هو نقيبُ العَلَويِّينَ، أبو الحسَنِ محمَّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ موسى بنِ مُحمَّد بنِ إبراهيم بن موسى الكاظمِ الحُسيني المُوسَوي البغدادي الشِّيعي، الشاعِرُ المُفلِق، الذي يقالُ: إنَّه أشعَرُ قُرَيشٍ، قال ابنُ خَلِّكانَ: "هو أشعَرُ الطالبيِّينَ مَن مضى منهم ومَن غَبَر، على كثرةِ شُعَرائِهم المُفلِقينَ، ولو قُلتُ: إنَّه أشعَرُ قُرَيشٍ لم أُبعِدْ عن الصِّدقِ". وُلِدَ ببغداد سنة 359ه، وتعلَّمَ فيها وبرَعَ في اللُّغةِ والأدَبِ والفِقهِ، وابتدأ بنَظمِ الشِّعرِ وله عشرُ سنين، وكان مُفرِطَ الذَّكاءِ، ولَّاه بهاءُ الدَّولة البُويهيُّ نقابةَ الطَّالبيِّينَ وسَمَّاه الشَّريفَ الرَّضيَّ، كان أبوه يتولَّى نقابةَ نُقَباءِ الطَّالبيِّينَ، ويحكُمُ فيهم أجمعين، والنَّظَر في المظالم، ثمَّ رُدَّت هذه الأعمالُ كُلُّها إلى ولَدِه الرَّضِيِّ في سنة 388 وأبوه حيٌّ. له أشعارٌ وتصانيفُ، منها: معاني القرآن، ومجاز القرآن، وهو الذي وضَعَ كتابَ نَهجِ البَلاغةِ الذي فيه الخُطَبُ التي تُنسَبُ لعليِّ بن أبي طالبٍ رَضيَ الله عنه، له ديوانٌ في أربَعِ مُجَلَّدات, توفِّيَ ببغداد عن 47 عامًا في الخامِسِ مِن مُحَرَّم، وكانت جنازتُه مشهودةً، ودُفِنَ بداره بمسجِدِ الأنباريِّ.
تولَّى السلطانُ الغالب بالله الحُكمَ، وذلك بعد مقتل أبيه ومبايعةِ أهل فاس له وأهلِ مراكش، فاستوثق له الأمرُ وتمهَّد له ملك أبيه. وكان قد نشأ في عفافٍ وصيانة، وحَفِظَ القرآن وأخذ بطرفٍ صالحٍ من العلم، وكان وليَّ عهد أبيه، وكان يلقَّب من الألقاب السلطانية بالغالب بالله، لقَّبَه به غيرُ واحد من الأئمةِ.
هو القاضي محمَّد بن خلَف بن حيَّان بن صدقة بن زياد البغدادي أبو بكرٍ الضَّبِّيُّ، المعروفُ بوَكيعٍ، وكان عالِمًا بأخبار النَّاسِ وغيرها، وله تصانيفُ حَسَنةٌ. قال الدارقطني: "كان نبيلًا فصيحًا فاضِلًا، من أهل القرآنِ والفِقهِ والنحو، له تصانيفُ كثيرة" مات وكان يتقلَّدُ قضاءَ كور الأهوازِ كُلِّها.
انتصر السلطانُ ظهير الدين محمد بن عمر الشيخ ميرزا بابر شاه على جيش هندي ضخم يضم 100 ألف جندي، وألف فيل، في معركة بانيبات التي استمرت 7 ساعات فقط، وينتمي بابر شاه إلى سلالة تيمورلنك التي أقامت حكمًا إسلاميًّا للدولة المغولية في الهند استمر 3 قرون.
ارتكبت العصاباتُ الصهيونيةُ مجزرة قرية أبو شوشة قضاء القدس بفلسطين، وراح ضحيَّتَها 50 قتيلًا من النساء والرجال والشيوخ والأطفال، وقد ضُرِبت رؤوس العديد منهم بالهراوات، وأطلق جنود "لواء جفعاتي" الصهيوني -الذي نفذ المذبحة- النارَ على كلِّ شَيءٍ متحَرِّك دون تمييز، وحتى الحيوانات لم تسلَمْ من المجزرة.
في عام 1924 ألَّف الدكتور عبد الرحمن الشهبندر بدمشق حزبًا سياسيًّا سمَّاه حزب الشعب، وتولى رئاسته، وأطلق على نفسِه لقب الزعيم، وأخذ يعمَلُ في تنظيم العمل السياسي ويدعو إلى الوَحدة العربية، ويطالِبُ بإلغاء الانتداب، وإقامة جمهورية سورية في نطاق الاتحاد مع جميع البلدان العربية المستقِلَّة؛ ولتحقيق ذلك بدأ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الاتصالَ بزعماء ووجهاء المدن السورية يحثُّهم على الثورة ضِدَّ الاستعمار الفرنسي ويشحَذُ هِمَمهم ويعزِّز شعورهم الوطني، ويطلب منهم بدء الكفاح المسلَّح لنيل الاستقلال، وتحقيق الحلم الوطني العربي بإقامة الجمهورية السورية العربية، وقد جاءت الثورةُ السورية الكبرى كرَدِّ فعلٍ على السياسات الدكتاتورية العسكرية التي اتبعَتْها السلطات الفرنسية الاستعمارية، والمتمثِّلة في تمزيق سوريا إلى عدَّة دويلات، وإلغاء الحريات، وملاحقة الوطنيين، وإثارة النزعات الطائفية، ومحاربة الثقافة والطابع العربي للبلاد، ومحاولة إحلال الثقافة الفرنسية، بالإضافة إلى رفضِ سُلُطات الانتداب عَقْدَ اتفاق مع القوى الوطنية السورية لوضع برنامج زمني لاستقلال سوريا، انطلقت ثورة سوريا الكبرى في 29 ذي الحجة الموافق 21 تموز / يوليو، وانضَمَّ تحت لوائها عددٌ من المجاهدين من مختَلِف مناطق سوريا ولبنان والأردن، ومنهم دروز الجبل، وقد شَهِدت سوريا خمسًا وثلاثين ثورة قبل الثورة الكبرى، وقُتِلَ في تلك الثورات ما يقرُبُ من خمسة آلاف جندي فرنسي، وكان الدروز غائبين تمامًا عن كل تلك الثورات 35 ثورة، وبعد وفاة سليم الأطرش حاكِمِ جبل الدروز وتعيين حاكم فرنسي بدلًا عنه ناقضين اتفاقَهم مع زعماء الجبل الذين نفاهم الجنرال سراي بعد ذلك، فتمرد الدروز ووقعت معركةُ المزرعة؛ مما اضطر سراي أن يدخُلَ في مفاوضات مع الدروز لوقف القتال وإطلاق سراح الزعماء، ثم اتصل أعضاءُ حزب الشعب بزعماء الدروز في الجبل وقرَّروا التعاونَ للدفاع عن استقلال البلاد، وحثَّ الدكتور عبد الرحمن الشهبندر زعيمَ الدروز الجديدَ سلطانَ الأطرش على التقدُّم نحو دمشق ضِدَّ السلطات الفرنسية، فاشتعلت المعارِكُ حول دمشق وغوطتها والجبل وقراه، فأرسلت فرنسا الجنرالَ جاملان وعيَّنوه قائدًا عامًّا لجيش الشرق، فزحف نحو الجبل ولم يستطِع احتلال عاصمة الجبل السوداء، ثم نشبت ثورة حماة في تشرين الأول 1925م وانتشرت إلى دمشق وعمَّت أنحاء سوريا، وقُصفت قوات فرنسا في دمشق بعد أن اتَّسع نطاق حرب العصابات، فأطلق الفرنسيون نيرانَ مدافِعِهم وقنابل طائراتِهم على دمشق وأسواقها وأحيائها أيامًا وشهورًا خلال الثورة، واشتركت في هذه الثورة جميعُ الطوائف بما فيهم البدوُ، إلَّا أنَّ بعضَ الطوائف لم تشترك بالثورة، مثل النصيريين وسكان سنجق إسكندرون، وأغلبهم نصيرية، وكانت القواتُ الفرنسية تستعين في إخماد الثورات على الأقليات الذين جنَّدَتْهم للثورة، كالأرمن وبعض الشراكسة وبعض البدو الذين كان لهم ثأرٌ مع الدروز، ولكِنْ في أواخر أيام الثورة انضمَّ الدروز إلى السلطات الفرنسية تحت لواء قيادتهم عبد الغفار الأطرش ومتعب الأطرش، وتطوعوا في الجيش الفرنسي وأجهزة الأمن الفرنسية، وقد كانوا قبل ذلك في اللجنة العليا للثورة السورية التي أعلن المجاهِدونَ حَلَّها بعد هذه الخيانة، وأمَّا عموم النصارى فكان غالِبُهم وقف موقف المتفَرِّج، غير الذين كانوا يعملون في أجهزة الأمنِ الفرنسي، وكان النصارى في دمشق يضعون على منازلهم أقمشةً بيضاء عليها صليبٌ أحمر لِيَعرِفَ الطيارون أنها بيوت للنصارى فلا يقصِفونها، وأما الغوطة فقد كانت ملجأً للمجاهدين، فقام الفرنسيون بإحراق معظَمِ بساتينها، وفرضت السلطاتُ الفرنسية غراماتٍ مالية على الأهالي فوق القَصفِ العشوائي الذي استنكرته القناصِلُ، وهاجر كثيرٌ من أهل دمشق إلى بيروت ومصر وغيرها، واستمر مسلسل العنف والدمار إلى أيار 1926م، ثم حدثت مفاوضاتٌ مع بعض المسؤولين السوريين بَقِيَت قرابة التسعة أشهر، لكِنْ دون نتيجة، فعادت سياسةُ العنف والقصف والنهب للأحياء كما كانت.
في سادَسَ عَشَر شوال وقع بين أهلِ حوران من قيس ويَمَن فقتل منهم مقتلةٌ عَظيمةٌ جِدًّا، قُتِلَ مِن الفريقينِ نحوٌ من ألف نفسٍ بالقُربِ من السويداء (جنوبي سوريا)، وكانت الكسرةُ على يمن، فهربوا من قيس حتى دخل كثيرٌ منهم إلى دمشقَ في أسوأ الحال وأضعفِه، وهَرَبت قيس خوفًا من الدولةِ، وبَقِيَت القُرى خاليةً والزُّروعُ سائبةً.
كان الصدر الأعظم قرة مصطفى قد سار عام 1092هـ لمحاربة النمسا بطلب من سكان الأقسام المجرية التي تخضع للنمسا بسبب استبداد النمسا المذهبي، وانتصر الصدر الأعظم في عدة معارك، ثم سار نحو فيينا وألقى عليها الحصار مدة شهرين من هذا العام, كان فتح فيينا يمثِّل حلمًا طالما راود سلاطينَ العثمانيين؛ لِما تمثِّلُه فيينا من أهمية استراتيجية للسيطرة على خطوط التجارة والمواصلات في القلب الأوروبي. فالسلطان سليمان القانوني حاصرها مرتين متتاليتين في عهده دون جدوى, فكان الأول منهما قبل 157 سنة في سنة 932, والمحاولة الثانية كانت سنة 939, وفي هذا الحصار الثالث كادت أن تُفتح فيينا أمام القوة العثمانية لولا نداءات البابا إلى الدول النصرانية وإثارة الهمم الصليبية، فوصلت قوات بولونيا وأمراء سكسونيا وبارفايا الألمان إلى العاصمة النمساوية، فهُزم المسلمون وانسحبوا بعد معارك طاحنة، واتجهوا نحو مدينة بودا، فوجد ملك بولونيا فرصة للثأر فتتبعهم يقتلُ كل من يستطيع قتله في مؤخرة العثمانيين، وكان هذا سبب قتل الصدر الأعظم قرة مصطفى حيث غضب عليه الخليفة وأمر بقتلِه وتنصيب إبراهيم باشا بدلَه.
هو الشيخُ العلَّامة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي، ولد في 24 رمضان سنة 1342هـ في قرية السلام في جازان، نشأ بدويًّا يرعى الغَنَم. بدأ تعلُّمَه في سن مبكرةٍ، وكان آيةً في الحِفظِ؛ فحفظ القرآن وبعض المتون وهو يرعى الغنم صغيرًا، ثم قيَّض الله له الداعية الشيخ عبد الله القرعاوي الذي اهتَمَّ به فأفاده من علومِه وفقهِه، ثم اشتهر بالعلمِ ولمع نجمُه، حتى أصبح معلِّمًا، ثم تولى النيابةَ في إدارة مدارس التعليم بسامطة، ثم عُين مديرًا للمعهد العلمي فيها 1374هـ، واستمَرَّ إلى أن توفِّيَ بمكة. ومن مؤلَّفاته: ((سُلَّم الوصول إلى علم الأصول)) في فن التوحيد، وهي منظومة شرحها في ((معارج القبول))، و ((أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة المنصورة))، و ((دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح)) في مصطلح الحديث، و ((اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون))، وهو نظم فريد، و ((السبل السوية لفقه السنن المروية))، وهو نظم أيضًا، فقد كان بارعًا في النظم والشعر، وغيرها، ومعظَمُ مؤلَّفاته طُبِعَت على نفقة الملك سعود رحمه الله، وأما وفاته رحمه الله فكانت في اليوم 18 ذي الحجة على إثر مرض ألمَّ به وهو في الخامسة والثلاثين من عمره ودُفِنَ بمكة المكرمة.
السيد سابق صاحبُ كتابِ "فقه السُّنة"، تخرَّج في كليَّة الشريعة، من مواليد محافظة المنوفية مركز الباجور قرية إسطنها، بدأ يكتُب في فقه الطهارة، معتمِدًا على كتب فقه الحديث، التي تُعنى بالأحكام، مثل: (سُبل السلام) للصنْعانيِّ، شرح (بلوغ المرام) لابن حَجَر، و(نيل الأوطار) للشوْكاني، وشرح (مُنْتَقى الأخيار من أحاديث سيد الأخيار) لابن تَيْميةَ الجدِّ، وغير ذلك من المصادر المختلِفة، مثل (المُغْني) لابن قُدامة، و(زاد المعاد) لابن القَيِّم، وغيرهما، قُدِّم للمحاكَمةِ في قضية مَقتَل النُّقْراشي باشا، حيث زَعَموا في ذلك الوقت أنَّه هو الذي أفتى الشابَّ القاتلَ عبد المجيد حسن بجواز قَتلِه، وكانت الصحُف تُلَقِّبُه في ذلك الوقت بـ (مفتي الدماء)، ولكنَّ المحكمةَ برَّأَتْه، وأخْلَت سبيلَه، ثم اعتُقِلَ في سنةِ 1949م واقْتيدَ إلى مُعتَقَل الطور.
عُيِّنَ بعد ذلك مديرًا لإدارة الثقافة في وزارة الأوقاف، في عهد وزير الأوقاف أحمد حسن الباقوري، ثم انتقل في السنين الأخيرة من عمره إلى (جامعة أم القرى) بمكَّة المكرَّمة، وتُوفيَ -رحمه الله- عن عُمرٍ يُناهز 85 سنةً، ودُفنَ بمدافن عائلته بقرية إسطنها، حيث مسقطُ رأسِه.
بعد أن ترددت الرسل بين الملك الكامل صاحب مصر وفردريك الثاني ملك ألمانيا انتهوا على صلح عشر سنوات يسلم الكامل بيت المقدس للصليبيين نكاية بإخوانه في الشام بسبب خلاف بينه وبينهم, وجاء في بنود الاتفاق الذي عرف باتفاق يافا: 1/ أن ملك الفرنج يأخذ القدس من المسلمين، ويبقيها على ما هي من الخراب، ولا يجدد سورها. 2/ أن يكون سائر قرى القدس للمسلمين، لا حكم فيها للفرنج. 3/ أن الحرم بما حواه من الصخرة والمسجد الأقصى يكون بأيدي المسلمين، لا يدخله الفرنج إلا للزيارة فقط، ويتولاه والٍ من المسلمين، ويقيمون فيه شعار الإسلام من الأذان والصلاة. 4/ أن تكون القرى التي فيها بين عكا وبين يافا، وبين القدس، بأيدي الفرنج، دون ما عداها من قرى القدس. ثم في 22 ربيع الأول من هذه السنة، ( 18فبراير 1229 م) تسلم الفرنج بيت المقدس صلحًا، ولما تسلم الفرنج البيت المقدس، استعظم المسلمون ذلك وأكبروه واستقبحوا ما فعله الكامل، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه. وقد ذكر سبط ابن الجوزي ردة الفعل على تسليم الكامل بيت المقدس للصليبيين بقوله: "قامت القيامة في جميع بلاد الإسلام، واشتدت العظائم، بحيث أقيمت المآتم، وأشار علي الملك الناصر داود بن الملك المعظم أن أجلس بجامع دمشق، وأذكر ما جرى على البيت المقدس، فما أمكنني مخالفته، ورأيت من جملة الديانة الحمية للإسلام موافقته، فجلست بجامع دمشق، وحضر الناصر داود، على باب مشهد علي، وكان يومًا مشهورًا، لم يتخلف من أهل دمشق أحد, وقد انقطعت عن البيت المقدس وفود الزائرين، فيا وحشة المجاورين، كم كان لهم في تلك الأماكن من ركعة، وكم خرت لهم على تلك المساكن من دمعة، والله لو صارت عيونهم عيونًا لما وفت، ولو تقطعت قلوبهم أسفًا لما شفت، أحسن الله عزاء المؤمنين، يا خجلة ملوك المسلمين لمثل هذه الحادثة تسكب العبرات، لمثلها تنقطع القلوب من الزفرات، لمثلها تعظم الحسرات"
هو أبو الأعْلى المَوْدوديُّ بنُ أحمَدَ حسن مودودي أميرُ الجماعة الإسلامية، وُلِدَ في 3 رجب سنة 1321هـ بمدينة أورَنْج آباد الدكن في حَيْدر آباد، وتلقَّى تعليمَهُ على يد والدِهِ، فتعلَّم المودوديُّ القُرآنَ والعربيةَ والحديثَ والفِقْه حتى حَفِظَ المُوطَّأَ، ثم دخل الثانويَّةَ وهو ابن 11 سنةً لنُبوغِهِ، ثم بعد ذلك بدأ العملَ في الصَّحافةِ التي وجَدَ فيها مجالًا للدَّعْوة والتَّعْليم، وكان يُصدِرُ مجلةَ ترجمان القُرآن، وأسَّس الجماعةَ الإسلاميةَ في لاهورَ بهَدَف الدَّعْوة إلى الإسلام، وتمَّ انتخابُهُ أميرًا لها في 3 شعبان 1360 هـ / 26 أغسطس 1941م، وبعد عامَينِ نقلتِ الجماعةُ الإسلاميةُ مركزَها الرئيسيَّ من لاهورَ إلى دار السَّلام، ومع إعلانِ قيام دَوْلة باكستان 1366 هـ / 1947م عاد المودوديُّ مع زُملائِهِ إلى لاهور مرَّةً أخرى؛ حيث مقرُّ الجماعةِ الإسلاميةِ بها، وبعد قيام باكستان بنحو خمسةِ أشهُرٍ ألقى المودوديُّ أولَ خِطابٍ له في كُلية الحُقوق، وطالب بتشكيلِ النِّظام الباكستاني طِبقًا للقانون الإسلامي، وظلَّ المودوديُّ يُلِحُّ على مُطالبة الحكومة بهذا المطلب، فألقى خطابًا آخَرَ في اجتماعٍ عامٍّ بكراتشي في ربيع الآخر 1367 هـ / مارس 1948م تحت عُنوان "المُطالبةُ الإسلاميةُ بالنِّظامِ الإسلاميِّ"، فاعتقلته الحكومة مع عددٍ من قادةِ الجماعةِ الإسلاميةِ في غُرَّة ذي الحِجَّة 1367 هـ / 4 أكتوبر 1948م إلى أن أُطلِقَ سراحُهُ في 11 شعبان 1369 هـ / 28 من مايو 1950م، ثم اعتُقِلَ في 1372هـ، وبعد أربعةِ أيَّامٍ من اعتقاله حُكِمَ عليه بالقتل، ثم تم تَخْفيف حُكم القتل والحُكم عليه بالسَّجْن مدى الحياة، ثم صدر حُكم بالعَفْو عنه في 1374 هـ / 1955م. كانت حياةُ المودوديِّ العِلْميةُ مليئةً بالتَّأليف والعَمَل والنَّشاط؛ فقد ألَّفَ أكثَرَ من مائةٍ وعِشرينَ كتابًا وكُتيِّبًا، غير المُحاضَرات والمَقالات منها: كتاب ((الحِجابُ))، و ((مبادئُ الإسلامِ))، و ((نحن والحَضارةُ الغربيَّةُ))، و ((المُصطَلَحاتُ الأربعةُ في القُرآنِ))، و ((تفسيرُ سُورةِ النُّور))، وغيرُها كثيرٌ، تُوفِّيَ المودوديُّ في الأول من ذي القعدة / 22 أيلول في نيويورك بأمريكا، ونُقِلَ جُثمانُهُ إلى باكستانَ، ودُفِنَ في المَنْصورةِ بلاهورَ.
أَغار عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ -في بني عبدِ الله بنِ غَطَفانَ- على لِقاحِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التي بالغابةِ، فاسْتاقَها وقتَل راعيَها، وهو رجلٌ مِن غِفارٍ، وأخذوا امْرأتَهُ، فكان أوَّلَ مَن نذَر بهم سَلمةُ بنُ عَمرِو بنِ الأَكْوَعِ الأَسلميُّ رضي الله عنه، يقول سَلمةُ: خَرجتُ قبلَ أن يُؤذَّنَ بالأولى، وكانت لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَرعى بِذي قَرَدٍ، قال: فلَقِيَني غُلامٌ لِعبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ فقال: أُخِذَتْ لِقاحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فقُلتُ: مَن أخَذها؟ قال: غَطَفانُ. قال: فصَرختُ ثلاثَ صَرخاتٍ، يا صَباحاهُ. قال: فأَسمَعتُ ما بين لابَتَيِ المدينةِ، ثمَّ اندَفعتُ على وجهي حتَّى أدركتُهم بِذي قَرَدٍ، وقد أخَذوا يَسقون مِنَ الماءِ، فجَعلتُ أَرميهِم بِنَبْلي، وكنتُ راميًا، وأقولُ: أنا ابنُ الأكوعِ... واليومُ يومُ الرُّضَّعِ، فأَرتَجِز حتَّى اسْتنقَذتُ اللِّقاحَ منهم، واسْتلَبتُ منهم ثلاثين بُردةً، قال: وجاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم والنَّاسُ، فقلتُ: يا نَبيَّ الله، إنِّي قد حَمَيْتُ القومَ الماءَ وهُم عِطاشٌ، فابعثْ إليهم السَّاعةَ. فقال: «يا ابنَ الأَكوعِ مَلَكْتَ فأَسْجِحْ». ثمَّ قال: «إنَّهم الآنَ ليُقْرَوْنَ في غَطَفانَ». وذهَب الصَّريخُ بالمدينةِ إلى بني عَمرِو بنِ عَوفٍ، فَجاءتِ الأَمدادُ ولم تَزلْ الخيلُ تأتي، والرِّجالُ على أَقدامِهم وعلى الإبلِ حتَّى انْتَهَوْا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بِذي قَرَدٍ. وبلغ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ماءً يُقالُ له: ذو قَرَدٍ. فنحَر لِقْحَةً ممَّا اسْتَرجَع، وأقام هناك يومًا وليلةً، ثمَّ رجَع إلى المدينةِ. وقُتِلَ في هذه الغَزوةِ الأَخْرَمُ، وهو مُحْرِزُ بنُ نَضْلَةَ رضي الله عنه، قتَلهُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُيينةَ، وتَحوَّل على فَرسِه، فحمَل عليه أبو قَتادةَ فقَتلهُ، واسْتَرجَع الفَرسَ، وكانت لِمحمودِ بنِ مَسلمةَ، وأَقبلتِ المرأةُ المَأسورةُ على ناقةٍ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقد نَذرتْ: إنِ الله أَنجاها عليها لَتَنْحَرَنَّها، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بِئسَ ما جَزَتْها، لا نذرَ لابنِ آدمَ فيما لا يَملِك، ولا في مَعصيةٍ. وأخَذ ناقتَهُ. وقد رَوى مُسلمٌ في صَحيحِه عن سَلمةَ بنِ الأَكوعِ في هذه القِصَّةِ قال: فرجَعنا إلى المدينةِ، فلم نَلبثْ إلَّا ثلاثَ ليالٍ، حتَّى خرَجنا إلى خَيبرَ.
كان ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنَّه أصابته فاقةٌ شديدةٌ فدخل سامرَّا فسأل وصيفًا أن يجري عليه رزقًا فأغلظ له القولَ، فرجع إلى أرض الكوفة فاجتمع عليه خلقٌ من الأعراب، وخرج إليه خلقٌ من أهل الكوفة، فنزل على الفلوجة، وقد كثُرَ الجمع معه، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر نائبُ العراق إلى عامِلِه يأمُرُه بقتالِه، وظهر أمرُه بالكوفة واستحكم بها، والتفَّ عليه خلقٌ من الزيدية وغيرِهم، ثم خرج من الكوفة إلى سوادِها ثم كرَّ راجِعًا إليها، فتلقاه عبد الرحمن بن الخطاب الملقَّب وجه الفلس، فقاتله قتالًا شديدًا، فانهزم وجه الفلس، ودخل يحيى بن عمر الكوفةَ ودعا إلى الرضى من آل محمد، وقوي أمرُه جدًّا، وصار إليه جماعةٌ كثيرة من أهل الكوفة، وتولَّاه أهل بغداد من العامَّة وغيرِهم ممَّن يُنسَبُ إلى التشيُّع، وأحبوه أكثَرَ من كل من خرج قبله من أهل البيتِ، وشرع في تحصيلِ السلاحِ وإعداد آلاتِ الحرب وجَمْعِ الرجال، وقد هرب الحسينُ بن إسماعيل نائبُ الكوفة منها إلى ظاهِرِها، واجتمع إليه أمدادٌ كثيرة من جهة الخليفة مع محمد بنِ عبد الله بن طاهر، واستراحوا وجمَعوا خيولَهم، فلما كان اليومُ الثاني عشر من رجب، أشار من أشار على يحيى بن عمر ممَّن لا رأي له، أن يركَبَ ويناجز الحُسين بن إسماعيل ويكبِسَ جيشه، فركب في جيشٍ كثير من خلقٍ من الفرسان والمشاة أيضًا من عامَّة أهل الكوفة بغير أسلحةٍ، فساروا إليهم فاقتتلوا قتالًا شديدًا في ظلمة آخر الليل، فما طلع الفجرُ إلَّا وقد انكشف أصحابُ يحيى بن عمر، وقد تقنطَرَ به فرسه، ثم طُعِنَ في ظهرِه فخَرَّ، فأخذوه وحزُّوا رأسَه وحملوه إلى الأمير الحسين بن إسماعيل فبعَثَه إلى ابن طاهر، فأرسله إلى الخليفة من الغدِ مع رجل يقال له عمر بن الخطاب، أخي عبد الرحمن بن الخطاب، فنُصِبَ بسامرَّا ساعة من النهار ثم بُعِثَ به إلى بغداد فنُصِبَ عند الجسر، ولم يمكِنْ نصبُه من كثرة العامَّة فجُعِلَ في خزائن السلاح، وكان الخليفة قد وجَّه أميرًا إلى الحسين بن إسماعيل نائب الكوفة، فلما قُتِلَ يحيى بن عمر دخلوا الكوفة فأراد ذلك الأميرُ أن يضع في أهلِها السيفَ، فمنعه الحسين وأمَّنَ الأسودَ والأبيض، وأطفأ اللهُ هذه الفتنة.
هو الإمامُ الحافِظُ البارِعُ أبو بشر محمَّد بن أحمد بن حمَّاد بن سعيد بن مسلمٍ الأنصاريُّ الدولابي الرازي، مولى الأنصارِ، ويعرف بالورَّاق، ولد سنة 224 من قرى الرَّيِّ. أحد الأئمَّة، ومن حُفَّاظ الحديثِ، وله تصانيفُ حَسَنةٌ في التاريخِ وغيرِ ذلك، وروى عن جماعةٍ كثيرة، وتوفِّيَ وهو قاصِدٌ الحَجَّ بين مكَّة والمدينة بالعرج.