استولى العثمانيون على تلمسان بقيادة حسن بن خير الدين بربروسا، وذلك في أواسط شعبان، وأخرج منها الأمير أحمد ابن الأمير عبد الله ووزيره منصور بن أبي غانم ولَحِقا بدبدو، واستمرَّت تلمسان في يد العثمانيين إلى أواسط صدر المائة الثالثة عشرة.
هو القائد العثماني خيرُ الدين خضر بن يعقوب بن يوسف أحدُ أكبرِ قادة الأساطيل العثمانية، وأحد رموزِ الجهاد البحري، لقَّبه السلطان سليم الأول بخير الدين باشا، وعُرِف لدى الأوروبيين ببربروسا، أي: ذي اللحية الحمراء، ولِدَ سنة 871 ويذكَرُ أن والده يعقوب أصلُه من بقايا الفاتحين المسلمين الأتراك الذين استقرُّوا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل، وأمه سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثرُ على أولادها في تحويل نشاطِهم شطرَ بلاد الأندلس التي كانت تئِنُّ في ذلك الوقت من بطش الإسبانِ والبرتغاليين، عاش هو وأخوه عروج في جربة التونسية، وجعلاها مركزًا لعملياتهم العسكرية في البحر المتوسط، والتصدي للقراصنة الصليبيين, فحقَّق هو وأخوه عروج باشا كثيرًا من الانتصارات ضِدَّ النصارى القراصنة، ثم تحالف خير الدين مع العثمانيين لمواصلة نشاطه الجهادي المميَّز، وقد أُعجِب به السلطان العثماني سليمان القانوني حتى عيَّنه أميرَ البحار، وخاض مع العثمانيين كثيرًا من الحروب البحرية الهامَّة، خاصةً في سواحل شمال إفريقيا والسواحل الأوروبية, ثم عُيِّنَ واليًا على الجزائر، وكان شعلةً من النشاط في القتال والجهاد البحري, فاكتسب شهرةً واسعة حتى في أوروبا التي أصبحت تخافُه, وتنسِبُ كلَّ شر يصيبها إلى خير الدين بربروسا. توفي في الجزائر.
وجَّه الخليفة العثماني سليمان القانوني حملةً بحرية بقيادة محيي الدين بيري، مهمتُها طرد البرتغاليين من الخليج العربي، فحاصر هرمزَ التي كانت بيدِ البرتغاليين، لكنَّه فَشِلَ في الاستيلاء عليها بعد أن تكبَّد خسائر فادحة، فتوجَّه إلى البصرة ومعه ثلاث سفُنٍ فقط، وبقيَ فيها بعضَ الوقتِ، ثمَّ ذهب إلى مصر، ولَمَّا علم الخليفةُ سليمان به أمرَ بالقبض عليه وقُتل بعد ذلك في عام 961هـ.
عقدت الدولة العثمانية معاهدةَ إستانبول مع ألمانيا، اعترف الألمان بموجِبها بالفتوحات التركية في أوروبا، وقرَّرت المعاهدة أن يدفعَ الألمان ضريبةً سنوية للعثمانيين، وألَّا تُستعمل صفة إمبراطور في المكاتبات الرسمية مع الدولة العثمانية.
لما استولى السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ على مراكش وصَفَت له أعمالها، طَمِحت نفسُه للاستيلاء على بقيةِ بلاد المغرب وأمصاره، وقَطْعِ الوطاسيين من سائر أقطاره، فجمع الجموعَ وتقدَّم بها إلى أعمال فاس، وكان أوَّلُ ما ملك منها مكناسة الزيتون؛ فإنه افتتحها بعد حصارٍ وقتال كبير.
لما غلب السلطانُ محمد الشيخ السعدي على أخيه أبي العباس أحمد الأعرج، واستولى على مراكش، طَمِحَت نفسه للتوغل في بلاد المغرب وقراه، فتفرغ لحرب بني وطاس ونكَثَ ما كان بينه وبينهم من الصلح، وردَّد إليهم البعوث والسرايا وأكثَرَ فيهم من شَنِّ الغارات، وصار يستلبُهم البلادَ شيئًا فشيئًا إلى أن استولى عليها، وكان أولُ ما ملك من أمصار المغرب مكناسة الزيتون افتتحها العام الماضي, ثم تقدَّم إلى فاس فألح عليها بالقتال وضايقها بالحصار مدةً قريبة من السنة، ثم استولى عليها بعد أن أسَرَ سلطانها أبا العباس أحمد الوطاسي وصار في قبضته، ولَمَّا دخلها قبض على الوطاسيين جميعًا وبعث بهم مُصَفَّدين إلى مراكش، عدا أبا حسون أخا أبي العباس الوطاسي المخلوع؛ فإنه فرَّ إلى الجزائر.
تنازلت إيزابيلا أرملة زابولي عن ترانسلفانيا إلى فرديناند الأمير النمساوي مخالِفةً بذلك شروطَ الهدنة الموقَّعة مع العثمانيين والنمساويين، فأرسل الخليفةُ العثماني سليمانُ القانوني جيوشَه التي استطاعت أن تُعيدَ ترانسلفانيا بعد مقاومةٍ مِن قِبَل النمساويين.
قام الأسطول الإسباني بغزو المهدية وطَوَّق أسوارَها من البحر، وأنزل الإسبان قواتِهم إلى البر، فسارع الوالي العثماني طورغوت حاكِمُ جزيرة جربة بإرسال أسطولٍ لنجدة الحامية العثمانية بالمهدية، فقامت معركةٌ بين الأسطولين أسفرت عن هزيمةِ طوغورت وتراجُعِه، فاستولى الإسبان على المهدية، وقتلوا عددًا كبيرًا من المدافعين عنها وأسَرُوا الرجال النساء.
لما فتح أبو عبد الله محمد الشيخ السعدي حضرة فاس، تاقت نفسُه إلى الاستيلاء على المغرب الأوسط، وكان يعزُّ عليه استيلاء الترك العثمانيين عليه، مع أنهم أجانبُ عن هذا الإقليم ودُخَلاء فيه، فيَقبُحُ بأهلِه وملوكه أن يتركوهم يغلبون على بلادِهم، لا سيما وقد فرَّ إليهم عدوٌّ من أعدائه، وهو أبو حسون الوطاسي، فرأى محمد الشيخ من الرأي وإظهار القوة في الحربِ أن يبدأَهم قبل أن يبدؤوه، فنهض من فاس قاصدًا تلمسان في جموعِه إلى أن نزل عليها وحاصرها تسعة أشهر وقُتِلَ في محاصرتها ولدُه الحران وكان نائبًا من أنيابه وسيفًا من سيوفه، ثم استولى محمد الشيخ على تلمسان ودخلها يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى الأولى من هذه السنة، ونفى الترك عنها وانتشر حكمُه في أعمالها إلى وادي شلف، واتسعت خطةُ مملكته بالمغرب ودانت له البلاد، ثم كرَّت عليه الأتراك وأخرجوه من تلمسان، فعاد إلى مقرِّه فاس، ثم عاود غزو تلمسان حين بلغه قيامُ رعاياها على الترك وانحصار الترك بقصبتها، فأقام مرابطًا عليها أيامًا، فامتنعت عليه وأقلع عنها ولم يعاودْ غزوها بعد ذلك وخَلُص أمرُها إلى العثمانيين.
كان العثمانيون وقائِدُهم خير الدين بربروسا وحسن الطوشي قد انشغلوا بمحاربة الأسبان في الجزائر والمغرب فترةً طويلةً من الوقت، جَعَلت فرسان القديس يوحنا (وهم بقايا الإسبتارية الصليبيين المطرودين من فلسطين ثم من قبرص ورودس سنة 928) يسيطرون على طرابلس سنة 942 بعد خروجهم من رودس بأمر البابا, واستمرَّ الحالُ حتى وفاة خير الدين بربروسا، وتمَّ تعيينُ طرغود أو «طرغوت، أو طرغول» باشا في منصب قبطان الأساطيل العثمانية. وبعد الاستغاثات التي وجَّهها سكَّان ليبيا إلى السلطان العثماني باعتباره خليفةً للمسلمين، وَضَع سنان باشا وطرغوت باشا خطةً مُحكَمةً لتحرير طرابلس من فرسان القديس يوحنا، وذلك بالهجوم البري من ناحية الشرق يقودُه والي مصر سنان باشا،وهجوم بحري يقوم به طرغود باشا بالأساطيل العثمانية من ناحية الشمال، ففرضا عليها حصارًا دام أسبوعًا واحدًا، وبحركة الكمَّاشة المحكمة استطاع العثمانيون بدعمٍ من المجاهدين الليبيين تحريرَ طرابلس في 12 شعبان سنة 958هـ، الموافق 15 أغسطس 1551م. دخلت ليبيا منذ 1551م عهدًا جديدًا، اتفق المؤرخون على تسميته بالعهد العثماني الأول، والذي انتهى سنة 1711م، عندما استقلَّ أحمد باشا القره مانلي بزمام ولاية ليبيا.