الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2032 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 275 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 888
تفاصيل الحدث:

كان بين ابن أبي الساج- أحد كبارِ قادةِ الأتراك في عهد المعتَمِد- وخِمارَوَيه بن طولون اتِّفاقٌ، وكان ابنُ أبي الساج يطيع خِمارَوَيه ويسمَعُ له، إلَّا أنَّ ابنَ أبي الساج خالف على خمارَوَيه، فلما سمع خمارويه الخبَرَ، سار عن مصر في عساكِرِه نحو الشام، فقَدِمَ إليه آخِرَ سنة أربع وسبعين، فسار ابنُ أبي الساج إليه، فالتَقَوا عند ثنية العقاب بقُرب دمشق، وكان القتالُ بينهما فانهزمت ميمنةُ خمارَوَيه وأحاط باقي عسكرِه بابن أبي الساج ِومن معه، فمضى منهزمًا واستبيح مُعسكَرُه، وأُخِذَت الأثقال والدوابُّ وجميعُ ما فيه، وكان قد خلَّفَ بحمص شيئًا كثيرًا فسَيَّرَ إليه خمارويه قائدًا في طائفةٍ من العسكرِ جريدة، فسبقوا ابنَ أبي الساج إليها ومنعوه من دخولِها والاعتصام بها، واستولوا على ما لَه فيها، فمضى ابن أبي الساج منهزمًا إلى حلَب، ثم منها إلى الرقَّة، فتبعه خمارَوَيه، ففارق الرقَّة، فعبر خمارويه الفراتَ، وسار في أثرِ ابنِ أبي الساج، فوصل خمارويه إلى مدينةِ بلد، وكان قد سبقه ابنُ أبي الساج إلى الموصل. فلما سمع ابنُ أبي الساج بوصولِه إلى بلد سارَ عن الموصِلِ إلى الحديثة، وأقام خمارَوَيه ببلد.

العام الهجري : 532 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1138
تفاصيل الحدث:

عَظُمَ أمرُ ابنِ بَكرانَ العَيَّار بالعراقِ، وكَثُرَ أتباعُه، وصار يَركَبُ ظاهِرًا في جمعٍ من المُفسِدينَ، وخافه الشَّريفُ أبو الكرم الوالي ببغدادَ، فأمر أبا القاسِمِ ابنَ أخيه حاميَ بابِ الأزجِ أن يشتَدَّ عليه ليأمَنَ شَرَّه، وكان ابنُ بكران يُكثِرُ المُقامَ بالسَّوادِ، ومعه رفيقٌ له يُعرَفُ بابن البزاز، فانتهى أمرُهما إلى أنَّهما أرادا أن يضرِبَا باسمِهما سكَّةً في الأنبارِ، فأرسل الشحنةُ والوزيرُ شَرَفُ الدين الزينبي إلى الوالي أبي الكرَمِ وقالا: إمَّا أن تَقتُلَ ابنَ بَكرانَ، وإمَّا أن نَقتُلَك، فأحضَرَ ابن أخيه وعَرَّفَه ما جرى، وقال له: إمَّا أن تختارَني ونَفسَك، وإمَّا أن تختارَ ابنَ بَكرانَ، فقال أنا أقتُلُه، وكان لابنِ بكران عادةٌ يجيءُ في بعضِ اللَّيالي إلى ابنِ أخي أبي الكرمِ، فيُقيمُ في دارِه ويَشرَبُ عنده، فلمَّا جاء على عادَتِه وشَرِبَ، أخذ أبو القاسِمِ سلاحَه ووثَبَ به فقتَلَه وأراح النَّاسَ مِن شَرِّه، ثمَّ أُخِذَ بَعدَه بيَسيرٍ رَفيقَه ابنَ البزازِ وصُلِبَ، وقُتِلَ معه جماعةٌ مِن الحراميَّة، فسَكَن النَّاسُ واطمأنُّوا وهدأت الفِتنةُ.

العام الهجري : 422 العام الميلادي : 1030
تفاصيل الحدث:

كانت الرَّها بيدِ نَصرِ الدَّولة بن مروان، فلمَّا قُتِلَ عَطير الذي كان صاحِبَها، شَفَعَ صالحُ بنُ مرداس، صاحِبُ حَلَب، إلى نَصرِ الدَّولة ليُعيدَ الرَّها إلى ابنِ عطير، وإلى ابنِ شبلٍ، بينهما نِصفَينِ، فقَبِلَ شَفاعَتَه، وسَلَّمَها إليهما، وكان في الرَّها برجانِ حَصينانِ أحَدُهما أكبَرُ من الآخر، فتَسَلَّمَ ابنُ عطير الكبير، وابنُ شبل الصَّغيرَ، وبَقِيَت المدينةُ معهما إلى هذه السَّنة، فراسل ابنُ عطير أرمانوس مَلِكَ الروم، وباعَه حِصَّتَه من الرَّها بعشرينَ ألف دينار، وعِدَّة قُرًى من جملتِها قريةٌ تُعرَفُ إلى الآن بسن ابن عطير، وتسَلَّموا البرُجَ الذي له، ودخلوا البلَدَ فمَلَكوه، وهرب أصحابُ ابنِ شبل من البُرجِ الآخَر، وقَتَل الرُّومُ المُسلِمين، وخَرَّبوا المساجِدَ، وسَمِعَ نَصرُ الدَّولة الخبَرَ، فسَيَّرَ جيشًا إلى الرها، فحصَروها وفتَحوها عَنوةً، واعتصم مَن بها مِن الرُّومِ بالبُرجَينِ، واحتمى النَّصارى بالبيعةِ التي لهم، وهي من أكبَرِ البِيَعِ وأحسَنِها عِمارةً، فحَصَرهم المسلمونَ بها، وأخرَجوهم، وقَتَلوا أكثَرَهم، ونَهَبوا البلدَ، وبَقِيَ الرومُ في البرجين، وسَيَّرَ إليهم عسكرًا نحو عشرةِ آلاف مقاتل، فانهزم أصحابُ ابنِ مَروانَ مِن بينِ أيديهم، ودخَلوا البلدَ وما جاوَرَهم من بلادِ المُسلِمينَ، وصالحهم ابنُ وَثَّاب النميري على حَرَّان وسروج وحمَلَ إليهم خراجًا.

العام الهجري : 413 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1022
تفاصيل الحدث:

الكاتِبُ المَشهورُ صاحِبُ الخَطِّ المنسوبِ أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ هلالٍ البَغداديُّ، المعروف بابنِ البَوَّاب؛ ويقال له "ابن الستري" أيضًا؛ لأنَّ أباه كان بوَّابًا، والبَوَّاب ملازِمٌ سِترَ البابِ، فلهذا نُسِبَ إليهما. كان شَيخُه في الكتابةِ ابنَ أسَدٍ الكاتِبَ المَشهورَ، وهو أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ أسدِ بنِ عليِّ بنِ سَعيدٍ القارئ الكاتب البزَّاز البغدادي. قال ابن كثيرٍ: "وقد أثنى على ابنِ البوَّابِ غَيرُ واحد في دينِه وأمانته، وأمَّا خَطُّه وطريقتُه، فهي أشهرُ مِن أن نُنَبِّهَ عليها، وخَطُّه أوضَحُ تعريبًا من خط الوزيرِ أبي عليِّ بنِ مُقلةَ الكاتبِ المَشهورِ، ولم يكُنْ بعدَ ابنِ مُقلةَ أكتَبُ منه، وعلى طريقتِه النَّاسُ اليومَ في سائِرِ الأقاليمِ إلَّا القَليلَ". قال ابنُ خَلِّكانَ: "لم يوجَدْ في المتقَدِّمينَ ولا المتأخِّرينَ مَن كَتَبَ مِثلَه ولا قارَبَه، وإن كان أبو عليٍّ ابنُ مُقلةَ الوزيرُ أوَّلَ مَن نَقَل هذه الطريقةَ مِن خَطِّ الكوفيِّينَ، وأبرَزَها في هذه الصُّورةِ، وله بذلك فضيلةُ السَّبقِ، وخَطُّه أيضًا في نهايةِ الحُسنِ، لكِنَّ ابنَ البوَّابِ هَذَّبَ طريقةَ ابنِ مُقلةَ ونَقَّحَها وكَساها طلاوةً وبَهجةً. والكُلُّ مُعتَرِفٌ لابنِ البوَّابِ بالتفَرُّد، وعلى منوالِه يَنسجونَ، وليس فيهم من يَلحَقُ شَأوَه ولا يَدَّعي ذلك، مع أنَّ في الخَلقِ مَن يدَّعي ما ليس فيه، ومع هذا فما رأَينا ولا سَمِعْنا أنَّ أحدًا ادَّعى ذلك، بل الجميعُ أقَرُّوا له بالسَّابقةِ وعَدَمِ المشاركة". توفِّي ابنُ البوَّاب ببغداد، ودُفِنَ جوارَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ.

العام الهجري : 778 العام الميلادي : 1376
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ المَلِكُ المظَفَّر فخر الدين داود ابن الملك الصالح صالح ابن الملك المنصور غازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيل غازي بن أرتق الأرتقي، صاحِبُ ماردين وابنُ صاحبها بماردين، وكان الملك المظفَّر هذا وَلِيَ مُلكَ ماردين بعد ابن أخيه الملك الصالح محمود الذي أقام في سلطنة ماردين أربعة أشهر عوضًا عن والده الملك المنصور أحمد ابن الملك الصالح صالح، وخُلِعَ الملك الصالح محمود، وتسلطن الملِكُ المظفر، فأظهر العدلَ واقتفى أثر والده الملك الصالح في الإحسان إلى الرعية وإصلاح الأمور إلى أن مات، توفِّيَ في هذه السنة بعد أن حكمها نحو عشرين سنة، وتولى سلطنةَ ماردين من بعدِه ابنُه الملك الظاهر مجد الدين عيسى.

العام الهجري : 60 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 680
تفاصيل الحدث:


كان مُعاوِيَةُ في عام 50 هـ قد عَهِدَ إليه بالخِلافَة مِن بعدِه، وأخَذ ذلك على النَّاسِ؛ ولكنَّ البعضَ لم يَرْضَ مِثلَ ابنِ عُمَر، وابنِ الزُّبيرِ، وعبدِ الرَّحمن بن أبي بكرٍ، والحُسينِ بن عَلِيٍّ، ثمَّ لمَّا حضَرَت مُعاوِيَةَ الوَفاةُ كان يَزيدُ غائبًا فأَوْصى إليه، ثمَّ لمَّا تُوفِّي بايَعَت الأمصارُ لِيَزيدَ إلَّا مَن ذُكِرَ آنِفًا، وبذلك تَمَّتْ له الخِلافَة، ثمَّ بايَع له ابنُ عُمَرَ، وابنُ عبَّاسٍ، أمَّا ابنُ الزُّبيرِ فخرج إلى مكَّة وحصَل منه ما حصَل، وأمَّا الحُسينُ فلَحِقَهُ أيضًا إلى مكَّة حتَّى خرَج إلى الكوفَةِ وكان فيها ما كان.

العام الهجري : 1307 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1890
تفاصيل الحدث:

أراد الأميرُ سالمُ بنُ سبهان حاكِمُ الرياض مِن قِبَل ابنِ رشيد التخلُّصِ من عبد الرحمن بن فيصل، فدبَّرَ مؤامرةً لتنفيذها يومَ عيد الأضحى، إلَّا أن عبد الرحمن اكتشَفَها، فلما دخل ابن سبهان القصرَ على عبد الرحمنِ اعتَقَله هو ومن معه، وظل ابن سبهان في السِّجنِ إلى أن أُطلِقَ سَراحُه فيما بعدُ بطَلَبٍ مِن ابن رشيد.

العام الهجري : 1346 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1928
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله، من آل سعود كان رابع أبناءِ فيصل بن تركي، حصل بينه وبين ابن رشيد قتال على الرياض وتمكَّن ابن رشيد من هزيمة رجال عبد الرحمن في (المليدة) سنة 1308هـ فرحل عبد الرحمن إلى الجنوب، ونزل في قبائل (مرة) فأقام سبعةَ أشهر، وأرسل أهلَه إلى الأحساء -وكانت لا تزال في يد الترك- وجمَعَ من توسَّم فيهم النَّجدةَ وأعاد الكَرَّةَ على الرياض، فأخرج منها رجالَ ابنِ رشيد، واستولى عليها وعلى سائر العارض. فزحف عليه ابنُ رشيد، واقتتلا في (حريملاء) وظفر ابن رشيد، فرحل عبد الرحمن إلى بادية الأحساء، وأرسل أهلَه إلى (قطر) ثم إلى (البحرين) سنة 1309ه واستقَرَّ بعد ذلك في (الكويت) إلى أن استعاد ابنه عبد العزيز الرياضَ سنة 1319هـ، وعاد إليها عبدُ الرحمن وطالت حياته إلى أن شَهِدَ مُلكَ ابنه عبد العزيز يمتدُّ إلى أطراف الجزيرة العربية. كان الملك عبد العزيز يرجِعُ إلى والده في كثيرٍ من الأمور إلى أن توفي رحمه الله. وكان عبد الرحمن فيه زهدٌ وبُعدٌ عن مظاهر التَّرَف، وفي طبعه ميلٌ إلى الهوادة، وهو على جانبٍ مِن العلم؛ فقد صنَّف مناسِكَ الحج على المذاهب الأربعة بطلب من ابنِه عبد العزيز.

العام الهجري : 1385 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

تعد ثورةُ ظفار في الجزء الجنوبي من سلطنة عمان على حُكمِ السلطان سعيد بن تيمور واحدةً من أطولِ الثورات العربية؛ حيث امتدَّت زهاءَ عشرة أعوام، وقد واكبت حقبةَ الثورات التحرُّرية من الاستعمار العالمي، والتي شَهِدتْها المنطقة العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، ومن أسبابِ الثورة وقيامها: حالةُ التخَلُّف التي سادت سلطنةَ مسقط وعمان بشكلٍ عامٍّ، وإقليم ظفار بشكل خاص، وكثرة الممنوعات والمعاناة من الضرائب الباهظة التي أثقلت كاهلَ العمانيين، وبعدما تعرَّف الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسًا بالوضعِ في عمان خُلِقت لديهم الرَّغبةُ الجامحة في التغيير، كما أنَّ الأوضاعَ التي عاشتها المنطقةُ آنذاك، وانتشارَ المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدَّى إلى تأثُّر أبناء الأمة العربية، ومِن ضمنِهم الظفاريون بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحَرُّر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل؛ مما ولَّد لدى الظفاريين النزعةَ نحو الثورة ضِدَّ الوجود البريطاني في عمان. عَمِلَ الظفاريون على تنفيذ الثورة من خلالِ تشكيل تنظيمات سريَّة متعَدِّدة كان لها دوافِعُ وانتماءات مختلفة بين قوميٍّ عربيٍّ هدفُه مقاومةُ بريطانيا، وتمثَّل في التنظيم لحركة القوميين العرب، وآخَرَ هدفُه تحسينُ الأوضاع الاجتماعية في عمان، وتمثَّل في الجمعية الخيرية الظفارية. وتُنسَب بدايةُ الثورة إلى مسلم بن نفل الذي كان يعمَلُ في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي أقصاه من عمله في القصر السلطاني عام 1963 بسبب أفكاره الثورية, فكانت بداية الثورة في أبريل 1963 من خلال هجومٍ مسلح على حافلات شركة النفط، خطَّط له مسلم بن نفل، ثم فرَّ مسلم بن نفل مع 30 رجلًا من جماعته خارج عمان حيث رحلوا إلى العراق التي كانت تُحكَمُ من قبل النظام البعثي، فتلقَّوا تدريبًا عسكريًّا، وفي صيف 1964 عادت مجموعةُ ابن نفل إلى ظفار بدعم مالي وعسكري من عدد من الدول العربية، منها: مصر، واليمن الجنوبي، ولم يلبث عام 1965م أن شهد إعلان قيام "جبهة تحرير ظفار" التي أعلنت الثورةَ ضِدَّ حكم السلطنة، كما دعا بيانٌ للجبهة الظفاريين إلى الانضمام إلى الثوَّار؛ من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور، وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل، وإقامة حكم وطني ديمقراطي. بدأت حربُ ظفار بعمليات كرٍّ وفرٍّ ضِدَّ أهداف تابعة لحكومة السلطان سعيد بن تيمور، وكانت الحربُ سِجالًا بين الثوار وقوَّات السلطان سعيد، وفي 28 أبريل 1966 وقعت محاولةٌ لاغتيال السلطان سعيد بن تيمور احتجب بعدها السلطانُ عن الظهور، الأمر الذي جعل الثوَّارَ يعتقدون أنه قُتِل، وأن السلطات البريطانية هي التي تدير شؤون السلطنة. إلَّا أن الثوار تلقَّوا هزائم متكررة، وبعد تولِّي السلطان قابوس بن سعيد مقاليدَ الحكم في 23 يوليو 1970م كمبادرة منه لإنهاء ثورة ظفار أعلن العفوَ العامَّ عن جميع المتمرِّدين، ووعد أيَّ ظفاري مشترِك في حركة التمرد بمعاملة حسنة، ووعد كذلك بتحقيق مطالبِ المتمرِّدين الرئيسية وَفق برنامج إصلاحي اجتماعي، وقد حصل السلطانُ بوعدٍ من إيران بتقديمِ مساعدة عسكرية للقضاء على حركة التحرر، وقام السلطان بحملةِ قتل جماعية في حقِّ عدد من أعضاء الجبهة قُدِّرَ عَددُهم بـ 300 عضو، وفي نفس الفترة قام مسلم بن نفل بتسليم نفسه إلى قوات السلطان، ثم تزايدت الاغتيالات في صفوف الجبهة؛ حيث تمَّ تنفيذ أحكام قتل على مجموعة كبيرة أخرى من الظفاريين قريب من 40 شخصًا. كما زاد عددُ الذين يستسلمون لجيش السلطان، ثم ينضمون بأسلحتهم إلى ما يسمى بالفِرَق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في جبهة تحرير ظفار، وبلغ عددهم 2000 مقاتل، ومع بداية عام 1975م بات الثوارُ غير قادرين على مواجهة قوات السلطان المدعومة بالقوات الإيرانية على جميع جبهات القتال، ولأولِ مرة منذ 10 أعوام أصبح كل إقليم ظفار تحت سيطرة الحكومة، وفي الجانب السياسيِّ توصَّلت سلطنة عمان واليمن الجنوبي برعاية سعودية إلى اتفاقٍ ينهي الخلافات القائمةَ بينهما، وتوقَّف اليمن الجنوبي عن دعم الثوار؛ ممَّا أدى إلى استسلام العديد من قياداتها للسلطنة، كان من أبرزهم عمر بن سليم العمري الذي كان من القادة المتنفذين في الجبهة، ولم يمضِ عام 1976م حتى تمَّت التصفية النهائية للثورة في ظفار، وبعد القضاء على الحركة أعلن السلطانُ قابوس في العيد الوطني السادس للسلطنة في نوفمبر 1976م دمج إقليم ظفار في سلطنة عمان.

العام الهجري : 375 العام الميلادي : 985
تفاصيل الحدث:

قام في المغرب على ابنِ أبي عامرٍ زيري بنُ عطيَّة المغراوي، ونكَثَ طاعتَه بعد الحُبِّ الشديدِ والوَلاءِ الأكيد، وطعن على ابنِ أبي عامرٍ تغَلُّبَه على هشام وسَلْبَه مُلكَه. فأنفذ له ابنُ أبي عامر واضِحًا الفتى في جيشٍ كثيف، فقاومه بالغَربِ، ودارت بينهم حروبٌ عظيمة. ثم أردَفَه ابنُ أبي عامر بوَلَدِه عبد الملك، وهبَطَ ابنُ أبي عامر إلى الجزيرةِ الخَضراءِ، يُمِدُّهم بالقُوَّاد والأجناد، وسار عبدُ الملك بن أبي عامر من طنجةَ إلى زيري بن عطيَّة، ودارت بينهم حربٌ لم يُسمَعْ بمثلها قَطُّ، ثم انهزم زيري ومن معه، ونجا مُثخَنًا بالجِراحِ.

العام الهجري : 405 العام الميلادي : 1014
تفاصيل الحدث:

في سنة 387ه عقَدَ باديسُ بنُ منصورِ بنِ بلكينَ صاحِبُ إفريقيَّةَ الوِلايةَ لِعَمِّه حمَّادِ بنِ بلكين على أشيرَ، فاتَّسَعَت ولايةُ حمَّاد وعَظُم وجمَعَ العساكرَ والأموال. وفي سنة 405ه أظهر حمَّادٌ الخلافَ على ابنِ أخيه باديس وخلَعَه واقتتلا في أوَّلِ جمُادى سنة 406ه، فانهزم حَمَّادٌ هزيمةً شَنيعةً بعد قتالٍ شديدٍ بين الفريقين والتجأ إلى قلعة مغلية، ثمَّ نَهَب دكمة ونقَلَ منها الزَّادَ إلى مغيلة وتحصَّنَ بها وباديس بقُربِه مُحاصِرٌ له إلى أن توفِّيَ باديس فجأةً في ذي القعدة سنة 406. وتولَّى المُعِزُّ بن باديس، واستمَرَّ حمَّادٌ على الخُلفِ معه حتى اقتتلا في سنة 408 عند نيني، موضعٍ، فانهزم حمَّادٌ فلم يعُدْ إلى قتالٍ بعدها، واصطلح مع المعِزِّ على أن يقتَصِرَ حمَّادٌ على ما بيده، وهو عَمَلُ ابنِ عليٍّ وما وراءَه مِن أشير وتاهرت، واستقَرَّ للقائد ابنِ حَمَّاد المسيلة، وطبنة، ومرسى الدجاج، وزواوة، ومقرة، ودكمة وغيرها، وبقي حمَّادٌ وابنُه كذلك حتى مات حمَّاد منتصف سنة 419. واستقَرَّ في المُلكِ بعده ابنُه القائد حتى توفِّي سنة 446. فمَلَك بعده ابنُه محسن بن القائد فأساء وخبطَ وقَتَل في أعمامِه، فقاتله ابنُ عَمِّه بلكين ومَلَك مَوضِعَه في ربيع الأول سنة 447 وبقِيَ حتى غدر ببلكينَ النَّاصِرُ بنُ علناس بن حمَّاد وأخذ منه المُلكَ في رجب سنة 454. واستقَرَّ النَّاصِرُ بن علناس حتى توفِّي سنة 481. ومَلَك بعده ابنُه المنصور بن الناصر إلى أن توفِّي سنة 498. وملَكَ بعده ابنُه باديس بن المنصور يسيرًا وتوفِّيَ.

العام الهجري : 61 العام الميلادي : 680
تفاصيل الحدث:

سار عُقبةُ بن نافعٍ بعدَ أن وَلَّاهُ يَزيدُ أفريقيا في عَسكرٍ عَظيمٍ حتَّى دخَل مَدينةَ باغايَة وقد اجْتَمع بها خَلْقٌ كثيرٌ مِن الرُّومِ، فقاتَلوهُ قِتالًا شَديدًا وانْهزَموا عنه، وقَتَلَ فيهم قَتلًا ذَريعًا، وغَنِمَ منهم غَنائمَ كثيرةً، ودخَل المُنْهزِمون المدينةَ وحاصَرهُم عُقبةُ. ثمَّ كَرِهَ المُقامَ عليهم فسار إلى بلاد الزَّابِ، وهي بِلادٌ واسعةٌ فيها عِدَّةُ مُدُنٍ وقُرىً كثيرةٍ، فقصَد مَدينَتَها العُظْمى واسْمُها أَرَبَة، فامْتَنع بها مَن هناك مِن الرُّوم والنَّصارى، وهرَب بعضُهم إلى الجِبالِ، فاقْتَتَل المسلمون ومَن بالمدينةِ مِن النَّصارى عِدَّةَ دَفَعاتٍ، ثمَّ انْهزَم النَّصارى وقُتِلَ كثيرٌ مِن فِرسانِهم، ورحَل إلى تاهرت. فلمَّا بلَغ الرُّومَ خَبرُه اسْتَعانوا بالبَرْبَر فأجابوهم ونَصروهُم، فاجتمعوا في جَمْعٍ كثيرٍ والْتَقوا واقْتَتَلوا قِتالًا شَديدًا، واشْتَدَّ الأمرُ على المسلمين لِكَثرةِ العَدُوِّ، ثمَّ إن الله تعالى نَصرَهُم فانهَزمَت الرُّومُ والبَرْبَر وأَخذَهُم السَّيفُ، وكَثُرَ فيهم القَتلُ، وغَنِمَ المسلمون أَموالَهم وسِلاحَهُم. ثمَّ سار حتَّى نزل على طَنْجَة فَلَقِيَهُ بَطْرِيقٌ مِن الرُّومِ اسمُه يليان، فأَهْدَى له هَدِيَّةً حَسنةً ونزَل على حُكمِه، ثمَّ سأله عن الأندلُسِ فعَظُمَ الأمرُ عليه، فسأله عن البَرْبَر، فقال: هم كَثيرون لا يَعلَم عددَهُم إلَّا الله، وهم بالسُّوسِ الأَدْنى، وهم كُفَّارٌ لم يَدخلوا في النَّصرانيَّة، ولهم بَأسٌ شَديدٌ. فسار عُقبةُ إليهم نحوَ السُّوسِ الأَدْنى، وهي مَغرِبُ طَنْجَة، فانتهى إلى أوائلِ البَرْبَر، فلقوه في جَمعٍ كثيرٍ، فقَتَلَ فيهم قَتلًا ذَريعًا، وبعَث خَيْلَه في كُلِّ مكانٍ هربوا إليه، وسار هو حتَّى وصَل إلى السُّوسِ الأقصى، وقد اجتمع له البَرْبَر في عالمٍ لا يُحْصَى، فلَقِيَهم وقاتَلهُم وهَزمَهُم، وقَتَلَ المسلمون فيهم حتَّى مَلُّوا وغَنِموا منهم وسَبَوْا سَبْيًا كثيرًا، وسار حتَّى بلَغ ماليان ورأى البَحرَ المُحيطَ، فقال: يا رَبِّ، لولا هذا البَحرُ لمَضيْتُ في البِلادِ مُجاهدًا في سَبيلِك. ثمَّ عاد فنَفَرَ الرُّومُ والبَرْبَر عن طَريقِه خَوفًا منه، فلمَّا وصَل إلى مدينة طُبْنَة أَمَرَ أصحابَه أن يَتقدَّموا فَوْجًا فَوْجًا ثِقَةً منه بما نال مِن العَدُوِّ، وأنَّه لم يُبْقِ أحدًا يَخشاهُ، وسار إلى تَهُوذَة لِيَنظُرَ إليها في نَفَرٍ يَسيرٍ، فلمَّا رآه الرُّومُ في قِلَّةٍ طَمِعوا فيه، فأغلقوا بابَ الحِصْنِ وشَتَموهُ وقاتَلوهُ وهو يَدعوهُم إلى الإسلامِ فلم يَقبَلوا منه.

العام الهجري : 624 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

بعد أنْ تولَّى أمرَ دولة الموحدينَ أبو محمد العادل بن أبي يوسف يعقوب المنصور سنة 621هـ (1224م) عهد بولاية إفريقيَّةَ إلى أبي محمَّد عبد الله بن عبد الواحد بن أبي حفص، وكان في صحبته أخوه أبو زكريا يحيى، وقام الوالي الجديدُ بإعادة الهدوء والاستقرارِ بعد أن عكَّرت صفوَها الفتنُ والثَّورات، وقام بحَمَلات على الخارجينَ على سلطان الدولة، وما كادت الأمورُ تستقرُّ حتى قفز على منصبِ حُكم الموحِّدين أبو العلاء إدريس المأمون سنة 624 هـ (1227م) بعد ثورة قادها ضدَّ أخيه أبي محمد العادل، فرفض أبو محمد عبد الله الحفصي بيعتَه والدُّخولَ في طاعته، فما كان من حاكِمِ الموحِّدين الجديدِ إلَّا أن كتب بولاية إفريقية إلى أبي زكريا يحيى، فقَبِلَها على الفور وسار من تونس إلى القيروان، وتغلَّب على أخيه أبي محمد عبد الله، وتولى أمر البلاد سنة 625 هـ (1228م) وكانت سن أبي زكريا يوم بدأ حكمه سبعًا وعشرين سنة، لكن ما أظهَرَه من أول وهلة من براعة ومقدرة كان يدلُّ على ما يتمتَّعُ به من نضجٍ سياسيٍّ، ومهارة إداريَّة، وسبق له أن حكمَ في منطقة إشبيليَّة بالأندلس؛ حيث كان واليًا على بعضِ المقاطعاتِ هناك. وبعد قليلٍ مِن ولايته خلع أبو زكريا طاعةَ أبي العلاء إدريس حاكِمِ الموحدين، ولكنَّه لم يدعُ لنفسه بالأمر؛ تحسبًا للموحِّدينَ الذين كانوا في ولايته، واتخذَ تونس عاصمة له، وبدأ في اكتساب محبَّة أهل إفريقيَّة باتباعِ سياسة معينة، فأحسن معاملتَهم، وخفَّف عنهم أعباءَ الضرائب، ونظر في أمورِهم، وراقبَ عُمَّاله وولاتَه، واستعان بأهل الخبرة والكفاءة، وقرَّب الفقهاءَ إليه، فأسلَمَت له البلاد قيادَها ودانت له بالطاعة والولاء. ثم نهض أبو زكريا لإقرار سُلطانِه وبَسطِ نفوذه في المناطق المجاورة، فزحف بجيشِه إلى قسنطينة بالجزائر، فدخلها دون صعوبةٍ، وخرج أهلُها لمبايعته في شعبان 626 هـ (1229م)، ثم اتجه إلى بجاية ففتحها ودخلت في سلطانه، وبذلك خرجت الولايتان من سلطان دولة الموحدين، وأصبحتا تابعتين لأبي زكريا، ثم طاف بالنواحي الشَّرقية من ولايته، واستوثق من طاعة أهلِها. وكان ردُّ الموحدينَ على توسعات أبي زكريا على حساب دولتِهم ضعيفًا للغاية، بل يكاد يكونُ معدومًا، ولم يستطع حكَّام الموحدين أن يمنعوا تفكُّكَ دولتهم، أو يقضوا على الحركاتِ الانفصاليَّة، فكانت الدولةُ مشغولةً بالفِتَن والثورات التي تهب في الأندلُسِ، بل في مراكشَ عاصمةِ دولتِهم.

العام الهجري : 1339 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1921
تفاصيل الحدث:

كان غورو قد أرسل إلى المَلِك فيصل كتابًا يشيرُ فيه إلى استغرابه من بدءِ الفساد والتمرُّد منذ دخول جيوش فرنسا للمنطقة بعد رحيل إنجلترا، وذلك في تموز 1920م، ثم أرسل إليه إنذارًا أو بلاغًا يدور حولَ خمسِ نقاطٍ، أهمُّها: قَبولُ الانتداب الفرنسي، وإلغاءُ التجنيد الإجباري. رفَضَ وزيرُ الحربية يوسف العظمة قرارَ التسريحِ للجيشِ ولكنَّه اضطرَّ للتوقيع على القرار مُكرهًا بحضور الملك فيصل، وكتب الملك فيصل برقيةً لغورو بأنَّ مطالِبَه قُبِلَت، لكن غورو زعم أنَّ البرقية تأخَّرت وأنَّه أرسل جيشًا نحو دمشق واستطاع هذا الجيشُ أسْرَ فوجين من الجيشِ السوري بدون إطلاقِ رصاصة واحدة، وأراد الملِكُ أن يعود للدفاع لكِنَّ الجيش كان قد سُرِّح وخلت الكتائِبُ مِن معظم الجنود فذهب الوزير يوسف العظمة إلى ميسلون، وأخذ يُعِدُّ المعدَّاتِ مُنتظِرًا ما وعد به من النَّجدات، ولكن لم يَزِد عددُ الجنود مع المتطوِّعين على الأربعة آلاف، وكان القائم مقام "جميل الألش" -الذي كان على صلاتٍ جيِّدةٍ مع الفرنسيين- قد اطَّلع على الجيش في ميسلون، وقام بتعريف الجيش الفرنسي على مواضِعِ الضعف فيه، وكان الفَرقُ كبيرًا جدًّا في العَدَد والعُدَّة، وبدأت المعركة التي استُخدِمَت فيها الدَّبابات والطائرات، وقاتل العظمة ومَن معه ببسالةٍ، ولكن بوجود الخَوَنة حُسِمَت المعارك لصالحِ الفرنسيين؛ فقد قام رجلٌ درزي من المتطوِّعين مع بعضِ الفرسان بالوثوبِ على أحد المساير السورية من الخلف، وفتحوا النارَ عليها ونهبوا السلاحَ منهم، ورغم ذلك بقي العظمة يدير المعركةَ بإمكانيَّاتِه المتوفرة حتى قضى نحبَه بقذيفةِ إحدى الدبابات الفرنسية، وذلك في السابع من ذي القعدة 1339هـ / 24 يوليو. دامت المعركة ثماني ساعات انتهت بالقضاء على الجيش السوري المقاوِم، ودخولِ الجيش الفرنسي إلى دمشق بقيادة غوابييه، أما الملك فيصل وأعوانُه فقد كانوا خرجوا من دمشق إلى الكسوة (قريبًا من دمشق) ثم عادوا بعد دخول القوات الفرنسية إلى دمشق للتفاهمِ، إلَّا أن الفرنسيين رفضوا رفضًا باتًّا بقاء فيصل في البلاد، وأقلُّوه قطارًا خاصًّا هو وأعوانه، وتبعثر رجالُ الثورة العربية في مختَلِف الأقطار بعد أن عَرَفوا الفرق بين ما كانوا فيه وما أصبحوا فيه، أمَّا الفرنسيون فلم يُخفُوا أبدًا حِقدَهم الصليبي ولا أخفَوا أبدًا أنَّ حَربَهم هذه صليبيةٌ؛ فقد قال غورو أمام قبر صلاح الدين: ها قد عُدنا يا صلاحَ الدين! وقال: إنَّ حضوري هنا يقدِّسُ انتصارَ الصليبِ على الهلالِ.

العام الهجري : 723 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1323
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ العلَّامة الحافِظُ قاضي القضاة نجمُ الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن سالم بن أبي المواهب، الربعي الثعلبي الدمشقي الشافعي، الشهيرُ بابن صصرى قاضي القُضاة بالشام، وُلِدَ في ذي القعدة سنة 655، ووالدتُه هي شاه ست بنت أبي الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسية الدمشقية، ذكرها الذهبي في معجم الشيوخ الكبير. كان في ابتداء أمرِه كتب في الإنشاء، وكان له نظمٌ ونثرٌ ومُشاركة في فنونٍ كثيرة، فصيحَ العبارة، قادرًا على الحفظ، يحفظُ أربعة دروس في اليوم، سمِعَ ابن صصرى الحديثَ واشتغل وحَصَّل وكتَبَ عن القاضي شمس الدين بن خَلِّكان وفياتِ الأعيان، وسَمِعَها عليه، وتفقَّه بالشيخ تاج الدين الفزاري، وعلى أخيه شرف الدين في النَّحو، وكان له يدٌ في الإنشاء وحُسن العبارة. درَّس بالعادلية الصغيرة سنةَ ثنتين وثمانين، وبالأمينية سنة تسعين، وبالغزالية سنة أربع وتسعين، وتولى قضاء العساكر في دولة العادل كتبغا، ثم تولَّى قضاء الشام سنة ثنتين وسبعمائة، بعد ابنِ جماعة حين طُلِبَ لقضاء مصر بعد ابن دقيق العيد، ثم أضيف إليه مشيخةُ الشيوخ مع تدريس العادلية والغزالية والأتابكية، في يوم الثلاثاء سابِعَ شعبان عَزَل نجم الدين بن صصرى نفسه عن الحُكمِ بسبب كلامٍ سمعه من الشيخ كمال الدين بن الزملكاني. كان نجم الدين ابن صصرى من خصومِ شيخ الإسلام ابن تيمية, ففي الثاني عشر رجب سنة 698 قرأ المِزِّي فصلًا من كتاب أفعال العباد للبُخاري في الجامع، فسَمِعَه بعض الشافعية فغضِبَ، وقالوا: نحن المقصودون بهذا ورفعوه إلى القاضي الشافعي فأمر بحبسه، فبلغ ابن تيمية فتوجَّهَ إلى الحبس فأخرجه بيده، فبلغ القاضي ابن صصرى فطلع إلى القلعة فوافاه ابن تيميَّةَ فتشاجرا بحضرة النائِبِ، واشتطَّ ابن تيمية على القاضي لِكَونِ نائبه جلال الدين آذى أصحابَه في غَيبة النائب، فأمر النائب من ينادي أنَّ من تكلَّمَ في العقائد فُعِلَ كذا به، وقصد بذلك تسكينَ الفتنة. وفي خامس رمضان بطلب القاضي والشيخ وأن يرسلوا بصورةِ ما جرى للقاضي نجم الدين ابن صصرى، ثم وصل مملوك النائب وأخبر أن الجاشنكير والقاضي المالكي قد قاما في الإنكارِ على الشيخ ابن تيمية، وأنَّ الأمرَ اشتَدَّ بمصر على الحنابلة، حتى صفع بعضهم، ثم توجه القاضي ابن صصرى وشيخ الإسلام إلى القاهرة ومعهما جماعةٌ فوصلا في العشر الأخير من رمضان، وعُقِدَ مجلس في ثالث عشر منه بعد صلاة الجمعة، فادعى على ابن تيميَّةَ عند المالكي، فقال: هذا عدوِّي ولم يجِبْ عن الدعوى، فكرر عليه فأصَرَّ، فحكم المالكيُّ بحبسِه، فأقيم من المجلسِ وحُبِسَ في برجٍ، ثم بلغ المالكي أن الناس يترددون إليه، فقال: يجب التضييقُ عليه إنْ لم يُقتَل وإلَّا فقد ثبت كفرُه، فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبِّ، وعاد القاضي ابن صصرى الشافعي إلى ولايتِه، ونودي بدمشق من اعتقد عقيدةَ ابن تيمية حَلَّ دَمُه ومالُه خصوصًا الحنابلة، فنودي بذلك وقرئ المرسوم. توفي ابن صصرى فجأةً ببستانه بالسَّهمِ ليلة الخميس سادس عشر ربيع الأول عن ثمان وستين سنة وصُلِّيَ عليه بالجامع المظفري، وحضر جنازتَه نائب السلطنة والقضاة والأمراء والأعيان، وكانت جنازتُه حافلةً ودُفِنَ بتربتهم عند الركنية.