هو العلَّامةُ أبو عُبَيدٍ أحمَدُ بنُ محمَّد بن أبي عُبَيد العَبديُّ الهَرويُّ الشافعيُّ اللُّغويُّ المؤدِّبُ، صاحِبُ "الغَريبَينِ" اللُّغويُّ البارِعُ، كان مِن أعلَمِ النَّاسِ في الأدَبِ واللُّغة. وكتابه "الغريبينِ في مَعرفةِ القُرآنِ والحديث" يدلُّ على اطِّلاعِه وتبحَرُّه في هذا الشأنِ، وكان من تلامذةِ أبي منصورٍ الأزهريِّ. قال ابن خَلِّكانَ: " سار كتابُه في الآفاقِ، وهو من الكتُبِ النافعةِ, وقيل: كان يحِبُّ البِذلةَ - البِذلةُ تركُ الاحتشامِ والتَّصوُّنِ، وتَدَنِّي السُّلوكِ- وكان يتناوَلُ في الخلوةِ، ويُعاشِرُ أهلَ الدبِّ في مجالِسِ اللَّذَّة والطَّرَب، عفا الله عنه وعنَّا, وأشار الباخرزي في ترجمة بعض أُدَباء خراسان إلى شَيءٍ مِن ذلك، والله أعلم ".
سار جمعٌ كثيرٌ مِن الفرنج بالشَّامِ إلى مدينة حماة، وكَثُرَ جَمعُهم من الفرسان والرجَّالة؛ طمعًا في النهب والغارة، فشَنُّوا الغارة، ونَهَبوا وخَرَّبوا القرى، وأحرَقوا وأسروا وقَتَلوا، فلما سمع العسكرُ المقيم بحماة ساروا إليهم، وهم قليل، متوكلينَ على الله تعالى، فالتقوا واقتتلوا، وصدق المسلمونَ القتال، فنصرهم الله تعالى، وانهزم الفرنج، وكَثُرَ القتل والأسرُ فيهم، واستردُّوا منهم ما غَنِموه من السواد، وكان صلاحُ الدين قد عاد من مصر إلى الشامِ في شوال من السنة الماضية، وهو نازِلٌ بظاهر حمص، فحُمِلَت الرؤوس والأسرى والأسلاب إليه، فأمَرَ بقتل الأسرى فقُتِلوا.
هو المؤرِّخُ صلاح الدين محمد بن شاكر بن أحمد، المعروف بابن شاكر الكتبي، الداراني، الدمشقي. أحَدُ أعلام المؤرخين في القرن الثامن الهجري. كان باحثًا عارفًا بالأدب. ولِدَ في داريا (من قرى دمشق) ونشأ وتوفِّيَ بدمشق. كان فقيرًا جِدًّا، واشتغل بتجارة الكُتُب، فربح منها مالًا طائلًا. له مؤلَّفات مثل: كتاب "عيون التواريخ"، و "فوات الوفيات". قال ابن كثير: "في يوم السبت حادي عشر رمضان صَلَّينا بعد الظهر على الشيخ صلاح الدين محمد بن شاكر الكتبي، تفَرَّد في صناعته، وجمع تاريخًا مُفيدًا نحوًا مِن عشر مجلدات، وكان يحفَظُ ويذاكِرُ ويُفيد"
قَدِمَ إلى طرابلس يوم الاثنين العاشر من صفر مركب فيه عدةٌ من الفرنج، فخرج الناسُ لحربهم، وكان بالميناء مراكِبُ لتجَّار الفرنج، فاجتمعوا على مراكب المسلمين التي قد شُحِنَت بالبضائع لتسيرَ إلى أرض، وأخذوا منها مركبين فيهما مال كبير، وأسروا خمسة وثمانين مسلمًا بعدما قاتلوا قتالًا شديدًا وغرق جماعةٌ وفرَّ جماعة، وأصبحوا من الغدِ على الحرب، فوقع الاتفاقُ على فكاك من أسروه بمالٍ يُحمَلُ إليهم، فلما حُمِل إليهم بعضُ المال أسروا الرجلَ، ومضوا في ليلة الخميس الخامس عشر، ونزلوا على قرية هناك فقاتلهم أميرُها، وقبضهم وجاء بهم إلى طرابلس، فسُجِنوا، وأخذ المسلمون مركَبَهم.
هو الأستاذُ الفيلسوف محمد بن زكريا الرازي، من أهلِ الرَّيِّ، فيها تعلَّمَ ونشأ، ثم سافر إلى بغداد, أشهرُ أطبَّاءِ الإسلامِ وأكثَرُهم ابتكارًا، صاحب التصانيف، من أذكياءِ أهلِ زمانِه، كان كثيرَ الأسفارِ، واسِعَ المعرفةِ، مليحَ التأليف، وكان في بصَرِه رطوبةٌ؛ لكثرةِ أكلِه الباقلَّى، عمِيَ آخِرَ عُمُره. قال عنه الذهبي: "أخذَ عن البلخي الفيلسوفِ، فبلغ الغايةَ في علوم الأوائل. نسأل اللهَ العافية". كان في شبيبته يضرِبُ بالعودِ، فلما التحى قال: "كلُّ غناءٍ يخرجُ مِن بين شاربٍ ولحيةٍ لا يُستحسَنُ، فتركه وأقبل على دراسةِ الطِّبِّ والفلسفة بعد الأربعينَ، وعُمِّرَ وبلغ في علومه الغايةَ حتى أشيرَ إليه في الطبِّ"، اشتغل على الطبيبِ أبي الحسن علي بن ربن الطبري الذي كان مسيحيًّا، فأسلم، تولى تدبيرَ مارستان الريِّ ثم رئاسة الأطباءِ في بيمارستان بغداد زمنَ المكتفي، كان واسِعَ الاطِّلاعِ وله مشاركاتٌ في الحساب والكيمياء والفلسفة والفَلَك، وله تصانيفُ كثيرةٌ أكثَرُها في الطبِّ، تُرجِمَ أكثَرُها إلى اللاتينية، منها كتاب الأسرار في الكيمياء، والطب المنصوري، والفصول في الطب، ومقالة في الحصى والكلى والمثانة، وتقسيم العلل، والمدخل إلى الطب، وأشهرها الحاوي في الطب، وكتاب الجدري والحصبة، وغيرها كثير. كان يجلِسُ في مجلسِه للتعليم ودونَه التلاميذُ ودونَهم تلاميذُهم ودونهم تلاميذُ أُخَرُ, فكان يجيءُ الرجُلُ فيَصِفُ ما يجِدُ مِن المرض لأوَّلِ مَن يلقاه من تلاميذِه، فإن كان عندهم علمٌ وإلَّا تعدَّاهم إلى غيرهم، فإن أصابوا وإلَّا تكلَّم الرازي في ذلك. كان وافِرَ الحُرمة، صاحِبَ مروءة وإيثار، كريمًا متفضِّلًا بارًّا بالناس، حسن الرأفة بالفقراءِ والأعِلَّاء، حتى كان يُجري عليهم الجِرايات الواسعة ويُمَرِّضُهم. وللرازي أخبارٌ كثيرة وفوائِدُ متفرقة فيما حصل له من التمَهُّر في صناعة الطب وفيما تفرَّدَ به في مداواة المرضى، وفي الاستدلال على أحوالهم، وفيما خَبَرَه من الصفات والأدوية التي لم يصِلْ إلى عملها كثيرٌ من الأطباء. فكان إمامَ وَقتِه في علم الطبِّ، متقِنًا لهذه الصناعةِ حاذقًا فيها عارفًا بأوضاعِها وقوانينها، والمشارَ إليه في ذلك العصرِ، فتُشَدُّ إليه الرحالُ في أخذها عنه، ومن كلامِه في الطبِّ: "مهما قدرتَ أن تعالجَ بالأغذيةِ، فلا تعالجْ بالأدوية"، "مهما قدرتَ أن تعالجَ بدواءٍ مُفرَد فلا تعالجْ بدواءٍ مركَّب"؛ "إذا كان الطبيبُ عالِمًا والمريضُ مُطيعًا، فما أقلَّ لُبثَ العِلَّة"؛ "عالجْ في أوَّلِ العلَّة بما لا تَسقُط به القُوَّة". توفِّي في بغداد، وقد اختلف كثيرًا في سَنة وفاتِه مع شهرتِه، فقيل: توفِّي سنة 313، وقيل 317، وقيل 320، وقيل 360.
كان تسليم غرناطة للملك فرديناند ملك أراغون والملكة إيزابيلا ملكة قشتالة بناء على معاهدة، لكن فرديناند وزوجته لم يَفيَا بهذه العهود، بل أصدرت إيزابيلا قانونًا يقضي بإجبار المسلمين على التنصر وتحريم إقامة شعائرهم الدينية، وتأمر كذلك بإحراق الكتب الإسلامية في غرناطة, وبعد أن نقض فرديناند شروط تسليم غرناطة شرطًا شرطًا بدا بدعوة المسلمين إلى التنصر وأكرههم عليه فدخلوا في دينه كرهًا وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق من يقول فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارًا إلا من يقولها في نفسه وفي قلبه أو خفيةً من الناس!! وجعلت النواقيس بدل الأذان في مساجدِها والصور والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، فكم فيها من عينٍ باكية! وكم فيها من قلب حزين! وكم فيها من الضعفاء والمعدومين لم يقدروا على الهجرة واللحوق بإخوانهم المسلمين! قلوبهم تشتعل نارًا ودموعهم تسيل سيلًا غزيرًا مدرارًا، وينظرون أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان ويسجدون للأوثان ويأكلون الخنزير والميتات ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم ولا على زجرهم! ومن فعل ذلك عوقب أشد العقاب، فيا لها من فاجعة ما أمرَّها ومصيبةٍ ما أعظمَها وأضرَّها وطامَّةٍ ما أكبَرَها! عسى الله أن يجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، إنه على كل شيء قدير. وقد كان بعض أهل الأندلس قد امتنعوا من التنصر وأرادوا أن يدافعوا عن أنفسهم كأهل قرى ونجر والبشرة وأندراش وبلفيق، فجمع الملك فرديناند عليهم جموعه وأحاط بهم من كل مكان حتى أخذهم عنوة بعد قتال شديد فأخذ أموالهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وصبيانهم ونصَّرهم واستعبدهم إلا أن أناسًا في غربي الأندلس امتنعوا من التنصر وانحازوا إلى جبل منيع وعر فاجتمعوا فيه بعيالهم وأموالهم، وتحصنوا فيه فجمع عليهم الملك فرديناند جموعه وطمع في الوصول إليهم كما فعل بغيرهم، فلما دنا منهم وأراد قتالهم خيب الله سعيه ورده على عَقِبه ونصرهم عليه بعد أكثر من ثلاثة وعشرين معركة، فقتلوا من جنده خلقًا كثيرًا من رجال وفرسان! فلما رأى أنه لا يقدر عليهم طلب منهم أن يعطيهم الأمان ويجوزهم لعدوة الغرب مؤمَّنين فأنعموا له بذلك إلا أنه لم يسَرِّح لهم شيئًا من متاعهم غير الثياب التي كانت عليهم وجوَّزهم لعدوة الغرب كما شرطوا عليه، ولم يطمع أحد بعد ذلك أن يقوم بدعوة الإسلام، وعمَّ الكفرُ جميع القرى والبلدان وانطفأ من الأندلس نور الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، كما انتحب شاعر الأندلس أبو البقاء الرندي (ت684) في قصيدته المشهورة التي رثا فيه الأندلس بعد سقوط قرطبة سنة 633 ومدن كبرى كإشبيلية وبلنسية وغيرها بيد الفرنج، والتي مطلعها: (لكل شيء إذا ما تم نقصانُ * فلا يغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ)، فإنا لله وإنا إليه راجعون! كان ذلك في الكتاب مسطورًا، وكان أمر الله قدَرًا مقدورًا، لا مردَّ لأمره ولا معقِّبَ لحكمِه، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!
وكان سَبَب ضَرْبها أنَّ عبدَ الملك بن مَرْوان كتَب في صُدورِ الكُتُبِ إلى الرُّوم: "قل هو الله أحد" وذَكَر النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، مع التَّاريخ، فكَتَب إليه مَلِكُ الرُّوم: إنَّكم قد أَحْدَثْتُم كذا وكذا، فاتركوه وإلَّا أتاكُم في دَنانيرنا مِن ذِكْرِنا نَبِيَّكم ما تَكرهُون. فعَظُم ذلك عليه. فأحضر خالدَ بن يَزيدَ بن مُعاوِيَة فاسْتَشارهُ فيه، فقال: حَرِّمْ دَنانيرَهُم واضْرِب للنَّاس سِكَّةً فيها ذِكْر الله تعالى. فضَرَب الدَّنانيرَ والدَّراهِمَ. ثمَّ إنَّ الحَجَّاج ضَرَب الدَّراهِم ونَقَش فيها: "قل هو الله أحد" فكَرِهَ النَّاسُ ذلك لِمَكان القُرآن؛ لأنَّ الجُنُبَ والحائضَ يَمَسُّها، ونَهى أن يَضرِب أحدٌ غيرُه.
خرجت الرومُ في مائة ألف، فنزلوا على قلمية، وهي على ستَّة أميال من طرسوس، فخرج إليهم الخادمُ نائب طرسوس بازمان ليلًا فبَيَّتَهم في ربيع الأول، فقتَلَ منهم- فيما يقال- سبعين ألفًا، وقتل مُقَدَّمَهم، وهو بطريق البطارقة، وقتل أيضًا بِطريقَ الفنَّادين، وبِطريقَ الباطليق، وأفلت بطريقِ قرة وبه عدَّة جراحات، وأخذ لهم سبعةَ صُلبان من ذهب وفضة؛ وصَليبُهم الأعظمُ من ذهب مكَلَّل بالجوهر، وأخذ خمسة عشر ألف دابَّة، ومن السُّروجِ وغير ذلك، وسُيوفًا محلاة، وأربعَ كراسيَّ من ذهب، ومائتي كرسيٍّ من فضة، وآنيةً كثيرة، ونحوًا من عشرة آلاف علَم ديباج، وديباجًا كثيرًا وبزيون وغير ذلك.
هو المؤرِّخ التركي مصطفى بن عبد الله الحلبي المعروف بحاجي خليفة، ولد سنة 1017هـ / 1608م، وحفظ القرآن، ودَرس العربية والفقه والحساب، واهتم بالتاريخ والجغرافيا. وأبوه من رجال الجند، استُخدم كاتبًا في نظارة الجيش بالأناضول حتى أصبح رئيس الكُتاب، ثم عاد إلى الآستانة وتفرغ للعلم ولقب خليفة منذ كان بالآستانة، اشتهر بمؤلَّفه النافع: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، الذي يحوي على 14500 اسم كتاب، ويعتبر خزانة علم وأدب وتاريخ، وله مصنفات أخرى منها: تحفة الأخبار في الحِكم والأمثال والأشعار، وله سُلَّم الوصول إلى طبقات الفحول، وله تحفة الكبار في أسفار البحار.
تجمَّع أهلُ الوشم وسدير في بلدة القرين في ناحية الوشم يريدون غزوَ أهل شقراء بعد أن انضمَّ أهلها للدعوة, فبَقُوا في القرائن ثلاثة أيام وهم يناوشون أهل شقراء الحربَ، فلما علم بذلك الأمير محمد بن سعود- وكان أهل شقراء من السابقين في متابعةِ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب- طلب منهم أن يخرُجوا إليهم ويشاغلوهم حتى يأتيَهم المددُ، ثم أرسل ابنَه الأمير عبد العزيز مع جنوده، الذي تمكن من هزيمة أهل الوشم وسدير، واضطرهم إلى الهروب إلى بلدة القرائن والاحتماء بها بعد أن قتلَ منهم 15 رجلًا، ثمَّ حصرهم في القرائن 20 يومًا حتى أيقنوا الهلاكَ، فخرجوا منها هاربين.
بدأ الصدام بين آل خليفة ودولة الدرعية عام 1210هـ وعندما اشتَدَّ حصار قوات الدرعية على الزبارة ارتحل عنها أهلها جميعًا وانتقلوا إلى جزيرة أورال، حيث أقاموا في قرية الجو الواقعة على أحد المرتفعات جنوبي الجزيرة التي بدأت تُعرَف بالبحرين، ثم تعرَّضوا لهجوم سلطان مسقط الذي استطاع أخذ رهائن من البحرين، فاستعان آل خليفة بالإمام عبد العزيز عام 1218هـ حيث تمكَّنوا بمساعدتهم من استرجاع الرهائنِ واستعادة الجزيرة التي أصبحت تحت حُكم عمان، ومن وقتها توطَّدت العلاقة بينهما وخاصَّةً عندما عاد سليمان بن خليفة إلى حُكمِه بمساعدة الإمام سعود بن عبد العزيز عام 1224هـ.
هو الشاعرُ المشهور محمد بن جمد بن محمد ابن لعبون بن مدلج الوايلي البكري العنزي، أمير شعراء النبط، ولِدَ في بلدة حرمة بنجد سنة 1205هـ وحَفِظَ بها القرآن وتعَلَّم الكتابة، وكان خطُّه فائقًا. ونَظَم الشعرَ في صغرِه. ومال إلى اللهوِ والبطالة. ورحل إلى الزبير في العراق، ساعده ذكاؤه الشِّعري وشخصيتُه المَرِحة الطَّرِبة في توطيدِ علاقاته مع كثيرٍ مِن وجهاءِ وأعيان نجد والزبير والكويت والأحساء والبحرين والهند، وورد في شعره ذِكرُ كِبارِ شخصيات عصره، كان شعره جيدًا إلَّا أن فيه تخبيطًا في العقيدةِ، وقيل: إنه أنشأ قصيدةً تاب فيها وتضَرَّع إلى الله. قصَدَ الكويت فمات فيها بالطاعون.
دعا الملِكُ عبد العزيز ذوي الرأيِ من شيوخ وقادة القبائل إلى اجتماعٍ في قرية الشعراء، وطلب منهم أن يأتوه بآرائِهم وآراءِ قبائلهم في شأنِ المتمَرِّدين من الإخوان (إخوان من طاع الله)، وفي اليوم التالي انعقد الاجتماعُ واتفقوا على عددٍ مِن المقررات، منها: 1/ كل من شارك في الفتنة وبقي حيًّا يؤخذ مالُه ورِكابُه وسلاحُه وتحكَّمُ الشريعة في رقبته. 2/ كل من كان متهمًا بممالأة أهل الفساد ولم يجاهِدْ مع المسلمين تؤخذ منه شوكة الحرب (ركابه وسلاحُه). 3/ كل ما يؤخذ من المفسدين يُمنَحُ للمجاهدين الصادقين. 4/ كل هجرة غلب على أهلها الفسادُ يُطرَدون من هجرتهم، ويفَرَّقون ولا يُسمَحُ لفريق منهم الاجتماعُ في مكان واحد.
وُلد محمد قطب في (26 إبريل 1919م) في بلدة موشا -من محافظة أسيوط بصعيد مصر- وكان والِدُه قُطب إبراهيم من المُزارِعين في تِلكَ النَّاحيةِ. أمَّا والِدَتُه فاطمة عثمان فقد كانت تَنتمي إلى أُسرةٍ مُحِبَّةٍ للعلم، بدأ دِراسَتَه في القاهرة ثم الْتحَقَ بجامعةِ القاهرة؛ حيث درَس اللُّغةَ الإنجليزية وآدابَها، وكان تخرُّجُه فيها عامَ (1940م)، ومن ثَمَّ تابَعَ في معهدِ التَّربية العالي للمُعلِّمين فحَصَل على دبلومِها في التربيَةِ وعلم النفس. عاش مُدَّةً طويلةً من عمرِه في مكَّة المكرَّمة، وكان أُستاذًا في جامعةِ أمِّ القُرى، وأشرف على العديدِ من الرسائِلِ الجامعيَّةِ فيها.، وله عددٌ من الكتب في الفكر والثقافة الإسلاميَّة.
تُوفِّي -رحمه الله- في مستشفى المركز الطبيِّ الدَّولي في جُدَّةَ.
هو عبدُ الله بنُ أُبَيٍّ بن ابنُ سَلولَ، رَأْسُ المُنافقين، مَرِضَ في ليالٍ بَقِينَ مِن شَوَّالٍ بعدَ أن رجَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزوةِ تَبوكَ, ولمَّا مات اسْتَغفَرَ له رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم، وصلَّى عليه بعدَ أن حاوَلَ عُمَرُ مَنْعَهُ عن الصَّلاةِ عليه، وقد نزَل القُرآنُ بعدَ ذلك بِمُوافَقَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، وإنَّما صلَّى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إجراءً له على حُكمِ الظَّاهرِ وهو الإسلامُ؛ ولِما فيه مِن مَصلَحةٍ شَرعيَّةٍ؛ وهو تَأليفُ قُلوبِ قَومِه وتابِعيهِ، فقد كان يَدِينُ له بالوَلاءِ فِئَةٌ كَبيرةٌ مِنَ المُنافقين، فعسى أن يَتأثَّروا ويَرجِعوا عن نِفاقِهم ويَعتبِروا ويُخلِصوا لله ولِرسولِهِ.