحاكَمَ دوليًّا لدوره في الحربِ؛ فقد حضر جميعَ الاجتماعات الخاصة بحكومته وقادة جيشه، وأنه كان يناقش ويحاور، وكان لا يوقِّع على أي مرسوم أو قرار حتى يفهَمَه ويعرف الغرض منه، كما أنَّ أحد أفراد العائلة المالكة ومن المقرَّبين إلى الإمبراطور ناشده هو وبعض مستشاري الإمبراطور في السنة الأخيرة من الحرب بوقف الحربِ والدخول في محادثات مع الحلفاء، فرفض مشيرًا إلى أنه اجتمع مع قوَّادِ جيشِه وأمرهم بفِعلِ كُلِّ ما يستطيعون لتحقيقِ بعض الانتصارات السريعة على القوات الأمريكية؛ لحفظ ماء وجه الإمبراطورية، وأنه في الشهور الأخيرة من الحرب أمر بالتعبئة الشعبية العامة؛ وذلك لإيجاد دروعٍ بشرية تواجِهُ أي إنزال بحري محتَمَل لقوات الحلفاء على السواحل اليابانية؛ حيث أدى هذا التعَنُّت في إيقاف الحرب إلى فقد مليون ونصف مليون ياباني حياتَهم خاصةً بعد إلقاء قنبلتي هيروشيما وناجازاكي، وأمَّا السبب في عدم محاكمة الإمبراطور هيروهيتو كمُجرمِ حَربٍ مثل بعض المسؤولين في الحكومة والجيش الياباني فهو أنه بعد إعلان اليابان استسلامَها ودخول طلائع قوات التحالف إلى الأراضي اليابانية، خَشِيَ قائد تلك القوات والمفوَّض بإدارة اليابان الجنرال الأمريكي دوغلاس مكارثر أن يواجِهَ هو وقواته مقاومةً عنيفة من الشعب الياباني خاصةً مع ورود تقارير تفيد بأن مجموعات كبيرة من السكان تنوى القيامَ بعمليات انتحارية ضِدَّ قوات التحالف إذا دخلت مُدُنَهم وقراهم؛ لذلك عقد مكارثر اتفاقًا مع الإمبراطور هيروهيتو ينصُّ على منح الإمبراطور هيروهيتو حصانةً من أن يحاكَمَ كمُجرم حرب أمام أي محكمة دولية، وأعطاه وعدًا بأن تقوم الولايات المتحدة بمساعدته في إعادة إعمار اليابان شريطةَ أن يدعَمَ وجود القوات الأجنبية في بلادِه، فتم الاتفاق وسارت الأمور كما أراد مكارثر، وقام الأمريكيون وحلفاؤهم بحملةٍ دعائية ترويجية عالَمية تبين أن هيروهيتو لم يكن له يدٌ فيما قام به الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية من غزوٍ ومذابح، وكان مغلوبًا على أمره أمام السيطرة الكلية لقادة جيشِه وأعضاء حكومته المتشَدِّدة.

العام الهجري : 1360 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1941
تفاصيل الحدث:

كانت إيران قد وقفت في الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا ضِدَّ الحلفاء الذين طالبوا إيران بتسليمِ الألمان الموجودين في إيران، وفي 15 شعبان 1360هـ / 6 أيلول 1941م عاد الحلفاءُ فطلبوا من إيران طرْدَ البَعثات السياسية لدول المحور، وفي 23 شعبان / 14 أيلول طلبت بريطانيا وروسيا من الشاه رضا بهلوي التنازُلَ عن العرش لولي عهده محمد رضا، وإعلان الحرب على ألمانيا وبقية دول المحور، فرفض فأجبره الحلفاءُ على التنازل؛ ففي 25 شعبان / 16 أيلول تنازل الشاه لابنه عن الحكم، وقرأ محمد علي فروغي رئيس الوزراء وثيقةَ التنازل للمجلس، وترك رضا شاه طهران إلى أصفهان، ثم انتقل إلى جزيرة موريشيوس وفُرِضَت عليه الإقامة الجبرية هناك، ثم نقل إلى جوهانسبرغ جنوبي إفريقيا حتى توفِّيَ فيها، وبعد عدة سنوات نُقِل رفاته إلى طهران، أما ابنه فتُوِّجَ في نفس اليوم الذي تنازل له فيه والده عن الحكم، وتوِّجَ شاهًا على إيران وأدى اليمين الدستورية، وتعهد أمام المجلس بحِفظِ سيادة إيران، وصيانة حقوق الشعب، واحترام الدين الإسلامي، ورعاية الدستور والقوانين.

العام الهجري : 1360 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1941
تفاصيل الحدث:

دخلت اليابان الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول المحور تتزعَّمُهم ألمانيا النازية واستطاعت اليابان القيامَ بحروب خاطفة باحتلالِ جنوب شرقي آسيا، وكان من بين ما احتلَّتْه: جزيرة بورنيو (أندونيسيا)، وشبه جزيرة الملايو (ماليزيا) بعد حملة دامت أكثر من شهرين، وذلك في 20 ذي القعدة 1360هـ / 8 ديسمبر 1941م، كما استولت على سنغافورة مَعقِل القوات البريطانية في المنطقة، ووضعت البلادَ تحت الإدارة العسكرية اليابانية، فعَيَّنت رؤساء يابانيين مهمَّتُهم الإشراف، ولم يكن اليابانيون أرحمَ مِن غيرِهم؛ فالكُفرُ مِلَّةٌ واحدةٌ، وحِقدُه على الإسلام وأهلِه، ولكِنَّ الأمر لم يدُمْ طويلا؛ فبعد الانتهاء من الحرب وهزيمة اليابان ودول المحور عادت بريطانيا إلى البلادِ التي كانت فيها وخرج اليابانيون.