الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2458 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 310 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 923
تفاصيل الحدث:

هو أبو جعفرٍ محمَّدُ بنُ يزيدَ بنِ كثير بن غالب الطَّبَري، صاحبُ التَّفسيرِ الكبيرِ, والتاريخِ الشَّهيرِ، كان إمامًا في فنون كثيرةٍ، منها: التفسير والحديث، والفقه والتاريخ، وغير ذلك، وله مُصنَّفات مَليحة في فنونٍ عديدة تدلُّ على سَعةِ عِلمِه وغزارةِ فَضلِه، وكان من الأئمَّة المجتَهِدين، لم يقَلِّدْ أحدًا مِن المجتَهِدين. مولِدُه سنة 224 بآمل طبرستان. أكثَرَ مِن التَّرحالِ، ولقي نُبلاءَ الرِّجالِ، وكان من أفراد الدَّهرِ عِلمًا وذكاءً وكثرةَ تصانيفَ، قلَّ أن ترى العيونُ مِثلَه. قال الذهبي: "كان ثقةً صادِقًا حافِظًا، رأسًا في التفسير، إمامًا في الفقه والإجماعِ والاختلاف، علَّامةً في التاريخِ وأيَّامِ النَّاسِ، عارِفًا بالقراءات وباللُّغة، وغير ذلك" قال أبو بكرٍ الخطيبُ: "كان أحدَ أئمَّةِ العُلَماءِ، يُحكَمُ بقَولِه، ويُرجَعُ إلى رأيِه؛ لِمَعرفتِه وفَضلِه، وكان قد جمعَ مِن العلوم ما لم يشارِكْه فيه أحدٌ مِن أهل عصره، وكان حافِظًا لكتابِ الله، عارفًا بالقراءاتِ، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكامِ القرآن، عالِمًا بالسُّنَن وطُرُقِها؛ صحيحِها وسَقيمِها، ناسِخِها ومَنسوخِها، عارفًا بأقاويلِ الصَّحابةِ والتابعين ومَن بعدَهم في الأحكامِ ومسائل الحلالِ والحرام، خبيرًا بأيَّامِ الناس وأخبارِهم، وله الكتابُ المشهور في تاريخِ الأُمَم والملوك، والكتابُ الذي في التفسيرِ لم يصنَّفْ مِثلُه، وله في أصولِ الفِقهِ وفُروعِه كتبٌ كثيرةٌ، وأخبارٌ مِن أقاويل الفقهاء، وتفرَّد بمسائل حُفِظَت عنه"، كان من العبادةِ والزَّهادةِ والوَرَع والقيامِ في الحَقِّ لا تأخذُه في ذلك لومةُ لائم، وكان حسَنَ الصَّوتِ بالقراءة مع المعرفةِ التَّامَّة بالقراءات على أحسَنِ الصِّفات، وكان من كبارِ الصَّالحينَ، يتعَفَّفُ عن قَبولِ أموال السلاطين والوزراء، وكان صاحِبَ هِمَّة عالية في الكتابةِ, قال الخطيب: "سمعتُ عليَّ بنَ عبيد الله اللُّغوي يحكي أنَّ محمَّدَ بنَ جرير مكث أربعينَ سَنةً يكتبُ في كلِّ يومٍ منها أربعينَ ورقةً". قال أبو محمد الفرغاني: " تمَّ مِن كتُبِ مُحمَّد بن جريرٍ كتابُ "التفسير" الذي لو ادَّعى عالمٌ أن يُصنِّفَ منه عشرةَ كُتُب، كلُّ كتابٍ منها يحتوي على عِلمٍ مُفَردٍ مُستقصًى، لفَعَلَ". وتمَّ مِن كُتُبِه كتاب "التاريخ" إلى عصرِه، وكتاب "تاريخ الرجال" من الصحابة والتابعين، وإلى شيوخه الذين لقِيَهم، وكتاب "لطيفُ القول في أحكام شرائع الإسلام" وهو مذهبه الذي اختاره وجَوَّده واحتَجَّ له، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا، وكتاب "القراءات والتنزيل والعدد"، وكتاب "اختلاف علماء الأمصار"، وكتاب "الخفيف في أحكام شرائع الإسلام" وهو مختصر لطيف، وكتاب "التبصير" وهو رسالةٌ إلى أهل طبرستان، يشرحُ فيها ما تقَلَّده من أصول الدين، وابتدأ بتصنيف كتاب "تهذيب الآثار" وهو من عجائِبِ كُتُبِه، ابتداءً بما أسنده الصِّدِّيقُ ممَّا صَحَّ عنده سنَدُه، وتكلَّمَ على كلِّ حديثٍ منه بعِلَلِه وطُرُقِه، ثمَّ فِقهِه، واختلافِ العُلَماءِ وحُجَجِهم، وما فيه من المعاني والغريبِ، والردِّ على المُلحِدينَ، فتَمَّ منه مُسنَدُ العَشَرةِ وأهلِ البيت والموالي، وبعضُ "مسند ابن عبَّاس"، فمات قبل تمامِه".وهو أحدُ المحَدِّثين الذي اجتَمَعوا في مصرَ في أيام ابنِ طولون، وهم محمَّد بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمة إمامُ الأئمَّة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمَّد بن هارون الروياني، ومحمد بن جريرٍ الطَّبري هذا. توفِّيَ ببغداد ودُفِنَ ليلًا بداره؛ لأنَّ العامَّة اجتمعت ومَنَعَت من دفنِه نهارًا، وادَّعوا عليه الرَّفضَ، ثمَّ ادَّعوا عليه الإلحادَ، وكان عليٌّ بن عيسى يقول: واللهِ لو سُئِل هؤلاء عن معنى الرَّفضِ والإلحادِ ما عَرَفوه، ولا فَهِموه"، وحُوشِيَ ذلك الإمامُ عن مثلِ هذه الأشياءِ، وأمَّا ما ذكره عن تعصُّبِ العامَّة، فليس الأمرُ كذلك، وإنَّما بعض الحنابلةِ تعصَّبوا عليه، ووقَعُوا فيه، فتَبِعَهم غيرُهم؛ ولذلك سبَبٌ، وهو أنَّ الطبريَّ جمع كتابًا ذكر فيه اختلافَ الفُقَهاءِ، لم يُصنَّفْ مِثلُه، ولم يَذكُرْ فيه أحمدَ بنَ حَنبَل، فقيل له في ذلك، فقال: لم يكُنْ فقيهًا، وإنَّما كان محدِّثًا، فاشتدَّ ذلك على الحنابلة، وكانوا لا يُحصَونَ كثرةً ببغداد، فشَغَّبوا عليه- رحمه الله رحمةً واسعة.

العام الهجري : 1012 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1603
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو العباس المنصور أحمد، المعروف بالذهبي ابن أبي عبد الله محمد الشيخ المهدي بن محمد القائم بأمر الله الزيداني الحسني السعدي، واسطةُ عِقد الملوك الأشراف السعديين، وأحدُ ملوك المغرب الأقصى العِظام. كانت ولادته بفاس سنة 956, وأمُّه الحُرَّة مسعودة بنت الشيخ الأجلِّ أبي العباس أحمد بن عبد الله الوزكيتي، وكانت من الصالحات الخيرات, وكان أبوه المهدي ينبِّه على أن ابنَه أحمد واسطةُ عِقد أولاده. نشأ المنصور في عَفافٍ وصيانة وتعاطٍ للعلم ومُثافنةٍ لأهله عليه، وكانت مخايل الخِلافة لائحةً عليه إلى أن تمَّ أمره. كان طويلَ القامة ممتلئ الخدين واسِعَ المنكبين، تعلوه صفرةٌ رقيقة، أسود الشعر أدعج أكحل ضيِّق البلج، برَّاق الثنايا، حسن الشكل جميل الوجه، ظريف المنزِع لطيف الشمائل. بويعَ له بالحكم بعد وفاة أخيه عبد الملك في معركة وادي المخازن 986. قال الفشتالي: "لما كانت وقعة وادي المخازن ونصر الله دينَه وكَبَتَ الكفرَ وأهلَه واستوسق الأمرُ للمنصور، كتب إلى صاحب القسطنطينية العظمى، وهو يومئذ السلطان مراد الثالث بن سليم الثاني، وإلى سائر ممالك الإسلام المجاورين للمغرب يعرِّفُهم بما أنعم الله به عليه من إظهارِ الدين وهلاك عَبَدة الصليب واستئصال شأفتِهم، فوردت عليه الأرسالُ من سائر الأقطار مهنئين له بما فتح الله على يدِه، وكان أول من وفد عليه رسولُ صاحب الجزائر ثم تلته أرسالُ طاغية البرتغال، وهو الريكي القائم بأمرهم" واستمر أحمد المنصور على منهج أخيه في بناء المؤسسات، واقتناءِ ما وصلت إليه الكشوفاتُ العلمية، وتطويرِ الإدارة والقضاء والجيش، وترتيبِ الأقاليم وتنظيمها، وكان أحمد المنصور يتابع وزراءه وكبارَ موظفيه ويحاسِبُهم على عدم المحافظة على أوقات العمل الرسمية، أو التأخير في الردِّ على المراسلات الإدارية والسياسية، وأحدث حروفًا لرموز خاصة بكتابة المراسَلات السريَّة؛ حتى لا يُعرَفَ فحواها إذا وقعت في يد عدوٍّ. توفي المنصور في الدار البيضاء خارجَ فاس فدُفِن فيها، ثم نُقِل إلى مراكش، ثم خلَفَه بعده ابنه زيدان الذي استخلفه والدُه المنصور بعد أن أَيِس من صلاحِ ابنه الكبير محمد الشيخ المأمون.

العام الهجري : 817 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1415
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ العلَّامة أبو الطاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي اللغوي، وُلِدَ سنة 729 بمدينة كازرون وتفقه بها. قال جلال الدين السيوطي: "كان يرفع نسبَه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه، ويقول: إن جده فضل الله ولد الشيخ أبي إسحاق، ولا يبالي بما يشاع بين الناس أن الشيخ أبا إسحاق لم يتزوَّج فضلًا عن أن يُعقِبَ" وقال المقري التلمساني: "ثم ارتقى الشيخ مجد الدين درجة فادعى بعد أنْ ولي قضاء اليمن بمدة طويلة أنَّه من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وزاد إلى أنْ رأيت بخطه لبعض نوابه في بعض كتبه: محمد الصديق, ولم يكن مدفوعًا عن معرفة إلَّا أنَّ النفس تأبى قبولَ ذلك". دخل بلاد الروم واتصل بخدمة السلطان بايزيد بن السلطان مراد، ونال عنده رتبة وجاهًا، وأعطاه السلطان مالًا جزيلًا، وأعطاه تيمورلنك خمسة آلاف دينار، ثم جال البلاد شرقًا وغربًا، وأخذ عن علمائها، حتى برع في العلوم كلها، لا سيما الحديث والتفسير والفقه. توفي بزَبيد من بلاد اليمن في ليلة العشرين من شوال، عن ثماني وثمانين سنة وأشهر، وَلِيَ قضاء الأقضية ببلاد اليمن نحو عشرين سنة حتى مات بعدما طاف البلاد، وأقام بالقاهرة زمانًا، وله مصنفات كثيرة تنيفُ على أربعين مصنفًا، أشهرها كتاب القاموس في اللغة المعروف بالقاموس المحيط، وكتاب تسهيل الأصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول، وله بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، وله فتح الباري في شرح صحيح البخاري، وله المرقاة الوفية في طبقات الحنفية، وله تاريخ أصبهان، وغيرها.

العام الهجري : 588 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

هو السلطان عز الدين قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق السلجوقي التركماني، ملك الروم. فيه عَدلٌ في الجملة، وسداد وسياسة، وهو والدُ زوجة الخليفة الناصر لدين الله الست سلجوقي خاتون المعروفة بالخلاطية. كان له من البلاد قونية وأعمالها، وأقصرا، وسيواس، وملطية، وغير ذلك من البلاد، وقد امتَدَّت أيام ملكه نحو تسع وعشرين سنة، وقيل: بضعًا وثلاثين سنة, وغزواته كثيرة في بلاد الروم، ولما كَبِرَ فَرَّق بلاده على أولاده، فاستَضعَفوه، ولم يلتَفِتوا إليه، وحَجَر عليه ولَدُه قطب الدين، وكان قلج أرسلان قد استناب في تدبير ملكه رجلًا يعرف باختيار الدين حسن، فلما غَلَب قُطبُ الدين على الأمرِ قَتَلَ حَسنًا، ثم أخذ والِدَه وسار به إلى قيسارية ليأخُذَها من أخيه الذي سَلَّمَها إليه أبوه، فحصرها مدَّة، فوجد والِدُه قلج أرسلان فرصةً، فهرب ودخل قيسارية وحدَه، فلما عَلِمَ قطب الدين ذلك عاد إلى قونية وأقصرا فمَلَكَهما، ولم يزل قلج أرسلان يتحوَّلْ من ولد إلى ولد، وكل منهم يتبَرَّم منه، حتى مضى إلى ولده غياث الدين كيخسرو، صاحب مدينة برغلوا، فلما رآه فَرِحَ به، وخَدَمَه، وجمع العساكِرَ، وسار هو معه إلى قونية، فمَلَكَها، وسار إلى أقصرا ومعه والِدُه قلج أرسلان، فحصرها، فمَرِضَ أبوه، فعاد به إلى قونية, وتوفِّيَ ودفن بها في منتصف شعبان، وبَقِيَ ولده غياث الدين في قونية مالكًا لها، حتى أخَذَها منه أخوه ركن الدين سليمان.

العام الهجري : 1172 العام الميلادي : 1758
تفاصيل الحدث:

عزم الحاكِمُ الخالدي عريعر بن دجين وحلفاؤه الهجومَ على الدرعية والقضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي كانت تحت حمايةِ محمد بن سعود أميرِ الدرعية. فأمر الشيخُ والأمير جميعَ أتباعِهم في بلدان نجدٍ بالاستعداد والتحصُّن، وبنى عبد العزيز بن محمد على الدرعية سورينِ عليهما البروج, فلمَّا بدأ عريعر بالخروجِ ومعه أهل الأحساءِ وبنو خالد وأهل سدير والوشم والرياض والخرج، ويعاوِنُهم في ذلك كلُّ من ناصب الدَّعوةَ أو دولةَ الدرعية العداءَ، فأناخ أهلُ الوشم وسدير والمحمل ورئيسُهم ابن عدوان على حريملاء، وأخذوا يقاتلون أهلها ثلاثة أيام، فقُتِل منهم رجال ولم ينالوا أيَّ نصر, فرحلوا عنها وطلبوا من عريعر أن يمدَّهم بجيوش من عنده فأمَدَّهم بآل عبيد الله من بني خالد وبفريقٍ من عنزة ورئيسهم ابن هذال، فأناخوا جميعًا على حريملاء مرة أخرى وأحاطوا بها ودخَلَها منهم ثلاثُ فِرَقٍ، فخرج إليهم أهل البلد وقاتلوهم وطردوهم مهزومين، وقتلوا منهم عشرة رجالٍ، وأصابوا كثيرين بجراحٍ، ولحقوهم بعد هذا النصر إلى حيث كانوا مُنيخين، فلما رأوهم مُقبلين عليهم ولَّوا على الأعقاب مُدبرين إلى أن وصلوا إلى عريعر بن دجين وجماعته, ثم هجموا جميعًا على الجبيلة فجاء المددُ من الدرعية للجبيلة، وأحاطوا بالمتحالفين حتى ألجؤوهم إلى الفرار بعد أن قتلوا منهم 60 رجلًا، بينما قُتل من أهل الجبيلة والمدد 10 رجال فقط.

العام الهجري : 104 العام الميلادي : 722
تفاصيل الحدث:

عَزَل يَزيدُ بن عبدِ الملك عبدَ الرَّحمن بن الضَّحَّاك عن المَدينَة ومَكَّة، وكان عامِلَهُ عليهما ثلاثَ سِنين، ووَلَّى عبدَ الواحِد النَّضْري، وكان السَّبَب في عَزْلِه أنَّه خَطَب فاطِمَة بِنتَ الحُسين بن عَلِيٍّ فقالت: ما أُريدُ النِّكاحَ، ولقد قَعَدتُ على بَنِيِّ هؤلاء. فأَلَحَّ عليها وقال: لئن لم تَفعَلي لأَجْلِدَنَّ أَكبرَ بَنِيك في الخَمْرِ. فبَعَثَتْ كِتابًا إلى الخَليفَة تُخبِرُه بِخَبرِه. فأَخَذ الكِتابَ فَقَرأهُ وجَعَل يَضرِب بِخَيْزران في يَدهِ ويَقولُ: لقد اجْتَرأ ابنُ الضَّحَّاك، هل مِن رَجُلٍ يُسْمعني صَوتَه في العَذابِ؟ قِيلَ له: عبدُ الواحِد بن عبدِ الله النَّضْرِي. فكَتَب بِيَدِه إلى عبدِ الواحد: قد وَلَّيْتُكَ المَدينَة فاهْبِط إليها واعْزِل عنها ابنَ الضَّحَّاك، وأَغْرِمْهُ أَربعين ألفَ دِينارٍ، وعَذِّبْهُ حتَّى أَسمعَ صَوتَه وأنا على فِراشي. وكان ابنُ الضَّحَّاك قد آذَى الأَنْصارَ طُرًّا، فهَجاهُ الشُّعَراءُ وذَمَّهُ الصَّالِحون، ولمَّا وَلِيَهم النَّضْرِيُّ أَحسَن السِّيرةَ فأَحَبُّوه، وكان خَيِّرًا يَسْتَشيرُ فيما يُريدُ فِعلَه القاسِمَ بن محمَّد وسالِمَ بن عبدِ الله بن عُمَر.

العام الهجري : 247 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 862
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنينَ أبو الفضلِ بنِ المعتَصِم بالله محمَّد بن هارون الرَّشيد القُرَشي العبَّاسي البغدادي. ولِدَ سنةَ خَمسٍ ومائتين، وبويعَ في ذي الحِجَّة سنةَ اثنتينِ وثلاثين بعد الواثقِ, وتلقَّبَ بالمتوكِّل على الله. وكان أسمَرَ مليحَ العينينِ، نحيفَ الجِسمِ خفيفَ العارِضَينِ، إلى القِصَرِ أقرَب. وأمُّه أمُّ ولد اسمُها: شجاع. قال خليفة: "استُخلِفَ المتوكِّلُ، فأظهرَ السُّنَّةَ وعَمِلَ بها في مجلِسِه، وكتبَ إلى الآفاقِ برَفعِ المحنةِ؛ خلْق القرآنِ، وإظهارِ السُّنَّة وبَسْطِها ونصرِ أهلِها"، كان إبراهيمُ بن محمد التيمي قاضي البصرة يقول: الخلفاءُ ثلاثة: "أبو بكرٍ الصِّديقُ يومَ الرِّدَّة، وعمرُ بنُ عبد العزيز في رَدِّ مظالمِ بني أميَّة، والمتوكِّلُ في محوِ البِدَع وإظهارِ السُّنَّة". وقد قِدَمَ المتوكِّلُ دمشقَ في صفر سنة أربع وأربعين، وعزم على المُقام بها وأعجَبَته، ونقل دواوينَ المُلك إليها. وأمرَ بالبناء بها. وأمر للأتراكِ بما أرضاهم من الأموالِ، وبنى قصرًا كبيرًا بداريَّا من جهة المزَّة، لكنَّه عاد إلى سامرَّا, وقد قتله ابنُه المنتصِرُ بعد أن تآمرَ مع الأتراكِ على قَتلِه.

العام الهجري : 660 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1261
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنينَ الخليفةُ المستنصِرُ بالله أبو القاسِمِ أحمد بن الظاهر بأمر الله محمد بن الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بالله الهاشمي العباسي، البغدادي، الأسود. ولي الخلافةَ بعد قتل ابن أخيه المستعصِم بالله بن المستنصر بالله منصور بثلاثِ سنينَ، في وقتٍ خلا فيه من خليفة للمسلمين. وكان شديدَ السُّمرة، جَسيمًا، عاليَ الهمة، شجاعًا، قال الإمام أبو شامة: في رجب قُرئ بالعادلية كتابُ السلطان الظاهِر بيبرس إلى قاضي القضاة نجمِ الدين بن سني الدولة بأنَّه قَدِمَ عليهم بمصر أبو القاسم أحمد بن الظاهر بن الناصر، وهو أخو المستنصر بالله، وأنه جمَعَ له الناسَ مِن الأمراء والعلماء والتجَّار، وأثبت نَسَبَه عند قاضي القضاة في ذلك المجلس، فلما ثبت بايعَه الناس، وبدأ بالبيعة القاضي تاج الدين، ثمَّ السلطان الملك الظاهر، ثم الكبار على مراتبهم، ونُقِشَ اسمُه على السكة، وخَطَب له ولُقِّبَ بلَقَب أخيه، وفَرِحَ النَّاسُ, ثم رتَّبَ له السلطان أتابكًا، وأستاذ دار، وشرابيًّا، وخزندارًا- ممسك خزانة المال-، وحاجِبًا، وكاتبًا، وعَيَّنَ له خزانةً وجُملةَ مماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلًا، وعشرة قطارات جمال، إلى أمثال ذلك, ثم عزم الخليفةُ على التوجه إلى العراق, فحَسَّن له السلطان ذلك وأعانه, وسار من مصر هو والسلطانُ في تاسع عشر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة، ثم جهَّزَ السلطان الخليفةَ وأولاد صاحِبِ الموصل، وغَرِمَ عليه وعليهم من الذهب فوق الألف ألف دينار، فسار الخليفةُ ومعه ملوك الشرق: صاحِبُ الموصل، وصاحِبُ سنجار والجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة، ثم نزل الخليفةُ بمن معه مشهدَ عليٍّ رضي الله عنه، ولما وصلوا إلى عانة وجدوا بها الحاكِمَ بأمر الله أحمد، ومعه نحوٌ من سبعمائة نفس فاستمالهم الخليفةُ المستنصر، وأنزل الحاكِمَ معه في دهليزه، وتسلَّم الخليفةُ عانة، فلما بلغ المغولَ وصولُ الخليفة المستنصر بالله العراق. خرج قرابغا مُقَدَّم التتار من بغداد- وكان قد استخلفه هولاكو عليها عند عودِه إلى بلاد الشرق- يريد لقاء الخليفة المستنصِر بالله ومحاربته، فنهب الأنبارَ وقَتَل جميعَ من فيها، وتلاحقت به بقيَّةُ التتار من بغداد، ولَقِيَهم الخليفة وقد رتَّب عسكره، فجعل التركمانَ والعرب جناحَي العسكر، واختص جماعةً جَعَلَهم في القلب، وحمَلَ بنفسه على التتار فكسَرَ مُقَدِّمَتَهم، وخذله العربُ والتركمان فلم يقاتِلوا، وخرج كمينٌ للتتار ففَرَّ العرب والتركمان، وأحاط التتار بمن بقي معه فلم يُفلِتْ منهم سوى الأميرِ أبي العباس أحمد الذي قَدِمَ إلى مصر بعد ذلك وتلَقَّب بالحاكم بالله، والأميرُ ناصر الدين بن مهنا، والأميرُ ناصر الدين بن صيرم، والأميرُ سابق الدين بوزبا الصيرفي، والأمير أسد الدين محمود، في نحو خمسينَ من الأجناد، ولم يُعرَف للخليفةِ خبَرٌ، فيقال قُتِلَ بالمعركة في ثالث المحرم، ويقال بل نجا مجروحًا في طائفةٍ مِن العرب فمات عندهم، وكانت هذه الواقعةُ في العشر الأول من المحرم، فكانت خلافتُه دون السَّنة، وبلغت نفقةُ الملك الظاهر على الخليفةِ والملوك المواصلة ألف ألف دينار وستين ألف دينار عينًا.

العام الهجري : 413 العام الميلادي : 1022
تفاصيل الحدث:

اتَّفَق أحَدُ المِصريِّينَ مِن أصحابِ الحاكِمِ مع جماعةٍ مِن الحُجَّاجِ المصريِّينَ على أمرٍ سُوءٍ، وذلك أنَّه لَمَّا كان يومُ النَّفرِ الأوَّلِ، طاف هذا الرجُلُ بالبَيتِ، فلما انتهى إلى الحَجَرِ الأسودِ جاء ليُقَبِّلَه فضَرَبه بدبوسٍ كان معه ثلاثَ ضَرَباتٍ مُتَوالياتٍ، وقال: إلى متى نعبُدُ هذا الحجَرَ؟ ولا مُحمَّدٌ ولا عليٌّ يَمنَعُني ممَّا أفعله، فإنِّي أهدم اليومَ هذا البيتَ، وجعل يرتَعِدُ، فاتَّقاه أكثَرُ الحاضرينَ وتأخَّروا عنه؛ وذلك لأنَّه كان رجُلًا طُوالًا جَسيمًا، وعلى باب المسجِدِ الحَرامِ جَماعةٌ مِن الفُرسان وُقوفٌ لِيَمنعوه ممَّن يريدُ مَنْعَه من هذا الفِعلِ وأراده بسُوءٍ، فتقَدَّمَ إليه رجلٌ مِن أهلِ اليَمَنِ معه خِنجَرٌ فوَجَأَه به، وتكاثَرَ النَّاسُ عليه فقَتَلوه وقَطَّعوه قِطَعًا، وحَرَّقوه بالنَّارِ، وتَتَّبَعوا أصحابَه فقتلوا منهم جماعةً، ونَهَبَت أهلُ مَكَّةَ الرَّكبَ المصريَّ، وتعدَّى النَّهبُ إلى غيرهم، وجَرَت خبطةٌ عَظيمةٌ، وفِتنةٌ كبيرةٌ جِدًّا، ثم سكَنَ الحالُ بعد أن تُتُّبِعَ أولئك النَّفَرُ الذين تمالَؤوا على الإلحادِ في أشرَفِ البلادِ، غيرَ أنَّه قد سقط من الحَجَرِ ثلاثُ فِلَقٍ مِثل الأظفارِ، وبدا ما تحتَها أسمَرَ يَضرِبُ إلى صُفرةٍ، مُحَبَّبًا مثل الخَشخاشِ، فأخذ بنو شيبةَ تلك الفِلَقَ فعَجَنوها بالمِسْكِ وحَشَوا بها تلك الشُّقوقَ التي بَدَت، فاستمسَكَ الحَجَرُ.

العام الهجري : 575 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1180
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ، أبو محمد الحَسَن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد بن المقتدي الهاشمي، العباسي المستضيء بأمر الله. ولِدَ سنة 536, وأمه أرمنية، اسمها غضة. بويع بالخلافة يوم موت أبيه، في ربيع الآخر، سنة 566، وقام بأمر البيعة عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء، فاستوزره يومئذ, وكان المستضيءُ ذا حِلمٍ وأناة ورأفةٍ وبِرٍّ وصدقات. قال ابن الجوزي: "لَمَّا بويع نُودي برفع المكوس، وردِّ المظالم، وأظهَرَ مِن العدل والكرم ما لم نَرَه من أعمارنا، وفَرَّق مالًا عظيمًا على الهاشميين, والعلويين والعُلماء والأربطة، وكان دائِمَ البذل للمال ليس له عنده وقْعٌ، وخلَعَ على أرباب الدولة والقضاة والجند وجماعة من العلماء", وفي خلافته زالت دولة العُبَيديين بمصر، وخُطِبَ له بها، وجاء الخبر، فغُلِّقَت الأسواق للمسرة، وعُمِلَت القباب، وصَنَّف ابن الجوزي (النصر على مصر) وخُطِبَ للمستضيء باليمن، وبرقة، وتوزر، وبلاد الترك، ودانت له الملوك، وكان يطلُبُ ابن الجوزي، ويأمرُه أن يعِظَ بحيث يَسمَع، ويميل إلى مذهب الحنابلة، وضَعُفَ بدولته الرفضُ ببغداد ومصر وظهرت السنة، وحصَل الأمن. وفي ثاني ذي القعدة توفي المستضيء بأمر الله، وكانت خلافتُه نحو تسع سنين وسبعة أشهر، فلما مات شَرَع ظهيرُ الدين ابن العطار في أخذِ البيعة لولده الناصر لدين الله، أمير المؤمنين، فلمَّا تمت البيعة صار الحاكم في الدولة أستاذ الدار مجد الدين أبو الفضل بن الصاحب، وسُيِّرَت الرسلُ إلى الآفاق لأخْذِ البيعة، فسَيَّرَ صدر الدين شيخ الشيوخ إلى البهلوان، صاحب همذان وأصفهان والري وغيرها، فامتنع من البيعة، فراجعه صدر الدين، وأغلظ له في القول، فاضطرَّ إلى المبايعة والخطبة، وأرسل إلى رضي الدين القزويني مدرس النظامية إلى الموصل لأخذ البيعة، فبايع صاحِبها، وخطب للخليفة الناصر لدين الله أمير المؤمنين.

العام الهجري : 682 العام الميلادي : 1283
تفاصيل الحدث:

حين قصد الفرنج قبرص بلاد الساحل، قاتلهم المسلمون فردوهم عن دخول الساحل، وأسروا منهم زيادة على ثمانين رجلًا، وأخذت منهم غنائم كثيرة.

العام الهجري : 663 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1265
تفاصيل الحدث:

هو هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان ملك التتار بن ملك التتار، وهو والِدُ مُلوكِهم، والعامَّةُ يقولون هولاوون مثل قلاوون، وقد كان هولاكو ملكًا جبارًا فاجرًا كفَّارًا- لعنه الله- قتل من المسلمين شرقًا وغربًا ما لا يَعلَمُ عَدَدَهم إلَّا الذي خلقهم، وسيجازيه على ذلك شَرَّ الجزاء، كان لا يتقيَّدُ بدين من الأديان، وإنما كانت زوجتُه تنصَّرَت وكان هو يترامى على محبَّة المعقولات، ولا يتصوَّر منها شيئًا، قال الشيخ قطب الدين: "كان من أعظَمِ ملوك التتار، وكان شجاعًا حازمًا مدبِّرًا، ذا همة عالية، وسطوةٍ ومهابة، ونهضةٍ تامة، وخبرة بالحروب، ومحبَّة في العلوم العقلية من غير أن يتعقَّل منها شيئًا، وكان أهلُها من أفراخ الفلاسفة لهم عنده وجاهة ومكانة، اجتمع له جماعة من فضلاء العالم، وجمع حُكماء مملكته، وأمَرَهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يطلق الكثيرَ من الأموال والبلاد. وهو على قاعدةِ المغول في عدم التقيدِ بدين، لكن زوجته ظفر خاتون قد تنصَّرَت، وكانت تفضِّلُ النصارى على سائر الخلق، وكان سعيدًا في حروبه وحصاراته. طوى البلاد، واستولى على الممالكِ في أيسرِ مدة، وهزم الجيوش، وأباد الملوك، وقتل الخليفةَ، وأمراء العراق، وصاحبَ الشام، وصاحب ميافارقين". كانت همته في تيسير مملكتِه وتملك البلاد شيئًا فشيئًا، قال النجم أحمد بن البواب النقاش: "عزم هولاكو على زواجِ بنت ملك الكرج، فقالت له: حتى تُسلِمَ، فقال: عرفوني ما أقولُ, فعرضوا عليه الشهادتينِ فأقَرَّ بهما، وشَهِدَ عليه بذلك الفيلسوف الخواجة نصير الدين الطوسي، وفخر الدين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدين الخلاطي، فتوكَّل لها النصير، وللسلطان الفخر المنجم، وعقدوا العقدَ باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار، قال لي ابن البواب: وأنا كتبت الكتابَ في ثوب أطلس أبيض، فعَجِبتُ مِن إسلامه. قلت(الذهبي): إن صحَّ هذا فلعله قالها بفمه لعَدَمِ تقيُّدِه بدين، ولم يدخُلِ الإسلامُ إلى قلبه، فالله أعلم". هلك بمرض الصَّرعِ واجتمعت التتار على ولده أبغا، كان هلاكُه في سابع ربيع الآخر بعلَّة الصرع، فإنه حصل له الصرعُ منذ قتل الملك الكامل صاحب ميافارقين، فكان يعتريه في اليوم المرَّة والمرتين, ولما عاد من كسرةِ ابن عمه بركة خان له أقام يجمع العساكر، وعزم على العَودِ لقتال بركة خان، فزاد به الصرعُ، ومرض نحوًا من شهرين، وهلك، فأخفَوا موته، وصبروه، وجعلوه في تابوت، ثم أظهروا موتَه. وكان موته بمدينة مراغة، ودفن بقلعة تلا, وبنيت عليه قبة, وكان ابنه أبغا غائبًا فطلبوه ثمَّ مَلَّكوه، وقيل كان موتُه في سنة 664هـ.

العام الهجري : 655 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1257
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الملك المعز عِزُّ الدنيا والدين، أيبك التركماني، الصالحي الجاشنكير- جاشنكير متذوِّق طعام السلطان-  صاحب مصر. لما قتل المماليكُ المعظَّم توران شاه، خَطَبوا لشجرةِ الدر أمِّ خليل أيامًا، وكانت تعلِّمُ على المناشير، وتأمُرُ وتنهى، ويُخطَبُ لها بالسلطنة. ولما وصل الخبَرُ بذلك إلى بغداد فبعث الخليفة المستعصم بالله من بغداد كتابا إلى مصر وهو ينكِرُ على الأمراء ويقولُ لهم: "إن كانت الرجالُ قد عَدِمَت عندكم فأعلِمونا حتى نسَيِّرَ إليكم رجلًا" فاجتمع الأمراءُ والبحرية للمشورة واتفقوا على إقامة الأمير عز الدين أيبك مقَدَّم العسكر في السلطنة ولقَّبوه بالملك المعز. كان المعزُّ أكبر الصالحية، دَيِّنًا عاقلًا ساكًنا، كريمًا تاركًا للشرب. ملكوه في أواخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، وتزوَّجَ بأم خليل، فأنِفَ من سلطنتِه جماعة، فأقاموا في الاسمِ الملك الأشرف موسى بن الناصر يوسف ابن المسعود أطسز بن السلطان الملك الكامل وله عشرُ سنين، وذلك بعد خمسة أيام، فكان التوقيع يبرز وصورته: رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي. واستمَرَّ ذلك والأمور بيد المعز، وكان في المعِزِّ تُؤَدة ومداراة، ثم استقَلَّ بالملك بلا منازعة، وكسر الناصِرَ لَمَّا أراد أخذ الديار المصرية وقَتَلَ فارِسَ الدين أقطاي الجمدار- جمدار حامل ملابس السلطان- سنة ثنتين وخمسين، وخلع بعده الأشرفَ، واستقَلَّ بالملك وحده، وهو واقِفُ المدرسة المعزية بمصرَ ومجازُها من أحسن الأشياء. كان موتُه في يوم الثلاثاء  الثالث والعشرين من ربيع الأول، أصبح المعز بداره ميتًا فاتَّهَم مماليكُه زوجته شجرة الدر، وقد كان عَزَم على تزوُّجِ ابنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، فأمرت جواريها أن يمسِكنَه لها فما زالت تضربُه بقباقيبِها والجواري يَعركنَ في أنثَيَيه حتى مات وهو كذلك، وقيل بل أعدت له شجرة الدرِّ خمسةً ليقتلوه منهم محسن الجوجري، وخادمٌ يعرف بنصر العزيزي، ومملوكٌ يسمى سنجر، فلما كان يوم الثلاثاء ركب الملك المعز من الميدان بأرضِ اللوق، وصَعِدَ إلى قلعة الجبل آخِرَ النهار، ودخل إلى الحمام ليلًا، فأغلق عليه الباب محسن الجوجري، وغلام كان عنده شديدُ القوة ومعهما جماعة، وقتلوه بأن أخذه بعضُهم بأنثييه وبخناقه، فاستغاث المعز بشَجَرةِ الدر فقالت اتركوه، فأغلظ لها محسن الجوجري في القول، وقال لها: متى ترَكْناه لا يبقي علينا ولا عليك، ثم قتلوه، وأقامت الأتراكُ بعده ولَدَه عليًّا، بإشارةِ أكبر مماليكه الأمير سيف الدين قطز، ولَقَّبوه الملك المنصور، وخُطِبَ له على المنابر وضُرِبَت السكة باسمه وجَرَت الأمور على ما يختاره برأيه ورسمه، عاش المعِزُّ نيفًا وخمسين سنة، وكان قد مكث في الملك نحوًا من سبع سنين.

العام الهجري : 197 العام الميلادي : 812
تفاصيل الحدث:

هو جابِرُ بنُ حيان بن عبد الله الأزدي أبو الكيمياء، فيلسوفٌ كيميائيٌّ، ولد عام 101هـ كان يُعرَف بالصوفي. من أهل الكوفة، وأصلُه من خراسان، له تصانيف كثيرة، قيل: عددها 232 كتابًا، وقيل: بلغت خمسَمائة. ضاع أكثَرُها، وتُرجِمَ بعضُ ما بقي منها إلى اللاتينية، منها أسرار الكيمياء، وعلم الهيئة، وأصول الكيمياء، وقد اشتملت كتبُه على بيان مركَّبات كيماويَّة كانت مجهولةً قبله. وهو أوَّلُ من وصف أعمالَ التقطيرِ والتبلْوُر والتذويب والتحويل، وصَفَه ابن خلدون في مقدِّمتِه بقوله: "إمامُ المدوِّنين جابر بن حيان، حتى إنَّهم يخصُّونها به فيُسَمُّونها علمَ جابرٍ" ويعَدُّ جابرٌ من أعلام العباقرةِ وأوَّلَ رائدٍ للكيمياء، وكان يشارُ إليه بالأستاذ جابر بن حيان. وقال عنه الفيلسوفُ الإنكليزي فرانسيس بيكون: "إنَّ جابر بن حيان هو أوَّلُ من علَّم عِلمَ الكيمياءِ للعالَم؛ فهو أبو الكيمياء"، كما قال عنه العالمُ الكيميائي الفرنسي مارسيلان بيرتيلو: "إنَّ لجابرِ بنِ حيَّان في الكيمياء ما لأُرسطو في المنطِق" توفي بطوس، وقيل: كانت وفاته سنة 200هـ

العام الهجري : 523 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1129
تفاصيل الحدث:

قُتِلَ إبراهيم الأسداباذي الباطني ببغداد، وهرب ابن أخته بهرام داعية الباطنية إلى الشام، وملكَ قلعة بانياس، وسار إليها، والتحق بدمشق فدعمه المزدقاني وزير تاج الملوك صاحب دمشق، ولما فارق بهرام دمشق أقام له بها خليفةً يدعو الناس إلى مذهبه، فكثُروا وانتشروا، وملك هو عدةَ حصون من الجبال منها القدموس وغيره، وكان بوادي التيم، من أعمال بعلبك، أصحاب مذاهب مختلفة من النصيرية، والدرزية، والمجوس، وغيرهم، وأميرُهم اسمه الضحاك، فسار إليهم بهرام سنة 522 وحصرهم وقاتلهم، فخرج إليه الضحاكُ في ألف رجل، وكبس عسكر بهرام فوضع السيف فيهم، وقتل منهم مقتلة كثيرة، وقُتِل بهرام وانهزم مَن سَلِمَ، وعادوا إلى بانياس على أقبح صورة، وكان بهرام قد استخلف في بانياس رجلًا من أعيان أصحابه اسمه إسماعيل، فقام مقامه، وجمع شمل من عاد إليه منهم، وبثَّ دُعاتَه في البلاد، وعاضده المزدقاني أيضًا، وقوَّى نفسه على ما عنده من الامتعاض بهذه الحادثة والهمِّ بسببها، ثم إن المزدقاني أقام بدمشق عِوَضَ بهرام إنسانًا اسمُه أبو الوفاء، فقَوِيَ أمرُه وعلا شأنه وكثُر أتباعه، وقام بدمشق، فصار المستوليَ على من بها من المسلمين، وحُكمُه أكثَرَ مِن حُكمِ صاحبها تاج الملوك. ثم إن المزدقاني راسل الفرنجَ ليسلم إليهم مدينة دمشق، ويسلِّموا إليه مدينة صور، واستقرَّ الأمر بينهم على ذلك، وتقرَّر بينهم الميعاد يوم جمعة ذكروه، وقرَّر المزدقاني مع الإسماعيلية أن يحتاطوا ذلك اليومَ بأبواب الجامع، فلا يُمكِّنوا أحدًا من الخروج منه؛ ليجيء الفرنج ويملكوا البلاد، وبلغ الخبر تاج الملوك، صاحب دمشق، فاستدعى المزدقاني إليه، فحضر وخلا معه، فقتله تاج الملوك، ثم أحرق بدنه وعلَّق رأسه على باب القلعة، ونادى في البلد بقَتلِ الباطنية، وانقلب البلدُ بالسرور وحَمْد الله، وثارت الأحداث والشطَّار في الحال بالسيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنية وأعوانهم. ومن يُتَّهمُ بمذهبهم، وتتبَّعوهم حتى أفنوهم، وامتلأت الطرق والأسواق بجِيَفِهم، فقُتِل منهم ستة آلاف نفس، وكان يومًا مشهودًا أعزَّ الله فيه الإسلامَ وأهله، وأُخِذ جماعة أعيان منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصائغ الباطني الحلبي، وكان هذا الخادِمُ رأسَ البلاء، فعُوقِبَ عقوبة شَفَت القلوب، ثم صُلِب هو وجماعةٌ على السور. وبقي حاجب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذواد مفرج بن الحسن ابن الصوفي يلبسان الدروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنية. وكان ذلك منتصفَ رمضان، وكفى الله المسلمين شرهم، وردَّ على الكافرين كيدَهم، ولما تمَّت هذه الحادثة بدمشق على الإسماعيلية خاف إسماعيل والي بانياس أن يثور به وبمن معه الناسُ فيهلكوا، فراسل الفرنج، وبذل لهم تسليمَ بانياس إليهم، والانتقالَ إلى بلادهم، فأجابوه، فسَلَّم القلعة إليهم، وانتقل هو ومن معه من أصحابه إلى بلادِهم، ولَقُوا شدةً وذِلَّةً وهوانًا، وتوِّفي إسماعيل أوائل سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وكفى الله المؤمنين شَرَّهم.