الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 666 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 215 العام الميلادي : 830
تفاصيل الحدث:

أُنشِئَت هذه المكتبةُ في القرن الثاني الهجري ( الثامن الميلادي) على يدِ هارونَ الرشيد، وذلك بعد أن ضاقت مكتبةُ القَصرِ بما فيها من كتُبٍ, وعَجَزت عن احتواءِ القُرَّاء المتردِّدين عليها؛ ممَّا جعله يفكِّرُ في إخراجِها من القصر, وإفرادِها بمبنًى خاصٍّ بها, يَصلُحُ لاستيعابِ أكبَرِ عدَدٍ مِن الكتُبِ, ويكون مفتوحًا أمام كلِّ الدارسينَ وطُلَّابِ العِلمِ. فاختار لها مكانًا مُناسِبًا, وأقام عليه مبنًى مكَوَّنًا من عدَّةِ قاعات؛ قاعة للاطِّلاع, وقاعة للمُدارَسة, وقاعة لنَسخِ الكتُبِ الجديدة وتجليدِها, وقاعة للتَّرويحِ عن النَّفسِ وللاستراحةِ. ومسجِدًا للصلاةِ, ومكانًا يَبيتُ فيه الغُرَباء, تتوفَّرُ فيه مقوِّماتُ الحياةِ مِن طعامٍ وشَرابٍ وغَيرِه, ومخزنًا للكتُب, نظمَت فيه بحيثُ صار لكُلِّ فَنٍّ مِن الفنون العِلميَّة مكانٌ خاصٌّ به, وتُوضَعُ فيه مُرَتَّبةً في دواليبَ، ثم زوَّدها بما تحتاجُ إليه من أثاثٍ ومرافِقَ, وأحبارٍ وأوراقٍ للدارسين, وعيَّنَ لها المُشرِفينَ على إدارتِها, والعُمَّالَ القائمينَ على خدمة ورعايةِ زائريها. وواصلَ ابنُه المأمونُ بعده الاهتمامَ بتلك المكتبةِ، فأحضر مئاتِ النُّسَّاخ والشُّرَّاح والمُترجِمينَ مِن شَتَّى اللُّغات؛ لتعريبِ ونَقلِ الكتُبِ من لغَتِها الأصلية, حتى غَدَت من أعظَمِ المكتبات في العالَم, ووضع بها مرصدًا؛ ليكون تعليمُ الفلَكِ فيها تعليمًا عمليًّا، يجَرِّبُ فيها الطلابُ ما يدرُسونَه من نظريَّاتٍ عِلميَّةٍ, وبنى بها مستشفًى لعلاجِ المرضى وتعليمِ الطِّبِّ؛ إذ كان يؤمِنُ بأن العِلمَ النظري وحده لا جَدوى منه. وكتب إلى ملكِ الرومِ يسألُه الإذنَ في إنفاذِ ما عنده من العلومِ القديمة المخزونةِ المورَّثة عن اليونان, واجتمع لدى المأمونِ بذلك ثروةٌ هائلةٌ مِن الكتبِ القديمة, فشَكَّلَ لها هيئةً مِن المترجمينَ المَهَرة والشُّرَّاح والورَّاقينَ؛ للإشرافِ على ترميمِها ونَقلِها إلى العربيَّة, وعيَّنَ مسؤولًا لكلِّ لغةٍ يُشرِفُ على من يُترجِمونَ تُراثَها, وأجرى عليهم الرواتبَ العظيمة, حيث جعل لبعضِهم خمسَمائة دينارٍ في الشهر, أي ما يساوي 2كيلو جرام ذهبًا تقريبًا, بالإضافة إلى الأعطيات الأخرى, إذ أعطى على بعضِ الكتُبِ المُترجَمة وزنَها ذهبًا. وبعضُهم كان يقومُ بترجمة الأصلِ إلى لُغتِه هو, ثم يقومُ مترجِمٌ آخَرُ بنَقلِه إلى العربيَّةِ وغيرِها, ولم يقتَصِرْ دَورُ المترجمينَ على الترجمةِ فقط، وإنما قاموا بالتعليقِ على هذه الكتب، وتفسيرِ ما فيها من نظريَّات, ونَقْلها إلى حيِّز التطبيق, وإكمالِ ما فيها من نَقْصٍ, وتصويبِ ما فيها من خطأٍ؛ حيث كان عمَلُهم يُشبِهُ ما يسمَّى بالتحقيقِ الآن, وما إن انتهى عصرُ المأمون حتى كانت معظَمُ الكتُبِ اليونانيَّة والهنديَّة والفارسية وغيرِها من الكتب القديمة في علومِ الرياضةِ والفَلَك والطبِّ والكيمياءِ والهندسةِ موجودةً بصورتها العربيَّة الجديدةِ بمكتبة بيتِ الحكمةِ. كان للترجمةِ التي عَمِلَ عليها المأمونُ أثَرٌ واضِحٌ في تطوُّرِ الحركة العلميَّة لدى المسلمين إلَّا أنَّها نقَلَت معها بعضَ مُعتَقداتِ الأُمَم السابقة، وأفسدت على بعضِ المُسلِمين دينَهم. يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة: "أظهر اللهُ مِن نورِ النبوةِ شَمسًا طَمَسَت ضوءَ الكواكبِ، وعاش السَّلَفُ فيها بُرهةً طويلةً، ثم خَفِيَ بعضُ نورِ النبوة؛ فعُرِّبَ بعضُ كتُبِ الأعاجِمِ الفلاسفةِ مِن الرومِ والفُرس والهند في أثناءِ الدولة العباسيَّة، ثم طُلِبَت كتُبُهم في دولة المأمونِ مِن بلاد الروم فعُرِّبَت، ودَرَسَها الناسُ وظهر بسبب ذلك من البِدَعِ ما ظهر، وكان أكثَرُ ما ظهر من علومِهم الرياضيَّة كالحسابِ والهيئةِ، أو الطبيعةِ كالطبِّ أو المنطقيَّة، فأمَّا الإلهيَّةُ: فكلامُهم فيها نَزْرٌ، وهو مع نزارتِه ليس غالِبُه عندهم يقينًا، وعند المسلمينَ من العلومِ الإلهيَّة الموروثة عن خاتَمِ المُرسَلين ما ملأ العالمَ نُورًا وهدًى". وقال أيضًا رحمه الله: "إنَّ أمَّتَنا- أهلَ الإسلامِ- ما زالوا يَزِنون بالموازينِ العَقليَّة, ولم يسمَعْ سَلَفًا بذكرِ هذا المنطقِ اليوناني, وإنَّما ظهر في الإسلامِ لَمَّا عُرِّبَت الكتبُ الروميَّة في عهد دولة المأمونِ"

العام الهجري : 751 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1350
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الحنبلي المعروفُ بابن قَيِّم الجوزيَّة، فهو إمامُ الجوزيَّة، وابنُ قَيِّمِها، ولِدَ بدمشق في سابع صفر سنة 691, وسَمِعَ الحديث واشتغل بالعلم، وبَرَع في العلوم المتعَدِّدة، لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين، ولَمَّا عاد الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في سنة 712 لازَمَه إلى أن مات الشيخُ، فأخذ عنه علمًا جَمًّا لازمه قرابة 16 عامًا وتأثَّر به, وسُجِنَ في قلعة دمشق في أيام سجنِ ابن تيمية، وخرج بعد أن توفِّيَ شيخه عام 728 ولم يخَلِّفِ الشيخُ العلَّامة تقي الدين ابن تيميَّة مِثلَه، ومع ما سَلَف له من الاشتغال، صار فريدًا في بابِه في فنونٍ كثيرة، مع كثرةِ الطَّلَب ليلًا ونهارًا، وكثرة الابتهال، وكان حَسَن القراءة والخُلُق، كثيرَ التودد لا يحسُد أحدًا ولا يؤذيه، ولا يستعيبُه ولا يحقِدُ على أحد؛ قال ابن رجب: "كان ذا عبادةٍ وتهَجُّد وطولِ صلاةٍ إلى الغاية القصوى، وتألُّه ولَهَج بالذكر، وشَغف بالمحبة والإنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله والانكسار له، والاطِّراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهِدْ مِثلَه في ذلك، ولا رأيتُ أوسَعَ منه علمًا، ولا أعرَفَ بمعاني القرآن والسنَّة وحقائق الإيمان منه، وليس هو المعصومَ، ولكن لم أرَ في معناه مِثلَه، وقد امتُحِنَ وأوذيَ مَرَّات، وحُبِسَ مع الشيخ تقي الدين في المرَّة الأخيرة بالقلعة، منفرِدًا عنه، ولم يُفرَجْ عنه إلَّا بعد موت الشيخ, وكان في مُدَّة حبسه مشتغلًا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ففُتِحَ عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانِبٌ عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسَلَّط بسبب ذلك على الكلام في علومِ أهل المعارف، والدُّخولِ في غوامِضِهم، وتصانيفه ممتلئةٌ بذلك، وحَجَّ مرات كثيرة، وجاور بمكَّةَ، وكان أهلُ مكة يذكرون عنه من شِدَّة العبادة، وكثرة الطواف أمرًا يُتعَجَّب منه. ولازمت مجالِسَه قبل موته أزيدَ مِن سنة، وسَمِعتُ عليه قصيدته النونية الطويلة في السنة، وأشياء من تصانيفه، وغيرها " وقال ابنُ كثير: " كنتُ مِن أصحَبِ النَّاسِ له وأحَبِّهم إليه، ولا أعرف في هذا العالَمِ في زماننا أكثَرَ عبادةً منه، وكانت له طريقةٌ في الصلاة يطيلها جِدًّا ويمُدُّ ركوعَها وسجودَها، ويلومه كثيرٌ من أصحابه في بعضِ الأحيانِ، فلا يرجِعُ ولا ينزِعُ عن ذلك- رحمه الله" وقال ابن حجر العسقلاني: " كان إذا صلَّى الصبح جلس مكانَه يذكُرُ الله حتى يتعالى النَّهارُ، ويقول: هذه غَدوتي لو لم أقعُدْها سَقَطَت قُوايَ، وكان يقولُ: بالصبر واليقين تُنال الإمامةُ في الدين، وكان يقول: لا بد للسَّالك من همَّة تُسيِّرُه وترَقِّيه، وعلمٍ يُبَصِّرُه ويهديه. وكان مُغرًى بجمع الكتب فحصَّل منها ما لا يُحصَرُ حتى كان أولادُه يبيعون منها بعد موتِه دهرًا طويلًا سوى ما اصطَفَوه منها لأنفُسِهم" وله من التصانيف الكبار والصغار شيءٌ كثير، وهي أكثَرُ مِن أن تُحصَرَ هنا، ولكن من أشهرها: زاد المعاد في هَدْي خير العباد، وإعلام الموقعين عن ربِّ العالمين، ومدارج السالكين، وبدائع الفوائد، وطريق السعادتين، وشرح منازل السائرين، والقضاء والقدر، وجلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام، ومصايد الشيطان، ومفتاح دار السعادة، والروح، وحادي الأرواح، ورفع اليدين، والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، وتصانيف أخرى كثيرة؛ قال ابن حجر: "وكلُّ تصانيفه مرغوبٌ فيها بين الطوائف، وهو طويلُ النَّفَسِ فيها يتعانى الإيضاحَ جُهدَه، فيُسهِبُ جدًّا، ومعظمها من كلام شيخِه يتصَرَّفُ في ذلك، وله في ذلك مَلَكَة قويَّة، ولا يزال يدندِنُ حولَ مُفرداتِه ويَنصُرُها ويحتَجُّ لها" ومن نَظْمِه قصيدة تبلغ ستة آلاف بيت سمَّاها الكافية في الانتصار للفرقة الناجية. ومن تلاميذه ابنه برهان الدين إبراهيم، والإمام ابن رجب الحنبلي، والحافظ ابن كثير، والحافظ ابن عبد الهادي، والإمام الذهبي، والفيروزآبادي صاحب القاموس. توفِّيَ رحمه الله في دمشق ليلة الخميس ثالث عشر رجب وقتَ أذان العشاء وصُلِّيَ عليه بعد صلاة الظهر من الغد بالجامِعِ الأموي، ودفن عند والدته بمقابر الباب الصغير، وقد كانت جنازته حافلةً، شهدها القضاة والأعيان والصالحون من الخاصة والعامة، وتزاحم الناسُ على حمل نعشه، وكَمُل له من العمر ستون سنةً.

العام الهجري : 465 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1072
تفاصيل الحدث:

هو سُلطانُ العالَم عَضُدُ الدَّولةِ أبو شُجاعٍ، المُلَقَّبُ بالعادِل محمد، ألب أرسلان بن جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق بن سلجوق التُّركيُّ, واسمُه بالعربي محمدُ بنُ داودَ وألب أرسلان اسمٌ تُركيٌّ مَعناهُ شُجاع أَسَد، فألب: شُجاع، وأرسلان: أَسَد. وهو ابنُ أخي السُّلطانِ طغرلبك، أَصلُه من قَريةٍ يُقال لها: النور. وُلِدَ سَنةَ 424هـ, وَجَدُّهُ دقاق، هو أَوَّلُ مَن دَخلَ في الإسلامِ, وألب أرسلان أَوَّلُ مَن ذُكِرَ بالسُّلطانِ على مَنابِرِ بغداد, وكان مَلِكًا عادِلًا، مَهِيبًا، مُطاعًا، مُعَظَّمًا. وَلِيَ السَّلْطَنَةَ بعدَ وَفاةِ عَمِّهِ طغرلبك بن سلجوق في سَنةِ 457هـ. لمَّا ماتَ السُّلطانُ طُغرلبك نَصَّ على تَوْلِيَةِ الأَمرِ لسُليمانَ بنِ داودَ أخي ألب أرسلان، ولم يَنُصَّ على ألب أرسلان؛ لأنَّ أُمَّ سُليمانَ كانت عنده فتَبِعَ هَواها في وَلَدِها، فقام سُليمانُ بالأَمرِ وثارَ عليه أَخوهُ ألب أرسلان، وجَرَت بينهم خُطوبٌ فلم يَتِمَّ لِسُليمانَ الأَمرُ، وكانت النُّصرةُ لألب أرسلان. فاستَولَى على المَمالِكِ، وعَظُمَت مَملكَتُه ورُهِبَت سَطوتُه، وفَتحَ من البِلادِ ما لم يكُن لِعَمِّهِ طُغرلبك مع سِعَةِ مُلْكِ عَمِّهِ، وقَصدَ بِلادَ الشامِ فانتَهَى إلى مَدينةِ حَلَب، وهو أَوَّلُ مَن عَبَرَ الفُراتَ من مُلوكِ التُّركِ. وكاد أن يَتَمَلَّكَ مصر. أَعزَّ الله بهِ الإسلامَ وأَذَلَّ الشِّرْكَ. كان ألب أرسلان مِن أَعدَلِ الناسِ، وأَحسَنِهم سِيرَةً، وأَرغَبِهِم في الجِهادِ وفي نَصرِ الدِّينِ. وعَظُمَ أَمرُ السُّلطانِ ألب آرسلان، وخُطِبَ له على مَنابرِ العِراقِ والعَجَمِ وخُراسان، ودانَت له الأُمَمُ، وأَحَبَّتْهُ الرَّعايا، ولا سيما لمَّا هَزَمَ العَدُوَّ، طاغِيةَ الرُّومِ أرمانوس في مَعركةِ ملازكرد سَنةَ 463هـ, وقَنعَ من الرَّعِيَّةِ بالخَراجِ في قِسطَينِ، رِفْقًا بهم, وكان كَثيرَ الصَّدَقاتِ، يَتَفقَّد الفُقراءَ في كلِّ رَمضانَ بأَربعةِ آلافِ دِينارٍ ببَلخ، ومَرو، وهراة، ونيسابور، ويَتَصدَّق بحَضرَتِه بعشرةِ آلافِ دِينارٍ. كَتبَ إليه بَعضُ السُّعاةِ في نِظامِ المُلْكِ وَزيرِهِ، وذَكَرَ مالَه في مَمالِكِه فاستَدعاهُ فقال له: خُذْ إن كان هذا صَحيحًا فهَذِّبْ أَخلاقَك وأَصلِح أَحوالَك، وإن كَذَبَ فاغْفِر له زَلَّتَهُ. وكان شديدَ الحِرصِ على حِفْظِ مالِ الرَّعايا، بَلَغَهُ أنَّ غُلامًا من غِلمانِه أَخذَ إِزارًا لبَعضِ أَصحابِه فصَلَبَهُ فارتَدعَ سائرُ المَماليكِ به خَوفًا من سَطوتِه. في أَوَّلِ سَنةِ 465هـ قَصدَ السُّلطانُ ألب أرسلان، ما وَراءَ النَّهرِ، وصاحبُه شَمسُ المُلْكِ تكين، فعَقدَ على جيحون جِسْرًا وعَبرَ عليه في نَيِّفٍ وعِشرينَ يومًا، وعَسكرُه يَزيدُ على مائتي ألف فارسٍ، فأَتاهُ أَصحابُه بمُسْتَحْفِظِ قَلعَةٍ يُعرفُ بيُوسُف الخوارزمي، في سادس شهرِ رَبيعٍ الأوَّل، وحُمِلَ إلى قُرْبِ سَريرِه مع غُلامَينِ، فقال له يُوسفُ: يا مُخَنَّث! مِثلي يُقتَل هذه القِتلَة؟ فغَضِبَ السُّلطانُ ألب أرسلان، وأَخذَ القَوْسَ والنِّشابَ، وقال للغُلامَينِ: خَلِّيَاهُ! ورَماهُ بِسَهمٍ فأَخطَأهُ، ولم يكُن يُخطِئ سَهمَه، فوَثبَ يُوسفُ يُريدُه، والسُّلطانُ على سُدَّةٍ، فلمَّا رأى يُوسفَ يَقصِدُه قام عن السُّدَّةِ ونَزلَ عنها، فعَثَرَ، فوَقعَ على وَجهِه، فبَرَكَ عليه يُوسفُ وضَربَهُ بسِكِّينٍ كانت معه في خاصِرَتِه، وكان سعدُ الدَّولةِ واقِفًا، فجَرَحَهُ يُوسفُ أيضًا جِراحاتٍ، ونَهضَ ألب أرسلان فدَخَل إلى خَيمةٍ أُخرَى، وضَرَبَ بَعضُ الفَرَّاشِين يُوسفَ بِمِرْزَبَّةٍ على رَأسِه، فقَتَلَه وقَطَّعَهُ الأتراكُ، ولمَّا جُرِحَ السُّلطانُ قال: ما مِن وَجهٍ قَصدتُه، وعَدُوٍّ أَردتُه، إلَّا استَعنتُ بالله عليه، ولمَّا كان أَمسُ صَعدتُ على تَلٍّ، فارتَجَّت الأرضُ تحتي مِن عِظَمِ الجَيشِ وكَثرَةِ العَسكرِ، فقلتُ في نفسي: أنا أَملِكُ الدُّنيا، وما يَقدِر أَحَدٌ عَلَيَّ، فعَجَّزَني الله تعالى بأَضعفِ خَلْقِه، وأنا أَستَغفِرُ الله تعالى، وأَستَقيلُه من ذلك الخاطرِ. فتُوفِّي عاشرَ رَبيعٍ الأوَّلِ من السَّنَةِ، فحُمِلَ إلى مَرو ودُفِنَ عند أَبيهِ. تُوفِّي عن إحدى وأربعين سَنَةً، وكانت مُدَّةُ مُلكِه منذ خُطِبَ له بالسَّلْطَنَةِ إلى أن قُتِلَ تِسعَ سِنينَ وسِتَّةَ أَشهُر وأيامًا، ولمَّا وَصلَ خَبرُ مَوتِه إلى بغداد جَلسَ الوَزيرُ فَخرُ الدَّولةِ بن جهير للعَزاءِ به في صَحنِ السَّلامِ. تَركَ ألب أرسلان من الأولادِ ملكشاه، وإياز، ونكشر, وبوري برس, وأرسلان، وأرغو، وسارة، وعائشة، وبِنتًا أُخرى, وتَولَّى بعده ابنُه ملكشاه.

العام الهجري : 53 ق هـ العام الميلادي : 571
تفاصيل الحدث:

اختلفَ أهلُ السِّيَر والتَّاريخِ في تحديدِ يومِ وشهرِ وِلادتِه صلى الله عليه وسلم واتَّفقوا على أنَّ مِيلادَه صلى الله عليه وسلم كان يومَ الاثنينِ من عامِ الفيلِ.قال ابنُ القيِّم: "لا خِلافَ أنَّه وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم بجَوفِ مكَّة، وأنَّ مَولِدَه كان عامَ الفيلِ". عنِ ابنِ عبَّاس رضِي الله عنهُما أنَّه قال: (وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيلِ)، وهو الَّذي لا يَشكُّ فيه أحدٌ من العلماءِ. ونقل خليفةُ بنُ خيَّاط وابنُ الجزَّار وابنُ دِحيةَ وابنُ الجوزيِّ فيه الإجماعَ. وأمَّا مولدُه يومَ الاثنينِ، فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: " سُئل صلى الله عليه وسلم  عن صومِ يومِ الاثنينِ؟ قال: "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيهِ، ويومٌ بُعثتُ أو أُنزلَ عليَّ فيهِ". قال ابنُ كَثيرٍ: "وأبعدَ بل أخطأَ مَن قال: وُلِدَ يومَ الجُمعةِ لِسبعَ عشرةَ خلتْ من ربيعٍ الأوَّلِ". أمَّا موضعُ الخِلافِ فقد كان في تحديدِ الشَّهرِ واليومِ منه،  رَوى ابنُ إسحاقَ عن نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسولَ الله، أخبرنا عن نَفسِك. قال: (نعمْ، أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورأتْ أمِّي حين حملتْ بي أنَّه خرج منها نورٌ أضاءَ لها قُصورَ الشَّام). وكانت وِلادتُه صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاةِ والدِه عبدِ الله، حيث كان حَمْلًا في بطنِ أمِّه حين تُوفِّي والدُه، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا. وكانت وِلادتُه في دارِ أبي طالبٍ بِشِعبِ بني هاشمٍ.

العام الهجري : 472 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1079
تفاصيل الحدث:

غَزا المَلِكُ إبراهيمُ بن مَسعودِ بن محمودِ بن سبكتكين بِلادَ الهندِ، فحَصرَ قَلعةَ أجود، وهي قَلعةٌ حَصينةٌ، في غايَةِ الحَصانَةِ، كَبيرةٌ، تَحوِي عشرةَ آلافِ رجلٍ من المُقاتِلَةِ، فقاتَلوهُ، وصَبَروا تحت الحِصارِ، وزَحفَ إليهم غيرَ مَرَّةٍ، فرأوا من شِدَّةِ حَربِه ما مَلأَ قُلوبَهم خَوفًا ورُعبًا، فسَلَّموا القَلعةَ إليه في الحادي والعشرين من صَفَر هذه السَّنَةِ. وكان في نَواحي الهندِ قَلعةٌ يُقالُ لها: قَلعةُ روبال، على رَأسِ جَبلٍ شاهقٍ، وتحتها غِياضٌ أَشِبَةٌ، وخَلفَها البحرُ، وليس عليها قِتالٌ إلَّا من مكانٍ ضَيِّقٍ، وهو مَملوءٌ بالفِيَلَةِ المُقاتِلَةِ، وبها من رِجالِ الحَربِ ألوفٌ كَثيرةٌ، فتابَع المَلِكُ إبراهيمُ عليهم الوَقائعَ، وأَلَحَّ عليهم بالقِتالِ بجَميعِ أَنواعِ الحَربِ، ومَلَكَ القَلعةَ، واستَنزَلَهم منها وفي مَوضِعٍ يُقالُ له: دره نوره أَقوامٌ من أَولادِ الخُراسانيِّين الذين جَعَلَ أَجدادَهم فيها أفراسيابُ التُّركيُّ من قَديمِ الزَّمانِ، ولم يَتعَرَّض إليهم أَحَدٌ من المُلوكِ، فسار إليهم إبراهيمُ، ودَعاهُم إلى الإسلامِ أوَّلًا، فامتَنَعوا من إجابَتِه، وقاتَلوهُ، فظَفَرَ بهم، وأَكثرَ القَتْلَ فيهم، وتَفرَّق مَن سَلِمَ في البلادِ، وسَبَى واستَرَقَّ من النِّسوانِ والصِّبيانِ مائةَ ألفٍ. وفي هذه القَلعةِ حوضٌ للماءِ قُطْرُهُ نحو نِصفِ فَرسخٍ لا يُدرَك قَعْرُهُ، يَشربُ منه أَهلُ القَلعةِ وما عندهم من دابَّةٍ، ولا يَظهرُ فيه نَقصٌ. وفي بلادِ الهندِ مَوضِعٌ يُقالُ له: وره، وهو بَرٌّ بين خَليجَيْنِ، فقَصدَهُ المَلِكُ إبراهيمُ، فوَصلَ إليه في جُمادى الأُولى، وفي طَريقِه عَقَباتٌ كَثيرةٌ، وفيها أَشجارٌ مُلْتَفَّةٌ، فأَقامَ هناك ثلاثةَ أَشهُر ولَقِيَ الناسَ من الشِّتاءِ شِدَّةٌ، ولم يُفارِق الغَزوَةَ حتى أَنزلَ الله نَصرَهُ على أَوليائِه، وذُلَّهُ على أَعدائِه، وعاد إلى غَزْنَة سالِمًا مُظَفَّرًا.

العام الهجري : 571 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ملك صلاح الدين إعزازَ رحل إلى حلب فنازلها منتصَفَ ذي الحجة وحَصَرَها، وبها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود ومَن معه من العساكِرِ، وقد قام العامَّةُ في حفظِ البَلَدِ القيامَ المَرضِيَّ، بحيث إنَّهم منعوا صلاح الدين من القُربِ مِن البلد، لأنَّه كان إذا تقدم للقتال خَسِرَ هو وأصحابُه، كَثُرَ الجراح فيهم والقَتلُ، كانوا يخرجُون ويقاتلونه خارج البلد، فترك القتالَ وأخلدَ للمطاولة، وانقَضَت سنة إحدى وسبعين، ودخلت سنة اثنتين وسبعين، وهو محاصِرٌ لها، ثم ترددت الرسُلُ بينهم في الصُّلحِ في العشرين من المحرم، فوقَعَت الإجابةُ إليه من الجانبين؛ لأن أهل حلب خافوا من طول الحصارِ؛ فإنَّهم ربمَّا ضَعُفوا، وصلاحُ الدين رأى أنه لا يقدِرُ على الدنوِّ مِن البلد، ولا على قتالِ مَن به، فأجاب أيضًا، وتقرَّرَت القاعدة في الصلحِ للجميع، للمَلِك الصالحِ، ولسيف الدين صاحِبِ الموصل، ولصاحِبِ الحصن، ولصاحِبِ ماردين، وتحالفوا واستقَرَّت القاعدة أن يكونوا كُلُّهم عونًا على الناكِثِ الغادر، فلمَّا انفصل الأمرُ وتمَّ الصلحُ، رحل صلاح الدين عن حلب، بعد أن أعاد قلعةَ إعزاز إلى الملك الصالح، وكان في شروط الصلح أن يُطلِقَ صَلاحُ الدين عزَّ الدين جورديك، وشمسَ الدين علي بن الداية، وأخويه سابق الدين، وبدر الدين. فسار أولادُ الداية إلى الملك الناصر، فأكرمهم، وأنعمَ عليهم. وأما جورديك، فأقام في خدمةِ الملك الصالح، وعَلِمَ الجماعةُ براءتَه ممَّا ظنوا به.

العام الهجري : 580 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

سار صلاح الدين من دمشق يريدُ الغزوَ، وجمَعَ عساكِرَه، فأتَته من كل ناحية، وأتاه نورُ الدين محمد بن قرا أرسلان، صاحِبُ الحصن. وكتب إلى مصرَ لِيُحضِرَ عَسكَرَها عنده على الكرك، فنازل الكركَ وحصره، وضَيَّقَ على من به، وأمَرَ بنصب المجانيق على ربضه، واشتَدَّ القتال، فملك المسلمون الربَضَ، وبقي الحصن، وهو الربضُ على سطحِ جَبَلٍ واحد، إلَّا أنَّ بينهما خندقًا عظيمًا فطَمُّوه بصعوبةٍ بالغة، وأرسَلَ مَن فيه من الفرنجِ إلى مَلِكِهم وفُرسانِهم يَستَمِدُّونَهم ويُعَرِّفونَهم عَجزَهم وضَعفَهم عن حِفظِ الحِصنِ، فاجتمعت الفرنجُ عن آخرها، وساروا إلى نجدتِهم عَجِلينَ، فلما بلغ الخبَرُ بمسيرهم إلى صلاح الدين رحَلَ عن الكرك إلى طُرُقِهم ليلقاهم ويُصافَّهم، ويعودَ بعد أن يهزِمَهم إلى الكرك، فقَرُبَ منهم وخَيَّم ونزل، ولم يمكِنْه الدنوُّ منهم لخشونةِ الأرض وصعوبةِ المَسلَك إليهم وضِيقِه، فأقام أيامًا ينتظِرُ خروجَهم من ذلك المكان ليتمَكَّنَ منهم، فلم يبرحوا منه خوفًا على نفوسِهم، فلما رأى ذلك رحل عنهم عدَّة فراسخ، وجعل بإزائِهم من يُعلِمُه بمسيرهم، فساروا ليلًا إلى الكَركِ، فلمَّا عَلِمَ صلاح الدين ذلك عَلِمَ أنَّه لا يتمكن حينئذٍ ولا يبلغُ غرَضَه، فسار إلى مدينةِ نابلس، ونهَبَ كُلَّ ما على طريقِه من البلاد، فلما وصَلَ إلى نابلس أحرَقَها وخَرَّبَها ونَهَبَها، وقَتَل فيها وأسَرَ وسَبى فأكثَرَ، وسار عنها إلى سبسطية، وبها جماعةُ أسرى من المسلمين، فاستنقَذَهم، ورحل إلى جينين فنهَبَها وخربها، وعاد إلى دمشق ونهب ما على طريقِه وخَرَّبه، وبث السرايا في طريقِه يمينًا وشمالًا يَغنَمونَ ويُخَرِّبون، حتى وصل إلى دمشقَ.

العام الهجري : 644 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1246
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ حسام الدين بنُ أبي علي الهذباني من دمشق، واستولى على بعلبكَّ بغير حربٍ في رجب، وحَمَل منها الملك المنصورُ نورَ الدين محمود بن الملك الصالح إسماعيل، وأخَذَه الملك السعيدُ عبد الملك إلى الديار المصريةِ تحت الاحتياط، ثمَّ صَلَحت الحالُ بين السلطانِ الصالح نجمِ الدين أيوب وبين المنصور صاحِبِ حمصَ والناصِر صاحب حلب، واتفَقَت الكلمة وبَعَث الصالح نجم الدين أيوب إلى حلب يطلب تسليمَ الصالح إسماعيل، فلم يجِبْ إلى تسليمه وأخرج السلطانُ عسكرًا كبيرًا، قدَّمَ عليه الأمير فخرَ الدين يوسف بن شيخ الشيوخ وسَيَّرَه لمحاربة الكرك، فسارَ إلى غزة، وأوقع بالخوارزميَّة، ومعهم الناصرُ داود صاحِبُ الكرك في ناحيةِ الصَّلت، وكَسَرَهم وبدَّدَ شَملَهم، وفَرَّ الناصِرُ إلى الكرك في عِدَّة، وكانت الكسرةُ على الصلت في ربيع الآخر، وسار فخر الدين عنها بعد ما حَرَقها واحتاط على سائِرِ بلاد الناصِرِ، وولى عليها النوَّابَ ونازل فخرُ الدين الكركَ، وخرَّبَ ما حولها، واستولى على البلقاء، وأضعف الناصرَ حتى سأله الأمان، فبعث فخرُ الدين يطلُبُ منه مَن عنده مِن الخوارزميَّة، فسَيَّرَهم الناصِرُ إليه، فسار عن الكركِ وهم في خدمتِه ثمَّ نازل فخرُ الدين بُصرى، حتى أشرفَ على أخْذِها، فنزل به مرض أشفى منه على الموتِ وحُمِل في محفَّة إلى القاهرة، وبقِيَ العسكَرُ حتى استولوا عليها، وقَدِمَ المنصورُ إبراهيم صاحِبُ حمص إلى دمشق منتميًا إلى السلطانِ الملك الصالحِ نجم الدين أيوب فنزل به مرض مات به في صَفَر.

العام الهجري : 1395 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1975
تفاصيل الحدث:

الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة هي حرب دمويَّة وصراعٌ معقَّد استمرَّ في لبنان 15 سنة و6 أشهر ما بين 1975- 1990م، وتعود جذوره للصراعاتِ والتنازلاتِ السياسيَّة في فترة الاستعمار الفرنسيِّ لسوريا ولبنان، وعاد ليثورَ بسبب التغيُّر السكانيِّ (الديمغرافي) في لبنان والنزاع الدينيِّ: الإسلامي النصراني من جهةٍ، والسني الشيعي من جهة أخرى، ومما زاد من حدَّة النزاع تقاربُ هذه العناصر من سوريا أو إسرائيل. وقد ساهَم إنشاءُ دولة إسرائيلَ ونزوحُ مئاتِ الآلاف من اللاجئين الفلسطينيِّين إلى لبنان خلالَ عامي 1948 و1967 في تغيير التوازن الديموغرافي لصالح السكانِ المسلمين. وقد بدأ القتالُ بين الموارنة والقواتِ الفلسطينية (معظمهم من منظمة التحرير الفلسطينية)، ثم شَكَّلت الجماعاتُ اليساريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة اللبنانية تحالفًا مع الفلسطينيين خلال فترة القتالِ، وعلاوةً على ذلك شاركت القوى الأجنبية، مثل إسرائيل وسوريا، في الحرب وحاربَت جنبًا إلى جنب مع فصائلَ مختلفةٍ. وبعد توقُّف قصير للمعارك عام 1976م لانعقاد القمَّة العربية عاد الصراع الأهليُّ ليُستكملَ، وعاد ليتركَّز القتالُ في جنوب لبنان بشكل أساسيٍّ، والذي سيطرت عليه بدايةً منظَّمةُ التحريرِ الفلسطينيَّة، ثم قامت إسرائيلُ باحتلالِه. وقد أسفرتْ هذه الحربُ عن مقتل 120 ألفًا، وما يقربُ من 76 ألف شخص مشرَّدين داخلَ لبنان، ومليون نازح خارج لبنان نتيجةَ الحربِ، ولم تسحب سوريا قواتها حتى عام 2005م؛ حيثُ أُجبرت على الانسحاب تحت ضغط المظاهرات اللبنانية والتدخُّل الدبلوماسي المكثَّف من الولايات الأمريكية المتحدة، وفرنسا والأمم المتحدة. وفي أغسطس 1989م تم التوصُّل بوساطة السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بدايةً لإنهاء الحرب الأهليَّة. ولكن ميشيل عون رفض الاتفاقَ؛ وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشارٍ سوريٍّ على الأراضي اللبنانية، وتم إقصاء ميشيل عون من قصر بعبدا الرئاسيِّ في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية - سورية مشتركة ومباركة أمريكية؛ حيث اضطر للجوء إلى السفارة الفرنسية، وتوجه من بعدها إلى باريس في منفاه.

العام الهجري : 126 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 744
تفاصيل الحدث:

بُويِعَ لِيَزيد بن الوَليدِ الذي يُقالُ له: النَّاقِص، وإنَّما سُمِّيَ النَّاقِصَ لأنَّه نَقَصَ الزِّيادَة التي كان الوَليدُ زادَها في عَطِيَّاتِ النَّاس، وهي عشرة عشرة، ورَدَّ العَطاءَ إلى ما كان أيَّام هِشام، لمَّا قُتِلَ الوليد بن يَزيد خَطَب يَزيدُ بن وَليد النَّاسَ فذَمَّ الوَليدَ بن يَزيد وأنَّه قَتلَه لِفِعلِه الخَبيث. قال: (... ظَهَر الجَبَّارُ العَنيد، المُستَحِلُّ الحُرْمَة، والرَّاكِب البِدعَة، والمُغَيِّر السُّنَّة، فلمَّا رأيتُ ذَلِكَ أَشفَقتُ إذ غَشِيَتكم ظُلْمَة لا تَقلَع عَنكم عَلَى كَثرَةٍ مِن ذُنوبِكم، وقَسوَةٍ مِن قُلوبِكم، وأَشفَقتُ أن يَدعو كَثيرٌ مِن النَّاس إِلَى ما هُوَ عَليهِ، فيُجيبُه مَن أَجابَه مِنكم، فاستَخرتُ اللَّه فِي أَمرِي، وسَألتُه ألا يِكِلَني إِلَى نَفسِي، ودَعوتُ إلى ذلك مَن أَجابَني مِن أَهلِي وأَهلِ وِلايَتِي، وهو ابْنُ عَمِّي فِي نَسَبي وكُفْئِي فِي حَسَبي، فأَراحَ اللَّه مِنه العِبادَ، وطَهَّر مِنه البِلادَ، وِلايَةً مِن اللَّه، وعَونًا بِلا حَوْلٍ مِنَّا ولا قُوَّة، ولكن بِحَوْلِ اللَّه وقُوَّتِه ووِلايَتِه وعَوْنِه. ثمَّ قال: أيُّها النَّاس إنَّ لكم عَليَّ أن لا أَضَعَ حَجرًا على حَجَر ولا لَبِنَة، ولا أَكتَري نَهرًا، ولا أُكثِر مالًا، ولا أُعطِيَه زَوجةً ووَلدًا، ولا أَنقُل مالًا عن بَلدٍ حتَّى أَسُدَّ ثَغرَه وخَصاصَة أَهلِه بما يُغنيهم، فما فَضَل نَقلتُه إلى البَلدِ الذي يَليهِ، ولا أُجَمِّرَكُم في ثُغورِكم فأَفتِنَكم، ولا أُغلِق بابي دونكم، ولا أَحمِل على أَهلِ جِزْيَتِكم، ولكم أُعطِياتُكم كُلَّ سَنَة، وأَرزاقُكم في كُلِّ شَهر حتَّى يكونَ أَقصاكُم كَأدناكُم، فإن وَفَّيتُ لكم بما قلتُ فعليكم السَّمعُ والطَّاعة وحُسْنُ الوِزارَة، وإن لم أَفِ فلكم أن تَخلَعوني إلَّا أن أَتوبَ، وإن عَلِمتُم أَحدًا ممَّن يُعرَف بالصَّلاح يُعطيكم مِن نَفسِه مِثلَ ما أُعطيكم وأَردتُم أن تُبايِعوه فأنا أوَّلُ مَن يُبايعهُ. أيُّها النَّاس لا طاعةَ لِمَخلوقٍ في مَعصِيةِ الخالِق).

العام الهجري : 794 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1392
تفاصيل الحدث:


هو الإمامُ العلَّامة بدرُ الدين أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي المنهاجي، تركي الأصل، ولد بمصر سنة 745, وتعلَّمَ الفِقَه فيها، عُنِيَ بالاشتغال مِن صِغَرِه، فحَفِظَ كُتبًا وأخذ عن الشيخ جمال الدين الإسنوي والشيخ سراج الدين البلقيني ولازمه، حتى أصبح من كبار علماء الشافعيَّة في مصر، وبرع في الأصول، له تصانيفُ عديدة أشهرها: (البرهان في علوم القرآن)، (البحر المحيط في الأصول)، (إعلام الساجد بأحكام المساجد)، (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)، (المنثور في القواعد الفقهية والأصولية)، (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح)، وغيرها من الكتب. قال ابن حجر: "رحل إلى دمشقَ فأخذ عن ابن كثير في الحديثِ وقرأ عليه مُختَصَره ومَدَحَه ببيتين، ثم توجه إلى حلب فأخذ عن الأذرعي، ثم جمع الخادم على طريق المهمات، فاستمد من التوسط للأذرعي كثيرًا، لكنه شحنه بالفوائد الزوائد من المطلب وغيره، وجمع في الأصول كتابًا سماه البحر في ثلاثة أسفار، وشرح علوم الحديث لابن الصلاح، وجمع الجوامع للسبكي، وشرع في شرح البخاري فتركه مُسَوَّدة وقفت على بعضها، ولخص منه التنقيح في مجلد، وشرح الأربعين للنووي، وولي مشيخة كريم الدين، وكان منقطعًا في منزله لا يتردَّدُ إلى أحدٍ إلا إلى سوق الكتبِ، وإذا حضره لا يشتري شيئًا، وإنما يطالِعُ في حانوت الكُتبي طول نهارِه ومعه ظهورُ أوراقٍ يُعَلِّقُ فيها ما يُعجِبُه، ثم يرجع فينقِلُه إلى تصانيفِه، وخرَّج أحاديث الرافعي، ومشى فيه على جمع ابن الملَقِّن، لكنه سلك طريق الزيلعي في سَوق الأحاديث بأسانيد خرَّجها، فطال الكتاب بذلك" ولَمَّا ولي البلقيني قضاءَ الشام استعار منه نُسختَه من الروضة مجلدًا بعد مجلدٍ، فعَلَّقَها على الهوامش من الفوائِدِ؛ فهو أول من جمع حواشي الروضة للبُلقيني، توفي في الثالث من رجب في القاهرة عن 50 عامًا.

العام الهجري : 11 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:

كان زيدُ بن حارِثةَ قد اسْتُشْهِدَ في مُؤْتةَ، فلمَّا أراد رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوَ تلك الجِهات جَهَّز جيشًا وأَمَّر عليهم أُسامةَ بن زيدِ بن حارِثةَ، وأَمَرهُ أن يَصِلَ إلى البَلْقاء، فتَجَهَّزَ الجيشُ وتَعَبَّأَ، ولكنَّ هذا الجيشَ لم يَنفذْ بسبب وَفاة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا تَولَّى أبو بكرٍ الخِلافةَ كان أوَّل شيء فعله هو إنفاذ جيشِ أُسامةَ وإرساله كما أراد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومع أنَّ أبا بكرٍ قد أشاروا عليه بعدم إرساله لكنَّه أَبَى إلَّا إنفاذَ ما كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أراد إنفاذَهُ، وشَيَّعَهُم أبو بكرٍ بنفسه ماشيًا، وأوصى الجيشَ، وكان مِن آثار هذا الفِعل مِن أبي بكر دِلالة على بقاء قوَّة المسلمين وارتِفاع معنوياتهم.

العام الهجري : 112 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 730
تفاصيل الحدث:

هو أبو عُقْبَة الجَرَّاح بن عبدِ الله الحَكَمي مُقَدِّم الجُيوش، فارِس الكَتائِب. وَلِيَ البَصْرَة من جِهَة الحَجَّاج، ثمَّ وَلِيَ خُراسان وسِجِسْتان لعُمَر بن عبدِ العزيز. وكان بَطلًا، شُجاعًا, عابِدًا، قارِئًا, كَبيرَ القَدْرِ, مَهيبًا طُوالًا، كان إذا مَرَّ في جامِع دِمَشق يَميلُ رَأسَه عن القَنادِيل مِن طُولِه. قال الجَرَّاح: تَرَكتُ الذُّنوبَ حَياءً أربعين سَنة، ثمَّ أَدْرَكَنِي الوَرَعُ. كان أَميرًا على أرمينية، فقَتَلَتْهُ الخَزَرُ، ففَزِعَ النَّاسُ لِقَتْلِه في البُلدان, ولمَّا قُتِلَ طَمِعَ الخَزَرُ في المسلمين وأَوْغَلوا في البِلادِ، وغَلَبَت الخَزَر على أذربيجان، حتَّى بَلَغوا قَريبًا مِن المَوْصِل. كان البَلاءُ بِمَقْتَلِه على المسلمين عَظيمًا، بَكَوا عليه في كُلِّ جُنْدٍ. كان رَحِمَه الله خَيِّرًا فاضِلًا صالِحًا، رَثاهُ كَثيرٌ مِن الشُّعَراء.

العام الهجري : 160 العام الميلادي : 776
تفاصيل الحدث:

خرجَ يوسف بن إبراهيم، المعروفُ بالبرم، بخراسان، منكِرًا هو ومن معه على المهديِّ سيرتَه التي يسيرُ بها، واجتمع معه بشَرٌ كثير، فتوجَّه إليه يزيد بن مزيد الشيباني، وهو ابنُ أخي معن بن زائدة، فلَقِيَه فاقتتلا، حتى صارا إلى المعانقة، فأسره يزيدُ بن مزيد وبعثَ به إلى المهدي، وبعثَ معه وجوهَ أصحابه، فلمَّا بلغوا النهروان حُمِلَ يوسفُ على بعيرٍ، قد حُوِّلَ وجهُه إلى ذَنَبه، وأصحابُه مثلُه، فأدخلوهم الرصافة على تلك الحال، وقُطِعَت يدا يوسُفَ ورِجلاه، وقُتِلَ هو وأصحابُه، وصُلِبوا على الجسر. وقد قيل: إنَّه كان حروريًّا، وتغلَّبَ على بوشنج وعليها مصعب بن زريق، جدُّ طاهر بن الحسين، فهرب منه، وتغلَّبَ أيضًا على مرو الروذ والطالقان والجوزجان، وقد كان من جملةِ أصحابه أبو معاذ الفريابي، فقُبِضَ معه.

العام الهجري : 1212 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1798
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ سعودُ بن عبد العزيز من جميعِ نواحي نجدٍ وعُربانها وقَصَد الشمال، وأغار على سوقِ الشيوخ المعروفِ عند البصرة، وقُتِل منهم قتلى كثيرة وهرب أناسٌ وغَرِقوا بالشطِّ، ثم قصد جهةَ السماوة فأتاه عيونُه وأخبروه بعُربان كثير مجتمعينَ في الأبيض الماء المعروف قرب السَّماوة, فنازلهم على مائِهم ذلك, وكانت تلك العُربان كثيرةٌ مِن عُربان شمر ورئيسُهم مطلق بـن محمد الجربا الفارس المشهور، ومعه عِدَّةٌ من الظفير، وعُربان آل بعيج والزقاريط وغيرهم, ونازلهم سعود وحصل بينهم قِتالٌ شديدٌ حتى حمل عليهم سعودٌ ومن معه فدهموهم في منازِلِهم وبيوتِهم، فقُتِل عِدَّةٌ مِن فرسان شمر وآل ظفير، وقُتِل مطلق الجربا قائِدُهم، فانهزمت القبائِلُ التي معه، وغَنِم سعود أكثَرَ محلَّتِهم وإبلِهم وأمتاعِهم.