الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2032 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 73 العام الميلادي : 692
تفاصيل الحدث:

هي ذاتُ النِّطاقَيْنِ، وهي زَوجةُ الزُّبير، ووالدةُ عبدِ الله بن الزُّبير، وكانت قد شَهِدَت اليَرْموك مع زَوجِها وابْنِها، بَقِيَت في مكَّة بعدَ أن طَلَّقَها الزُّبيرُ في عَهْدِ عُثمان بن عفَّان، وكانت قد عَمِيَت رضي الله عنها وبَلَغت المائةَ سَنةٍ مِن عُمُرِها، وخَبرُها مع الحَجَّاج مشهور بشأنِ ابْنِها عبدِ الله، وقد تُوفِّيت بعدَ مَقْتَلِ ابْنِها بِشَهرين، وكانت مِن آخرِ المُهاجِرات موتًا، فرضِي الله عنها وعن أَبِيها وابْنِها.

العام الهجري : 63 العام الميلادي : 682
تفاصيل الحدث:

كان ابنُ الزُّبيرِ رضي الله عنه رافِضًا بَيْعَة يَزيدَ بن مُعاوِيَة منذ أن حاوَل مُعاوِيَةُ رضي الله عنه أَخْذَ البَيْعَة لابنِه يَزيدَ مِن ابنِ عُمَر والحُسينِ وابنِ الزُّبيرِ، وبعدَ وَفاةِ مُعاوِيَة رضي الله عنه انتقَل ابنُ الزُّبيرِ والحُسينُ بن عَلِيٍّ مِن المدينةِ إلى مكَّة, وبعدَ قَتْلِ الحُسينِ بن عَلِيٍّ رضي الله عنه خلَع عبدُ الله بن الزُّبير عامِلَ يَزيدَ في مكَّة، وقَدَّمَ بدلًا عنه مُصعَبَ بن عبدِ الرَّحمن، ثمَّ ثار النَّاسُ بالمدينةِ وطَردوا والي يَزيدَ ووَلَّوْا عليهم عبدَ الله بن حَنظَلةَ، وحاصروا بني أُمَيَّة في دارِ مَرْوان بن الحَكَمِ، ثمَّ طَردوهُم مِن المدينةِ، ولمَّا وصَل الخبرُ ليَزيدَ أرسَل إليهم جيشًا وكانت وَقعةُ الحَرَّةِ، ثمَّ تابَع الجيشُ إلى مكَّة، وتُوفِّي قائدُهم مُسلمُ بن عُقبةَ في الطَّريقِ، وتَوَلَّى بَعدَهُ الحُصَينُ بن نُميرٍ الذي حاصر مكَّة، وتُوفِّي يَزيدُ أثناءَ ذلك، فلمَّا عَلِمَ بذلك الحُصينُ طلَب مِن ابنِ الزُّبيرِ أن يَسيرَ معه للشَّامِ فيُبايِعهُ فيها؛ لكنَّ ابنَ الزُّبيرِ رفَض فرجَع جيشُ الحُصينِ، ودَعا ابنُ الزُّبيرِ لِنَفسِه بالخِلافَة، فبايَعهُ أهلُ الحِجازِ وأهلُ مِصْرَ، وأمَّا أهلُ البَصْرَة فبايعوا ابنَ زيادٍ، ثمَّ بعدَ مُدَّةٍ اجتمَعَت البَصْرَةُ والكوفَةُ لابنِ الزُّبيرِ واليَمَنُ وخُراسانُ والشَّامُ إلَّا بعضَ المناطقِ.

العام الهجري : 904 العام الميلادي : 1498
تفاصيل الحدث:

كان تسليم غرناطة للملك فرديناند ملك أراغون والملكة إيزابيلا ملكة قشتالة بناء على معاهدة، لكن فرديناند وزوجته لم يَفيَا بهذه العهود، بل أصدرت إيزابيلا قانونًا يقضي بإجبار المسلمين على التنصر وتحريم إقامة شعائرهم الدينية، وتأمر كذلك بإحراق الكتب الإسلامية في غرناطة, وبعد أن نقض فرديناند شروط تسليم غرناطة شرطًا شرطًا بدا بدعوة المسلمين إلى التنصر وأكرههم عليه فدخلوا في دينه كرهًا وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق من يقول فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارًا إلا من يقولها في نفسه وفي قلبه أو خفيةً من الناس!! وجعلت النواقيس بدل الأذان في مساجدِها والصور والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فكم فيها من عينٍ باكية! وكم فيها من قلب حزين! وكم فيها من الضعفاء والمعدومين لم يقدروا على الهجرة واللحوق بإخوانهم المسلمين! قلوبهم تشتعل نارًا ودموعهم تسيل سيلًا غزيرًا مدرارًا، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ويسجدون للأوثان ويأكلون الخنزير والميتات ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم ولا على زجرهم! ومن فعل ذلك عوقب أشد العقاب، فيا لها من فاجعة ما أمرَّها ومصيبةٍ ما أعظمَها وأضرَّها وطامَّةٍ ما أكبَرَها! عسى الله أن يجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، إنه على كل شيء قدير.  وقد كان بعض أهل الأندلس قد امتنعوا من التنصر وأرادوا أن يدافعوا عن أنفسهم كأهل قرى ونجر والبشرة وأندراش وبلفيق، فجمع الملك فرديناند عليهم جموعه وأحاط بهم من كل مكان حتى أخذهم عنوة بعد قتال شديد فأخذ أموالهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وصبيانهم ونصَّرهم واستعبدهم إلا أن أناسًا في غربي الأندلس امتنعوا من التنصر وانحازوا إلى جبل منيع وعر فاجتمعوا فيه بعيالهم وأموالهم، وتحصنوا فيه فجمع عليهم الملك فرديناند جموعه وطمع في الوصول إليهم كما فعل بغيرهم، فلما دنا منهم وأراد قتالهم خيب الله سعيه ورده على عَقِبه ونصرهم عليه بعد أكثر من ثلاثة وعشرين معركة، فقتلوا من جنده خلقًا كثيرًا من رجال وفرسان! فلما رأى أنه لا يقدر عليهم طلب منهم أن يعطيهم الأمان ويجوزهم لعدوة الغرب مؤمَّنين فأنعموا له بذلك إلا أنه لم يسَرِّح لهم شيئًا من متاعهم غير الثياب التي كانت عليهم وجوَّزهم لعدوة الغرب كما شرطوا عليه، ولم يطمع أحد بعد ذلك أن يقوم بدعوة الإسلام، وعمَّ الكفرُ جميع القرى والبلدان وانطفأ من الأندلس نور الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، كما انتحب شاعر الأندلس أبو البقاء الرندي (ت684) في قصيدته المشهورة التي رثا فيه الأندلس بعد سقوط قرطبة سنة 633 ومدن كبرى كإشبيلية وبلنسية وغيرها بيد الفرنج، والتي مطلعها: (لكل شيء إذا ما تم نقصانُ * فلا يغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ)، فإنا لله وإنا إليه راجعون! كان ذلك في الكتاب مسطورًا، وكان أمر الله قدَرًا مقدورًا، لا مردَّ لأمره ولا معقِّبَ لحكمِه، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!

العام الهجري : 1344 العام الميلادي : 1925
تفاصيل الحدث:

كانت قواتُ الملك عبد العزيز في نجد تتشكَّلُ مِن كلِّ فردٍ محاربٍ يحمِلُ السِّلاحَ من سنِّ 13 إلى سن 70، وتنقسِمُ إلى عدة أقسام: أهل العارض، والحضر، والإخوان (إخوان من أطاع الله)، والبدو، وكان الحرسُ الملكي (جيش الجهاد) من أهل العارض يتولى حمايةَ الملك والأمراء والأسرة المالكة، وكان مع جيشِ الجهاد جيشُ الإخوان من قبائل البادية الرحُّل، والتي تحولت الهجر فيه إلى ثكناتٍ عسكرية، وظلَّ هذا النظام قائمًا حتى عام 1349؛ حيث سعى الملك عبد العزيز إلى تطويرِ الجيشِ بإقامةِ إدارةٍ عسكريةٍ حديثةٍ، كنواةٍ للجيش النظامي، وبعد دخولِ الحجاز تحت حكم عبد العزيز ضمَّ إليه ضباطَ الجيش الهاشمي، وشكَّل منهم نواةَ الجيش النظامي، واستقدم ضباطًا من سوريا والعراق للعمل في الدائرة العسكرية، وشَهِدت جدة عام 1349هـ أوَّلَ استعراض عسكري شاركت فيه أفواجٌ مِن المدفعية والرشاشات والمشاة إلى جانب جيش الجهاد والإخوان، ثم أُلغِيَت تشكيلاتُ الهجَّانة التي تعتمد على الجمال والتشكيلات غير النظامية، وجُعِلت القوات على ثلاثة صنوف: سلاح المشاة، وسلاح المدفعية، وسلاح الفرسان, وتم تنظيمُ الجيش على شكل كتائب وألوية تمَّ توزيعها على خمس مناطِقَ عسكرية، كما تمَّ توحيدُ الزيِّ العسكري وإشارات الرُّتَب العسكرية، وافتُتِحَت في الطائف أول مدرسة عسكرية، وفي عام 1350هـ تم إرسال عددٍ من الطلاب لدراسة الطيران في الخارج، وتمَّ شراء أربع طائرات ذات المحرِّك الواحد، ثم أُنشِئَت إدارة طائرات الخطوط السعودية التي ألحِقَت لاحقًا بوزارة الدفاع، وبعد الحرب العالمية الثانية تم شراءُ خمس طائرات أمريكية من طراز داكوتا، ثم شراء تسع أخرى، وبدأت حركةُ الطيران المدني على الصعيد الخارجي، وفي عام 1353هـ أُسِّسَت مديرية الأمور العسكرية، ووكالة الدفاع، ومقَرُّها في الطائف، وفي عام 1359هـ ألغيت المديرية العسكرية، وشُكِّلَت في العام التالي رئاسةُ الأركان الحربية، وفي عام 1363ه أنشئت وزارة الدفاع وتولَّاها الأمير منصور بن عبد العزيز، وهو أول وزير لها، ولما توفي سنة 1370 تولَّى منصب الوزارة فيها الأميرُ مشعل بن عبد العزيز, وأنشِئَت في الطائف مدرسةُ الطيران، وصعِدَ الملك عبد العزيز الطائرةَ أول مرة في 8 ذي القعدة 1364هـ. كما تمَّ إنشاء مدارس لتعليم اللاسلكي في مكة وجدة والمدينة والرياض؛ لأهميته في العمليات العسكرية، وأُرسِلَ الخريجون الأوائل إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى؛ لمواصلة الدراسة حتى فتح 60 مركزًا لاسلكيًّا، وبهذا فإنَّ المؤسسة العسكرية النظامية تطوَّرت بمرور الزمن خاصةً بعد الحرب العالمية الثانية مع تطور العسكرية الغربية، والاتصال بالأوربيين، وظهور الحاجة لتطوير الجيشِ وتحديثِه وتنوُّع أصنافه وأساليبه ومهامه من حرس ملكي، إلى جيش الجهاد، ثم جيش الهجانة من البدو المخلصين للملك، إلى سلاحِ الطيران.

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

هو مصطفى كمال أتاتورك الملقَّب بالغازي؛ رئيس الجهورية التركية، وكلمة أتاتورك، تعني: أبو الأتراك، وهو الذى أسقط الخلافةَ الإسلاميةَ سنة 1343ه / 1924م. ولِدَ مصطفى كمال عام 1296هـ في مدينة سالونيك اليونانية وكانت تابعة للدولة العثمانية، من أمٍّ تدعى زبيدة، ونُسِبَ في بداية الأمر إلى زوج أمه علي رضا الذي لم يلبث أن توفِّي، ولم يتجاوز ربيبُه مصطفى الثامنةَ من العمر، وكانت زبيدة مُستهترة، وتمكَّنَت من تأمين زوجٍ لها، فغَضِبَ ولدها مصطفى منها، وترك البيتَ وذهب إلى بيت أخت علي رضا زوج أمه السابق، ودرس في المدارس الحربية في سالونيك، ومناستر، ثم التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج منها، ثم تخرَّج من كلية الأركان برتبة رائد عام 1333هـ، وألَّف جمعية الوطن والحرية في الشام مع بعض المنفيِّين إليها، وكان يتدرَّبُ في لواء الفرسان، وعندما تمَّ تدريبُه عُيِّنَ في يافا غيرَ أنَّه هرب إلى مصر، ومنها انتقل بحرًا إلى سالونيك، واستطاع أن يجد وسيلةً لتعيينه هناك عن طريق الارتباطات التي أصبحت له، وعَمِلَ لجمعيته التي لم تلبَثْ أن انضمَّت إلى جمعية الاتحاد والترقي، ولم يستطِع البروزَ والظهور فيها؛ لأن أعضاءها لم يحترموه؛ لاستهتاره بالقِيَمِ، وانقطاعه إلى الأماكن الموبوءة من حانات، ومحلات للفجور؛ لذا فقد حقد عليهم أيضًا، ويبدو أنه كان على صلةٍ بجهة لها إمكاناتُها ولها نفوذها توجِّهُه وتحميه وترسُم له وتمَنِّيه وتعِدُه بأعلى منصب، أرسله أنور باشا وزير الحربية إلى طرابلس للقضاءِ على ثورة هناك، لكنه هرب من ليبيا، ثم أُرسِلَ ملحَقًا إلى بلغاريا قضى أيامَه في الخمور والمجون، ولَمَّا اندلعت الحرب العالمية الأولى كان يشتركُ حسب الحاجة تحت إمرة أحد القادة الألمان. وبعد الحرب وتوقيع هدنة مودروس بدأ الإنجليزُ في تهيئة مصطفى كمال لإسقاط الخلافة العثمانية، وإقامة دولة تركيا العلمانية الحديثة، وقد نجحَت في صناعته حتى كان كمال أشَدَّ عداء للإسلام والمسلمين من اليهودِ والنصارى! وفَعَل في تركيا مالم تفعَلْه جيوشُهم مجتمعةً، فما إن تولَّى رئاسة الجمهورية التركية حتى شَنَّ حربًا لا هوادةَ فيها على الإسلام والمسلمين، وفرض إجراءاتِ عَلْمَنة تركيا وفَصْلِها عن الإسلام والمسلمين بقوَّة النظام والسلاح؛ فقد كان هذا الديكتاتور مثلًا فريدًا في القسوة والتنكيل والأنانية المدمِّرة. لقد تجلَّت سياسة أتاتورك العلمانية في برنامج حزبه (حزب الشعب الجمهوري) لعام 1349هـ مرة، وعام 1355هـ مرة ثانية، والتي نصَّ عليها الدستور التركي، وهي المبادئُ الستة التي رُسِمَت بشكل ستة أسهُمٍ على علَمِ الحِزبِ، وهي: القومية، الجمهورية، الشعبية، العَلْمانية، الثورة، سلطة الدولة. هلك مصطفى كمال في 18 رمضان 10 نوفمبر 1938م بعد أن أُصيبَ قبل وفاته بسنين بمرضٍ عضال في الكلية لم يُعرَفْ كُنهُه. وكان يتعرَّضُ لآلام مبَرِّحة مزمنة لا تطاق، كانت السببَ في إدمانه على شربِ الخمر؛ مما أدى إلى إصابته بتليف الكبد، والتهاب في أعصابه الطرفية، وتعرُّضه لحالات من الكآبة والانطواء. ولما توفي دُفِنَ بعد تسعة أيام من وفاته بعد أن أمضى أكثَرَ من خمس عشرة سنة في الحكم. ثم جرت الانتخاباتُ وانتُخِبَ عصمت إينونو رئيسًا للجمهورية؛ فهو ثاني رئيس للجمهورية التركية الحديثة.

العام الهجري : 678 العام الميلادي : 1279
تفاصيل الحدث:

لما ساءت العلاقة بين بني مرين وملك غرناطة بسبب استيلاء ابن الأحمر على مالقة، وجَّه المنصور أبو يوسف ملك بني مرين في هذه السنة جيشًا بقيادة ابنه الأمير أبي يعقوب لقتال بني الأحمر واستعان بملك قشتالة فاستولى على ماربللا وهي من أملاك غرناطة، ثم زحف إلى غرناطة، ولكن ابن الأحمر ردَّه عنها، ثم إن ابن الأحمر صالح المنصور سلطان بني مرين على أن يتنازلَ له عن مالقة لتكون قاعدةَ عبور لبني مرين إلى الأندلس.

العام الهجري : 64 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 684
تفاصيل الحدث:

لمَّا مات يَزيدُ بن مُعاوِيَة أَقْلَع جَيشُه عن مكَّة، وهم الذين كانوا يُحاصِرون ابنَ الزُّبيرِ وهو عائِذٌ بالبيتِ، فلمَّا رجَع حُصينُ بن نُميرٍ السَّكونيُّ بالجيشِ إلى الشَّام بعدَ أن عرَض الحُصينُ على ابنِ الزُّبيرِ أن يُبايِعَه بالخِلافَة شَرْطَ أن يَأتِيَ معهم للشَّامِ؛ لكنَّ ابنَ الزُّبيرِ رفَض الذِّهابَ إلى الشَّام, كان يَزيدُ قد أَوْصى بالخِلافَة لابنِه مُعاوِيَة؛ لكنَّه لم يكُن راغِبًا فيها فترَكَها وجعَلَها شُورى للمسلمين. اسْتَفْحَل أَمْرُ ابنِ الزُّبير بالحِجازِ وما والاها، وبايَعَهُ النَّاسُ في العِراق وما يَتْبَعُه إلى أقصى مَشارِق دِيارِ الإسلامِ، وفي مِصْرَ وما يَتْبَعُها إلى أقصى بِلادِ المغربِ، وبايَعَت الشَّامُ أيضًا إلَّا بعضَ جِهاتٍ منها، ففي دِمشقَ بايَع الضَّحَّاكُ بن قيسٍ الفِهرىُّ لابنِ الزُّبيرِ، وفي حِمْص بايَع النُّعمانُ بن بَشيرٍ، وفي قِنَّسْرين زُفَرُ بن الحارثِ الكِلابيُّ، وفي فِلَسْطين بايَع ناتِلُ بن قيسٍ، وأَخرَج منها رَوْحَ بن زِنْباع الجُذاميَّ، ولم يكُن رافضًا بَيْعَة ابنِ الزُّبيرِ في الشَّام إلَّا مِنطقةُ البَلْقاءِ وفيها حَسَّان بن مالكِ بن بَحْدَل الكَلبيُّ. وقد كان الْتَفَّ على عبدِ الله بن الزُّبيرِ جَماعةٌ مِن الخَوارِج يُدافِعون عنه، منهم نافعُ بن الأزرقِ، وعبدُ الله بن إباض، وجَماعةٌ مِن رُؤوسهم, فلمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرهُ في الخِلافَة قالوا فيما بينهم: إنَّكم قد أَخْطأتُم لأنَّكم قاتَلتُم مع هذا الرَّجُلِ ولم تَعْلَموا رَأيَه في عُثمان بن عفَّان -وكانوا يَنْتَقِصون عُثمانَ- فاجْتَمَعوا إليه فسألوه عن عُثمانَ فأجابهم فيه بما يَسُوؤهُم، فعند ذلك نَفَرُوا عنه وفارقوه وقَصَدوا بِلادَ العِراق وخُراسان، فتَفَرَّقوا فيها. صَرَّح العديدُ مِن العُلماءِ والمُؤَرِّخِين بأنَّ بَيْعَة ابنِ الزُّبير بَيْعَة شَرْعِيَّةٌ، وأنَّه أَوْلى بها مِن مَرْوان بن الحكمِ, فيَروِي ابنُ عبدِ البَرِّ، عن مالكٍ أنَّه قال: إنَّ ابنَ الزُّبيرِ كان أفضل مِن مَرْوان وكان أَوْلى بالأمرِ منه، ومِن ابنِه عبدِ المَلِك. ويقولُ ابنُ كثيرٍ عن ابنِ الزُّبيرِ: ثمَّ كان هو الإمام بعدَ مَوتِ مُعاوِيَة بن يَزيدَ لا مَحالَة، وهو أَرْشَدُ مِن مَرْوان بن الحكمِ، حيث نازَعَهُ بعدَ أن اجْتَمَعت الكَلِمَةُ عليه، وقامَت البَيْعَة له في الآفاقِ، وانْتَظَم له الأمرُ، والله أعلم.

العام الهجري : 557 العام الميلادي : 1161
تفاصيل الحدث:

كانت غرناطة لعبد المؤمن، فأرسل أهلُها إلى الأمير إبراهيم بن همشك صهر ابن مردنيش فاستدعوه إليهم؛ ليسلموا إليه البلد؛ وكان قد وحَّدَ- صار من أتباع الموحدين- ومن أصحاب عبد المؤمن، وفي طاعته، وممن يحرِّضُه على قتل ابن مردنيش. ثم فارق طاعة عبد المؤمن وعاد إلى موافقة ابن مردنيش. فامتنعوا بحصنها، فبلغ الخبر أبا سعيد عثمان بن عبد المؤمن وهو بمدينة مالقة، فجمع الجيش الذي كان عنده وتوجَّه إلى غرناطة لنصرة من فيها من أصحابهم، فعلم بذلك إبراهيم بن همشك فاستنجد بن مردنيش، ملك البلاد بشرق الأندلس، فأرسل إليه ألفي فارس من أنجاد أصحابه ومن الفرنج الذين جندهم معه، فاجتمعوا بضواحي غرناطة، فالتقوا هم ومن بغرناطة من عسكر عبد المؤمن قبل وصول أبي سعيد إليهم، فاشتد القتال بينهم فانهزم عسكر عبد المؤمن، وقدم أبو سعيد، واقتتلوا أيضًا، فانهزم كثير من أصحابه، وثبت معه طائفة من الأعيان والفرسان المشهورين، والرجالة الأجلاد، حتى قُتلوا عن آخرهم، وانهزم حينئذ أبو سعيد ولحق بمالقة، وسمع عبد المؤمن الخبر، وكان قد سار إلى مدينة سلا، فسيَّرَ إليهم في الحال ابنَه أبا يعقوب يوسف في عشرين ألف مقاتل، فيهم جماعة من شيوخ الموحدين، فجدُّوا المسيرَ، فبلغ ذلك ابن مردنيش فسار بنفسه وجيشه إلى غرناطة ليُعين ابن همشك، فاجتمع منهم بغرناطة جمعٌ كثير، فنزل ابن مردنيش في الشريعة بظاهرها، ونزل العسكر الذي كان أمد به ابن همشك أولًا، وهم ألفا فارس، بظاهر القلعة الحمراء، ونزل ابن همشك بباطن القلعة الحمراء بمن معه، ووصل عسكر عبد المؤمن إلى جبل قريب من غرناطة، فأقاموا في سفحِه أيامًا، ثمَّ سَيَّروا سريةً أربعة آلاف فارس، فبيَّتوا العسكر الذي بظاهر القلعة الحمراء، وقاتلوهم من جهاتهم، فما لحقوا يركبون، فقتلوهم عن آخرهم، وأقبل عسكرُ عبد المؤمن بجملته، فنزلوا بضواحي غرناطة، فعَلِمَ ابن مردنيش وابن همشك أنَّهم لا طاقة لهم بهم، ففَرُّوا في الليلة الثانية، ولحقوا ببلادِهم، واستولى الموحِّدون على غرناطة, وعاد عبدُ المؤمن مِن مدينة سلا إلى مراكش.

العام الهجري : 778 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1377
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ المَلِك الأفضل عباسُ ابن الملك المجاهد علي ابن الملك المؤيد داود ابن الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول التركماني الأصل، اليمني صاحب اليمن وابنُ صاحِبِها، ولي الأفضَلُ السلطنة بعد موت أبيه المجاهد في شهر جمادى الأولى سنة 764، ولما ولي اليمَنَ خرج في أيامِه ابنُ ميكائيل فوقع له معه وقائِعُ، حتى أباده الأفضَلُ وزالت دولةُ ابن ميكائيل في أيامه، وكان الأفضَلُ شجاعًا مهابًا كريمًا، وله إلمامٌ بالعلوم والفضائل، ومشاركةٌ جيدة في عِدَّة علوم وتصانيف منها: كتاب العطايا السَّنِية في ذكر أعيان اليمنية، وكتاب نزهة العيون في تاريخ طوائف القرون، ومختصر تاريخ ابن خَلِّكان، وكتاب بغية ذوي الهمم في أنساب العرب والعجم، وكتاب آخر في الألغاز الفقهية، وغير ذلك، وكان بنى مدرسةً عظيمة بتعز، وله أيضًا بمكة مدرسة معروفة به بالصفا، وقيل: إن هذه التصانيف المذكورة إنما هي لقاضي تعز رضي الدين أبي بكر بن محمد بن يوسف الجرائي الصبري الناشري، عَمِلَها على لسان الأفضَلِ. توفي في شعبان، وتسَلْطَنَ بعده ولَدُه السلطان الملك الأشرفُ إسماعيل.

العام الهجري : 606 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1210
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامة فخر الدين, إمام الدنيا في عصره، أبو المعالي وأبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي القرشي التيمي البكري، الطبرستاني الأصل, الرازي المعروف بالفخرِ الرازي، ويقال له خطيبُ الريِّ، الفقيهُ الشافعي، المفسِّر المتكَلِّم, صاحب التصانيف المشهورة في الفقه والأصولين وغيرهما، أحد فقهاء الشافعية المشاهير بالتصانيف الكبار والصغار، له نحو من مائتي مصنَّف. ولد سنة 543, وقيل سنة أربعة وأربعين. حادَّ الذهن، كثير البراعة، قويَّ النظر في صناعة الطب، عارفًا بالأدب، له شعر بالفارسي والعربي، وكان ضخمَ البدن ربْعَ القامة، كبير اللحية، في صوته فخامة. اشتغل على والده الإمام ضياء الدين عمر، وبعد وفاة والده قصد الكمال السمناني، واشتغل عليه مدة، ثم عاد إلى الري، ثم قصد خوارزم وقد تمهر في العلوم، فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى المذهب والعقيدة، فأُخرِجَ من البلد، فقصد ما وراء النهر، فجرى له أيضًا ما جرى بخوارزم، فعاد إلى الريِّ، وكان بها طبيب حاذق له ثروة ونعمة، وله بنتان، ولفخر الدين ابنان، فمَرِضَ الطبيب فزوج بنتيه بابني الفخر، ولما مات الطبيب حصل الفخر على جميع أموالِه". وقد كان معظَّمًا عند ملوك خوارزم وغيرهم، وبنيت له مدارس كثيرة في بلدان شتى، وكان يحضر في مجلس وعظه الملوك والوزراء والعلماء، والأمراء، والفقراء والعامة، وله في الوعظِ مرتبةٌ عالية يعظ باللسانين الفارسي والعربي، وكان يلحقه الوجدُ حالَ وعظه، ويحضُرُ مجلِسَه أرباب المقالات والمذاهب ويسألونه. ورجع بسببِه خلق كثير من الكرَّاميَّة وغيرهم إلى مذهب أهل السنة، وكان يلقَّب في هراة بشيخ الإسلام. وقد وقع بينه وبين الكرَّاميَّة وقائع في أوقات متفرقة، وكان يبغضهم ويبغضونه، ويبالغون في الحطِّ عليه، ويبالغ هو أيضًا في ذمهم، وكان مع غزارة علمِه في فن الكلام يقول: من لزم مذهبَ العجائِز كان هو الفائز، وقد قيل في وصيته عند موته أنَّه رجع عن مذهب الكلامِ فيها إلى طريقةِ السَّلَف وتسليم ما ورد على وجهِ المراد اللائقِ بجلالِ الله سبحانه، وقد كان يصحب السلطانَ ويحب الدنيا ويتَّسِعُ فيها اتساعًا عظيمًا، حتى قيل: ملك من الذهب العين ثمانين ألف دينار، وغير ذلك من الأمتعة والمراكب والأثاث والملابس، وكان له خمسون مملوكًا من الترك، وحشم وتجمل زائد، وعلى مجلسه هيبة شديدة. وليس ذلك من صفة العلماء؛ ولهذا وأمثاله كثرت الشناعات عليه، كما قامت عليه شناعات عظيمةٌ بسبب كلمات كان يقولها. قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي، وأبو شامة: "اعتنى الفخرُ الرازي بكتب ابن سيناء وشَرحِها. وكان يعظ وينال من الكرَّامية، وينالون منه سبًّا وتكفيرا، وقيل: إنهم وضعوا عليه من سقاه السمَّ فمات، وكانوا يرمونه بالكبائر. ولا كلامَ في فضله، وإنما الشناعاتُ قائمة عليه بأشياء؛ منها: أنه قال: قال محمد التازي، وقال محمد الرازي، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ونفسه، والتازي: هو العربي- وقيل كان يقول محمد البادي يعني العربي يريد به النبيَّ صلى الله عليه وسلم نسبة إلى البادية. ومنها أنه كان يقرر مسائل الخصوم وشبههم بأتمِّ عبارة، فإذا جاء بالأجوبة، قنع بالإشارة. ولعله قصد الإيجاز، ولكن أين الحقيقة من المجاز", ومن مصنفاته: وتفسيره الكبير في اثنتي عشرة مجلدة كبار سماه " "فتوح الغيب" أو "مفاتيح الغيب". وفسر الفاتحة في مجلد مستقل. وشرح نصف "الوجيز" للغزالي. وله كتاب " المطالب العالية " في ثلاثة مجلدات، ولم يتمه، وهو من آخر تصانيفه، وله كتاب "عيون الحكمة " فلسفة، وكتاب في الرمل، وكتاب في الهندسة، وكتاب " الاختبارات العلائية " فيه تنجيم، وكتاب " الاختبارات السماوية " تنجيم، وكتاب " الملل والنحل "، وكتاب في النبض، وكتاب " الطب الكبير "، وكتاب " التشريح " لم يتمه، وصنف ترجمة الشافعي في مجلد مفيد، وفيه غرائب لا يوافَق عليها، ويُنسَب إليه أشياء عجيبة، وغيرها من المصنفات وهي كثيرة. قال ابن خلكان: "وكل كتبه ممتعة، وانتشرت تصانيفُه في البلاد ورُزِقَ فيها سعادة عظيمة؛ فإن الناس اشتغلوا بها ورفضوا كتبَ المتقدمين، وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبِه، وأتى فيها بما لم يُسبَق إليه". قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في " تاريخه:"انتشرت في الآفاق مصنفات فخر الدين وتلامذته، وكان إذا ركب مشى حوله نحو ثلاثمائة تلميذ من الفقهاء، وغيرهم، وكان خوارزم شاه يأتي إليه، وكان شديدَ الحرص جدًّا في العلوم الشرعية والحكمية، وكان طلاب العلم يقصدونَه من البلاد على اختلاف مطالبِهم في العلوم وتفنُّنِهم، فكان كلٌّ منهم يجد عنده النهاية القصوى فيما يرومه منه. قرأ الحكمة على المجد الجيلي بمراغة، وكان المجد من كبار الفضلاء وله تصانيف. قلت (الذهبي): يعني بالحكمة: الفلسفة". ومن تلامذته مصنف " الحاصل " تاج الدين محمد بن الحسين الأرموي، وشمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي، والقاضي شمس الدين الخويي، ومحيي الدين قاضي مرند, ولَمَّا أثرى الفخر الرازي، لازم الأسفارَ والتجارة، وعاملَ شهاب الدين الغوري في جملةٍ من المال، ومضى إليه لاستيفاء حقِّه، فبالغ في إكرامه، ونال منه مالًا طائلًا، ثم اتصل بالسلطان محمد بن تكش المعروف بخوارزم شاه، وحظي عنده، ونال أسنى المراتبِ، ولم يبلغ أحد منزلتَه عنده, وكان الفخر الرازي خطيبَ الري، وكان أكثَرُ مُقامه بها، وتوجه إلى خوارزم ومرض بها، وامتد مرضه أشهرًا، وتوفي يوم عيد الفطر بهراة بدار السلطنة. وكان علاء الملك العلوي وزير خوارزم شاه قد تزوج بابنته, ومن كلام فخر الدين قال: " فاعلموا أنني كنت رجلًا محبًّا للعلم، فكنت أكتبُ في كل شيء شيئًا؛ لأقف على كميته وكيفيته، سواء كان حقًّا أو باطلًا، ولقد اختبرت الطرقَ الكلامية، والمناهج الفلسفيةَ، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتُها في القرآنِ؛ لأنَّه يسعى في تسليم العظمة والجلالة لله، ويمنَعُ عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات؛ فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته، وبراءتِه عن الشركاء في القِدَم، والأزلية، والتدبير، والفعالية، فذلك هو الذي أقولُ به، وألقى الله به. وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، وكل ما ورد في القرآن والصحاح، المتعين للمعنى الواحد، فهو كما هو، والذي لم يكن كذلك أقول: يا إله العالمين، إني أرى الخلق مطبقين على أنَّك أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، فلك ما مدَّ به قلمي، أو خطر ببالي فأستشهد وأقول: إن علمتَ مني أني أردتُ به تحقيق باطل، أو إبطالَ حَقٍّ، فافعل بي ما أنا أهلُه، وإن علمتَ مني أني ما سعيتُ إلا في تقرير اعتقدت أنه الحق، وتصورتُ أنه الصدق، فلتكن رحمتُك مع قصدي لا مع حاصلي، فذاك جهدُ المُقِلِّ، فأغثني وارحمني، واستر زلتي وامح حوبتي، وأقول: ديني متابعةُ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكتابي القرآن العظيم، وتعويلي في طلب الدين عليهما، وأمَّا الكتب التي صنفتها، واستكثرت فيها من إيراد السؤالات، فليذكرني من نظر فيها بصالحِ دعائه، على سبيل التفَضُّل والإنعام، وإلَّا فليحذف القولَ السيئَ، فإني ما أردت إلا تكثير البحثِ، وشحذ الخاطر، والاعتماد في الكل على الله".

العام الهجري : 414 العام الميلادي : 1023
تفاصيل الحدث:

كان القاسِمُ بنُ حَمُّود بقُرطبةَ تَولَّى الحُكمَ بعد أخيه عليِّ بنِ حَمُّود, ثمَّ قام عليه ابنُ أخيه يحيى بنُ علي بن حمود بمالقةَ، فهرب القاسِمُ مِن قُرطبةَ بلا قتالٍ، وصار بأشبيليَّةَ، ثم عاد إليها مرَّةً أخرى، فبقي القاسِمُ بقُرطبةَ شُهورًا واضطَرَب أمرُه، وغَلَب ابنُ أخيه يحيى على المدينةِ المعروفةِ بالجزيرةِ الخضراءِ، وهي كانت مَعقِلَ القاسِمِ، وبها كانت امرأتُه وذخائِرُه، وغلب ابنُ أخيه الثاني إدريسُ بنُ علي صاحِبُ سبتةَ على طنجةَ، وهي كانت عُدَّةُ القاسِمِ يلجأُ إليها إن رأى ما يخافُه بالأندلس، ثمَّ إنَّ أهلَ قُرطبةَ زَحَفوا إلى البربرِ، فانهزم البربرُ عن القاسمِ وخَرَجوا من الأرباضِ كُلِّها في شعبان سنة 414، ولَحِقَت كلُّ طائفةٍ مِن البربرِ ببلَدٍ غَلَبَت عليه، وقصَدَ القاسِمُ أشبيليَّةَ وبها كان ابناه محمَّدٌ والحسن, فلمَّا عَرَفَ أهلُ أشبيليَّةَ خُروجَه عن قُرطُبة ومَجيئَه إليهم، طردوا ابنَيه ومن كان معهما مِن البربرِ وضَبَطوا البلَدَ وقَدَّموا على أنفُسِهم ثلاثةً مِن أكابِرِ البَلَدِ. لَحِقَ القاسِمُ بشَرِيش، واجتَمَعَ البَربرُ على تقديمِ ابنِ أخيه يحيى، فزَحَفوا إلى القاسِمِ فحاصروه حتى صار في قبضةِ ابنِ أخيه، وانفرَدَ ابنُ أخيه يحيى بولايةِ البربر. وبَقِيَ القاسِمُ أسيرًا عنده وعند أخيه إدريسَ بعده إلى أن مات إدريسُ، فقُتِلَ القاسمُ خَنقًا سنة 431، وحُمِلَ إلى ابنه محمَّدِ بنِ القاسم بالجزيرة، فدَفَنَه هناك. فكانت ولايةُ القاسِمِ منذ تسمَّى بالخلافةِ بقُرطبةَ إلى أن أسَرَه ابنُ أخيه سِتَّةَ أعوامٍ، ثم كان مقبوضًا عليه ستَّ عشرةَ سَنةً عند ابني أخيه يحيى وإدريس، إلى أن قُتِلَ. مات القاسِمُ وله ثمانون سنة، وله مِن الولد محمد والحسن، أمُّهما أميرةُ بنتُ الحَسَنِ بن قَنُّون بن إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

العام الهجري : 813 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1410
تفاصيل الحدث:

لما أوقع الطاغية صاحب قشتالة بالمسلمين في الزقاق، كثرت غاراته في بلاد المسلمين بالأندلس، وكثرت غاراتهم أيضًا على بلاد قشتالة، وكان ألفونسو قد قام بأمر أخيه دون، وكان عارفًا بالحروب والمكايد، شجاعًا، دَربًا، شديد البأس، فجمع لحرب المسلمين، ونزل على أشقيرة -تجاه مالقة - أول ذي الحجة، فلم يستنجد أبو الحجاج يوسف بن يوسف بن محمد بن إسماعيل بن نصر ابن الأحمر -صاحب غرناطة- عساكر فاس كما هي العادة، بل رأى أن في عسكره كفاية، وجهَّز أخويه محمدًا وعليًّا على عسكر الأندلس، وقد جمع أهل القرى بأسرها، وخرجوا من غرناطة في ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، ونزلوا على حصن أرشذونة -وهو على ستة أميال من أشقيرة- حتى تكاملت الجموع في الثامن والعشرين، ثم ساروا في ليلة التاسع والعشرين وعسكروا تجاه العدو، بسفح جبل المدرج، فما استقَرَّت، وقد أعجبتهم أنفسهم بهذه الدار حتى زحف العدو لحربهم، فثاروا لقتاله، وقد أعجبتهم أنفسهم، واغتروا بكثرتهم، وتباهوا بزينتهم، ولم يراقبوا الله في أمرهم، فما أحد إلا ومعه نوع من المعاصي كالخمر والأحداث، فلما اشتد القتالُ في الليل، انهزم العدو بعد ما قتل من المسلمين عشرة فرسان، ولما كان أول يوم من محرم سنة ثلاث عشر، نادى أخو السلطان في العسكر بالنفقة، وكانت نفقة السفر قد أُخِّرت عن وقتها؛ لئلا يأخذها العسكر ولا يشهدوا الحرب، وجُعِلت عند حضور الجهاد، فهَمَّ في أخذ النفقة، وإذا بالعدو وقد أقبل عند طلوع الشمس، فخرجت المطوعة وقاتلتهم، وأقام العسكر بأجمعهم لأخذ النفقة، وعلم العدو بذلك فرجعوا كأنهم منهزمين، والمطوعة تتبعُهم، وتنادي في العسكر: يا أكالين الحرامِ، العامةُ هزمت النصارى، وأنتم في خيامكم جلوس، فلما وصل العدو إلى معسكرهم وقفوا للحرب، وقد اجتمع جميع رجالة المسلمين طمعًا في الغنيمة، فإذا العدو وقد خندق على معسكره ورتَّب عليه الرماة، فسُقِط في أيديهم، ووقفوا إلى الظهر في حيرة، فخرج أمراء الطاغية عند ذلك من جوانب الخندق، وحملوا على المسلمين، فقتَلوا من قاتلهم، وأسروا من ألقى منهم سلاحه، حتى وصلوا مخيَّم المسلمين، فركب طائفة من بني مرين وبني عبد الواد، وقاتلوا على أطراف خيمهم قليلًا، وانهزموا هم وجميع أهل الأندلس، بحيث خرج أخوا السلطان بمن معهما مشاة إلى الجبل على أقدامهم، فأحاط العدو بجميع ما كان معهم، وأكثروا من القتل فيهم، وكانت عدة من قُتل من المعروفين من أهل غرناطة خاصة مائة ألف إنسان، سوى من لم يُعرَف، وسوى أهل أقطار الأندلس؛ بحرِها وبَرِّها، سهلها وجبلها؛ فإنهم عالم لا يحصيه إلا الله تعالى، وأقام النصارى ثلاثة أيام يتتبعون المسلمين، فيقتلون ويأسرون، وبعث الطاغية إلى أعماله يخبرهم بنصرته، فلما بلغ ذلك أهل أبدة وسبتة، وأهل حيان، خرجوا إلى وادي أش -وهو بيد المسلمين- ونزلوا قريبًا من حصن أرتنة، فاستغاث أهل الحصن بأهل غرناطة، فأمدوهم بعسكر، فصار النصارى إلى حصن مشافر، وقاتلوا أهله حتى أخذوا الربض، وشرعوا في تعليق الحصن، وإذا بعسكر غرناطة قد جاءهم في سابع المحرم، فأوقعوا بهم وقيعة شنعاء، أفنَوهم فيها، وأسروا منهم زيادة على ألف وخمسمائة، وعادوا إلى غرناطة بهم، فدخلوا في تاسعه، وبلغ ذلك الطاغية -وهو على حصار أشقيرة- فكف أصحابه عن الدخول بعدها إلى بلاد المسلمين، وأقام على الحصار ستة أشهر حتى ضَعُفت أحوال المسلمين بأشقيرة، ورفعوا كرائم أموالهم إلى حصنها، وتعلقوا به، فملك الطاغية المدينة بما فيها من الأزواد والأمتعة، ووقع مع هذا في المسلمين الوخم، فمات منهم جماعة كثيرة، فاضطرهم الحال إلى طلب الأمان؛ ليلحقوا ببلاد المسلمين بأموالهم فأمَّنهم ألفونسو على أن يخرجوا بما يطيقون حمله، فخرجوا بأجمعهم إلى معسكره، فوفى لهم، وجهز جميع المسلمين، وبعث من أوصلهم إلى غرناطة، فلم يفقد أحد منهم، ولا شراك نعل وأقام بأشقيرة من يثق به، وعاد عنها قافلًا إلى بلاده في أوائل جمادى الآخرة، فكانت هذه الحادثة من أشنع ما أصاب المسلمين بالأندلس!

العام الهجري : 861 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1457
تفاصيل الحدث:

في يوم السبت أول شهر ربيع الآخر نودي في المماليك السلطانية المعينين إلى تجريدة البلاد الشامية لقتال ابن قرمان، ثمَّ في يوم الخميس خامس جمادى الأولى برز الأمراء والعساكر من القاهرة إلى الريدانية خارج القاهرة، وأقاموا بالريدانية إلى ليلة الاثنين تاسِعَه، فاستقلوا فيه بالمسير من الريدانية إلى جهة البلاد الشامية، ثم سافر الأمير نوكار الزردكاش، ومعه عدة من الرماة والنفطية وآلات الحصار وهو مريض، ورسم له أن يأخذ من قلعة دمشق ما يحتاج إليه من أنواع الآلات وغيرها للحصار، ويلحق العساكر المتوجِّهة لقتال ابن قرمان، وفي يوم الثلاثاء الرابع عشر جمادى الأولى ورد الخبر على السلطان بوصول العساكر المتوجهة لقتال ابن قرمان إلى حلب، وأنه اجتمع رأي الجميع على السير من حلب إلى جهة ابن قرمان في يوم السبت السادس والعشرين جمادى الآخرة، ثمَّ في يوم الاثنين رابع شعبان وصل الخبر من الأمير خشقدم أمير سلاح ومن رفقته النواب بالبلاد الشامية بأنهم وصلوا إلى بلاد ابن قرمان، وملكوا قلعة دوالي، ونهبوها وأخربوها، وأنهم جهَّزوا الأمير بردبك البجمقدار رأس نوبة ومعه عدَّةٌ من المماليك السلطانية والأمراء بالبلاد الشاميَّة إلى جهةٍ من جهات بلاد ابن قرمان، فصدفوا في مسيرهم عسكرًا من أصحاب ابن قرمان فواقعوهم وهزموهم، وأنَّه قُتل من المماليك السلطانية أربعة في غير المصاف، بل من الذين صدفوهم في أثناء الطريق، ثم ورد الخبرُ بأن العساكر المتوجهة إلى بلاد ابن قرمان قصدت العودَ إلى جهة حلب بعد أن أخذوا أربع قلاع من بلاد ابن قرمان، وأخربوا غالب قرى ممالكه، وأحرقوا بلاطه وسَبَوا ونهبوا وأمعنوا في ذلك، حتى إنهم أحرقوا عدة مدارس وجوامع، وذلك من أفعال أوباش العسكر، وأنهم لم يتعرَّضوا إلى مدينة قونية ولا مدينة قيصرية لنفودِ زادهم، ولضجَر العسكر من طول مدَّتِهم بتلك البلاد، مع غلوِّ الأسعار في المأكل وغيره من سائر الأشياء، ولولا هذا لاستولوا على غالب بلاد ابن قرمان، وأنَّ ابن قرمان لم يقاتل العسكر السلطاني، بل إنه انحاز إلى جهة منيعة من جهاته وتحصَّن بها هو وأعيان دولته، وترك ما سوى ذلك من المتاع والمواشي وغيرها مأكلةً لمن يأكله، فحصل له بما أخذ له وهَنٌ عظيم في مملكته.

العام الهجري : 328 العام الميلادي : 939
تفاصيل الحدث:

استولى مُحمَّدُ بنُ رائق على بلاد الشامِ فدخل حمصَ أوَّلًا فأخذها، ثم جاء إلى دمشقَ وعليها بدر بن عبد الله الإخشيد المعروف ببدر الإخشيد وهو محمَّد بن طغج، فأخرجه ابنُ رائق من دمشق قهرًا واستولى عليها، ثم ركبَ ابن رائق في جيشٍ إلى الرملة فأخذها، ثمَّ إلى عريش مصر فأراد دخولَها فلقيه محمد بن طغج الإخشيدي فاقتتلا هناك فهَزَمه ابنُ رائق واشتغل أصحابُه بالنهبِ ونزلوا بخيام المصريين، فكَرَّ عليهم المصريونَ فقَتَلوهم قتلًا عظيما، وهرب ابنُ رائق في سبعين رجلًا من أصحابه، فدخل دمشقَ في أسوأِ حالٍ وشَرِّها، وأرسل له ابنُ ظغج أخاه أبا نصر بن طغج في جيشٍ فاقتتلوا عند اللجون في رابع ذي الحجة، فهزم ابنُ رائق المصريين وقُتِلَ أخو الإخشيد فيمن قُتل، فغَسَّلَه ابنُ رائق وكفَّنَه وبعث به إلى أخيه بمصرَ وأرسل معه ولَدَه وكتب إليه يحلِفُ أنَّه ما أراد قَتْلَه، ولقد شَقَّ عليه، وهذا ولدي فاقتَدْ منه، فأكرَمَ الإخشيدُ ولدَ مُحمَّد بن رائق، واصطلحا على أن تكونَ الرَّملةُ وما بعدها إلى ديار مصرَ للإخشيد، ويحمِلُ إليه الإخشيد في كلِّ سَنةٍ مائة ألف دينار وأربعين ألف دينار، وما بعد الرملةِ إلى جهة دمشق تكونُ لابنِ رائقٍ.

العام الهجري : 565 العام الميلادي : 1169
تفاصيل الحدث:

كان محمد بن سعيد بن مردنيش، ملك شرق الأندلس، قد اتفق هو والفرنج، وامتنع على عبد المؤمن وابنه يوسف من بعده، فاستفحل أمرُ ابن مردنيش، لا سيَّما بعد وفاة عبد المؤمن، فلمَّا كان هذه السَّنةَ جَهَّزَ إليه يوسفُ بن عبد المؤمن العساكِرَ الكثيرةَ مع أخيه عُمَرَ بنِ عبد المؤمن، فجاسوا بلادَه وخَرَّبوها، وأخذوا مدينتينِ مِن بلاده، وأخافوا عساكِرَ جنودِه، وأقاموا ببلادِه مُدَّةً يتنقَّلون فيها ويَجبُون الأموال، ثمَّ إن ابن مردنيش توفي فدخل أولادُه في طاعة ابن عبد المؤمن.