الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.007 )

العام الهجري : 930 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1524
تفاصيل الحدث:

هو شيخ الإسلام العلامة ذو التصانيف المفيدة والفتاوى السديدة، قاضي قضاة المسلمين شهاب الدين أبو السرور أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن القاضي يوسف بن محمد بن علي بن محمد بن حسان بن الملك سيف بن ذي يزن المذحجي السيفي المرادي الشهير بالمُزَجد الشافعي الزبيدي، وكان من العلماء المشهورين وبقية الفقهاء، واحد المحقِّقين المعتمدين المرجوع إليهم في النوازل المعضلة والحوادث المشكلة، وكان على الغاية من التمكن في مراتب العلوم الإسلامية من الأصول والفروع وعلوم الأدب، وهو الذي أفتى بجواز شرب البنِّ والقهوة، وقد كان الخلاف بجواز شربها منتشرًا في عدد من الأمصار. ولد المُزَجد سنة 847 بجهة قرية الزبيدية، ونشأ بها وحفظ جامع المختصرات، ثم انتقل إلى بيت الفقيه بن عجيل فأخذ فيها على شيخ الإسلام إبراهيم بن أبي القاسم جغمان, ثم ارتحل إلى زبيد واشتغل فيها على عدد من أهل العلم، فحصَّل الفقه والأصول والحديث والحساب والفرائض, وبرع في علوم كثيرة لكنَّه تميز في الفقه حتى كان فيه أوحدَ وقته، ومن مصنفاته المشهورة في الفقه: العباب والمحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب، وهو كاسمه, وهو على أسلوب الرَّوْض جمع في مسائل الروض ومسائل التجريد، وهو كتاب عظيم جامع لأكثر أقوال الإمام الشافعي وأصحابه وأبحاث المتأخرين منهم على الغاية من جزالة اللفظ وحسن التقسيم، ولقد اشتهر هذا الكتاب في الآفاق ووقع على حسنِه ونفاسته الإجماع والاتفاق، وكثر اعتناءُ الناس بشأنه وانتفاع الطلبة به واغتباطهم ببيانه، واعتناء غير واحد من علماء الإسلام بشرحه، كالعارف شيخ الإسلام أبي الحسن البكري؛ فإنه شرحه بشرحين: صغير وكبير, ومنها تجريدُ الزوائد وتقريب الفرائد في مجلدين، جمع فيه الفروع الزائدة على الروضة غالبًا، وكتاب تحفة الطلاب ومنظومة الإرشاد في خمسة آلاف وثمانمائة وأربعين بيتًا, وزاد على الإرشاد كثيرًا من المسائل والقيود، ونظم أوائله إلى الرهن في مدة طويلة ثم مكث نحو خمس عشرة سنة، ثم شرع في تتمته فكمله في أقل من سنة، وله غير ذلك، وتفقه به خلائق كثيرون من أكابر الأعيان واختلاف أجناس الطلبة من جهات شتى، وله شِعرٌ حَسن، ومنه في الحصن الحصين، وكان ينظِم في اليوم الواحد نحو ثمانين بيتًا مع القيود والاحترازات، وله مرثية عظيمة في شيخه عمر الفتى. قال حفيدُه شيخ الإسلام قاضي قضاة الأنام أبو الفتح بن حسين المزجد: كان جدي شرَحَ جامع المختصرات للنسائي في ست مجلدات، ثم لما رآه لم يستوفِ ما حواه الجامع المذكور من الجَمع والخلاف، ألقاه في الماء فأعدمه، والله المستعان. قال علامة العصر ومفتيه أحمد بن عبد الرحمن الناشري: "كان القاضي شهاب الدين المزجد إذا سئم من القراءة والمطالعة، استدعى بمقامات الحريري، فيطالع فيها ويسمِّيها طبق الحلوى" ووليَ قضاء عدن ثم قضاء زبيد، وباشر ذلك بعفَّة وديانة، وطالت مدته فيها. وحكي: "أنه لما جاء زبيد وأُتيَ إليه بمعلومها، قال: جئنا من عدن إلى عدم. وكأنه- والله أعلم- كان غير راض بهذه المرتبة لِما فيها من الخطر العظيم؛ وذلك لكمال ورعه واحتياطه في دينه واستحقاره لزهرة الدنيا ومنصبها، وكان على جانب عظيم من الدين، حتى قال بعضهم في عصره: لو جاز أن يبعث الله نبيًّا في عصرنا، لكان أحمد المزجد هو ذلك النبي!" قال النماري: "لما دخلت عليه وشرعتُ في قراءة العباب لديه، أخذتني من دهشته الهيبةُ والعظمة ما منعني استيفاءَ ما كنت آلَفُه من الانبساط في حال القراءة، ففهم ذلك مني وأخذ يباسطني بذكرِ بلدي وأنَّ منها الشاعر الفلاني الذي قال في قصيدته ما هو كيت وكيت، حتى زال عني ذلك الدَّهشُ وثابَتْ إليَّ نفسي, وكانت أوقات شيخنا مرتبة: يجعل أواخر الليل وأول النهار لدرس القرآن، ثم يشتغل بما له من أوراد، ثم بالتفسير، ثم بالفقه، ثم يخرج إلى الحُكم إلى وقت الظهر، ثم يَقيل، ثم يشتغل بالإحياء للغزالي ونحوه من كتب الرقائق، وفي آخر النهار ينظر في التاريخ إلى أن يخرج لمجلس الحُكم بعد صلاة العصر؛ لأنه كان يجلس للحكم في اليوم مرتين" وقد انتفع به الناس، وأخذ عنه الطلبة واستمر على عظمته ووجاهته حتى مات في دولة الأروام- جمع رومي- قال محي الدين العيدروس: "ومناقب المزجد كثيرة وترجمته طويلة، وقد أفردها بالتصنيف حفيدُه القاضي أبو الفتح بن الحسين المزجد في جزء لطيف سمَّاه: منية الأحباب في مناقب صاحب العباب، وإذا تأملتَ ما أسلفناه عنه من الأخبار الجميلة والسِّيَر الحميدة، علمتَ أنَّه من العلماء الأخيار الأبرار، ولا ينافي ذلك ما كان متلبسًا به من القضاء ونحوه؛ فقد ابتلى بمثل ذلك غيرُ واحد من العلماء الصلحاء، كشيخ الإسلام تقي الدين السبكي، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري" كان لشهاب الدين المزجد أربعة أولاد: علي، والحسن، والحسين، وعبد الرحمن، وكل منهم أفتى في حياة أبيه، ومات منهم اثنان في حياة أبيهما، وهما عبد الرحمن وحسن، ورثاهما وحزن عليهما. توفي شهاب الدين فجر يوم الأحد شهر ربيع الآخر من هذه السنة ببلدة زبيد، وصُلِّي عليه بجامعها الكبير ودُفن بباب سهام، وقبره قبلي تربة الشيخ علي أفلح، ولم يخلف بعده مثله- رحمه الله تعالى ونفعنا بسره وسر علومه- ورثاه جماعة من أكابر العلماء والأدباء من تلامذته ومعاصريه، وعظُمَ الأسفُ عليه.

العام الهجري : 90 العام الميلادي : 708
تفاصيل الحدث:

سارَ قُتيبةُ بن مُسلِم إلى بُخارَى مَرَّةً أُخرى, فأَرسَل مَلِكُها يَسْتَنْصِر مَن حَولَه، ولكنَّ قُتيبةَ اسْتَطاع فَتْحَها هذه المَرَّة، ولمَّا فَتَحَها اسْتَأْذَنه نَيْزَك طَرْخان في الرُّجوع إلى بِلادِه -وكان نَيْزَك قد أَسلَم وسُمِّيَ بعبدِ الله- فأَذِنَ له، فرَجَع إلى طُخارِستان، فعَصى وكاتَبَ مَن حَولَه، وجَمَع الجُموعَ، فزَحَف إليه قُتيبةُ، وانْتَصَر عليهم بعدَ قِتالٍ شَديدٍ وحَرْبٍ يَشيبُ لها الوَليد، وذلك أنَّ مُلوكَهم كانوا قد اتَّعَدوا مع نَيْزَك في العام الماضي أن يَجْتَمِعوا ويُقاتِلُوا قُتيبةَ، وأن لا يُوَلُّوا عن القِتال حتَّى يُخْرِجوا العَربَ مِن بِلادِهم، فاجْتَمَعوا اجْتِماعًا هائِلًا لم يَجْتَمِعوا مِثلَه في مَوْقِف، فكَسَرَهُم قُتيبةُ وقَتَلَ منهم أُمَمًا كَثيرَة، وَرَدَّ الأُمورَ إلى ما كانت عليه، ثمَّ لا يَزال يَتَتَبَّع نَيْزَك خان مَلِكَ التُّركِ الأَعظَم مِن إقْليم، إلى إقْليم، ومِن كَوْرَة إلى كَوْرَة، ومِن رِسْتاق إلى رِسْتاق، ولم يَزَل ذلك دَأْبُه حتَّى حَصَرَه في قَلعَةٍ هنالك شَهرَين مُتَتابِعَين، حتَّى نَفَذَ ما عند نَيْزَك خان مِن الأَطْعِمَة، وأَشرَف هو ومَن معه على الهَلاكِ، فبَعَث إليه قُتيبَة مَن جاء به مُسْتَأْمِنًا مَذْمومًا مَخْذولًا، فسَجَنَه عنده ومَن معه, فاسْتَشار قُتيبةُ الأُمَراء في قَتْلِه، فاخْتَلَفوا عليه، فقائِلٌ يقول: اقْتُلْهُ. وقائِلٌ يقول: لا تَقْتُلْهُ. فقال له بَعضُ الأُمَراء: إنَّك أَعْطَيْتَ اللهَ عَهْدًا أنَّك إن ظَفَرت به لتَقْتُلَنَّه، وقد أَمْكَنَك اللهُ منه، فقال قُتيبةُ: والله إن لم يَبْقَ مِن عُمُري إلَّا ما يَسَعُ ثلاثَ كَلِمَات لأَقْتُلَنَّه، ثمَّ قال: اقْتُلوه. فقُتِل، جَزاءَ غَدْرِه ونَقْضِه الصُّلْحَ.

العام الهجري : 581 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1185
تفاصيل الحدث:

سار صلاحُ الدين إلى خلاط وجعَلَ طريقَه على ميافارقين مَطمَع ملكها، حيث كان صاحِبُه قطب الدين، صاحِبُ ماردين، قد توفِّي ومَلَك بعده ابنُه، وهو طفل، وكان حُكمُها إلى شاه أرمن، وعسكَره فيها، فلمَّا توفِّيَ طَمِعَ في أخْذِها، فلمَّا نازلها رآها مشحونةً بالرجال، وبها زوجةُ قطب الدين المتوفى، ومعها بناتٌ لها منه، وهي أختُ نور الدين محمد، صاحِبِ الحصن، فأقام صلاحُ الدين عليها يحصُرُها من أول جمادى الأولى، واشتد القتالُ عليه ونُصِبَت المجانيق والعرادات، فلم يصِلْ صلاح الدين إلى ما يريد منها، فلما رأى ذلك عدل عن القوة والحَربِ إلى إعمال الحيلة، فراسل امرأةَ قطب الدين المقيمة بالبلدِ يقول لها: إنَّ أسدَ الدين يرنقش قد مال إلينا في تسليمِ البلد ونحن نرعى حقَّ أخيك نور الدين فيك بعد وفاتِه، ونريد أن يكونَ لك في هذا الأمرِ نَصيبٌ، وأنا أزوِّجُ بناتِك بأولادي وتكونُ ميافارقين وغيرها لك وبحُكمِك؛ ووضَعَ مَن أرسل إلى أسد يُعَرِّفُه أن الخاتون قد مالت للمُقاربة والانقياد إلى السلطان، وأنَّ مَن بخلاط قد كاتبوه ليُسَلِّموا إليه، فخُذْ لِنَفسِك، واتَّفَق أنَّ رسولًا وصَلَه مِن خلاط، يبذلون له الطاعةَ، وقالوا له من الاستدعاءِ إليهم ما كانوا يقولونَه، فأمر صلاح الدين الرسولَ، فدخل إلى ميافارقين، وقال لأسدٍ: أنت عمَّن تقاتِلُ، وأنا قد جئتُ في تسليم خلاط إلى صلاحِ الدين، فسُقِطَ في يَدِه، وضَعُفَت نفسه، وأرسل يقتَرِحُ أقطاعًا ومالًا، فأُجيبَ إلى ذلك، وسَلَّمَ البلد آخر جمادى الأولى، وعَقَدَ النكاح لبعضِ أولاده على بعضِ بنات الخاتون، وأقَرَّ بيدها قلعةَ الهتاخ لتكونَ فيها هي وبناتُها.

العام الهجري : 815 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1412
تفاصيل الحدث:

هو العلامة الفقيه المحدث القاضي الشاعر الأديب قاضي القضاة محبُّ الدّين أبو الوليد محمد بن محمد بن محمود بن غازي ابن أيوب بن الشِّحنة محمود، والشِّحنة جدُّه الأعلى محمود، الشهير بابن الشِّحنة التُّركي الأصل الحلبي الحنفي، وأسرة آل الشحنة المشهورين بحلب من قبيلة ثقيف، وظهر منهم علماء أجلاء. ولد أبو الوليد سنة 749، وحفظ القرآن العظيم وعدة متون، وتفقَّه وبرع في الفقه، والأصول، والنحو، والأدب، وأفتى ودرّس، وتولى قضاء قضاة الحنفية بحلب، ثم دمشق، إلى أن قبض عليه الظَّاهر برقوق، وقدم به إلى القاهرة، ثم أُفرِجَ عنه ورجع إلى حلب، فأقام بها إلى أن قبض عليه الملك الناصر فرج سنة 813 لقيامه مع جماعةٍ على الناصر، ثم أفرج عنه فقدمَ القاهرة، ثم عاد إلى دمشق بصحبة الملك الناصر سنة أربع عشرة، فلما انكسر الناصر وحوصر بدمشق ولَّاه قضاء الحنفية بالقاهرة، فلم يتمَّ؛ لأنه لما أزيلت دولة الناصر أعيد ابن العديم لقضاء الدِّيار المصرية، واستقرَّ ابن الشِّحنة في قضاء حلب ودرس بدمشق. قال ابن حجر: "كان كثير الدعوى والاستحضار، عالي الهمَّة، وعمل تاريخًا لطيفًا فيه أوهام عديدة، وله نظم فائق وخط رائق" له ألفية رجز تشتمل على عشرة علوم، وألفية اختصر فيها منظومة النَّسَفي وضم إليها مذهب أحمد. وله تآليف أخرى في الفقه، والأصول، والتفسير. توفي بحلب يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر. ومحب الدين هو والد أبي الفضل

العام الهجري : 104 العام الميلادي : 722
تفاصيل الحدث:

عَزَل يَزيدُ بن عبدِ الملك عبدَ الرَّحمن بن الضَّحَّاك عن المَدينَة ومَكَّة، وكان عامِلَهُ عليهما ثلاثَ سِنين، ووَلَّى عبدَ الواحِد النَّضْري، وكان السَّبَب في عَزْلِه أنَّه خَطَب فاطِمَة بِنتَ الحُسين بن عَلِيٍّ فقالت: ما أُريدُ النِّكاحَ، ولقد قَعَدتُ على بَنِيِّ هؤلاء. فأَلَحَّ عليها وقال: لئن لم تَفعَلي لأَجْلِدَنَّ أَكبرَ بَنِيك في الخَمْرِ. فبَعَثَتْ كِتابًا إلى الخَليفَة تُخبِرُه بِخَبرِه. فأَخَذ الكِتابَ فَقَرأهُ وجَعَل يَضرِب بِخَيْزران في يَدهِ ويَقولُ: لقد اجْتَرأ ابنُ الضَّحَّاك، هل مِن رَجُلٍ يُسْمعني صَوتَه في العَذابِ؟ قِيلَ له: عبدُ الواحِد بن عبدِ الله النَّضْرِي. فكَتَب بِيَدِه إلى عبدِ الواحد: قد وَلَّيْتُكَ المَدينَة فاهْبِط إليها واعْزِل عنها ابنَ الضَّحَّاك، وأَغْرِمْهُ أَربعين ألفَ دِينارٍ، وعَذِّبْهُ حتَّى أَسمعَ صَوتَه وأنا على فِراشي. وكان ابنُ الضَّحَّاك قد آذَى الأَنْصارَ طُرًّا، فهَجاهُ الشُّعَراءُ وذَمَّهُ الصَّالِحون، ولمَّا وَلِيَهم النَّضْرِيُّ أَحسَن السِّيرةَ فأَحَبُّوه، وكان خَيِّرًا يَسْتَشيرُ فيما يُريدُ فِعلَه القاسِمَ بن محمَّد وسالِمَ بن عبدِ الله بن عُمَر.

العام الهجري : 247 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 862
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنينَ أبو الفضلِ بنِ المعتَصِم بالله محمَّد بن هارون الرَّشيد القُرَشي العبَّاسي البغدادي. ولِدَ سنةَ خَمسٍ ومائتين، وبويعَ في ذي الحِجَّة سنةَ اثنتينِ وثلاثين بعد الواثقِ, وتلقَّبَ بالمتوكِّل على الله. وكان أسمَرَ مليحَ العينينِ، نحيفَ الجِسمِ خفيفَ العارِضَينِ، إلى القِصَرِ أقرَب. وأمُّه أمُّ ولد اسمُها: شجاع. قال خليفة: "استُخلِفَ المتوكِّلُ، فأظهرَ السُّنَّةَ وعَمِلَ بها في مجلِسِه، وكتبَ إلى الآفاقِ برَفعِ المحنةِ؛ خلْق القرآنِ، وإظهارِ السُّنَّة وبَسْطِها ونصرِ أهلِها"، كان إبراهيمُ بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاءُ ثلاثة: "أبو بكرٍ الصِّديقُ يومَ الرِّدَّة، وعمرُ بنُ عبد العزيز في رَدِّ مظالمِ بني أميَّة، والمتوكِّلُ في محوِ البِدَع وإظهارِ السُّنَّة". وقد قِدَمَ المتوكِّلُ دمشقَ في صفر سنة أربع وأربعين، وعزم على المُقام بها وأعجَبَته، ونقل دواوينَ المُلك إليها. وأمرَ بالبناء بها. وأمر للأتراكِ بما أرضاهم من الأموالِ، وبنى قصرًا كبيرًا بداريَّا من جهة المزَّة، لكنَّه عاد إلى سامرَّا, وقد قتله ابنُه المنتصِرُ بعد أن تآمرَ مع الأتراكِ على قَتلِه.

العام الهجري : 507 العام الميلادي : 1113
تفاصيل الحدث:

هو الأمير المجاهد شرف الدولة مودود بن التونتكين بن الأتابك زنكي -أتابك يعني الأمير الوالد- بن قسيم الدولة آقسنقر التركماني، صاحب الموصل، أمير من أمراء السلاجقة العظام، كان رجلًا فاضلًا عالمًا مجاهدًا, خيِّرا عادلًا كثير الخير, وهو والد عماد الدين زنكي "أبو الفتح"، وهو من جملة الأمراء والنواب الذين قدموا لقتال الفرنج بالشام، ولما دخلوا دمشق دخل الأمير مودود يوم الجمعة إلى جامعها ليصلِّيَ فيه، فجاءه باطني في زي سائل فطلب منه شيئًا فأعطاه، فلما اقترب منه ضربه في فؤاده، فمات من يومه -رحمه الله، وقيل: بل كان قتله عام 505هـ. وقيل: كان قتله بتحريض من طغتكين التركي. وقيل: إن الباطنية بالشام خافوه وقتلوه، وكان يومها صائمًا. ودفن مودود بدمشق في تربة دقماق صاحبها، وحمل بعد ذلك إلى بغداد، فدُفِنَ في جوار أبي حنيفة، ثم حُمِل إلى أصبهان، وقال ابن الأثير: "إن بغدوين ملك بيت القدس الصليبي كتب كتابًا فيه: إنَّ أمةً تقتُل عميدَها يوم عيدِها في بيت معبودِها لحقيقٌ على الله أن يُبيدَها!".

العام الهجري : 533 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1139
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ شِهابُ الدِّينِ، أبو القاسِمِ محمودُ بنُ تاج الملوك بوري بن الأتابك طغتكين صاحِب دمشقَ. تمَلَّك بعد مَقتَلِ أخيه شمسِ الملوك، بإعانةِ أمِّه زمرد، وكان مُقَدَّمَ عَسكَرِه مُعينُ الدين أنر. قال ابنُ عساكر: "كانت الأمورُ تجري في أيَّامه على استقامةٍ، إلى أن وثَبَ عليه جماعةٌ مِن خَدَمِه، فقتلوه في شوَّال، هذه السنة"، قُتِلَ على فِراشِه غِيلةً، قتله ثلاثةٌ مِن غِلمانِه هم خواصُّه وأقربُ النَّاسِ منه في خَلوتِه، وكانوا ينامونَ عنده ليلًا، فقَتَلوه وخرجوا من القلعة وهربوا، فنجا أحدُهم، وأُخِذَ الآخَرانِ فصُلِبا، وكَتَب مَن بدمشقَ إلى أخيه جمالِ الدينِ مُحمَّدِ بنِ بوري صاحب بعلبك، بصورة الحالِ واستدعَوه ليملِكَ بدَلَ أخيه، فحضر في أسرَعِ وَقتٍ، فلمَّا دخل البلد جلسَ للعزاء بأخيه، وحلَفَ له الجندُ وأعيانُ الرعيَّة، وسكن النَّاسُ، وفَوَّضَ أمرَ دَولتِه إلى مُعين الدين أنر، مملوكِ جَدِّه، وزاد في علوِّ مَرتبةِ مُعين الدين، وصار الجُملة والتفصيل، وقد كان خَيِّرًا عاقِلًا حَسَن السِّيرةِ، فجَرَت الأمورُ عنده على أحسَنِ نِظامٍ.

العام الهجري : 816 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1413
تفاصيل الحدث:

كانا الأميران نوروز وشيخ مشتركينِ في العصيان على السلطان الناصر فرج بن برقوق حتى تم لهما التغلب عليه، وقاما بسلطنة الخليفة المستعين بالله الذي  فوض إلى الأمير نوروز كفالة الشام جميعه: دمشق، وحلب، وطرابلس، وحماة، وصفد، وغزة، وجعل له أن يعيِّنَ الأمراء والإقطاعات لمن يريده ويختاره، وأن يولي نواب القلاع الشامية والسواحل وغيرها لمن أراد من غير مراجعة في ذلك، غير أنه يطالع الخليفة، ثم إن الأمير شيخًا استطاع أن يتسلطن ويخلع الخليفة من السلطنة فهذا ما أثار حفيظة نوروز الذي استدعى جميع النواب بالبلاد الشامية، فخرج الأمير نوروز إلى ملاقاتهم، والتقاهم وأكرمهم، وعاد بهم إلى دمشق، وجمع القضاة والأعيان، واستفتاهم في سلطنة الملك المؤيد شيخ وحبسه للخليفة وما أشبه ذلك، فلم يتكلم أحد بشيء، وانفضَّ المجلس بغير طائل، وأخذ الأمير نوروز في تقوية أموره واستعداده لقتال الملك المؤيد شيخ، وطلب التركمان، وأكثر من استخدام المماليك، وبلغ الملك المؤيد شيخًا ذلك فخلع في ثالث ذي الحجة من السنة على الأمير قرقماس ابن أخي دمرداش المدعو سيدي الكبير باستقراره في نيابة دمشق عوضًا عن الأمير نوروز الحافظي، فلما وصل قرقماس سيدي الكبير إلى غزة، سار منها في تاسع صفر وتوجَّه إلى صفد واجتمع بأخيه تغري بردي سيدي الصغير، ثم خرج في أثرهما الأمير ألطنبغا العثماني نائب غزة، والجميع متوجِّهون لقتال الأمير نوروز فقرَّروا البدء بأخذ حلب لَمَّا بلغهم خروج نوروز منها إلى جهة دمشق، فعاد نوزوز من حلب إلى دمشق، فأقاموا بالرملة، ولما بلغ نوروز قدوم قرقماس بمن معه إلى الرملة سار لحربهم، وخرج من دمشق بعساكره، فلما بلغ قرقماس وأخاه ذلك عادا بمن معهما إلى جهة الديار المصرية عجزًا عن مقاومته حتى نزلا بالصالحية، ثم إن السلطان جهز جيشًا وسيَّره إلى الشام للقاء نوروز، ثم في شهر صفر في ثامنه من السنة 817 نزل السلطان شيخ على قبة يلبغا خارج دمشق، وقد استعد نوروز وحَصَّن القلعة والمدينة، فأقام السلطان أيامًا، ثم رحل ونزل بطرف القبيبات، وكان السلطان -من الخربة- قد بعث قاضي القضاة مجد الدين سالم الحنبلي إلى الأمير نوروز ومعه قرا أول المؤيدي في طلب الصلح، فامتنع من ذلك، ووقعت الحرب، فانهزم نوروز، وامتنع بالقلعة في السادس والعشرين ونزل السلطان بالميدان، وحاصر القلعة، ورمى عليها بالمكاحل والمدافع والمنجنيق، حتى بعث نوروز بالأمير قمش الأمان، فأُجيبَ ونزل من القلعة، ومعه الأمراء: طوخ، ويشبك بن أزدمر، وسدن كستا، وقمش، وبرسبغا، وأينال، فقُبِض عليهم جميعًا في الحادي والعشرين شهر ربيع الآخر، وقُتِل من ليلته، وحُمِل رأسه على يد الأمير جرباش إلى القاهرة، وعلى يده كتب البشارة، وذلك أن الأمير كزل نائب طرابلس قَدِمَ في العشر الأخير من صفر، وقاتل عسكر نوروز، فركب السلطان بمن معه، فانهزم النوروزية إلى القلعة، وملك السلطان المدينة، ونزل بالإسطبل ودار السعادة، وحصر القلعة، وفي يوم الخميس مستهل جمادى الأولى قدم رأس نوروز، فعُلِّقَ على باب القلعة!

العام الهجري : 160 العام الميلادي : 776
تفاصيل الحدث:

خرجَ يوسف بن إبراهيم، المعروفُ بالبرم، بخراسان، منكِرًا هو ومن معه على المهديِّ سيرتَه التي يسيرُ بها، واجتمع معه بشَرٌ كثير، فتوجَّه إليه يزيد بن مزيد الشيباني، وهو ابنُ أخي معن بن زائدة، فلَقِيَه فاقتتلا، حتى صارا إلى المعانقة، فأسره يزيدُ بن مزيد وبعثَ به إلى المهدي، وبعثَ معه وجوهَ أصحابه، فلمَّا بلغوا النهروان حُمِلَ يوسفُ على بعيرٍ، قد حُوِّلَ وجهُه إلى ذَنَبه، وأصحابُه مثلُه، فأدخلوهم الرصافة على تلك الحال، وقُطِعَت يدا يوسُفَ ورِجلاه، وقُتِلَ هو وأصحابُه، وصُلِبوا على الجسر. وقد قيل: إنَّه كان حروريًّا، وتغلَّبَ على بوشنج وعليها مصعب بن زريق، جدُّ طاهر بن الحسين، فهرب منه، وتغلَّبَ أيضًا على مرو الروذ والطالقان والجوزجان، وقد كان من جملةِ أصحابه أبو معاذ الفريابي، فقُبِضَ معه.

العام الهجري : 254 العام الميلادي : 867
تفاصيل الحدث:

خرج الأميرُ محمد بن عبدالرحمن بن الحكم إلى ماردة بعد أن أظهَروا التمرُّد, وكانوا قد اجتمع أمرُهم في الخروج على أبيه من قبلُ، فأظهرَ أنَّ استعدادَه لطُلَيطِلة، فلما فصَلَ من قرطبةَ، وتقدَّمَ بالمحلاتِ إلى طريق طُليطِلة، نكبَ إلى ماردة، وهم في أمنٍ وغفلة، فتحَصَّنوا في المدينة أيامًا. ثم ناهض القنطرةَ، فوقع القتال، واشتدَّت الحرب حتى غُلِبوا عليها، فأمر الأميرُ بتخريب رِجلٍ من القنطرة، فكان ذلك سببًا في إذعان أهل ماردة، فطاعوا على أن يخرجَ فُرسانُهم، وهم يومئذ عبد الرحمن بن مروان، وابن شاكر، ومكحول، وغير هؤلاء، وكانوا أهلَ بأس ونجدة وبسالةٍ مشهورة. فخرج المذكورونَ ومن هو مثلهم إلى قرطبةَ بعيالهم وذراريِّهم. وولَّى عليها سعيدَ بن عباس القُرَشي، وأمرَ بهدم سورها؛ ولم تبقَ إلَّا قَصَبتُها لِمَن يَرِدُ من العُمَّال.

العام الهجري : 609 العام الميلادي : 1212
تفاصيل الحدث:

اجتمع العادل وأولاده الكامل والمعظم والفائز بدمياط من بلاد مصر في مقاتلة الفرنج، فاغتنم غيبتَهم أسامة الجبلي أحدُ أكابر الأمراء، وكانت بيدِه قلعة عجلون وكوكب فسار مسرعًا إلى دمشق ليتسلم البلدين، فأرسل العادلُ في إثره ولَدَه المعَظَّم فسبقه إلى القدسِ وحملَ عليه في كنيسة صهيون، وكان الجبلي شيخًا كبيرًا قد أصابه النقرس، فشرع المعظَّمُ يرده إلى الطاعة بالملاطفةِ فلم ينفَعْ فيه، فاستولى على حواصله وأملاكِه وأموالِه، وأرسله إلى قلعة الكرك فاعتُقِلَ فيها، ثم أمر العادل بقتله فقُتِلَ بها، وكان قيمة ما أخذ من الجبلي قريبًا من ألف ألف دينار، من ذلك داره وحمَّامه داخل باب السلامة، ودارُه هي التي جعلها البادرائي مدرسة للشافعية، وخُرِّب حِصنُ كوكب ونُقِلَت حواصله إلى حصن الطور الذي استجده العادِلُ وولده المعظم.

العام الهجري : 808 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1405
تفاصيل الحدث:

لما انقضت مدة الصلح بين المسلمين بغرناطة وبين الطاغية صاحب قشتالة، أبى الطاغية الصلح، فبعث السلطان أبو سعيد عثمان صاحب ماس عشرين غرابًا أوسقها بالعدد والزاد، وجهز ثلاثة آلاف فارس، قدم عليهم القائد مارح، وجعل الشيخ عمر بن زيان الوساطي على ألف فارس أخرى، فنزلوا سبتة، وجهز أبو عبد الله محمد بن أبي الحجاج يوسف -صاحب غرناطة- أسطوله إلى جبل الفتح، فلقيهم أسطول الطاغية بالزقاق في يوم الجمعة السادس عشر، وقاتلهم، وقد اجتمع أهل فاس وأهل غرناطة، فكانت النصرة للفرنج، ولم ينجُ من المسلمين إلا القليل، وغنم الفرنج المراكبَ كلها بمن فيها وما فيها، فكانت مصيبة عظيمة، تكالب فيها الفرنج على المسلمين، وقوي طمعُهم فيهم.

العام الهجري : 930 العام الميلادي : 1523
تفاصيل الحدث:

لما توفِّيَ أبو عبد الله محمد السعدي حاكِمُ المغرب اجتمع الناسُ على بيعة ابنه ووليِّ عهده السلطان أبي العباس الأعرج من سائر الآفاق، وآتوه طاعتهم عن رضًا منهم، فاستقام أمره وصرف عزمه إلى تمهيد البلاد واقتناء الأجناد، وتعبئة الجيوش إلى الثغور وشن الغارات على العدو في الآصال والبكور، في أحواز تيلمست وآسفي وغيرهما. وكان النصارى قد خيَّموا بشاطئ البحر وعاثُوا في تلك السواحل فأجلاهم عنها وطهَّر تلك البقاع من رِجسِهم، وأراح أهلَها مِن شؤمهم ونحسِهم، وهنا بَعُدَ صيتُه وانتشر في البلاد ذِكرُه، وهُرِع الناسُ إليه من كل جانب، ودخلت في طاعته سائرُ البلاد السوسية، فعند ذلك كاتَبه أمراء هنتاتة ملوك مراكش يخطبون أمرَه ويرومون الدخولَ في طاعته، فأجاب داعيَهم، وانتقل إلى مراكش فدخلها واستولى عليها.

العام الهجري : 1020 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1611
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الفقيه المحقِّق أحمد بن يحيى بن سالم الذويد بن على بن محمد بن موسى الصعدي اليمني، أخذ عن السيد محمد بن عز الدين المفتي، وعبد العزيز بن محمد بن بهران، وسمع الأمهَّات الستَّ، واستجاز فيها من الحافظ محمد بن محمد المصري, وأجلُّ تلامذة الفقيه أحمد الذويد: الإمامُ القاسم بن محمد، والفقيه مهدي الشعيبي، وغيرهما, وكان فقيهًا محدِّثًا قليل النظير في المعقولات والصفات، إمامًا في الشرعيات على الإطلاق، وكان آيةً من آيات الله، وله في كل علم قدَمٌ راسخة، وبلغ في علمِ الطبِّ والرمل وحل السحر وغيرها مبلغًا عظيمًا، وقرأ في التوراة، وكان من أهل الثروة والمال، واجتمع له من الكتُبِ خزانة ملوكية مع مكارم أخلاق، وتوفِّيَ بصَعدة.