الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2649 ). زمن البحث بالثانية ( 0.007 )

العام الهجري : 294 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 907
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فعل زكرَوَيه بالحجاج ما فعل، عَظُمَ ذلك على الخليفة خاصَّةً، وعلى جميع المسلمين عامَّةً، فجهَّزَ المكتفي الجيوشَ، فلما كان أوَّل ربيع الأول سيَّرَ وصيف بن صوارتكين مع جماعةٍ من القوَّاد والعساكر إلى القرامطة، فساروا على طريقِ حفان فلَقِيَهم زكرَوَيه، ومن معه من القرامطةِ، فاقتتلوا يومهم، ثم حجزَ الليل، وباتوا يتحارَسون، ثمَّ بكَّروا إلى القتال، فاقتتلوا قتالًا شديدًا فقُتِلَ من القرامطة مقتلةٌ عظيمة، ووصل عسكَرُ الخليفة إلى عدُوِّ الله زكرَوَيه، فضربه بعضُ الجند بالسَّيفِ على رأسه، فبلغت الضربةُ دماغه، وأخذه أسيرًا وأخذ خليفتَه وجماعةً مِن خواصِّه وأقربائه، وفيهم ابنُه وكاتبه، وزوجتُه، واحتوى الجندُ على ما في العسكرِ، وعاش زكرَوَيه خمسةَ أيام ومات، فسُيِّرَت جيفتُه والأسرى إلى بغداد، وانهزم جماعةٌ من أصحابه إلى الشام، فأوقع بهم الحُسَين بن حمدان، فقتلوهم جميعًا، وأخذوا جماعةً مِن النساء والصبيان، وحُمِلَ رأس زكرويه- لعنه الله- إلى خُراسان، لئلَّا ينقَطِعَ الحُجَّاج، وأخذ الأعرابُ رَجُلين من أصحابِ زكرَوَيه يُعرَف أحدهما بالحداد، والآخر بالمُنتَقِم، وهو أخو امرأةِ زكرويه، كانا قد سارا إليهم يدعوانِهم إلى الخروجِ معهم، فلما أخذوهما سيَّرُوهما إلى بغداد، وتتَبَّع الخليفةُ القرامطة بالعراق، فقتل بعضَهم، وحبس بعضَهم، ومات بعضُهم في الحبس.

العام الهجري : 3 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 625
تفاصيل الحدث:

عن عُبيدِ اللهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ أنَّه سألَ وَحْشِيًّا قاتلَ حَمزةَ، ألا تُخبِرُنا بِقتلِ حَمزةَ؟ قال: نعم، إنَّ حَمزةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ ببَدرٍ، فقال لي مولايَ جُبيرُ بنُ مُطْعِمٍ: إن قَتلتَ حَمزةَ بِعَمِّي فأنت حُرٌّ، قال: فلمَّا أن خرج النَّاسُ عامَ عَيْنَيْنِ، وعَيْنَيْنُ جبلٌ بِحِيالِ أُحُدٍ، بينه وبينه وادٍ، خرجتُ مع النَّاسِ إلى القِتالِ، فلمَّا أن اصْطَفُّوا للقِتالِ، خرج سِباعٌ فقال: هل مِن مُبارِزٍ؟ قال: فخرج إليه حَمزةُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ، فقال: يا سِباعُ، يا ابنَ أُمِّ أَنْمارٍ مُقَطِّعَةِ البُظورِ، أَتُحادُّ الله ورسولَهُ صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثمَّ شَدَّ عليه، فكان كأَمسِ الذَّاهبِ، قال: وكَمَنْتُ لِحَمزةَ تحتَ صَخرةٍ، فلمَّا دَنا مِنِّي رَميتُهُ بِحَربَتي، فأضعُها في ثُنَّتِهِ حتَّى خَرجتْ مِن بين وَرِكَيْهِ، قال: فكان ذاك العهدُ به، فلمَّا رجع النَّاسُ رجعتُ معهم، فأَقمتُ بمكَّةَ حتَّى فَشا فيها الإسلامُ، ثمَّ خَرجتُ إلى الطَّائفِ، فأَرسلوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم رسولًا، فقِيلَ لي: إنَّه لا يَهيجُ الرُّسُلَ. قال: فخَرجتُ معهم حتَّى قَدِمتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رآني قال: «آنت وَحْشِيٌّ؟». قلتُ: نعم. قال: «أنت قَتلتَ حَمزةَ؟». قلتُ: قد كان مِنَ الأمرِ ما بَلغكَ. قال: «فهل تَستَطيعُ أن تُغَيِّبَ وَجهَك عَنِّي» قال: فَخرجتُ فلمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فخرج مُسَيْلِمَةُ الكذَّابُ، قلتُ: لأَخرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ، لَعَلِّي أقتُلُه فأُكافِئَ به حَمزةَ، قال: فخرجتُ مع النَّاسِ، فكان مِن أَمرهِ ما كان، قال: فإذا رجلٌ قائمٌ في ثَلْمَةِ جِدارٍ، كأنَّهُ جَمَلٌ أَوْرقُ ثائِرُ الرَّأسِ، قال: فَرمَيْتُه بِحَربَتي، فأَضعُها بين ثَدييهِ حتَّى خَرجتْ مِن بين كَتِفَيْهِ، قال: ووثبَ إليه رجلٌ مِنَ الأنصارِ فضَربهُ بالسَّيفِ على هامَتِهِ.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:


حُنينُ: وادٍ إلى جَنبِ ذي المَجازِ، قريبٌ مِنَ الطَّائفِ، وبينه وبين مكَّةَ بضعةَ عشرَ مِيلًا مِن جِهَةِ الشرائع والسيل الكبير، وقِيلَ سُمِّيَ بِحُنَيْنٍ؛ نِسبَةً إلى رَجلٍ يُدعَى: حُنينَ بنَ قابِثَةَ بنِ مَهْلائِيلَ.
وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد أقامَ بمكَّةَ 19 يومًا، حتَّى جاءَتْ هَوازِنُ وثَقيفٌ فنزلوا بحُنينٍ يُريدون قِتالَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكانوا قد جمَعوا قبلَ ذلك حين سَمِعوا بمَخرجِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ المدينةِ، وهُم يَظنُّون أنَّه إنَّما يُريدُهم، فلمَّا أَتاهُم أنَّه قد نزَل مكَّةَ، أخَذوا في الاسْتِعدادِ لِمُواجهَتِه، وقد أَرادوها مَوقِعَةً حاسِمةً، فحَشدوا الأموالَ والنِّساءَ والأَبناءَ حتَّى لا يَفِرَّ أَحدُهم ويَترك أهلَهُ ومالَهُ، وكان يَقودُهم مالكُ بنُ عَوفٍ النَّضْريُّ، واسْتنفَروا معهم غَطَفانَ وغيرَها. فاسْتعَدَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم لِمُواجَهتِهم، فاسْتَعارَ مِن يَعْلى بنِ أُميَّةَ ثلاثين بَعيرًا وثلاثين دِرْعًا، واسْتَعارَ مِن صَفوانَ بنِ أُميَّةَ مائةَ دِرْعٍ، واسْتعمَل عَتَّابَ بنَ أَسِيدِ بنِ أبي العاصِ أَميرًا على مكَّةَ، وقد ثبَت في الصَّحيحين أنَّ الطُّلقاءَ قد خرَجوا معه إلى حُنينٍ. واسْتقبَل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بجَيشِه وادِيَ حُنينٍ في عَمايَةِ الصُّبْحِ، وانْحَدروا فيه، وعند دُخولِهم إلى الوادي حَملوا على هَوازِنَ فانْكشَفوا، فأَكَبَّ المسلمون على ما تَركوهُ مِن غَنائِمَ، وبينما هُم على هذه الحالِ اسْتقبَلَتْهُم هَوازِنُ وأَمطَرتْهُم بِوابِلٍ مِنَ السِّهامِ، ولم يكنْ المسلمون يَتوقَّعون هذا فضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ، فوَلَّوْا مُدْبِرين لا يَلْوِي أحدٌ على أحدٍ، وانْحازَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم ذاتَ اليَمينِ وهو يقولُ: (أين النَّاسُ؟ هَلُمُّوا إليَّ، أنا رسولُ الله، أنا رسولُ الله، أنا محمَّدُ بنُ عبدِ الله). وأمَر الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ العبَّاسَ -وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوتِ- أن يُنادِيَ النَّاسَ بالثَّباتِ، وخَصَّ منهم أصحابَ بَيعةِ الرِّضوانِ، فأَسرَعوا إليه، ثمَّ خَصَّ الأَنصارَ بالنِّداءِ، ثمَّ بني الحارثِ بنِ الخَزرجِ، فطاروا إليه قائِلِين: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ. ودارت المَعركةُ قَويَّةً ضِدَّ هَوازِنَ، وقال الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عندما رأى المَعركةَ تَشْتَدُّ: (هذا حين حَمِيَ الوَطيسُ). ثمَّ أخَذ حَصَياتٍ -أو تُرابا- فرَمى به وُجوهِ الكُفَّارِ وهو يقولُ: (شاهَتِ الوُجوهُ). فما خلَق الله تعالى منهم إنسانًا إلَّا مَلأَ عَينَيْهِ تُرابًا بتلك القَبضةِ، فوَلَّوْا مُدْبِرين، والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (انْهزَموا ورَبِّ محمَّدٍ)، وفي رِوايةٍ أُخرى: (انْهزَموا ورَبِّ الكَعبةِ, انْهزَموا ورَبِّ الكَعبةِ). وقد رُوِيَ: أنَّ قَتْلى بني مالكٍ مِن ثَقيفٍ لِوَحدِها قد بلَغ 70 قَتيلًا، وقُتِلَ بأَوْطاسٍ مِن بني مالكٍ 300، وقُتِلَ خُلَقٌ كَثيرٌ مِن بني نَصرِ بنِ مُعاوِيَةَ ثمَّ مِن بني رِئابٍ، ورُوِيَ: أنَّ سَبْيَ حُنينٍ قد بلَغ 6000 مِنَ النِّساءِ والأَبناءِ. بينما قُتِلَ مِنَ المسلمين أربعةٌ.

العام الهجري : 488 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو أبو شُجاعٍ الوَزيرُ محمدُ بن الوَزيرِ حُسينِ بن عبدِ الله بن إبراهيمَ، الروذراوريُّ، أَهوازيُّ الأَصلِ من همذان. كان أبو شُجاعٍ قد قَرأَ الفِقهَ والعَربيَّةَ، وسَمِعَ الحَديثَ من جَماعةٍ منهم: أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، وصَنَّفَ كُتُبًا منها كِتابُه الذي ذَيَّلَهُ على ((تجارب الأمم)) ووَزَرَ للمُقتدِي بالله سَليمًا مِن طَمَعٍ، وكان يَملِك حِينئذٍ عَيْنًا ستمائة ألف دِينارٍ، فأَنفَقَها في الخَيراتِ والصَّدقاتِ. قال أبو جَعفرِ بن الخِرقيِّ: "كُنتُ أنا مِن أَحَد عشر يَتَولَّون إِخراجَ صَدَقاتِه، فحَسِبتُ ما خَرَجَ على يَدِي فكان مائة ألف دِينارٍ، ووَقَّفَ الوُقوفَ، وبَنَى المَساجِدَ، وأَكثَرَ الإنعامَ على الأَرامِلِ واليَتامَى، وكان يَبيعُ الخُطوطَ الحَسَنَة، ويَتصدَّق بثَمَنِها ويقول: أَحَبُّ الأَشياءِ إليَّ الدِّينارُ والخَطُّ الحَسَن، فأنا أُخرِجُ للَّه مَحبوبي. ووَقَعَ مَرَضٌ في زَمانِه، فبَعَثَ إلى جَميعِ أَصقاعِ البَلدِ أَنواعَ الأَشرِبَةِ والأَدوِيَةِ، وكان يُخرِج العُشْرَ من جَميعِ أَموالِه النَّباتيَّة على اختِلافِ أَنواعِه. حَكَى حاجِبُه الخاصُّ بهِ قال: استَدعاني لَيلةً، وقال: إنِّي أَمَرتُ بعَمَلِ قَطائفَ، فلمَّا حَضَرَ بين يديَّ ذَكرتُ نُفوسًا تَشتَهيهِ فلا تَقدِرُ عليه، فنَغَّصَ ذلك عليَّ أَكْلَهُ، ولم أَذُق منه شَيئًا، فاحمِل هذه الصُّحونَ إلى أَقوامٍ فُقراءَ. فحَمَلَها الفَرَّاشُونَ معه، وجَعَلَ يَطرُق أَبوابَ المَساجِد ببابِ المَراتِبِ، ويَدفَع ذلك إلى الأَضِرَّاءِ المُجاوِرينَ بها"  وكان يُبالِغُ في التَّواضُع، حتى تَرَكَ الاحتِجابَ فيُكَلِّم المَرأَةَ والطِّفلَ، وأَوْطَأَ العَوامَّ والصَّالِحينَ مَجلِسَه، وكان يُحضِر الفُقهاءَ الدِّيوانَ في كلِّ مُشكِلٍ، وكانوا إذا أَفتَوا في حَقِّ شَخصٍ بوُجوبِ حَقِّ القَصاصِ عليه سَأَلَ أَولياءَ الدَّمِ أَخْذَ شَيءٍ من مالِه وأن يَعفُوا، فإن فَعَلوا وإلَّا أَمَرَ بالقَصاصِ، وأَعطَى ذلك المالَ وَرَثَةَ المَقتُولِ الثاني، وفي زَمانِه أُسقِطَت المُكوسُ، وأُلبِسَ أَهلُ الذِّمَّةِ الغِيارَ، وتَقدَّم إلى الخِرَقيِّ المُحتَسِب أن يُؤَدِّبَ كلَّ مَن فَتَحَ دُكَّانَه يَومَ الجُمعةِ ويُغلِقَه يومَ السبتِ مِن البَزَّازينَ وغَيرِهم، وقال: هذه مُشارَكةٌ لليَهودِ في حِفْظِ سَبتِهم. وكان قد سَمِعَ أن النَّفَّاطِينَ والكِلابزيَّة -مَن يَتَولَّى تَربيَةَ الكِلابِ وبَيعَها- يَقِفونَ على دَكاكِين المُتعيِّشين فيَأخُذون منهم كلَّ أُسبوعٍ شَيئًا، فنَفَذَ مَن يَمنعُهم مِن الاجتِيازِ بهم. وحَجَّ في وِزارَتِه سَنةَ ثمانين، فبَذَلَ في طَريقِه الزَّادَ والأَدوِيَةَ، وعَمَّ أَهلَ الحَرمَينِ بصَدَقاتٍ، وساوَى الفُقراءَ في إِقامَةِ المَناسِك والتَّعَبُّد، وكان كَثيرَ البِرِّ للخَلْقِ، كَثيرَ التَّلَطُّفِ بهم، ولمَّا عُزِلَ خَرجَ إلى الجامِعِ يومَ الجُمعةِ فانثالَت عليه العامَّةُ تُصافِحُه وتَدعُو له، فكان ذلك سَبَبًا لالتِزامِه بَيتَه، والإنكارِ على مَن صَحِبَهُ، وبَنَى في دِهليزِ دارِهِ مَسجِدًا وكان يُؤَذِّن ويُصلِّي فيه، ثم وَرَدَت كُتُبُ نِظامِ المُلْكِ بإخراجِه من بغداد، فأُخرِجَ إلى بَلدةٍ، فأَقامَ مُدَّةً، ثم استَأذَنَ في الحَجِّ فأُذِنَ له فخَرجَ, وجاوَرَ بالمَدينَةِ، فلمَّا مَرِضَ مَرْضَ المَوتِ حُمِلَ إلى مَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وتُوفِّي مِن يَومِه ودُفِنَ بالبَقيعِ بعدَ أن صُلِّيَ عليه بمَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في مُنتَصفِ جُمادَى الآخِرَة من هذه السَّنَةِ وهو ابنُ إحدى وخمسين سَنةً، وكان له شِعْرٌ حَسَنٌ.

العام الهجري : 298 العام الميلادي : 910
تفاصيل الحدث:

هو أحمدُ بنُ يحيى بن إسحاق الراوندي نسبةً إلى راوند بلدةٍ مِن أصبهان، ولد عام 210, فيلسوف مجاهرٌ بالإلحاد، له مناظراتٌ ومجالسُ مع علماء الكلام، انفرد بمذاهِبَ نُقِلَت عنه في كتبه، كالقول بالحُلوليَّة، وتناسُخ رُوح الإله في الأئمَّة، وكان يلازِمُ الرافضةَ والملاحِدةَ، فإذا عوتِبَ قال: "أنا أريدُ أن أعرِفَ مذاهبَهم"، ثم كاشَفَ وناظَرَ، وصنَّف في الزندقة- لعنه اللهُ- قيل: إنَّ أباه كان يهوديًّا فأظهَرَ الإسلامَ، قال ابن حجر: "كان أوَّلًا مِن متكَلِّمي المعتَزِلة، ثم تزندقَ واشتَهَر بالإلحادِ" وقيل: إنه كان لا يستقِرُّ على مذهبٍ ولا يَثبُتُ على شيءٍ، ويقال: كان غايةً في الذكاءِ، قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي: "كنتُ أسمع عنه بالعظائمِ، حتى رأيتُ له ما لم يَخطُرْ مِثلُه على قلبٍ" وهو أحدُ مشاهير الزنادقة، طلبه السلطانُ فهرب إلى ابن لاوي اليهودي بالأهواز، وصَنَّفَ عنده مصنَّفات، منها كتاب "الدامغ للقرآن" وضعه ليطعنَ به في القرآنِ، وفي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم. ثمَّ لم يلبث إلَّا أيامًا حتى مرِضَ ومات, وكتابٌ في الرَّدِّ على الشريعةِ سمَّاه "الزمردة"، قال ابن عقيل: "عجبي كيف لم يُقتَلْ وقد صنَّف «الدامغ»" قال بعضُ اليهودِ للمُسلمينَ: لا يُفسِدَنَّ عليكم هذا كتابَكم، كما أفسَدَ أبوه علينا التوراةَ". واختُلِفَ في موته، فقيل: مات وهو عند اليهوديِّ، وقيل: بل صُلِبَ، عاش أكثَرَ مِن ثمانين سنة، فلا رَحِمَه الله. وجازاه بما يستحِقُّه.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَمرَو بنَ العاصِ إلى سُواعٍ لِيَهدِمَهُ، وسُواعٌ صَنَمٌ لقومِ نوحٍ عليه السَّلامُ، ثمَّ صار بعدَ ذلك لقَبيلةِ هُذيلٍ المُضَريَّةِ, وظَلَّ هذا الوَثَنُ مَنصوبًا تَعبُدهُ هُذيلٌ وتُعَظِّمُهُ, حتَّى إنَّهم كانوا يَحُجُّون إليه حتَّى فُتِحَتْ مكَّةُ ودخلَت هُذيلٌ فيمَن دخَل في دينِ الله أفواجًا، وكان مَوضعُه بِرُهاطٍ على قُرابةِ 150 كيلو مترًا شمالَ شرقيِّ مكَّةَ، فلمَّا انتهى إليه عَمرٌو قال له السَّادِنُ: ما تُريدُ؟ قال: أمَرني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أَهدِمَهُ. قال: لا تَقدِرُ على ذلك. قال: لِمَ ؟ قال تُمْنَعُ. قال: حتَّى الآنَ أنت على الباطلِ؟ وَيْحَكَ فهل يَسمعُ أو يُبصِرُ؟ ثم دَنا فكسَرهُ، وأمَر أصحابَهُ فهدموا بيتَ خَزانَتِهِ فلم يَجِدوا فيه شيئًا، ثمَّ قال للسَّادِنِ: كيف رأيتَ؟ قال: أَسلمتُ لله.

العام الهجري : 6 ق هـ العام الميلادي : 616
تفاصيل الحدث:

 كانت قُريشٌ تُحذِّر منَ الاستِماعِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا قَدِم الطُّفَيلُ بن عمرٍو مكةَ مَشَى إليه رجالٍ من قُرَيشٍ، وكان الطُّفَيلُ رجلًا شَريفًا شاعِرًا لَبيبًا، فقالوا له: "يا طُفَيلُ، إنَّك قَدِمتَ بلادَنا، وهذا الرجلُ الذي بين أظهُرِنا قد أعضَلَ -اشتَدَّ أمرُه- بنا، وقد فرَّق جماعَتَنا، وشتَّت أمْرَنا، وإنَّما قَولُه كالسِّحرِ يُفرِّق بين الرَّجلِ وبين أبيه، وبين الرَّجُلِ وبين أخيه، وبين الرَّجُلِ وبين زَوجَتِه، وإنَّا نَخشَى عليك وعلى قَومِك ما قد دَخلَ علينا، فلا تُكلِّمَنَّه ولا تَسمَعَنَّ منه شيئًا". قال: فَواللهِ ما زالوا بي حتَّى أجمعتُ ألَّا أسمَعَ منه شيئًا ولا أُكلِّمه، حتى حَشَوتُ في أُذُنَيَّ حين غَدَوتُ إلى المسجِدِ كُرسُفًا -قُطنًا- خوفًا مِن أن يَبلُغَني شيءٌ مِن قَولِه، وأنا لا أُريدُ أن أسمَعَه. فغَدَوتُ إلى المسجدِ فإذا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائمٌ يصلِّي عند الكَعبةِ. قال: فقُمتُ منه قريبًا، فأبى الله إلَّا أنْ يُسمِعَني بعضَ قولِه. قال: فسَمِعتُ كَلامًا حَسَنًا. فقُلتُ في نَفسي: وا ثُكْلَ أُمِّي، واللهِ إنِّي لرَجلٌ لَبيبٌ شاعِرٌ ما يَخفَى علَيَّ الحَسنُ من القَبيحِ، فما يَمنَعُني أن أسمَعَ من هذا الرَّجلِ ما يقولُ؟ فإنْ كان الذي يَأتي به حَسنًا قَبِلتُه، وإن كان قَبيحًا تَرَكتُه. فمَكَثتُ حتى انصَرَف رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بيتِه فاتَّبَعتُه، حتى إذا دخل بَيتَه دَخَلتُ عليه، فقلتُ: يا مُحمَّدُ، إنَّ قومَك قد قالوا لي كذا وكذا، للذي قالوا؛ فوالله ما بَرِحوا يُخوِّفونَني أمْرَك حتى سَدَدتُ أُذُنَيَّ بكُرسُفٍ لِئَلَّا أسمَعَ قولَك، ثمَّ أبَى الله إلا أن يُسمِعَني قَولَك، فسَمِعتُه قَولًا حَسَنًا، فاعرِضْ علَيَّ أمْرَك. قال: فعَرَضَ علَيَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإسلامَ، وتلا علَيَّ القُرآنَ، فلا والله ما سَمعتُ قولًا قطُّ أحسنَ منه، ولا أمرًا أعدَلَ منه. فأسلمتُ وشَهِدتُ شهادةَ الحقِّ، وقلتُ: يا نبيَّ الله، إنِّي امرُؤٌ مُطاعٌ في قومي، وأنا راجِعٌ إليهم، وداعيهِم إلى الإسلامِ، فادعُ الله أن يجعلَ لي آيةً تَكون لي عَونًا عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: "اللَّهمَّ اجعَل له آيةً".
قال: فخَرَجتُ إلى قومي، حتى إذا كنتُ بثَنيَّةٍ -الفُرجةُ بين الجَبَلَين- تُطلِعُني على الحاضِرِ -أي: القوم النَّازِلين على الماء- وقع نورٌ بين عينَيَّ مِثلُ المِصباحِ، فقُلتُ: اللَّهمَّ في غيرِ وجهي، إنِّي أخشى أن يَظُنُّوا أنَّها مُثلةٌ وَقَعت في وَجهي لفِراقي دينَهم. قال: فتَحَوَّل فوَقَع في رأسِ سوطي. قال: فجَعَل الحاضِرُ يَتراءَون ذلك النُّورَ في سَوطي كالقِنديلِ المُعلَّقِ، وأنا أهبِطُ إليهم من الثَّنيَّةِ، قال: حتى جِئتُهم فأصبَحتُ فيهم. فلمَّا نزلتُ أتاني أبي، وكان شيخًا كبيرًا، قال: فقلتُ: إليك عنِّي يا أبتِ، فلستُ منك ولستَ منِّي. قال: ولِمَ يا بُنَيَّ؟ قال: قلتُ: أسلمتُ وتابَعتُ دينَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: أيْ بنيَّ، فديني دينُك. قال: فقلتُ: فاذهَبْ فاغتَسِلْ وطهِّرْ ثيابَك، ثم تعالَ حتى أُعَلِّمَك ما عَلِمتُ. فذَهَب فاغتَسَلَ، وطهَّرَ ثيابَه، ثم جاء فعَرَضتُ عليه الإسلامَ، فأسلمَ.
ثم أتَتْني صاحِبَتي -زَوجَتي- فقلتُ: إليكِ عنِّي، فلستُ منكِ ولستِ منِّي. قالت: لِمَ؟ بأبي أنت وأمي. قلتُ: قد فرَّق بيني وبينكِ الإسلامُ، وتابَعتُ دينَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قالت: فديني دينُكَ. قلتُ: فاذهَبي فتطهَّري، فذَهَبَت فاغتسَلَت، ثم جاءت فعَرَضتُ عليها الإسلامَ، فأسلَمَت.
ثم دعوتُ دَوسًا إلى الإسلامِ فأبطَؤوا علَيَّ، ثم جئتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمكةَ، فقلتُ له: يا نبيَّ الله، إنَّه قد غَلَبني على دوسٍ الزِّنا -لَهوٌ مع شُغُلِ القَلبِ والبَصرِ-، فادعُ الله عليهم، فقال: "اللَّهمَّ اهدِ دَوسًا، ارجِعْ إلى قومِكَ فادعُهم وارفُقْ بِهِم". قال: فلَم أزَلْ بأرضِ دَوسٍ أدعوهم إلى الإسلامِ، حتى هاجَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ، ومَضَى بدرٌ وأُحُدٌ والخَندَقُ، ثم قَدِمتُ على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِمَن أسلم معي من قومي، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَيبَرَ، حتى نزلتُ المدينةَ بسبعين أو ثمانين بَيتًا من دوسٍ، ثم لَحِقْنا برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَيبَرَ، فأسهَمَ لنا مع المسلمين".
ثم لم يَزَل رَضي اللهُ عنه مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى فتح الله عليه مكَّةَ، وكان معه بالمدينةِ حتى قَبَض الله رسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا ارتدَّتِ العربُ خرج مع المسلمين، فسار معهم حتى فَرَغوا من طُلَيحةَ، ومن أرضِ نجدٍ كلِّها. ثم سار مع المسلمين إلى اليَمامةِ، واستشهد فيها.

العام الهجري : 8 العام الميلادي : 629
تفاصيل الحدث:

هي زينبُ بنتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأَكبرُ أَخواتِها، تَزوَّجَها في حياةِ أمِّها ابنُ خالتِها أبو العاصِ بنُ الرَّبيعِ، فوَلدتْ له أُمامَةَ التي تَزوَّجَ بها عليُّ بنُ أبي طالبٍ بعدَ فاطمةَ، ووَلدتْ له عليَّ بنَ أبي العاصِ، أَسلمتْ زَينبُ وهاجرتْ قبلَ إسلامِ زَوجِها بسِتِّ سنين، قالت أمُّ عَطيَّةَ: لمَّا ماتتْ زَينبُ بنتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «اغْسِلْنَها وِترًا ثلاثًا، أو خمسًا، واجْعَلْنَ في الخامسةِ كافورًا، أو شيئًا مِن كافورٍ، فإذا غَسَّلْتُنَّها، فأَعْلِمْنَني». قالت: فأَعلَمْناهُ، فأعطانا حِقْوَهُ وقال «أَشْعِرْنَها إيَّاهُ».

العام الهجري : 0 العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

عن عبدِ الله بنِ مَسعودٍ رضي الله عنه، قال: انشقَّ القَمرُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شِقَّتينِ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اشْهَدوا». وعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، «أنَّ أهلَ مكَّة سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُرِيَهُم آيةً، فأراهُم القَمرَ شِقَّتينِ، حتَّى رَأَوْا حِراءً بينهُما» وفي صحيحِ مُسلمٍ عن عبدِ الله بنِ مَسعودٍ قال: انشقَّ القَمرُ على عهدِ رسولِ الله صلَّى الله عَليهِ وسلَّم فِلقَتَينِ، فسَترَ الجبلُ فِلْقَةً، وكانتْ فِلْقَةٌ فوقَ الجبلِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اشْهدْ». والمشهورُ أنَّ انشِقاقَ القَمرِ حصلَ مَرَّةً واحدةً، أمَّا ما وردَ في إِحدى رِواياتِ مُسلمٍ: (.. فأَراهُم انشِقاقَ القَمرِ مَرَّتَينِ). فقد أجاب عنها العُلماءُ. ورَجَّحَ ابنُ القَيِّمِ وابنُ حَجَرْ وغيرُهما أنَّه وقع مَرَّةً واحدةً.

العام الهجري : 344 العام الميلادي : 955
تفاصيل الحدث:

خرج بأذربيجان رجلٌ ادَّعى حُرمةَ اللُّحومِ وما يخرُجُ مِن الحيوان، وأنَّه يعلَمُ الغَيبَ، فأضافه رجلٌ وأطعَمَه كشكيَّةً بشَحمٍ، فلمَّا أكَلَها قال له: ألستَ تُحَرِّمُ اللحم، وما يخرجُ مِن الحيوان، وأنَّك تعلمُ الغيبَ؟ قال: بلى! قال: فهذه الكشكيَّة بشَحمٍ، ولو عِلمْتَ الغيبَ لَمَا خَفِيَ عليك ذلك، فأعرض النَّاسُ عنه.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 629
تفاصيل الحدث:

كانت بعدَ غزوة مُؤْتَةَ، وسُمِّيتْ ذاتَ السَّلاسِلِ لأنَّها وقعت بالقُرْبِ مِن ماءٍ يُقالُ له: السَّلْسَلُ. بلَغ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّ جمعًا مِن قُضاعةَ تَجَمَّعوا وأَرادوا أن يَدنوا مِن أَطرافِ المدينةِ فَدعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَمرَو بنَ العاصِ فعقَد له لِواءً أَبيضًا وبَعثَهُ في ثلاثمائةٍ مِن سَراةِ المُهاجرين والأنصارِ، فكان أَميرُها عَمرَو بنَ العاصِ رضي الله عنه. قال عَمرٌو: بعَث إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: خُذْ عليك ثِيابَك وسِلاحَك ثمَّ ائْتِني. فأَتيتُه وهو يتَوضَّأُ، فصَعَّد فِيَّ النَّظرَ، ثمَّ طَأْطَأَ، فقال: إنِّي أُريدُ أن أَبعثَكَ على جَيشٍ، فيُسَلِّمَك الله ويُغْنِمَك، وأَرْغَبُ لك مِنَ المالِ رَغبةً صالِحةً، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، ما أَسلمتُ مِن أجلِ المالِ، ولكنِّي أَسلمتُ رَغبةً في الإسلامِ، وأن أكونَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عَمرُو، نِعْمَ المالُ الصَّالحُ للمَرءِ الصَّالحِ).
وفي الغَزوةِ سأَلهُ أصحابُه أن يُوقِدوا نارًا فمَنعَهُم فكَلَّموا أبا بكرٍ فكَلَّمهُ في ذلك فقال: لا يُوقِدُ أحدٌ منهم نارًا إلَّا قَذفْتُه فيها. قال: فلَقوا العَدُوَّ فهَزموهُم فأرادوا أن يَتَبَعوهُم فمنَعهُم، فلمَّا انصرَف ذلك الجيشُ ذَكَروا للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وشَكَوْهُ إليه، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي كَرِهتُ أن آذنَ لهم أن يُوقِدوا نارًا فيَرى عَدُوُّهم قِلَّتَهُم، وكَرِهتُ أن يَتْبَعُوهم فيكونُ لهم مَدَدٌ فيَعْطِفوا عليهم. فحمِد رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَمْرَهُ...). وفيها صلَّى عَمرٌو بالنَّاسِ وهو جُنُبٌ ومعه ماءٌ، لم يَزِدْ على أن غسَل فَرْجَهُ وتَيمَّمَ، فلمَّا قَدِمَ عَمرٌو على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سأَلهُ عن صلاتِه، فأَخبرَهُ فقال: والذي بعثَك بالحقِّ لو اغْتسَلتُ لَمُتُّ، لم أَجِدْ بَردًا قَطُّ مِثلَهُ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ:  {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، فضَحِك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولم يَقُلْ له شيئًا.

العام الهجري : 269 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 883
تفاصيل الحدث:

سبَبُها أنَّ أحمد بن طولون سيَّرَ جيشًا مع قائدينِ إلى مكَّةَ، فوصلا إليها وجمَعا الحنَّاطين، والجزارين، وفَرَّقا فيهم مالًا؛ وكان عامِلُ مكة هارون بن محمد إذ ذاك ببستانِ ابن عامر قد فارقها خوفًا منهما، فقَدِمَ مكة جعفر الباغمردي في عسكرٍ، وتلقاه هارون بن محمد في جماعةٍ، فقَوِيَ بهم جعفر، والتَقَوا هم وأصحاب ابن طولون فاقتتلوا وأعان أهلُ خراسان جعفرًا، فقتل من أصحابِ ابن طولون مائتي رجلٍ، وانهزم الباقونُ وسُلِبوا وأُخِذَت أموالهم، وأخذ جعفرٌ من القائدينِ نحوَ مائتي ألف دينار، وأمَّن المصريِّين، والجزَّارين، والحنَّاطين، وقُرِئَ كتابٌ في المسجد الجامع، ولُعِن ابن طولون، وسَلِم الناسُ وأموال التجار.

العام الهجري : 804 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1401
تفاصيل الحدث:

هو سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المشهور بابن الملقِّن، ولد بالقاهرة سنة 723 عُرِفَ ابن الملقن؛ لأن الذي كفَلَه بعد وفاة أبيه مُلَقِّن القرآن في الجامع الطولوني بالقاهرة، فعُرِفَ به، فصار يقال: ابنُ المُلَقِّن، وكان هو زوجَ أمِّه، وهو الذي ربَّاه، فأصبح من كبار علماء الحديث والفقه الشافعي، فتولى قضاء الشافعية، ثم التدريس والإفتاء، له مصنفات عديدة؛ منها: إكمال تهذيب الكمال، وله البدر المنير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وله تحفة المحتاج في أدلة المنهاج، وله التذكرة في علوم الحديث، وله طبقات الأولياء، وله الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، وله غاية السول في خصائص الرسول، وغيرها كثير، وكانت له مكتبة عامرة، ولكنها احترقت؛ فأصابه بسبب ذلك ذهولٌ فحَجَبه ابنُه حتى توفِّي عن 81 عامًا.

العام الهجري : 2 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

كانت سريَّةُ سالِمِ بنِ عُمَيرٍ رَضي اللهُ عنه إلى أبي عَفَكٍ اليَهوديِّ في شوَّالٍ على رأسِ عشرين شهرًا من مُهاجَرِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان أبو عَفَكٍ من بني عمرِو بن عوفٍ شَيخاً كبيرًا قد بلغ عشرين ومئةَ سنةٍ، وكان يَهوديًّا، عَظيمَ الكُفرِ، شديدَ الطَّعنِ على المسلمين، قد امتَلَأ قلبُه بالحقدِ والحسدِ للمسلمين، وهو يرى الْتِفافَ الأوسِ والخزرجِ على نُصرةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وازدادَ كيدُه بالإسلامِ وأهلِهِ بعد أنْ رَأى رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يزداد قوَّةً وتَمكينًا في المدينةِ وما حولَها بعد غزوةِ بدرٍ، فلم يُطِقْ لذلك صَبرًا، فأخذ يُنشِدُ الشِّعرَ يَهجو به رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُحرِّضُ على عداوَتِه، ويُسَفِّهُ رأيَ الأنصارِ لمُتابَعَتِهم رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومُناصَرَتِه.
فقال سالِمُ بنُ عُمَيرٍ وهو أحدُ البَكَّائين -أي: في غَزوةِ تَبوكَ- ومِمَّن شَهِد بَدرًا: "عليَّ نَذرٌ أن أقتُلَ أبا عَفَكٍ أو أموتَ دُونَه"، فأمهَلَ يَطلُبُ له غِرَّةً، حتى كانت ليلةٌ صائِفةٌ، فنام أبو عَفَكٍ بالفِناءِ، وسَمِعَ به سالِمُ بنُ عُميرٍ، فأقبَلَ فوَضَعَ السَّيفَ على كَبِدِه، ثم اعتَمَدَ عليه حتى خَشَّ في الفراشِ، وصاح عدوُّ اللهِ، فثاب إليه ناسٌ مِمَّن هم على قَولِه، فأدخَلوه منزلَه وقَبَروه.
وكان أبو عَفَكٍ مِمَّن نَجَم نِفاقُه حين قَتَلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحارِثَ بنُ سُويدِ بنِ الصَّامِتِ، وشَهِدَ سالِمٌ بَدرًا، وأُحدًا، والخَندَقَ، والمَشاهِدَ كُلَّها مع رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وتوُفِّي في خِلافةِ مُعاويةَ بن أبي سُفيانَ رَضي اللهُ عنهما.

العام الهجري : 5 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

وقعَت هذه الغَزوةُ بعدَ غَزوةِ الأحزابِ مُباشرةً، وكان سببُها نقضَ بني قُريظةَ العهدَ الذي بينهم وبين النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بتَحريضٍ مِن حُيَيِّ بنِ أَخطبَ النَّضْريِّ. وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد أَرسلَ الزُّبيرَ لِمعرفةِ نِيَّتِهم، ثمَّ أَتبَعهُ بالسَّعدَيْنِ –سَعدِ بنِ عُبادةَ وسَعدِ بنِ مُعاذٍ- وابنِ رَواحةَ، وخَوَّاتِ بنِ جُبيرٍ لِذاتِ الهدفِ ليَتأكَّدَ مِن غَدرِهم. وقد أمَر الله تعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم، بقِتالِهم بعدَ عَودتِه مِنَ الخَندقِ ووَضْعِهِ السِّلاحَ، فأَوْصى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أصحابَهُ أن يَتوجَّهوا إلى بني قُريظةَ، وقال لهم: (لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم العَصرَ إلَّا في بني قُريظةَ). كما في رِوايةِ البُخاريِّ، أو (الظُّهرَ) كما في رِوايةِ مُسلمٍ. فضرَب الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم الحِصارَ على بني قُريظةَ لمُدَّةِ خمسٍ وعِشرين ليلةً على الأرجحِ، حتَّى نزلوا على حُكمِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فأَحَبَّ أن يَكِلَ الحُكمَ عليهم إلى واحدٍ مِن رُؤساءِ الأَوْسِ؛ لأنَّهم كانوا حُلفاءَ بني قُريظةَ، فجعل الحُكمَ فيهم إلى سعدِ بنِ مُعاذٍ، فلمَّا دَنا مِنَ المسلمين قال الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم للأنصارِ: قوموا إلى سَيِّدِكُم -أو خَيرِكُم- ثمَّ قال: إنَّ هؤلاءِ نزلوا على حُكمِك. قال -أي سعدُ بنُ مُعاذٍ-: تُقْتَلُ مُقاتِلَتُهم، وتُسْبى ذَرارِيُّهُم، وتُقْسَمُ أَموالُهم. فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: قَضيتَ بحُكمِ الله تعالى. ونَفَّذَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم هذا الحُكمَ فيهم، وكانوا أَربعمائةٍ على الأرجحِ. ولم يَنْجُ إلَّا بعضُهم، ثمَّ قَسَّمَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم أَموالَهم وذَراريَّهُم بين المسلمين.