الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3515 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 485 العام الميلادي : 1092
تفاصيل الحدث:

لمَّا كان السُّلطانُ ببغداد قَدِمَ إليه أَخوهُ تاجُ الدولةِ تتش من دِمشقَ، وقَسِيمُ الدولةِ أتسز من حَلَب، وبوزان من الرها، فلمَّا أَذِنَ لهم السُّلطانُ في العَوْدِ إلى بِلادِهم أَمَرَ قَسِيمُ الدولةِ وبوزان أن يَسِيرا مع عَساكِرهِما في خِدمَةِ أَخيهِ تاجِ الدولةِ، حتى يَستولِيَ على ما للمُستَنصِر الفاطميِّ حاكمِ مصر بساحِلِ الشامِ، من البلادِ، ويَسيرُ، وهُم معه، إلى مصر لِيَملِكَها، فساروا أجمعون إلى الشامِ، ونَزلَ على حِمصَ، وبها ابنُ ملاعب صاحبُها، وكان الضَّرَرُ به وبأَولادِه عَظيمًا على المسلمين، فحَصَروا البلدَ، وضَيَّقوا على مَن بِه، فمَلَكَهُ تاجُ الدولةِ، وأَخَذَ ابنَ ملاعب ووَلدَيهِ، وسار إلى قَلعةِ عرقة فمَلَكَها عُنوةً، وسار إلى قَلعةِ أفامية فمَلَكَها أيضًا، وكان بها خادِمٌ للمُستَنصِر، فنَزلَ بالأمانِ فأَمَّنَهُ، ثم سار إلى طرابلس فنازَلَها، فرأى صاحبُها جلالُ المُلْكِ ابنُ عمَّارٍ جَيشًا لا يُدفَعُ إلا بِحِيلَةٍ، فأَرسلَ إلى الأُمراءِ الذين مع تاجِ الدَّولةِ، وأَطمَعَهم لِيُصلِحوا حالَه، فلم يَرَ فيهم مَطمَعًا، وكان مع قَسيمِ الدولةِ أتسز وَزيرٌ له اسمُه زرين كمر، فراسَلَهُ ابنُ عمَّارٍ فرأى عنده لِينًا، فأَتحَفَهُ وأَعطاهُ، فسَعَى مع صاحبِه قَسيمِ الدولةِ في إصلاحِ حالِه لِيَدفَعَ عنه، وحَمَلَ له ثلاثين ألف دينارٍ، وتُحَفًا بمِثلِها، وعَرَضَ عليه المَناشِيرَ التي بِيَدِه من السُّلطانِ بالبلدِ، والتَّقَدُّم إلى النُّوَّابِ بتلك البلادِ بمُساعَدتِه، والشَّدَّ بيَدِه، والتَّحذيرَ من مُحارَبَتِه، فقال أتسز لتاجِ الدولةِ تتش: لا أُقاتِلُ مَن هذه المَناشيرُ بِيَدِه. فأَغلَظَ له تاجُ الدولةِ، وقال: هل أنت تابِعٌ لي؟ فقال أتسز أنا أُتابِعُك إلَّا في مَعصِيَةِ السُّلطانِ، ورَحَلَ من الغَدِ عن مَوضِعِه، فاضطرَّ تاجُ الدولةِ إلى الرَّحيلِ، فرَحَلَ غَضبانًا، وعاد بوزان أيضًا إلى بلاده، فانتُقِضَ هذا الأَمرُ.

العام الهجري : 175 العام الميلادي : 791
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فرغ هشامُ بن عبدالرحمن من أخوَيه سليمانَ وعبد الله, انتدب لمطروحِ بن سليمان بن يقظان، فسيَّرَ إليه جيشًا كثيفًا، وجعل عليه أبا عثمان عبيد الله بن عثمان، فسار إلى مطروح، وهو بسرقسطة، فحصَرَه بها فلم يظفَرْ به، فرجع أبو عثمانَ عنه، ونزل بحِصنِ طرسونة، بالقربِ من سرقسطة، وبثَّ سراياه على أهل سرقسطة يُغِيرونَ ويَمنَعون عنهم المِيرةَ، ثمَّ غدر بمطروحٍ بعضُ أصحابِه وقَتَلوه ودانُوا لهِشامٍ، فقَبِلَ منهم.

العام الهجري : 1340 العام الميلادي : 1921
تفاصيل الحدث:

ارتبط تأسيسُ إمارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغَلُ منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعواتِ التي وُجِّهَت للشريف علي بن الحسين من قِبَل أعيان ووُجهاءِ مناطِقِ شرقي الأردن، وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤوا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد طَردِ الملك فيصل من سوريا على يد الفرنسيين جاء أخوه عبد الله طالبًا للثأر، فلما وصل إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلةٍ شاقة لمدة 27 يومًا مع حاشيته، و 500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوةِ أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحليَّةِ للالتفافِ حولَه؛ مما حدا بالفرنسيين إلى اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن أمرًا خطيرًا يهدِّدُ وجودَها في سوريا؛ وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله أنه جاء لإحياء الثورة التي أُخمدت في حوران، وأنَّ قُدومَه للمشاركة في الدفاعِ عن أوطانهم، وأعلن نفسه وكيلًا للأمير فيصل. وخاطبت الحكومةُ الفرنسيةُ الحكومةَ البريطانية لممارسة ضغوطها على الملك حسين؛ لاتخاذ الخطوات الكفيلة بإيقافِ ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمرُ ذلك، وفعلًا قامت بريطانيا بالتوسُّط لدى الملك حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابِلَ أن تحقِّقَ بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكمًا لأنفُسِهم تحت حكم الأمير عبد الله، وكانت بريطانيا لَمَّا عرضت على فيصل عرشَ العراق أبدى اعتراضًا أن أخاه عبد الله قد رشَّحه الشاميون لمُلْك العراق، فقام لورنس بالتفاوضِ مع عبد الله على أن يكونَ هو مَلِكًا على شرق الأردن ويترُكَ مُلك العراق لأخيه فيصل، فوافق؛ لذلك اجتمع عبد الله مع تشرشل في القدس في نيسان 1921م وعقد معه اتفاقًا لم يغِبْ عن الفرنسيين بأن تقوم في شرقي الأردن إمارةٌ ذاتُ حكومة تتمتَّعُ بالاستقلال الإداري، وتسترشد برأي المفَوَّض السامي الإنجليزي في القدس وتتقاضى من إنجلترا معونةً سنوية، ولكِنَّهم لم يعيِّنوا حدود الإمارة في صك الانتداب الذي وقَّع عليه عبد الله بن الحسين في هذه السنة، ولم يعترفوا بحدودِ إمارة شرق الأردن إلا في تصريحِ سنة 1923م.

العام الهجري : 830 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1427
تفاصيل الحدث:

في شهر ربيع الآخر قَدِمَ الخبر بتشتت أهل المدينة النبوية، وانتزاحهم عنها؛ لشدة الخوف وضياع أحوال المسجد النبوي، وقلة الاهتمام بإقامة شعائر الله فيه، منذ كانت كائنة المدينة، فرُسِم الأمير بكتمر السعدي أحد أمراء العشرات إلى المدينة فأخذ في تجهيز حالِه.

العام الهجري : 623 العام الميلادي : 1226
تفاصيل الحدث:

كان بين المعظم والأشرف خلافٌ سَبَبُه أنَّه لَمَّا توفِّيَ الملك العادل أبو بكر بن أيوب، اتفق أولاده الملوك بعده اتفاقًا حسنًا، وهم: الملك الكامل محمد، صاحب مصر، والملك المعظم عيسى، صاحب دمشق، والملك الأشرف موسى، صاحب ديار الجزيرة وخلاط، واجتمعت كلمتُهم على دفع الفرنج عن الديار المصريَّة، ولما رحل الكامل عن دمياط لما كان الفرنج يحصُرونَها، صادفه أخوه المعظَّم من الغد، وقَوِيَت نفسه، وثَبَتت قدمه، ولولا ذلك لكان الأمر عظيمًا، ثم إنَ المعظم لما عاد من مصر سار إلى أخيه الأشرف ببلاد الجزيرة مرَّتين يستنجده على الفرنج، ويحثُّه على مساعدة أخيهما الكامل، ولم يزل به حتى أخذه وسارا إلى مصر، وأزالوا الفرنجَ، فلما فارق الفرنجُ مصرَ وعاد كل من الملوك أولاد العادل إلى بلده بَقُوا كذلك يسيرًا، ثم سار الأشرفُ إلى أخيه الكامل بمصر، فاجتاز بأخيه المعظَّم بدمشق، فلم يستصحِبْه معه، وأطال المقامَ بمصر، فساء المعظَّم ذلك، ثم إن المعظَّم سار إلى مدينة حماة وحصرها، فأرسل إليه أخوه من مصرَ ورحَّلاه عنها كارهًا، فازداد نفورًا، وقيل: إنَّه نقل إليه عنهما أنهما اتفقا عليه، والله أعلم بذلك، ثم انضاف إلى ذلك أن الخليفة الناصر لدين الله، كان قد استوحش من الكامِلِ؛ لِما فعله ولده صاحِبُ اليمن من الاستهانة بأمير الحاج العراقي، فأعرض عنه وعن أخيه الأشرف لاتفاقِهما، وقاطعهما وراسل مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي، صاحب إربل، يعلِمُه بانحرافه عن الأشرف، واستمالَه واتفقا على مراسلة المعظَّم وتعظيم الأمر عليه، فمال إليهما وانحرف عن إخوته، ثم اتفَقَ ظهور جلال الدين وكثرةُ ملكه، فاشتد الأمرُ على الأشرف بمجاورة جلال الدين خوارزم شاه ولاية خلاط، ولأنَّ المعظم بدمشق يمنع عنه عساكرَ مصر أن تصِلَ إليه، وكذلك عساكر حلب وغيرها من الشام، فرأى الأشرفُ أن يسير إلى أخيه المعظَّم بدمشق، فسار إليه في شوال واستماله واصطلح معه، فلما سمع الكامل بذلك عظم عليه، ثم إنهما راسلاه وأعلماه بنزول جلال الدين على خلاط، وعظَّما الأمر عليه، وأعلماه أن هذه الحال تقتضي الاتفاق لعمارة البيت العادلي، وانقضت السنةُ والأشرف بدمشق والناس على مواضِعِهم ينتظرون خروجَ الشتاء ما يكون من الخوارزميين.

العام الهجري : 259 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 873
تفاصيل الحدث:

أمر المعتمِدُ موسى بن بغا الكبيرَ بالمسير إلى حرب صاحبِ الزنج، فسيَّرَ إلى الأهواز عبد الرحمن بن مفلح، وإلى البصرة إسحاقَ بن كنداجيق، وإلى باذاورد إبراهيمَ بن سيما، وأمرهم بمحاربة صاحب الزنج، فلما وَليَ عبد الرحمن الأهوازَ سار إلى محاربة عليِّ بن أبان المهلبي، فتواقعا فانهزم عبدُالرحمن؛ ثم استعَدَّ وعاد إلى عليٍّ، فأوقع به وقعةً عظيمةً قَتَل فيها من الزنج قتلًا ذريعًا وأسَرَ خلقًا كثيرًا، وانهزم عليُّ بن أبان والزنج، ثم أراد رَدَّهم فلم يرجِعوا من الخوفِ الذي دخلهم من عبد الرحمن، فلمَّا رأى ذلك أذِنَ لهم بالانصرافِ، فانصرَفوا إلى مدينة صاحِبِهم، ووافى عبد الرحمن حِصنَ مهديٍّ ليُعسكِرَ به، فوجَّه إليه صاحِبُ الزنجِ عليَّ بن أبان، فواقعه فلم يقدر عليه، ومضى يُريدُ الموضِعَ المعروف بالدكة، وكان إبراهيمُ بن سيما بالباذاورد، فواقعه عليُّ بن أبان، فهزمه علي بن أبان، ثم واقعه ثانيةً، فهزمه إبراهيمُ، فمضى عليٌّ في الليل ومعه الأدلَّاء في الآجام، حتى انتهى إلى نهر يحيى، وانتهى خبَرُه إلى عبد الرحمن، فوجَّه إليه طاشتمر في جمعٍ من الموالي، فلم يصِلْ إليه؛ لامتناعه بالقصب والحلافي، فأضرمها عليه نارًا فخرجوا منها هاربينَ، فأُسِر منهم أسرى، وانصرف أصحابُ عبد الرحمن بالأسرى والظَّفَر، ثم سار عبد الرحمن نحوَ عليِّ بن أبان بمكانٍ نزل فيه، فكتب علي إلى صاحِبِ الزنج يستمِدُّه، فأمَدَّه بثلاثَ عشرة شذاة، ووافاه عبد الرحمن، فتواقعا يومَهما، فلما كان الليلُ انتخَبَ عليٌّ من أصحابِه جماعةً ممَّن يثِقُ بهم وسار وترك عسكرَه ليُخفِيَ أمرَه، وأتى عبد الرحمن من ورائه فبَيَّتَه، فنال منه شيئًا يسيرًا، وانحاز عبد الرحمن فأخذ عليٌّ منهم أربع شذوات، وأتى عبد الرحمن دولاب فأقام به، وسار طاشتمر إلى عليٍّ فوافاه وقاتله، فانهزم عليٌّ إلى نهر السدرة، وكتب يستمِدُّ عبد الرحمن، فأخبَرَه بانهزام عليٍّ عنه، فأتاه عبد الرحمن وواقع عليًّا عند نهر السدرة وقعةً عظيمةً، فانهزم علي إلى الخبيث، وعسكر عبدُ الرحمن، فكان هو وإبراهيم بن سيما يتناوبان المسيرَ إلى عسكر الخبيث فيُوقعان به، وإسحاق بن كنداجيق بالبصرة، وقد قطَعَ الميرةَ عن الزنج، فكان صاحِبُهم يجمع أصحابَه يوم محاربة عبد الرحمن وإبراهيم، فإذا انقَضَت الحرب سيَّرَ طائفةً منهم إلى البصرة يقاتِلُ بهم إسحاق، فأقاموا كذلك بضعةَ عشر شهرًا إلى أن صرف موسى بن بغا عن حرب الزنج، ووَلِيَها مسرور البلخي.

العام الهجري : 487 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو المُستَنصِر بالله أبو تَميمٍ مَعَدُّ بنُ أبي الحَسنِ عليٍّ الظاهر بن الحاكم الفاطِميُّ العُبيديُّ صاحِبُ مصر والشام، وُلِدَ سَنةَ 420هـ, ووَلِيَ الأَمرَ بعدَ أَبيهِ الظاهرِ وله سَبعُ سنين، في شعبان سنة 427هـ، وفي وَسطِ دَولتِه خُطِبَ له بإَمْرَةِ المؤمنين على مَنابرِ العِراقِ. قال ابنُ خلكان: "جَرَى في أَيامِه ما لم يَجرِ على أَيامِ أَحَدٍ مِن أَهلِ بَيتِه ممَّن تَقدَّمهُ ولا تَأخَّرهُ: منها قَضيةُ البساسيري فإنه لمَّا عَظُمَ أَمرُه، وكَبُرَ شأنُه ببغداد قَطعَ خُطبةَ الخَليفةِ العبَّاسيِّ القائمِ بأَمرِ الله، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ سَنةَ 450هـ، ودَعَا له على مَنابِرِها مُدَّةَ سَنَةٍ, ومنها أنه ثار في أَيامِه عليُّ بنُ محمدٍ الصليحيُّ ومَلَكَ بِلادَ اليَمنِ، ودَعَا للمُستَنصِر على مَنابِرِها, ومنها أنه أقامَ في الأَمرِ سِتِّينَ سَنَةً، وهذا أَمرٌ لم يَبلُغه أَحدٌ مِن أَهلِ بَيتِه ولا مِن بَنِي العبَّاسِ, ومنها أنه وَلِيَ الأَمرَ وهو ابنُ سَبعِ سِنين. ومنها أن دَعوتَهم لم تَزل قائمةً بالمَغربِ منذ قام جَدُّهُم المَهديُّ إلى أَيامِ المُعِزِّ ولمَّا تَوَجَّه المُعِزُّ إلى مصر واستَخلَف بلكين بن زيري، كانت الخُطبةُ في تلك النواحي لا زالت للعُبيديِّين، إلى أن قَطَعَها المُعِزُّ بن باديس في أَيامِ المُستَنصِر سَنةَ 443هـ، وفي سَنةِ 449هـ قُطِعَ اسمُ المُستَنصِر واسمُ آبائِه مِن الخُطبةِ في الحَرَمينِ، وذُكِرَ اسمُ المُقتدِي بأَمرِ الله خَليفةِ بغداد، ومنها أنه حَدَثَ في أَيامِه الغَلاءُ العَظيمُ الذي ما عُهِدَ مِثلُه منذ زَمانِ يوسف عليه السلام، وأقامَ سَبعَ سِنينَ، وأَكلَ الناسُ بَعضُهم بَعضًا، حتى قِيلَ: إنه بِيعَ رَغيفٌ واحدٌ بخَمسين دِينارًا، وكان المُستَنصِر في هذه الشِّدَّةِ يَركَب وَحدَه، وكلُّ مَن معه من الخَواصِّ مُتَرَجِّلون ليس لهم دَوابٌّ يَركَبونَها، وكانوا إذا مَشوا تَساقَطوا في الطُّرُقاتِ من الجُوعِ، وآخِرُ الأمرِ تَوجَّهَت أُمُّ المُستَنصِر وبَناتُه إلى بغداد من فَرْطِ الجُوعِ سَنةَ 462هـ، وتَفَرَّق أَهلُ مصر في البِلادِ وتَشتَّتوا"، وتُوفِّي المُستَنصِر لَيلةَ الخميسِ لاثنتي عشرة لَيلةً بَقِينَ من ذي الحجَّةِ سَنةَ 487هـ وكانت مُدَّةُ حُكمِه سِتِّينَ سَنةً وأربعةَ أَشهُر، ولمَّا مات وَلِيَ بَعدَه ابنُه أبو القاسمِ أحمدَ المُستَعلِي بالله، وكان قد عَهِدَ في حَياتِه لابنِه نزار، فخَلَعهُ الأفضلُ أبو القسمِ شاهنشاه بن أَميرِ الجُيوشِ وبايَعَ المُستَعلِي بالله، وسَببُ خَلعِه أن الأفضلَ رَكِبَ مَرَّةً، أَيامَ المُستَنصِر، ودَخلَ دِهليزَ القَصرِ من بابِ الذَّهبِ راكِبًا، ونزار خارِجٌ، والمَجازُ مُظلِمٌ، فلم يَرَهُ الأفضلُ، فصاحَ به نزار: انزِل، يا أرمني، كلب، عن الفَرَسِ، ما أَقَلَّ أَدَبَك! فحَقَدَها عليه، فلمَّا مات المُستَنصِر خَلَعهُ خَوفًا منه على نَفسِه، وبايَعَ المُستَعلي، فهَرَب نزار إلى الإسكندريةِ، وبها ناصِرُ الدولةِ أفتكين، فبايَعَهُ أَهلُ الإسكندريةِ وسَمَّوهُ المُصطفَى لدِينِ الله، فخَطَبَ الناسَ، ولَعنَ الأَفضلَ، وأَعانَه أيضًا القاضي جَلالُ الدولةِ بنُ عَمَّارٍ، قاضي الإسكندريةِ، فسار إليه الأَفضلُ، وحاصَرَهُ بالإسكندريةِ، فعاد عنه مَقهورًا، ثم ازدادَ عَسكرًا، وسار إليه، فحَصَرهُ وأَخَذهُ، وأَخذَ أفتكين فقَتَلهُ، وتَسلَّم المُستعلِي نزارًا فبَنَى عليه حائِطًا فماتَ، وقَتَلَ القاضيَ جَلالَ الدولةِ بنَ عَمَّارٍ ومَن أَعانَه.

العام الهجري : 633 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1235
تفاصيل الحدث:

هو أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد بن فرج بن خلف بن قومس بن أحمد بن دحية بن خليفة الكلبي الحافظ، شيخ الديار المصرية في الحديث، ولد سنة 546. كان يذكر أنه من ولد دحية الكلبي، وأنه سبطُ أبي البسام الحسيني الفاطمي. كان بصيرًا بالحديث معتنيًا بتقييده، مكبًّا على سماعه، حسنَ الحَطِّ معروفًا بالضبط، له حظٌّ وافر من اللغة، ومشاركة في العربية وغيرها. وهو أول من باشر مشيخة دار الحديث الكامليَّة بها، وقد كان يتزيد في كلامه، فترك الناس الرواية عنه وكذَّبوه، وقد كان الكامِلُ مقبلًا عليه، فلما انكشف له حاله أخذ منه دار الحديث وأهانه، توفي بالقاهرة ودفن بقرافة مصر، قال ابن خلكان: وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقنًا لعلم الحديث وما يتعلَّقُ به، عارفًا بالنحو واللغة وأيَّام العرب وأشعارها، اشتغل ببلادِ المغرِب، ثمَّ رحل إلى الشام ثم إلى العراق، واجتاز بإربل سنة 604، فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب " التنوير في مولد السراج المنير " وقرأه عليه بنفسه، فأجازه بألف دينار، ولي قضاء دانية مرتين، ثم صُرِف عن ذلك لسيرة نُعِتَت عليه، فرحل منها. روى عنه الدبيثي فقال: "كان له معرفة حسنة بالنحو واللغة، وأنسة بالحديث، فقيهًا على مذهب مالك، وكان يقول: إنه حفظ " صحيح مسلم " جميعه، وأنه قرأه على بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدعي أشياء كثيرة. قلت (الذهبي): كان صاحب فنون، وله يد طولي في اللغة، ومعرفة جيدة بالحديث على ضعف فيه. قرأت بخط الضياء الحافظ قال: لقيت الكلبيَّ بأصبهان، ولم أسمع منه شيئًا، ولم يعجبني حالُه، وكان كثير الوقيعة في الأئمة، وأخبرني إبراهيم السنهوري بأصبهان أنه دخل المغرب، وأن مشايخ المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفَه. وقد رأيتُ منه أنا غير شيء ممَّا يدل على ذلك" قال ابن نقطة: "كان موصوفًا بالمعرفة والفضل، ولم أره إلَّا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها. ذكر لي أبو القاسم بن عبد السلام - ثقة - قال: نزل عندنا ابنُ دحية، فكان يقول: أحفظ " صحيح مسلم "، و" الترمذي "، قال: فأخذت خمسة أحاديث من " الترمذي "، وخمسة من " المسند " وخمسة من الموضوعات فجعلتها في جزء، ثم عرضتُ عليه حديثًا مِن " الترمذي "، فقال: ليس بصحيح، وآخر فقال: لا أعرفه. ولم يعرف منها شيئًا. قلت (الذهبي): ما أحسن الصدق، لقد أفسد هذا المرءُ نَفسَه". قال ابن كثير: وقد تكلَّمَ الناس فيه بأنواع من الكلام، ونسبه بعضهم إلى وضعِ حديثٍ في قَصرِ صلاة المغرب، ولابن دحية مصنفات منها: المطرب في أشعار أهل المغرب، ونهاية السول في خصائص الرسول، والنبراس في خلفاء بني العباس، وغيرها.

العام الهجري : 19 العام الميلادي : 639
تفاصيل الحدث:

حاصَر المسلمون عَيْنَ شَمْسٍ وارْتَقى الزُّبيرُ بن العَوَّام السُّورَ، فلمَّا أَحَسَّ أهلُها بذلك انْطَلَقوا بِاتِّجاهِ البابِ الآخَرِ الذي عليه عَمرُو بن العاصِ؛ ولكنَّ الزُّبيرَ كان قد اخْترقَ البابَ عَنْوَةً ووصَل إلى البابِ الذي عليه عَمرٌو؛ ولكنَّ أهلَ عَيْنِ شَمْسٍ كانوا قد سَبَقوه وصالحوا عَمرًا, وكتَب لهم عَمرٌو كِتابَ أَمانٍ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عَمرُو بن العاصِ أهلَ مِصْرَ مِن الأمانِ على أَنفُسِهم، ومِلَّتِهِم، وأَموالِهِم، وكَنائِسِهم، وصُلُبِهِم، وبَرِّهِم، وبَحْرِهِم، لا يُدْخَلُ عليهم شيءٌ مِن ذلك، ولا يُنْتَقَصُ، ولا يُساكِنُهم النُّوبَةُ، وعلى أهلِ مِصْرَ أن يُعطوا الجِزيَةَ إذا اجتمعوا على هذا الصُّلْحِ، وانتهت زِيادَةُ نَهْرِهِم فعليهم خمسين ألف ألف، فإن أَبَى أحدٌ منهم أن يُجِيبَ رُفِعَ عنهم مِن الجَزاءِ بِقَدْرِهِم، وذِمَّتُنا ممَّن أَبَى بَريئَةٌ، وإن نَقَصَ نَهْرُهُم مِن غايَتِهِ رُفِعَ عنهم بِقَدْرِ ذلك، ومَن دخَل في صُلْحِهم مِن الرُّومِ والنُّوبَةِ فله مِثلُ ما لهم، وعليه مِثلُ ما عليهم، ومن أَبَى واخْتار الذِّهابَ فهو آمِن حتَّى يَبلُغَ مَأْمَنَهُ، أو يَخرُجَ مِن سُلْطانِنا، على ما في هذا الكِتابِ عَهْدُ الله، وذِمَّةُ رَسولِه، وذِمَّةُ الخَليفةِ أميرِ المؤمنين، وذِمَمُ المؤمنين، وعلى النُّوبَةِ الذين استجابوا أن يُعينوا بكذا وكذا رَأسًا، وكذا وكذا فَرَسًا، على أن لا يُغْزَوْا ولا يُمْنَعُوا مِن تِجارةٍ صادِرَةٍ ولا وارِدَةٍ.

العام الهجري : 422 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1031
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ أبو العَبَّاسِ أحمَدُ بنُ الأميرِ إسحاقَ بنِ المُقتَدِرِ جَعفرِ بنِ المُعتَضِدِ العباسيِّ البغداديِّ. ولِدَ سنة 336. وأمُّه اسمُها: تمني, ماتت في دولتِه، وكان أبيضَ كَثَّ اللِّحيةِ يَخضِبُ, دَيِّنًا عالِمًا متعَبِّدًا وقورًا، مِن جِلَّةِ الخُلفاءِ وأمثَلِهم. عَدَّه ابنُ الصَّلاحِ في الشَّافعيَّة؛ فقد تفَقَّه على أبي بشرٍ أحمَدُ بنُ محمَّدٍ الهَرَويِّ. قال الخطيبُ البغدادي: "كان القادِرُ باللهِ مِن السِّترِ والدِّيانةِ، وإدامةِ التهَجُّدِ باللَّيلِ وكثرةِ البِرِّ والصَّدَقات على صِفةٍ اشتُهِرَت عنه" وكان قد صَنَّفَ كِتابًا في الأصولِ ذكر فيه فضائِلَ الصَّحابةِ على ترتيبِ مَذهَبِ أهل الحديث, وأورد في كتابِه فضائِلَ عُمَرَ بنِ عبد العزيز، وإكفارَ المُعتَزِلة والقائلينَ بخَلقِ القُرآنِ, وكان الكِتابُ يُقرأُ كُلَّ جُمعةٍ في حلقةِ أصحابِ الحديث. قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ: "كان في أيَّامِ المتوكِّلِ قد عَزَّ الإسلامُ حتى ألزَمَ أهلَ الذِّمَّةِ بالشُّروطِ العُمَرِيَّة وألزموا الصِّغارَ، فعَزَّت السُّنَّة والجماعة, وقُمِعَت الجَهميَّةُ والرَّافِضةُ ونحوهم، وكذلك في أيَّامِ المُعتَضِد، والمُهتدي، والقادرِ بالله، وغيرِهم من الخُلفاِء الذين كانوا أحمَدَ سِيرةً وأحسَنَ طريقةً مِن غَيرِهم, وكان الإسلامُ في زَمَنِهم أعَزَّ، وكانت السُّنَّةُ بحَسَبِ ذلك" أمَرَ القادِرُ باللهِ بعَمَلِ مَحضَرٍ يتضَمَّنُ القَدحَ في نَسَبِ العُبَيديَّة، وأنَّهم منسوبونَ إلى ديصان بنِ سعيدٍ الخرَّميِّ، أخذَ عليه خُطوطَ العُلَماءِ والقُضاة والطَّالبيِّينَ، كما استتابَ فُقَهاءَ المُعتَزِلة، فأظهروا الرُّجوعَ وتبَرَّؤوا من الاعتزالِ والرَّفضِ والمقالاتِ المخالفةِ للإسلامِ. تُوفِّيَ القادِرُ بالله وكانت خلافتُه إحدى وأربعينَ سَنةً وثلاثةَ أشهُرٍ وعشرين يومًا، وكانت الخلافةُ قَبلَه قد طَمِعَ فيها الديلَمُ والأتراك، فلَمَّا وَلِيَها القادِرُ بالله أعاد جِدَّتَها، وجَدَّد ناموسَها، وألقى اللهُ هَيبَتَه في قلوبِ الخَلقِ، فأطاعوه أحسَنَ طاعةٍ وأتَمَّها، فلمَّا مات القادِرُ بالله جلَسَ ابنُه القائِمُ بأمرِ الله أبو جعفرٍ عبدُ الله، وجُدِّدَت له البيعةُ، وكان أبوه قد بايَعَ له بولايةِ العهدِ سنةَ 421، واستقَرَّت الخلافةُ له، وأوَّلُ مَن بايَعَه الشَّريفُ أبو القاسِمِ المرتضى، وأرسل القائِمُ بأمرِ اللهِ قاضيَ القُضاةِ أبا الحسَن الماوَرديَّ إلى المَلِك أبي كاليجار؛ ليَأخُذَ عليه البَيعةَ، ويَخطُبَ له في بلادِه، فأجابَ وبايَعَ، وخَطَب له في بلادِه.

العام الهجري : 25 العام الميلادي : 645
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن تَوَلَّى عُثمانُ بن عفَّانَ الخِلافةَ، وكان عَمرَو بن العاصِ هو أَميرُ مِصْرَ مِن قِبَلِ عُمَر بن الخطَّاب، فَعُيِّنَ بدلًا عنه عبدُ الله بن سعدِ بن أبي السَّرْحِ، عَيَّنَهُ على مِصْرَ وخَراجَها، وأَمَرَهُ كذلك بالانْسِياحِ في أفريقيا والتَّوَغُّلِ فيها واسْتِكمالِ الفُتوحِ.

العام الهجري : 786 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1384
تفاصيل الحدث:

خُلِعَ السُّلطانُ أبو العباس أحمد المستنصر بن إبراهيم بن أبي الحسن المريني مَلِكُ المغرب صاحب فاس ونُفي إلى غرناطة، وبُويع بدلًا منه أبو فارس موسى بن أبي عنان المتوكل على الله، وكان مقيمًا بالأندلس، وتولى الوزير مسعود بن ماساي الأمورَ.

العام الهجري : 1 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

عن جابرٍ قال: (مكث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمكَّةَ عشرَ سِنينَ يَتْبَعُ النَّاسَ في منازلِهم بعُكاظٍ ومَجَنَّةَ، وفي المَواسمِ بمِنًى، يقول: مَن يُؤْوِيني؟ مَن يَنصُرني حتَّى أُبَلِّغَ رسالةَ رَبِّي وله الجَنَّةُ. حتَّى إنَّ الرَّجلَ لَيخرُجُ مِنَ اليمنِ أو مِن مُضَرَ، فيأتيه قومُه فيقولون: احْذرْ غُلامَ قُريشٍ لا يَفْتِنُكَ. ويمشي بين رجالِهم وهُم يُشيرون إليه بالأصابعِ حتَّى بعثنا الله إليه مِن يَثْرِبَ فآوَيناهُ وصدَّقناهُ، فيخرُج الرَّجلُ مِنَّا فيُؤمِنُ به ويُقرِئُهُ القُرآنَ فيَنقلِبُ إلى أهلهِ فيُسلِمون بإسلامهِ، حتَّى لمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها رَهطٌ مِنَ المسلمين يُظهِرون الإسلامَ، ثمَّ ائْتَمروا جميعًا فقُلنا: حتَّى متى نَترُك رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُطْرَدُ في جبالِ مكَّةَ ويخافُ. فرحل إليه مِنَّا سبعون رجلًا حتَّى قَدِموا عليه في المَوسمِ فَواعَدناهُ شِعْبَ العَقبةِ، فاجتمَعنا عليه مِن رجلٍ ورَجُلَينِ حتَّى تَوافَينا فقُلنا: يا رسولَ الله، نُبايِعُك. قال: تُبايِعوني على السَّمعِ والطَّاعةِ في النَّشاطِ والكَسلِ، والنَّفقةِ في العُسرِ واليُسرِ، وعلى الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكرِ، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لَوْمَةَ لائمٍ، وعلى أن تَنصُروني فتَمنَعوني إذا قَدِمتُ عليكم ممَّا تمنَعون منه أنفسَكُم وأَزواجَكُم وأبناءَكُم ولكم الجنَّةُ. قال فقُمنا إليه فبايَعناهُ، وأخذ بيدِهِ أَسعدُ بنُ زُرارةَ وهو مِن أَصغرِهم، فقال: رُويدًا يا أهلَ يَثْرِبَ، فإنَّا لمْ نَضرِبْ أَكبادَ الإبلِ إلَّا ونحن نعلمُ أنَّه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّ إخراجَهُ اليومَ مُفارقةُ العربِ كافَّةً، وقَتْلُ خِيارِكُم، وأنْ تَعَضَّكُم السُّيوفُ، فإمَّا أنتم قومٌ تَصبِرون على ذلك وأَجرُكم على الله، وإمَّا أنتم قومٌ تخافون مِن أَنفُسِكُم جَبِينَةً فَبَيِّنوا ذلك فهو عُذْرٌ لكم عند الله. قالوا أَمِطْ عنَّا يا أَسعدُ، فَوَالله لا نَدَعُ هذه البَيعةَ أبدًا، ولا نَسْلُبُها أبدًا. قال فقُمنا إليه فبايَعناهُ فأخذ علينا وشَرَطَ ويُعطينا على ذلك الجنَّةَ)

العام الهجري : 486 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1093
تفاصيل الحدث:

كان إبراهيمُ بن قُريشِ بن بدران، أَميرُ بني عُقيلٍ، قد استَدعاهُ السُّلطانُ ملكشاه سَنةَ اثنتين وثمانين وأربعمائة لِيُحاسِبَه، فلمَّا حَضَرَ عنده اعتَقَلهُ، وأَنفَذَ فَخرَ الدولةِ بنَ جَهيرٍ إلى البِلادِ، فمَلَكَ المَوصِلَ وغَيرَها، وبَقِيَ إبراهيمُ مع ملكشاه، وسارَ معه إلى سمرقند، وعاد إلى بغداد، فلمَّا ماتَ ملكشاه أَطلقَتهُ تركان خاتون من الاعتِقالِ، فسارَ إلى المَوصِل, وكان ملكشاه قد أَقطعَ عَمَّتَهُ صَفِيَّة مَدينةَ بلد، وكانت زَوجةَ شَرفِ الدَّولةِ، ولها منه ابنُها عليٌّ، وكانت قد تَزوَّجَت بعد شَرفِ الدولةِ بأَخيهِ إبراهيمَ، فلمَّا مات ملكشاه قَصدَت المَوصِلَ، ومعها ابنُها عليٌّ، فقَصَدَها محمدُ بن شَرفِ الدولةِ، وأَرادَ أَخْذَ المَوصِل، فافتَرَق الناسُ فِرقَتينِ: فِرقَةٌ معه، وأُخرى مع صَفِيَّة وابنِها عليٍّ، واقتَتَلوا بالمَوصِل عند الكُنَّاسَةِ، فظَفَرَ عَلِيٌّ، وانهَزمَ مُحمدٌ، ومَلَكَ عليٌّ المَوصِلَ, فلمَّا وَصلَ إبراهيمُ إلى جهينة، وبينه وبين المَوصِل أربعةُ فَراسِخ، سَمِعَ أن الأَميرَ عَلِيًّا ابنَ أَخيهِ شَرفِ الدولةِ قد مَلَكَها، ومعه أُمُّهُ صَفِيَّة، عَمَّةُ ملكشاه، فأَقامَ مكانه، وراسلَ صَفِيَّة خاتون، وتَردَّدَت الرُّسُلُ، فسَلَّمَت البلدَ إليهِ، فأَقامَ به. فلما ملك تتش نصيبين أرسل إليه يأمره أن يخطب له بالسلطنة، ويعطيه طريقا إلى بغداد لينحدر، ويطلب الخطبة بالسلطنة، فامتنع إبراهيم من ذلك، فسار تتش إليه، وتقدم إبراهيم أيضًا نحوه، فالتقوا بالمضيع، من أعمال الموصل، في ربيع الأول، وكان إبراهيم في ثلاثين ألفًا، وكان تتش في عشرة آلاف، وكان اتسز على ميمنته، وبوزان على ميسرته، فحمل العرب على بوزان، فانهزم، وحمل اتسز عليهم فهزمهم، وتمت الهزيمة على إبراهيم والعرب، وأخذ إبراهيم أسيرًا وجماعة من أمراء العرب، فقتلوا صبرًا، ونهبت أموال العرب وما معهم من الإبل والغنم والخيل وغير ذلك، وقتل كثير من نساء العرب أنفسهن خوفًا من السبي والفضيحة, وملك تتش بلادهم الموصل وغيرها، واستناب بها علي بن شرف الدولة، وأمه صفية عمة تتش، وأرسل إلى بغداد يطلب الخطبة، وساعده كوهرائين على ذلك، فقيل لرسوله: إنا ننتظر وصول الرسل من العسكر، فعاد إلى تتش بالجواب.

العام الهجري : 133 العام الميلادي : 750
تفاصيل الحدث:

أقبل قُسطنطين- مَلِكُ الروم- إلى ملطية وكمخ، فنازل كمخ، فأرسَلَ أهلُها إلى أهل ملطية يستنجدونَهم، فسار إليهم منها ثمانمئة مقاتل، فقاتلهم الرومُ، فانهزم المسلمون، ونازل الرومُ ملطيةَ وحصَروها، والجزيرةُ يومئذ مفتونةٌ بالحروب الداخلية، وعامِلُها موسى بن كعب بحران. فأرسل قسطنطين إلى أهل ملطية: إنِّي لم أحصُرْكم إلَّا على عِلمٍ مِن المسلمين واختلافِهم، فلكم الأمانُ وتعودون إلى بلاد المسلمينَ حتى أحتَرِثَ ملطية. فلم يجيبوه إلى ذلك، فنصب المجانيقَ، فأذعَنوا وسلَّموا البلادَ على الأمانِ، وانتقلوا إلى بلاد الإسلامِ وحَملوا ما أمكنَهم حَملُه، وما لم يقدِروا على حملِه ألقَوه في الآبارِ والمجاري. فلما ساروا عنها أخرَبَها الروم ورحلوا عنها عائدينَ، وتفرَّقَ أهلُها في بلاد الجزيرة، وسار مَلِكُ الروم إلى قاليقلا فنزل مرج الخصي، وأرسل كوشان الأرمني فحصرها، فنقب إخوانٌ من الأرمنِ من أهل المدينةِ ردمًا كان في سورها، فدخل كوشان ومن معه المدينةَ وغَلبوا عليها وقتَلوا رجالَها وسَبَوا النساء وساق القائِم إلى ملك الروم.