الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.003 )

العام الهجري : 1355 العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

بدأ الاستعمارُ الروسيُّ في فيرغيزيا عام 1866م، وقد أدَّى الاحتلالُ الروسي لقيرغيزيا إلى تناقُصِ عَدَدِ القيرغيز؛ بسبب الثوراتِ، والهروب من البلاد، والموت جوعًا، وحرب الإبادة التي مارسها الروسُ ضِدَّ القيرغيز؛ ففي سنة 1916م قامت ثورة قُتِلَ فيها 150 ألف قيرغيزي، ومات جوعًا من القيرغيز أثناء هربهم إلى الصين -إبَّان طغيان الحكم الشيوعي والسيطرة الروسية من قَبلُ- عشرات الآلاف، وأثناء الحكم الشيوعي منذ عام 1936م حتى عام 1991م سيطر الشيوعيون على كلِّ نواحي الحياة في البلاد، وأطلقوا على عاصمة البلاد اسم فرونزى نسبةً إلى القائد الروسي ميخائيل فرونزي الذي قاد الجيشَ الروسي في قتال القيرغيز واستعمار بلادهم، وكان الروسُ يشَجِّعون العداء بين القيرغيز وسكان الصين، وبدؤوا يغَيِّرون التاريخ والآداب والثقافة القيرغيزية، واتهموا الشعراء والأدباء وكتَّاب القصة بأنهم يفضِّلون الثقافة القيرغيزية على الروسية. وقد قامت السياسة الروسية السوفيتية السابقة على مبدأ تحريم استخدام الحروف العربية في كتابة اللغة التركية، وأصدر الروسُ أمرًا مركزيًّا يفرِضُ على مسلمي تركستان -ومن بينهم القيرغيز- اتخاذ الحروف الروسية (الكيريلية) بديلًا، وكان هذا عام 1940م. ليس هذا فقط بل قام نظام التعليمِ السوفيتي باقتلاع مسلمي قيرغيزيا من الإسلام، وبالفعل مُنِعَ التعليمُ الديني بكافَّة صوره وأشكاله، بل حُرِّم الإسلامُ وجُرِّمَ من آمَن به، وقد نسِيَ مسلمو قيرغيزيا العبادةَ وجَهِلوا دينَهم الذي حرَّم السوفييت عليهم أن يتعلَّموه وأن يُعلِّموه، ومع أن الطفلَ القيرغيزي -منذ قيام الثورة الشيوعية- كان يتلقى في المدارس والجامعات والنوادي والاجتماعات الإيمانَ بالماركسية، وماركس، ولينين، وستالين وغيرهم من رموز الإلحاد، لكِنَّ نظام التعليم الروسي لم يستطِعْ أن يقلَعَ من النفوس ومن القلوب ومن المشاعر الإيمانَ بأنْ لا إلهَ إلَّا الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- فكانت الأمُّ والأب يلقِّنان الأولادَ أنَّ إسلامَهم أعظمُ وأكبَرُ من كل دعاوى الماركسية ونظام البلاد، وقام الروس أيضًا بتشجيع الهجرة للروس إلى قرغيستان، حتى أصبحوا يقاربون عدد السكان الأصليين إنْ لم يزيدوا. عندها أعلنت روسيا قيامَ جمهورية قرغيستان التابعة للاتحاد السوفيتي.

العام الهجري : 1355 العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

وقَّع مصطفى النحاس -وهو رئيس الوزراء- ووزير الداخلية، ووزير الصحة: المعاهدةَ مع إنجلترا والتي عُرِفَت بمعاهدة 1936 وتنُصُّ على إنهاء الاحتلال العسكري والوصاية البريطانية، مع استثناء بعض القواعد العسكرية للدفاع عن وادي النيل وقناة السويس ضِدَّ أي عدوان خارجي، ووضْع الأراضي المصرية وطرق مواصلاتها ومطاراتها وموانيها تحت تصرُّف الجيش البريطاني في حالةِ قيام حرب، وتخلِّي إنجلترا عن المصالح الأجنبية، وتعهُّد إنجلترا بقَبولِ مِصرَ في عضوية عصبة الأمم، وإبقاء السودان شركةً بين مصر وإنجلترا، وتعهَّد الطرفانِ بعدم عقدِ معاهدة سياسية تتعارَضُ مع مضمون هذه المعاهدة، ومُدَّة المعاهدة عشرون سنة، ويعاد النظرُ بعدها فيها. وعاد مصطفى النحاس من لندن إلى مصر وبدأ يروِّجُ المعاهدةَ ويدعو إلى تأييدها، وأطلق عليها اسمَ معاهدة الشرف والاستقلال. فانشَقَّ أحمد ماهر وفهمي النقراشي عن حزب الوفدِ وشَكَّلا الهيئةَ السعديةَ، وألقيت قنبلةٌ على دُورٍ للسينما يرتادُها ضباط إنجليز ذهب ضحيَّتَها عددٌ من القتلى، وتعرَّض النحَّاسُ لمحاولة اغتيالٍ.

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

بعد أن رأى الكثيرُ من السوريين أنَّ الكفاحَ المسلَّحَ لا يتكافأُ مع القوات الفرنسية لجؤوا إلى الكفاح الدبلوماسيِّ، فبدأت تظهَرُ الكتلة الوطنية والجمعية التأسيسية التي دعت لوضع دستورٍ للبلاد، وعمَلِ انتخابات نيابية حُرَّة، وإلغاءِ الأحكام العرفية، ثم حصلت تطوراتٌ في إصدار دساتير عديدة، أحدها لدولة سوريا، وآخر لدولة العلويين في اللاذقية، وثالث للدروز، ثمَّ حُلَّت الحكومة المؤقتة، وعملت انتخابات جديدة، وحصل محمد علي العابد على رئاسة الجمهورية، ولكِنْ في أواخر سنة 1935م قام إضرابٌ عام في دمشق استمر خمسين يومًا، وحصلت اضطراباتٌ، واستقالت أكثَرُ من وزارة، وبسبب ذلك تم الاتفاقُ على معاهدة تضع حدًّا للانتداب، فشُكِّلَ وَفدٌ سوريٌّ مكَلَّفٌ بالتفاوضِ مع الحكومة الفرنسية برئاسة هاشم الأتاسي، وعضوية كلٍّ من فارس الخوري، جميل مردم، سعد الله الجابري: ممثِّلين عن الكتلة الوطنية، ومصطفى الشهابي، إدمون حمصي: ممثلين عن الحكومة، ونعيم أنطاكي سكرتيرًا، والقائم مقام أحمد اللحام أحد ضباط الجيش العربي سابقًا خبيرًا ومستشارًا عسكريًّا، التقى الوفدُ بسياسي وزارة خارجية فرنسا، وكانت العقبةُ الأساسية الأولى التي اختلف عليها الطرفان هي قضية توحيد الأراضي؛ فقد أصرَّ الجانِبُ السوري المفاوِضُ على وَحدة الأراضي السورية بالشَّكلِ الذي كانت عليه في عهد العثمانيين، وتوصَّل الطرفان المتفاوضان إلى حَلٍّ وَسطٍ يقضي بقيام دولتين مستقلَّتين في المنطقة سورية ولبنان، وأن يبقى لبنانُ ضِمنَ حدوده الراهنة، مقابِلَ موافقة الوفد الفرنسي على إعادة توحيد إقليمي جبل الدروز وجبل العلويين مع سورية، وأمَّا بالنسبة لسنجق الإسكندرونة فقد أقرَّت فرنسا بتبعيته لسورية، ولكنْ بشرط أن يكون له وضعٌ خاصٌّ يُتَّفَق عليه فيما بعد. وكانت العقبةُ الثانية أمام نجاح المفاوضات هي المتعلقة بالقوات السورية الخاصة بعد توقيع المعاهدة، وأصرَّ الوفدُ السوري على استعادة القوات فورًا؛ نظرًا لأنَّ نفقاتِها كانت من الموازنة السورية طيلةَ السنوات العشر الأخيرة، أمَّا الجانب الفرنسي فكان يرغَبُ بإبقائها تحت قيادة ضباط فرنسيين خلالَ فترة معينة يمكِنُ بعدها تسليمُها إلى الحكومة السورية بعد توقيع اتفاق عسكري معها، فتَمَّ الاتفاق على أنه يجوز للحكومة الفرنسية أن تحتَفِظَ ولمدة خمس سنوات ببعض القوات خارج المدن وبمطارين، وبقوات محدودةٍ ضِمنَ محافظتي جبل الدروز ومنطقة العلويين، على أن تعترف المعاهدةُ باستقلال سوريا. لكِنَّ المعاهدة لم يُنفَّذ منها شيء؛ لأنها لم تُعرَض على البرلمان الفرنسي، واقترح إضافة ملاحق جديدة على المعاهدة، منها إعطاءُ حكم ذاتي للدروز والنصيريين وسكان الجزيرة الفراتية حكمًا ذاتيًّا، وتعدى الاتفاق العسكري الذي يوجِبُ جلاء الجيش الفرنسي عن البلاد بحيث يصبِحُ هذا الوجود دائمًا.

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

تعتَبرُ الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936م من أشَدِّ الثورات على اليهود وأعوانهم الإنجليز، وكانت ذاتَ طابَعٍ إسلامي واضِحٍ، وتركَّزت العمليات في شمالي فلسطين ولواء نابلس؛ حيث إن جماعة عز الدين القسَّام كان وجودها مكثفًا هناك، فقاموا باغتيال الحاكم البريطاني لمنطقة الجليل "أندروز"، وكان فوزي القاوقجي هو قائد عام الثورة، وتولَّى منطقة القدس عبد القادر الحسيني الذي قُتِلَ في معركة القسطل، واشتعلت الثورة في كافة أنحاء فلسطين حتى أعلنت بريطانيا أنَّ خسائِرَها بلغت مليوني جنيه استرليني، كما استدعت قوات إضافية من مصر، وأسهمت الطائرات والدبابات والأسلحة الفتاكة الأخرى في قمع الثورة، وهجر اليهودُ مستعمراتِهم وتجَمَّعوا في تل أبيب، ونُفِّذَت في هذه الثورة آلافُ العمليات العسكرية، ولم تهدأ الثورة حتى توسطت بريطانيا عند أصدقائها من الملوك والرؤساء العرب، وبعدها استعانت بريطانيا بسُدس جَيشِها الإمبراطوري بقيادةِ أقوى العسكريِّين، وعادت تحتلُّ فلسطين جزءًا جزءًا في حربٍ شرسة استخدموا فيها الطيرانَ والدباباتِ وكلَّ التقنيات العسكرية الحديثة التي يعرفونَها!

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

أصدرت الحكومةُ الفرنسيةُ قرارًا باعتبارِ اللغة العربية لغةً أجنبية في الجزائر! ويأتي هذا القانونُ في سلسلة قوانينَ سَنَّها الاحتلال الفرنسي لمحاربةِ اللغة العربية، وفَرْنَسة الشعب الجزائري، وتسَبَّبت هذه القوانين في زحزحة اللغة العربية واحتلال اللغة الفرنسية لمكانةٍ متميزة في الإدارةِ والحُكمِ في الجزائر!

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ أحمد فؤاد الأوَّل بن الخديوي إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي ملك مصر. مولده ووفاته بالقاهرة. تعلَّمَ بها، ثم في جنيف، ثم في المدرسة الحربية بتورينو إيطاليا، وتخرَّج ضابطًا في الجيش الإيطالي، وأُلحِقَ بالبلاط الملكي برومة، ورحل إلى الأستانة فعُيِّنَ ياورا فخريًّا للسلطان عبد الحميد، فمُلحَقًا حربيًّا للسفارة العثمانية بعاصمة النمسا، وعاد إلى مصر سنة 1892 فعُيِّن (ياورا) للخديوي عباس الثاني، واستمَرَّ ثلاثة أعوام. وكان يُنتَدَب في بعض المهمات إلى أن دُعِىَ لتولي سلطنة مصر سنة 1335ه / 1917م بعد وفاة أخيه السلطان حسين كامل، والحماية البريطانية مضروبةٌ على مصر. وفي أيامه قامت مصر بحركتها الوطنية سنة 1918م بقيادة سعد زغلول، فرُفِعَت الحماية سنة 1922، وفي عام 1919 حدثت المظاهرةُ النسائية ضِدَّ الاحتلال الإنجليزي والتي خُلِعَ فيها الحجابُ في ميدان الإسماعيلية!! ووُضِعَ دستور للبلاد وقانون لتوارث العرش، وقانون لأمراء الأسرة الحاكمة، وتحوَّل لَقَبُه من سلطان إلى ملك, وفي أيامه أُنشئ مجمع اللغة العربية بمصر. وكان يُحسِنُ التحدث باللغة العربية وبالتركية والفرنسية والإيطالية ويفهم الإنجليزية. توفِّيَ بالقاهرة في السابع من صفر، وكان ولي عهده فاروق الذي كان يتابِعُ دراسته في إنجلترا، فعاد إلى مصر وتشَكَّل مجلس وصاية برئاسة الأمير محمد علي، وعضوية عبد العزيز عزت ومحمد شريف صبري، إلى أن بلغ الملك سن الرشدِ في تموز / 1938م / 1357هـ.

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

هو بلاس إنفانتي بيريث دي بارغاس رجلُ سياسة ومفكِّر وكاتب أندلسي، ويُعَدُّ أبا القومية الأندلسية الحديثة. ولِدَ سنة 1885م في بلدة قشريش بمقاطعة مالقة، ظهرت في أوائل القرن العشرين شخصيةُ بلاس إنفانتي الفَذَّة، الذي اعتنق الإسلام وعَمِلَ حَسَب طاقته في ذلك الحين على توعية المجتمع الأندلسي، وإزاحة الغشاء المظلِم الذي أنزله أعداؤه على تاريخِه وماضيه الإسلامي. تعرَّف بلاس إنفانتي إبَّان مُقامِه في غرناطة على التراثِ الإسلامي الأندلسي، فزار إنفانتي إشبيلية وقرطبة ومجريط، واجتمع بزعماء الحركة الأندلسية، وأصبح يعتقِدُ أنَّ الهُويَّةَ الأندلسية ليست هويةَ عِرقٍ أو دم، لكِنَّها هوية (وجود) و(معرفة). وفي سنة 1910م عُيِّن إنفانتي عَدلًا في بلدة قنطيانة، فسكن إشبيلية القريبةَ منها، وأصبح ينتقلُ بين البلدتين، تأثَّر إنفانتي في إشبيلية بمفكِّريها الأندلسيين، وساهم في أنشطتهم الثقافية، وفي 28-11-1913م قُبِل إنفانتي في مجلس المحامين، وفي سنة 1914م ظهرت الطبعةُ الأولى من كتابه النظرية الأندلسية. وفي سنة 1916م أسَّس إنفانتي أول مركز أندلسي في إشبيلية، تبعه مراكز أخرى في مدن الأندلس وقُراها، وأصدر مجلة الأندلس كلسان حال للمراكز الأندلسية، والحركة القومية الأندلسية، ومع الأيام تحوَّل مركز إشبيلية الأندلسي إلى مركز أنشطة أندلسية تثقيفية وتخطيطية، ومنه خرج المنشور الداعي إلى اجتماع المقاطعات الأندلسية في رندة، الذي استعمل عبارةَ الأمة الأندلسية لأول مرة، وهكذا أصبح إنفانتي بأفكاره وحركته رئيسَ تيار جديد للحركة القومية الأندلسية. وطرح فكرة "إنشاء فدرالية تجمع بين بلاد المغرب والأندلس تجمعُهما أخوة سياسية بعيدًا عن الفكر الاستعماري" وفي 13-1-1918م انعقد اجتماعُ مجلس المقاطعات الأندلسية في رندة، فعدد معالم القومية الأندلسية في حركتها المستقبلية، وطلبوا الاعترافَ بالأندلس كبلد وقومية ومنطقة ذات حكم ذاتي ديمقراطي، على أساسِ دستور أنتقيرة. ثم تقَدَّم بلاس إنفانتي، وخوزي أندرس باسكس، باسم المؤتمر لهيئة الأمم طالبينَ منها الاعتراف بالقومية الأندلسية، وفي 21/5/1919م تقدَّم إنفانتي لانتخابات إشبيلية باسم (الديمقراطية الأندلسية) المكونة من الجمهوريين الاتحاديين، والقوميين الأندلسيين، والاشتراكيين المستقلين، وندَّد في خُطَبِه الانتخابية بوضع الأندلس البئيس، فغَضِبَت عليه السلطة الحاكمة واليمين واتهموه وأتباعه بالتآمُرِ على أمن الدولة ووحدتها، وفي 13/1/1923م تحولت أسبانيا إلى الحكم الدكتاتوري الذي قضى على الحريات، وأغلقَ المراكز الأندلسية، واتهم القوميين الأندلسيين بمقاومة الدولة، وأسكت القوى المعادِية للكنيسة. فانتقل إنفانتي تحت ضغط عائلته إلى أيسلا كريستينا (مقاطعة ولبة) كموثِّق عدل، وانسحب من العمل السياسي. تعرَّف إنفانتي على بعض أبناء الأندلس المسلمين، فقَرَّر إشهارَ إسلامه على أيديهم، ثم حاول بعد إسلامِه ربطَ الحركة الأندلسية بالحركات الإسلامية والعربية. وفي سنة 1930م انهارت الدكتاتورية، وأصبح إنفانتي يمجِّدُ التاريخ الإسلامي كأساسِ الهوية الأندلسية، ويطالِبُ الأندلسيين باستعادة الهوية والتاريخ والأرض، وبإزاحة هيمنة الكنيسة على الدولة، ويهاجِمُها على جرائمها في القضاء على الأندلسيين، فكان كل ذلك دافعًا لأعدائهم إلى رميهم بالاتهامات المتواصلة، فحُوربت الحركة من طرف اليمين واليسار على حدٍّ سواء. وفي يوم الأحد 2/8/1936م بعد 14 يومًا من انفجار الحرب الأهلية الأسبانية، هجمت فرقةٌ من الكتائب على إنفانتي في بيته دار الفرح بقورية، وساقته إلى إشبيلية، حيث سجنته وأعدمته رميًا بالرصاص يوم الاثنين 10/8/1936م، فمات وهو يصرخُ مرتين: عاشت الأندلس حرة!

العام الهجري : 1355 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1936
تفاصيل الحدث:

خطَّطت فرنسا -بعد أن انتهت الثورةُ العربية الكبرى ضِدَّ العثمانيين- لما ستفعله في سوريا، فأول ما قامت به هو فَصلُ لبنان عن سوريا، وخاصة أن فيه كثيرًا من الموارنة النصارى، وقد سنَّت دستورًا خاصًّا للبنان الكبير، ومع أنَّ الدستور لم ينُصَّ على ديانة الرئيس إلَّا أن فرنسا كانت مصممة على ألَّا يليَ الرئاسة إلا نصراني، فعُيِّنَ أولًا شارل دباس، وحاول حبيب باشا السعد أن يجعل اللهجةَ العامية هي اللغة الرسمية للبلاد؛ ليقضيَ على اللغة العربية الأصيلة، وبدأ التمييز الديني بين النصارى والمسلمين؛ من هضم للحقوق، وتدني في المستوى الاجتماعي والمعيشي، وعمَّقَت فرنسا هذا الموضوع الطائفي، وفي أول سنة 1936م تسلَّم الرئيس إميل إدة مهامَّ رئاسة لبنان الكبير، وتزايدت في عهده حِدَّةُ الصراعات الطائفية، ثم بدأت المفاوضات اللبنانية الفرنسية التي حذت حذو المفاوضات السورية الفرنسية، وكانت الكتلة الدستورية برئاسة بشارة الخوري قد تقَدَّمت بالمطالبة بأن تحلَّ محلَّ الانتداب، ثم تداعت القوى الإسلامية والقومية الوحدوية من مختَلِف الطوائف إلى عقدِ مؤتمر الساحل والأقضية الأربعة في مارس 1936م، وكانوا يطالبون بالوحدة مع سوريا، ثم عُقِدَ مؤتمر آخر هو المؤتمر القومي الإسلامي في أكتوبر 1936م، وطالبوا بالاتحاد مع سوريا وأن تكون هناك بنودٌ واضحة لحقوق وواجبات الطوائف، ثم بعد المفاوضات والأخذ والرد وُقِّعَت المعاهدة في 13 نوفمبر 1936م من قِبَل رئيس الجمهورية إميل إدة، والمفوض الداني دي مارتل الفرنسي، وكانت مدتها خمسة وعشرين عامًا اعترفت فيها فرنسا باستقلال لبنان، وتعهَّدت بمساعدته للانضمام للأمم المتحدة على أن يبقى جنود فرنسيون في لبنان، وتمثِّلُ فرنسا لبنان في الشؤون الخارجية والعسكرية.

العام الهجري : 1356 العام الميلادي : 1937
تفاصيل الحدث:

بعد أن قامت الثورةُ الفلسطينية الكبرى عام 1936م وعَمَّت كلَّ أرجاء فلسطين وتكَبَّد البريطانيون من ورائِها خسائرَ فادحةً: أرادوا أن يستغلُّوا هذه النقطةَ لصالِحِهم، فقاموا بتشكيلِ لجنةٍ برئاسة بيل، وهي ما تسمى باللجنة الملكية البريطانية؛ لدراسة أسباب الثورة، وكأن أسبابَها غامضةٌ تحتاج إلى دراسة، وكان الغرضُ الرئيس من هذه اللجنة وغيرها من اللجان امتصاصَ الثورة بظهور بريطانيا أمام العالم أنها مهتمَّةٌ بقضايا الشعب الفلسطيني التي هي مُنتدَبةٌ عليه، بالإضافة إلى المكسب الإعلامي، فقامت هذه اللجنةُ في تقريرها المقَدَّم إلى الحكومة البريطانية في السابع من يوليو 1937م بتقسيمِ فلسطين بين العرب وبين اليهود، وتضَمَّن التقريرُ مطالِبَ الشعب الفلسطيني حيالَ نوايا اليهودِ مِن إنشاءِ الوطن القومي اليهودي في فلسطينَ بمساعدةِ الحكومة البريطانية، وأوصت اللجنة أيضًا بضرورة إبدال نظام الانتداب بنظام المعاهداتِ التي اتبعَتْه بريطانيا في العراق، والتي اتَّبَعَتْه فرنسا في سوريا، وأيَّدت الحكومة البريطانية بشدةٍ التوصيةَ التي جاءت بها لجنة بيل حول تقسيم فلسطين، ورأت أنه الحَلُّ الأمثل للقضية الفلسطينية!!

العام الهجري : 1356 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1937
تفاصيل الحدث:

في عام 1937م بدأت الظروفُ العالمية تُنذِرُ بنشوب الحرب العالمية الثانية فاتَّخَذت الدولُ الغربية بعضَ الاحتياطات ضِدَّ ألمانيا وإيطاليا واليابان والاتحاد السوفييتي، وكان من جملةِ التدابير المتَّخَذة عقد (ميثاق سعد آباد) في الثامن من يوليو عام 1937م في إيران، وساهم عقدُ هذا الميثاق في التقارب العراقي الإيراني، حيث عُقِدَت المعاهدة عام 1937بين العراق، تركيا، أفغانستان، وإيران تحت إشراف بريطانيا، ثم توالى عقدُ معاهدات أخرى، فعُقِدت معاهدة صداقة ومعاهدة حلِّ الاختلافات بالطرق السلمية. وأبرز ما جاء في المعاهدة: تعديلُ الحدود في شَطِّ العرب بمنحِ إيران سبعة كيلومترات وثلاثة أرباع الكيلو متر أمام عبادان. وحقَّقت المعاهدةُ لإيران حقَّ استخدام شطِّ العرب والانتفاع منه دون إذنٍ عراقيٍّ، كما كان قبل توقيعِ المعاهدة. ومنح الدولتين حق تقرير الضرائب المالية والفنية المتعلقة بشطِّ العرب، وتقضي المادة الثالثة من المعاهدة بتأليف لجنةٍ مشتركة من البلدين لنَصبِ دعائم الحدود التي كانت قد عيَّنَتْها اللجنة المشتركة عام 1914م. باشرت اللجنةُ الجديدة أعمالَها عام 1938م لكِنَّها توقَّفَت عام 1940م، ويبدو أنَّ اندلاع الحرب العالمية الثانية كان أحد أسباب توقُّف عمل اللجنة، وظلَّت مشكلة الحدود قائمة. وكان من آثار المعاهدة وأدُ كلِّ حركة تحرُّر كردية في مهدِها، فتقول إحدى موادِّه: إنَّ كلًّا من الأطراف الموقِّعة تتعهَّدُ باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون قيامِ أيِّ نشاط لعصابات مسلحة، أو جمعيات، أو منظمات تهدف إلى إطاحة المؤسسات الحالية، التي تتحمَّلُ مسؤولية المحافظة على النظام والأمن في أي جزء من حدود الأطراف الأخرى، علمًا أنَّه انتهى أثَرُ ذلك الميثاق بنشوب الحرب العالمية الثانية.

العام الهجري : 1356 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1937
تفاصيل الحدث:

بعد أن وُقِّع ميثاقُ سعد آباد بين كل من تركيا وأفغانستان والعراق وإيران في ربيع الثاني 1356هـ في هذا العام على ألَّا تتدخل أي دولة بشؤون الدول الأخرى الداخلية، وألَّا تتعدى عليها، ولا تعاوِن من يتعدى عليها، وما إلى ذلك، ثم وقِّعَت في 10 جمادى الأولى في العام نفسِه معاهدةُ صداقة دائمة لإقامة سِلمٍ دائم وصداقة لا تتغيَّرُ بين العراق وإيران، ووقِّعَت في طهران، ويتعهَّدُ الطرفان بأن يُعقَدَ بأسرعِ وقتٍ ممكن: اتفاقية حُسن جوار، ومعاهدة لاسترداد المجرمين، ومعاهدة إقامة وتجنيس، ومعاهدة تجارية، واتفاق تعاون قضائي، واتفاقية بريد وبرق، واتفاقية قنصلية.

العام الهجري : 1356 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1937
تفاصيل الحدث:

تعرَّضت تركستان الشرقية لأربعِ غَزَوات صينية منذ عام 1277هـ / 1860م مرَّتين في عهد أسرة المانشو، ومرةً في عهد الصين الوطنية، ومرةً في عهد الصين الشيوعية. وقد أدت هذه الغزوات وما رافقها من مذابحَ صينيةٍ إلى إبادة كثير من المسلمين، وحدوثِ عِدَّةِ هِجرات من هذا الإقليم إلى المناطق المجاورة. وقد قامت ثورةٌ عارمة في تركستان الشرقية ضِدَّ الصين سنة 1350هـ / 1931م كان سببُها تقسيمَ الحاكم الصيني المنطقةَ التي يحكمها "شاكر بك" إلى وحدات إدارية، وفي عام 1352هـ أعلن المسلمون قيامَ حكومة جديدة باسم "الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية"، ولم تلبث هذه الحكومة طويلًا؛ لأن التحالُفَ الصيني الروسي تمكَّن في عام 1356هـ من إسقاطِ هذه الجمهورية المسلمة، وقام بإعدامِ جميع أعضاء الحكومة مع عشرة آلاف مسلم. وحصل الروسُ مقابِلَ مساعدتهم للصين على حقِّ التنقيب عن الثروات المعدنية، واستخدام عددٍ مِن الروس في الخِدماتِ الإدارية في تركستان الشرقية.

العام الهجري : 1356 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

بعد تولِّي الملِكِ فاروق عرشَ مصرَ قام بحل مجلسِ النواب الذي كان يتمتَّعُ فيه حِزبُ الوفد بأغلبية كبيرة، وكان الوفديُّون قد أحرزوا هذه الأغلبيةَ في الانتخابات التي أُجرِيَت في مايو 1936م، وكانت الحياةُ السياسية في مصر في تلك الفترة تعتَمِدُ على ثلاث قوى رئيسية فاعلة، هم: الإنجليز، والقصر، وحزب الوفد. قبل أن يدخُلَ الجيش إلى المعادَلةِ ويقلِبَ توازنات القوى فيها، جلس فاروق على العرش مع اهتزازِ وتراجُعِ شعبية حزب الوفد بعد توقيعِه على اتفاقية 1936 والتي كانت مكروهةً ومرفوضةً شعبيًّا. وعلى الرغم من حداثة سنِّ فاروق في تلك الفترة إلا أنَّه أدرك ضرورة اكتساب تلك الشعبية المفقودة من الوفد، قأقال حكومة النحاس الوفدية في 30 ديسمبر 1937، أي: في نفس العام الذي تسلَّم فيه سلطاتِه الدستوريةَ كمَلِكٍ على البلاد، وكلَّف محمد محمود الذي كان رئيسًا لحزب الأحرار الدستوريين المُوالي للقصر بتشكيل الوزارة. وكان أوَّلُ ما استصدرته الوَزارة الجديدة مرسومًا بتأجيل انعقاد البرلمان شهرًا، ثمَّ حَلِّ مجلِسِ النوابِ ذي الأغلبية الوفدية، إلى أن تمَّت الانتخابات في 1938 ولم يحصُلِ الوفدُ إلا على 12 مقعدًا فقط، والملاحَظُ في تلك الفترة هو التعددية الحزبية السياسية القائمة، حتى ولو بشكلٍ صوريٍّ؛ حيث سُمِح في انتخابات 1938 مثلًا بأن يتِمَّ ترشيح المستقلين، والذين حصلوا على 55 مقعدًا بجانب أحزاب الأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية برئاسة أحمد ماهر المنشَقِّ عن حزب الوفد، بالإضافة إلى الحزب الوطني، وحزب الوفد.

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

هو محمد إقبال ابنُ الشيخ نور محمد؛ الشاعر المعروف، ولِدَ في سيالكوت إحدى مدن البنجاب الغربية في الثالث من ذي القعدة 1294هـ الموافق 9 من نوفمبر 1877م. ينتمي محمد إقبال إلى أسرة هندوكية من البراهمة، وهي جماعةٌ لها شأنٌ كبير في الهند رغم أنَّها تعبُدُ الأصنامَ وتقَدِّسُ التماثيل، لكِنَّ أسرة محمد إقبال تنازلت عن كلِّ هذه العظمة؛ لتدخُلَ في دين الإسلام في عهدِ السلطان زين العابدين بادشاه 1421 - 1473م، فاعتنق الجدُّ الأكبر لمحمد إقبال واسمه (بنديت) بعد أن هداه الله على يدِ أحدِ رجالِ الإسلامِ في كشمير، ففَضَّل بنديت الإسلامَ مع الفقرِ على عبادة الأصنام مع الغِنى والعظمة، ثمَّ أنجبت أسرتُه -التي كانت بالأمس القريب تعبدُ الأصنامَ وتحتَقِرُ الآخرينَ- محمد إقبال: فيلسوفَ الإسلامِ الكبيرَ وشاعِرَه. بدأ محمد إقبال تعليمَه في سن مبكرةٍ على يد أبيه، ثم التحق بأحَدِ مكاتب التعليم في سيالكوت، وفي السنة الرابعة من تعليمِه رأى أبوه أن يتفرَّغَ للِعلمِ الديني، ولكِنَّ أحد أصدقاء والده وهو الأستاذ مير حسن لم يوافِقْ، وقال: هذا الصبيُّ ليس لتعليم المساجِدِ، وسيبقى في المدرسة، وانتقل إقبال إلى الثانوية؛ حيث كان أستاذُه مير حسن يدَرِّسُ الآداب العربية والفارسية، وكان قد كرَّس حياتَه للدراسات الإسلامية. وبدأ إقبال في كتابةِ الشعر في هذه المرحلة المبكرة، وشجَّعه على ذلك أستاذه مير حسن، فكان يَنظِمُ الشعر في بداية حياته بالبنجابية، ولكِنَّ السيد مير حَسن وجَّهَه إلى النَّظْمِ بلغة الأردو، وكان إقبال يرسِلُ قصائده إلى ميرزا داغ دهلوي الشاعر البارز في الشعر الأردو حتى يبديَ رأيه فيها، وينصَحَه بشأنها وينقِّحها، ولم يمضِ إلا فترة بسيطة حتى قرَّر داغ دهلوي أنَّ أشعار إقبال في غنى تام عن التنقيح، وأتم إقبال دراستَه الأولية في سيالكوت، ثم بدأ دراسته الجامعية باجتياز الامتحان العام الأول بجامعة البنجاب 1891م، التي تخرَّج فيها وحصل منها على إجازة الآداب 1897م، ثمَّ حصل على درجة الماجستير 1899م، وتلقَّى إقبال دراساتِه الفلسفيةَ في هذه الكلية على يدِ الأستاذ توماس آرنولد، وكان أستاذًا في الفلسفة الحديثة، أجاد محمد إقبال الكثيرَ مِن اللغات؛ كالأوردية، والفارسية، والإنجليزية، والألمانية، وكان يَعرِفُ العربية. بعد أن أنهى (محمد إقبال) دراستَه الجامعية بلاهور عُيِّن أستاذًا للتاريخ والفلسفة والسياسة المدنية بالكلية الشرقية بلاهور، ثم أستاذًا للفلسفة واللغة الإنجليزية في الكلية الحكومية التي تخرَّج فيها، لكِنَّه كان طموحًا يريد مزيدًا من العلم، ويتمنى أن يرى البلاد الأوربية وحضارتها، فسافر إلى أوروبا سنة 1323هـ/1905م؛ حيث نال درجةً في الفلسفة من جامعة (كمبردج) ودرجةً في القانون من كلية لندن للعلوم السياسية، وعَمِلَ أستاذًا للغة العربية في جامعة لندن، كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة (ميونيخ) بألمانيا، وعاد مرةً أخرى إلى لندن، فنال شهادةَ المحاماة من جامعة لندن. وهناك في بلاد الغرب كان محمد إقبال يدعو إلى دين الإسلام، ويدافِعُ عنه دفاعًا صادقًا من خلال المقالات التي كان ينشرُها والقصائد الشعرية التي كان يُبدِعُها، وكان دائمًا يفخَرُ بالإسلام الذي حرَّر الرؤوس، وطهَّر النفوس، وأصلح الأرضَ، وحصَّن العِرْض، ولم يعجِبْه الفِسقُ والكفر الذي يعيش فيه الأوربيون، وقال لهم محذِّرًا: (يا أهل الغربِ، إنَّ أرض الله ليست دارَ تجارة، ولسوف تنتحِرُ حضارتكم بخِنْجَرها؛ لأنَّها كالعش الذي بُني على غُصنٍ ضَعيفٍ لا قوة له). رجع إقبال إلى لاهور عام 1908م بعد رحلة استغرقت ثلاث سنوات، وبدأ العمَلَ بالمحاماة، يدافِعُ عن المظلومين، وعُرِفَ عنه في أثناء عمله بها أنَّه لا يقبل إلا قضايا الحق، كما عُرِفَ عنه أيضًا اقتدارُه في مهنته، وكان مؤهَّلا لبلوغ أعلى الدرجات فيها، لكنَّه ترك المحاماة وعمل أستاذًا للفلسفة واللغة الإنجليزية في الكلية الإسلامية بلاهور، ثم استقال من منصب الأستاذية، واشتغل بالسياسة، فانتُخِبَ عام 1926م في الجمعية التشريعية في بنجاب، وعَمِلَ في حزب الرابطة الإسلامية، ورأَسَ المؤتمر السنوي لها في "إله آباد" سنة 1930م، واشترك إقبال في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1931م، 1932م في لندن؛ للنظر في وضع دستور للهند. وقد كان إقبال يحلُمُ بإنشاء دولة إسلامية لمسلِمي الهند، وسَخِرَ منه الناس حينئذ، ولكِنْ تحققت فكرتُه بقيام دولة باكستان الإسلامية، زار إقبال كثيرًا من الدول الإسلامية، فزار مصر، وأفغانستان، كما زار قرطبة، وصلَّى في مسجد قرطبة الشهير، وظَلَّ طيلة حياته المجيدة يدافِعُ عن الإسلام والمسلمين في المحافِلِ الدولية والمؤتمرات الإسلامية، والكتب والأشعار التي أبدعها، ويحاوِلُ قَدرَ طاقته إيقاظ المسلمين من غفلتهم، ومساعدة الأمة الإسلامية على النهوض، وكان إقبال دائمًا يعطِفُ على الفقراء والمساكين؛ يجلس معهم، ويهتمُّ بأمرهم، ويخالطهم في الطعام والشراب. كما كان يدعو المسلمين إلى المشاركة في حركة الحضارة والتقَدُّم، وكان له موقِفٌ أصيل من التصوف يقوم على رفض التصوُّفِ الذي يخالِفُ الكتاب والسنَّة، ويتأثر بفلسفات وَثَنية، كما رفض التصوفَ الذي يجعلُ من المسلم سلبيًّا لا يشارِكُ في خدمة مجتمعه، ومقاومة الظلم والدفاع عن المسلمين، وكان يسمِّي هذا اللون من التصوف بالتصوف الأعجمي، وكان إقبال في كل أسفاره يعمَلُ على نشر الإسلام، وأثَّر بشِعرِه وأسلوبه في كثير من الأوروبيين، ثم اجتمع المرضُ على إقبال في السنوات الأخيرة من عمره، فضَعُف بصره لدرجة أنه لم يستطع التعَرُّفَ على أصدقائه بسهولةٍ، وكان يعاني من آلام وأزمات شديدة في الحلق؛ مما أدى إلى التهاب حلقه، وأدى بالتالي إلى خفوت صوته، ممَّا اضطره إلى اعتزال مهنة المحاماة، وفكَّر في أن يقصِدَ فيينا طلبًا للعلاج إلا أن حالاته المادية لم تسمَحْ بذلك، وفي 21 من إبريل من هذا العام في تمام الساعة الخامسة صباحًا كانت وفاته رحمه الله. يقول الشيخ أبو الحسن الندوي عنه: ومن دواعي العجَبِ أنَّ كُلَّ هذا النجاح حصل لهذا النابغة، وهو لم يتجاوز اثنين وثلاثين عامًا من عُمُرِه!!

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

هو مصطفى كمال أتاتورك الملقَّب بالغازي؛ رئيس الجهورية التركية، وكلمة أتاتورك، تعني: أبو الأتراك، وهو الذى أسقط الخلافةَ الإسلاميةَ سنة 1343ه / 1924م. ولِدَ مصطفى كمال عام 1296هـ في مدينة سالونيك اليونانية وكانت تابعة للدولة العثمانية، من أمٍّ تدعى زبيدة، ونُسِبَ في بداية الأمر إلى زوج أمه علي رضا الذي لم يلبث أن توفِّي، ولم يتجاوز ربيبُه مصطفى الثامنةَ من العمر، وكانت زبيدة مُستهترة، وتمكَّنَت من تأمين زوجٍ لها، فغَضِبَ ولدها مصطفى منها، وترك البيتَ وذهب إلى بيت أخت علي رضا زوج أمه السابق، ودرس في المدارس الحربية في سالونيك، ومناستر، ثم التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج منها، ثم تخرَّج من كلية الأركان برتبة رائد عام 1333هـ، وألَّف جمعية الوطن والحرية في الشام مع بعض المنفيِّين إليها، وكان يتدرَّبُ في لواء الفرسان، وعندما تمَّ تدريبُه عُيِّنَ في يافا غيرَ أنَّه هرب إلى مصر، ومنها انتقل بحرًا إلى سالونيك، واستطاع أن يجد وسيلةً لتعيينه هناك عن طريق الارتباطات التي أصبحت له، وعَمِلَ لجمعيته التي لم تلبَثْ أن انضمَّت إلى جمعية الاتحاد والترقي، ولم يستطِع البروزَ والظهور فيها؛ لأن أعضاءها لم يحترموه؛ لاستهتاره بالقِيَمِ، وانقطاعه إلى الأماكن الموبوءة من حانات، ومحلات للفجور؛ لذا فقد حقد عليهم أيضًا، ويبدو أنه كان على صلةٍ بجهة لها إمكاناتُها ولها نفوذها توجِّهُه وتحميه وترسُم له وتمَنِّيه وتعِدُه بأعلى منصب، أرسله أنور باشا وزير الحربية إلى طرابلس للقضاءِ على ثورة هناك، لكنه هرب من ليبيا، ثم أُرسِلَ ملحَقًا إلى بلغاريا قضى أيامَه في الخمور والمجون، ولَمَّا اندلعت الحرب العالمية الأولى كان يشتركُ حسب الحاجة تحت إمرة أحد القادة الألمان. وبعد الحرب وتوقيع هدنة مودروس بدأ الإنجليزُ في تهيئة مصطفى كمال لإسقاط الخلافة العثمانية، وإقامة دولة تركيا العلمانية الحديثة، وقد نجحَت في صناعته حتى كان كمال أشَدَّ عداء للإسلام والمسلمين من اليهودِ والنصارى! وفَعَل في تركيا مالم تفعَلْه جيوشُهم مجتمعةً، فما إن تولَّى رئاسة الجمهورية التركية حتى شَنَّ حربًا لا هوادةَ فيها على الإسلام والمسلمين، وفرض إجراءاتِ عَلْمَنة تركيا وفَصْلِها عن الإسلام والمسلمين بقوَّة النظام والسلاح؛ فقد كان هذا الديكتاتور مثلًا فريدًا في القسوة والتنكيل والأنانية المدمِّرة. لقد تجلَّت سياسة أتاتورك العلمانية في برنامج حزبه (حزب الشعب الجمهوري) لعام 1349هـ مرة، وعام 1355هـ مرة ثانية، والتي نصَّ عليها الدستور التركي، وهي المبادئُ الستة التي رُسِمَت بشكل ستة أسهُمٍ على علَمِ الحِزبِ، وهي: القومية، الجمهورية، الشعبية، العَلْمانية، الثورة، سلطة الدولة. هلك مصطفى كمال في 18 رمضان 10 نوفمبر 1938م بعد أن أُصيبَ قبل وفاته بسنين بمرضٍ عضال في الكلية لم يُعرَفْ كُنهُه. وكان يتعرَّضُ لآلام مبَرِّحة مزمنة لا تطاق، كانت السببَ في إدمانه على شربِ الخمر؛ مما أدى إلى إصابته بتليف الكبد، والتهاب في أعصابه الطرفية، وتعرُّضه لحالات من الكآبة والانطواء. ولما توفي دُفِنَ بعد تسعة أيام من وفاته بعد أن أمضى أكثَرَ من خمس عشرة سنة في الحكم. ثم جرت الانتخاباتُ وانتُخِبَ عصمت إينونو رئيسًا للجمهورية؛ فهو ثاني رئيس للجمهورية التركية الحديثة.