الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3793 ). زمن البحث بالثانية ( 0.012 )

العام الهجري : 1432 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

اعتُقِلَ سيفُ الإسلام بن مُعَمَّر القذافي والذي كان مطلوبًا لدى المَحكمةِ الجنائية الدوليةِ بتُهمة ارتكابِ جرائمَ ضدَّ الإنسانية. وأعلَن وزيرُ العدلِ وحُقوقِ الإنسان الليبيُّ محمد العلاقي: أنَّ سيفَ الإسلام الذي كان يُعتَبَرُ الوريثَ لوالِدِه اعتُقِل في جنوب ليبيا. وأكَّد قائدُ عمليَّاتِ الثُّوَّار في الزنتان بشير الطيب أن رِجالَه قَبَضوا على سيفِ الإسلامِ مع ثلاثةٍ من مُساعِديه في منطقة أوباري، ويُعتبَرُ سيفُ الإسلامِ ثانِيَ شخصيَّةٍ تدافِع عن النظامِ في أيَّامِ ثورةِ (17 فبراير)، وقد ظَهَر على شاشات التلفزيون الليبي أكثرَ من مرَّةٍ مُدافِعًا عن والدِه، ومُنتقِدًا الثُّوارَ الذين كان يصفهم بـ"العُمَلاء" و"الخَوَنة".

العام الهجري : 1435 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 2014
تفاصيل الحدث:

شنَّ الجيشُ الإسرائيليُّ الغاصِبُ حربًا على غزَّةَ بعمليةٍ سُمِّيت بــ(الجرف الصامد) بعد موجةٍ عُنفٍ تفجَّرَت مع خطفِ وتعذيبِ وحرقِ الطِّفلِ محمد أبو خضير من شعفاط على أيدي مجموعةٍ مستوطِنين في (2 يوليو 2014)، وإعادةِ اعتقال العَشَرات من محرَّري صفقة شاليط، ودَهْسِ إسرائيليٍّ لاثنَين من العُمَّال العربِ قُربَ حَيفا، وقد ردَّت كتائبُ عزِّ الدِّين القسَّام بمعركةِ (العصف المأكول) وردَّت حركةُ الجهادِ الإسلاميِّ بعمليَّة (البنيان المرصوص)، وتخلَّل التصعيدَ قصفٌ مُتبادَلٌ بين إسرائيلَ والمُقاوَمة الفِلَسطينيَّة في قطاعِ غزةَ. وانتهَتِ الحربُ دونَ تحقيقِ الكِيانِ الصِّهيَونِيِّ أهدافَه من هذه المعركة.

العام الهجري : 1443 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 2022
تفاصيل الحدث:

وُلِد الشَّيخُ يعقوبُ الباحسين التميميُّ سنةَ 1347هـ، في الزبيرِ، وتلقَّى تعليمَه في مدينةِ البصرةِ، ثمَّ أنهى الدكتوراه في الفقهِ من جامعةِ الأزهَرِ، وزاول التدريسَ في جامعةِ البصرةِ، ثمَّ انتقل إلى السُّعوديَّةِ ودرَّس في جامعةِ الإمامِ محمَّدِ بنِ سُعودٍ الإسلاميَّةِ، وكان عُضوَ هيئةِ كِبارِ العُلَماءِ في المملكةِ العربيَّةِ السُّعوديَّةِ، وأستاذًا بالمعهدِ العالي للقضاءِ.
لديه العديدُ من المؤلَّفاتِ في الفقهِ وأُصولِه، وأشرف على العديدِ من الرَّسائلِ الجامعيَّةِ، وشارك في العديدِ من المؤتمراتِ، كما حصَل على جائزةِ الملِكِ فَيصَل العالميَّةِ في الدِّراساتِ الإسلاميَّةِ، لعام 1424 هـ/ 2005م عن جهودِه في التأليفِ ذي التَّأصيلِ والتَّجديدِ في القواعِدِ الفِقهيَّةِ.

العام الهجري : 756 العام الميلادي : 1355
تفاصيل الحدث:

هو الطبيبُ الرئيسُ الحكيمُ جمال الدين أبو إسحاق إبراهيمُ بن شهاب الدين أحمد، المعروف بابن المغربي: رئيس الأطباء بالديار المصرية والممالك الشامية، ذو الرُّتبة المنيعة والمكانة العالية والوَجاهة في الدولة والحُرمة عند الناس، خصوصًا في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون؛ لِقُربه من السلطان وخِدمة أكابر الأمراء والوزراء في مواطِنَ كثيرة سرًّا وجهرًا، وكان ممن خرج صحبة الركاب الناصري سنة 708 وأقام معه بالكرك، وتردد في الدخولِ إليه مع من كان يدخُلُ إليه من ذوي الخِدَم، ثمَّ تفَرَّد بذلك مع الخاصكية، فصارت له بهذا خصوصيَّة ليست لأحَدٍ، وكان السلطانُ يَعرِفُ له حَقَّ ذلك ويرعاه ويطمَئِنُّ إليه ويعَوِّلُ دون كلِّ أحد عليه، وكان أبوه شهاب الدين أوحَدَ أهل زمانه في الطبِّ وأنواع الفضائل، وقرأ جمال الدين على مشايخ الأطباءِ وأخذ عن أبيه الطبَّ والنجامة إلى غير ذلك، وكان أبوه كثير السرورِ به والرضا عنه، وكان قد فَرَّق أبوه مالًا على بنيه ثم تركهم مُدَّةً وطلب منهم المالَ، فأحضر إليه جمالُ الدين المالَ وقد نَمَّاه وثَمَّرَه ولم يُحضِرْ غَيرُه المال لتفريطٍ حصل فيه، فازداد جمال الدين مكانة من خاطره، ورَدَّ عليه المالَ ومِثلَه معه، وكان إذا رآه قال: هذا إبراهيم سعيد، وكان الأمرُ على ما ذكَرَه وصَدَقَت فِراسَتُه, فخدم السلطانَ في حياة أبيه، وتقَدَّم لديه وباشَرَ المارستان وفُوِّضَت إليه الرياسةُ مُطلقًا، ثم أخذ في الترقي إلى أن عُدَّ من أعيان الدولة وأكابر أرباب المراتِبِ، والتحق بدرجةِ الوُزَراء وذوي التصَرُّف، بل زاد عليهم لإقبالِ السلطان عليه وقُربِه منه، وكان أول داخل إليه يدخُلُ كُلَّ يوم قبل كل ذي وظيفةٍ برانية من أرباب السيوفِ والأقلامِ، فيسأل جمال الدين السلطان عن أحوالِه وأحوالِ مَبيتِه وأعراضِه في ليلتِه، فيُحَدِّثُه في ذلك، ثمَّ أمور بقيَّة المرضى من أهل السُّلطان والأمراء ومماليك السلطان وأرباب وظائِفِ وسائر الناس، ويسأله السلطان عن أحوال البلد ومَن فيه من القضاة والمحتَسِب ووالي البلد، وعَمَّا يقوله العوامُّ ويستفيضُ فيه الرعيَّة، ومن لعَلَّه وقع في تلك الليلة بخِدمةٍ أو أمسك بجزيرة، أو أخذ بحَقٍّ أو ظلم؛ ولهذا كان يُخشى ويُرجى وتُقبَلُ شفاعاتُه وتُقضى حاجاتُه، وكان يجِدُ سبيله إذا أراد لغيبةِ أرباب الوظائفِ السلطانيَّة، ولا يجدون سبيلًا لهم عليه؛ إذ تناط بهم أمورٌ مِن تصَرُّفٍ في مالٍ أو عَزلٍ وولايةٍ يقال في ذلك بسَبَبِهم ولا يناطُ به شَيءٌ مِن ذلك يقالُ فيه بسَبَبِه؛ فلهذا طال مكثُه ودامت سعادتُه ولم يغَيِّرْ عليه مُغَيِّرٌ ولا استحال عليه السلطانُ، وحصَّل النِّعَم العظيمةَ والأموال الوافرة والسعادة المتكاثرة؛ قال القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله: " لقد حرص النشو على رميِه مِن عَينِ السلطان بكلِّ طريقٍ فلم يقدِرْ، حتى إنه عمل أوراقًا بما على الخاصِّ مِن المتأخِّراتِ مِن زمانِ مَن تقَدَّمَه وذكر فيها جملةً كثيرة ثمَن صِنفٍ أظنُّه رصاصًا بِيعَ مِن جمال الدين، ثم قرأ الأوراقَ على السلطان ليُعلِمَه أنَّ له أموالًا واسعةً يتكَسَّبُ فيها ويتاجِرُ على السلطان، وهو يعيد ذِكرَ جمال الدين مراتٍ ويَرفَع صَوتَه ثمَّ يَسكُت ليفتَحَ السلطانُ معه بابًا فيه، فيقول: فماذا يريد؟ فما زاد السلطانُ على أن قال: هذا لا تؤخِّرْه، روح الساعةَ أعطِه مالَه، ولا تؤخِّرْ له شيئًا" فقد كان السلطانُ عارفًا بما لجمال الدين من المنافِعِ مِمَّا يحصل له من الخِلَع الكوامل والبِغال المُسرَجة المُلجَمة والتعابي والقماش والإنعامات من الآدر السلطانية والأمراء, وكان الطبيبُ الرئيس يلازم الخدمةَ سفرًا وحَضَرًا ويتجَمَّلُ في ملبوسِه ومركوبِه وحَشَمِه وداره وجواريه وخَدَمِه مِن غير إسرافٍ ولا تكثُّر، وكان السلطان لا يقول له إلَّا يا إبراهيمُ، وربما قال: يا حكيم إبراهيم، ولقد قال مرة: إبراهيم صاحبنا- يعني جمال الدين- وكان غايةً منه في قُربِ المحَلِّ والأمنِ إليه! وله مع هذا خصوصية ببكتمر الساقي أنَّه إلى جانب السلطان أميَلُ، وعلى رضاه أحَلُّ، وجمال الدين على إفراطِ هذا العلو وقُرْبِ هذا الدنو لا يتكبَّرُ ولا يرى نفسَه إلا مثل بعضِ الأطباء توقرًا لجماعة رُفقَتِه كُلِّهم ويجلُّ أقدار ذوي السنِّ منهم وأهل الفضل ويخاطِبُهم بالأدب، ويحَدِّثُهم بالحسنى ويأخذُ بقلب الكبير منهم والصغير والمُسلِم والذمِّي، وكان يكره صلاح الدين بن البرهان ويُكرِمُه، ويبغض ابن الأكفاني ويعَظِّمُه ويحفظُ بكُلِّ طَريقٍ لِسانَه، ويتقصد ذِكرَ المحاسِنِ والتعامي من المعائب، وله الفضيلة الوافرة في الطب علمًا وعملًا، والخَوض في الحُكميات والمشاركة في الهيئة والنجامة، كل هذا إلى حُسنِ العقل المعيشي ومصاحبة الناس على الجميل، وكان لا يعود مريضًا إلَّا من ذوي السلطانِ، ولا يأتيه في الغالب إلَّا مَرَّةً واحدة، ثمَّ يقَرِّرُ عنده طبيبًا يكون يعوده ويأتيه بأخباره، ثم إذا برأ ذلك المريض استوجب عليه جمال الدين ما يستوجِبُه مِثلُه، فإذا خلع عليه أو أنعم عليه بشيءٍ دخل إلى السلطانِ وقَبَّل الأرض لديه فيُحيطُ عِلمًا بما وصل إليه, ولما أُثقِلَ السلطان في المرض نوبةَ موته، كان جمال الدين مريضًا ولم يَحضُرْه, وقيل: إنما تمارض بعد أمْنِ التُّهَم, وتوفِّيَ الرئيس جمال الدين هذا العامَ.

العام الهجري : 785 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1384
تفاصيل الحدث:

كُتِبَ بتَجريدِ عَسكَرِ دمشق وطرابلس وحماة وحلب، ونواب الثغور وتركمان الطاعة وأكرادها، إلى جهة التركمان العصاة بالبلاد السيسية، كالصارم بن رمضان نائب أدنه وبني أوزر، وابن برناص من طائفة الأجقية؛ لمقاتلتهم على تعديهم طريقَهم، وقطْعِهم الطرقات، ونهْبِهم حُجَّاج الروم، ولاتفاقهم مع الأمير علاء الدين علي بك بن قرمان صاحب لارندة على اقتلاع بلاد سيس، فتأهَّبت العساكِرُ لذلك ووافت حلب، فتقَدَّمها الأميرُ يلبغا الناصري نائب حلب، وركب من حَلَب في ثاني ذي القعدة يريد العُمقَ، وكتب إلى بني أوزر وبقية التركمان العصاة، ينذرهم ويحذرهم التخَلُّفَ عن الحضور إلى الطاعة، ويخَوِّفهم بأس العساكر، وإنَّهم إن أذعنوا وأطاعوا كانوا آمنينَ على أنفُسِهم وأموالِهم، ومن تخَلَّف كان غنيمةً للعساكرِ، وسار حتى نزل تحتَ عُقبة بغِراسٍ، فعرض العساكِرَ، وتَرَك الثِّقلَ وتوجَّه مُخِفًّا، وجاوز عقبةَ بغراس، وترك بها نائبي عينتاب وبغراس بخيَّالتهما ورجالهما؛ حِفظًا للدربند إلى أن تصل العساكِرُ الشاميَّة، ثم ركب في الثلث الأول من ليلة الأحد الخامس عشر وسار مجِدًّا، فوصل المصيصة عصرَ نهار الأحد فوجد الأميرين قد ملكا الجسرَ بعد أنْ هدم التركمانُ بَعضَه، وقطعوا منه جانبًا لا يمنع الاجتيازَ، وتوقَّدَت بينهم نارُ الحرب، وعَدت العساكر نهر جاهان إلى جانِبِ بلاد سيس، واقتَفَوا آثار من كان بالمصيصة من التركمان، فأدركوا بعض البيوت فانتهبوها، فتعلق الرِّجالُ بشعف الجبال، ثم حضرت قصاد التركمان على اختلاف طوائفِهم يسألون الأمان، فأجاب الأميرُ يلبغا الناصري سؤالَهم، وكتب لهم أمانًا، ولما أحس الصارمُ بن رمضان بالعساكر، ترك أذنة وفَرَّ إلى الجبال التي لا تُسلَك، ووصلت الأطلابُ والثقل إلى المصيصة في السابع عشر، فقَدِمَ من الغد الثامن عشر قاصد الأمير طَشبغا العزي نائب سيس بخبر وصول ابن رمضان إلى أطراف البلاد السيسية، وأنه ركب في أثَرِه ومعه طائفةٌ من التركمان القرمانيين، فأدركوا بيوتَه فانتهبوها، وأمسكوا أولادَه وحريمه ونجا بنفسه، ولَحِقَ بالتركمان البياضية مستجيرًا بهم، فأجمعت الآراءُ على التوجه بالعساكر إلى جهتهم وإمساكِه، فقَدِمَ الخبر من نائب سيس في آخر النهار بأنه استمَرَّ في طلب ابن رمضان إلى أن أدركه وأمسَكَه، وأمسك معه أخاه قرا محمد وأولاده وأمه وجماعته وعاد إلى سيس، فسُرَّت العساكر بذلك سرورًا زائدًا، ورحلت في التاسع عشر تريد سيس، وأحاطت بطائفةٍ من التراكمين اليراكية، فانتهبت كثيرًا من خيل ومتاع وأثاث، ثم أمنوهم بسؤالهم ذلك وتفَرَّقت جموع التركمان بالجبال، ومرت العساكر إلى جهة سيس، وأُحضِرَ ابنُ رمضان وأخوه قرا محمد ومن أُمسِك معهما، فوُسِّطوا، وعاد العسكرُ يريد المصيصة، وركبَ الأمير يلبغا الناصري بعسكرِ حلب وسَلَبِهم جَبلًا يُسَمَّى صاروجا شام، وهو مكانٌ ضَيِّقٌ حَرَجٌ وَعْرٌ به جبالٌ شوامخ وأودية عِظام، مُغَلَّقة بالأشجار والمياه والأوحال، وبه دربندات خطرة، لا يكادُ الراجل يسلُكُه، فكيف بالفارِسِ وفَرَسِه الموفرين حملًا باللَّبوس؟! وإذا هم بطائفةٍ مِن التركمان اليراكية، فجرى بينهم القتال الشديد، فقُتِلَ بين الفريقين جماعةٌ، وفُقِدَ الأمير يلبغا الناصري وجماعة من أمراء حلب، وإذا بهم قد تاهوا في تلك الأودية، ثم تراجع الناسُ وقد فُقِدَ منهم طائفة، ووصل الخبر بأن التركمان قد أحاطوا بدربند باب الملك، فالتجؤوا إلى مدينة إياس، ثم قَدِمَ يلبغا الناصري إلى إياس بعد انقطاع خبره، فتباشروا بقدومِه، وأقاموا عليها أيامًا ثم رحلوا، فلقيهم التركمان في جمع كبير، فكانت بينهم وقعةٌ لم يمُرَّ لهم مثلُها، قُتِلَ فيها خلق كثير، وانجَلَت عن كسرة التركمان بعد ما أبلى فيها الناصريُّ بلاء عظيمًا، وارتحل العسكرُ يوم عيد الأضحى إلى جهة بإياس، فما ضُرِبَت خيامهم بها حتى أحاط بهم التركمان وأنفذوا فرقةً منهم إلى باب الملك، فوقَفوا على دربندة ومنعوا عنهم الميرة، فعَزَّت الأقوات عند العسكر، وجاعت الخيولُ، وكَثُرَ الخوف وأشرفوا على الهلاك، إلَّا أن الله تداركهم بخَفِيِّ لُطفِه؛ فقَدِمَ عليهم الخبر بوصول الأمير سودن المظفري حاجِبِ الحجَّاب بحلب في عِدَّة من الأمراء، وقد استخدم من أهل حَلَبٍ ألفَ راجلٍ من شبان بانقوسا، ودفعوا لكل واحد منهم مائة درهم، وخرج العُلَماء والصلحاء وغالِبُ الناس، وقد بلغهم ما نزل بالعسكر، ونودي بالنفيرِ العام، فتَبِعَهم كثير من الرجَّالة والخيَّالة والأكراد ببلد القصير والجبل الأقرع وغيره من أعمال حلب، فقام بمؤنتهم الحاجِبُ ومن معه من الأمراء، وهجموا على باب الملك، فمَلَكوه وقتلوا طائفةً ممن كان به من التركمان، وهزموا بقيَّتَهم، ففرح العسكرُ بذلك فرحًا كبيرًا، وساروا إلى باب الملك حتى جاوزوا دربنده ونزلوا بغراس، ثم رحلوا إلى أنطاكية وقدموا حلب، فكانت سفرةً شديدةَ المشقةِ؛ بُلُوا فيها من كثرةِ تتابع الأمطار الغزيرة، وتوالي هبوب الرياح العاصفة، وكثرة الخوف، ومقاساة آلام الجوع- ما لا يمكِنُ وَصفُه.

العام الهجري : 541 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1146
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ المنصورُ، أبو الجودِ الأتابك عِمادُ الدين زنكي بنُ الحاجِبِ قسيم الدولة آقسنقر بن عبد الله التركي، صاحِبُ المَوصِل. وُلِدَ سنة 477. قتل والِدُه, قسيمُ الدَّولةِ مملوكُ السُّلطانِ ألب أرسلان, وله يومئذٍ عَشرُ سنينَ، ولم يُخَلِّفْ والِدُه ولدًا غَيرَه، فالتَفَّ عليه غِلمانُ أبيه، ورَبَّاه كربوقا، وأحسَنَ إليه, فكان زنكي بطلًا شُجاعًا مِقدامًا كأبيه، عظيمَ الهَيبةِ مَليحَ الصُّورةِ، أسمرَ جميلًا، قد وَخَطَه الشَّيبُ، وكان عاليَ الهِمَّةِ، لا يَقِرُّ ولا ينامُ، فيه غَيرةٌ حتى على نِساءِ جُندِه، عَمَرَ البِلادَ, وكان يُضرَبُ بشجاعتِه المَثَلُ، وهو من أشجَعِ خَلقِ الله. قبل أن يَملِكَ شارك مع الأميرِ مودود صاحبِ المَوصِلِ حِصارَ مدينةِ طَبريَّة، وهي للفِرنجِ، فوصلت طعنتُه إلى بابِ البَلَدِ، وأثَّرَ فيه. وحمل أيضًا على قلعةِ عقر الحميدية، وهي على جَبَلٍ عالٍ، فوصَلَت طعنتُه إلى سورِها, وأمَّا بعدَ مُلكِه، فكان الأعداءُ مُحدِقينَ ببِلادِه، وكلُّهم يَقصِدُها، ويريدُ أخْذَها، وهو لا يَقنَعُ بحِفظِها، حتى إنَّه لا ينقضي عليه عامٌ إلَّا وهو يفتَحُ مِن بلادِهم, ومِن شجاعَتِه التي لم يُسمَعْ بمِثلِها أنَّه كان في نَفَرٍ أثناءَ حصارِ طَبَريَّة وقد خرج الفِرنجُ مِن البَلَدِ، فحمل عليهم هو ومَن معه وهو يَظُنُّ أنَّهم يَتبَعونَه فتخَلَّفوا عنه وتقَدَّمَ وَحْدَه وقد انهزَمَ مَن بظاهِرِ البلدِ مِن الفرنجِ فدخلوا البلَدَ ووَصَلَ رُمحُه إلى البابِ فأثَّرَ فيه، وقاتلهم عليه وبَقِي ينتظر وصولَ من كان معه فحيث لم يَرَ أحدًا حمى نفسَه وعاد سالِمًا، فعَجِبَ النَّاسُ مِن إقدامِه أوَّلًا، ومِن سلامتِه آخِرًا, وكان زنكي من الأمراءِ المُقَدَّمينَ، فوَّضَ إليه السُّلطان محمودُ بن ملكشاه شحنكية بغداد، سنة 511 في العامِ الذي وُلِدَ له فيه ابنُه المَلِك العادِلُ نورُ الدين محمود، ثمَّ عَيَّنه السُّلطانُ محمود على المَوصِل، بتوصيةٍ مِن القاضي بهاءِ الدينِ أبو الحَسَن علي بن الشهرزوي وصلاح الدين محمد الياغبساني بعد أن أشارا به على وزير السُّلطان بقَولِهما: "قد عَلِمْتَ أنت والسُّلطانُ أنَّ بلادَ الجزيرة والشَّام قد استولى الإفرنجُ على أكثَرِها وتمَكَّنوا منها وقَوِيَت شَوكتُهم، وكان البرسقي يَكُفُّ بعضَ عادِيَتِهم، فمُنذ قُتِلَ ازداد طَمَعُهم، وهذا وَلَدُه طِفلٌ صَغيرٌ ولا بُدَّ للبلادِ مِن شَهمٍ شُجاعٍ يَذُبُّ عنها ويحمي حَوزَتَها، وقد أنهينا الحالَ إليكم لئلَّا يجريَ خَلَلٌ أو وهَنٌ على الإسلامِ والمُسلِمينَ فنَحصُلَ نحن بالإثمِ مِن الله تعالى، واللوم من السُّلطانِ، فأنهى الوزيرُ ذلك إلى السُّلطان فأعجَبَه، وقال: مَن تَرَيانِ يَصلُحُ لهذه البلادِ، فذكرا جماعةً فيهم عمادُ الدين زنكي، وعَظَّمَا محَلَّه أكثَرَ مِن غَيرِه" فأجاب السُّلطانُ إلى توليَتِه؛ لِمَا عَلِمَ مِن شَهامَتِه وكفايتِه، فوَلَّاه البلادَ جَميعَها، وكتب بذلك منشورًا, ولَمَّا قَدِمَ زنكي المَوصِل سَلَّمَ إليه السُّلطانُ محمود وَلَديه ألب أرسلان وفروخشاه المعروف بالخفاجي ليُرَبِّيهما؛ فلهذا قيل لزنكي "أتابك"؛ لأنَّ الأتابك هو الذي يُرَبِّي أولاد الملوك. سار زنكي مِن بغدادَ إلى البوازيج ليَملِكَها ويتقَوَّى بها. كان زنكي يُحسِنُ اختيارَ رِجالِه وقادتِه، فيَختارُ أصلَحَهم وأشجَعَهم, وأكرَمَهم لِمَهامِّ ولايتِه وقيادةِ جُيوشِه، وكان في المُقابِلِ يُكرِمُهم ويَحتفي بهم. عَمِلَ زنكي على تَرتيبِ أوضاعِ المَوصِلِ فقَرَّرَ قواعِدَها فولَّى نصير الدين جقر دزدارية قلعةَ المَوصِل, وجَعَلَ الصَّلاحَ مُحمَّدَ الياغبساني أميرَ حاجِبِ الدولة وجعَلَ بهاء الدين قاضيَ قُضاةِ بلادِه جَميعِها وما يفتَحُه مِن البلادِ، ووفَى لهم بما وعَدَهم وكان بهاءُ الدين أعظَمَ النَّاسِ عنده مَنزِلةً وأكرَمَهم عليه وأكثَرَهم انبساطًا معه وقُربًا منه، ورَتَّبَ الأمورَ على أحسَنِ نِظامٍ وأحكَمِ قاعدةٍ, ثمَّ تفَرَّغَ عِمادُ الدين زنكي لتحريرِ بلاد المُسلِمينَ مِن الفرنج، فبدأ بتَوحيدِ الجَبهةِ الإسلاميَّةِ وهي أراضي المُسلِمينَ المحيطةُ بالفِرنجِ الصَّليبيِّينَ في الشَّامِ, ففَتَحَ مدائِنَ عِدَّةً، وكان خُصومُه من المُسلِمينَ محيطينَ به مِن كُلِّ الجِهاتِ، وهو ينتَصِفُ منهم، ويستولي على بلادِهم, وقد أحاطت ولاياتُهم بولايتِه مِن كُلِّ جِهاتِها، فهو يقصِدُ هذا مَرَّةً وهذا مَرَّةً، ويأخُذُ مِن هذا ويَصنَعُ هذا، إلى أن مَلَك مِن كُلِّ مَن يليه طَرفًا مِن بلادِه، وحاصَرَ دِمشقَ وصالَحَهم على أن خَطَبوا له بها، ثمَّ بعد ذلك اتَّجَه للفِرنجِ واستَنقَذَ منهم كفرطاب والمعرَّة ودوَّخَهم، وشَغَلَهم بأنفُسِهم، ودانت له البلادُ، وخَتَم جِهادَه معهم باستنقاذِ إمارةِ الرَّها منهم. قال أبو شامة: "كان الفِرنجُ قد اتَّسَعَت بلادُهم وكَثُرَت أجنادُهم، وعَظُمَت هيبتُهم، وزادت صَولَتُهم، وامتَدَّت إلى بلادِ المُسلِمينَ أيديهم، وضَعُفَ أهلُها عن كَفِّ عاديهم، وتتابعت غزواتُهم، وساموا المُسلِمينَ سوءَ العذابِ، واستطار في البلاد شَرَرُ شَرِّهم، وامتَدَّت مَملَكتُهم من ناحيةِ ماردين وشبختان إلى عريشِ مِصرَ، لم يتخَلَّلْه مِن ولاية المُسلِمينَ غير حَلَب وحَماة وحمص ودمشق، فلما نظَرَ اللهُ سُبحانَه إلى بلادِ المُسلِمينَ ولَّاها عِمادَ الدِّينِ زنكي فغزا الفرنجَ في عُقرِ دِيارِهم، وأخذَ للمُوحِّدينَ منهم بثَأرِهم، واستنقذ منهم حصونًا ومعاقِلَ" توجَّه أتابك زنكي إلى قلعةِ جعبر ومالِكُها يومذاك سيفُ الدولةِ أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ مالك، فحاصَرَها وأشرَفَ على أخْذِها، فأصبح زنكي يومَ الأربعاء خامِسَ شَهرِ ربيع الآخر سنة 541 مَقتولًا، قَتَلَه خادِمُه وهو راقِدٌ على فراشِه ليلًا، ودُفِنَ بصفين. ذَكَرَ بَعضُ خواصِّه قال: "دخَلْتُ إليه في الحالِ وهو حيٌّ، فحين رآني ظَنَّ أني أريدُ قَتْلَه، فأشار إليَّ بإصبُعِه السبَّابة يَستَعطِفُني، فوقَفْتُ مِن هَيبَتِه، وقلتُ له: يا مولانا، مَن فَعَل بك هذا فلم يَقدِرْ على الكلامِ، وفاضَت نفسُه لوقتِه"، فكان- رحمه الله- شديدَ الهَيبةِ على عَسكَرِه ورَعِيَّتِه، عظيمَ السِّياسةِ، لا يَقدِرُ القَويُّ على ظُلمِ الضعيفِ، وكانت البلادُ قبل أن يَملِكَها خرابًا من الظُّلمِ ومُجاوَرةِ الفِرنجِ، فعَمَرَها وامتلأت أهلًا وسُكَّانًا. قال عز الدين بنُ الأثير في تاريخه: "حكى لي والدي قال: رأيتُ المَوصِلَ وأكثَرُها خرابٌ، وكان الإنسانُ لا يَقدِرُ على المشيِ إلى الجامِعِ العتيقِ إلَّا ومعه مَن يحميه؛ لِبُعدِه عن العمارةِ، وهو الآن في وسَطِ العِمارةِ، وكان شديدَ الغيرةِ لا سِيَّما على نساءِ الأجنادِ، وكان يقول: لو لم تُحفَظْ نِساءُ الأجنادِ بالهَيبةِ وإلَّا فَسَدْنَ لِكَثرةِ غَيبةِ أزواجِهنَّ في الأسفارِ". فلمَّا قُتِلَ تَمَلَّك ابنُه نورُ الدين محمود بالشَّامِ، وابنُه غازي بالمَوصِل.

العام الهجري : 818 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1415
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ الخبر على السلطان المؤيد شيخ المحمودي بخروج قاني باي نائب الشام عن الطاعة، ثم ورد الخبر بخروج الأمير طرباي نائب غزة عن الطاعة وتوجُّهِه إلى الأمير قاني باي المحمدي نائب دمشق، فعند ذلك ندب السلطان الأمير يشبك المؤيدي المشد ومعه مائة مملوك من المماليك السلطانية، وبعثه نجدةً للأمير ألطنبغا العثماني، ثم ورد الخبر ثالثًا بعصيان الأمير تنبك البجاسي نائب حماة وموافقته لقاني باي، وكذلك الأمير إينال الصصلاني نائب حلب ومعه جماعة من أعيان أمراء حلب، ثم ورد الخبر أيضًا بعصيان الأمير سودون بن عبد الرحمن نائب طرابلس والأمير جانبك الحمزاوي نائب قلعة الروم، ولما بلغ الملك المؤيد هذا الخبر استعَدَّ للخروج إلى قتالهم بنفسه، ولما كان في سادس جمادى الآخرة ركب الأمير بيبغا المظفري أتابك دمشق، وناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك، وجلبان الأمير آخور, وأرغون شاه، ويشبك الأيتمشي في جماعة أخر من أمراء دمشق يسيرون بسوق خيل دمشق، فبلغهم أن يلبغا كماج كاشف القبلية حضر في عسكر إلى قريب داريا، وأنَّ خَلْفَه من جماعته طائفة كبيرة، وأن قاني باي خرج إليه وتحالفا على العصيان، ثم عاد قاني باي إلى بيت غرس الدين، فاستعد المذكورون ولبسوا آلة الحرب، ونادوا أجناد دمشق وأمراءها بالحضور، وزحفوا إلى نحو قاني باي، فخرج إليهم قاني باي بمماليكه وبمن انضمَّ معه من أصاغر الأمراء وقاتلهم من بكرة النهار إلى العصر حتى هزمهم، ومرُّوا على وجوههم إلى جهة صفد، ودخل قاني باي وملك مدينة دمشق، ونزل بدار العدل من باب جابية، ورمى على القلعة بالمدافع، وأحرق جملون دار السعادة، فرماه أيضًا من القلعة بالمجانيق والمدافع، فانتقل إلى خان السلطان وبات بمخيمه وهو يحاصر القلعةَ، ثم أتاه النواب، فنزل تنبك البجاسي نائب حماة على باب الفرج، ونزل طرباي نائب غزة على باب آخر، ونزل على باب جديد تنبك دوادار قاني باي، وداموا على ذلك مدةً، وهم يستعدون، وقد ترك قاني باي أمر القلعة إلى أن بلغه وصول العسكر، وسار هو والأمراء من دمشق، وكان الأمير ألطنبغا العثماني بمن معه من أمراء دمشق والعشير والعربان نائب صفد قد توجه من بلاد المرج إلى جرود، فجَدَّ العسكر في السير حتى وافَوا الأمير قاني باي قد رحل من برزة، فنزلوا هم على برزة، وتقدم منهم طائفة فأخذوا من ساقته أغنامًا وغيرها، وتقاتلوا مع أطراف قاني باي، فجرح الأمير أحمد بن تنم صهر الملك المؤيد في يدِه بنشابة أصابته، وجُرِح معه جماعة أخرى، ثم عادوا إلى ألطنبغا العثماني، وسار قاني باي حتى نزل بسلمية في آخرها، ثم رحل إلى حماة، ثم رحل منها واجتمع بالأمير إينال الصصلاني نائب حلب، واتفقوا جميعًا على التوجه إلى جهة العمق لما بلغهم قدوم السلطان الملك المؤيد لقتالهم، وسيروا أثقالهم، فنادى نائب قلعة حلب بالنفير العام، فأتاه جُلُّ أهل حلب، ونزل هو بمن عنده من العسكر الحلبي، وقاتل إينال وعساكره فلم يثبتوا، وخرج قاني باي وإينال إلى خان طومان، وتخطف العامة بعضَ أثقالهم، وأقاموا هناك ثم في يوم الجمعة الثاني والعشرين شهر رجب ركب السلطان بعد صلاة الجمعة من قلعة الجبل بأمرائه وعساكره المعينين صحبته للسفر يريد البلاد الشامية، ومعه الخليفة وقاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفي لا غير، وسار السلطان حتى وصل إلى غزة في تاسع عشرين شهر رجب، وسار منها في نهاره، وكان قد خرج الأمير قاني باي من دمشق في السابع والعشرين ودخل الأمير ألطنبغا العثماني إلى دمشق في ثاني شعبان، وقُرِئَ تقليده، وسار السلطان مجدًّا من غزة حتى دخل دمشق في يوم الجمعة سادس شعبان، ثم خرج من دمشق بعد يومين في أثر القوم، وقدم بين يديه الأمير أقباي الدوادار في عسكر من الأمراء وغيرهم كالجاليش، فسار أقباي أمام السلطان والسلطان خلفه إلى أن وصل أقباي قريبًا من تل السلطان، ونزل السلطان على سرمين، وقد أجهدهم التعب من قوة السير وشدة البرد، فلما بلغ قاني باي وإينال الصصلاني وغيرهما من الأمراء مجيء أقباي، خرجوا إليه بمن معهم من العساكر، ولقوا أقباي بمن معه من الأمراء والعساكر وقاتلوه، فثبت لهم ساعة ثم انهزم أقبح هزيمة، وقَبَضوا عليه وعلى الأمير برسباي الدقماقي وعلى الأمير طوغان دوادار الوالد، وهو أحد مقدَّمي الألوف بدمشق، وعلى جماعة كبيرة، وتمزَّقت عساكرهم وانتُهِبت، وأتى خبر كسرة الأمير أقباي للسلطان فتخوَّف وهمَّ بالرجوع إلى دمشق وجَبُن عن ملاقاتهم؛ لقلة عساكره، حتى شجَّعه بعض الأمراء أرباب الدولة، وهونوا عليه أمر القوم، فركب بعساكره من سرمين، وأدركهم وقد استفحل أمرُهم، فعندما سمعوا بمجيء السلطان انهزموا ولم يثبتوا، وولَّوا الأدبار من غير قتال، فعند ذلك اقتحم السلطانية عساكرَ قاني باي، وقبض على الأمير إينال الصصلاني نائب حلب، وعلى الأمير تمان تمر اليوسفي المعروف بأرق أتابك حلب، وعلى الأمير جرباش كباشة حاجب حجاب حلب، وفر قاني باي واختفى، أما سودون بن عبد الرحمن نائب طرابلس، وتنبك البجاسي نائب حماة، وطرباي نائب غزة، وجانبك الحمزاوي نائب قلعة الروم، والأمير موسى الكركري أتابك طرابلس وغيرهم؛ فقد ساروا على حمية إلى جهة الشرق قاصدين قرا يوسف صاحب بغداد وتبريز، ثم ركب الملك المؤيد ودخل إلى حلب في يوم الخميس الرابع عشر شهر رجب وظفر بقاني باي في اليوم الثالث من الوقعة، فقيده ثم طلبهم الجميع، فلما مثلوا بين يدي السلطان فعند ذلك أمر بهم الملك المؤيد، فرُدُّوا إلى أماكنهم وقُتِلوا من يومهم الأربعة: قاني باي، وإينال، وتمان تمر أرق، وجرباش كباشه، وحُمِلت رؤوسهم إلى الديار المصرية على يد الأمير يشبك شاد الشرابخاناه، فرُفِعوا على الرماح، ونودي عليهم بالقاهرة: هذا جزاء من خامر على السلطان، وأطاع الشيطان، وعصى الرحمن، ثم عُلِّقوا على باب زويلة أيامًا، ثم حُملوا إلى الإسكندرية فطيف بهم أيضًا هناك، ثم أعيدت الرؤوس إلى القاهرة وسُلِّمت إلى أهاليها.

العام الهجري : 517 العام الميلادي : 1123
تفاصيل الحدث:

كان دبيس بن صدقة صاحب الحلة المزيدية قد أطلق عفيفًا خادِمَ الخليفة المسترشد بالله، وكان مأسورًا عنده، وحمَّله رسالة فيها تهديد للخليفة بإرسال قسيم الدولة البرسقي صاحب الموصل إلى قتاله، وتقويته بالمال، وأن السلطان كَحَل أخاه، وبالغ في الوعيد، ولبس السواد، وجزَّ شعره، وحلف لينهبَنَّ بغداد، ويخرِّبها، فاغتاظ الخليفة لهذه الرسالة وغضب، وتقدم إلى البرسقي بالتبريز إلى حرب دبيس؛ فبرز في رمضان سنة 516، وتجهز الخليفة، وبرز من بغداد، واستدعى العساكر، وأرسل دبيس إلى نهر ملك فنهب، وعمل أصحابه كلَّ عظيم من الفساد، فوصل أهله إلى بغداد، فأمر الخليفة فنودي ببغداد لا يتخلَّف من الأجناد أحد، ومن أحبَّ الجندية من العامة فليحضُر، فجاء خلق كثير، ففَرَّق فيهم الأموال والسلاح. فلما علم دبيس الحال كتب إلى الخليفة يستعطفه ويسألُه الرضا عنه، فلم يُجِب إلى ذلك، وأُخرِجَت خيام الخليفة في العشرين من ذي الحجة سنة 516، ودخلت هذه السنة، فنزل الخليفة مُستهَلَّ المحرم، بالحديثة، وجعل دبيس أصحابه صفًّا واحدًا: ميمنة، وميسرة، وقلبًا، وجعل الرجَّالة بين أيدي الخيالة بالسلاح، وكان قد وعد أصحابه بنهب بغداد، وسبي النساء، فلما تراءت الفئتان بادر أصحاب دبيس، وبين أيديهم الإماءُ يَضرِبن بالدفوف، والمخانيث بالملاهي، ولم يُرَ في عسكر الخليفة غيرُ قارئ ومُسَبِّح وداع، فقامت الحرب على ساق، فلما اختلط الناس خرج الكمين على عسكر دبيس، فانهزموا جميعهم وألقوا أنفُسَهم في الماء، فغرق كثير منهم، وقُتل كثير، ولما رأى المسترشد بالله اشتداد الحرب جرَّد سيفه وكبر وتقدم إلى الحرب، فلما انهزم عسكر دبيس وحُمِلت الأسرى بين يدي الخليفة أمر أن تُضرَب أعناقهم صبرًا، وعاد الخليفةُ إلى بغداد، فدخلها يوم عاشوراء من هذه السنة. وأما دبيس بن صدقة فإنه لما انهزم نجا بفرسه وسلاحه وأدركته الخيل، ففاتها وعبر الفرات، واختفى خبرُه بعد ذلك، وأُرجِف عليه بالقتل، ثم ظهر أمرُه أنه قَصَد غزية من عرب نجد، فطلب منهم أن يحالِفوه، فامتنعوا عليه فرحل إلى المنتفق، واتفق معهم على قصد البصرة وأخْذِها، فساروا إليها ودخلوها، ونهبوا أهلَها، وقتل الأمير "سخت كمان" مقدَّم عسكرها، وأُجلِيَ أهلها، فأرسل الخليفة إلى البرسقي يعاتبه على إهمالِه أمر دبيس، حتى تمَّ له من أمر البصرة ما أخربها، فتجهز البرسقي للانحدار إليه، فسمع دبيس ذلك ففارق البصرة، وسار على البر إلى قلعة جعبر، والتحق بالفرنج، وحضر معهم حصار حلب، وأطمعهم في أخذِها، وقال لهم: إن أهلها شيعة، وهم يميلون إليَّ لأجل المذهب، فمتى رأوني سلَّموا البلد إليَّ. فلم يظفروا بها، فعادوا عنها، ثم فارقهم والتحق بالملك طغرل بن السلطان محمد، وأقام معه، وحَسَّن له قَصْدَ العراق.

العام الهجري : 658 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1260
تفاصيل الحدث:

هو السُّلطانُ الشهيدُ الملك المظفر، سيفُ الدين قطز محمود بن عبد الله التركي المعزي. كان أنبَلَ وأخَصَّ مماليك الملك المعز عز الدين أيبك التركماني، ثم صار نائِبَ السلطنة لوَلَدِه المنصور, ثالثِ سلاطين دولة المماليك في مصرَ والشام. كان شابًّا أشقرَ وافِرَ اللحية, فارسًا شجاعًا بطلًا، سائِسًا، دَيِّنًا، حازمًا، حسَنَ التدبيرِ، محَبَّبًا إلى الرعيَّة. كثير الخير ناصحًا للإسلام وأهله، وكان الناسُ يحبُّونَه ويدعون له كثيرًا. هزم التتار، وطهَّر الشام منهم يومَ عين جالوت، وهو الذي كان قَتَلَ فارس الدين أقطاي الجمداري، ويقال: إن قطز ابن أخت السلطان خوارزم شاه جلال الدين، وإنه حُرٌّ واسمُه محمود بن ممدود. لما قُتِلَ أستاذُه المعز عز الدين أيبك قام في توليةِ ولده المنصور علي، فلما سَمِعَ بأمر التتار خاف أن تختَلِفَ الكلمة لصِغَرِ سِنِّ المنصور علي, ودعا إلى نفسه، فبويع في ذي القعدة سنة 657، ثم سار إلى التتار فجعل اللهُ على يديه نصرة الإسلام والمسلمين. وكان اجتماعه مع عدوه في العشر الأخير من رمضان يوم الجمعة، حيث كان فيه نصرُ الإسلام والمسلمين. قال ابن كثير: "لما كان يومُ المعركة بعين جالوت قُتِلَ جوادُه فترجَّلَ وبَقِيَ واقفًا على الأرض ثابتًا، والقتالُ يعمل في المعركة، وهو في موضِعِ القَلبِ، فلما رآه بعضُ الأمراء ترجَّل عن فرسه وحَلَف على السلطان ليركبَنَّها فامتنع، وقال لذلك الأمير: ما كنتُ لأحرِمَ المسلمينَ نَفعَك. ولم يزَلْ كذلك حتى جيءَ له بخيلٍ فرَكِبَه! فلامه بعض الأمراء وقال: يا خوند (يا سيد) لم لا ركبتَ فَرسَ فلان؟ فلو أنَّ بعض الأعداء رآك لقتلَكَ وهلك الإسلامُ بسَبَبِك، فقال: أمَّا أنا فكنتُ أروح إلى الجنة، وأمَّا الإسلامُ فله ربٌّ لا يضيعه، قد قُتِلَ فلان وفلان وفلان حتى عد خَلقًا من الملوك، فأقام للإسلامِ مَن يحفظُه غيرهم، ولم يضيِّع الإسلام", ولما قدم دمشقَ في شوال أقام بها العَدلَ ورتَّبَ الأمور، وأرسل بيبرس خلف التتار ليخرِجَهم ويطرُدَهم عن حلب، ووعَدَه بنيابتِها فلم يفِ له لما رآه من المصلحةِ، فوقعت الوحشةُ بينهما, فلما فرَغ المظَفَّر من الشام ثم رجع إلى الديار المصرية والعساكر الإسلامية في خدمته، كان الأميرُ ركن الدين بيبرس البندقداري  قد اتَّفَق مع جماعةٍ مِن الأمراء على قتله، فلما وصلَ بين القرابي والصالحيَّة ضرب دهليزه وساق خَلفَ أرنب، وساق معه أولئك الأمراءَ فشَفَعَ عنده ركن الدين بيبرس في شيءٍ فشَفَّعَه، فأخذ يده ليُقَبِّلَها فأمسَكَها وحمل عليه أولئك الأمراءُ بالسيوف فضربوه بها، وألقوه عن فرَسِه ورشقوه بالنشَّاب حتى قتلوه ودفن بالقصر، وكان قُتله يوم السبت سادس عشر من ذي القعدة، وكانت مُدَّة ملكه من حين عَزَل ابنَ أستاذه المنصور عليِّ بن المعز التركماني إلى هذه المدة، وهي أواخِرُ ذي القعدة نحوًا من سنة، رحمه الله وجزاه عن الإسلامِ وأهله خيرًا.

العام الهجري : 1230 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1815
تفاصيل الحدث:

بعد مناوشاتٍ وقتال بين قوات طوسون باشا وقواتِ عبد الله بن سعود عُقِدَت معاهدة صلح بينهما أن تضع الحرب بين الفئتين وتُتركَ بموجِبِها نجدٌ وأعماله بقبضة عبد الله, وتدخُلُ الحجازُ تحت الإدارة المصرية، وتعهَّدَ عبدُ الله بأن يعتبر نفسَه تابعًا للسلطان التركي، ووعد بالخضوعِ للوالي المصري في المدينة، وتعهَّد بتأمين سلامة الحج، والذَّهابِ إلى استانبول والمثول أمام السُّلطانِ في حال تم استدعاؤه، وإعادة كنوزِ مكة, وكتبوا بذلك سجلًّا، ثم رحل الروم من الرسِّ أول شعبان متوجهين إلى المدينة, فوضع طوسون حامياتٍ في مدن الحجاز الرئيسية وعاد إلى مصر مُنهيًا المرحلة الأولى من الحربِ على الدولة السعودية الأولى بهذا الصلحِ الذي لم يوافِقْ عليه والِدُه محمد علي ولم يقِرَّه، قال الجبرتي في تاريخه: "وصلت الهجانةُ وأخبار ومكاتبات من الديار الحجازية بوقوعِ الصلح بين طوسون باشا وعبد الله بن سعود الذي تولَّى بعد موت أبيه كبيرًا على الوهَّابية وأنَّ عبد الله المذكور ترك الحروبَ والقتال وأذعن للطاعة، وحَقَن الدماءَ وحَضَر من جماعة الوهَّابية نحو العشرين نفرًا من الأنفار إلى طوسون باشا ووصل منهم اثنان إلى مصرَ، فكأن الباشا محمد علي لم يعجبه هذا الصلحُ ولم يظهر عليه علامات الرضا بذلك، ولم يحسِنْ نُزُلَ الواصلين، ولما اجتمعا به وخاطبهما عاتبهما على المخالفة فاعتذرا وذكَرَا أنَّ الأميرَ سعودًا المتوفى كان فيه عنادٌ وحِدَّةُ مزاجٍ، وكان يريد المُلكَ وإقامة الدين، وأمَّا ابنه الأمير عبد الله فإنه ليِّنُ الجانب والعريكة ويكرهُ سَفكَ الدماء على طريقةِ سَلَفِه الأمير عبد العزيز- لعله يقصد الأمير سعودًا- فإنه كان مسالِمًا للدولة حتى إنَّ المرحوم الوزير يوسف باشا حين كان بالمدينة كان بينه وبينه- عبد الله- غاية الصداقة ولم يقَعْ بينهما منازعة ولا مخالفةٌ في شيءٍ ولم يحصُل التفاقُمُ والخلافُ إلا في أيام الأمير سعود، ومعظم الأمر للشريف غالب بخلاف الأمير عبد الله؛ فإنه أحسَنَ السَّيرَ وترك الخلاف وأمَّنَ الطرُقَ والسُّبُلَ للحجَّاج والمسافرين، ونحو ذلك من الكلمات والعبارات المستحسنات، وانقضى المجلس وانصرفا إلى المحلِّ الذي أُمِرا بالنزول فيه ومعهما بعض التركِ ملازمون لصحبتِهما مع اتِّباعهما في الركوب والذَّهاب والإياب؛ فإنه أطلقَ لهما الإذنَ إلى أيِّ محل أراداه، فكانا يركبان ويمران بالشوارع بأتباعِهما ومن يصحبُهما ويتفرجان على البلدة وأهلِها، ودخلا إلى الجامع الأزهر في وقتٍ لم يكن به أحدٌ من المتصدِّرين للإقراء والتدريس، وسألوا عن أهل مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه وعن الكتُبِ الفقهية المصنَّفة في مذهبِه، فقيل انقرضوا من أرضِ مِصرَ بالكليَّةِ، واشتريَا نُسَخًا من كتب التفسير والحديث مثل الخازن والكشَّاف والبغوي والكتب الستة المجمَعِ على صحتها وغير ذلك، وقد اجتمعتُ بهما مرَّتين فوجدتُ منهما أنسًا وطلاقةَ لسانٍ واطِّلاعًا وتضلُّعًا ومعرفةً بالأخبارِ والنوادر، ولهما من التواضع وتهذيب الأخلاق وحُسن الأدب في الخطاب والتفقُّه في الدين واستحضار الفروع الفقهية واختلاف المذاهب فيها ما يفوق الوصفَ".

العام الهجري : 9 العام الميلادي : 630
تفاصيل الحدث:


كان الحَجُّ مَعروفًا قبلَ البعثة، فإبراهيمُ أَذَّنَ في النَّاسِ بالحَجِّ، وحَجَّ موسى وغيرُه مِنَ الأنبياءِ، وبَقِيَ الحَجُّ مَعروفًا ولكن بَدَّلَ فيه المُشركون ما بَدَّلوا، وأَوَّلُ مَن بَدَّلَ عَمرُو بنُ لُحَيٍّ، ثمَّ فرَض الله تعالى الحَجَّ على المسلمين لِمَن اسْتَطاع إليه سَبيلًا، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، وبَيَّن الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم مَناسِكَهُ بِتَمامِها في حَجَّةِ الوَداعِ في سَنَةِ 10هـ، واخْتُلِف في أيِّ عامٍ فُرِضَ الحَجُّ، قِيلَ: فُرِضَ في سَنَةِ سِتٍّ. وقِيلَ: سَنَةَ سبعٍ. وقِيلَ: سَنَةَ ثَمانٍ. وقِيلَ غيرَ ذلك.

العام الهجري : 114 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 732
تفاصيل الحدث:


وَلَّى هِشامُ بن عبدِ الملك عبدَ الرَّحمن الغافِقِي إمارَةَ الأَندَلُس فتَأَهَّبَ لِفَتحِ بِلادِ الغال (فرنسا) فدَعا العَرَبَ مِن اليَمَن والشَّام إلى مُناصَرَتِه فأَقْبَلوا إليه، فاجْتاز جِبالَ البِرانس بجَيْشٍ مِن العَرَب والبَرْبَر، وأَوْغَل في مُقاطَعَتي اكيتانيا ووبرغونية وبوردو، ثمَّ تَقدَّم يُريدُ الإيغال داخِلَ البِلادِ، فجَمَع له شارل مارتل جُموعَه وأَلَّفَ جَيشًا كَبيرًا مِن الغاليين والجرمن فنَشَبَت حَرْبٌ دامِيَة شَديدَة في بواتيه بِقُرْبِ نَهرِ اللوار، وقد اسْتُشْهِد فيها عبدُ الرَّحمن الغافِقِي ومعه الكَثيرُ مِن جَيشِه الذي هُزِمَ وانْسَحَب لَيلًا ولم يَبْق للمسلمين في بِلادِ الغال سِوى مُقاطَعة سبتمانيا.

العام الهجري : 374 العام الميلادي : 984
تفاصيل الحدث:

لَمَّا استولى باذ الكردي على الموصِل، اهتم صمصام الدولة ووزيرُه ابن سعدان بأمرِه، فوقع الاختيارُ على إنفاذِ زيار بن شهراكويه، وهو أكبَرُ قُوَّادهم، فأمره بالمسيرِ إلى قتاله، وجَهَّزه، وبالغ في أمرِه، وأكثَرَ معه الرجالَ والعُدَد والأموال، وسار إلى باذ، فخرج إليهم، ولَقِيَهم في صفر، فأجْلَت الوقعةُ عن هزيمةِ باذ وأصحابِه، وأُسِرَ كثيرٌ مِن عَسكرِه وأهْلِه، وحمُلِوا إلى بغداد فشُهِروا بها، ومَلَك الدَّيلمُ الموصِلَ، فراسل باذ الكردي زيارًا وسعدًا يطلبُ الصلح، فاستقَرَّ الحال بينهم، واصطلحوا على أن تكون ديارُ بكرٍ لباذ، والنِّصفُ من طور عبدين أيضًا، وانحدرَ زيار إلى بغداد، وأقام سعدٌ بالموصل.

العام الهجري : 494 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

جهَّز الأفضلُ بن أمير الجيوش عسكرًا كثيفًا لغزو الفرنج، فساروا إلى عسقلان ووصلوا إليها في أول رمضان، فأقاموا بها إلى ذي الحِجَّة؛ فنهض إليهم من الفرنج ألفُ فارس وعشرة آلاف راجل، فخرج إليهم المسلمون وحاربوهم. فكانت بين الفريقين عدةُ وقائع آلت إلى كسر الميمنة والميسرة وثبات سعد الدولة الطواشي -مقدَّم العسكر- في القلب، وقاتل قتالًا شديدًا، فتراجع المسلمون عند ثبات المذكور وقاتلوا الفرنج حتى هزموهم إلى يافا، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأسروا الكثير. وقُتِل كندفري ملك الفرنج بالقدس، فجاء أخوه بغدوين من القدس وملك بعده، وسار بالفرنج إلى أرسوف.

العام الهجري : 498 العام الميلادي : 1104
تفاصيل الحدث:

في خراسان سار جمعٌ كثير من الإسماعيلية الباطنية من طريثيت، عن بعض أعمال بيهق، وشاعت الغارة في تلك النواحي، وأكثروا القتلَ في أهلها، والنهبَ لأموالهم، والسبيَ لنسائهم، واشتدَّ أمرهم، وقَوِيَت شوكتهم، ولم يكفُّوا أيديَهم عمن يريدون قتْلَه؛ لاشتغال سلاطين السلاجقة بالاقتتال فيما بينهم عن خطر الباطنية. فمن جملة فعلهم لما تجمع حُجَّاج هذه السنة، مما وراء النهر، وخراسان، والهند، وغيرها من البلاد، فوصلوا إلى جوار الري؛ أتاهم الباطنية وقت السَّحَر، فوضعوا فيهم السيفَ، وقتلوهم كيف شاؤوا، وغَنِموا أموالهم ودوابَّهم، ولم يتركوا شيئًا، كما قتلوا هذه السنة أبا جعفر بن المشاط، وهو من شيوخ الشافعية.