الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3793 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 587 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1191
تفاصيل الحدث:

في يومِ الجُمُعة سابِعَ عشر جمادى الآخرة، استولى الفرنجُ على مدينة عكا، وكان أوَّل وَهَن دخل على مَن بالبلد أنَّ الأمير سيف الدين علي بن أحمد الهكاري، المعروف بالمشطوب، كان فيها ومعه عدة من الأمراء كان هو أمثَلَهم وأكبَرَهم، خرج إلى ملك إفرنسيس وبذل له تسليمَ البلدِ بما فيه على أن يُطلِقَ المسلمين الذين فيه، ويُمَكِّنَهم من اللَّحاق بسلطانهم، فلم يجِبْه إلى ذلك، فعاد عليُّ بن أحمد إلى البلد، فوَهَن من فيه، وضَعُفَت نفوسهم، وتخاذلوا، وأهمَّتْهم أنفُسُهم، ثمَّ إن أميرين ممن كانا بعكَّا، لَمَّا رأيا ما فعلوا بالمشطوب، وأن الفرنجَ لم يجيبوا إلى الأمان، اتخذوا الليلَ جَمَلًا، وركبوا في شيني صغيرٍ، وخرجوا سرًّا من أصحابهم، ولَحِقوا بعسكر المسلمين، وهم عزُّ الدين أرسلان الأسدي، وابن عز الدين جاولي، ومعهم غيرهم، فلما أصبح الناسُ ورأوا ذلك ازدادوا وهنًا إلى وهنِهم، وضعفًا إلى ضَعفِهم، وأيقنوا بالعطب، ثم إنَّ الفرنج أرسلوا إلى صلاح الدين في معنى تسليمِ البلد، فأجابهم إلى ذلك، والشَّرطُ بينهم أن يُطلِقَ مِن أسراهم بعَدَدِ مَن في البلد ليُطلِقوا هم مَن بعكا، وأن يسَلِّمَ إليهم صليبَ الصلبوت، فلم يَقنَعوا بما بذل، فأرسل إلى مَن بعكا من المسلمين يأمُرُهم أن يَخرُجوا مِن عكا يدًا واحدةً ويسيروا مع البحرِ ويَحمِلوا على العدوِّ حملةً واحدة، ويتركوا البلدَ بما فيه، ووعَدَهم أنه يتقَدَّمَ إلى تلك الجهة التي يخرجونَ منها بعساكره، يقاتِلُ الفرنج فيها ليلحقوا به، فلم يدركوا ذلك، وحملوا على الفرنجِ مِن جميع جهاتهم ظنًّا منهم أن الفرنجَ يَشتَغِلونَ عن الذين بعكا، وصلاح الدين يُحَرِّضُهم، وهو في أوَّلِهم، وكان الفرنجُ قد زحفوا من خنادِقِهم ومالوا إلى جهة البلد، فقَرُبَ المسلمون من خنادقهم، حتى كادوا يدخلونها عليهم ويَضَعونَ السيف فيهم، فوقع الصوتُ فعاد الفرنجُ ومنعوا المسلمين، وتركوا في مقابلة من بالبلد من يقاتِلُهم، فاتفقوا على تسليمِ البلد، فلما ملكه الفرنج غَدَروا واحتاطوا على من فيه من المسلمين وعلى أموالهم، وحَبَسوهم، وأظهروا أنَّهم يفعلون ذلك ليَصِلَ إليهم ما بُذِلَ لهم بالتسليم وراسلوا صلاح الدين في إرسال المال والأسرى والصليب، حتى يُطلِقوا من عندهم، فعَلِمَ النَّاسُ غَدْرَهم، وإنما يُطلِقونَ غِلمانَ العسكر والفقراء والأكراد ومن لا يؤبَهُ له، ويمسكون عندهم الأمراءَ وأرباب الأموال، يَطلُبونَ منهم الفداءَ، فلم يجبهم السلطان إلى ذلك، فلما كان يوم الثلاثاء السابع والعشرين من رجب، ركب الفرنج، وخرجوا إلى ظاهِرِ البلد بالفارس والراجل، وركب المسلمون إليهم وقَصَدوهم، وحملوا عليهم، فانكشَفوا عن موقِفِهم، وإذا أكثَرُ من كان عندهم من المسلمينَ قتلى قد وَضَعوا فيهم السيفَ وقتلوهم واستبقَوا الأمراءَ والمُقَدَّمين ومن كان له مال، وقَتَلوا مَن سواهم من سوادِهم وأصحابِهم ومن لا مال له، فلما رأى صلاح الدين ذلك تصَرَّفَ في المال الذي كان جَمَعَه، ورد الأسرى والصليب إلى دمشق.

العام الهجري : 740 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1339
تفاصيل الحدث:

هو شَرَفُ الدين عبد الوهاب بن التاج فضل الله المعروف بالنشو القبطي ناظِرُ الخاص للسلطان، كان أبوه يكتُبُ عند الأمير بكتمر الحاحب وهو ينوب عنه، ثم انتقل إلى مباشرةِ ديوان الأمير أركتمر الجمدار، وعندما جمَعَ السلطان الناصر كتَّاب الأمراء, فرآه وهو واقِفٌ وراء الجميعِ وهو شابٌّ طويل نصراني حلوُ الوجه فاستدعاه وقال: أيش اسمك؟ قال: النشو، فقال: أنا أجعلك نشوي، ثمَّ إنه رتَّبَه مستوفيًا في الجيزية، وأقبلت سعادته، فأرضاه فيما يندبه إليه وملأ عينيه, ثم نقله إلى استيفاء الدولة فباشر ذلك مدة، ثم نقل إلى نظر الخاص مع كتابة ابن السلطان، وحَجَّ مع السلطان في تلك السنة وهي سنة 732 ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني, وكانت أخلاقُه حسنة وفيه بِشرٌ وطلاقة وجه وتسَرُّع إلى قضاء حوائج الناس، وكان الناس يحبونه، فلما تولى الخاص وكثُرَ الطلب عليه من السلطان, و أُكرِهَ حتى أظهَرَ الإسلام, فبلغ ما لم يبلُغْه أحَدٌ من الأقباط في دولة الترك- المماليك- وتقَدَّمَ عند السلطان على كل أحد، وخَدَمه جميع أرباب الأقلام، وزاد السلطانُ في الإنعامات والعمائر عليه, وزَوَّج بناته واحتاجَ إلى الكُلَف العظيمة المُفرِطة الخارجة عن الحَدِّ، فساءت أخلاقُه وأنكر مَن يَعرِفُه، وفُتِحَت أبواب المصادرات للكتَّاب ولِمَن معه مال, وكان محضرَ سوءٍ لم يشتَهِرْ عنه بعدها شيءٌ من الخير، وجمع من الأموال ما لم يجمَعْه وزير للدولة التركية، وكان مُظَفَّرًا، ما ضرب على أحدٍ إلا ونال غَرَضَه منه بالإيقاع به وتخريبِ دياره، وقُتِلَ على يديه عِدَّةٌ من الولاة والكتَّاب، واجتهد غايةَ جُهدِه في قتل موسى بن التاج إسحاق، وعاقبه ستَّة أشهر بأنواع العقوبات، من الضَّربِ بالمقارع والعَصرِ في كعابه وتسعيطِه - الاستنشاق بالأنف- بالماء والملح وبالخل والجير وغير ذلك، مع نحافة بدنه ومرضه بالربو والحمى، فلم يَمُت، وعاش التاج موسى هذا ثلاثين سنة بعد هلاك النشو، وكان النشوُ هذا بلغ منه في أذيَّة الناس بالمُصادَرات والضرائب الشيء الكثير الكثير، مِمَّا كاد أن يخرب الديارَ كُلَّها، فشكا منه كُلُّ أحد: الفقير والغني، والأمير والحقير، فلم يسلَمْ مِن ظُلمِه وأخْذِ المال منه أحدٌ، وكل ذلك يدَّعي الفَقرَ وقِلَّة المال وأنه لا يأخُذُ لِنَفسِه شيئًا، ولما مات بعد أن اعتُقِلَ لكثرة الشكاوى والتحريضات حُصِّلَت أمواله فكانت خارجةً عن الحصر، ولو كتبت لخرجت عن الحد المعهودِ، فهي تحتاج إلى عِدَّة صفحات مِمَّا كان له من مالٍ عَينٍ وبضائِعَ وإقطاعاتٍ وحواصِلَ وحيواناتٍ وغَيرِها من الجوهر واللؤلؤ ما يفوق الحَصرَ، توفي في يوم الأربعاء ثاني ربيع الآخر، ثم إنَّه بعد موته وُجِدَ أنه ما يزال غير مختونٍ، فدُفِنَ بمقابر اليهودِ.

العام الهجري : 744 العام الميلادي : 1343
تفاصيل الحدث:

اتَّفَق بظاهِرِ القاهرةِ أمرٌ اعتُنِي بضَبطِه، وهو أنَّه كان بناحية اللوق كوم يُعرفُ بكوم الزل يأوي إليه أهلُ الفسوق من أوباشِ العامَّة، فأخذ بعضُهم منه مَوضِعًا ليبنيَ له فيه بيتًا، فشَرَع في نقل الترابِ منه، فبينا هو يحفِرُ إذ ظهر له إناءُ فخَّار فيه مكاتيبُ دار كانت في هذا البُقعةِ، وتدُلُّ على أنه كان به أيضًا مَسجِدٌ، ورأى آثار البنيان، فأشاع أحدُ شياطينِ العامَّة- وكان يقال له شُعَيبٌ- أنَّه رأى في نَومِه أنَّ هذا البنيان على قَبرِ بعض الصحابة رَضِيَ الله عنهم، وأنَّ مِن كراماتِه أنَّه يُقيمُ المُقعَد ويَرُدُّ بصَرَ الأعمى، وصار يصيحُ ويُهَلِّلُ ويُظهِرُ اختلالَ عَقلِه، فاجتمَعت عليه الغوغاء، وأكثروا مِن الصياح، وتناولوا تلك الأرضَ بالحَفرِ حتى نزلوا فيها نحوَ قامتينِ، فإذا مَسجِدٌ له محرابٌ، فزاد نشاطُهم، وفَرِحوا فرحًا كبيرًا، وباتوا في ذِكرٍ وتَسبيحٍ، وأصبَحوا وجَمَعَهم نحو الألف إنسان، فشالوا ذلك الكوم، وساعَدَهم النساء، حتى إنَّ المرأة كانت تشيل الترابَ في مقنَعِها، وأتاهم الناسُ مِن كل أَوبٍ، ورفعوا معهم الترابَ في أقبِيَتِهم وعمائِمِهم، وألقَوه في الكيمان، بحيث تهيَّأَ لهم في يومٍ واحدٍ ما لا تفي مُدَّةُ شَهرٍ بنَقلِه، وحَفَر شُعَيبٌ حُفرةً كبيرة، وزعم أنَّها مَوضِعُ الصحابي، فخرج إليه أهلُ القاهرة ومصر أفواجًا، وركِبَ إليه نِساءُ الأمراءِ والأعيان، فيأخُذُهنَّ شُعَيبٌ ويُنزِلُهنَّ تلك الحفرة لزيارتِها، وما منهنَّ إلَّا من تدفَعُ الدنانيرَ والدَّراهم، وأشاع شُعَيبٌ أنه أقام الزَّمنى، وعافى المرضى، وردَّ أبصارَ العِميانِ، في هذه الحُفرة، وصار يأخذُ جماعةً مِمَّن يُظهِرُ أنَّه من أهل هذه العاهات، ويَنزِلُ بهم إلى الحُفرةِ، ثم يُخرِجُهم وهم يُسَبِّحونَ: الله أكبر الله أكبر، ويزعُمونَ أنَّهم قد زال ما كان بهم، فافتَتَن الناس بتلك الحُفرة، ونزلت أمُّ السلطانِ لزيارتها، ولم تبقَ امرأةٌ مشهورة حتى أتتها، وصار للنَّاسِ هناك مجتَمَعٌ عظيم، بحيث يُسرَجُ به كلَّ ليلة نحو مائتي قنديل، ومن الشُّموعِ الموكبيَّة شيءٌ كثير، فقامت القضاةُ في ذلك مع الأميرِ أرغون العلائي والأمير الحاج آل ملك نائب السُّلطان، وقَبَّحوا هذا الفِعلَ، وخَوَّفوا عاقبَتَه، حتى رُسِمَ لوالي القاهرة أن يتوجَّهَ إلى مكان الحفرة ويكشِفَ أمْرَها، فإن كان فيها مقبورٌ يُحمَلُ إلى مقابِرِ المُسلِمينَ ويُدفَنُ به سِرًّا، ثمَّ يُعفى الموضِعُ، فلما مضى إليه ثارت به العامَّةُ تُريدُ رَجْمَه، وصاحوا عليه بالإنكارِ الشَّنيعِ حتى رماهم الجُندُ بالنشَّاب، فتفَرَّقوا، وهَرَب شُعَيبٌ ورفيقه العجوي، وما زال الحفَّارون يعملون في ذلك المكانِ إلى أن انتَهَوا فيه إلى سرابِ حمام، ولم يجدوا هناك قبرًا ولا مَقبورًا، فطَمُّوه بالتراب، وانصَرَفوا، وقد انحَلَّت عزائِمُ النَّاسِ عنه، بعدما فُتِنوا به، وضَلُّوا ضلالًا بعيدًا، وجَمَع شُعَيبٌ ورفيقه كثيرًا من المالِ والثيابِ شيئًا طائلًا!!

العام الهجري : 804 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1401
تفاصيل الحدث:

كان قد رُسِم لتغري بردي بنيابة دمشق، ثم في محرم سنة 804 كتب الأمراء بمصر لأمراء دمشق بالقبض على الأمير تغري بردي، فكَتَب له بذلك بعضُ أعيان أمراء مصر، فسبق كتابُه كتابَ الأمراء، فركب من دار السعادة بدمشق في نفرٍ من مماليكه في ليلة الجمعة ثاني عشرين المحرم وخرج إلى حلب، فتعيَّن لنيابة دمشق عوضًا عنه الأمير آقبغا الجمالي الأطروش أتابك دمشق، وكتب بانتقال دقماق نائب صفد إلى نيابة حلب عوضًا عن دمرداش المحمدي بحُكم عصيانه وانضمامه إلى تغري بردي لَمَّا قدم عليه من دمشق، واستقر الأمير تمربغا المنجكي في نيابة صفد عوضًا عن دقماق، وأما تغري بردي فإنه لما سار إلى حلب وجد الأمير دمرداش نائب حلب قد قبض على الأمير خليل بن قراجا بن دلغادر أمير التركمان، فأمره تغري بردي بإطلاقه، فأطلقه، واتفق الجميعُ على الخروج عن طاعة السلطان بسبب مَن حوله من الأمراء، واجتمع عليهم خلائِقُ من التركمان وغيرهم؛ فإن دقماق جمع جموعَه من العساكر والتركمان لقتال تغري بردي ودمرداش نائب حلب، وسار إلى جهة حلب، فخرج إليه تغري بردي وعلى مقدمته دمرداش، وصدموه صدمة واحدة انكسر فيها بجموعه وولَّوا الأدبار، ونهب ما معهم، وعاد دقماق منهزمًا إلى دمشق، واستنجد بنائبها الأمير آقبغا الجمالي الأطروش، وكتب أيضًا دقماق لجميع نواب البلاد الشامية بالحضور والقيام بنصرة السلطان، وجمع من التركمان والعربان جمعًا كبيرًا، وخرج معه غالب العساكر الشامية، وعاد إلى جهة حلب بعساكر عظيمة، وتغري بردي ودمرداش في مماليكهم لا غير، مع جدب البلاد الحلبية، وخراب قراها؛ فإنه كان عقيب توجه تيمورلنك بسنة واحدة وأشهر، فلما قارب دقماق بعساكره حلب أشار دمرداش على تغري بردي بالتوجه إلى بلاد التركمان من غير قتال، فقال تغري بردي: لا بد من قتالنا معه، فإن انتصرنا وإلا توجهنا إلى بلاد التركمان بحقٍّ، فبرزا لدقماق بمماليكهما، وقد صفَّ دقماق عساكره، واقتتلا قتالًا شديدًا، وثبت كل من الفريقين، وقد أشرف دقماق على الهزيمة، وبينما هو في ذلك خرج من عسكر تغري بردي ودمرداش جماعة إلى دقماق، فانكسرت عند ذلك الميمنة، ثم انهزم الجميع إلى نحو بلاد التركمان، فلم يتبعهم أحد من عساكر دقماق، وملك دقماق حلب، واستمر تغري بردي ودمرداش ببلاد التركمان، وكانت الأخبار وردت بجمع التركمان ونزولهم مع دمرداش إلى حلب، وأن دقماق نائب حلب اجتمع معه نائب حماة والأمير نعير، ثم في السنة التالية في محرم قدم تغري بردي إلى دمشق بأمان كان كُتِبَ له من قِبَل السلطان مع كُتُب جميع الأمراء، وقد فارق دمرداش ورغب في الطاعة، ثم انتقل منها إلى مصر فوصلها في آخر الشهر.

العام الهجري : 911 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1505
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ الإمام الكبير العلَّامة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي الخضيري القاهري الشافعي، صاحب التصانيف والمؤلفات الحافلة الجامعة التي تزيد على خمسمائة مصنف، وقد تداولها الناس واشتهرت, وعم النفعُ بها، وُلد في مستهل رجب سنة 849 في مصر بأسيوط وإليها نسبته، وأمُّه أَمَةٌ تركية، وكان أبوه قاضي أسيوط، ثم نشأ في القاهرة يتيمًا بعد وفاة والده، فاشتغل بالعلم فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج الفرعي وبعض الأصلي وألفية النحو, ثم رحل إلى كثير من البلاد، فبرع في عدة فنون وشارك في كل العلوم تقريبًا، فله في كل فن مؤلفات مقبولة قد سارت في الأقطار مسير النهار، حتى اعتبر من أكثر العلماء تأليفًا، وأجاز له أكابر علماء عصره مَن سايَرَ وفاق الأقرانَ واشتهر ذكره وبعُد صيتُه, وقد وقع خلاف بينه وبين معاصره الإمام السخاوي رحمهما الله. قال الإمام الشوكاني عن السيوطي: "لكنه لم يسلَمْ من حاسدٍ لفضله، وجاحد لمناقبِه؛ فإن السخاوي في الضوء اللامع- وهو من أقرانه- ترجم له ترجمة مُظلِمة غالبها ثلبٌ فظيع وسبٌّ شنيع، وانتقاصٌ وغمط لمناقبه تصريحًا وتلويحًا، ولا جرم؛ فذلك دأبه في جميع الفضلاء من أقرانه، وقد تنافس هو وصاحب الترجمة منافسة أوجبت تأليف صاحب الترجمة لرسالة سمَّاها: الكاوي لدماغ السخاوي، فليعرف المطَّلع على ترجمة هذا الفاضل في الضوء اللامع أنها صدرت من خصمٍ له غير مقبول عليه" والحق أن السيوطي صاحب فنون وإمام في كثير منها، وهو أحفظ للمتون من السخاوي وأبصر باستنباط الأحكام الشرعية، وله الباع الطويل في اللغة العربية والتفسير بالمأثور وجمع المتون، والاطلاع على كثير من المؤلفات التي لم يطلع عليها علماء عصره، وقد وقع في بعض مؤلفاته الحديثية بعض التسامح والتناقض, أما السخاوي فهو في علم الحديث وعلوم الإسناد وما يتعلق بالرجال والعلل والتاريخ إمام لا يشاركه فيها أحد, ويعتبر صاحب فن واحد؛ ولذا يرجَّح قولُه في الحديث وعلومه على السيوطي، ومؤلفاته في ذلك مرجع المحققين، وهو وارث شيخه ابن حجر. ومن تصانيف السيوطي: الجامعين في الحديث، والدر المنثور في التفسير بالمأثور، وحسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، وتاريخ الخلفاء، واللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، والجامع الصغير وزيادته في الحديث، وأسباب النقول، وشرح على مسلم، وعلى الموطأ، وعلى النسائي، وألفية في المصطلح، وفي اللغة ألفية في النحو، والأشباه والنظائر، وفي علوم القرآن أسباب النزول، والإتقان في علوم القرآن، وغيرها كثير يصعب حصره. توفي السيوطي بعد أذان الفجر يوم الجمعة التاسع عشر جمادى الأولى.

العام الهجري : 1339 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1921
تفاصيل الحدث:

كان فيصل بن الحسين ثالثُ الأبناء قد نُصبَ ملكًا على سوريا الجزءِ الأكبر من بلاد الشام، لكِنَّه لم يلبث أن طُرِدَ في العاشر من ذي القعدة 1338هـ / 25 تموز 1920م عندما دخل الفرنسيون إلى سوريا، وكانت إنجلترا بعد أن نكَثَت كلَّ العهود التي أعطتها للشريف حسين ظنَّت أنَّ فيصلًا أنسب أبنائه لحُكمِ العراق التي كانت تحت سيطرتها، فكتب وزيرُ الخارجية الإنجليزي كرزون إلى نائب الحاكِمِ الملكي في العراق يسألُه عن هذا الرأي، فرد النائب باقتراح أحدِ هؤلاء: هادي العمري، نقيب أشراف بغداد، عبد الرحمن الكيلاني، أحد أبناء الحسين بن علي، أحد أفراد الأسرة الخديوية في مصر. مع ترشيحِه هو لهادي العمري، كان تفضيل بريطانيا لفيصل ابن الشريف حسين ليكونَ ملكًا على العراق لعدَّةِ أسباب: منها تهدئة خواطر العرب الذين أُصيبوا بخيبةِ أملٍ بعد عزم دول الحُلَفاء بفرضِ سياسة الانتداب على البلاد العربية التي كانت تحت حُكمِ الدولة العثمانية، ووعد بلفور الذي يهدِّدُ مستقبل فلسطين، وكذلك اطمئنان الإنجليز من شِدَّةِ ولاء الشريف حسين وأبنائه للإنجليز واستعدادهم لتنفيذ سياساتها في المنطقة بكلِّ إخلاص. لذلك دعت الحكومةُ البريطانية فيصلًا لزيارة لندن، وقابل الملك جورج الخامس الذي عَرَض عليه مُلكَ العراق، لكن فيصل أبدى اعتراضًا، وهو أن أخاه عبد الله رشَّحه الشاميون لمُلك العراق، فقام لورنس بالتفاوض مع عبد الله على أن يكون هو ملكًا على شرق الأردن، ويترك مُلْك العراق لأخيه فيصل، فوافق، ثم قام برسي كوكس ممثِّل الحكومة البريطانية في العراق بتشكيل حكومةٍ وطنية، فكُوِّنت بمساعدة عبد الرحمن الكيلاني، وكُوِّن مجلس شورى، ثم قَبْلَ تنصيبِ الملك فيصل على العراق ساومه ونستون تشرشل على أن يكونَ بينهما معاهدة -يعني بين العراق وإنجلترا- تقوم مقامَ الانتداب وتؤدِّي غرضَه، يعني: في تحقيق مصالح إنجلترا في العراق، ثم ليبدوَ الأمر ليس مفروضًا على العراق؛ لأن المرشَّحين لمنصب الملك على العراق كُثُر، ومع أنه اقترح غير النظام المَلَكي، لكنَّ إنجلترا رأت أنَّ النظام الملكي حاليًّا أنسب لوضع العراق، ثم أخذت بإشاعةِ الخبر والدعاية لفيصل في العراق، ثم صرحت الحكومةُ البريطانية بموافقتها على ترشيحه، وبعد أن انتهت التمهيداتُ سافر فيصل إلى العراق على متنِ الباخرة البريطانية نورث بروك في ميناء البصرة في السابع عشر من شوال 1339هـ / 23 حزيران 1921م فاستُقبِلَ استقبالًا حارًّا، ثم سافر إلى بغداد، وكلما مرَّ على قرية عُمِلت له الاحتفالات، ووصل إلى بغداد في 23 شوال 1339هـ / 29 حزيران 1921م وبايعه مجلس الوزراء في الخامس من ذي القعدة من العام نفسه / 5 تموز، وأعدت وزارة الداخلية صورةً لمضبطه يُعلِنُ فيها الأهالي تأييدَهم، وتُوِّجَ مَلِكًا على العراق في يوم 18 ذي الحجة 1339هـ / 23 آب 1921م.

العام الهجري : 1374 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1954
تفاصيل الحدث:

قام فرحات عباس زعيم حزب اتحاد الشعب الجزائري بتقديم بيانٍ إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحث تقرير المصير, إلَّا أن فرنسا رفضت واعتقلت فرحات عباس، ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى استغلت فرنسا قيامَ بعض المظاهرات في عددٍ من المدن الجزائرية وإحراقها للعَلَم الفرنسي حتى ارتكبت مذبحةً رهيبة سقط فيها 45 ألف قتيل جزائري، وكان ذلك تحولًا في كفاح الجزائريين من أجلِ الحرية والاستقلال؛ فتشَكَّلت لجنة سرية من اثنين وعشرين عضوًا، وفوضت محمد بوضياف لاختيارِ قيادة لعمل منظم سري، فشكَّلَها من تسعة أعضاء وعُرِفَت باللجنة الثورية للوَحدةِ والعمل، وارتحل ثلاثة منهم للتنسيق مع أحزاب المغرب وتونس من أجل الثورة في البلاد كلِّها جميعًا، ومن أجل الدعم، وحُدِّد يوم 1 نوفمبر 1954م موعدًا لبدء الثورة الجزائرية الحاسمة -وهو يصادف عيد القديسين عند الفرنسيين- وفوجئت السلطات الاستعماريةُ الفرنسية بوقوعِ سلسلة من الهجمات المسلَّحة شَنَّها الثوار الجزائريون على المنشآت والمراكز العسكرية الفرنسية في كامل أنحاءِ البلاد، وكان ذلك إيذانًا ببداية حرب طويلة الأمد استمَرَّت سبع سنوات ونصف، وقد بادرت جبهةُ التحرير الجزائرية باستعدادها لمفاوضة فرنسا من أجلِ وقف القتال, بعد أن بلغ الشهداءُ أكثر من مليون شهيد، لكِنَّ فرنسا رفضت تلك المبادرة، وزادت قواتِها الاستعمارية إلى أكثر من نصف مليون مقاتل، وقامت بأحدَ عَشَرَ هجومًا ضخمًا واسِعَ النطاق؛ العمل الذي عُرف بمشروع شال. فزاد جيش التحرير الجزائري قواتِه إلى أكثر من 120 ألف مجاهد. وامتَدَّت عملياته إلى الأراضي الفرنسية؛ حيث تم تدمير مستودعات بترولية ضخمة. استطاعت فرنسا اختطافَ طائرة مغربية على مَتنِها أربعة قواد من قادة الثورة الجزائرية، وهم: حسين آيات أحمد، وأحمد بن بله، ومحمد خضير، ومحمد بو ضياف، فأصبحت القضيةُ الجزائرية مُعضِلةً، ومِن أضخم المشكلات الدولية، وتعدَّدت مناقشاتها في الأمم المتحدة، واكتسبت تعاطفًا دوليًّا متزايدًا على حساب تآكُلِ الهيبة الفرنسية عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وتشكَّلت حكومة جزائرية مؤقتة في 19 سبتمبر 1958م برئاسة عباس فرحات، ولم يمضِ شهر واحد على تشكيلها حتى اعترفت بها 14 دولة. وفي نوفمبر 1959م أعلن الرئيس الفرنسي ديجول عن قبول فرنسا للمفاوضاتِ، فأعلنت الحكومة الجزائرية المؤقتة أنَّها كلفت الزعماء الجزائريين المختطَفين في فرنسا بإجراءِ المفاوضات حولَ تقرير المصير، فرفض ديجول هذا المقتَرَح. في مارس 1962م تم الاتفاقُ على إيقاف إطلاق النار بين الجيش الفرنسي وجبهة التحرير الجزائرية, ثم جرى استفتاء في 1 يونيو 1962م على استقلال الجزائر جاءت نتيجته 97.3% لمصلحة الاستقلال. وأُعلِنَ الاستقلال في 5 يونيو من نفس العام, وقامت الدولةُ الجزائرية برئاسة يوسف بن خده.

العام الهجري : 1420 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1999
تفاصيل الحدث:

أبو عبدِ الرحمنِ محمدٌ ناصرُ الدِّينِ بنُ نوح نجاتي بن آدم الألبانيُّ علَّامةُ الشامِ، وُلد عامَ 1332هـ / 1914م في أشقودرة عاصمة ألبانيا آنذاكَ، نشأ في أسرة فقيرة، وكان والده مُتخرِّجًا من المعهد الشرعي في الآستانة، ثم هاجر والدُه مع أسرته إلى دِمَشقَ عندما بدأ الحاكم أحمد زوغو يَزيغُ عن الحق، ويأمُرُ بنزع الحجاب، ويَسيرُ على خُطى الطاغية أتاتورك، فدرس الشيخ محمد ناصر في دِمَشقَ المرحلة الابتدائية، ثم لم يُكمِلْ في المدارس النظامية، بل بدأ بالتعلُّم الديني على المشايخ، فتلقَّى القرآن من والدِه وتعلَّم الصرفَ، واللغةَ، والفقهَ الحنفيَّ، ثم توجَّه لدراسة علم الحديث والتحقيق حتى برَعَ فيه، هذا غير دروسِه التي كان يُلقيها في دِمَشقَ وحلَبَ، وباقي المحافظات السورية قبلَ خروجِه منها، ولمَّا بدأت المشاكل الأمنيَّة في سوريا خرج الشيخُ من سوريا، وكان قد درَّس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنةَ 1381هـ، لمدة ثلاث سنوات، أفاد فيها كثيرًا من الطلاب، وقد أثْنى عليه الكثيرُ من العلماء، فقال عنه الشيخُ ابنُ عُثيمين: إنه محدِّثُ العصر، وقد كان يُعَدُّ هو داعيةَ الشام إلى الدعوة الصحيحة، فقد أفاد منه الكثيرُ من الطلاب في دِمَشقَ قبل خروجِه، وفي الأُردُنِّ حيث استقرَّ فيها أخيرًا، وأشرطتُه التي سُجِّلت له تدُلُّ على فضله وعلمه، وأمَّا كتبُه فهي خيرُ شاهدٍ على علمِه، وسَعةِ اطِّلاعه، وعُلوِّ كَعبِه في فن الحديثِ، وعِلمِ الجَرحِ والتعديلِ، والتصحيحِ والتضعيفِ، بل يُعَدُّ هو رائدَ هذا العصر في علم الحديثِ، فمن كُتبه: ((السلسة الصحيحة))، و((السلسلة الضعيفة))، وكتاب ((إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل))، وتحقيقُه لكُتب السُّنَن الأربعة، ولصحيح ابن حِبَّان، وللترغيب والترهيب، ولمشكاة المصابيح، ولصحيح الجامع، وللسُّنة لابن أبي عاصم، وغيرها من التحقيقات، أما مؤلَّفاتُه فمنها كتاب: ((صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كأنَّك تراه))، و((آداب الزفاف))،  و((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد))، و((أحكام الجنائز))، و((حجة النبي صلى الله عليه وسلم))، و((التوسل))، و((حجاب المرأة المسلمة))، و((قيام رمضان))، وقد أثْرَت كُتبه المكتبةَ الإسلامية، وأمَّا وَفاتُه فكانت يومَ السبت في الثاني والعشرين من شهر جُمادى الآخرة سنةَ 1420هـ، عن عمر يُناهزُ الثامنةَ والثمانينَ، وذلك في عمَّانَ عاصمة الأُردُنِّ، وكان قد أوْصى بألَّا يؤخَّر دَفنُه أبدًا، فغُسِّلَ من فَوْره، كما أوْصى ألَّا يُحمَلَ على سيارة، فحُمل على الأكتاف إلى المقبرة، حيث صُلِّيَ عليه بعد صلاة العشاء من نفس اليوم، ودُفِنَ في مقبرة قديمة قُربَ حي هملان في عمَّانَ، رحمه اللهُ تعالى، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

العام الهجري : 13 ق هـ الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 610
تفاصيل الحدث:

كان أوَّلَ ما بُدِئ بهِ الوحيُ هو الرُّؤيا الصَّادقةُ في النَّومِ، وكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءتْ مِثلَ فَلَقِ الصُّبحِ، ثمَّ إنَّه صلى الله عليه وسلم حُبِّبَ إليهِ الخَلاءُ، فكان يَخلو في غارِ حِراءٍ ويَتَحَنَّثُ فيهِ مُتعبِّدًا، حتَّى جاءهُ جبريلُ عَليهِ السَّلامُ وهو في الغارِ بقولِه تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) } [العلق: 1 - 6]. فَقَصَّ ذلك على زوجتِه خَديجةَ التي قَصَّتْ ما حدث على وَرقةَ بنِ نَوفلٍ فصدَّقهُ، وقال: إنَّه النَّاموسُ الأكبرُ الذي جاء موسى، ثمَّ انقطع الوحيُ فَترةً مِنَ الزَّمنِ، ثمَّ عاد إليهِ جبريلُ وهو قاعدٌ على كُرسيٍّ، فخاف منه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ورجع إلى أهلِه قائلًا: زَمِّلوني زَمِّلوني. فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 1 - 5]. فكان ذلك أوَّلَ النُّبوَّةِ والأمرَ بالتَّبليغِ.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

بعدَ أنِ اشْتدَّ المرضُ على أبي طالبٍ عَمِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو الذي كفله صغيرًا، وآزرَهُ كبيرًا، وناصرَهُ على دَعوتهِ، وحَماهُ من عَوادي المشركين، دخل عَليهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وعندهُ أبو جَهْلٍ، فقال: ( أي عَمِّ، قُلْ: لا إلَه إلَّا الله، كلمةً أُحاجُّ لك بها عندَ الله). فقال أبو جَهْلٍ وعبدُ الله بنُ أبي أُمَيَّةَ: يا أبا طالبٍ، تَرغبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلبِ؟ فلم يَزالا يُكلِّماهُ حتَّى قال آخرَ شيءٍ كَلَّمهُم بهِ: على مِلَّةِ عبدِ المُطَّلبِ. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لأَستَغفِرَنَّ لك ما لمْ أُنْهَ عنهُ). فنزلتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}ونزلتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}. وقد كان أبو طالبٍ الحِصْنَ الذي احتَمى بهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من هَجماتِ الكُبراءِ والسُّفهاءِ، ولكنَّه بَقِيَ على مِلَّةِ الأَشياخِ من أَجدادهِ، فلمْ يُفلِحْ.

العام الهجري : 2 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

ندَب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نَفرًا مِنَ المسلمين لاعتراضِ قافلةِ قُريشٍ القادمةِ مِنَ الشَّامِ التي كان يرأَسُها أبو سُفيانَ الذي عَلِمَ بعدَ ذلك بِخُروجِ المُسلمين، فأَرسل إلى قُريشٍ يَسْتَنْفِرُها لاسْتِنقاذِ تِجارتِهم كما غَيَّرَ طريقَهُ لإنقاذِ التِّجارةِ، ثمَّ الْتَقى المسلمون والمشركون عند ماءِ بدرٍ، وهي مكانٌ بين مكَّةَ والمدينةِ وهو أَقربُ إليها مِن مكَّةَ، وكان عددُ المشركين يُقارِبُ الألفَ، وعددُ المسلمين أَكثرُ مِن ثلاثمائةٍ، وبدأتِ المعركةُ بالمُبارزَةِ المَشهورةِ، ثمَّ بدأ القِتالُ وكان شديدًا، وقُتِلَ فيها صَناديدُ قُريشٍ كأبي جهلٍ، وأُميَّةَ بنِ خَلفٍ، وغَيرِهِما، حتَّى بلَغ قَتلاهُم سبعون رجلًا ومِثلُهم مِنَ الأَسرى، وقُتِلَ أربعةَ عشرَ مِنَ المسلمين، وقِيلَ: سِتَّةَ عشرَ. فكان النَّصرُ الكبيرُ حَليفَ المسلمين. حيث نَصرهُم الله تعالى وأَرسل ملائكةً تُقاتلُ معهم، أمَّا الأَسرى فأشار عُمَرُ بِقتلِهم، وأشار أبو بكرٍ بِفِدائِهم، فأخذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم برأيِ أبي بكرٍ، ولكنَّ الوَحيَ نزل مُوافقًا لرأيِ عُمَرَ، أمَّا الغَنائمُ فنزلت فيها سورةُ الأَنفالِ.

العام الهجري : 8 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن تَعقَّبَ المسلمون فُلولَ الهارِبين مِن هَوازِنَ في أَوْطاسٍ ونَخْلةَ، تَوجَّهوا للقَضاءِ على ثَقيفٍ التي فَرَّتْ مِن حُنينٍ وأَوْطاسٍ، وتَحصَّنتْ بحُصونِها المَنيعَةِ في الطَّائفِ، وفي صَحيحِ مُسلمٍ: أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم ومَن معه مِنَ المسلمين حاصروا المشركين في الطَّائفِ أربعين ليلةً.
عن أبي نَجيحٍ السُّلميِّ قال: حاصَرْنا مع نَبيِّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حِصْنَ الطَّائفِ فسمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: مَن بلَغ بِسَهْمٍ فَلهُ دَرجةٌ في الجنَّةِ. قال: فبلَغتُ يَومئذٍ سِتَّةَ عشرَ سَهْمًا.....). وقد هرَب مِن ذلك الحِصنِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وعشرون رجلًا، عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ، قال: لمَّا حاصَر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الطَّائفَ، فلم يَنَلْ منهم شيئًا قال: «إنَّا قافِلون إن شاء الله. فثَقُلَ عليهم، وقالوا: نَذهبُ ولا نَفتَحُه. فقال: «اغْدوا على القِتالِ». فغَدَوْا فأَصابَهم جِراحٌ، فقال: «إنَّا قافِلون غَدًا إن شاء الله». فأَعجبَهُم، فضَحِكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.

العام الهجري : 289 العام الميلادي : 901
تفاصيل الحدث:

انتشر القرامطةُ بسَوادِ الكوفة، فوجَّه المعتَضِدُ شِبلًا غلامَ أحمد بن محمد الطائي، وظفِرَ بهم، وأخذ رئيسًا لهم يُعرَف بأبي الفوارس، فسيَّرَه إلى المعتضد، فأحضره بين يديه، وقال له: أخبرني، هل تزعمون أنَّ رُوحَ الله تعالى ورُوحَ أنبيائه تحُلُّ في أجسادِكم فتعصِمُكم من الزلل وتوفِّقُكم لصالح العمل؟ فقال له: يا هذا، إن حَلَّت رُوحُ الله فينا فما يضُرُّك؟ وإن حلَّت روحُ إبليسَ فما ينفَعُك؟ فلا تسألْ عمَّا لا يعنيك وسَلْ عمَّا يخُصُّك، فقال: ما تقولُ فيما يخصُّني؟ قال: أقولُ: إنَّ رسولَ اللهِ- صلَّى الله عليه وسلم- مات وأبوكم العبَّاسُ حَيٌّ، فهل طالبَ بالخلافةِ أم هل بايَعَه أحدٌ من الصحابةِ على ذلك؟ ثم مات أبو بكرٍ فاستخلف عُمَرَ، وهو يرى موضِعَ العبَّاسِ، ولم يوصِ إليه، ثم مات عمَرُ وجَعَلَها شورى في ستَّةِ أنفُس، ولم يوصِ إليه، ولا أدخَلَه فيهم، فبماذا تستحِقُّونَ أنتم الخلافة؟ وقد اتَّفَق الصحابةُ على دفع جَدِّك عنها. فأمر به المعتَضِدُ فعُذِّبَ، وخُلِعَت عظامه، ثم قُطِعَت يداه ورجلاه، ثم قُتِل.

العام الهجري : 395 العام الميلادي : 1004
تفاصيل الحدث:

غزا يمينُ الدَّولةِ مَحمودُ بنُ سبكتكين بهاطيةَ مِن أعمالِ الهِندِ، وهي وراءَ الملتان، وصاحِبُها يُعرَفُ ببحيرا، وهي مدينةٌ حَصينةٌ، عاليةُ السُّورِ، يُحيطُ بها خَندقٌ عَميقٌ، فامتنَعَ صاحِبُها بها، ثمَّ خرج هو وجُندُه إلى ظاهرِ المدينةِ، فقاتلوا المُسلِمينَ ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ انهزموا في الرَّابِعِ، وطَلَبوا المدينةَ ليَدخُلوها، فسَبَقَهم المُسلِمونَ إلى بابِ المدينةِ فمَلَكوه عليهم، وأخذَتْهم السُّيوفُ مِن بينِ أيديهم ومِن خَلفِهم، فقُتِلَ المُقاتِلةُ وسُبِيَت الذُّرِّية وأُخِذَت الأموالُ، وأمَّا بحيرا فإنَّه لَمَّا عاين الهلاكَ، أخذ جماعةً مِن ثقاتِه وسار إلى رؤوسِ تلك الجبالِ، فسَيَّرَ إليه يمينُ الدولة سَرِيَّةً، فلم يشعُرْ بهم بحيرا إلَّا وقد أ حاطوا به، وحَكموا السُّيوفَ في أصحابِه، فلمَّا أيقَنَ بالعَطبِ أخَذَ خِنجرًا معه فقتَلَ به نفسَه، وأقام يمينُ الدَّولةِ ببهاطية حتى أصلَحَ أمْرَها، ورَتَّبَ قواعِدَها، وعاد عنها إلى غزنةَ. واستخلَفَ بها من يُعلِّمُ من أسلَمَ مِن أهْلِها وما يجِبُ عليهم تعَلُّمُه، ولَقِيَ يمينُ الدولة في عَودِه شِدَّةً شديدةً من الأمطارِ، وزيادة الأنهارِ، فغَرِقَ منها مِن عَسكَرِه عدَدٌ كبيرٌ.

العام الهجري : 450 العام الميلادي : 1058
تفاصيل الحدث:

فارَقَ إبراهيمُ ينال المَوصِل نحوَ بلادِ الجَبلِ، فنَسَبَ السُّلطانُ طُغرلبك رَحيلَه إلى العِصيانِ، فأَرسَل إليه رَسولًا يَستَدعِيه، وكَتبَ الخَليفةُ إليه أيضًا كِتابًا في المعنى، فرَجعَ إبراهيمُ إلى السُّلطانِ، وهو ببغداد، ولمَّا فارَق إبراهيمُ المَوصِل قَصدَها البساسيري، وقُريشُ بن بَدران، وحاصَراها، فمَلَكا البلدَ, وبَقِيَت القَلعةُ، وبها الخازِنُ، وأردمُ، وجماعةٌ مِن العَسكرِ، فحاصَراها أَربعةَ أَشهُر حتى أَكلَ مَن فيها دَوابَّهُم، فخاطَب ابنُ موسك صاحبُ إربل قُريشًا حتى أَمَّنَهم فخَرَجوا، فهَدَم البساسيري القَلعةَ، وعَفَى أَثرَها، وكان طُغرلبك قد فَرَّقَ عَسكرَه في النوروز، وبَقِيَ جَريدةً -الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- في ألفي فارسٍ حين بَلغهُ الخَبرُ، فسار إلى المَوصِل فلم يجد بها أَحدًا، وكان قُريشٌ والبساسيري قد فارَقاها، فسار طُغرلبك إلى نُصَيبين لِيَتَتَبَّع آثارَهم ويُخرِجَهم من البلادِ، ففارَقه أَخوهُ إبراهيمُ ينال، وسار نحوَ همذان، فوَصَلها في السادسِ والعشرين من رمضان سنة 450هـ، وكان قد قِيلَ: إنَّ المِصريِّين كاتَبوهُ والبساسيري قد استَمالهُ وأَطمعَهُ في السَّلطَنةِ والبلادِ، فلمَّا عاد إلى همذان سار طُغرلبك في أَثَرِه.