تفاقَمَ الأمرُ بالعيَّارينَ (وهم طائفة من أهل الدعارة والنهب واللصوصية) ببَغداد وصار الناسُ أحزابًا، في كلِّ مَحلَّةٍ أميرٌ مُقَدَّمٌ، واقتتل النَّاسُ وأُخِذَت الأموالُ، وأُحرِقَت دُورٌ كِبارٌ، ووقع حريقٌ بالنَّهارِ في نهر الدجاج، فاحتَرَق بسببه شيءٌ كثيرٌ للناسِ.
لمَّا رجَع خالدُ بنُ الوليدِ مِن هَدْمِ العُزَّى بعَثهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بني جَذيمَةَ داعِيًا إلى الإسلامِ لا مُقاتِلًا, فخرَج في ثلاثمائةٍ وخمسين رجلًا مِنَ المُهاجرين والأنصارِ وبني سُليمٍ، فانتهى إليهم فدَعاهُم إلى الإسلامِ فلم يُحسِنوا أن يَقولوا: أَسلَمْنا، فجعلوا يَقولون: صَبَأْنا، صَبَأْنا. -فحملها خالد على أنها سُخرية بالإسلام لأن قريشًا كانت تقول لمن أسلم صبأ تعييرا له- فجعَل خالدٌ يَقتُلُهم ويَأْسِرُهُم, ودفَع إلى كُلِّ رجلٍ ممَّن كان معه أَسِيرًا، فأمَر يومًا أن يَقتُلَ كُلُّ رجلٍ أَسِيرَهُ, فأبى ابنُ عُمَرَ وأصحابُه حتَّى قَدِموا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فذكَروا له، فرفَع صلى الله عليه وسلم يَديهِ وقال: (اللَّهمَّ إنِّي أَبْرَأُ إليك ممَّا صنَع خالدٌ) مَرَّتين. وكانت بنو سُليمٍ هُم الذين قَتَلوا أَسْراهُم دون المُهاجرين والأنصارِ, وبعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علِيًّا, فَوَدَى لهم قَتلاهُم وما ذهَب منهم.
أوَّلُ مَن بناها المعتضدُ بالله في هذه السَّنة، وهو أوَّلُ مَن سكَنَها من الخلفاءِ إلى آخرِ دولتِهم، وكانت أولًّا دارًا للحسَنِ بنِ سَهلٍ تُعرَفُ بالقصرِ الحَسَني، ثم صارت بعد ذلك لابنتِه بُوران زوجةِ المأمون، ثم أَصلحَت ما وَهَى منها ورَمَّمَت ما كان قد تشعَّثَ فيها، وفرَشَتْها بأنواعِ الفُرشِ في كُلِّ مَوضعٍ منها ما يليقُ به من المفارشِ، وأسكَنَتْه ما يليقُ به من الجواري والخَدَمِ، وأعدَّت بها المآكلَ الشَّهيَّة وما يَحسُن ادِّخاره في ذلك الزمان، ثم أرسَلَت مفاتيحَها إلى المعتَضِد، فلمَّا دخلها هالَه ما رأى من الخيراتِ، ثمَّ وسَّعَها وزاد فيها وجعل لها سورًا حَولَها، وكانت قدرَ مدينة شيراز، فبنى المعتضِدُ فيها الميدانَ، ثم بنى فيها قصرًا مُشرِفًا على دجلةَ، ثمَّ بنى فيها المُكتفي التَّاجَ، فلما كان أيَّام المقتدر زاد فيها زياداتٍ أخرى كبيرةً وكثيرةً جِدًّا، ثم بعد هذا كُلِّه خَربَت حتى كأنْ لم يكُنْ مَوضِعَها عمارةٌ، وتأخَّرَت آثارُها إلى أيام التتار الذين خَرَّبوها وخَرَّبوا بغداد، وقال الخطيبُ البغدادي: والذي يُشبِهُ أنَّ بُورانَ وهبت دارها للمعتَمِد لا للمعتَضِد؛ فإنَّها لم تعِشْ إلى أيَّامه, وقد تقَدَّمَت وفاتُها".
قُتِلَ هيتوم متمَلِّكُ سيس على يد بعضِ أمراء المغول؛ وذلك أنَّ هيتوم كان يحمِلُ القطعيَّة إلى المغول كما يحمِلُها إلى مصر، ويحضُر إلى كلِّ سنة أميرٌ من أمرائهم حتى يتسَلَّم الحَملَ، فحضر إليه من أمراء المغول برلغوا، وقد أسلَم وحَسُن إسلامُه، فعزم على بناءِ جامعٍ بسيس يعلَنُ فيه بالأذان، كما تجهَرُ هناك النصارى بضرب النواقيس، فشَقَّ ذلك على هيتوم، وكتب إلى خدبندا بأنَّ برلغوا يريد اللَّحاقَ بأهلِ مصر، وبناء جامع بسيس، فبعث خدبندا بالإنكارِ على برلغوا، وتهدَّدَه وألزمه بالحضورِ، فغضب برلغوا من هيتومِ، وصنع طعامًا ودعاه، ولم يكُنْ عنده عِلمٌ بأنَّ برلغوا اطَّلَع على شكواه منه لخدبندا، فحضر وهو آمِنٌ في جماعةٍ مِن أكابر الأرمنِ وإخوان له، فعندما مدُّوا أيديهم إلى الطعام أخذَتهم السيوفُ مِن كُلِّ جانب، فقُتِلوا عن آخِرِهم، ولم ينجُ سوى أخوه ليفون في نفَرٍ قليل، فلَحِقَ بخدبندا وأعلَمَه بقتل برلغوا لأخيه هيتوم وأمرائِه، وقَدِمَ عليه أيضًا برلغوا، فقَتَله بقَتلِه هيتوم.
وُلِدَ الدكتور نور الدين عتر في حلب عام 1356هـ الموافق 1937م، درس في الثانوية الشرعيَّة (الخسروية)، وحصل على الشَّهادة الثَّانوية الشَّرعيَّة عام ١٣٧٣هـ الموافق 1954م، ثم التحق بجامعةِ الأزهرِ في مِصرَ وتخرَّج فيها.
في عام ١٣٨٤هـ الموافق 1964م حاز على الشَّهادة العالِمية الدُّكتوراه، من شُعبة التَّفسيرِ والحديثِ، وكانت أطروحته: «طريقة الترمذيِّ في جامِعِه، والموازنة بينه وبين الصَّحيحينِ»، استفاد منها بعد ذلك كثيرٌ من الباحثينَ في مناهجِ المحدِّثين.
ثم عاد لسوريا ودرَّس في المرحلة الثانوية، ثم عُيِّن مدرِّسًا لمادة الحديث النَّبويِّ في الجامعة الإسلامية في المدينة المنوَّرة لمدة عامين (١٣٨٥هـ -1386هـ الموافق 1965م - 1967م).
وفي عام ١٣٨٧هـ الموافق 1967م عاد إلى دمشق أستاذًا في كليَّة الشَّريعة بجامعة دمشق فيها، ودرَّس مادَتَي الحديثِ والتفسيرِ في كُلِّيَّات الآدابِ في جامعَتَي دمشق وحلب، كما درَّس في العديدِ مِن الجامعاتِ العربيَّةِ والإسلاميَّة لفترات وجيزة.
من أبرزِ مُؤَلَّفاته: كتاب: (منهج النَّقد في علوم الحديث)، وكتاب (إعلام الأنام شرح بلوغ المرام).
وُلِد المشيرُ محمَّد حُسَين طنطاوي، القائِدُ العامُّ السَّابقُ للقوَّاتِ المُسلَّحةِ المِصريَّةِ عام 1935. عَمِل وزيرًا للدِّفاعِ والإنتاجِ الحربيِّ. وكان من أُسرةٍ نوبيَّةٍ. تخرَّج في الكُلِّيَّةِ الحربيَّةِ المصريَّةِ سنة 1956م، ثمَّ كليةِ القادةِ والأركانِ. شارك في حرِب 1967م، وحربِ الاستنزافِ، وحربِ أكتوبر 1973م؛ حيث كان قائِدَ وحدةِ مُقاتلةٍ بسلاحِ المُشاةِ. وبعد الحربِ حصل على نُوطِ الشَّجاعةِ العَسكريِّ، ثمَّ عَمِل في عام 1975 مُلحَقًا عسكريًّا لمصرَ في باكستانَ، ثمَّ في أفغانستانَ. تدرَّج في المناصِبِ حتى أصبح وزيرَ الدِّفاعِ والقائِدَ العامَّ لـلقُوَّاتِ المُسلَّحةِ في عام 1991م، وحصل على رُتبةِ المشيرِ في 1993م.
تولَّى رئاسةَ مِصرَ مُؤقَّتًا بصِفتِه رئيسَ المجلِسِ الأعلى للقُوَّاتِ المُسَلَّحةِ بعد تنحِّي الرَّئيسِ السَّابقِ حُسني مبارك في 11 فبراير 2011م، وظلَّ حتى تسلَّم الرَّئيسُ محمَّد مرسي منصِبَه في 1 يوليو 2012م.
أُحيل للتَّقاعُدِ في 12 أغسطس 2012، ومُنِح قِلادةَ النِّيلِ، وعُيِّنَ مُستشارًا لرئيسِ الجُمهوريَّةِ.
هو أميرُ المؤمنين عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَير بنِ العوَّام بن خُوَيلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قُصَي بن كلِاب بن مُرَّة: أبو بكر، وأبو خُبَيب القرشيُّ الأَسديُّ المكيُّ، ثم المدنيُّ, أحد الأعلام، كان عبدُ الله أول مولودٍ للمهاجرين بالمدينةِ, وُلِدَ سنة اثنتين، وقيل: السنة الأولى من الهجرة, ولَمَّا بلغ سبع سنين جاء ليبايِعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فتبسَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين رآه مُقبِلًا، ثم بايَعَه. له رواية أحاديثَ، وهو من صِغار الصَّحابة، وإن كان كبيرًا في العِلمِ والشَّرفِ والجهادِ والعبادةِ، وقد روى عن أبيه وجَدِّه لأمه الصِّدِّيق، وأمِّه أسماءَ، وخالتِه عائشةَ، وعن عُمَر وعُثمان، وغيرِهم، وحدث عنه: أخوه عُروةُ الفقيهُ، وابناه: عامرٌ وعَبَّاد، وابنُ أخيه: محمد بن عروة، وكان فارسَ قُريشٍ في زمانه، وله مواقِفُ مشهودة. أدرك ابنُ الزبير من حياةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانيةَ أعوام وأربعة أشهر, وكان ملازمًا لبيت رسول الله؛ لكونِه من آله، فكان يتردَّدُ إلى بيت خالته عائشةَ, وفي يوم اليرموك أركب الزبيرُ وَلَده عبد الله فرسًا وهو ابن عشر سنين، ووكل به رجلًا، شَهِدَ يوم الجمَلِ مع خالته، كما شهد فتح المغرب، وغزوَ القُسطنطينية. كان معاوية رضي الله عنه في عهدِه إذا لقي ابنَ الزبير يقول: مرحبًا بابنِ عَمَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنِ حواريِّ رسولِ الله، لما توفي يزيدُ بويعُ ابنُ الزبير بالخِلافةِ سنة 64هـ، فحكم الحِجازَ واليمن ومصر والعراق وخراسان، وبعضَ الشام، ولم يستوسق له الأمر، ومن ثم لم يَعُدَّه بعض العلماء في أمراء المؤمنين، وعَدَّ دولتَه زمَنَ فُرقة، فإنَّ مروان غلب على الشامِ ثم مصر، وقام بعد مَصرَعِه ابنُه عبد الملك بن مروان، وحاربَ ابنَ الزُّبير، فلم يزَلْ يحاربه حتى ظَفِر به, فأخذ العراقَ، ثم أرسل الحجَّاجَ إلى مكة وأخذها مِن ابن الزبير بعد أن خذله من كان معه خِذلانًا شديدًا، وجعلوا يتسلَّلون إلى الحَجَّاج، وجعل الحجَّاج يَصيح: أيها الناسُ, علامَ تقتُلون أنفُسَكم? من خرج إلينا فهو آمِنٌ, لكم عهدُ الله وميثاقُه، ورَبِّ هذه البِنيةِ لا أغدِرُ بكم، ولا حاجةَ في دمائكم. قتله الحجَّاجُ ثم صَلَبه، وكان آدم نحيفًا, ليس بالطويلِ, بين عينيه أثرُ السجود, فغسَّلَتْه والدته أسماءُ بنت أبي بكر بعد ما تقَطَّعت أوصاله، فحنَّطَتْه وكفَّنَتْه، وصَلَّت عليه، وجعلت فيه شيئًا حين رأته يتفسَّخُ إذا مسَّتْه, ثم حملته فدفنته بالمدينة في دار صفيةَ أم المؤمنين. قال عروة بن الزبير: لم يكن أحدٌ أحَبَّ إلى عائشة بعد رسول الله من أبي بكرٍ، وبعدَه ابنُ الزبير، وإذا ذُكِرَ ابن الزبير عند ابن عباس، قال: (قارئٌ لكتاب الله, عفيفٌ في الإسلام, أبوه الزُّبَير، وأمُّه أسماء، وجَدُّه أبو بكر، وعَمَّته خديجةُ، وخالته عائشةُ، وجدَّتُه صفية)، وكان عمرُو بن دينار يقول: (ما رأيت مُصليًّا قطُّ أحسَنَ صلاةً من عبد الله بن الزبير، وكان يسمى حمامةَ المسجِدِ).
هو المُستَنصِر بالله أبو تَميمٍ مَعَدُّ بنُ أبي الحَسنِ عليٍّ الظاهر بن الحاكم الفاطِميُّ العُبيديُّ صاحِبُ مصر والشام، وُلِدَ سَنةَ 420هـ, ووَلِيَ الأَمرَ بعدَ أَبيهِ الظاهرِ وله سَبعُ سنين، في شعبان سنة 427هـ، وفي وَسطِ دَولتِه خُطِبَ له بإَمْرَةِ المؤمنين على مَنابرِ العِراقِ. قال ابنُ خلكان: "جَرَى في أَيامِه ما لم يَجرِ على أَيامِ أَحَدٍ مِن أَهلِ بَيتِه ممَّن تَقدَّمهُ ولا تَأخَّرهُ: منها قَضيةُ البساسيري فإنه لمَّا عَظُمَ أَمرُه، وكَبُرَ شأنُه ببغداد قَطعَ خُطبةَ الخَليفةِ العبَّاسيِّ القائمِ بأَمرِ الله، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ سَنةَ 450هـ، ودَعَا له على مَنابِرِها مُدَّةَ سَنَةٍ, ومنها أنه ثار في أَيامِه عليُّ بنُ محمدٍ الصليحيُّ ومَلَكَ بِلادَ اليَمنِ، ودَعَا للمُستَنصِر على مَنابِرِها, ومنها أنه أقامَ في الأَمرِ سِتِّينَ سَنَةً، وهذا أَمرٌ لم يَبلُغه أَحدٌ مِن أَهلِ بَيتِه ولا مِن بَنِي العبَّاسِ, ومنها أنه وَلِيَ الأَمرَ وهو ابنُ سَبعِ سِنين. ومنها أن دَعوتَهم لم تَزل قائمةً بالمَغربِ منذ قام جَدُّهُم المَهديُّ إلى أَيامِ المُعِزِّ ولمَّا تَوَجَّه المُعِزُّ إلى مصر واستَخلَف بلكين بن زيري، كانت الخُطبةُ في تلك النواحي لا زالت للعُبيديِّين، إلى أن قَطَعَها المُعِزُّ بن باديس في أَيامِ المُستَنصِر سَنةَ 443هـ، وفي سَنةِ 449هـ قُطِعَ اسمُ المُستَنصِر واسمُ آبائِه مِن الخُطبةِ في الحَرَمينِ، وذُكِرَ اسمُ المُقتدِي بأَمرِ الله خَليفةِ بغداد، ومنها أنه حَدَثَ في أَيامِه الغَلاءُ العَظيمُ الذي ما عُهِدَ مِثلُه منذ زَمانِ يوسف عليه السلام، وأقامَ سَبعَ سِنينَ، وأَكلَ الناسُ بَعضُهم بَعضًا، حتى قِيلَ: إنه بِيعَ رَغيفٌ واحدٌ بخَمسين دِينارًا، وكان المُستَنصِر في هذه الشِّدَّةِ يَركَب وَحدَه، وكلُّ مَن معه من الخَواصِّ مُتَرَجِّلون ليس لهم دَوابٌّ يَركَبونَها، وكانوا إذا مَشوا تَساقَطوا في الطُّرُقاتِ من الجُوعِ، وآخِرُ الأمرِ تَوجَّهَت أُمُّ المُستَنصِر وبَناتُه إلى بغداد من فَرْطِ الجُوعِ سَنةَ 462هـ، وتَفَرَّق أَهلُ مصر في البِلادِ وتَشتَّتوا"، وتُوفِّي المُستَنصِر لَيلةَ الخميسِ لاثنتي عشرة لَيلةً بَقِينَ من ذي الحجَّةِ سَنةَ 487هـ وكانت مُدَّةُ حُكمِه سِتِّينَ سَنةً وأربعةَ أَشهُر، ولمَّا مات وَلِيَ بَعدَه ابنُه أبو القاسمِ أحمدَ المُستَعلِي بالله، وكان قد عَهِدَ في حَياتِه لابنِه نزار، فخَلَعهُ الأفضلُ أبو القسمِ شاهنشاه بن أَميرِ الجُيوشِ وبايَعَ المُستَعلِي بالله، وسَببُ خَلعِه أن الأفضلَ رَكِبَ مَرَّةً، أَيامَ المُستَنصِر، ودَخلَ دِهليزَ القَصرِ من بابِ الذَّهبِ راكِبًا، ونزار خارِجٌ، والمَجازُ مُظلِمٌ، فلم يَرَهُ الأفضلُ، فصاحَ به نزار: انزِل، يا أرمني، كلب، عن الفَرَسِ، ما أَقَلَّ أَدَبَك! فحَقَدَها عليه، فلمَّا مات المُستَنصِر خَلَعهُ خَوفًا منه على نَفسِه، وبايَعَ المُستَعلي، فهَرَب نزار إلى الإسكندريةِ، وبها ناصِرُ الدولةِ أفتكين، فبايَعَهُ أَهلُ الإسكندريةِ وسَمَّوهُ المُصطفَى لدِينِ الله، فخَطَبَ الناسَ، ولَعنَ الأَفضلَ، وأَعانَه أيضًا القاضي جَلالُ الدولةِ بنُ عَمَّارٍ، قاضي الإسكندريةِ، فسار إليه الأَفضلُ، وحاصَرَهُ بالإسكندريةِ، فعاد عنه مَقهورًا، ثم ازدادَ عَسكرًا، وسار إليه، فحَصَرهُ وأَخَذهُ، وأَخذَ أفتكين فقَتَلهُ، وتَسلَّم المُستعلِي نزارًا فبَنَى عليه حائِطًا فماتَ، وقَتَلَ القاضيَ جَلالَ الدولةِ بنَ عَمَّارٍ ومَن أَعانَه.
حَكَم الحَجَّاجُ بن يوسُف بعدَ أن قَضى على ابنِ الزُّبيرِ، حَكَم الحِجازَ كُلَّها ثمَّ وَلَّاهُ عبدُ الملك أَمْرَ العِراق بدلًا مِن خالدِ بن عبدِ الله القَسْريِّ، فصارت العِراق للحَجَّاج، وخُطْبَتُهُ فيها مشهورة، فأَمْسَك زِمامَ الأُمورِ فيها بِشِدَّةٍ فدانَتْ له وخَضَعت.
وقَّعت كلٌّ من الدولة العثمانية وإنجلترا وفرنسا والنمسا وروسيا وبروسيا وساردونيا "معاهدة باريس"؛ وذلك لإنهاء حرب القرمِ التي شاركت فيها الدُّوَل السابقة، وتعَدُّ من كبرى الحروب التي شهدها العالَمُ في تلك الفترة، وتعدُّ هذه المعاهدة من المعاهدات التي صاغت الوجهَ السياسي لأوروبا في القرنِ التاسع عشر.
لمَّا غلَب مَرْوانُ بن الحكمِ على الشَّام وما حَولَها عَهِدَ بالخِلافَة لابْنَيْهِ عبدِ المَلِك ثمَّ مِن بعدِه عبدِ العزيزِ، فاسْتلَم عبدُ الملك زِمامَ الأُمورِ التي كانت بِيَدِ والدِه ولكن لم تَتِمَّ له الأمورُ كُلُّها؛ لأنَّ بعضَ المناطقِ ما زالت تَدينُ بالخِلافَة لابنِ الزُّبير.
ألَّف البرلمان الإنجليزي لجنة "إعادة أمة اليهود إلى فلسطين", وفي العام نفسه تألَّفت في لندن "الجمعية البريطانية والأجنبية للعمل في سبيل إرجاع الأمة اليهودية إلى فلسطين". وألحَّ رئيسها القس كريباس على الحكومة البريطانية كي تبادِرَ للحصول على فلسطين كلِّها من الفرات إلى النيل ومن المتوسِّط إلى الصَّحراء.
شرع الله سُبحانه وتعالى زكاةَ الفِطرِ, وهي واجبةٌ على كُلِّ مُسلمٍ حُرٍّ أو عبدٍ، ذَكَرٍ أو أُنثى، صغيرٍ أو كبيرٍ مِنَ المسلمين قادرٍ عليها. والحِكمةُ منها تَطهيرُ الصَّائمِ ممَّا عسى أن يكونَ قد وقع فيه أثناءَ الصِّيامِ مِن لَغْوٍ أو رَفَثٍ، وإعانةٌ للفقراءِ على إدخالِ السُّرورِ عليهم في يومِ العيدِ.
عقد عبد الناصر اتفاقياتِ دفاع مشترك مع بعض الدولِ العربية، مثل سوريا والأردن والسعودية واليمن وذلك بعد أن رفَضَت كلٌّ من أمريكا وبريطانيا وفرنسا تمويلَ بناء السد العالي مما كان سببا في تأميمَ قناة السويس في 16 أغسطس 1956م من أجل الاستفادة من عائداتها لبناءِ السد العالي.