الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3515 ). زمن البحث بالثانية ( 0.016 )

العام الهجري : 3 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

وهي غزوةُ ذي أمَرَّ بناحيةِ نَجدٍ. وسَبَبُها: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَلَغه أنَّ جَمعًا من بني ثَعلَبَة بنِ سَعيدِ بن ذُبْيانَ بن بَغيضٍ بنِ رَيثِ بن غَطَفانَ، وبني مُحارِبِ بن خَصَفةَ بن قَيسٍ بذي أمَرَّ قد تَجَمَّعوا يُريدون أن يُصيبوا مِن أطرافِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجَمَعهم رجلٌ منهم يُقال له: دُعْثورُ بن الحارِثِ بن مُحارِبٍ، فنَدَب رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلمين، وخرج في أربعِمِئةٍ وخَمسين، معهم عِدَّةُ أفراسٍ، واستَخلَف على المدينةِ عُثمانَ بنَ عفانَ، فأصابوا بالمدينةِ رجلًا منهم بذي القَصَّةِ يُقال له: جَبَّارٌ من بني ثَعلَبةَ، فقال له المسلمون: أين تُريد؟ فقال: أُريدُ يَثرِبَ لأرتاَد لنَفسي وأنظُرَ، فأُدخِلَ على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرَه مِن خَبَرِهم، قال: لن يُلاقوك ولو سَمِعوا بسَيرِك هَرَبوا في رؤوسِ الجبالِ وأنا سائِرٌ معك، فدعاه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الإسلامِ وأسلم، وضمَّه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بلالٍ، فأخَذَ به جبَّارٌ طَريقًا، وهَبَط به عليهم، وسَمِع القومُ بمَسيرِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهَرَبوا في رؤوسِ الجِبالِ، فبَلَغ ماءً يقال له: ذو أمَرَّ، فعَسكرَ به، وأصاب رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه مطرٌ كثيرٌ، فابتَلَّت ثيابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثيابُ أصحابِهِ؛ فنزل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحتَ شجرةٍ ونَشَر ثيابَهُ لتَجِفَّ، واضطَجَع، وذلك بمَرأًى من المُشرِكين، واشتَغَل المسلمون في شؤونِهم. فبَعَث المشركون رَجلًا شُجاعًا منهم يقال له: دُعْثورُ بنُ الحارث، وكان سيِّدَها وأشجَعَها، ومعه سيفٌ متقلِّدٌ به، فبادَرَ دُعْثورٌ وأقبَلَ مُشتَمِلًا على السَّيفِ، حتى قام على رأسِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالسَّيفِ مشهورًا، فقال: يا مُحمَّدُ، مَن يَمنَعُك مِنِّي اليَومَ؟ فقال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اللهُ". ودَفَع جِبريلُ في صدرِه، فوقَع السَّيفُ من يدِه؛ فأخَذه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال له: "مَن يَمنَعُك مِنِّي؟!" فقال: لا أحَدَ، وأنا أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، والله لا أُكثِّرُ عليك جَمعًا أبدًا، فأعطاهُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيفَه.ثم أتى قَومَه فقالوا: ما لك؟ وَيلَكَ! فقال: نَظرتُ إلى رجلٍ طَويلٍ، فدَفَع في صَدري، فوَقَعتُ لظَهري، فعَرَفتُ أنَّه مَلَك، وشَهِدتُ بأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، واللهِ لا أُكثِّرُ عليه جَمعًا. وجَعَل يَدعو قومَه إلى الإسلامِ. وأنزل الله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة 11]. وعاد رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ، ولم يَلْقَ كَيدًا، وكانت غَيبَتُه خمسَ عشرةَ ليلةً، وقيل: قام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنَجدٍ صَفَرَ كُلَّه.

العام الهجري : 403 العام الميلادي : 1012
تفاصيل الحدث:

اجتمع البربَرُ فقَدَّموا على أنفُسِهم سُلَيمانَ بنَ الحَكَمِ بنِ سُلَيمانَ بنِ عبد الرحمن الناصرِ، فنهض بالبربَرِ إلى الثَّغرِ واستجاش بالنَّصارى وأتى بهم إلى بابِ قُرطبةَ فبرَزَ إليه جماعةُ أهلِ قُرطبةَ، فلم تكُنْ إلَّا ساعةٌ حتى قُتِلَ مِن أهلِ قُرطبةَ نَيِّفٌ وعشرونَ ألفَ رجُلٍ في جبَلٍ هنالك يُعرَفُ بجبلِ قنطش، وهي الوقعةُ المشهورة، ذهب فيها من الخِيارِ والفُقَهاءِ وأئمَّةِ المساجِدِ والمؤذِّنينَ خَلقٌ كثيرٌ، واستتَرَ مُحمَّدُ بنُ هشام المهديُّ أيامًا ثمَّ لحِقَ بطُلَيطِلة، وكانت الثغورُ كُلُّها من طرطوشة إلى الأشبونة باقيةً على طاعتِه ودَعوتِه، واستجاش بالإفرنجِ وأتى بهم إلى قُرطبةَ، فبَرَز إليه سُلَيمانُ بنُ الحَكَمِ مع البربر إلى موضعٍ بقُربِ قُرطُبةَ على نحوِ بضعةَ عشر ميلًا يُدعَى دارَ البَقَر، فانهزم سُلَيمانُ والبربَرُ، واستولى المهديُّ على قُرطُبةَ ثمَّ خرج بعد أيَّامٍ إلى قتالِ جمهورِ البربر، وكانوا قد عاثُوا بالجزيرةِ، فالتَقَوا بموضعٍ يُعرَفُ بوادي أره، فكانت الهزيمة على مُحمَّدِ بنِ هشامٍ المهديِّ، وانصرف إلى قُرطُبةَ، فوثب عليه العَبيدُ مع واضحٍ الصَّقلبيِّ فقتلوه ورَدُّوا هِشامًا المؤيَّدَ، فكانت مدَّةُ ولاية المهديِّ منذ قام إلى أن قُتِلَ سبعة عشر شهرًا مِن جُملتِها السِّتَّة الأشهر التي كان فيها سُلَيمانُ بقُرطُبة، وكان هو بالثَّغرِ، وانقَرَض عَقِبُه فلا عَقِبَ له، فقام سُلَيمانُ بنُ الحكم يوم الجمعة لسِتٍّ خَلَونَ مِن شَوَّال سنة 399هـ وتلقَّبَ بالمُستعين بالله، ثمَّ دخل قُرطُبةَ في ربيع الآخر سنة 400ه، فتلقَّبَ حينئذ بالظَّافِرِ بحَولِ الله، مضافًا إلى المستعين بالله، ثمَّ خرج عنها في شوال مِن السنة بعينها، فلم يزل يجول بعساكِرِ البربَرِ معه في بلاد الأندلُسِ يُفسِدُ وينهَبُ ويُقفِرُ المدائِنَ والقُرى بالسَّيف والغارةِ، لا يُبقي البربرُ معه على صغيرٍ ولا كبيرٍ، ولا امرأةٍ، إلى أن دخل قُرطبةَ في صدر شوال سنة 403، وأُحضِرَ هِشامٌ المُؤَيَّدُ فخَلَعَه من الخلافةِ، وأمره بمبايعتِه، فبويع لسليمانَ هذا، ثمَّ قَبَض على القائِدِ واضحٍ قائِدِ هِشامٍ المُؤَيَّدِ وقَتَلَه.

العام الهجري : 655 العام الميلادي : 1257
تفاصيل الحدث:

جرت فتنةٌ مهولة ببغدادَ بين الناس وبين الرَّافضة، وقُتِلَ عدة من الفريقين، وعَظُم البلاء، ونهب الكرخ، فحنق ابن العلقمي الوزير الرافضي، وكاتَبَ هولاكو، وطَمَّعَه في العراق، فجاءت رسُلُ هولاكو إلى بغدادَ، وفي الباطِنِ معهم فرماناتٌ لغير واحد، وَصَلت جواسيس هولاكو إلى وزير الخليفة العباسي المستعصم بالله مؤيد الدين محمد بن العلقمي الرافضي ببغداد، وتحَدَّثوا معه ووعدوا جماعةً مِن أمراء بغداد مواعيدَ، والخليفةُ لا يدري ما يتمُّ، وأيَّامُه قد ولت ثم قَوِيَ قَصدُ هولاكو بن طولو بن جنكيزخان بغداد، وبعث يطلبُ الضيافةَ مِن الخليفة فكَثُرَ الإرجافُ ببغداد، وخرج الناسُ منها إلى الأقطار، ونزل هولاكو تجاهَ دار الخلافة وملك ظاهِرَ بغداد، وقتل من الناسِ عالَمًا كثيرًا.

العام الهجري : 129 العام الميلادي : 746
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنَة وَجَّه إِبراهيمُ بن محمَّدِ بن عَلِيِّ بن عبدِ الله بن عَبَّاس الإمامُ أبا مُسلِم الخُراساني، واسمُه عبدُ الرَّحمن بن مُسلِم، إلى خُراسان، وعُمُره تِسع عَشرة سَنَة، وكتَبَ إلى أَصحابِه: إنِّي قد أَمَّرتُه بأَمري فاسمعوا له وأَطيعوا، فإنِّي قد أَمَّرتُه على خُراسان وما غَلَب عليه بعدَ ذلك. فأتاهم، فلم يَقبَلوا قوله وخَرَجوا مِن قابِل فالْتَقوا بمكَّة عند إبراهيم، فأَعلَمَه أبو مُسلِم أنَّهم لم يُنَفِّذوا كِتابَه وأَمْرَه. فقال إبراهيمُ قد عَرَضتُ هذا الأمرَ على غيرِ واحدٍ وأَبَوْهُ عليَّ. فأَعلَمَهم أنَّه قد أَجمَع رَأيَه على أبي مُسلِم، وأَمرَهم بالسَّمعِ والطَّاعة له، ثمَّ قال له: إنَّك رَجلٌ مِنَّا أهل البيتِ، احْفَظ وَصِيَّتي، انظُر هذا الحيَّ مِن اليَمَن فالْزَمهُم واسْكُن بين أَظهُرِهم، فإنَّ الله لا يُتِمُّ هذا الأمرَ إلَّا بهم.

العام الهجري : 65 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 685
تفاصيل الحدث:

هو أحدُ المُكْثِرين في الرِّاويةِ عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أَسلَم قبلَ أبيهِ، وكان فاضِلًا عالِمًا، قَرَأَ القُرآنَ والكُتُبَ المُتَقدِّمة، واسْتأذَنَ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أن يَكتُبَ عنه، فأَذِنَ له، شَهِدَ صِفِّينَ مع مُعاوِيَة طاعةً لوالِدِه، إذ كان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: (أَطِعْ أباكَ). اخْتُلِف كثيرًا في زمنِ وَفاتِه ومَكانِ وَفاتِه، وذلك للاختلافِ في عُمُرهِ يومَ وَفاتِه.

العام الهجري : 1377 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1958
تفاصيل الحدث:

قام وفدٌ نيابيٌّ من سوريا بزيارة مصر ودعا إلى الوَحدةِ بين الدولتين العربيتين وبادلهم وفدٌ مصري الزيارةَ، وكان جمال عبد الناصر يريد الاتحادَ ولا يرى الدَّمجَ، يعني الوحدة، غير أنَّ الوضع في سوريا كان قلقًا جِدًّا، وكان الشعب يريدُ الوَحدةَ؛ لعله يتخَلَّصُ مِمَّا هو فيه من التسلُّطِ العسكري وتحكُّم البعثيِّينَ والشيوعيِّين، وكان رئيسُ الأركان السوري عفيف البزري ذو الميول الشيوعية يعرِفُ رغبة جمال في الاتحاد لا الوحدة، فأراد أن يقترح الوَحدةَ فيرفُضَها جمال فينفردَ هو بسوريا، لكنَّ جمالًا رَضِيَ بالوحدة، وربما أدرك نوايا عفيف، فتم الاتفاقُ على الوحدة في 12 رجب 1377هـ / 1 شباط، وعَيَّن جمال أربعة نواب لرئيس الجمهورية: اثنان من مصر، واثنان من سوريا، أما الوزارة فكانت مركزيةً في القاهرة التي أصبحت عاصِمةَ الجمهورية العربية المتحدة، وهو الاسم الذي اختير لهذه الوَحدة، وأما المجلِسُ التنفيذي ففي القاهرة، وآخر في سوريا، وأطلق على مصر الإقليم المصري أو الجنوبي، وعلى سوريا الإقليم السوري أو الشمالي.

العام الهجري : 183 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 799
تفاصيل الحدث:

هو السَّيِّدُ أبو الحسن العلوي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والِدُ الإمام علي بن موسى الرضا, المدنِيُّ، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة بالمدينةِ ثم نزلَ بغداد,َ لقب بالكاظِمِ لكَظمِه عمَّن أساء إليه، كان مجتهدًا في العبادةِ كريمًا، قيل: إنَّ سبَبَ سَخَطِ الرشيدِ عليه هو أنَّ الرشيدَ لَمَّا زار قبرَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: السَّلامُ عليك يا عمَّاه يفتَخِرُ بذلك، فقال موسى: السَّلامُ عليك يا أبتِ. فقال الرشيدُ: هذا هو الفَخرُ يا أبا الحسَنِ, ثم لم يزَلْ ذلك في نفسِه، فحَنقَ عليه حتى استدعاه في سنة تسعٍ وسبعين وسجَنَه فأطال سَجنَه، وقيل: بل لأنَّه سَمِعَ أنَّ النَّاسَ يبايعونَ له فحَمَله معه إلى البصرةِ وحَبَسَه عند واليها عيسى بن جعفرٍ، ثمَّ نقَلَه إلى الفضلِ البرمكي، ثمَّ حَوَّله إلى السندي بن شاهك، إلى أن مات عنده ودُفِنَ في بغداد.

العام الهجري : 919 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1513
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ المحدث المقرئ الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن غازي، العثماني المكناسي ثم الفاسي المالكي، عالم المغرب وراويته الحيسوبي الفَرَضي صاحب الحواشي على الصحيح, والمعروف بابن غازي المكناسي. ولد سنة 841 بمكناس. برع في عدة فنون، لكنه اشتهر بالفقه، وكان بديع الخط متقِن الضبط. لم يكتفِ بالتعليم والتأليف، بل شارك في جهاد الإفرنج لحماية ثغور المغرب، حتى إنه توفي وهو في غزوة ضد النصارى بآصيلا؛ حيث مرض في هذه الغزوة، فأمر السلطان بحمله إلى منزله من فاس، فلما وصل إلى قرب عقبة المساجين اشتد به الحال وأمر أصحابَه أن يريحوا به هنالك، فبينما هو كذلك إذ مر به الشيخ أبو عبد الله الغزواني في سلسلته فسأل الموكلين به أن يعَرِّجوا به على الشيخ ابن غازي كي يعوده ويؤدي حقَّه، فلما وقف عليه طلب ابن غازي منه الدعاءَ، فدعا له بخير وانصرف. فلما غاب عنه قال ابن غازي لأصحابه: احفظوا وصيتي؛ فإني راحل عنكم إلى الله تعالى بلا شكٍّ، ثم حملوه إلى منزله فكان آخِر العهد به.

العام الهجري : 379 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 989
تفاصيل الحدث:

هو صاحِبُ العِراقِ السُّلطانُ أبو الفوارسِ شَرَفُ الدولةِ, شيرويه بن عَضُد الدولة بن بُوَيه الديلمي الشيعي. تمَلَّكَ وظَفِرَ بأخيه صمصام الدولة فسَجَنَه، وكان فيه خيرٌ, وأزال المُصادرات وتمَلَّك بعده أخوه بهاءُ الدولة، وكان أخوهما الصمصام هو الذي تمَلَّك العراقَ بعد أبيهم عَضُد الدولة ثلاثةَ أعوام, ثم أقبل شرفُ الدولة لحَربِه, فذَلَّ وسَلَّمَ نَفسَه إلى أخيه, فغدر به وحبسه بشيراز إلى أن مات. تعَلَّلَ بالاستسقاءِ, وبَقِيَ لا يحتَمي, حتى مات, لم يبلُغ الثلاثينَ, وحُمِلَ إلى مشهدِ أميرِ المؤمنين علي، فدُفِنَ به، وكانت إمارتُه بالعراق سنتين وثمانية أشهر. لَمَّا اشتَدَّت عِلَّةُ شَرَف الدولة سيَّرَ ولَدَه أبا عليٍّ إلى بلاد فارس، وأصحَبَه الخزائِنَ والعُدَد وجماعةً كثيرةً مِن الأتراك، فلَمَّا أيِسَ أصحابُه منه اجتمع إليه أعيانُهم وسألوه أن يمَلِّكَ أحدًا، فقال: أنا في شُغُلٍ عمَّا تدعونني إليه. فقالوا له ليَأمُرْ أخاه بهاء الدولةِ أبا نصر أن ينوبَ عنه إلى أن يُعافى ليحفَظَ النَّاسَ لئلَّا تثورَ فِتنةٌ، ففعل ذلك، وتوقَّفَ بهاءُ الدولة ثمَّ أجاب إليه، فلما مات جلس بهاءُ الدولة في المملكة، وقعد للعَزاءِ.

العام الهجري : 137 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 755
تفاصيل الحدث:

هو الأمير أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم بن عثمان بن يسار، بن شذوس بن جودرن من ولد بزرجمهر بن البختكان الخراساني الفارسي صاحب الدعوة، وهازم جيوش الدولة الأموية، والقائم بإنشاء الدولة العباسية. وقيل كان اسمه إبراهيم بن عثمان بن يسار غيره بطلب من الإمام إبراهيم بن محمد لمزيد من التخفي. قال الذهبي: "كان أبو مسلم من أكبر الملوك في الإسلام، كان ذا شأن عجيب، ونبأ غريب، من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان، ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام، ويعود بكتائب أمثال الجبال، ويقلب دولة، ويقيم دولة أخرى! كان قصيرا، أسمرا، جميلا، حلوا، نقي البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية، طويل الشعر، طويل الظهر، خافض الصوت، فصيحا بالعربية وبالفارسية، حلو المنطق، وكان لا يكاد يقطب في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الفادحة الشديدة، فلا يرى مكتئبا, وكان إذا غضب، لم يستفزه الغضب, وكان لا يأتي النساء في العام إلا مرة واحدة، يشير إلى شرف نفسه وتشاغلها بأعباء الملك". كان مولده بأصبهان سنة 100, وضعته أمه يتيما فنشأ عند عيسى بن معقل، فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب، فخرج أديباً لبيباً يشار إليه من صغره, وكان راوية للشعر، عارفا بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته. كان بدء أمر أبي مسلم أنه قدم الكوفة جماعة من نقباء العباسيين، فصادفوا أبا مسلم، فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم ثم عرف أمرهم وأنهم دعاة، ثم خرج معهم إلى مكة، فأهدوه للإمام إبراهيم بن محمد، فأُعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه، وقال لهم: هذا عضلة من العضل. وأقام أبو مسلم عند الإمام إبراهيم يخدمه حضراً وسفراً. ثم إن النقباء عادوا إلى الإمام إبراهيم وسألوه رجلاً يقوم بأمر خراسان، فقال: إني قد جربت هذا الأصبهاني وعرفت ظاهره وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم دعا أبا مسلم وكان عمره ثمان عشر سنة وقلده الأمر وأرسله إلى خراسان, فأخذ يدعو الناس إلى رجل من بني هاشم وأقام على ذلك سنين, وبعد مقتل الإمام إبراهيم بن علي صار أبو مسلم يدعو الناس إلى أبي العباس عبد الله بن محمد الملقب السفاح. حتى مكن للعباسيين وقضى على الأمويين في الشرق وكان سفاكا للدماء قال ابن خلكان: "قتل أبو مسلم في دولته ستمائة ألف صبراً. قيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم خير أو الحجاج قال: لا أقول إن أبا مسلم خيراً من أحد، ولكن الحجاج كان شراً منه", وقال الذهبي: "كان أبو مسلم سفاكا للدماء، يزيد على الحجاج في ذلك، وهو أول من سن للعباسيين لبس السواد, وكان بلاء عظيما على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحد السيف". قال أحمد بن سيار: حدثنا الحسن بن رشيد العنبري، سمعت يزيد النحوي يقول: "أتاني إبراهيم بن إسماعيل الصائغ، فقال لي: ما ترى ما يعمل هذا الطاغية، إن الناس معه في سعة، غيرنا أهل العلم؟ قلت: لو علمت أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلت، إن أمرت ونهيت يقيل أو يقتل، ولكني أخاف أن يبسط علينا العذاب، وأنا شيخ كبير، لا صبر لي على السياط. فقال الصائغ: لكني لا أنتهي عنه. فذهب، فدخل عليه، فأمره ونهاه، فقتله" وكان أبو مسلم يجتمع قبل أن يعلن بدعوة العباسيين بإبراهيم الصائغ، ويعده بإقامة الحق, فلما ظهر وبسط يده، دخل عليه، فوعظه فقتله". لما خشي المنصور من خطر أبي مسلم على دولته قرر التخلص منه, وكان المنصورُ قد غضِبَ عليه لعدَّةِ أمورٍ؛ منها: أنَّه تقدَّمَ عليه في الحجِّ، وأكثَرَ مِن النفقةِ حتى قيل فيه ما قيل، ثم إنَّه خافه بعد أن صار أمرُه في خراسان قويًّا، فبعد أن هزمَ أبو مسلم جيش عبد الله بن علي، أمَرَه المنصور بالعودةِ إليه فأبى، فاحتال له أنَّه يوليه الشامَ ومصرَ فأبى عليه كلَّ ذلك، وأرسل له رسلًا وكُتُبًا، كلُّ ذلك وهو يأبى الرجوعَ؛ حيثُ شعر أنَّ هناك مكيدةً، ومن ذلك أن المنصور كاتب أبا مسلم ليقدم عليه، فكتب إليه أبو مسلم: "إنه لم يبق لك عدو إلا أمكنك الله منه، وقد كنا نروي عن ملوك آل ساسان: إن أخوف ما يكون الوزراء إذا سكنت الدهماء، فنحن نافرون من قربك، حريصون على الوفاء بعهدك ما وفيت، فإن أرضاك ذلك، فأنا كأحسن عبيدك، وإن أبيت نقضت ما أبرمت من عهدك، ضنا بنفسي، والسلام" فرد عليه الجواب يطمئنه ويمنيه، وكان المنصور داهية وقته، ثمَّ لَمَّا جاءه الخبَرُ أن المنصورَ سيقاتِلُه بنفسه إن أبى الرجوعَ إليه، عاد، وقيل: إنَّه قيل له أن يقتُلَ المنصور قبل أن يقتُلَه، لكنَّ المنصور احتال عليه وأمرَ بعضَهم بالاختباءِ وراء الستورِ، فإذا صفق بيده انقضُّوا عليه، فدعاه المنصور على غدائِه وعاتبه على أفعالِه، وكل ذلك يعتذِرُ أبو مسلم ويقَبِّلُ يدَه، ولكنه لم يرضَ عنه حتى صفق بيدِه، فخرجوا وقتلوه، فكانت تلك نهايةَ أبي مسلم الخراساني، الذي كان له الأثَرُ الكبيرُ في توطيدِ دعائمِ الدَّعوة العباسيَّة. قتله المنصور وله من العمر سبع وثلاثون سنة. قال الذهبي: " فرحنا بمصير الأمر إلى بني العباس، ولكن والله ساءنا ما جرى؛ لما جرى من سيول الدماء، والسبي، والنهب فإنا لله وإنا إليه راجعون فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء، ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم، وأنى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجمية خراسانية جبارة، ما أشبه الليلة بالبارحة " وقال: "وقد كان بعض الزنادقة، والطغام من التناسخية، اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول، عندما رأوا من تجبره، واستيلائه على الممالك، وسفكه للدماء، فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها". لما قُتل أبو مسلم الخرساني، خرج بخراسان سنباذ للطلب بثأر أبي مسلم، وكان سنباذ مجوسيا، فغلب على نيسابور والري، وظفر بخزائن أبي مسلم، واستفحل أمره, فجهز المنصور لحربه جمهور بن مرار العجلي، في عشرة آلاف فارس، فانهزم سنباذ، وقتل من عسكره نحو من ستين ألفا، وعامتهم كانوا من أهل الجبال، فسبيت ذراريهم، ثم قتل سنباذ بأرض طبرستان.

العام الهجري : 427 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1036
تفاصيل الحدث:

هو الظاهِرُ لإعزازِ دينِ الله أبو الحَسَن عليُّ بن أبي علي المنصور الحاكم الفاطمي العُبيدي الإسماعيليُّ الباطنيُّ, أمُّه أم ولد تدعى رقية، وُلِدَ بالقاهرة سنة 395، وبويع بالحُكمِ بعد أبيه في يوم عيد الأضحى سنة 411، وله من العمرِ 16 سنة و3 أشهر، وكان له مِصرُ، والشام، والخطبة له بإفريقيَّة، وكان جميلَ السِّيرةِ، حَسَن السياسةِ، مُنصِفًا للرعية، إلَّا أنَّه مُشتَغِلٌ بلذَّاته محِبٌّ للدَّعَة والراحة، قد فوَّض الأمورَ إلى وزيره أبي القاسِمِ عليِّ بنِ أحمد الجرجرائي- وكان مقطوعَ اليدينِ مِن المِرفَقينِ-  لِمَعرفته بكفايته وأمانته، في سنة ثماني عشرة، فاستمَرَّ في الوزارة مدةَ ولايةِ الظاهر، ثمَّ لوَلَده المُستنصِر، توفِّي الظاهِرُ في منتصف شعبان بمصر وكان عمُره ثلاثًا وثلاثين سنة، وكانت مُدَّة حُكمِه خَمسَ عشرة سنة وتسعةَ أشهر وسبعة عشر يومًا، ولَمَّا مات الظاهِرُ ولِيَ بعده ابنُه تميم معد، ولقب المستنصر بالله، وتكَفَّل بأعباء المملكة بين يديه الأفضَلُ أميرُ الجيوش، واسمُه بدر بن عبد الله الجمالي، وكان عمرُ المستنصرِ يومَ نُصِّبَ حاكِمًا سبعَ سنينَ وعِدَّة أشهر، وبقي حاكمًا أكثَرَ مِن ستين سنةً.

العام الهجري : 1432 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

بعد حشدِ أنصارِ الرئيسِ علي عبد الله صالح في جمعةٍ أسمَوها «جمعةَ الأمن والأمان»، تعرَّض الرئيسُ اليمنيُّ علي عبد الله صالح لمُحاولةِ اغتيالٍ، أُصيب من جرَّائها بحروقٍ بليغةٍ، وقد تمَّت مُحاولةُ اغتيالِه في مسجد دار الرِّئاسة. واتَّهم الإعلامُ اليمنيُّ أنصارَ الشيخِ صادقٍ الأحمر شيخ قبيلة حاشد بارتكابِ هذا التفجيرِ، بينما نفى مديرُ مكتبهِ أيَّ صلةٍ لهم بالهجومِ، وفي فجرِ يوم الأحد (5) يوليو أعلن الدِّيوانُ الملكيُّ السُّعوديُّ وُصولَ الرئيسِ اليمنيِّ للأراضي السُّعودية لتلقِّي العلاجِ.

العام الهجري : 1438 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2017
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمامُ المحقِّقُ محمد يونس بنُ شَبير أحمد بن شير علي الجونفوري السَّهارنفوريُّ، شيخُ الحديثِ، وُلد في قريةِ كُورَيْني قُربَ جونفور بالهندِ، 15 رجب سنةَ 1355، وتوفِّيت أمُّه وهو ابنُ خَمْسٍ، فربَّتْه جَدَّتُه لأمِّه، وكانت من الصالحاتِ، فتربَّى في بيئةٍ مُتديِّنةٍ، ثم التحَقَ بالكتاتيبِ وأخَذَ فيها القراءةَ والكتابةَ والمبادئَ، وبعدها انتقَلَ إلى مدرسةِ ضياءِ العلومِ بماني كلان قُربَ قريتِه، واستزادَ من العلومِ فيها، وأكثَر استفادتَه فيها من الشيخَينِ: ضياءِ الحقِّ الفيض آبادي، وعبدِ الحليمِ الجونفوري، ثم التحق بجامعةِ مظاهرِ العلومِ في سَهارَنْفورَ في شوالٍ سنةَ 1373، وتخرَّجَ فيها بعد ثلاثِ سِنينَ، وتضلَّعَ من العلمِ، خاصةً من الحديثِ الشريفِ. ولازمَ عددًا من الأكابرِ، منهم شيخُ الحديثِ محمد زكريا الكانْدَهْلويّ، أخذَ عنه قراءةً وسَماعًا جميعَ البخاريِّ، وبعضَ مقدِّمةِ مُسلِمٍ، ونِصفَ سُنَنِ أبي داودَ. ومنهم الشيخُ محمد أسعد الله الرامْفوري، والشيخُ منظور أحمد السهارنفوري، والشيخُ أمير أحمد بن عبد الغني الكاندهلوي، والشيخُ فخرُ الدينِ أحمد المراد أبادي، وسمِعَ أوائلَ السِّتَّةِ على العلَّامةِ محمد حسن بن حامد الكنكوهي، واستجازَ في الكِبَرِ من المشايخِ عبدِ الفتاحِ أبي غُدَّةَ، وعبدِ اللهِ الناخبي، وأحمد علي السورتي، وعبدِ الرحمنِ الكتانيِّ، وغيرِهم. ظهَرَ نُبوغُ الشيخِ وتَميُّزُه مُبكِّرًا، ولا سِيَّما في الحديثِ وتَحقيقِ مَسائلِه، وكان بعضُ كبارِ شُيوخِه يَرجِعُ إليه ويَسألُه ويَعتمِدُ عليه، ومنهم شيخُه محمد زكريا. عُيِّنَ مُدرسًا في جامعةِ مظاهرِ العلومِ بسهارنفور في شهرِ شوَّالٍ سنةَ 1381هـ، لِيُدرِّسَ صحيحَ مُسلمٍ، وسُنَنَ أبي داودَ، والنَّسائيِّ، وابنِ ماجَهْ، والموطَّأَ بروايتَيهِ، وعددًا من كُتُبِ الفقهِ وأُصولِه. وفي شوَّالٍ سنةَ 1388هـ استخلفه شيخُه مُحمَّد زكريَّا الكاندهلوي في مَنصِبِه، فأصبحَ شيخَ الحديثِ في جامعةِ مَظاهرِ العلومِ، واستمرَّ بِمَنصِبِه هذا حوالَي 48 سنةً. عانى الشيخُ من الأمراضِ غالِبَ عُمرِه، واشتدَّ به الأمرُ أواخِرَ حياتِه، إلى أنِ انتقَلَ إلى رحمةِ اللهِ عن عمرٍ يناهزُ 83 عامًا، قضى أكثرَ من نِصفِه في تدريسِ كُتُبِ الحديثِ والسنةِ النبويةِ، وصُلِّي عليه عصرًا في سهارنفور، وشهِدَ جَنازتَه خلقٌ غفيرٌ من مناطقِ الهندِ.

العام الهجري : 1028 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1619
تفاصيل الحدث:

لما رأى أهل بلاد الهبط ما وقع من افتراق الكلمة وتوقُّد الفتن، بايعوا محمد بن الشيخ المعروف بزغودة، وكان الذي قام بدعوته الشريفَ أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن عيسى بن عبد الرحمن الإدريسي المحمدي اليونسي المعروف بابن ريسون، وهي أم جدة علي نزيل تاصروت، وبايعوه على الكتاب والسنة، وعلى إحياء الحق وإماتة الباطل، فلما بلغ خبَرُه أخاه عبد الله، خرج لقتاله فالتقى الجمعان بوادي الطين واقتتلوا، فانهزم عبد الله وتقدم محمد إلى فاس فدخلها واستولى عليها في شعبان من هذه السنة، وقبض على بعض عمَّال عبد الله فقتلهم واستصفى أموالهم، وفي آخر شعبان وقعت الحربُ بينهما بمكناسة فانهزم محمد ودخل عبد الله فاس في مستهل رمضان من السنة وأظهر العفوَ عن الخاصِّ والعامِّ، ثم قتل أهلُ فاس قائدَه ابنَ شعيب وأخذوا حِذرَهم من عبد الله، ثم وقع قتال بين أهل الطالعة وأهل فاس الجديد ودام أيامًا عديدة حتى اصطلحوا لتاسع رجب من سنة 1029 ثم إن عبد الله خرج لقتال أخيه محمد، فوقعت المعركة بينهما بوادي بهت، فانهزم محمد وفرَّ شريدًا إلى أن قتله ابنُ عمه

العام الهجري : 444 العام الميلادي : 1052
تفاصيل الحدث:

في هذه السَّنَةِ دَخلتْ العَربُ إلى إفريقية, وسببُ ذلك أنَّ المُعِزَّ بن باديس كان خَطَبَ للقائم بأَمرِ الله الخليفة العبَّاسي، وقَطَع خُطبةَ المُستَنصِر العُبيدي الفاطمي صاحب مصر، فلمَّا فعل ذلك كَتَب إليه المُستَنصِر العَلويُّ يَتَهدَّدهُ، فأَغلظَ المُعِزُّ في الجوابِ، ثم شَرعَ المُستَنصِرُ ووَزيرهُ الحسنُ بن عَليٍّ اليازوري في إرسالِ العَربِ إلى أفريقية، وأصلحوا بني زُغْبَة ورِياحٍ، وكان بينهم حُروبٌ وحُقودٌ، وأعطوهم مالًا، وأَمروهُم بِقَصدِ بِلادِ القَيروان، ومَلَّكوهُم كُلَّ ما يَفتحونَه، ووَعَدوهُم بالمَدَدِ والعُدَدِ. فدَخلتْ العربُ إلى إفريقية، وكَتَب اليازوري إلى المُعِزِّ وكان حاقدا عليه: "أمَّا بعدُ، فقد أرسلنا إليكم خُيولًا فُحولًا، وحَملنا عليها رِجالًا كُهولًا، ليقضي الله أمرًا كان مَفعولًا". فاحلوا فلمَّا حَلُّوا أرضَ بَرْقَة وما والاها ووجدوا بِلادًا كَثيرةَ المَرْعَى خالِيَة مِن الأَهلِ، فأَقامَت العَربُ بها واستَوطَنَتها، وعاثوا في أَطرافِ البِلادِ, وبَلَغ ذلك المُعِزَّ فاحتَقَرهُم, وكانت عَربُ زُغبَة قد مَلكَت مَدينةَ طرابلس سنة 446هـ، فتَتابَعَت رِياحٌ والأثبجُ وبنو عَدِيٍّ إلى إفريقية، وقَطَعوا السَّبيلَ وعاثوا في الأرضِ، وأرادوا الوصولَ إلى القَيروان، فقال مُؤْنِسُ بن يحيى المِرداسيُّ: "ليس المُبادرَة عندي بِرَأيٍ. فقالوا: كيف تُحِبُّ أن تَصنعَ؟ قال: خُذوا شيئًا فشَيئًا حتى لا يَبقَى إلَّا القَيروان، فخُذوها حينئذٍ. فقالوا: أنت المُقَدَّمُ علينا، ولَسْنَا نَقطعُ أَمرًا دُونك". ثم قَدِم أُمراءُ العَربِ إلى المُعِزِّ فأَكرَمَهم وبَذَل لهم شيئًا كَثيرًا، فلمَّا خَرجوا مِن عِندِه لم يُجازُوهُ بما فَعلَ مِن الإحسانِ، بل شَنُّوا الغاراتِ، وقَطَعوا الطَّريقَ، وأَفسَدوا الزُّروعَ، وقَطَّعوا الثِّمارَ، وحاصَروا المُدُنَ، فضاق بالنَّاسِ الأَمرُ، وساءَت أَحوالُهم، وانقَطعَت أَسفارُهم، ونَزلَ بإفريقية بَلاءٌ لم يَنزِل بها مِثلُه قط، فحينئذٍ احتَفلَ المُعِزُّ وجَمعَ عَساكرَه، فكانوا ثلاثين ألف فارس، ومِثلَها رَجَّالَة، وسار حتى أَتَى جَنْدِران، وهو جَبَلٌ بينه وبين القَيروان ثلاثةُ أيَّامٍ، وكانت عُدَّةُ العَربِ ثَلاثةُ آلافِ فارس، فلمَّا رَأَتْ العَربُ عساكِر صنهاجة والعَبيدَ مع المُعِزِّ هالَهُم ذلك، وعَظُمَ عليهم، فقال لهم مُؤْنِسُ بن يحيى: ما هذا يوم فِرارٍ. والتَحَم القِتالُ واشتَدَّتْ الحَربُ، فاتَّفقَت صِنهاجَة على الهزيمةِ وتَرْكِ المُعِزِّ مع العَبيدِ حتى يَرَى فِعلَهم، ويُقتَل أَكثرُهم، فعند ذلك يَرجِعون على العَربِ، فانهَزمتْ صِنهاجَة وثَبَتَ العَبيدُ مع المُعِزِّ، فكَثُرَ القَتلُ فيهم، فقُتِلَ منهم خَلْقٌ كَثيرٌ، وأرادت صِنهاجة الرُّجوعَ على العَربِ فلم يُمكِنهُم ذلك، واستَمرَّت الهَزيمةُ، وقُتِلَ مِن صِنهاجة أُمَّةٌ عَظيمَة، ودَخلَ المُعِزُّ القَيروانَ مَهزومًا، على كَثرَةِ مَن معه، وأَخذتْ العَربُ الخَيْلَ والخِيامَ وما فيها مِن مالٍ وغَيرِه. ولمَّا كان يومُ النَّحْرِ من هذه السَّنَةِ جَمعَ المُعِزُّ سَبعةً وعِشرينَ ألف فارس، وسار إلى العَربِ جَرِيدَةً -الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- وسَبَقَ خَبرُه، وهَجَم عليهم وهُم في صَلاةِ العِيد، فرَكِبَت العَربُ خُيولَهم وحَملَت، فانهَزَمت صِنهاجة، فقُتِلَ منهم عالَمٌ كَثيرٌ. ثم جَمعَ المُعِزُّ وخَرجَ بِنَفسِه في صِنهاجة وزِناتَة في جَمعٍ كَثيرٍ، فلمَّا أَشرفَ على بُيوتِ العَربِ، انتَشَب القِتالُ، واشتَعَلت نِيرانُ الحَربِ، وكانت العَربُ سَبعةَ آلافِ فارس، فانهَزَمت صِنهاجة، وزِناتَة، وثَبَتَ المُعِزُّ فيمَن معه من عَبيدِه ثَباتًا عَظيمًا لم يُسمَع بمِثلِه، ثم انهَزَم وعاد إلى المَنصوريَّة. وأحصي مَن قُتِلَ مِن صنهاجة ذلك اليوم، فكانوا ثلاثةَ آلاف وثلاثمائة. ثم أَقبلَت العَربُ حتى نَزلَت بمُصَلَّى القَيروان، ووَقعَت الحَربُ، فقُتِلَ مِن المَنصوريَّة ورقادة خَلْقٌ كَثيٌر، فلمَّا رأى ذلك المُعِزُّ أَباحَهم دُخولَ القَيروان لِمَا يحتاجون إليه مِن بَيعٍ وشِراءٍ، فلمَّا دخلوا استَطالَت عليهم العامَّةُ، ووَقعَت بينهم حَربٌ كان سَببُها فِتنةً بين إنسانٍ عَربيٍّ وآخرَ عامِيٍّ، وكانت الغَلَبةُ للعَربِ. وفي سنة 444هـ بُنِيَ سورُ زويلة والقَيروان، وفي سنة 446هـ حاصرت العَربُ القَيروانَ، ومَلَكَ مُؤنِسُ بن يحيى مدينةَ باجَة، وأَشارَ المُعِزُّ على الرَّعِيَّة بالانتقالِ إلى المَهديَّة لِعَجزِه عن حمايتهم من العَربِ. وشَرعَت العَربُ في هَدمِ الحُصونِ والقُصورِ، وقَطَّعوا الثِّمارَ، وخَرَّبوا الأَنهارَ، وأَقامَ المُعِزُّ والناسُ يَنتَقِلون إلى المَهديَّة إلى سَنةِ تِسعٍ وأربعين، فعندها انتَقلَ المُعِزُّ إلى المَهديَّة في شعبان، فتَلقَّاهُ ابنُه تَميمٌ، ومَشَى بين يَديهِ، وكان أَبوهُ قد وَلَّاهُ المَهديَّة سَنةَ خَمسٍ وأربعين، وفي رمضان من سَنةِ تِسعٍ وأربعين نَهبَت العَربُ القَيروانَ, وهكذا تَتابَعت هَزائمُ المُعِزِّ وعَسكرِه على يَدِ العَربِ بِدَعمٍ مِن المُستَنصِر العُبيدي حاكم مصر.