الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 1185 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1771
تفاصيل الحدث:

جهَّز حاكِمُ مِصرَ علي بك تجريدةً عظيمة لضَمِّ الشام لحُكمِه، وجعل أميرَها محمد بك أبو الذهب زوج بنته, وأرباب المناصب ومماليكهم وطوائفهم وأتباعهم وعساكر كثيرة من المغاربة والترك والهنود واليمانية والمتاولة، وخرجوا في استعدادٍ عظيم ومعهم الطبول والزمور والذخائر. فلما وصلوا إلى الديار الشامية حاصروا يافا حتى ملكوها، ثم حاربوا نواب وولاة الدولة العثمانية، فهزموهم وقتلوهم وفرُّوا من وجوههم، واستولوا على الممالك الشامية إلى حد حلب، ووردت البشائرُ بذلك لمصر، فنودي بالزينة ثلاثة أيام بلياليها، وذلك في شهر ربيع أول من هذه السنة. وتعاظم علي بك في نفسِه ولم يكتَفِ فأرسل إلى محمد بك يأمرُه بتقليد الأمراء والمناصب والولايات على البلادِ التي افتتحوها وملكوها، وأن يستمِرَّ في سيره ويتعدى الحدودَ ويستولي على الممالك إلى حيث شاء، وهو يتابِعُ إليه إرسال الإمدادات واللوازم والاحتياجات. عند ذلك جمع محمد بك أمراءَه وخشداشيته الكبار في خلوةٍ وعرض عليهم الأوامِرَ فضاقت نفوسُهم وسَئِموا الحرب والقتال، فتعاهدوا على خلافِ رأي علي بك والعودة إلى مصر وترْك الغربة والحرب، فلما عادوا إلى مصر دبَّرَ علي بيك مؤامرةً لقتل أبو الذهب, فلما اكتشفها أبو الذهب جمع أمراءَه وخشداشيته الكبار واتَّفقوا على قتال علي بك، ثم أقبل على محمد بك أبو الذهب الأمراء والأجناد المتفرقون بالأقاليم لَمَّا تحققوا الخلافَ بينه وبين سيِّده، كما حضر إليه جميعُ المنفيين وأتباع القاسمية والهوارة الذين شرَّدهم علي بك وسلَب نعمتَهم، فأنعم عليهم أبو الذهب وأكرمهم وتلقَّاهم بالبشاشة والمحبة، واعتذر لهم وواساهم وقلَّدهم الخدم، وبذلوا جهدهم في طاعته. فعند ذلك نزل بعلي بك من القَهرِ والغيظ المكظوم ما لا يوصَفُ، وشرع في تجهيزِ تجريدة عظيمة، وأمَّر عليها إسماعيل بك، وأمَر بجمعِ أصناف العساكر واجتهد، فلما التقى الجمعان خامر إسماعيل بك وانضمَّ بمن معه من الجموع إلى محمد بك، وصاروا حزبًا واحدًا، ورجع الذين لم يميلوا وهم القليل إلى علي بك.

العام الهجري : 1256 العام الميلادي : 1840
تفاصيل الحدث:

كانت فرنسا توَدُّ أن تدعَمَ محمد علي باشا وأن يحتفِظَ بما أخضعه من مناطِقَ، ولكِنَّ إنجلترا لا تريد ذلك؛ لمنافسة فرنسا على مركزها في مصر، وخوفًا من منافَستِها على طريق الهند، وأما النمسا وبروسيا فتريان في قوة محمد علي خطرًا على أوربا خشيةَ أن يسيطرَ على الدولة العثمانية فيفَكِّرَ في إعادة ما كانت عليه، ولقد تمَّ عقد اتفاقية عام 1256هـ بين إنكلترا وروسيا والنمسا وبروسيا بعد انسحاب فرنسا ومحاولة اتفاقها مباشرةً مع الدولة العثمانية ومحمد علي، وتشجيعه على رفض مطالب إنكلترا، ودعمه إن عارضته إنكلترا، غير أن الاتفاقية قد نصَّت على الآتي: يجب على محمد علي أن يعيد إلى الدولة العثمانية ما أخذه من بلاد الشام، ويحتفظ لنفسِه بالجزء الجنوبي منها، مع عدم دخول عكا في هذه الجزء، يحِقُّ لإنكلترا بالاتفاق مع النمسا محاصرةُ موانئ الشام، ومساعدة كل من أراد من السكان خلع طاعة محمد علي والعودة إلى الدولة العثمانية، (ومعنى هذا: التحريضُ على العصيان)، أن يكون لمراكب روسيا وإنكلترا والنمسا حق الدخول إلى استانبول لحمايتها فيما إذا تعرَّضت لهجوم من قِبَل المصريين، ولا يحِقُّ لأحد أن يدخلها ما دامت غيرَ مهددة بهجوم. يجب أن تُصَدَّق هذه الاتفاقية خلال شهرين في لندن، كما يجب تصديقُها من الخليفة العثماني. ثم عُرِضت الاتفاقية على محمد علي فرفض ذلك، فاجتمع سفراء هذه الدول في استانبول مع الصدر الأعظم، واتخذوا قرارًا بسَلخِ ولاية مصر من محمد علي، وسحبت فرنسا سفُنَها من سواحل مصر والشام تاركةً السفن الإنكليزية بمفردها؛ مما أثار الرأيَ العام الفرنسي على الحكومةِ التي تخَلَّت عن حليفها محمد علي وقتَ أزمته، ثم حصَّنت الموانئ الشامية وخاصةً بيروت وعكا، وجاء إبراهيم باشا من مقَرِّه قرب بعلبك إلى بيروت بناءً على طلب سليمان باشا الفرنساوي، وأنزلت إنكلترا قواتِها شمال بيروت، وبدأت المعارِكُ، وهدمت أكثر المدينة وأحرقت، وكذا بقية الثغور الشامية، وتمكنت القوات الإنكليزية ومن معها من أخذ الموانئ وإجلاء المصريين، وطلب محمد علي من ابنِه إبراهيم الانسحابَ حيث لا يستطيع مقاومةَ الدُّوَل كلها، فانسحب وتعرَّض أثناء ذلك لكثيرٍ من الهجمات عليه من العرَبِ، حتى فقد ثلاثة أرباع جيشِه.

العام الهجري : 1293 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1876
تفاصيل الحدث:

قامت ثورةُ البلغار في نفس الوقت الذي قام فيه نصارى البوسنة والهرسك بثورتِهم بدعمٍ مِن النمسا والدول الأوروبية وخاصةً روسيا، فقد تأسَّسَت جمعياتٌ في بلاد البلغار؛ لنَشرِ النفوذ الروسي بين النصارى الأرثوذكس والصقالبة، وكانت تدعَمُها روسيا وتمدُّها بالسِّلاحِ، وتبذُلُ هذه الجمعياتُ بدورها جهدَها لإثارة سكَّان الصرب والبوسنة والهرسك، وتحَرِّضُهم على الثورة ضِدَّ العثمانيين. وعندما أنزلت الدولةُ العثمانية بعضَ الأُسَر الشركسية احتَجَّ البلغار على ذلك، فقاموا بثورة وساعدَتْهم روسيا والنمسا بالسلاح والأموال، فتمكَّنَت الدولةُ العثمانيةُ من القضاء على الثورة، فأخذت الدولُ الأوروبية تثير الشائعاتِ عن المجازِرِ التي ارتكَبَها العثمانيون ضِدَّ النصارى، والعكسُ هو الصحيحُ، وبهذه الشائعات أُثيرَ الرأي العام الأوروبي ضِدَّ الدولة العثمانية، وطالبت الحكوماتُ الأوروبية باتخاذ إجراءاتٍ صارمةٍ ضِدَّ العثمانيين، ومنها حصولُ البلغار على استقلالٍ ذاتيٍّ، وتعيينُ حاكم نصراني لهم، وقام الروس والألمان والنمساويون بدفعِ الصِّربِ والجبل الأسود للقيام بحربٍ ضدَّ العثمانيين، وكانت روسيا ترغَبُ في توسيعِ حدودِها مِن جهة بلغاريا، والنمسا تريد توسِعةَ حدودها من جهة البوسنة والهرسك، ووعدت هذه الدولُ أميرَ الصرب والجبل الأسود بالدعم. وشرع الجنودُ الروس بالتدفُّقِ سرًّا على بلاد الصرب، والجبل الأسود، وتمكَّنَت الدولة العثمانية من الانتصار على الصربِ وحلفائهم، فتدخَّلَت الدولُ الأوروبيَّةُ وطلبت وقفَ القتال، وإلَّا فالحرب الواسِعةُ، واجتمع مندوبو الدول الأوروبية في استانبول وقدَّموا اقتراحات للدولة، من أهمها: تقسيم بلاد البلغار إلى ولايتين، ويكون ولاتُها من النصارى، وأن تشكَّلَ لجنةٌ دولية لتنفيذ القرارات، وأن تُعطى هذه الامتيازاتُ لإماراتي البوسنة والهرسك أيضًا، وأن تتنازلَ الدولةُ عن بعض الأراضي للصربِ والجبل الأسود. ولكِنَّ الدولة العثمانية رفضت هذه القراراتِ، وعقدت صلحًا منفردًا مع الصرب سحَبَت نتيجته جيوشَها من بلاد الصرب، وأن يُرفَعَ العَلَمُ العثماني والصربي دليلًا على السيادةِ العثمانية. وطالب البعضُ -مِثلَ جلادستون زعيم المعارضةِ في البرلمان الإنجليزي- بطرد الدولة العثمانية من أوربا بحربٍ صليبيةٍ عامةٍ، لقد أدرك السلطانُ عبد الحميد الثاني لاحقًا أنَّ هدف الدول الغربية من هذه الإثارةِ هو السعيُ لإسقاطِ الدولة العثمانيةِ.

العام الهجري : 1330 العام الميلادي : 1911
تفاصيل الحدث:

كانت حملات التنصير قد وصلت إلى البحرين عام 1893م وتأسَّست أولُ مدرسة للتعليم بالأسلوب الغربي الحديث في البحرين على يدِ البعثة، وفي عام 1894 افتتحت الإرساليةُ الأمريكية مكتبةً عامةً لها بالمنامة وبدأت عمَلَها في تقديم بعضِ الصُّحُفِ والكتُبِ لروَّادِها، ثم أنشأت الإرساليةُ الأمريكيةُ مستشفى ماسون التذكارية، ودكانًا لبيع الإنجيل، وحينها كان مجلِسُ الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة ابن حاكم البحرين يُعَدُّ من أهم المنتديات الثقافية في البحرين آنذاك، كما كان مُقبِل بن عبد الرحمن الذكير واحدًا من أهمِّ مُثقَّفي البحرين المشاركين والفعَّالين في المجلس، وحينها رأى كلٌّ مِن مقبل الذكير، ويوسف كانو ضرورةَ تأسيس نادي أدبي إسلامي، واستضافة أحد العلماء الكبار؛ لمقاومة هذه الحَمَلات التخريبية في البلادِ، من خلال أنشطة هذا النادي، فتوصَّلا بعد تحرٍّ إلى أن أفضَلَ من يمكنه تسلم إدارة النادي هو الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز المانع الوهيبي التميمي، وأنه لا بدَّ من العمل على إحضاره من مقر إقامته بالبصرة، وبعد أسابيع من المراسلات حضر الشيخ المانع من البصرة حاملًا معه خبرةَ أساتذته في مقاومة التبشير، الذين تتلمذ على أيديهم في مِصرَ والعراق، أمثال الشيخ محمد رشيد رضا. تسلم الشيخ المانع منصِبَه كمدير للنادي الأدبي الإسلامي بمجرد وصوله، وقد عَرَض عليه مقبل الذكير أن يجعَلَ له مدرسة للتعليم الإسلامي تكون مُلَحقةً بالنادي الإسلامي، فكان النادي في بداية تأسيسه عبارةً عن صفين دراسيين لتدريس العلوم الشرعية وبعض العلوم الحديثة، كما توفر في النادي غرفةُ مطالعة ومكتبة، فكان للشيخ المانع دورٌ فاعل في نشر العلوم الإسلامية في المنامة، وظلَّ الشيخ هناك أربع سنوات يدرِّس شباب "النادي الإسلامي" جُلَّ العلوم الإسلامية؛ مِن قرآنٍ، وفقه، ولغة، ورياضية كالعلوم الفلكية والفرائض، وأصبح النادي ملتقًى لرواد العلم والمثقفين في المنامة والبلدان المجاورة لها، كما أصبح مكانًا يتدارس فيه الأهالي أساليبَ التبشير وسُبُلَ مقاومته، ولم يكن النادي الإسلامي مجردَ مكان للثقافة والنقاشات الأدبية فحسب، بل كان مقرًّا للتواصل الفكري والعلمي مع الشعوب الإسلامية، والمراسَلات بين المفكِّرين والمثقَّفين والعلماء في البحرين والشارقة والقاهرة.

العام الهجري : 1377 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1958
تفاصيل الحدث:

كان الخلافُ بين عبد الكريم قاسم ذو الميول الشيوعية وعبد السلام عارف أبرَزَ مشاهد الصراع على السلطة بين قادة (الضباط الأحرار)؛ فقد بدأ الخلافُ بينهما من اليوم الأول؛ إذ يعدُّ كل واحدٍ منهما نفسَه أنه هو الذي أنشأ الحركةَ وقادها، فعبد الكريم قاسم رأسُ المنظَّمة ومنه تَصدُرُ الأوامر، وهو الذي يرى نفسَه أنَّه هو المُخطِّط لهذه الثورة، ولا يتِمُّ عمَلٌ دونه، ويرى عبد السلام عارف أنه هو الذي قاد الحركة وخاطر، وتسلَّم الإذاعةَ، وهو أوَّلُ من أذاع نبأ الحركة إلى الرعيَّة، وأعطى التعليماتِ اللازمة للسيطرة على الموقف، وكان عبد السلام يدعو إلى الوَحدةِ العربية الشاملة والانضمام إلى الجمهورية العربية المتَّحِدة، كما أنه كان معجبًا بعبد الناصر؛ ولم يكن قاسم يرى ما يراه عبد السلام، ولَمَّا زار عبد السلام دمشق بعد الثورة بخمسةِ أيام عرض على عبد الناصر الوَحدةَ فلما سأله عن رأي عبد الكريم قاسم قال له: مصيرُه مصيرُ محمد نجيب! ولَمَّا عَلِمَ قاسم بهذا الحوار أسَرَّها في نفسه، ثم قام عبد السلام بجولةٍ في أنحاء العراق وكان يُلقي خُطبًا وينقل للجموع تحيات الرئيس جمال عبد الناصر كأنه رئيس البلاد دون أن يذكُرَ عبد الكريم قاسم زعيم العراق، فأخذ قاسِمٌ في إبعاد عبد السلام عن مركز القيادة في البلاد تدريجيًّا، فألغى منصب عبد السلام كنائب قائد القوات المسلحة بحُجَّةِ أنَّ عددًا من الضباط أصحاب رتب أعلى منه، ثم عزله عن منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية بالوكالة للمصلحة العامة، وفي نفس اليوم أصدر قرارًا بتعيينه سفيرًا للعراق في ألمانيا الغربية، لكِنَّ عبد السلام رفض هذا المنصب وأصرَّ على البقاء في بغداد، وفي 25 جمادى الأولى 1378هـ ألقت الشرطةُ القبض على عبد السلام عارف بتهمة محاولة قتل عبد الكريم قاسم، وأودِعَ السجنَ ثم حُكِمَ عليه بالقتل، لكن قاسم لم يصادق على الحُكمِ وبَقِيَ في السجن إلى أن أفرجَ عنه قاسم في ربيع ثاني 1381هـ وقد أحيل بعضُ أعوان عبد السلام عارف إلى التقاعُدِ والبعض نُقِلوا إلى مراكز غير حسَّاسة، أما الشيوعيون منهم فقد التفُّوا حول قاسم.

العام الهجري : 43 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 663
تفاصيل الحدث:

بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِن الخَوارِج الذين خرَجوا على عَلِيِّ بن أبي طالِب يومَ النَّهْروان، وهؤلاء بقوا يَبُثُّون أَفكارَهُم في الكوفَة والبَصْرَة وغيرِها، وكان بَدْءُ تَحَرُّكِهِم للخُروجِ سنة 42هـ، عندما بَدأوا يَتَشاوَرون في ذلك، فقد كانت الخَوارِج يَلْقى بعضُهم بعضًا فيُذاكِرون مَصارِعَ إخوتِهم بالنَّهْرِ، فيَتَرَحَّمون عليهم، ويَحُضُّ بعضُهم بعضًا على الخُروجِ للانتِقام مِن حُكَّامِهِم الجائرين، الذين عَطَّلوا الحُدودَ، واسْتَأْثَروا بالفَيْءِ، فاجتمع رأيُهم على ثلاثةِ نَفَرٍ منهم لِتَوَلِّي قِيادَتِهم: المُسْتَوْرِدُ بن عُلَّفَةَ التَّيميُّ، ومُعاذُ بن جويني الطَّائيُّ، وحَيَّانُ بن ظِبْيانَ السُّلَميُّ الذي كان مَنزِلُه مكانًا لاجْتِماعاتِهم، ولكن كُلّ واحدٍ مِن هؤلاء الثَّلاثةِ دفَع تَوَلِّي الخِلافَة عن نَفسِه، وأخيرًا اتَّفقوا على أن يتَولَّاها المستوردُ هذا، وكانوا أربعُمائة شخصٍ، ونادوه: بأميرِ المؤمنين، وكان المستوردُ ناسِكًا، كثيرَ الصَّلاةِ، وله آدابٌ وحِكَمٌ مَأثورة، وقد قام المغيرةُ بن شُعبةَ بسَجْنِ بعضِهم بعدَ أن عَلِمَ نَواياهُم في الخُروجِ عليه أيضًا. فعَلِمَ المستوردُ بن عُلَّفةَ بأمرِ المُغيرةِ، وأنَّه بدَأ يَطلُبهم فَجَهَّزَ جيشًا, ثمَّ اتَّفقوا على أن يكونَ الخُروج في غُرَّةِ شَعبان, ولمَّا عَلِم بذلك المغيرةُ بن شُعبة أرسَل مُديرَ شُرْطَتِه قَبيصَةَ بن الدَّمُون إلى مكانِ اجتماعِهم وهو مَنزِل حيَّان، فأخَذوهم وجاءوا بهم إلى المغيرةِ فأَوْدَعهم السِّجنَ بعد اسْتِجْوابهم وإنكارِهِم أن يكونَ اجتماعُهم لشيءٍ غير مُدارسَةِ كتابِ الله، فأَفرَج عنهم. وراح المستوردُ يُراوِغ في حربِه للمغيرةِ فيخرُج مِن مكانٍ إلى آخرَ؛ حتَّى يُبَدِّدَ جيشَ المغيرةِ، ثمَّ يَلقاهُم وقد تَعِبُوا، فكان إلى أن كانت المعركةُ النِّهائيَّة حيث تبارَز المستوردُ مع مَعقِل فضرَب كُلُّ واحد منهما صاحِبَه فخَرَّا مَيِّتينِ، وهُزِمَت الخَوارِج وقُتِلوا شَرَّ قِتْلَةٍ فلم ينجُ منهم غيرُ خمسة أو سِتَّة.

العام الهجري : 69 العام الميلادي : 688
تفاصيل الحدث:

أقام عبدُ الملك بن مَرْوان بدِمشقَ بعدَ رُجوعِه مِن قِنَّسْرين ما شاء الله أن يُقيمَ، ثمَّ سار يُريدُ قَرْقِيسِيا وبها زُفَرُ بن الحارثِ الكِلابيُّ، وكان عَمرُو بن سعيدٍ مع عبدِ الملك، فلمَّا بلَغ بُطْنانَ حَبيبٍ رجَع عَمرٌو ليلًا ومعه حُميدُ بن حُرَيثٍ الكَلبيُّ، وزُهيرُ بن الأَبْرَدِ الكَلبيُّ، فأَتى دِمشقَ وعليها عبدُ الرَّحمن بن أُمِّ الحكمِ الثَّقفيُّ قد اسْتَخلَفَهُ عبدُ الملكِ، فلمَّا بَلغهُ رُجوعُ عَمرِو بن سعيدٍ هرَب عنها، ودَخلَها عَمرٌو فغَلَب عليها وعلى خَزائِنِه، وهَدَم دارَ ابنِ أُمِّ الحكمِ، واجتمع النَّاسُ إليه فخَطَبهم ونَهاهُم ووَعَدهُم، فأصبح عبدُ الملكِ وقد فَقَدَ عَمرًا، فسَألَ عنه فأُخْبِرَ خَبرُه، فرجَع إلى دِمشقَ فقاتَلهُ أيَّامًا، وكان عَمرٌو إذا أُخْرِج حُميدُ بن حُرَيثٍ على الخيلِ أَخرَج إليه عبدُ الملك سُفيانَ بن الأَبْرَدِ الكَلبيَّ، وإذا أُخْرِج عَمرٌو زُهيرُ بن الأبردِ أَخرَج إليه عبدُ الملك حسَّانَ بن مالكِ بن بَحْدَل. ثمَّ إنَّ عبدَ الملك وعَمرًا اصْطَلحا وكَتَبا بينهما كِتابًا وآمَنَهُ عبدُ الملك، فخرَج عَمرٌو في الخيلِ إلى عبدِ الملك فأَقبَل حتَّى أَوْطَأ فَرَسَهُ أَطْنابَ عبدِ الملكِ فانْقَطَعت وسَقَط السُّرادِق، ثمَّ دخَل على عبدِ الملك فاجْتَمَعا، ودخَل عبدُ الملك دِمشقَ يومَ الخميسِ، فلمَّا كان بعدَ دُخولِ عبدِ الملك بأربعةِ أيَّام أَرسَل إلى عَمرٍو: أنِ ائْتِنِي. فلمَّا كان العِشاءُ لَبِسَ عَمرٌو دِرْعًا ولَبِسَ عليها القُباءَ وتَقَلَّدَ سَيْفَهُ، ودخل عَمرٌو فرَحَّبَ به عبدُ الملك فأَجْلَسَهُ معه على السَّريرِ وجعَل يُحادِثُه طَويلًا، ثمَّ أَوْثَقَهُ وأَمَر بِقَتلِه، ثمَّ تَوَلَّى قَتْلَهُ بِنَفسِه فذَبَحهُ.

العام الهجري : 266 العام الميلادي : 879
تفاصيل الحدث:

كانت وَقعةً للزنج انهزموا فيها، وكان سببَها أنَّ محمد بن عبيد الله كتب إلى عليِّ بن أبان بعدَ الصُّلحِ يَسألُه المعونةَ على الأكرادِ الدارنان، على أن يجعلَ له ولأصحابه غنائِمَهم، فكتب عليٌّ إلى صاحبه يستأذِنُه، فكتب إليه أن وجِّهْ إليه جيشًا وأقِمْ أنت، ولا تُنفِذ أحدًا حتى تستوثِقَ منه بالرهائنِ، ولا يأمن غزوه والطلب بثأره. فكتب عليٌّ إلى محمد يطلبُ منه اليمين والرهائن، فبذَلَ له اليمينَ، ومَطَله بالرهائِنِ، ولِحرصِ عليٍّ على الغنائم أنفذ إليه جيشًا، فسيَّرَ محمد معهم طائفةً من أصحابه إلى الأكراد، فخرج إليهم الأكرادُ فقاتلوهم، ونشبت الحرب، فتخلَّى أصحاب محمد عن الزنج، فانهزموا وقَتَلت الأكرادُ منهم خلقًا كثيرًا، وكان محمَّدٌ قد أعدَّ لهم من يتعَرَّضُهم إذا انهزموا، فصادفوهم وأوقعوا بهم، وسَلَبوهم وأخذوا دوابَّهم، ورجعوا بأسوأ حالٍ، فأظهر الخبيثُ الغضَبَ على ابنِ أبان، فأرسل محمَّد إلى بهبود، ومحمد بن يحيى الكرماني، وكانا أقربَ الناسِ إلى علي، فضَمِنَ لهما مالًا إن أصلحا له عليًّا وصاحِبَه، ففعلا ذلك، فأجابهما الخبيثُ إلى الرضا عن محمد على أن يخطُبَ له على منابِرِ بلاده، وأعلما محمدًا بذلك، فأجابهما إلى كلِّ ما طلبا، وجعل يراوِغُ في الدعاءِ له على المنابر، ثم إنَّ عليًّا استعدَّ لمتوث- وهي بلدة بين قرقوب وكور الاهواز- فسار إليها فلم يظفَرْ بها فرَجَع، وعمِلَ السلاليم والآلات التي يصعَدُ بها إلى السور، واستعَدَّ لقَصدِها، فعرف ذلك مسرور البلخي، وهو يومئذٍ بكور الأهواز، فلما سار عليٌّ إليها سار إليه مسرورٌ، فوافاه قبل المغربِ وهو نازلٌ عليها، فلما عاين الزنج أوائِلَ خيل مسرور انهزموا أقبحَ هزيمة، وترَكوا جميعَ ما كانوا أعدُّوه، وقُتِلَ منهم خلقٌ كثيرٌ، وانصرف عليٌّ مهزومًا، فلم يلبثْ إلا يسيرًا حتى أتته الأخبارُ بإقبال الموفق، ولم يكن لعليٍّ بعد متوث وقعة، فكتب إليه صاحِبُه يأمره بالعودِ إليه، ويستحِثُّه حثًّا شديدًا.

العام الهجري : 319 العام الميلادي : 931
تفاصيل الحدث:

استولى مرداويج مَلِكُ الدَّيلم على بلدِ الجبَلِ والرَّيِّ وغيرِهما، وأقبلت الدَّيلمُ إليه من كلِّ ناحية لبَذلِه وإحسانِه إلى جُندِه، فعَظُمَت جيوشُه، وكَثُرَت عساكِرُه، وكثُرَ الخراجُ عليه، فلم يَكفِه ما في يده، ففرَّق نوَّابَه في النواحي المجاورةِ له، فكان ممَّن سيَّرَه إلى همَذان ابنُ أختٍ له في جيشٍ كثير، وكان بها أبو عبدِ الله محمَّدُ بن خلف في عسكرِ الخليفة، فتحاربوا حروبًا كثيرة، وأعان أهلُ همذان عسكرَ الخليفة، فظَفِروا بالدَّيلم، وقُتل ابنُ أخت مرداويج، فسار مرداويج من الرَّيِّ إلى همذان، فلمَّا سمع أصحاب الخليفة بمسيره انهزموا من همذانَ، فجاء إلى همذان، ونزل على باب الأسدِ، فتحصَّنَ منه أهلُها، فقاتلهم، فظَفِرَ بهم وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وأحرقَ وسبى، ثم رفعَ السيف عنهم وأمَّن بقيَّتَهم، فأنفذ المقتَدِر هارونَ بن غريب في عساكرَ كثيرةٍ إلى محاربته، فالتَقَوا بنواحي همذان، فاقتَتَلوا قتالًا شديدًا، فانهزم هارونُ وعسكَرُ الخليفة، واستولى مرداويج على بلاد الجبلِ جميعِها، وما وراء همذان، وسيَّرَ قائدًا كبيرًا من أصحابه يُعرَف بابن علَّان القزوينيِّ إلى الدينَوَر، ففتَحَها بالسيف، وقتل كثيرًا من أهلِها، وبلغت عساكرُه إلى نواحي حُلوان، فغَنِمَت ونهبت، وقتلت وسبت الأولادَ والنساء، وعادوا إليه، ثمَّ أنفذ مرداويج طائفةً أخرى إلى أصبهان، فملكوها واستولَوا عليها، وبنَوا له فيها مساكِنَ وبساتين، فسار مرداويج إليها فنزلها وهو في أربعينَ ألفًا، وقيل خمسينَ ألفًا، وأرسل جمعًا آخرَ إلى الأهواز، فاستولوا عليها وعلى خوزستان، وجَبَوا أموالَ هذه البلاد والنواحي، وقَسَّمَها في أصحابه، وجمعَ منها الكثيرَ فادَّخَره، ثمَّ إنَّه أرسل إلى المقتَدِر رسولًا يقرِّرُ على نفسِه مالًا على هذه البلاد كلِّها، ونزل للمُقتَدِر عن هَمذان وماه الكوفة، فأجابه المقتَدِر إلى ذلك، وقوطِعَ على مائتي ألف دينار كلَّ سنة.

العام الهجري : 629 العام الميلادي : 1231
تفاصيل الحدث:

خرج المَلِكُ الكامِلُ مِن القاهرة في جمادى الآخرة، واستخلفَ على مصر ابنَه المَلِك العادلَ أبا بكر، وقَدِمَ الأشرف والمعظم صاحِب الجزيرة بالعساكر، ومضى الكاملُ جريدة-الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- إلى الشوبك والكرك، وسار إلى دمشقَ، ومعه الناصرُ داود بن الملك المعظَّم صاحب الكرك بعساكره، وأقام الكامِلُ بدمشق يسَرِّح العساكِرَ، وجعل في مقدِّمتِها ابنه الملك الصالح أيوب، وورد الخبر بدخول التتر بلاد خلاط، فأسرع الكامِلُ في الحركة، وخرج من دمشق، فنزل سلمية وقد اجتمع فيها بعساكِرَ يضيق بها الفضاءُ وسار منها في آخر رمضان على البرية، وتفرَّقَت العساكر في عدة طرق لكثرتِها، فهلك منها عدةٌ كثيرة من الناس والدواب، لقلَّة الماء، وأتته رسلُ ملوك الأطراف، وهم عز الدين بيقرا، وفخر الدين بن الدامغاني، ورسل الخليفة المستنصر بالله، وألبسوه خِلعة السلطنة، فاستدعى الكامل عند ذلك رسلَ الخوارزمي، ورسول الكرج، ورسل حماة وحمص، ورسول الهند ورسل الفرنج، ورسل أتابك سعد صاحب شيراز، ورسل صاحب الأندلس ولم تجتَمِعْ هذه الرسلُ عند ملك في يومٍ واحدٍ قَطُّ غيره، وقَدِمَ عليه بهاء الدين اليزدي - شيخ رباط الخلاطية - من بغداد وجماعة من النخاس، يحثُّونه على الغزاة، فرحل التتر عن خلاط، بعد منازلتها عدَّةَ أيام، وجاء الخبَرُ برحيلهم والكامل بحرَّان، فجهَّز عماد الدين بن شيخ الشيوخ رسولًا إلى الخليفة، وسار إلى الرَّها، وقَدَّم الكامِلُ العساكِرَ إلى آمد، وسار بعدهم، فنزل على آمد، ونصبَ عليها عِدَّة مجانيق، فبعث إليه صاحِبُها يستعطِفُه، ويبذل له مائة ألف، وللأشرفِ عشرين ألف دينار، فلم يقبَلْ، وما زال عليها حتى أخذها، في سادس عشر ذي الحجة، وحضر صاحبُها إليه بأمان، فوكل به حتى سلم جميعَ حصونها، فأعطى السلطانُ حصن كيفا لابنه الملكِ الصالح نجم الدين أيوب.

العام الهجري : 698 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1299
تفاصيل الحدث:

قُتِلَ السلطانُ المَلِكُ المنصورُ حسام الدين لاجين ونائبُه سيف الدين منكوتمر، ليلةَ الجمعة حادي عشر ربيع الآخر، على يدِ الأمير سيف الدين كرجي الأشرفي ومَن وافقه من الأمراء، وذلك بحضورِ القاضي حسامِ الدين الحنفي وهو جالسٌ في خدمته يتحَدَّثان، وقيل كانا يلعبانِ بالشطرنج، فلم يشعُرا إلَّا وقد دخلوا عليهم فبادروا إلى السلطانِ بسُرعةٍ جَهرةً ليلةَ الجمعة فقَتَلوه وقُتِلَ نائبُه منكوتمر صبرًا صبيحة يوم الجمعةِ وألقِيَ على مزبلة، واتفق الأمراءُ على إعادة ابنِ أستاذهم المَلِك النَّاصر محمدِ بنِ قلاوون، فأرسلوا وراءَه، وكان بالكرك ونادَوا له بالقاهرة، وخُطِبَ له على المنابر قبل قدومِه، وجاءت الكتُبُ إلى نائِبِ الشامِ قبجق فوجدوه قد فَرَّ خَوفًا من غائلة لاجين، فسارت إليه البريديَّةُ فلم يدركوه إلا وقد لحِقَ بالمغول عند رأسِ العين، من أعمال ماردين، وتفارط الحالُ ولا قُوَّة إلَّا بالله، وكان سَبَبُ قتل لاجين ونائبه منكوتمر هو ما بدر منهما تجاهَ الأمراءِ؛ فإن لاجين كان قد حَلَف لهم يوم أن نَصَبوه سلطانًا بعد قتْلِه كتبغا أنَّه لن يولي منكوتمر شيئًا بل سيقَدِّمُهم فَهُم الأمراءُ, ولكِنَّ هذا ما لم يكُنْ، فقَدَّمَ مَملوكَه وجعَلَه نائبَه وأصبح يعتَقِلُ الأمراء ويقتُلُ بَعضَهم، حتى إنه في أسبوعٍ واحد قتل خمسةً مِن الأمراء، والذي لم يُقتَل أو يُعتَقَل أُبعِدَ في الولاياتِ السخيفةِ التي لا تليقُ بهم في الأماكِنِ البعيدة، وكُلُّ ذلك بتدبيرِ النائب منكوتمر؛ طمعًا منه أن يليَ السلطنة؛ لأنَّ لاجين لا ذريَّةَ له من الذكور، فأفعالُه تلك أوغَرَت عليه صدورَ الأمراء ممَّا حدا بهم إلى قتلِهما جميعًا، ثم كان دخولُ الملك الناصر إلى مصرَ يوم السبتِ رابِعَ جمادى الأولى، وكان يومًا مشهودًا، ودُقَّت البشائِرُ ودخل القضاةُ وأكابِرُ الدولة إلى القلعة، وبويع بحضرةِ عَلَم الدين أرجواش، وخُطِبَ له على المنابر بدِمشقَ وغيرها بحضرةِ أكابر العلماء والقُضاة والأُمراءِ.

العام الهجري : 726 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1326
تفاصيل الحدث:

وفي يومِ الجُمُعةِ العاشِرَ من شعبان قُرِئَ بالجامع الكتابُ السلطانيُّ الوارِدُ باعتقال شيخ الإسلامِ ابن تيمية، وهذه الواقِعةُ سَببُها فُتيا وُجِدَت بخطِّه في السَّفَرِ وإعمالِ المطِيِّ إلى زيارةِ قُبورِ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقبورِ الصالحين، وفي يوم الأربعاء مُنتصَفَ شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي في حبسِ جماعةٍ مِن أصحاب الشيخِ تقي الدين ابن تيمية في سِجنِ الحكم، وذلك بمرسومِ نائب السلطنة وإذنِه له فيه، فيما تقتضيه الشريعةُ في أمرهم، وعُزِّرَ جماعة منهم على دوابَّ، ونودي عليهم ثمَّ أُطلِقوا، سوى شمسِ الدين محمد بن قيِّم الجوزيَّة؛ فإنَّه حُبِسَ بالقلعة، وفي يوم الاثنين عند العصر سادس عشر شعبان تم اعتقال الشيخ الإمام العالم العلَّامة تقيُّ الدين ابن تيمية بقلعة دمشق، حضَرَ إليه من جهة نائب السلطنة تنكز وابن الخطيري أحد الحجاب بدمشق، وأخبراه أنَّ مرسومَ السلطان ورد بذلك، وأحضرا معهما مركوبًا لِيَركَبَه، وأظهر السرورَ والفرح بذلك، وقال: أنا كنت منتَظِرًا لذلك، وهذا فيه خير كثيرٌ ومصلحة كبيرة، وركبوا جميعًا من داره إلى بابِ القلعة، وأُخلِيَت له قاعة وأجري إليها الماءُ ورُسِمَ له بالإقامةِ فيها، وأقام معه أخوه زين الدين يخدُمُه بإذن السلطانِ، ورُسِمَ له ما يقومُ بكفايته، والسَّبَبُ في كل ذلك هو أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية حَرَّم إعمالَ المطِيِّ لزيارة القبورِ بناءً على قَولِه صلَّى الله عليه وسلم: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مَساجِدَ)) ثم إنَّ مُناوئي الشيخ وأعداؤه أشاعوا عنه أنَّه يقول بحُرمةِ زيارة القبور عمومًا، والشيخُ كما هو معلوم من فتاويه وكُتُبِه أنَّه لا يقولُ بحُرمةِ الزيارةِ مُطلقًا إنَّما يقول: يحرُمُ شَدُّ الرَّحلِ والسَّفَرُ لأجلِ زيارة القبور، أمَّا زيارتها من غير سَفَرٍ ولا شَدِّ رَحلٍ فيقولُ بسُنِّيَّتِه.

العام الهجري : 1334 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1916
تفاصيل الحدث:

وقفت الدولةُ العثمانية في الحرب إلى جانب دول المحور، بينما أعلن الشريف حسين الثورةَ على الدولة العثمانية ووقف إلى جانب دول الحلفاء، وتمكنت قواتُ الشريف حسين مدعومةً من قوات الحلفاء -وخاصة بريطانيا- من السيطرة على معظم بلاد الحجاز عدا المدينة، فحوصرت حصارًا يعدُّ واحدًا من أطول الحصارات في التاريخ؛ حيث استمَرَّ الحصار لمدة سنتين وسبعة أشهر حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان والي المدينة هو فخري باشا أحد قادة الاتحاديين نائب جمال باشا قائد الفيلق الرابع في الشام، كان يتبَعُ فخري باشا جيشٌ مجهَّز بالأسلحة الخفيفة والمدفعيَّة التقليدية، وأثناء حصار المدينة هجر معظم أهالي المدينة المنورة، فلحق بعضُهم بالبدو حول المدينة، أو بمدن حجازية كمكة وجدة وينبع، ومنهم من ارتحل إلى حائل، بينما لحِقَ بمصر والشام والعراق وتركيا والهند واليمن، ولعب قطار الحجاز دورًا كبيرًا في نقل المدنيين إلى بلدان آمنة، وبعد هزيمة الدولة العثمانية واستسلامها للحلفاء صدرت الأوامِرُ لفخري باشا من استانبول بتسليمِ المدينة فرفض الاستسلامَ، واستمَرَّ في المقاومة نحو خمسة أشهر إلا أنه اضطر بعدها للاستسلام بعد أن سلم قيادةَ المدينة إلى قائد الفوج العثماني في المدينة، والذي استسلم بدوره لقوات الثوار العرب، ثم خرج فخري باشا بقواته البالغ عددهم 8000 جندي إلى معسكر القوات المحاصرة خارج المدينة في بير درويش بالفريش، وسلَّم نفسه لهم فاستقبله الشريف عبد الله بن الحسين فأكرمه، ثم أرسله إلى مصر حيث اعتُقِلَ فيها، وبعد استسلام الحامية العثمانية في المدينة لقوات الأشراف عاد بعضُ من تم تهجيرُهم من أهل المدينة إلى المدينة، في حين أن بعضَهم فُقد أو مات في دار هجرتِه، أو فضَّل البقاء هناك، أو عجز عن العودة إلى المدينة، وفقد كثيرٌ من الأهالي أموالهم وبيوتهم.

العام الهجري : 1426 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2006
تفاصيل الحدث:

تُوفيَ مكتوم بن راشد بن سعيد آل مكتوم الفلاسي حاكم إمارة دبي منذُ عام 1990م حتى 2006م، أكبر أبناء الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والأخ الأكبر للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وحاكم دبي شقيق الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم.
وُلد الشيخُ مكتوم في منطقة الشندغة في دبي سنةَ 1943م، وقد أكمَلَ تعليمَه في أوائل الستينيات في دبي وأرسلَه والدُه لمواصلة تعليمه في إحْدى الجامعات البريطانية، وحينَ أَعلَنَت بريطانيا سنةَ 1971م انسحابَها الكاملَ من الإمارات، بدأَ عملُ إمارتي أبو ظبي بقيادة الشيخِ زايدِ بنِ سلطانٍ آلَ نهيانَ، ودبي بقيادةِ الشيخِ راشدِ بنِ سعيدٍ آلَ مكتوم بشكلٍ خاصٍّ على إقامة دولة الإمارات العربية المتحدة، ومعَ قيام دولة الإمارات أصبحَ الشيخُ زايدٌ رئيسًا للدولة، والشيخ راشدٌ نائبًا للرئيس، وعُين الشيخُ مكتومٌ رئيسًا لمجلس الوزراء، وأوكلت إليه مُهمةُ تَشكيلِ الوزارة الجديدة، وفي أيار / مايو 1981م داهَمَ المرضُ الشيخ راشدًا والد الشيخ مكتوم؛ ليتولَّى أبناؤه شؤونَ الإمارة، ورغمَ تحسُّن صحة الشيخ راشدٍ بعد ذلك، آثَرَ تركَ أمور إدارة الإمارة فِعليًّا بيد الشيخ مكتوم.
وبعد وفاةِ الوالد الشيخِ راشدِ بنِ سعيدٍ آلَ مكتوم -رحمه اللهُ- انتخَبَ المجلسُ الأعْلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة الشيخَ مكتومًا ليكونَ حاكمَ إمارة دبي، وفي العاشر من فبراير من 1995م تولَّى الشيخُ محمدُ بنُ راشدٍ آلَ مكتومٍ ولايةَ العهدِ بأمرٍ منه، ومن وقتِها تراجَعَ قليلًا دورُ الشيخِ مكتومٍ الأخ الأكبر تاركًا الحياةَ السياسيةَ لأشقائه، وبالأخص للشيخ محمد.

العام الهجري : 1442 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 2021
تفاصيل الحدث:

وُلِد الشَّيخُ محمَّد علي الصابوني عام 1930 بمدينة حلب، وتعلَّم على يد والِدِه الشَّيخ جميل الصَّابوني أحَدِ عُلَماءِ حَلَب، ودرَس علومَ اللُّغةِ والدِّينِ على يَدِ شُيوخِ المدينةِ؛ مِثلُ محمد سعيد الإدلبي، ومحمد راغب الطبَّاخ. التحق بثانويَّةِ حَلَب الشرعيَّة (الخسروية)؛ حيث درَسَ علومَ التفسير والحديثِ والِفقهِ، والعلومَ الطبيعيَّةَ، وتخرج منها عام ١٣٦٨هـ الموافق 1949م، ثمَّ أكمل دراستَه في الأزهَرِ على نفقَتِها؛ حيث نال شهادةَ كُلِّيَّة الشَّريعة عام ١٣٧١هـ الموافق 1952م، وحصل على درجة التخَصُّص "العالِمية" في القضاءِ الشَّرعيِّ عام ١٣٧٣هـ الموافق 1954م.
بعد أن أنهى دراستَه في الأزهَرِ عاد الشَّيخ إلى سوريا وعَمِلَ أستاذًا لمادَّةِ الثَّقافةِ الإسلاميَّةِ في ثانويات حَلَب، وبَقِيَ في مهنةِ التدريسِ حتى عام ١٣٨٢هـ الموافق 1962م. بعد ذلك انتُدِبَ إلى المملكةِ العَرَبيَّةِ السُّعوديَّةِ لكي يعمَلَ أستاذًا مُعارًا من قِبَل وزارةِ التربيةِ والتعليمِ السُّوريَّةِ، وذلك للتدريسِ بكُلِّيَّةِ الشَّريعةِ والدِّراساتِ الإسلاميَّةِ، وكليَّةِ التربيةِ بالجامعةِ بمكَّةَ المكَرَّمة، فقام بالتدريسِ قُرابةَ ثلاثين عامًا. قامت بعدها جامعةُ أُمِّ القرى بتعيينِه باحثًا عِلْميًّا في مركَزِ البحثِ العِلميِّ وإحياءِ التراثِ الإسلاميِّ، ثم عَمِلَ بعد ذلك في رابطةِ العالمِ الإسلاميِّ كمستشارٍ في هيئةِ الإعجازِ العِلميِّ في القرآنِ والسُّنَّةِ، ومكث فيها عِدَّةَ سَنَواتٍ.
كان له دَرسٌ يوميٌّ في المسجِدِ الحرامِ بمكَّةَ المكرَّمةِ، ودرسٌ أُسبوعيٌّ في التفسيرِ في أحَدِ مَساجِدِ مدينةِ جُدَّة وبرنامج تفسيرِ القُرآنِ الكريمِ في التلفزيونِ السعوديِّ.
تولَّى رئاسةَ رابِطةِ العُلَماءِ السُّوريِّين، وله العديدُ من الكُتُبِ، أبرَزُها "صفوة التفاسير" و "مختَصَر تفسير ابن كثير"، و "مختَصَر تفسير الطَّبري"، و"التبيان في علوم القرآن"، و "روائع البيان في تفسير آيات الأحكام"، و "قبس من نور القرآن". تُوفِّيَ -رحمه الله- في تركيا عن عمر تجاوز الـ 90 عامًا.