الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 53 ق هـ العام الميلادي : 571
تفاصيل الحدث:

اختلفَ أهلُ السِّيَر والتَّاريخِ في تحديدِ يومِ وشهرِ وِلادتِه صلى الله عليه وسلم واتَّفقوا على أنَّ مِيلادَه صلى الله عليه وسلم كان يومَ الاثنينِ من عامِ الفيلِ.قال ابنُ القيِّم: "لا خِلافَ أنَّه وُلِدَ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم بجَوفِ مكَّة، وأنَّ مَولِدَه كان عامَ الفيلِ". عنِ ابنِ عبَّاس رضِي الله عنهُما أنَّه قال: (وُلِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفيلِ)، وهو الَّذي لا يَشكُّ فيه أحدٌ من العلماءِ. ونقل خليفةُ بنُ خيَّاط وابنُ الجزَّار وابنُ دِحيةَ وابنُ الجوزيِّ فيه الإجماعَ. وأمَّا مولدُه يومَ الاثنينِ، فعن أبي قَتادةَ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: " سُئل صلى الله عليه وسلم  عن صومِ يومِ الاثنينِ؟ قال: "ذاكَ يومٌ وُلدتُ فيهِ، ويومٌ بُعثتُ أو أُنزلَ عليَّ فيهِ". قال ابنُ كَثيرٍ: "وأبعدَ بل أخطأَ مَن قال: وُلِدَ يومَ الجُمعةِ لِسبعَ عشرةَ خلتْ من ربيعٍ الأوَّلِ". أمَّا موضعُ الخِلافِ فقد كان في تحديدِ الشَّهرِ واليومِ منه،  رَوى ابنُ إسحاقَ عن نَفَرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسولَ الله، أخبرنا عن نَفسِك. قال: (نعمْ، أنا دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورأتْ أمِّي حين حملتْ بي أنَّه خرج منها نورٌ أضاءَ لها قُصورَ الشَّام). وكانت وِلادتُه صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاةِ والدِه عبدِ الله، حيث كان حَمْلًا في بطنِ أمِّه حين تُوفِّي والدُه، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيمًا. وكانت وِلادتُه في دارِ أبي طالبٍ بِشِعبِ بني هاشمٍ.

العام الهجري : 8 العام الميلادي : 629
تفاصيل الحدث:

لمَّا فرَغ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن حُنينٍ بعَث أبا عامرٍ على جيشٍ إلى أَوْطاسٍ، فلَقِيَ دُرَيْدَ بنَ الصِّمَّةِ، فقُتِلَ دُريدٌ وهزَم الله أصحابَهُ، قال أبو موسى الأَشعريُّ: وبعَثني مع أبي عامرٍ عُبيدٍ الأَشعريِّ، فرُمِيَ أبو عامرٍ في رُكْبَتِهِ، رَماهُ جُشَمِيٌّ بِسَهمٍ فأَثْبَتَهُ في رُكبتِهِ، فانتَهيتُ إليه فقلتُ: يا عمِّ مَن رَماك؟ فأَشار إليه فقال: ذاك قاتِلي الذي رَماني. فقصدتُ له فلَحِقْتُهُ، فلمَّا رَآني وَلَّى، فاتَّبَعْتُه وجعلتُ أقولُ له: ألا تَسْتَحْيِي، ألا تَثْبُتُ، فكَفَّ، فاخْتلَفْنا ضَربتين بالسَّيفِ فقَتلتُه، ثمَّ قلتُ لأبي عامرٍ: قتَل الله صاحِبَك. قال: فانْزَعْ هذا السَّهمَ. فنَزعْتُه فنَزا منه الماءُ قال: يا ابنَ أخي أَقْرِئْ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم السَّلامَ، وقُلْ له: اسْتَغْفِرْ لي. واسْتخلَفني أبو عامرٍ على النَّاسِ، فمكَث يَسيرًا ثمَّ مات، فرجعتُ فدخلتُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في بيتِه على سَريرٍ مُرْمَلٍ وعليه فِراشٌ، قد أَثَّرَ رِمالُ السَّريرِ بِظَهْرِهِ وجَنْبَيْهِ، فأَخبرتُه بخَبرِنا وخَبرِ أبي عامرٍ، وقال: قُلْ له اسْتَغْفِرْ لي. فدَعا بماءٍ فتَوضَّأَ، ثمَّ رفَع يَديهِ فقال: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لعُبيدٍ أبي عامرٍ». ورَأيتُ بَياضَ إِبْطَيْهِ، ثمَّ قال: «اللَّهمَّ اجْعَلْهُ يومَ القِيامةِ فوقَ كَثيرٍ مِن خَلقِك مِنَ النَّاسِ». فقلتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ. فقال: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لعبدِ الله بنِ قَيسٍ ذَنْبَهُ، وأَدْخِلْهُ يومَ القِيامةِ مُدخَلًا كَريمًا» قال أبو بُردةَ: إحداهُما لأبي عامرٍ، والأُخرى لأبي موسى.

العام الهجري : 655 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1257
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الملك المعز عِزُّ الدنيا والدين، أيبك التركماني، الصالحي الجاشنكير- جاشنكير متذوِّق طعام السلطان-  صاحب مصر. لما قتل المماليكُ المعظَّم توران شاه، خَطَبوا لشجرةِ الدر أمِّ خليل أيامًا، وكانت تعلِّمُ على المناشير، وتأمُرُ وتنهى، ويُخطَبُ لها بالسلطنة. ولما وصل الخبَرُ بذلك إلى بغداد فبعث الخليفة المستعصم بالله من بغداد كتابا إلى مصر وهو ينكِرُ على الأمراء ويقولُ لهم: "إن كانت الرجالُ قد عَدِمَت عندكم فأعلِمونا حتى نسَيِّرَ إليكم رجلًا" فاجتمع الأمراءُ والبحرية للمشورة واتفقوا على إقامة الأمير عز الدين أيبك مقَدَّم العسكر في السلطنة ولقَّبوه بالملك المعز. كان المعزُّ أكبر الصالحية، دَيِّنًا عاقلًا ساكًنا، كريمًا تاركًا للشرب. ملكوه في أواخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، وتزوَّجَ بأم خليل، فأنِفَ من سلطنتِه جماعة، فأقاموا في الاسمِ الملك الأشرف موسى بن الناصر يوسف ابن المسعود أطسز بن السلطان الملك الكامل وله عشرُ سنين، وذلك بعد خمسة أيام، فكان التوقيع يبرز وصورته: رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي. واستمَرَّ ذلك والأمور بيد المعز، وكان في المعِزِّ تُؤَدة ومداراة، ثم استقَلَّ بالملك بلا منازعة، وكسر الناصِرَ لَمَّا أراد أخذ الديار المصرية وقَتَلَ فارِسَ الدين أقطاي الجمدار- جمدار حامل ملابس السلطان- سنة ثنتين وخمسين، وخلع بعده الأشرفَ، واستقَلَّ بالملك وحده، وهو واقِفُ المدرسة المعزية بمصرَ ومجازُها من أحسن الأشياء. كان موتُه في يوم الثلاثاء  الثالث والعشرين من ربيع الأول، أصبح المعز بداره ميتًا فاتَّهَم مماليكُه زوجته شجرة الدر، وقد كان عَزَم على تزوُّجِ ابنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، فأمرت جواريها أن يمسِكنَه لها فما زالت تضربُه بقباقيبِها والجواري يَعركنَ في أنثَيَيه حتى مات وهو كذلك، وقيل بل أعدت له شجرة الدرِّ خمسةً ليقتلوه منهم محسن الجوجري، وخادمٌ يعرف بنصر العزيزي، ومملوكٌ يسمى سنجر، فلما كان يوم الثلاثاء ركب الملك المعز من الميدان بأرضِ اللوق، وصَعِدَ إلى قلعة الجبل آخِرَ النهار، ودخل إلى الحمام ليلًا، فأغلق عليه الباب محسن الجوجري، وغلام كان عنده شديدُ القوة ومعهما جماعة، وقتلوه بأن أخذه بعضُهم بأنثييه وبخناقه، فاستغاث المعز بشَجَرةِ الدر فقالت اتركوه، فأغلظ لها محسن الجوجري في القول، وقال لها: متى ترَكْناه لا يبقي علينا ولا عليك، ثم قتلوه، وأقامت الأتراكُ بعده ولَدَه عليًّا، بإشارةِ أكبر مماليكه الأمير سيف الدين قطز، ولَقَّبوه الملك المنصور، وخُطِبَ له على المنابر وضُرِبَت السكة باسمه وجَرَت الأمور على ما يختاره برأيه ورسمه، عاش المعِزُّ نيفًا وخمسين سنة، وكان قد مكث في الملك نحوًا من سبع سنين.

العام الهجري : 693 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1293
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ المَلِكُ الأشرف صلاحُ الدين خليل بن السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي، جلس على تخت المُلك في ذي القعدة سنة 689، بعد موت والده، واستفتح المُلكَ بالجهاد، وسار فنازل عكَّا وافتتحها، ونظَّفَ الشامَ كُلَّه من الفرنج، ثم سار في السنة الثانية فنازل قلعةَ الروم وحاصَرَها خمسة وعشرين يومًا وافتتحها، ثم في السنة الثالثة جاءته مفاتيحُ قلعة بهسنا من غير قتالٍ إلى دمشق، ولو طالت مدَّتُه مَلَكَ العِراقَ وغيرها، فإنه كان شجاعًا مِقدامًا مَهيبًا عالي الهمَّة، يملأُ العينَ ويَرجُف القلب. وكان ضخمًا سمينًا كبيرَ الوجه مستديرَ اللحية، على صورتِه رونقُ الحُسنِ وهَيبةُ السلطنة، وكان إلى جودِه وبذلِه الأموالَ في أغراضِه المنتهى، تخافه الملوكُ في أقطارها؛ أباد جماعةً من كبار الدولة، وكان منهَمِكًا على اللذَّات، لا يعبأُ بالتحرُّزِ على نفسِه لشجاعتِه. توجه من القاهرة ثالث المحرم سنة 693 هو والوزير شمس الدين بن السلعوس وأمراءُ دولته، وفارقه وزيرُه من الطرانة إلى الإسكندرية، وعَسَف وظَلَم وصادَرَ النَّاس، ونزل السلطانُ الأشرف بأرض الحمامات للصيد، وأقام إلى يومِ السبت ثالث عشر المحرم، فلما كان العصرُ وهو بتروجة حضر نائب السلطنةِ بيدرا وجماعةٌ من الأمراء، وكان الأشرف أمره بُكرةً أن يتقَدَّم بالدهليز ليتصَيَّدَ هو ويعود عشيَّة، فاحتاطوا به وليس معه إلَّا شهاب الدين بن الأشل أميرُ شكارة، فابتدره نائبُه على مصر بدر الدين بيدرا فضربَه بالسيف فقطَعَ يَدَه، فصاح حسامُ الدين لاجين عليه، وقال: من يريد السلطنةَ تكونُ هذه ضربَتَه؟! وضربه على كَتِفِه فحله، فسقط السلطان إلى الأرض، ولم يكن معه سيفٌ، بل كان وسَطُه مشدودًا بالبند، ثم جاء سيف الدين بهادر رأس نوبة، فأدخل السيفَ من أسفله وشَقَّه إلى حلقه، وتركوه طريحًا في البريَّة، والتفُّوا على بيدرا وحَلَفوا له، وساق تحت العصايب يطلب القاهرةَ، وتسَمَّى بالملك الأوحد، وبات تلك الليلةَ، وأصبح يسيرُ، فلما ارتفع النهار إذا بطَلَبٍ كبير قد أقبل يقدُمُه زين الدين كتبغا وحسام الدين أستاذدار يطلبون بيدرا بدمِ أستاذِهم، وذلك بالطرانة.

العام الهجري : 791 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1389
تفاصيل الحدث:

خرج المَلِكُ الظاهر برقوق مِن سجن الكرك، واستولى على مدينتِها ووافقه نائِبُها الأمير حسام الدين حسن الكجكني، وقام بخِدمتِه، وقد حضر إلى الملك الظاهر برقوق ابنُ خاطر أمير بني عقبة من عرب الكَركِ، ودخل في طاعته، وقَدِمَ هذا الخبر من ابن بأكيش نائب غزة، فلمَّا سمعه منطاش- الذي تغلب على الناصري وأصبح هو نائِبَ السلطنة- أرسل من يقتُلُ الظاهر برقوق في سجنه، واضطربت الديارُ المصرية، وكَثُرَت القالة بين الناس، واختلفت الأقاويلُ، وتشَغَّب الزعر، وكان مِن خَبَرِ الملك الظاهر برقوق أنَّ منطاش لَمَّا وثب على الأمر وقهر الأتابك يلبغا الناصري وحبسه وحَبَس عِدَّةً من أكابر الأمراء، عاجَلَ في أمر الملك الظاهر برقوق بأن بعث إليه شخصًا يُعرَفُ بالشهاب البريدي، ومعه كتُبٌ للأمير حسام الدين الكجكني نائب الكرك وغيره بقَتلِ الملك الظاهر برقوق من غير مراجَعةٍ، ووعده بأشياءَ غيرِ نيابة الكرك، وكان الشهابُ البريدي أصلُه من الكرك، فجَهَّزه منطاش لذلك سرًّا، فلما وصل الشهاب إلى الكرك أخرج الشهابُ إلى نائبها كتابَ منطاش الذي بقَتلِ برقوق، فأخذه الكجكني منه ليكونَ له حُجَّةً عند قَتْلِه السلطان برقوق، ووعَدَه بقضاء الشُّغلِ وأنزل الشهابَ بمكان قلعة الكرك قريبًا من الموضِعِ الذي فيه الملك الظاهر برقوق، بعد أن استأنَسَ به، ثم قام الكجكني من فَورِه ودخل إلى الملك الظاهر برقوق ومعه كتاب منطاش الذي بقَتلِه، فأوقفه على الكتابِ، فلمَّا سمعه الملك الظاهر كاد أن يَهلِكَ من الجزع، فحَلَف له الكجكني بكلِّ يمين أنَّه لا يُسَلِّمُه لأحد ولو مات، وأنَّه يطلِقُه ويقومُ معه، وما زال به حتى هدأ ما به، وطابت نفسُه، واطمأنَّ خاطِرُه، وقد اشتهر في مدينة الكرك مجيءُ الشهاب بقتل الملك الظاهر برقوق، وكان في خدمةِ الملك الظاهر غلامٌ مِن أهل الكرك يقال له عبد الرحمن، فنزل إلى جماعةٍ في المدينة وأعلَمَهم أن الشهابَ قد حضر لقَتلِ أستاذه الملك الظاهر، فلمَّا سمعوا ذلك اجتمعوا في الحال، وقَصَدوا القلعة وهجموها حتى دخَلوا إلى الشهاب وهو بسَكَنِه من قلعة الكرك، ووثَبوا عليه وقَتَلوه، ثم جَرُّوه برجله إلى الباب الذي فيه المَلِك الظاهر برقوق، وكان نائِبُ الكرك الكجكني عند الملك الظاهر، وقد ابتدؤوا في الإفطار بعد أذان المغرب، وهي ليلة الأربعاء عاشر شهر رمضان من سنة 791 فلم يشعر الملك الظاهر والكجكني إلَّا وجماعة قد هجموا عليهم، وهم يدعون للملك الظاهر بالنَّصرِ، وأخذوا الملك الظاهِرَ بيَدِه حتى أخرجوه من البرجِ الذي هو فيه، وقالوا له: دُسْ بقدمك عند رأس عدُوِّك، وأروه الشهابَ مقتولًا، ثم نزلوا به إلى المدينةِ فدُهِشَ النائب مما رأى، ولم يجِدْ بدًّا من القيامِ في خدمة الملك الظاهر وتجهيزِه، وانضَمَّ على الملك الظاهِرِ أقوام الكرك وأجنادُها، وتسامع به أهلُ البلاد، فأتَوه من كُلِّ فَجٍّ بالتقادم والخيول، كل واحدٍ بحَسَبِ حالِه، وأخذ أمرُ الملك الظاهر برقوق من يومِ ذلك في استظهارٍ، وأما أمر منطاش فإنه لما سَمِعَ هذا الخبر وتحقَّقَه، علم أنه وقع في أمرٍ عظيم، فأخذ في تدبيرِ أحوالِه، فأول ما ابتدأ به أن قَبَض على جماعةٍ كبيرة من المماليك الظاهرية، وسجنهم وقَتَل بَعْضَهم.

العام الهجري : 897 العام الميلادي : 1491
تفاصيل الحدث:

كان الملك فرديناند قد أظهر للمسلمين في الأيام الأولى من تسليم غرناطة العناية والاحترام حتى كان النصارى يَغيرون منهم ويحسدونهم ويقولون لهم أنتم الآن عند ملكنا أعز وأكرم منا، ووضع عنهم المغارم وأظهر لهم العدل حيلة منه وكيدًا؛ ليغرَّهم بذلك وليثبطهم عن الجواز، فوقع الطمع لكثير من الناس، وظنوا أن ذلك يدوم لهم فاشتروا أموالًا رخيصة وأمتعة أنيقة وعزموا على الجلوس مع النصارى، ثم إن فرديناند أمر الأمير محمد بن علي أبا عبد الله الصغير بالانصراف من غرناطة إلى قرية أندرش من قرى البشرة، فارتحل الأمير محمد بعياله وحشمه وأمواله وأتباعه، فنزل قرية أندرش وأقام بها ينتظر ما يؤمر به، ثم إن الملك فرديناند ظهر له أن يصرف الأمير أبا عبد الله الصغير إلى العدوة فأمره بالجواز وبعث للمراكب أن تأتي إلى مرسى عذرة، واجتمع معه خلق كثير ممن أراد الجواز فركب الأمير محمد ومن معه في تلك المراكب في عزة واحترام وكرامة مع النصارى، وساروا في البحر حتى نزلوا مدينة مليلة من عدوة المغرب، ثم ارتحل إلى مدينة فاس, وكان من قضاء الله وقدره أنه لما جاز أبو عبد الله الصغير وسار إلى مدينة فاس أصاب الناس شدة عظيمة وغلاء مفرِط وجوع وطاعون، واشتد الأمر بفاس حتى فر كثير من الناس من شدة الأمر، ورجع بعض الناس من الذين جازوا إلى الأندلس فأُخبروا بتلك الشدة فقصر الناس عن الجواز, فعزموا على الإقامة والدجن-المداهنة- ولم يجوز النصارى أحدًا بعد ذلك إلا بالكراء والمغرم الثقيل وعُشر المال، فلما رأى فرديناند أن الناس قد تركوا الجواز وعزموا على الدجن والاستيطان والمقام في الأوطان أخذ في نقض الشروط التي شرطوا عليه، ولم يزل ينقضها شرطًا شرطًا ويحلها فصلًا فصلًا إلى أن نقض جميعها وزالت حرمة الإسلام عن المسلمين وأدركهم الهوان والذلة، واستطال النصارى عليهم، وفُرِضت عليهم الفروضات وثَقُلت عليهم المغارم، وأمرهم بالخروج من مدينة غرناطة إلى الأرباض والقرى، فخرجوا أذلة صاغرين!
 أما الأمير أبو عبد الله الصغير فبعد أن لجأ إلى مدينة فاس بالمغرب وسلطانها يومئذ محمد الشيخ الوطاسي المعروف بالبرتغالي، بقي فيها ذليلًا حقيرًا يستعطف الناس إلى أن توفي سنة 940 عن عمر 73سنة.

العام الهجري : 442 العام الميلادي : 1050
تفاصيل الحدث:

استولى الخوارجُ المُقيمونَ بجبال عُمان على مدينةِ الولاية، وسبَبُ ذلك أنَّ صاحِبَها الأمير أبا المُظَفَّر ابن الملك أبي كاليجار كان مُقيمًا بها، ومعه خادِمٌ له قد استولى على الأمورِ، وحَكَم على البلاد، وأساء السيرةَ في أهلها، فأخذ أموالَهم، فنفروا منه وأبغَضوه، وعَرَفَ إنسانٌ من الخوارجِ- يقالُ له ابنُ راشدٍ- الحالَ، فجمع مَن عنده منهم فقَصَد المدينةَ، فخرج إليه الأميرُ أبو المُظَفَّر في عساكِرِه، فالتَقَوا واقتَتَلوا، فانهزمت الخوارجُ وعادوا إلى موضِعِهم، وأقام ابنُ راشد مدَّةً يجمَعُ ويحتَشِدُ، ثم سار ثانيًا، وقاتله الديلم فأعانه أهلُ البلد لسوءِ سِيرةِ الديلم فيهم، فانهزم الديلم، وملَكَ ابنُ راشد البلد وقتل الخادِمَ وكثيرًا من الديلم، وقبض على الأميرِ أبي المظفَّر وسَيَّرَه إلى جباله مُستَظهرًا عليه، وسَجَن معه كُلَّ مَن خَطَّ بقلمٍ مِن الديلم، وأصحابَ الأعمال، وأخرب دارَ الإمارة، وقال: هذه أحقُّ دارٍ بالخراب، وأظهَرَ العدل، وأسقَطَ المكوسَ، واقتصر على رَفعِ عُشرِ ما يَرِدُ إليهم، وخطَبَ لنَفسِه، وتلقَّبَ بالراشد بالله، ولَبِسَ الصوف، وبنى موضعًا على شَكلِ مسجد، وقد كان هذا الرجلُ تَحَرَّك أيضًا أيامَ أبي القاسم بن مكرم، فسَيَّرَ إليه أبو القاسِمِ مَن منعه وحصَرَه وأزال طَمَعَه.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

اجتمع الشَّاكرية وأصحابُ الفروض إلى دار محمَّد بن عبدالله بن طاهر أميرِ العراق يطلبونَ أرزاقَهم، فكتب إلى أمير المؤمنين بذلك، فكتب الخليفة في الجواب: إن كنتَ تريد الجندَ لنفسِك فأعطِهم أرزاقَهم، وإن كنتَ تريدُهم لنا فلا حاجة لنا فيهم؛ فشَغَّبوا عليه، وأخرجَ لهم ألفي دينارٍ، ففُرِّقَت فيهم فسكتوا، ثم اجتمعوا مرَّةً أخرى بالسِّلاح والأعلام والطبول، وجمع محمَّد أصحابَه في داره, واجتمع إلى أولئك (المشغِّبين) خلقٌ كثير، وكان رئيسَهم أبو القاسم عبدون بن الموفَّق، وكان من نوَّاب عبيدالله بن يحيى بن خاقان، فحثَّهم على طلب أرزاقِهم، فحصل بينهم وبين أصحابِ محمدٍ قتالٌ، وظهروا على أصحابِه، ولَمَّا رأى ابن طاهر أنَّ الجندَ قد ظهروا على أصحابِه أمرَ بالحوانيت التي على باب الجِسرِ أن تُحرَق، فاحترق للتجَّار متاعٌ كثير، فحالت النارُ بين الفريقين، ورجع الجندُ إلى مُعسكرهم, ثم إنَّ ابنَ طاهر أتاه في بعض الأيامِ رجُلان من الجند، فدلَّاه على عورةِ القومِ، فأمر لهما بمئتي دينارٍ، وأمر الشاه بن ميكال وغيرَه من القواد في جماعةٍ بالمسيرِ إليهم، فسار إلى تلك الناحية، وكان أبو القاسم، وابن الخليل- وهما المقَدَّمان على الجند- قد خافا مُضِيَّ ذَينك الرجُلين، وقد تفرق الناسُ عنهما، فسار كلُّ واحد منهما إلى ناحية، وأما ابن الخليل فإنَّه لقي الشاه بن ميكال ومن معه، فصاح بهم، وصاح أصحابُ محمد، وصار في وسَطِهم، فقُتِل، وأما أبو القاسم فإنَّه اختفى فدُلَّ عليه، فأُخذ وحُمل إلى ابن طاهر، وتفَرَّق الجند من باب حرب، ورجَعوا منازِلَهم، وقُيِّدَ أبو القاسِم وضُرِبَ ضربًا مبرِّحًا فمات منه.

العام الهجري : 162 العام الميلادي : 778
تفاصيل الحدث:

هو الإمام العارف، سيد الزهاد، أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن أدهم بن منصور التميمي البلْخي ويقال له العجلي. أحد مشاهير العباد وأكابر الزهاد. كانت له همة عالية في ذلك. أصله من بلْخ، ولد سنة 99،كان من الأشراف وكان أبوه كثيرَ المال والخَدَم, ثم ترَكَ ابنُ أدهم الدُّنيا وأقبل على آخِرتِه، سكن الشام وروى الحديثَ، قال النسائي: "إبراهيم بن أدهم ثقة مأمون أحد الزهاد". اشتهر بالزُّهد والورع، فلا يُذكَرُ الزُّهدُ إلَّا ويُذكَرُ إبراهيمُ، كان لا يأكُلُ إلَّا مِن عمَلِ يديه، وقِصَصُه في الزهدِ مَشهورةٌ جدًّا. عن سفيان الثوري قال: لو كان إبراهيم بن أدهم في الصحابة لكان رجلا فاضلا له سرائر وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يديه, وقال عبد الله بن المبارك: كان إبراهيم رجلا فاضلا له سرائر ومعاملات بينه وبين الله عز وجل. قال ابن أدهم: الزهد ثلاثة، واجب، ومستحب، وزهد سلامة، فأما الواجب فالزهد في الحرام، والزهد عن الشهوات الحلال مستحب، والزهد عن الشبهات سلامة. وقال: قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تورث الغم والجزع.

العام الهجري : 1 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 622
تفاصيل الحدث:

لمَّا رَأى المُشركون أنَّ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قد تَجهَّزوا وخرجوا، وحملوا وساقوا الذَّراريَّ والأطفالَ والأموالَ إلى الأوسِ والخزرجِ في يَثْرِبَ، أصابتهُم الكآبةُ والحزنُ، وساوَرهُم القلقُ والهَمُّ، فاجتمع طواغيتُ مكَّةَ في دارِ النَّدوَةِ لِيتَّخِذوا قرارًا حاسمًا في هذا الأمرِ. وكان اجتماعُهُم بعدَ شَهرينِ ونصفِ تقريبًا مِن بَيعةِ العَقبةِ، وتوافد إلى هذا الاجتماعِ جميعُ نُوَّابِ القبائلِ القُرشيَّةِ؛ لِيتَدارسوا خُطَّةً حاسِمةً, تَكفُلُ القضاءَ سريعًا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ودَعوتِهِ, ولمَّا جاءوا إلى دارِ النَّدوةِ حَسْبَ الميعادِ، اعترضهُم إبليسُ في هَيئةِ شيخٍ جليلٍ، ووقف على البابِ، فقالوا: مَن الشَّيخُ؟ قال: شيخٌ مِن أهلِ نجدٍ, سمِع بالذي اتَّعَدْتُم له فحضر معكم لِيسمعَ ما تقولون، وعسى ألَّا يُعْدِمَكُم منه رأيًا ونُصْحاً. قالوا: أجلْ، فادْخُلْ. فدخل معهم. وبعد أن تَكامل الاجتماعُ, ودار النِّقاشُ طويلًا. قال أبو الأَسودِ: نُخرِجُهُ مِن بين أَظْهُرِنا ونَنْفيهِ مِن بلادِنا، ولا نُبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أَصلَحنا أَمْرَنا, وأُلْفَتَنا كما كانت. قال الشيخُ النَّجديُّ: لا والله ما هذا لكم برأيٍ، ألم تَرَوْا حُسْنَ حَديثهِ، وحَلاوةَ مَنْطِقِهِ، وغَلَبَتْهُ على قلوبِ الرِّجالِ بما يأتي به، والله لو فعلتُم ذلك ما أَمِنْتُم أن يَحِلَّ على حَيٍّ مِن العربِ، ثمَّ يَسيرُ بهِم إليكم - بعد أن يَتَّبِعوهُ - حتَّى يَطأَكُم بهِم في بلادِكُم، ثمَّ يفعلُ بكم ما أراد، دَبِّروا فيه رأيًا غيرَ هذا. قال أبو البَخْتريِّ: احْبِسوه في الحديدِ وأَغلِقوا عليه بابًا، ثمَّ تَربَّصوا به ما أصاب أمثالَهُ مِن الشُّعراءِ الذين كانوا قبله - زُهيرًا والنَّابِغةَ - ومَن مضى منهم، مِن هذا الموتِ، حتَّى يُصيبَهُ ما أصابهم. قال الشَّيخُ النَّجديُّ: لا والله ما هذا لكم برأيٍ، والله لَئِن حَبَستُموه -كما تقولون- لَيَخرُجنَّ أَمرُهُ مِن وراءِ البابِ الذي أغلقتُم دونَه إلى أصحابهِ، فلأَوْشَكوا أن يَثِبوا عليكم، فيَنزِعوه مِن أَيديكُم، ثمَّ يُكاثِروكُم به حتَّى يَغلِبوكُم على أَمرِكُم، ما هذا لكم برأيٍ، فانظروا في غيرِهِ. بعد ذلك تَقدَّم كبيرُ مُجرِمي مكَّةَ أبو جهلِ بنِ هشامٍ بِاقتِراحٍ آثمٍ وافق عليه جميعُ مَن حضر, قال أبو جهلٍ: والله إنَّ لي فيه رأيًا ما أَراكُم وقعتُم عليه بعدُ. قالوا: وما هو يا أبا الحكمِ؟ قال: أَرى أن نَأخُذَ مِن كُلِّ قَبيلةٍ فَتًى شابًّا جَليدًا نَسِيبًا وَسِيطًا فِينا، ثمَّ نُعطي كُلَّ فَتًى منهم سَيفًا صارمًا، ثمَّ يَعمِدوا إليه، فيَضرِبوه بها ضربةَ رجلٍ واحدٍ فيَقتُلوه، فنَستَريحَ منه، فإنَّهم إذا فعلوا ذلك تَفرَّق دَمُهُ في القبائلِ جميعًا، فلمْ يَقدِرْ بنو عبدِ منافٍ على حربِ قومِهم جميعًا، فَرَضوا مِنَّا بالعَقْلِ، فَعَقَلْناهُ لهم. قال الشَّيخُ النَّجديُّ: القولُ ما قال الرَّجلُ، هذا الرَّأيُ الذي لا رأيَ غيرُهُ. ووافقوا على هذا الاقتراحِ الآثمِ بالإجماعِ.

العام الهجري : 231 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 846
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدِ اللهِ أحمَدُ بنُ نصرِ بن مالك بن الهيثم الخُزاعي المروزي، ثم البغدادي، الإمامُ الكبيرُ الشَّهيدُ، ثِقةٌ فاضِلٌ، مِن كبارِ العُلَماء الآمِرينَ بالمعروفِ والنَّاهينَ عن المُنكَر. كان أحمَدُ بنُ نصرٍ يُخالِفُ مَن يقولُ: القُرآنُ مخلوقٌ، ويُطلِقُ لِسانَه فيه، مع غِلظةِ بالواثق، وكان يقولُ- إذا ذكَرَ الواثِقَ: فعَلَ هذا الخِنزيرُ، وقال هذا الكافِرُ، وفشا ذلك، فكان يغشاه رجلٌ يُعرَفُ بأبي هارونَ الشَّداخ وآخَرُ يقال له طالب، وغيرُهما، ودَعَوا الناسَ إليه، فبايعوه على الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكر، وفرَّقَ أبو هارون وطالِبٌ في الناسِ مالًا، فأعطيا كلَّ رجلٍ دينارًا، واتَّعَدوا ليلةَ الخميس لثلاثٍ خَلَت من شَعبانَ لِيَضرِبوا الطبلَ فيها ويثوروا على السُّلطانِ، فافتضحَ أمرُهم فأرسل الواثِقُ إلى أحمدَ بنِ نصرٍ، فأخَذَه وهو في الحمَّامِ، وحمل إليه، وفَتَّش بيته، فلم يوجَدْ فيه سلاحٌ، ولا شيءٌ من الآلاتِ، فسَيَّرَهم محمد بن إبراهيم إلى الواثِقِ مُقَيَّدينَ على أُكُفِ بِغالٍ ليس تحتَهم وِطاءٌ، إلى سامِرَّا وكان قد أعدَّ له مجلِسَ قضاءٍ، فقال الواثِقُ: ما تقولُ بالقرآنِ؟ قال: كلامُ اللهِ، فقال الواثِقٌ: أمخلوقٌ هو؟ قال: كلامُ الله. قال: فما تقولُ في ربِّك أَتَراه يومَ القيامة؟ قال: يا أميرَ المؤمنينَ، قد جاءت الأخبارُ عن رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((تَرَونَ ربَّكم يومَ القيامةِ كما تَرَون القمَرَ- قال- لا تُضامُونَ في رُؤيتِه)) فنحن على الخبَرِ، فقال الواثِقُ لِمَن حوله: ما تقولونَ فيه؟ فقال عبدُ الرحمن بن إسحاق- وكان قاضيًا على الجانبِ الغربيِّ- وعِزِّكَ يا أميرَ المؤمنينَ، هو حلالُ الدَّمِ، وقال بعضُ أصحابِ ابنِ أبي دؤاد: اسقِني دَمَه، وقال ابنُ أبي دؤاد: هو كافِرٌ يُستتابُ، لعلَّ به عاهةً ونقْصَ عَقلٍ، كأنَّه كَرِهَ أن يُقتَلَ بسَببِه، فقال الواثِقُ: إذا رأيتُموني قد قمتُ إليه، فلا يقومَنَّ أحَدٌ، فإنِّي أحتَسِبُ خطايَ إليه، ودعا بالصَّمصامة- سيفِ عمرِو بنِ مَعدِيَكرِب الزبيدي- ومشى إليه، وهو في وسط الدار على نِطعٍ، فضربه على حبلِ عاتِقِه، ثمَّ ضربَ سيما الدمشقيُّ رقبَتَه، وحزَّ رأسَه، وطعنه الواثِقُ بطَرفِ الصمصامة في بطنِه، وحُمِلَ رأسُه إلى بغداد فنُصِبَ بها وأقيمَ عليه الحرَسُ، وكتَبَ في أذُنِه رقعة: هذا رأسُ الكافرِ، المُشرِك الضالِّ، أحمد بن نصر؛ فلم يزَلْ مَصلوبًا ستَّ سنين، ثمَّ حُطَّ وجُمِعَ بين رأسِه وبدنِه، ودفن بالجانبِ الشَّرقيِّ مِن بغداد في عهد المتوكِّل، وتتبَّعَ الواثِقُ أصحابَ أحمدَ بنِ نصر، فجُعِلوا في الحُبُوس، فرحمةُ اللهِ على أحمدَ بنِ نَصرٍ، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ذكره الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل يومًا، فقال: "رَحِمَه اللهُ، ما كان أسخاه بنَفسِه لله! لقد جاد بنَفسِه له".

العام الهجري : 521 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي البلنسي النحوي، أحد أئمة اللغة والأدب في القرنين الخامس والسادس الهجريين. ولد ببطليوس سنة 444, ونشأ بها، ثم سكن مدينة بلنسية، وكان الناس يجتمعون إليه ويقرؤون عليه ويقتبسون منه، واشتهر بالتبحر في الأدب واللغة، وكان مقدَّمًا في معرفتهما وإتقانهما، وانتصب لإقراء علوم النحو، واجتمع إليه الناس، وله يدٌ في العلوم القديمة، وكان حسَنَ التعليم، جيِّدَ التفهيم، ثقة ضابطًا. ألَّف كتبًا نافعة ممتعة, ومن أشهر كتبه: المثلث في اللغة، والاقتضاب في شرح أدب الكتاب. وكانت وفاته في 15 رجب من هذه السنة.

العام الهجري : 1299 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1882
تفاصيل الحدث:

تولَّى الشيخُ محمد المهدي العباسي مشيخةَ الأزهر، وهو الشيخُ الحادي والعشرون في سلسلة مشايخ الأزهر، جمع بين منصبي الإفتاء ومشيخة الأزهر لأوَّلِ مَرَّة، وقد عُرِفَ بالشجاعة والجرأة في الحَقِّ. وهو أوَّلُ من تقلَّدَها من الحنفية، وهو الذي سَنَّ امتحانَ التدريس للعلماء، وجعَلَ لهم قانونًا في ذلك، واجتمع رأيُهم أن يكون المُمتَحِنون ستةً مِن أكابر العلماء، من أهل كلِّ مَذهَبٍ اثنان سوى مذهَبِ الإمام أحمد بن حنبل، وجُعِلَ الامتحان في أحد عشر علمًا: الحديث، والتفسير، والأصول، والفقه، والتوحيد، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والمنطق
وقد عُزِلَ عن المشيخة والإفتاء مرَّتين، ثم أُرجِعَ إليهما.

العام الهجري : 6 ق هـ العام الميلادي : 616
تفاصيل الحدث:

 كانت قُريشٌ تُحذِّر منَ الاستِماعِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا قَدِم الطُّفَيلُ بن عمرٍو مكةَ مَشَى إليه رجالٍ من قُرَيشٍ، وكان الطُّفَيلُ رجلًا شَريفًا شاعِرًا لَبيبًا، فقالوا له: "يا طُفَيلُ، إنَّك قَدِمتَ بلادَنا، وهذا الرجلُ الذي بين أظهُرِنا قد أعضَلَ -اشتَدَّ أمرُه- بنا، وقد فرَّق جماعَتَنا، وشتَّت أمْرَنا، وإنَّما قَولُه كالسِّحرِ يُفرِّق بين الرَّجلِ وبين أبيه، وبين الرَّجُلِ وبين أخيه، وبين الرَّجُلِ وبين زَوجَتِه، وإنَّا نَخشَى عليك وعلى قَومِك ما قد دَخلَ علينا، فلا تُكلِّمَنَّه ولا تَسمَعَنَّ منه شيئًا". قال: فَواللهِ ما زالوا بي حتَّى أجمعتُ ألَّا أسمَعَ منه شيئًا ولا أُكلِّمه، حتى حَشَوتُ في أُذُنَيَّ حين غَدَوتُ إلى المسجِدِ كُرسُفًا -قُطنًا- خوفًا مِن أن يَبلُغَني شيءٌ مِن قَولِه، وأنا لا أُريدُ أن أسمَعَه. فغَدَوتُ إلى المسجدِ فإذا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائمٌ يصلِّي عند الكَعبةِ. قال: فقُمتُ منه قريبًا، فأبى الله إلَّا أنْ يُسمِعَني بعضَ قولِه. قال: فسَمِعتُ كَلامًا حَسَنًا. فقُلتُ في نَفسي: وا ثُكْلَ أُمِّي، واللهِ إنِّي لرَجلٌ لَبيبٌ شاعِرٌ ما يَخفَى علَيَّ الحَسنُ من القَبيحِ، فما يَمنَعُني أن أسمَعَ من هذا الرَّجلِ ما يقولُ؟ فإنْ كان الذي يَأتي به حَسنًا قَبِلتُه، وإن كان قَبيحًا تَرَكتُه. فمَكَثتُ حتى انصَرَف رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بيتِه فاتَّبَعتُه، حتى إذا دخل بَيتَه دَخَلتُ عليه، فقلتُ: يا مُحمَّدُ، إنَّ قومَك قد قالوا لي كذا وكذا، للذي قالوا؛ فوالله ما بَرِحوا يُخوِّفونَني أمْرَك حتى سَدَدتُ أُذُنَيَّ بكُرسُفٍ لِئَلَّا أسمَعَ قولَك، ثمَّ أبَى الله إلا أن يُسمِعَني قَولَك، فسَمِعتُه قَولًا حَسَنًا، فاعرِضْ علَيَّ أمْرَك. قال: فعَرَضَ علَيَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإسلامَ، وتلا علَيَّ القُرآنَ، فلا والله ما سَمعتُ قولًا قطُّ أحسنَ منه، ولا أمرًا أعدَلَ منه. فأسلمتُ وشَهِدتُ شهادةَ الحقِّ، وقلتُ: يا نبيَّ الله، إنِّي امرُؤٌ مُطاعٌ في قومي، وأنا راجِعٌ إليهم، وداعيهِم إلى الإسلامِ، فادعُ الله أن يجعلَ لي آيةً تَكون لي عَونًا عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: "اللَّهمَّ اجعَل له آيةً".
قال: فخَرَجتُ إلى قومي، حتى إذا كنتُ بثَنيَّةٍ -الفُرجةُ بين الجَبَلَين- تُطلِعُني على الحاضِرِ -أي: القوم النَّازِلين على الماء- وقع نورٌ بين عينَيَّ مِثلُ المِصباحِ، فقُلتُ: اللَّهمَّ في غيرِ وجهي، إنِّي أخشى أن يَظُنُّوا أنَّها مُثلةٌ وَقَعت في وَجهي لفِراقي دينَهم. قال: فتَحَوَّل فوَقَع في رأسِ سوطي. قال: فجَعَل الحاضِرُ يَتراءَون ذلك النُّورَ في سَوطي كالقِنديلِ المُعلَّقِ، وأنا أهبِطُ إليهم من الثَّنيَّةِ، قال: حتى جِئتُهم فأصبَحتُ فيهم. فلمَّا نزلتُ أتاني أبي، وكان شيخًا كبيرًا، قال: فقلتُ: إليك عنِّي يا أبتِ، فلستُ منك ولستَ منِّي. قال: ولِمَ يا بُنَيَّ؟ قال: قلتُ: أسلمتُ وتابَعتُ دينَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: أيْ بنيَّ، فديني دينُك. قال: فقلتُ: فاذهَبْ فاغتَسِلْ وطهِّرْ ثيابَك، ثم تعالَ حتى أُعَلِّمَك ما عَلِمتُ. فذَهَب فاغتَسَلَ، وطهَّرَ ثيابَه، ثم جاء فعَرَضتُ عليه الإسلامَ، فأسلمَ.
ثم أتَتْني صاحِبَتي -زَوجَتي- فقلتُ: إليكِ عنِّي، فلستُ منكِ ولستِ منِّي. قالت: لِمَ؟ بأبي أنت وأمي. قلتُ: قد فرَّق بيني وبينكِ الإسلامُ، وتابَعتُ دينَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قالت: فديني دينُكَ. قلتُ: فاذهَبي فتطهَّري، فذَهَبَت فاغتسَلَت، ثم جاءت فعَرَضتُ عليها الإسلامَ، فأسلَمَت.
ثم دعوتُ دَوسًا إلى الإسلامِ فأبطَؤوا علَيَّ، ثم جئتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمكةَ، فقلتُ له: يا نبيَّ الله، إنَّه قد غَلَبني على دوسٍ الزِّنا -لَهوٌ مع شُغُلِ القَلبِ والبَصرِ-، فادعُ الله عليهم، فقال: "اللَّهمَّ اهدِ دَوسًا، ارجِعْ إلى قومِكَ فادعُهم وارفُقْ بِهِم". قال: فلَم أزَلْ بأرضِ دَوسٍ أدعوهم إلى الإسلامِ، حتى هاجَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ، ومَضَى بدرٌ وأُحُدٌ والخَندَقُ، ثم قَدِمتُ على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِمَن أسلم معي من قومي، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَيبَرَ، حتى نزلتُ المدينةَ بسبعين أو ثمانين بَيتًا من دوسٍ، ثم لَحِقْنا برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَيبَرَ، فأسهَمَ لنا مع المسلمين".
ثم لم يَزَل رَضي اللهُ عنه مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى فتح الله عليه مكَّةَ، وكان معه بالمدينةِ حتى قَبَض الله رسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا ارتدَّتِ العربُ خرج مع المسلمين، فسار معهم حتى فَرَغوا من طُلَيحةَ، ومن أرضِ نجدٍ كلِّها. ثم سار مع المسلمين إلى اليَمامةِ، واستشهد فيها.

العام الهجري : 143 العام الميلادي : 760
تفاصيل الحدث:

هو عمرو بنُ عُبيد بن باب التميميُّ ولاءً، من أهل ِالبصرةِ، شيخ المعتزلة في زمانه، اشتُهِر بزهده، أخذ عن واصل بن عطاءٍ، واعتزل معه مجلسَ الحسَن البصريِّ، قال يحيى بن معين: "كان من الدَّهرية الذين يقولونَ إنما الناسُ مِثلُ الزرع"، وقال ابن المبارك: "دعا إلى القدَرِ فتركوه"، قال ابن عُلية: "أوَّلُ من تكلَّم في الاعتزالِ واصِلُ الغزَّال، فدخل معه عمرو بنُ عُبيد، فأُعجِبَ به وزوَّجَه أختَه"، وله كتابُ العدل، والتوحيد، وكتاب الردَّ على القدرية يُريدُ السُّنَّة، مات بمران قرب مكة.