نكث أصبهبذ طبرستان العهدَ الذي كان بينه وبين المسلمين، وقتلَ طائفةً ممَّن كان بطبرستان، فجهَّز إليه المنصورُ جيشًا بقيادة خازم بن خزيمة، وروحِ بن حاتم، ومعهم مرزوقٌ أبو الخصيب، مولى المنصور، فحاصَروه مدةً طويلة، فلما أعياهم فتحُ الحِصنِ احتالوا عليه، وذلك أنَّ أبا الخصيبِ قال: اضربوني واحلِقوا رأسي ولِحيتي، ففعلوا ذلك، فذهب إليه كأنَّه مُغاضِبٌ للمُسلِمينَ قد ضربوه وحلَقوا لحيتَه، فدخل الحِصنَ، وقال للأصبهبذ: إنَّما فعلوا ذلك بي تهمةً منهم لي أن يكونَ هوايَ معك, ففرح به الأصبهبذ وأكرَمَه وقَرَّبه، وجعل أبو الخصيب يُظهِرُ له النصحَ والخِدمةَ حتى خدَعَه، وحظِيَ عنده جدًّا وجعَلَه من جملةِ من يتولَّى فتحَ الحِصنِ وغَلْقَه، فلمَّا تمكَّنَ من ذلك كاتبَ المُسلمينَ وأعلَمَهم أنَّه سيفتحُ لهم البابَ في ليلةٍ محدَّدة، فلمَّا كانت تلك الليلةُ فتح لهم بابَ الحِصنِ فدخلوا فقتَلوا مَن فيه من المُقاتِلة وسَبَوا الذريَّة، وامتصَّ الأصبهبذ خاتمًا مسمومًا فمات. وكان فيمن أَسَروا يومئذ أمُّ منصور بن المهدي، وأم إبراهيم بن المهدي، وكانتا من بنات الملوك الحِسان.
بدأ فيليب الثاني يستعدُّ لاحتلال جزيرة باديس، وشجَّعه على ذلك النصرُ الذي حقَّقه في وهران، فوجَّه لذلك أسطولًا في هذه السَّنة, فقاومه المجاهدون مقاومةً عنيفةً، واضطرَّ الأسطول إلى التراجع, والجديرُ بالذكر أنَّ جزيرة باديس كانت أقربَ نقطة مغربية إلى جبل طارق، وأنَّها كانت بالنسبة للمجاهدين ميناءً هامًّا؛ إذ يمكِنُهم من خلالها العبور للأندلس، كما يمكِنُهم التسلل لداخل الأراضي الإسبانية؛ لتقديم المساعدة للمسلمين هناك، والذين أطلقوا على أنفُسِهم الغرباء، وهذا ما دفع الإسبانيين إلى الهجوم عليها من خلال محاولتهم السابقة، كما كانت جزيرة باديس بالإضافة إلى ذلك مثارَ رعب وخوفٍ لدى السلطان السعدي الغالب بالله؛ إذ خاف السلطان أن يخرجَ الأسطول العثماني من تلك الجزيرة إلى المغرب، فاتَّفق مع الإسبان أن يخلِّيَ لهم الأدالة من حجرة باديس ويبيع لهم البلاد ويُخلِّيها من المسلمين، وينقطع أسطولُ العثمانيين في تلك الناحية، مقابِلَ الدفاع عن شواطئ المغرب إذا هاجمها الأسطول العثماني الذي علِمَ بتلك المؤامرة، فانسحب ورجع إلى الجزائر، كما عزل بويحيى رايس من منصبه في باديس في أواخر هذا العام, وانصرف العثمانيون عن الحرب في غرب البحر المتوسط؛ إذ توجَّه نشاط الأسطول الحربي إلى جزيرة مالطة في الشرق.
لَمَّا رجع الشريف بعد حملتِه غيرِ الموفَّقة على قصر الشعراء في أعالي نجد، انفرد عن كثير من البوادي وأكثرهم من مطير وقبائل شمر ورئيسهم مسعود الملقَّب حصان إبليس، وانحازوا إلى ماء معروف بالعدوة لشمر قُربَ حائل، فنهض لهم الأمير سعود بن عبد العزيز واستنفر أهلَ نجد البادي والحاضر، فسار بجنوده حتى نازلهم في تلك الناحية ووقع بينهم قتالٌ شديد، فانهزمت تلك البوادي وقُتِل منهم قتلى كثير من بينهم قائدُهم حصان إبليس، وغنم الأمير سعود منهم غنائِمَ عظيمةً، فلما انهزم هؤلاء البوادي وأُخِذت أموالهم استنفروا من يليهم من قبائلِهم ممَّن لم يحضر الوقعة، وأرسلوا إلى سعود يدعونه للمنازلة، فأقبلوا إليه وهو يقسم الغنائم في العدوة، فثبت لهم سعود وجنودُه وأوقدوا فيهم وفي إبِلِهم بالبارودِ والرصاص، فلما أراد مُقَدَّمهم مسلط بن مطلق الحربا أن يطأ بفرسِه بساطَ سعود ليفيَ بنَذرِه، اختطفه جنودُ سعود وأردوه قتيلًا، فانهزمت البوادي لا يلوي أحدٌ على أحدٍ، وتركوا إبِلَهم مقرونةً بالحبال فغَنِمَها سعود وجميعَ ما معهم من الغنم والمتاع، ثم أخذوا في مطاردتهم يومين يأخذون الأموال ويقتلون الرجال.
أخرج الترمذي في سننه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أَعِزَّ الإسلامَ بأَحَبِّ هذين الرجُلَيْنِ إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ قال وكان أَحَبَّهُما إليه عمرُ)) وروى أهل السِّير أنَّ عمر خرج يومًا مُتوشِّحًا سَيفَهُ يُريدُ القضاءَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلقِيهُ رجلٌ فقال: أين تعمدُ يا عُمَرُ؟ قال: أريدُ أنْ أقتُلَ محمَّدًا. قال: كيف تأمنُ من بني هاشمٍ ومن بني زُهرةَ وقد قتلتَ محمَّدًا؟ فقال له عُمَرُ: ما أراك إلَّا قد صَبَوْتَ، وتركتَ دينَك الذي كنتَ عَليهِ، قال: أفلا أدُلُّك على العَجَبِ يا عُمَرُ? إنَّ أُختَك وخَتَنَكَ قد صَبَوَا، وتركا دينَك الذي أنت عَليهِ، فمشى عُمَرُ إليهِما، وعندهُما خَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ، معه صَحيفةٌ فيها: سُورةُ [طه] يُقرِئهُما إيَّاها، فلمَّا سمِع خَبَّابٌ حِسَّ عُمَرَ تَوارى في البيتِ، وسَترتْ فاطمةُ أُختُ عُمَرَ الصَّحيفةَ، وكان قد سمِع عُمَرُ حين دنا مِنَ البيتِ قِراءةَ خَبَّابٍ إليهِما، فلمَّا دخل عليهِما قال: ما هذه الهَيْنَمَةُ التي سمعتُها عندكُم؟ فقالا: ما عَدا حديثًا تحدَّثناهُ بيننا. قال: فلَعلَّكُما قد صَبَوْتُما, فقال له خَتَنُهُ: يا عُمَرُ، أرأيتَ إنْ كان الحقُّ في غيرِ دينِك؟ فوثبَ عُمَرُ على خَتَنِهِ فَوَطِئَهُ وَطْئًا شَديدًا, فجاءتْ أختُه فرفعتْهُ عن زَوجِها، فَنَفَحَها نَفْحَةً بيدِه، فَدَمَّى وجهَها، فقالتْ، وهي غَضبى: يا عُمَرُ، إنْ كان الحقُّ في غيرِ دينِك، أشهدُ أنْ لا إلَه إلَّا الله، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله. فلمَّا يَئِسَ عُمَرُ، ورَأى ما بِأُختِه مِنَ الدَّمِ نَدِمَ واستَحْيا، وقال: أَعْطوني هذا الكتابَ الذي عندكُم فأَقرؤهُ، فقالتْ أختُه: إنَّك رِجْسٌ، ولا يَمَسُّهُ إلَّا المُطهَّرون، فقُمْ فاغْتسِلْ، فقام فاغتسَلَ، ثمَّ أخذَ الكتابَ، فقرأَ: بسم الله الرحمن الرحيم فقال: أسماءُ طَيِّبَةٌ طاهرةٌ. ثمَّ قرأَ [طه] حتَّى انتهى إلى قولِه: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) فقال: ما أحسنُ هذا الكلامَ وأَكرمَهُ؟ دِلُّوني على محمَّدٍ. فأتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَسلمَ عندَه، ثمَّ خرج المسلمون معهُ في صَفَّيْنِ حتَّى دخلوا المسجدَ، فلمَّا رأتهُم قُريشٌ أصابتْها كآبةٌ لم تُصبْها مِثلُها.
خرجت طائفةٌ من الروسيَّة في البحر إلى نواحي أذربيجان، وركبوا في البحرِ في نهر للكر، وهو نهرٌ كبير، فانتهوا إلى بَردعةَ، فخرج إليهم نائبُ المرزبان بردعة في جمع الديلم والمطوعة يزيدون على خمسةِ آلافِ رجلٍ، فلَقُوا الروس، فلم يكُنْ إلَّا ساعة حتى انهزم المسلمونَ منهم، وقُتِلَ الديلم عن آخرهم، وتَبِعَهم الروس إلى البلد، فهرب من كان له مركوبٌ وترك البلد، فنزله الروسُ ونادوا فيه بالأمان فأحسنوا السيرةَ، وأقبلت العساكرُ الإسلامية مِن كُلِّ ناحية، والروس تقاتِلُهم، فلا يثبُتُ المسلمون لهم، وغَنِموا أموالَ أهلها واستعبدوا السَّبيَ، واختاروا من النِّساءِ مَن استحسنوها. لَمَّا فعل الروسُ بأهل بردعة ما فعلوا استعظَمَه المسلمون، فتنادَوا بالنفيرِ، وجمع المرزبانُ بنُ محمد النَّاسَ واستنفَرَهم, فبلغ عِدَّةُ من معه ثلاثين ألفًا، وسار بهم، وكان يغاديهم القتالَ ويُراوِحُهم، فلا يعود إلَّا مفلولًا، فبَقُوا كذلك أيامًا كثيرة، وقد أصاب الروسَ الوباءُ، ولما طال الأمرُ على المرزبان أعمل الحِيَل، فرأى أن يكمنَ كمينًا، ثم يلقاهم في عسكَرِه، ويتطارَدَ لهم، فإذا خرج الكمينُ عاد عليهم، فتقَدَّمَ إلى أصحابه بذلك، ورتَّبَ الكمينَ ثمَّ لَقِيَهم، واقتتلوا، فتطارد لهم المرزبانُ وأصحابُه، وتَبِعَهم الروسيَّةُ حتى جازوا موضِعَ الكمينِ، فاستمَرَّ الناسُ على هزيمتهم لا يلوي أحدٌ على أحد، فخرجوا من ورائِهم، والتجأ الباقونَ إلى حصنِ البلد، ويُسَمّضى شهرستان، وكانوا قد نقلوا إليه ميرةً كثيرةً، وجعلوا معهم السبيَ والأموالَ، فحاصرهم المرزبان وصابَرَهم، ثمَّ إن أصحاب المرزبان أقاموا يقاتِلونَ الروسية، وزاد الوباءُ على الروسيَّة، فكانوا إذا دفَنوا الرجلَ دفنوا معه سلاحَه، فاستخرج المسلمونَ مِن ذلك شيئًا كثيرًا بعد انصرافِ الروس، ثم إنَّهم خرجوا من الحِصنِ ليلًا، وقد حملوا على ظهورِهم ما أرادوا من الأموالِ وغيرِها، ومَضَوا إلى الكرِّ، وركبوا في سُفُنِهم ومضوا، وعجز أصحابُ المرزبان عن اتِّباعِهم وأخذِ ما معهم، فتركوهم، وطَهَّرَ اللهُ البلادَ منهم.
لَمَّا رأى الصليبيون قوةَ التَّتار وأنَّهم لا قِبَل لهم بهم وخافوا عليهم من أن يُسلِموا بحكم احتكاكهم بالمسلمين، أرادوا أن يَجُرُّوهم إلى النصرانيَّة، فقام البابا إينوسان الرابع بإرسال بعثة إلى خاقان ملك المغول إلى عاصمتِهم قره كروم يدعوه فيها إلى اعتناق النصرانيَّة، فاشترط الخاقان لاعتناقها دخول البابويَّة وجميع ملوك وأمراء الغرب تحت سيادتِه.
بعد خروج ابن أبي عمارة على دولة الحفصيين بتونس خلع أميرَها إبراهيم بن زكريا الحفصي وبويع أبو حفص عمر الأول بن يحيى بن عبد الواحد الحفصي، أما أبو زكريا يحيى بن أبي إسحاق فقد استقَلَّ بمدينة بجاية وقسطينة وبونة، وأقام دولة لهم بالمغرب الأوسط واتخذَ مِن بجاية عاصمةً له.
نقض دهام بن دواس عهدَه مع الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية، فعدا على أهل أبي الكباش، ثم رجع فلمَّا تبيَّنَ منه أهلُ الدِّينِ في الرياض المكرَ والغدرَ تركوا أموالَهم وبلدهم وهاجروا إلى منفوحة، ثم هاجروا إلى الدرعية، لما تبين لهم أن رئيس المنفوحة محمد بن فارس قد انضمَّ مع دهام بن دواس في نقضِ العَهدِ.
حُنينُ: وادٍ إلى جَنبِ ذي المَجازِ، قريبٌ مِنَ الطَّائفِ، وبينه وبين مكَّةَ بضعةَ عشرَ مِيلًا مِن جِهَةِ الشرائع والسيل الكبير، وقِيلَ سُمِّيَ بِحُنَيْنٍ؛ نِسبَةً إلى رَجلٍ يُدعَى: حُنينَ بنَ قابِثَةَ بنِ مَهْلائِيلَ.
وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد أقامَ بمكَّةَ 19 يومًا، حتَّى جاءَتْ هَوازِنُ وثَقيفٌ فنزلوا بحُنينٍ يُريدون قِتالَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكانوا قد جمَعوا قبلَ ذلك حين سَمِعوا بمَخرجِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ المدينةِ، وهُم يَظنُّون أنَّه إنَّما يُريدُهم، فلمَّا أَتاهُم أنَّه قد نزَل مكَّةَ، أخَذوا في الاسْتِعدادِ لِمُواجهَتِه، وقد أَرادوها مَوقِعَةً حاسِمةً، فحَشدوا الأموالَ والنِّساءَ والأَبناءَ حتَّى لا يَفِرَّ أَحدُهم ويَترك أهلَهُ ومالَهُ، وكان يَقودُهم مالكُ بنُ عَوفٍ النَّضْريُّ، واسْتنفَروا معهم غَطَفانَ وغيرَها. فاسْتعَدَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم لِمُواجَهتِهم، فاسْتَعارَ مِن يَعْلى بنِ أُميَّةَ ثلاثين بَعيرًا وثلاثين دِرْعًا، واسْتَعارَ مِن صَفوانَ بنِ أُميَّةَ مائةَ دِرْعٍ، واسْتعمَل عَتَّابَ بنَ أَسِيدِ بنِ أبي العاصِ أَميرًا على مكَّةَ، وقد ثبَت في الصَّحيحين أنَّ الطُّلقاءَ قد خرَجوا معه إلى حُنينٍ. واسْتقبَل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بجَيشِه وادِيَ حُنينٍ في عَمايَةِ الصُّبْحِ، وانْحَدروا فيه، وعند دُخولِهم إلى الوادي حَملوا على هَوازِنَ فانْكشَفوا، فأَكَبَّ المسلمون على ما تَركوهُ مِن غَنائِمَ، وبينما هُم على هذه الحالِ اسْتقبَلَتْهُم هَوازِنُ وأَمطَرتْهُم بِوابِلٍ مِنَ السِّهامِ، ولم يكنْ المسلمون يَتوقَّعون هذا فضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ، فوَلَّوْا مُدْبِرين لا يَلْوِي أحدٌ على أحدٍ، وانْحازَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم ذاتَ اليَمينِ وهو يقولُ: (أين النَّاسُ؟ هَلُمُّوا إليَّ، أنا رسولُ الله، أنا رسولُ الله، أنا محمَّدُ بنُ عبدِ الله). وأمَر الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ العبَّاسَ -وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوتِ- أن يُنادِيَ النَّاسَ بالثَّباتِ، وخَصَّ منهم أصحابَ بَيعةِ الرِّضوانِ، فأَسرَعوا إليه، ثمَّ خَصَّ الأَنصارَ بالنِّداءِ، ثمَّ بني الحارثِ بنِ الخَزرجِ، فطاروا إليه قائِلِين: لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ. ودارت المَعركةُ قَويَّةً ضِدَّ هَوازِنَ، وقال الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عندما رأى المَعركةَ تَشْتَدُّ: (هذا حين حَمِيَ الوَطيسُ). ثمَّ أخَذ حَصَياتٍ -أو تُرابا- فرَمى به وُجوهِ الكُفَّارِ وهو يقولُ: (شاهَتِ الوُجوهُ). فما خلَق الله تعالى منهم إنسانًا إلَّا مَلأَ عَينَيْهِ تُرابًا بتلك القَبضةِ، فوَلَّوْا مُدْبِرين، والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: (انْهزَموا ورَبِّ محمَّدٍ)، وفي رِوايةٍ أُخرى: (انْهزَموا ورَبِّ الكَعبةِ, انْهزَموا ورَبِّ الكَعبةِ). وقد رُوِيَ: أنَّ قَتْلى بني مالكٍ مِن ثَقيفٍ لِوَحدِها قد بلَغ 70 قَتيلًا، وقُتِلَ بأَوْطاسٍ مِن بني مالكٍ 300، وقُتِلَ خُلَقٌ كَثيرٌ مِن بني نَصرِ بنِ مُعاوِيَةَ ثمَّ مِن بني رِئابٍ، ورُوِيَ: أنَّ سَبْيَ حُنينٍ قد بلَغ 6000 مِنَ النِّساءِ والأَبناءِ. بينما قُتِلَ مِنَ المسلمين أربعةٌ.
كان قد رُسِم لتغري بردي بنيابة دمشق، ثم في محرم سنة 804 كتب الأمراء بمصر لأمراء دمشق بالقبض على الأمير تغري بردي، فكَتَب له بذلك بعضُ أعيان أمراء مصر، فسبق كتابُه كتابَ الأمراء، فركب من دار السعادة بدمشق في نفرٍ من مماليكه في ليلة الجمعة ثاني عشرين المحرم وخرج إلى حلب، فتعيَّن لنيابة دمشق عوضًا عنه الأمير آقبغا الجمالي الأطروش أتابك دمشق، وكتب بانتقال دقماق نائب صفد إلى نيابة حلب عوضًا عن دمرداش المحمدي بحُكم عصيانه وانضمامه إلى تغري بردي لَمَّا قدم عليه من دمشق، واستقر الأمير تمربغا المنجكي في نيابة صفد عوضًا عن دقماق، وأما تغري بردي فإنه لما سار إلى حلب وجد الأمير دمرداش نائب حلب قد قبض على الأمير خليل بن قراجا بن دلغادر أمير التركمان، فأمره تغري بردي بإطلاقه، فأطلقه، واتفق الجميعُ على الخروج عن طاعة السلطان بسبب مَن حوله من الأمراء، واجتمع عليهم خلائِقُ من التركمان وغيرهم؛ فإن دقماق جمع جموعَه من العساكر والتركمان لقتال تغري بردي ودمرداش نائب حلب، وسار إلى جهة حلب، فخرج إليه تغري بردي وعلى مقدمته دمرداش، وصدموه صدمة واحدة انكسر فيها بجموعه وولَّوا الأدبار، ونهب ما معهم، وعاد دقماق منهزمًا إلى دمشق، واستنجد بنائبها الأمير آقبغا الجمالي الأطروش، وكتب أيضًا دقماق لجميع نواب البلاد الشامية بالحضور والقيام بنصرة السلطان، وجمع من التركمان والعربان جمعًا كبيرًا، وخرج معه غالب العساكر الشامية، وعاد إلى جهة حلب بعساكر عظيمة، وتغري بردي ودمرداش في مماليكهم لا غير، مع جدب البلاد الحلبية، وخراب قراها؛ فإنه كان عقيب توجه تيمورلنك بسنة واحدة وأشهر، فلما قارب دقماق بعساكره حلب أشار دمرداش على تغري بردي بالتوجه إلى بلاد التركمان من غير قتال، فقال تغري بردي: لا بد من قتالنا معه، فإن انتصرنا وإلا توجهنا إلى بلاد التركمان بحقٍّ، فبرزا لدقماق بمماليكهما، وقد صفَّ دقماق عساكره، واقتتلا قتالًا شديدًا، وثبت كل من الفريقين، وقد أشرف دقماق على الهزيمة، وبينما هو في ذلك خرج من عسكر تغري بردي ودمرداش جماعة إلى دقماق، فانكسرت عند ذلك الميمنة، ثم انهزم الجميع إلى نحو بلاد التركمان، فلم يتبعهم أحد من عساكر دقماق، وملك دقماق حلب، واستمر تغري بردي ودمرداش ببلاد التركمان، وكانت الأخبار وردت بجمع التركمان ونزولهم مع دمرداش إلى حلب، وأن دقماق نائب حلب اجتمع معه نائب حماة والأمير نعير، ثم في السنة التالية في محرم قدم تغري بردي إلى دمشق بأمان كان كُتِبَ له من قِبَل السلطان مع كُتُب جميع الأمراء، وقد فارق دمرداش ورغب في الطاعة، ثم انتقل منها إلى مصر فوصلها في آخر الشهر.
كُتِبَ ببغدادَ مَحضَرٌ يتضَمَّنُ الطَّعنَ والقَدحَ في نَسَبِ الفاطميِّينَ، وهم ملوكُ مِصرَ فليسُوا كذلك، وإنَّما نسَبُهم إلى عُبيدِ بنِ سَعدٍ الجَرميِّ، وكَتَب في ذلك جماعةٌ من العُلَماءِ والقُضاة والأشراف والعُدول، والصالحين والفُقهاء، والمحَدِّثين، وشَهِدوا جميعًا أنَّ الحاكِمَ بمِصرَ: منصورُ بنُ نِزارِ الملَقَّب بالحاكم- حَكَمَ اللهُ عليه بالبَوارِ والخِزيِ والدَّمارِ- بن مَعد بنِ إسماعيلَ بنِ عبد الله بن سعيد، لا أسعَدُه الله؛ فإنَّه لَمَّا صار إلى بلاد المغرِبِ تَسمَّى بعُبَيد الله، وتلَقَّب بالمهديِّ، وأنَّ مَن تقَدَّمَ مِن سَلَفِه أدعياءُ خوارِجُ، لا نسَبَ لهم في ولدِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، ولا يتعَلَّقونَ بسَببٍ، وأنَّه مُنَزَّهٌ عن باطلهم، وأنَّ الذي ادَّعَوه إليه باطِلٌ وزُورٌ، وأنَّهم لا يَعلَمونَ أحدًا مِن أهل بيوتاتِ عليِّ بنِ أبي طالب توقَّف عن إطلاقِ القَولِ في أنَّهم خوارِجُ كَذَبةٌ، وقد كان هذا الإنكارُ لباطِلِهم شائعًا في الحَرَمينِ، وفي أوَّلِ أمْرِهم بالمَغربِ مُنتشِرًا انتشارًا يمنع أن يُدَلَّسَ أمرُهم على أحدٍ، أو يذهَبَ وَهمٌ إلى تَصديقِهم فيما ادَّعوه، وأنَّ هذا الحاكِمَ بمِصرَ هو وسَلَفُه كُفَّارٌ فُسَّاقٌ فُجَّارٌ، مُلحِدون زنادِقة، مُعَطِّلون، وللإسلامِ جاحدون، ولِمَذهب المجوسيَّة والثنويَّة مُعتَقِدونَ، قد عطَّلوا الحُدودَ، وأباحوا الفُروجَ، وأحلُّوا الخَمرَ، وسَفَكوا الدِّماءَ، وسَبَوا الأنبياءَ، ولَعَنوا السَّلَف، وادَّعَوا الرُّبوبيَّة.
وقد كتَبَ خَطَّه في المَحضَرِ خَلقٌ كَثيرٌ؛ فمِن العَلَويِّينَ: الشَّريفُ المُرتضى وأخوه الرَّضِي، وابن البطحاويِّ العَلَوي، وابن الأزرق المُوسَوي، والزكي أبو يعلى عمرُ بن محمد، ومن القُضاة: ابنُ الأكفاني، وابن الخرزي، وأبو العبَّاسِ الأبيوردي، وأبو عبدِ اللهِ بنُ النُّعمان، فقيه الشيعة، ومِن الفُقَهاءِ: أبو حامدٍ الإسفرايينيِّ، والكشفلي، والقُدوري، والصيمري، وأبو عبد الله بن البيضاوي، وأبو الفَضلِ النَّسَوي، ومن الشُّهودِ: أبو القاسِمِ التَّنوخيُّ في كثيرٍ منهم، وكَتَبَ فيه خلقٌ كثيرٌ غيرَهم. قال أبو الفرجِ بنُ الجوزي: "وممَّا يدُلُّ على أنَّ هؤلاء أدعياءُ كَذَبةٌ، كما ذكَرَ هؤلاء السَّادة العُلَماء، والأئِمَّة الفُضَلاء، وأنَّهم لا نسَبَ لهم إلى عليِّ بن أبي طالب، ولا إلى فاطمةَ، كما يَزعُمونَ؛ قَولُ ابنِ عُمَرَ للحُسَينِ بنِ علي حين أراد الذَّهابَ إلى العراق، وذلك حين كتَبَ عَوامُّ أهلِ الكوفةِ بالبَيعةِ إليه، فقال له ابنُ عمر: لا تذهَبْ إليهم؛ فإني أخافُ عليك أن تُقتَلَ، وإنَّ جَدَّك قد خُيِّرَ بين الدنيا والآخرةِ فاختار الآخِرةَ على الدنيا، وأنت بَضعةٌ منه، وإنَّه- والله- لا تنالها لا أنت ولا أحَدٌ مِن خَلَفِك ولا مِن أهلِ بَيتِك، فهذا الكلامُ الحسَنُ الصَّحيحُ المتوَجِّه المعقول، من هذا الصَّحابيِّ الجليلِ، يقتضي أنَّه لا يلي الخلافةَ أحَدٌ مِن أهلِ البَيتِ إلَّا مُحمَّدُ بنُ عبد اللهِ المهديُّ الذي يكونُ في آخِرِ الزَّمانِ عندَ نُزولِ عيسى بنِ مريم؛ رغبةً بهم عن الدُّنيا، وألَّا يُدَنَّسوا بها. ومعلومٌ أنَّ هؤلاء قد مَلَكوا ديارَ مِصرَ مُدَّةً طَويلةً، فدَلَّ ذلك دَلالةً قَويَّةً ظاهِرةً على أنَّهم ليسوا مِن أهلِ البَيتِ، كما نَصَّ عليه سادةُ الفُقَهاءِ". قال ابن كثير: "وقد صَنَّف القاضي الباقلَّاني كتابًا في الردِّ على هؤلاء، وسَمَّاه: (كَشْف الأسرارِ وهَتْك الأستار) بيَّنَ فيه فضائِحَهم وقبائِحَهم، ووضَّحَ أمْرَهم لكُلِّ أحدٍ، ووضوحُ أمْرِهم يُنبئُ عن مطاوي أفعالِهم وأقوالِهم، وقد كان الباقلَّاني يقولُ في عبارته عنهم: هم قومٌ يُظهِرونَ الرَّفضَ، ويُبطِنونَ الكُفرَ المَحض". قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ: "وهؤلاء القومُ- يعني العُبَيديِّينَ- يَشهَدُ عليهم عُلَماءُ الأمَّةِ وأئمَّتُها وجماهيرُها أنَّهم كانوا مُنافِقينَ زَنادقةً، يُظهِرونَ الإسلامَ ويُبطِنونَ الكُفرَ, وقد عُلِمَ أنَّ جُمهورَ الأمَّة تَطعَنُ في نَسَبِهم، وَيذكُرونَ أنَّهم من أولادِ المجوسِ أو اليهودِ، هذا مشهورٌ مِن شهادةِ عُلَماءِ الطَّوائِفِ: من الحنفيَّة والمالكيَّة والشَّافعية والحنابلة وأهلِ الحديثِ، وأهلِ الكلامِ، وعُلَماءِ النَّسَبِ، والعامَّة وغيرهم, وهذا أمرٌ قد ذكَرَه عامَّةُ المُصَنِّفينَ لأخبارِ النَّاسِ وأيَّامِهم، حتى بعض مَن قد يتوقَّفُ في أمْرِهم، كابنِ الأثيرِ المَوصليِّ في تاريخِه، ونحوه؛ فإنَّه ذكَرَ ما كتَبَه عُلَماءُ المُسلِمينَ بخُطوطِهم في القَدحِ في نَسَبِهم"
هو الإخشيدُ أبو بكر مُحمَّد بن طغج، صاحِبُ ديارِ مِصرَ، وكان مولِدُه سنة 268 ببغداد، وكان موتُه بدمشق، وقيل مات سنة 335، ووليَ الأمرَ بعدَه ابنُه أبو القاسم أنوجور، فاستولى على الأمرِ كافور الخادِمُ الأسود، وهو من خَدَمِ الإخشيد، ولَمَّا ثبت أمرُ أنوجور وكان صغيرًا، صار الخادم كافور الإخشيدي مدبِّرَ مَملكتِه، فكان كافور يُطلِقُ في كل سنة لأنوجور أربعَمائة ألف دينار ويتصَرَّفُ كافور فيما يبقى.
في ربيع الأول، سار أسد الدين شيركوه بن شاذي إلى ديار مصر، فمَلَكَها ومعه العساكر النورية، وسَبَبُ ذلك تمكُّن الفرنج من البلاد المصرية، وأنهم جعلوا لهم في القاهرة شحنةً وتسَلَّموا أبوابها، وجعلوا لهم فيها جماعةً من شجعانهم وأعيان فرسانهم، وحكَموا المسلمين حكمًا جائرًا، ورَكِبوهم بالأذى العظيم، فعَمِلوا أيضًا على تجهيز الجيوش لتمَلُّك مصر كلها، وشرعوا يتجهَّزون ويُظهِرون أنَّهم يريدون قصد مدينة حمص، فلما سمع نور الدين محمود بهم شرع يجمَعُ عساكِرَه، وأمَرَهم بالقدوم عليه، وجَدَّ الفرنج في السير إلى مصر، فقدموها، ونازلوا مدينة بلبيس، ومَلَكوها قهرًا مستهَلَّ صفر، ونهبوها وقتلوا فيها وأسروا وسَبَوا، وكان جماعة من أعيان المصريين قد كاتبوا الفرنج، ووعَدوهم النصرة، فقَوِيَ جنان الفرنج، وساروا من بلبيس إلى مصر، فنزلوا على القاهرة عاشِرَ صَفَر وحصروها، فخاف الناسُ منهم أن يفعلوا بهم كما فعلوا بأهل بلبيس، فحمَلَهم الخوف منهم على الامتناعِ، فحفظوا البلد، وقاتلوا دونَه وبذلوا جُهدَهم في حفظه، وأمر شاور بإحراق مدينة مصر تاسع صفر، وأمر أهلَها بالانتقال منها إلى القاهرة، وأن يُنهَب البلد، فانتقلوا، وبقُوا على الطرق، ونُهِبَت المدينة وافتقرَ أهلُها، وذهبت أموالُهم ونعمتهم قبل نزول الفرنج عليهم بيوم، خوفًا أن يملِكَها الفرنج، فبَقِيَت النار تحرقها أربعة وخمسين يومًا، وأرسل حاكمُ مصر العاضد العبيدي إلى نور الدين يستغيثُ به، ويُعَرِّفُه ضعف المسلمين عن دفع الفرنج، فشرع في تسيير الجيوش، وأما الفرنج فإنهم اشتدوا في حصار القاهرة وضَيَّقوا على أهلها، وشاوِر هو المتولي للأمر والعساكر والقتال، فضاق به الأمر، وضَعُف عن ردهم، فأخلد إلى أعمال الحيلة، فأرسل إلى ملك الفرنج يَذكُرُ له مودته ومحبته القديمة له، وأنَّ هواه معه؛ لخوفه من نور الدين والعاضد، فأجابه إلى ذلك على أن يعطوه ألف ألف دينار مصرية، يُعَجَّل البعض، ويُمهَل البعض فاستقرت القاعدةُ على ذلك، وجعل شاوِر يجمع لهم المال من أهل القاهرة ومصر، فلم يتحصَّل له إلا قدر لا يبلغ خمسة آلاف دينار، وهم في خلالِ هذا يراسلون نور الدين بما الناس فيه، وبذلوا له ثلث بلاد مصر، وأن يكونَ أسدُ الدين مقيمًا عندهم في عسكر، وأقطاعهم في الديار المصرية أيضًا خارجًا عن الثُّلث الذي لهم، وسار أسد الدين شيركوه من رأس الماء مجدًّا منتصف ربيع الأول، فلما قارب مصرَ رحل الفرنج عنها عائدين إلى بلادِهم بخُفَّي حُنَين خائبين مما أمَّلوا، وسمع نور الدين بعودهم، فسره ذلك، وأمر بضَربِ البشائر في البلاد، وبَثَّ رسله في الآفاق مبشرين بذلك، فإنه كان فتحًا جديدًا لمصر، وحفظًا لسائر بلاد الشام وغيرها، فأمَّا أسد الدين فإنه وصل إلى القاهرة سابع جمادى الآخرة، ودخل إليها، واجتمع بالعاضد، وخلع عليه وعاد إلى خيامِه بالعاضدية، وفرح به أهلُ مصر، وأُجريت عليه وعلى عسكره الجرايات الكثيرة، والإقامات الوافرة.
بعد فشل محاولة البرتغال احتلال ثغر آزمور سنة 914 بعث في هذا العام الطاغية منويل شكوادره فيها عشرين ألفًا من العسكر وألفين وسبعمائة خيالة، فانتهوا إلى آزمور وحاصروها بحرًا وزحفوا إليها من مدينة الجديدة برًّا، ووقعت حرب شديدة بينهم وبين أهل آزمور وأهل البادية، ثم انهزم المسلمون وخرجوا من باب تركه لهم البرتغال قصدًا ليفروا منها.
ظهر الأصفَرُ التغلبيُّ برأس عين -مدينة سورية تقع على الحدود التركية السورية-، وادَّعى أنَّه من المذكورينَ في الكتب، واستغوى قومًا بمَخاريقَ، وجمع جمعًا وغزا نواحيَ الروم، فظَفِرَ وغَنِمَ وعاد، وظهَرَ حَديثُه، وقوِيَ ناموسُه، وعاودوا الغزوَ في عدد أكثَرَ مِن العدد الأول، ودخل نواحيَ الروم وأوغل، وغَنِمَ أضعافَ ما غَنِمَه أولًا، وتسامع النَّاسُ به فقصدوه، وكثُرَ جَمعُه، واشتَدَّت شوكتُه، وثقُلَت على الروم وطأتُه، فأرسل ملك الروم إلى نصرِ الدَّولة بن مروان صاحِبِ ديارِ بكرٍ يقول له: إنَّك عالمٌ بما بيننا من المُوادَعة، وقد فعل هذا الرجلُ هذه الأفاعيل، فإن كنتَ قد رجعتَ عن المهادنةِ فعَرِّفْنا لنُدَبِّرَ أمْرَنا بحَسَبِه، واتَّفَق في ذلك الوقتِ أنْ وَصَل رسولٌ مِن الأصفَرِ إلى نصر الدَّولة أيضًا، يُنكِرُ عليه تركَ الغَزوِ والميلَ إلى الدعة، فساءه ذلك أيضًا، واستدعى قومًا مِن بني نمير وقال لهم: إنَّ هذا الرجلَ قد أثار الرومَ علينا، ولا قُدرةَ لنا عليهم، وبذَلَ لهم مالًا على الفتك به، فساروا إليه، فقَرَّبَهم، ولازَموه، فرَكِبَ يومًا غير متحَرِّز، فأبعد وهم معه، فعَطَفوا عليه وأخذوه وحَمَلوه إلى نصر الدَّولة بن مروان، فاعتقَلَه وسَدَّ عليه باب السِّجنِ، وتلافى أمرَ الرومِ.