سببُ ذلك أنَّ الموفَّقَ لَمَّا توفِّيَ كان له خادمٌ من خواصِّه يقال له: راغب، فاختار الجِهادَ، فسار إلى طرسوس على عَزمِ المُقام بها، فلما وصل إلى الشام سيَّرَ ما معه من دوابَّ وآلاتٍ وخيامٍ وغير ذلك إلى طرسوس، وسار هو إلى خمارَوَيه ليزورَه، ويُعَرِّفَه عزمَه، فلما لَقِيَه بدمشق أكرَمَه خمارَوَيه وأحَبَّه وأَنِسَ به، واستحيا راغِبٌ أن يطلُبَ منه المسيرَ إلى طرسوس، فطال مُقامُه عنده، فظنَّ أصحابُه أنَّ خمارَوَيه قبَضَ عليه، فأذاعوا ذلك، فاستعظَمَه الناسُ، وقالوا: يَعمِدُ إلى رجلٍ قصَدَ الجهادَ في سبيل الله فيَقبِضُ عليه! ثم شَغَّبوا على أميرهم محمد ابن عم خمارَوَيه، وقبضوا عليه، وقالوا: لا تزالُ في الحبسِ إلى أن يُطلِقَ ابنُ عَمِّك راغبًا، ونَهَبوا دارَه وهَتَكوا حَرَمَه، وبلغ الخبَرُ إلى خمارَوَيه، فأطْلَعَ راغبًا عليه، وأذِنَ له في المسيرِ إلى طرسوس، فلمَّا بلغ إليها أطلَقَ أهلُها أميرَهم، فلما أطلقوه قال لهم: قبَّحَ اللهُ جِوارَكم، وسار عنها إلى بيت المقدس فأقام به، ولَمَّا سار عن طرسوس عاد العجيفي إلى ولايتِها.
كان آخِرَ مَن تولَّى من أمراء الأغالبةِ زيادةُ الله الثالثُ الذي قتل أباه وتولى بعده عام 290، لكنَّه كان منصرفًا إلى اللَّهوِ والمُجون، فقويَ أمرُ أبي عبدالله الشيعي الحُسَين بن أحمد بن زكريَّا الصنعاني الذي رحل إلى المغربِ بعد أن مهَّدَ له الطريقَ والدَّعوةَ فيها رجلانِ قبله، وكان بينه وبين بني الأغلَبِ حروبٌ، وكان الأحولُ بنُ إبراهيم الثاني الأغلبي- عمُّ زيادةِ الله- لأبي عبدالله الشيعي بالمرصاد, ولكِنَّ زيادةَ اللهِ قتَلَ عَمَّه الأحول، فقَوِيَ أمرُ أبي عبدالله الشيعي أكثَرَ، وجهرَ بالدَّعوةِ إلى المهدي، فلما أحس زيادةُ الله بالضَّعفِ آثَرَ الهروبَ، فجمع الأموالَ وهرب إلى مصرَ، ثم حاول دخولَ بغداد فلم يُؤذَنْ له، فرجع إلى مصر ووعدوه بأن يجمَعوا له الرجالَ والمالَ ليعودَ فيأخُذَ بثأره، فلما طال انتظارُه رحل إلى بيت المقدِسِ وسكن الرملة وتوفِّيَ فيها، فكانت مدَّةُ دولةِ الأغالبة مائةً واثنتي عشرة سنة.
شاع الخبَرُ ببغداد وغيرِها من البلاد أنَّ رَجُلًا ظهَرَ يقالُ له مُحمَّدُ بنُ عبد الله وتلقَّب بالمهديِّ وزعم أنَّه الموعود به، وأنه يدعو إلى الخيرِ وينهى عن الشر، ودعا إليه ناسٌ من الشيعة، وقالوا: هذا عَلَويٌّ مِن شِيعتِنا، وكان هذا الرجلُ إذ ذاك مقيمًا بمصر عند كافور الإخشيدي قبل أن يموتَ، وكان يُكرِمُه، وكان من جملةِ المُستحسِنينَ له سبكتكين حاجِبُ مُعزِّ الدولة البويهي، وكان شيعيًّا فظَنَّه عَلَويًّا، وكتب إليه أن يَقدَمَ إلى بغداد ليأخُذَ له البلاد، فترحَّلَ عن مصر قاصدًا العراق فتلَقَّاه سبكتكين الحاجِبُ إلى قريب الأنبار، فلما رآه عَرَفَه، وإذا هو محمد بن المستكفي باللهِ العبَّاسي، فلمَّا تحقَّقَ أنَّه عبَّاسي وليس بعَلَوي انثنى رأيُه فيه، فتفَرَّق شَملُه وتمزَّقَ أمرُه، وذهب أصحابُه كُلَّ مَذهب، وحُمِلَ إلى معز الدولة فأمَّنَه وسَلَّمَه إلى المطيعِ لله، فجدَعَ أنْفَه واختفى أمرُه، فلم يَظهَرْ له خبرٌ بالكلية بعد ذلك.
مَلَك الرُّومُ مدينةَ أنطاكيةَ، وسببُ ذلك أنَّهم حَصَروا حِصنًا بالقُربِ مِن أنطاكية يقالُ له حصنُ لوقا، وأنَّهم وافقوا أهلَه، وهم نصارى، على أن يرَتَحِلوا منه إلى أنطاكية، ويُظهِروا أنَّهم إنَّما انتَقَلوا منه خوفًا من الرومِ، فإذا صاروا بأنطاكية أعانوهم على فَتحِها، وانصرف الرومُ عنهم بعد موافقتِهم على ذلك، وانتقل أهلُ الحصن ونزلوا بأنطاكية بالقُربِ مِن الجبَلِ الذي بها، فلمَّا كان بعد انتقالِهم بشهرينِ وافى الرومَ مع أخي نقفور الملك، وكانوا نحو أربعينَ ألف رجلٍ، فأحاطوا بسور أنطاكية، وصَعِدوا الجبلَ إلى الناحية التي بها أهلُ حصن لوقا، فلما رآهم أهلُ البلدِ قد ملكوا تلك الناحيةَ طَرَحوا أنفُسَهم من السور، ومَلَك الرُّومُ البلدَ، ووضعوا في أهلِه السَّيفَ، ثم أخرجوا المشايخَ والعجائزَ والأطفالَ من البلد، وقالوا لهم: اذهبُوا حيث شئتم، فأخذوا الشبابَ مِن الرجال، والنِّساءَ والصبيان، والصبايا، فحَمَلوهم إلى بلاد الروم سبيًا، وكانوا يزيدونَ على عشرين ألفًا، وكان حَصرُهم أنطاكيةَ بدأ في ذي الحِجَّة.
سار حُجَّاجُ خُراسان، فلمَّا رَحَلوا عن بسطام أغار عليهم جَمعٌ من الجُندِ الخُراسانيَّة قد قَصَدوا طبرستان، فأَخَذوا من أَمتِعَتَهم، وقَتَلوا نَفرًا منهم، وسَلِمَ الباقون وساروا من مَوضِعهم، فبينما هم سائِرون إذ طَلُعَ عليهم الإسماعيليَّةُ، فقاتَلَهم الحُجَّاجُ قِتالًا عَظيمًا، وصَبَروا صَبرًا عَظيمًا، فقُتِلَ أَميرُهم، فانخَذَلوا، وأَلقَوا بأيديهم، واستَسلَموا وطَلَبوا الأَمانَ، وأَلقَوا أَسلِحَتَهم مُستَأمِنينَ، فأَخَذهم الإسماعيليَّةُ وقَتَلوهُم، ولم يُبقوا منهم إلا شِرذِمةً يَسيرَةً؛ وقُتِلَ فيهم من الأئمَّةِ والعُلماءِ والزُّهَّادِ والصُّلَحاءِ جَمعٌ كَثيرٌ، وكانت مُصيبةً عَظيمةً عَمَّت بِلادَ الإسلامِ، وخَصَّت خُراسان، ولم يَبقَ بلدٌ إلا وفيه المَأتَمُ، فلمَّا كان الغَدُ طافَ شَيخٌ في القَتلَى والجَرحَى يُنادِي يا مُسلِمين، يا حُجَّاج، ذَهبَ المَلاحِدَةُ، وأنا رَجلٌ مُسلمٌ، فمَن أرادَ الماءَ سَقَيتُه؛ فمَن كَلَّمَهُ قَتَلَهُ وأَجهَز عليه، فهَلَكوا جَميعُهم إلا مَن سَلِمَ ووَلَّى هارِبًا؛ وقَليلٌ ما هُم.
هو الأميرُ زين الدين كتبغا المنصوري، نائِبُ السَّلطنة بحماة، كان من مماليكِ السلطان المَلِك المنصور سيف الدينِ قلاوون الصالحي, وأصلُه من أسرى التَّتار اشتراه السلطانُ قلاوون ثمَّ ترقَّى حتى تسلطنَ، وتلقَّب بالمَلِك العادل، وملَك ديارَ مِصرَ والشام في سنة 694، ثم خلَعَه نائبُه لاجين، وأعطاه صرخد في سنة ستٍّ وتسعين، واستمَرَّ مُقيمًا بصرخد إلى أن اندفَعَ المسلمون من التَّتَر على حمص، فوصل كتبغا من صرخد إلى مصر، وخرج مع سلار والجاشنكير إلى الشام، فقَرَّره نائبًا بحماة، في سنة تسع وتسعين وستمائة، ثم أغار على بلاد سيس، فلمَّا عاد إلى حماة مَرِضَ قبل دخوله إلى حماة، وطال مرَضُه، ثمَّ حَصَل له استرخاءٌ، وبقي لا يستطيعُ أن يحَرِّكَ يديه ولا رِجلَيه، وبَقِيَ كذلك مُدَّةً، وسار من حماة إلى قريبِ مِصر جافلًا بين يدَي التتر، لما كان المصاف على مرج الصفر، ثم عاد إلى حماة وأقام بها مدةً يسيرة، وتوفِّيَ في هذه السنة.
لَمَّا أخذ أصبهان بن قرا يوسف بغدادَ من أخيه شاه محمد بن قرا يوسف أساء السيرةَ؛ بحيث إنه أخرج جميع من ببغداد من الناس بعيالهم، وأخذ كل مالهم من جليل وحقير، فتشتَّتوا بنسائهم وأولادهم في نواحي الدنيا، وصارت بغداد وليس بها سوى ألف رجل من جند أصبهان بن قرا يوسف، لا غير، وليس بها إلا ثلاثة أفران تخبز الخبز فقط، ولم يبقَ بها سكان ولا أسواق، وأنه أخرب الموصل حتى صارت يبابًا، فإنه سلب نعِمَ أهلها، وأمر بهم فأُخرجوا وتمزقوا في البلاد، واستولت عليها العربان، فصارت الموصل منازل العرب بعد التمدُّن الذي بلغ الغاية في الترف، وأنه أخذ أموال أهل المشهد، وأزال نِعَمَهم، فتشتتوا بعيالهم، وصار من أهل هذه البلاد إلى الشام ومصر خلائق لا تُعد ولا تُحصى، وكان غرض أصبهان بذلك أن يخرب بغداد، حتى لا يبقى لأخيه إسكندر ولا غيره طمعٌ فيها، فمد يده في ذلك، حتى صارت بغداد خرابًا يبابًا لا يأويها إلا البومُ!!
كان السلطان العثماني سليمان القانوني عازمًا على فتح جزيرة مالطة التي كانت أكبر مَعقِل للنصارى الأوروبيين في وسط البحر المتوسط، والتي سبق أن استقَرَّ فيها فرسان القديس يوحنا، فأرسل السلطانُ العثماني أسطولًا آخر بقيادة بيالي باشا نفسه، كما طلب من درغوث رايس حاكمِ طرابلس وجربة، وحسن خير الدين أن يتوجَّها على رأس أسطوليهما الإسلاميين للمشاركة في عملية مالطة وإخضاعها؛ استعدادًا لمنازلة بقية المعاقل الإسلامية بعد ذلك، فسار حسن بن خير الدين على رأس عمارة تشمل 25 سفينة وثلاثة آلاف رجل، ووصل الأسطول الإسلامي أمام مالطة يوم 18 مايو، وفرض الحصار عليها، واستمر الحصار ضيقًا شديدًا إلى أن جهَّزت المسيحية رجالها وأساطيلها ووصل المدد تحت قيادة نائب ملك صقلية برفقة أسطول تعداده 28 سفينة حربية، تحمل عددًا كبيرًا من المقاتلين، ونشبت المعركة بين الطرفين، وتمكَّن الأسطول الإسلامي من الانسحاب في 18 ربيع الأول من هذه السنة.
اشتدَّ الغلاء والقحط على الناس في نجد وما يليها، وسقط كثير من أهل اليمن ومات أكثر إبلِهم وأغنامهم، وفي آخر هذا العام بلغ البُرُّ ثلاثة أصوع بريال, وبلغ التمر سبع وزنات بريال، وبِيعَ في ناحية الوشم والقصيم خمس وزنات بريال, وأمَّا في مكة فالأمر فيها أعظَمُ بسبب الحرب والحصار بعد نقض الشريف غالب الصلحَ مع الإمام سعود، فسُدَّت كُلُّ الطرق عن مكة من جهة اليمن والحجاز وتهامة ونجد؛ لأن أهل هذه البلدان كلُّهم رعايا لدولة الإمام سعود في الدرعية, وأمَّا في نجد فاشتدَّ الجوع فيها على الناس واستمَرَّ الغلاء والجوع في نجدٍ نحو ست سنوات. لكِنَّ الله جعل لهم في الأمن عوضًا عن الجوع والغلاء، فالرجل يسافر إلى أقصى البلاد من اليمن وعمان والشام والعراق وغيرها لا يخشى أحدًا إلا الله, وقد صارت الدرعية لهم رداءً كالبصرة والأحساء، فمن أتاها بنفسه وعياله وسَّعَ الله عليه دنياه.
في منتصف جمادى الآخرة حمل عبدُ الله بن سعود وقواته على قواتِ إبراهيم باشا حتى قربوا من محطة العسكر, فثوَّرَ الروم مدافعَهم فخَفَّ بعض البوادي مع عبد الله ومَن نزلوا قرب جبل ماوية قبالةَ الروم، فثبت الرومُ بواديهم لَمَّا رأوه نزل فوجه مدافِعَهم إلى المسلمين ورموهم فأثَّرت فيهم، فأمر عبد الله على بعض المسلمين أن يرحَلوا وينزلوا الماء، فلما هموا بالرحيل خفَّت البوادي فتتابعت فيهم الهزيمةُ ووقع الرعبُ في قلوبهم فاتَّصلت الهزيمة في جموع قوات عبد الله، واختلطت الجموعُ بَعضُها في بعضٍ وتَبِعَهم الروم والبوادي وقتلوا رجالًا وأخذوا كثيرًا من السلاح وغيره، سقط في الأرض من أهل الركائب وركب عبد الله في كتيبةٍ مِن الخيل وحمى ساقة قواتِه، وهلك في تلك الهزيمة بين القتل والأسر والظمأ نحو 200 رجل، وهذا أول وهَنٍ في الدولة السعودية الأولى.
تولَّى راكان بن فلاح بن حثلين زعامةَ العجمان بعد تنازُلِ عَمِّه حزام بن حثلين له عن رئاسةِ العجمان, وكان راكان شاعرًا وفارسًا مشهورًا تُروى حوله قِصَصٌ بطولية، واستمر سنواتٍ لا يصدُرُ منه ما يعكِّرُ صفو الأمن أو يثير مشكلاتٍ لحكومةِ الإمام فيصل، لكِنَّه في هذا العام أغار على إبِلٍ للإمام فيصل بن تركي نفسِه وأخذَها، ثم ارتحل إلى الصبيحية القريبة من الكويت، وقام بغاراتٍ على أطرافِ العراق، فجهز الإمام فيصل جيشًا جعل على رأسِه ابنَه عبد الله في شعبان من هذه السنة، وفي طريقِه إلى الصبيحية وجَدَ جماعة من العجمان عند ماء الوفراء، وهاجمهم وفَتَك بهم وكان زعيمُهم راكان قد توجَّه إلى الجهراء فتعَقَّبه عبد الله بن فيصل إلى هناك، حيث وقعت معركةٌ انتهت بهزيمةِ العجمان، وقُتِلَ حوالي سبعمائة رجل منهم، وفَرَّت بقاياهم إلى داخلِ بلدة الكويت واحتَمَت بها وتخلَّصَت البصرة والزبير من غاراتِ راكان وقومه.
مدينة تيهرت، أسسَّها عبد الرحمن بن رستم بن بهرام، وكان مولًى لعثمانَ بن عفان، وكان خليفةً لأبي الخطاب أيامَ تغلُّبِه على إفريقية، ولما دخل ابن الأشعث القيروان فرَّ عبد الرحمن إلى الغرب بما خلفَ مِن أهله وماله، فاجتمعت إليه الإباضية، وعزموا على بنيان مدينةٍ تجمَعُهم، فنزلوا بموضعِ تيهرت، وهي غَيضة يكثر فيها الشجر بين ثلاثة أنهارٍ، فبنوا مسجدًا من أربع بلاطات، واختَطَّ الناسُ مساكِنَهم، وكانت في الزمان الخالي مدينةً قديمة، فأحدثها عبد الرحمن بن رستم وبقي بها إلى أن مات في سنة 168
تُوفِّيَ علي بن موسى الرضا- الذي كان المأمونُ قد جعله وليًّا للعهدِ- وكان سببُ موته أنَّه أكل عنبًا فأكثَرَ منه، فمات فجأةً، وكان موتُه بمدينة طوس، فصلى المأمونُ عليه، ودفنه عند قبرِ أبيه الرشيد, وقيل: إنَّ المأمون سمَّه في عنب، وكان عليٌّ يحِبُّ العنب. فلما توفِّيَ كتب المأمونُ إلى الحسن بن سهل يُعلِمُه موتَ عليٍّ، وما دخل عليه من المُصيبة بموته، وكتب إلى أهلِ بغداد، وبني العبَّاس والموالي يُعلِمُهم موتَه، وأنهم إنما نَقَموا ببيعتِه، وقد مات، ويسألُهم الدخولَ في طاعته، فكَتَبوا إليه أغلظَ جوابٍ.
وقَعَت حربٌ شديدة بين أذكوتكين بن أساتكين أحدِ قوَّاد التُّرك وبين محمَّد بن زيد العلوي، صاحِبِ طبرستان، ثم سار أذكوتكين من قزوين إلى الريِّ ومعه أربعةُ آلاف فارس، وكان مع محمد بن زيد من الديلم والطبريَّة والخراسانية عالَمٌ كبير، فاقتتلوا فانهزم عسكرُ محمد بن زيد وتفَرَّقوا، وقُتِل منهم ستةُ آلافٍ وأُسِرَ ألفانِ، وغَنِمَ أذكوتكين وعسكَرُه من أثقالِهم وأموالِهم ودوابِّهم شيئًا لم يَرَوا مِثلَه، ودخل أذكوتكين الريَّ فأقام بها وأخذ من أهلِها مائةَ ألفِ ألف دينار، وفرَّقَ عمالَه في أعمالِ الريِّ.
دخل طاهِرُ بنُ محمَّد بنِ عمرِو بنِ الليث بلادَ فارس في عسكَرِه وأخرجوا عنها عامِلَ الخليفة، فكتب الأميرُ إسماعيلُ بنُ أحمد الساماني إلى طاهر يذكُرُ له أنَّ الخليفةَ المعتضِدَ قد ولَّاه سجستان، وأنَّه سائر إليها فعاد طاهِرٌ لذلك، فولَّى المعتضِدُ مولاه بدرًا فارِسَ، وأمره بالشُّخوصِ إليها لَمَّا بلغه أنَّ طاهرًا تغلب عليها، فسار إليها في جيشٍ عظيمٍ في جمادى الآخرة، فلما قَرُب من فارس تنحَّى عنها مَن كان بها من أصحابِ طاهرٍ، فدخَلَها بدر، وجَبى خراجَها وعاد طاهرٌ إلى سجستان.