الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 1391 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1971
تفاصيل الحدث:

في تِشرين الثاني (نوفمبر) 1971 عُقِدت اتِّفاقيةٌ بين إيرانَ وإمارةِ الشارقة، ملَكَت إيرانُ بمُوجِبها عمليًّا جزيرةَ "أبو موسى" التي ظلَّت من الناحية الشَّكلية جُزءًا من إمارة الشارقةِ، وحصَلت إيرانُ على حقِّ إقامة قاعدةٍ عسكرية في الجزيرةِ، على أنْ تَدفَع مُقابِلَ ذلك لشيخ الشارقةِ 1.5 مليون جنيه إسترليني سَنويًّا، ويَستمرُّ الدفْع لحين بُلوغ دخْلِ الشيخ من النِّفط 3 ملايين جنيه إسترليني سنويًّا، وقد أخفَقَت مُحاولاتُ إيرانَ لحمْل شيخ رأس الخيمةِ على التخلِّي عن حُقوقه في جزيرتى طمب الكُبرى وطمب الصُّغرى الهامَّتينِ إستراتيجيًّا والواقعتينِ في مَضيق هُرْمز عند مَدخل الخليجِ. وحينما أعلَنَت بِريطانيا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 1971 أنها لم تَعُدْ تتحمَّل مسؤوليةَ الدِّفاع عن إمارات ساحلِ الصلح البحري، أدخَلَت إيرانُ قواتها إلى هاتينِ الجزيرتينِ، كما هي الحالُ بالنِّسبة لجزيرةِ "أبو موسى"، ويبْدو أن طهرانَ ولَندن توصَّلَتا إلى اتِّفاق حيالَ هذه العملياتِ. وانتقامًا مِن بريطانيا لِمُساندتها إيرانَ في احتلال الجُزر، أمَّمت لِيبيا مُمتلكات "شركة النِّفط البريطانية"، وسحَبَت ودائعَها من البُنوك البريطانية. واتَّهَم العراقُ بريطانيا بتواطُئِها مع إيرانَ عند احتلالِها للجُزر، فقطَعت العَلاقاتِ الدُّبلوماسيةَ معهما. كما ندَّدت الكويتُ وسوريا باحتلالِ إيرانَ الجُزرَ. وفى الأوَّل من دِيسمبر (كانون الأول) 1971 طالَبَت مصرُ بسحْب القواتِ الإيرانية من الجُزر الثلاث.

العام الهجري : 1393 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1973
تفاصيل الحدث:

بعْدَ نَكبة 1948م، والعُدوان الثُّلاثي في 1956م، ونَكسة حُزَيران في 1967م؛ وفي 6 أكتوبر من عام من عام 1973، 10 رمضان 1393هـ اجتازتِ القواتُ المصريةُ قَناة السويسِ، وانتقَلت إلى الضفةِ الشرقيةِ واقتَحَمت خطَّ بارليف الذي أقامه اليهودُ على حُدود شِبه جزيرة سَيناء الغربية، والذي حصَّنوه جيدًا، ووَضَعوا أمامه تلًّا تُرابيًّا؛ لِيَحميَ تَحرُّكَهم عن أعيُنِ المصريين، ولكن لم يُتابِع الجيشُ المصري تقدُّمَه في سَيناء لتَحريرِها، ولم يتَّجِه للمضائقِ ليَغلِقَها بوجْهِ اليهودِ! بل أخَذ مواقعَ دِفاعيةً على بُعد عشَرة كيلو مترات مِن شاطئ القناة الشَّرقي داخلَ سَيناء، فنقَلت إسرائيلُ قوَّاتها من الجبهةِ المصرية إلى الجبهةِ السُّورية بكلِّ ثِقَلِها، واستطاع الإسرائيليونَ أن يُكبِّدوا الجبهةَ السورية خسائرَ كبيرةً، ثم في 20 رمضان عَبَرت عدَّةُ دباباتٍ يهوديةٍ قناةَ السويس في مَنْطقة الدفرسوار وفتَحَت ثغرةً في القواتِ المصرية، ثم انتشَرَت على طُول القناة على الضفَّة الغربيةِ، وحاصَرَت مُدُن القناةِ، وحجَزت القواتِ المصريةَ في سَيناء، ثم تقدَّم وَزيرُ خارجية أمريكا كِسينجر بمُبادرةٍ لوقْفِ إطلاق النارِ في 14 شوال / 9 تشرين الثاني، فتمَّت الموافَقةُ على فضِّ الاشتباكِ بين مصرَ وإسرائيلَ في 24 ذي الحجة / 17 كانون الثاني 1974م، أما سُوريا فقد تمَّت الموافقةُ منها على فضِّ الاشتباكِ بعدَ ستَّة أشهرٍ من مُوافَقةِ مصرَ.

العام الهجري : 1434 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2013
تفاصيل الحدث:

تُوفِّي الدبلوماسيُّ المصرِيُّ الدُّكتور أسامة الباز المستشارُ السياسِيُّ للرئيسِ الأسبقِ محمد حسني مبارك رئيسِ مصرَ عن عمر تجاوز (82) عامًا. وأُطلق على "الباز" لقبُ "خِزانة أسرار السُّلطة" و"عميد الدبلوماسية المصرية"، بسببِ قُربِه من صُناَّع القرارِ في مصرَ لمدَّةٍ طويلة. وقد وُلِد أسامة بإحدى قرى محافظة الدَّقهلِيَّة، وحَصَل على ليسانس الحُقوق عامَ (1954م)، ودكتوراه في القانون العامِّ من الولايات المتحدة عام (1962م)، وهو شقيقُ عالم الجيولوجيا في وَكالةِ الفضاءِ الأمريكية (ناسا) الدكتور فاروق الباز. بدأ البازُ حياتَه العمليةَ بالعملِ وكيلًا للنِّيابة، ثم عُيِّن بوِزارة الخارِجِيَّة سكرتيرًا ثانيًا عامَ (1958م)، ووكيلًا للمعهدِ الدبلوماسي ثم مُستشارًا سياسيًّا لوزيرِ الخارجيَّةِ، ويُعَدُّ أصغرَ مَن حَصَل على درجةِ سفير عامَ (1975م). وكان أحدَ مستشارِي مركزِ الدِّراسات الإسرائيلية والفِلَسطينية بمؤسَّسة الأهرام، ومديرًا لمكتبِ الأمينِ الأوَّل للَّجنة المركزيَّة للشُّؤون الخارجية، ثم مقرِّرًا لِلَجنة الشُّؤون الخارجيَّة المُنبثِقَة من اللجنة المركزية للاتِّحاد الاشتراكيِّ، ومُديرًا للمعهدِ الدبلوماسي، ومديرًا لمكتب نائبِ رئيسِ الجمهورية، ثم مديرًا لمكتبِ رئيسِ الجمهورية للشُّؤون السياسيَّةِ ووكيلَ أولِ وزارَةِ الخارجيَّة. وشارك في مُفاوضات "كامب ديفيد" وصياغَةِ مُعاهدةِ السلام عامَ (1979م)، وهو مؤلِّف كتاب "مصر والقرن الحادي والعشرين"، وتولَّى المِلَفَّ الفلسطينيِّ - الإسرائيليِّ لفترةٍ طويلةٍ. وقد أُقيمَت صلاةُ الجنازة عليه بمسجدِ السيِّدة نفيسة بالقاهرة.

العام الهجري : 4 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 625
تفاصيل الحدث:


خَرَج عبدُ اللَّه بنُ أُنيسٍ رَضي اللهُ عنه من المدينةِ يومَ الإثنَينِ لخمسٍ خَلَونَ من المُحرَّمِ على رأس خمسةٍ وثلاثين شهرًا من مُهاجَرِ رسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبَلَغَ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ سُفيانَ بنَ خالِدِ بن نُبَيحٍ الهُذليَّ ثم اللِّحيانيَّ -وكان يَنزِل عُرْنةَ وما والاها في أُناسٍ من قومِه وغيرِهم- يُريد أن يَجمَعَ الجُموعَ إلى رسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فضَوَى إليه بَشَرٌ كثيرٌ من أفناءِ الناسِ.
قال عبدُ اللَّه بنُ أُنيسٍ رضي اللَّه تعالى عنه: دَعاني رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: "إنَّه بَلَغني أنَّ سفيانَ بنَ خالدِ بنِ نُبَيحٍ يَجمَع لي الناسَ ليَغزوَني وهو بنَخلةَ أو بعُرْنةَ فأْتِه فاقْتُلْه". فقلتُ: يا رسول اللَّه، صِفْهُ لي حتى أعرِفَه. فقال: "آيةُ ما بَينَك وبَينَه أنَّك إذا رَأيتَه هِبتَه وفَرِقْتَ منه، ووَجَدْتَ له قُشَعْريرةً، وذَكَرْتَ الشَّيطانَ". قال عبد اللَّه: كنتُ لا أهابُ الرِّجالَ، فقلت: يا رسول اللَّه، ما فَرِقتُ من شيءٍ قطُّ. فقال: "بَلَى؛ آيةُ ما بَينَك وبَينَه ذلك: أن تَجِدَ له قُشَعْريرةً إذا رَأيتَه". قال: واستَأذَنتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أقولَ. فقال: "قُلْ ما بَدا لَكَ". وقال: "انتَسِبْ لخُزاعةَ". فأخَذتُ سَيفي ولم أزِدْ عليه وخرجتُ أعتَزي لخُزاعةَ حتى إذا كنتُ ببَطنِ عُرْنةَ لَقيتُه يمشي ووراءه الأحابيشُ. فلمَّا رَأيتُه هِبتُه وعَرَفتُه بالنَّعتِ الذي نَعَت لي رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقلتُ: صَدَقَ اللَّهُ ورسولُه، وقد دخل وقتُ العَصرِ حين رَأيتُه، فصَلَّيتُ وأنا أمشي أُومي برَأسي إيماءً. فلمَّا دَنَوتُ منه قال: "مَنِ الرَّجلُ؟". فقلتُ: "رجلٌ من خُزاعةَ سَمِعتُ بجَمعِكَ لمُحمَّدٍ فجِئتُكَ لأكونَ مَعَك عليه". قال: "أجلْ؛ إنِّي لَفي الجَمعِ له". فمَشَيتُ معه وحدَّثتُه فاستَحلَى حديثي وأنشَدتُه وقلتُ: "عَجَبًا لِمَا أحدَثَ مُحمَّدٌ مِن هذا الدِّينِ المُحدَثِ، فارَقَ الآباءَ وسَفَّه أحلامَهم". قال: "لم ألْقَ أحَدًا يُشبِهُني ولا يُحسِنُ قِتالَه". وهو يتوكَّأُ على عصًا يَهُدُّ الأرضَ، حتى انتَهَى إلى خِبائِه وتفرَّق عنه أصحابُه إلى منازِلَ قَريبةٍ منه، وهم يُطيفون به. فقال: هَلُمَّ يا أخا خُزاعةَ. فدَنَوتُ منه. فقال: اجلِسْ. فجَلَستُ معه حتى إذا هَدَأ الناسُ ونامَ اغتَرَرْتُه. وفي أكثرِ الرِّواياتِ أنه قال: فمَشَيتُ معه حتَّى إذا أمكَنني حَمَلتُ عليه السَّيفَ فقَتَلتُه وأخذتُ رأسَه. ثم أقبلتُ فصَعِدتُ جَبَلًا، فدَخَلتُ غارًا وأقبَلَ الطلبُ من الخيلِ والرجالِ تَمعَجُ في كلِّ وجهٍ وأنا مُكتَمِنٌ في الغارِ، وأقبل رجلٌ معه إداوَتُه ونعلُه في يدِهِ وكنتُ خائفًا، فوضع إداوَتَه ونعلَه وجلس يَبولُ قَريبًا من فَمِ الغارِ، ثم قال لأصحابِه: ليس في الغارِ أحدٌ، فانصَرَفوا راجِعين، وخرجتُ إلى الإداوةِ فشَرِبتُ ما فيها وأخذتُ النَّعلَين فلَبِستُهما. فكنتُ أسير الليلَ وأكمُنُ النهارَ حتى جِئتُ المدينة، فوَجَدتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجد، فلمَّا رآني قال: "أفلَحَ الوَجهُ". فقلت: وأفلَحَ وَجهُكَ يا رسول اللَّه". فوَضَعتُ الرَّأسَ بين يَدَيه وأخبَرتُه خَبَري، فدَفَع إليَّ عصًا وقال: "تَخَصَّرْ بِها في الجَنَّةِ؛ فإنَّ المُتخَصِّرين في الجَنَّةِ قَليلٌ".
فكانتِ العصا عند عبدِ اللَّه بن أُنَيسٍ حتى إذا حضَرَته الوفاةُ أوصى أهلَه أن يُدرِجوا العصا في أكفانِه. ففَعَلوا ذلك. قال ابنُ عُقبةَ: "فيَزعُمون أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ بقتلِ عبدِ اللَّه بنِ أُنيسٍ سُفيانَ بنَ خالِدٍ قبلَ قُدومِ عبدِ اللَّه بنِ أُنَيسٍ رضي اللَّه تعالى عنه".

العام الهجري : 1157 العام الميلادي : 1744
تفاصيل الحدث:

خرج الإمامُ محمد بن عبد الوهاب من العُيينة بنجدٍ يدعو إلى دينِ الله القويم، وقد كانت منطقةُ نجد في هذه الفترة انتشر فيها الشِّركُ والبِدَع، فلقي الشيخُ صعوبات كثيرة إلى أن يسَّرَ الله له الأميرَ محمد بن سعود أمير الدرعية، فتم بينهما اتفاقٌ تاريخي في هذا العام عُرِف "باتفاق الدرعية" لَمَّا وصل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية دخل على شخصٍ مِن خيارها في أعلى البلد يقال له: محمد بن سويلم العريني، فنزل عليه, ويقالُ إنَّ هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرضُ بما رَحُبت، وخاف من أميرِ الدرعية محمد بن سعود، فطمأَنَه الشيخ وقال له: أبشِرْ بخير، وهذا الذي أدعو الناسَ إليه دينُ الله، وسوف يُظهِرُه الله، فبلغ محمَّدَ بن سعود خبرُ الشيخ محمد، ويقال: إن الذي أخبره به زوجتُه، جاء إليها بعضُ الصالحين وقال لها: أخبري زوجَك الأمير محمدًا بهذا الرجل، وشجِّعيه على قَبولِ دعوته، وحَرِّضيه على مؤازرته ومساعدتِه، وكانت امرأةً صالحةً طَيِّبةً، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له: أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك، رجلٌ داعية يدعو إلى دينِ الله، ويدعو إلى كتاب الله، يدعو إلى سنَّةِ رَسولِ الله عليه الصلاة والسلام، يا لها من غنيمة! بادِرْ بقَبوله وبادر بنُصرته، ولا تقف في ذلك أبدًا، فقبل الأمير مشورتَها، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه، ويقال: إن المرأة أيضًا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين، وقالوا له: لا ينبغي أن تدعوه إليك، بل ينبغي أن تقصِدَه في منزله، وأن تقصِدَه أنت وأن تعظِّمَ العلم والداعيَ إلى الخير، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادةِ والخيرِ- رحمةُ الله عليه، وأكرم الله مثواه- فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم العريني، ورحب به قائلًا: "أبشر ببلاد خيرٍ مِن بلادك، وأبشر بالعِزِّ والمنعة، فقال الشيخ محمد: وأنا أبشِّرُك بالعز والتمكين، وهذه كلمةُ لا إله إلا الله، من تمسَّك بها وعمل بها ونصرها، مَلك بها البلادَ والعباد، وهي كلمةُ التوحيد، وأوَّلُ ما دعت إليه الرسل، من أوَّلهم إلى آخرهم, ثم بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب للأمير محمد بن سعود حقيقةَ الإسلام والإيمان، وأخبره ببطلان ما عليه أهل نجد من عبادة الأوثان والأصنام والأشجار، فقال الأمير له: يا شيخ، لاشك عندي أنَّ ما دعوتَ إليه أنَّه دين الله الذي أرسل به رسُلَه وأنزل به كتُبَه، وأنَّ ما عليه اليوم أهلُ نجد من هذه العبادات الباطلة هو كما ذكرت نفسُ ما كان عليه المشركون الأولون من الكُفرِ باللهِ والإشراك، فأبشِرْ بنُصرتِك وحمايتك والقيام بدعوتِك، ولكن أريد أن أشتَرِطَ عليك شرطين: نحن إذا قمنا بنصرتك وجاهدنا معك ودان أهلُ نجد بالإسلام وقَبِلوا دعوة التوحيد، أخاف أن ترتحِلَ عنا وتستبدل بنا غيرَنا، والثاني: أن لي على أهل الدرعية قانونًا آخذُه منهم وقت حصاد الثمارِ، وأخاف أن تقول: لا تأخذ منهم شيئًا، فقال الشيخ: أما الشرط الأول فابسُطْ يدك أعاهِدْك: الدَّمُ بالدَّمِ، والهدمُ بالهدم، وأما الثاني فلعل الله أن يفتحَ عليك الفتوحاتِ فيُعَوِّضَك من الغنائِمِ والزكوات ما هو خيرٌ منه. فتمَّ التعاهد والاتفاق بينهما"، فقام الأمير محمد بن سعود بمؤازرة الشيخ ودَعْمِه وحمايته؛ ليقوم بتبليغ الدعوة، فانطلق الشيخ محمد يصحح الأوضاعَ الدينية المتردِّية، فقويت الدرعية سياسيًّا ودينيًّا, ثم انطلقت منها الجيوشُ لتوحيد الأجزاء المتفَرِّقة من نجد وما حولها ونشْرِ الدعوة فيها.

العام الهجري : 253 العام الميلادي : 867
تفاصيل الحدث:

كان يعقوبُ بن الليث وأخوه عمرو يعملانِ الصُّفر بسجستان، ويُظهِران الزهد والتقشُّف، وكان في أيامهما رجلٌ من أهل سجستان يُظهِرُ التطوُّع بقتال الخوارج، يقال له صالح المطوعي، فصَحِبه يعقوب، وقاتلَ معه، فحَظِيَ عنده، فجعله صالحٌ مقامَ الخليفة عنه، ثم هلك صالحٌ، وقام مقامَه إنسانٌ آخر اسمه درهم، فصار يعقوبُ مع درهم كما كان مع صالحٍ قبله. ثم إنَّ صاحبَ خُراسان احتال لدرهم لَمَّا عَظُم شأنُه وكثُر أتباعُه، حتى ظَفِر به وحمَله إلى بغداد، فحبسه بها ثم أطلَقَه، وخدَم الخليفةَ ببغداد. عظُمَ أمرُ يعقوب بعد أخذِ درهم، وصار متولِّيَ أمر المتطوِّعة مكان درهم، وقام بمحاربة الشراة، فظفِرَ بهم، وأكثَرَ القتلَ فيهم، حتى كاد يُفنيهم، وخرَّب قراهم، وأطاعه أصحابُه بمَكرِه، وحُسْنِ حالِه ورأيِه، طاعةً لم يطيعوها أحدًا كان قبله، واشتَدَّت شوكتُه، فغَلَب على سجستان، وأظهر التمسُّكَ بطاعة الخليفة وكاتبه، وصدرَ عن أمره، وأظهَرَ أنَّه هو أمَرَه بقتال أتباعِه، فخرج عن حدِّ طلب الشراة، وصار يتناولُ أصحاب أمير خراسان، ثم سار مِن سجستان إلى هراة من أعمال خُراسان ليملِكَها، وكان أمير خراسان محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، وعاملُه على هراة محمد بن أوس الأنباري، فخرج منها لمحاربةِ يعقوب في تعبئة حَسَنة، وبأس شديدٍ، وزيٍّ جميل، فتحاربا واقتتَلا قتالًا شديدًا فانهزم ابن أوس، ومَلَك يعقوبُ هراة وبوشنج، وصارت المدينتانِ في يده، فعَظُم أمره حينئذ، وهابه أميرُ خراسان وغيرُه من أصحاب الأطراف.

العام الهجري : 301 العام الميلادي : 913
تفاصيل الحدث:

هو أبو سعيدٍ الحسَنُ بنُ بهرام الجنابي القرمطي- قَبَّحه اللهُ- أخذ القرمطةَ عن حمدانَ بنِ قرمط, وهو رأسُ القرامطة، ظهر سنة 286 بالبحرين، فدعا الناسَ إلى مذهبِه القرمطي، واجتذب إليه اللُّصوصَ وقُطَّاعَ الطُّرُقِ، واشتَدَّ خَطَرُه، فاستولى على اليمامة وعمان وهَجَر والقَطيف، قاتَلَه جيشُ المعتَضِد فهَزَم الجيشَ وقَتَلَهم سوى قائِدِهم، ترَكَه ليُخبِرَ الخليفة بما رآه منه، كان موتُ أبي سعيد في الحمَّام، قتَلَه خادِمٌ صقلبيٌّ له كان قد أسَرَه فيمن أسَرَ، وكان شجاعًا قويًّا جَلْدًا, فحَسُنَت منزلتُه عنده حتى صار على طعامِه وشَرابِه. وكان الخادِمُ ينطوي على إسلامٍ، فلم يرَ أبا سعيدٍ يُصَلِّي صلاةً، ولا صام شهرَ رمضان. فأبغَضَه وأضمَرَ قَتْلَه، فخلَّاه وقد دخل حمامًا في الدار ووثب عليه بخِنجرٍ فذَبَحَه، ثم خرج ودعا بعضَ قُوَّادِ أبي سعيدٍ، فقال له: كَلِّم أبا سعيدٍ. فلمَّا دخل ذبَحَه، ثم استدعى آخَرَ، ففعل به كذلك حتى فعل ذلك بجماعةٍ مِن الكبارِ، ثم استدعى في الآخِرِ رجلًا، فدخل في أوَّلِ الحمام، فلما رأى الدماءَ تجري، أدبر مسرعًا وصاح، فصاح النساء واجتمعوا على الغُلامِ فقَتَلوه, دام حُكم أبي سعيد 16 عامًا, وقد خلَّف من الأموالِ شيئًا كثيرًا، فمن ذلك ألفُ ألفِ دينار، ومن آنية الذهب والفضة نحوُ مائة ألف دينار، ومن البقر ألف ثور، ومن الخيل والبغال والجمال ألفُ رأس, وكان قد عهِدَ بالأمر لابنه سعيدٍ، ولكنه كان ضعيفًا, فأوصى أبو سعيد أن يبقى سعيدٌ في الحكم حتى يكبر أخوه الأصغَرُ سُلَيمان أبو طاهرٍ، فيُسَلِّمُه الأمرَ، ففعل سعيد.

العام الهجري : 312 العام الميلادي : 924
تفاصيل الحدث:

دخل أبو طاهر القرمطيُّ الكوفةَ، وكان سببُ ذلك أنَّ أبا طاهر أطلقَ مَن كان عنده من الأسرى الذين كان أسَرَهم من الحُجَّاج، وفيهم ابنُ حمدان وغيره، وأرسل إلى المقتَدِر يطلُبُ البصرة والأهواز، فلم يجِبْه إلى ذلك، فسار من هَجَر يريد الحاجَّ، وكان جعفرُ بن ورقاء الشيبانيُّ متقلِّدًا أعمالَ الكوفة وطريق مكَّة، فلمَّا سار الحُجَّاج من بغداد سار جعفر بين أيديهم خوفًا من أبي طاهر، ومعه ألف رجلٍ من بني شيبان، وسار مع الحُجَّاج من أصحاب السلطانِ القائِدُ ثَمل الخادِمُ صاحب البحر، وجنِّي الصفوانيُّ، وطريف السبكريُّ وغيرهم، في ستَّة آلاف رجل، فلقيَ أبو طاهر القرمطيُّ جعفرًا الشيبانيَّ، فقاتله جعفر، فبينما هو يقاتلُه إذ طلع جمعٌ من القرامطة عن يمينه، فانهزم من بين أيديهم، فلقِيَ القافلةَ الأولى وقد انحدرت من العَقَبة، فردَّهم إلى الكوفة ومعهم عسكرُ الخليفة، وتبعهم أبو طاهرٍ إلى باب الكوفة، فقاتلهم فانهزم عسكرُ الخليفة، وقَتَلَ منهم، وأسَرَ جنِّيًّا الصفوانيَّ، وهرب الباقون والحُجَّاج من الكوفة، ودخلها أبو طاهر، وأقام ستَّة أيَّام بظاهر الكوفة يدخُلُ البلد نهارًا فيقيمُ في الجامع إلى الليل، ثمَّ يخرج يبيتُ في عسكره، وحمل منها ما قدَرَ على حَملِه من الأموال والثِّياب وغير ذلك، وعاد إلى هَجَر، ودخل المنهزمون بغداد، فتقدَّم المقتَدِر إلى مؤنسٍ المظفَّر بالخروج إلى الكوفة، فسار إليها، فبلغها وقد عاد القرامطةُ عنها، فاستخلف عليها ياقوتًا، وسار مؤنِسٌ إلى واسط خوفًا عليها من أبي طاهرٍ، وخاف أهلُ بغداد، وانتقل الناسُ إلى الجانب الشرقيِّ، ولم يحجَّ في هذه السنة من الناسِ أحدٌ.

العام الهجري : 364 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 974
تفاصيل الحدث:

أبو القاسمِ الفَضلُ ابنُ المُقتَدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق الخليفة العباسي. ولدَ سنة 301 وبويع بالخلافةِ بعد خَلعِ المُستكفي نفسَه سنة 334، وأمُّه اسمُها مشغلة أمُّ ولد. كان مقهورًا مع نائب العراقِ ابنِ بُوَيه مُعِزِّ الدولة الذي قرَّرَ له في اليومِ مائة دينار فقط. ولَمَّا اشتَدَّ الغَلاءُ المُفرطُ ببغداد، اشتري المطيعُ لله لمعِزِّ الدولةِ كر دقيقٍ بعشرين ألف درهم, وفي سنة 360 فُلِجَ المُطيعُ، وبطَلَ نِصفُه، وتمَلَّكَ في أيَّامِه بنو عُبَيدٍ مِصرَ والشَّام، وأذَّنُوا بدمشق " بحيَّ على خير العمل "، وغلت البلادُ بالرَّفضِ شرقًا وغربًا، وخَفِيَت السنَّةُ قَليلًا، واستباحت الرومُ نصيبين وغيرَها، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله، ولَمَّا تحكَّم الفالِجُ في المطيعِ دعاه سبكتكين الحاجِبُ التركيُّ إلى عزلِ نَفسِه، وتسليمِ الخلافةِ إلى ابنِه الطائِعِ لله، ففعل ذلك في ثالثَ عشر من ذي القعدة سنة 363, ولَمَّا استفحل بلاءُ اللُّصوصِ ببغداد، ورَكِبوا الخيل، وأخذوا الخفارةَ، وتلقَّبوا بالقُوَّاد. خرج المطيعُ وولده الخليفةُ الطائِعُ لله إلى واسط فمات المطيعُ هناك في المحرم سنة 364 بعد ثلاثة أشهر من عزلِه. وعمره 63 سنة، فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر. وفي أيَّامه سنة 316 تلقَّب عبد الرحمن الناصر صاحبُ الأندلس بأمير المؤمنين. وقال: أنا أحقُّ بهذا اللقبِ مِن خليفةٍ تحت يدِ بني بُوَيه. قال الذهبي: " وصدق النَّاصِرُ؛ فإنَّه كان بطلًا شُجاعًا سائسًا مَهيبًا، له غَزَواتٌ مَشهودةٌ، وكان خليقًا للخلافةِ"

العام الهجري : 366 العام الميلادي : 976
تفاصيل الحدث:

هو أميرُ المؤمنينَ، أبو العاصِ الحَكَمُ بنُ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المستنصر بالله الأموي، صاحبُ الأندلس، وُلِدَ سنة 302, وبويع بعد أبيه، في رمضان، سنة 350. وكان حسَنَ السيرة، جامعًا للعلم، مُكرِمًا للأفاضل، كبيرَ القَدرِ، ذا نَهمةٍ مُفرِطةٍ في العلم والفضائل، عاكفًا على المطالعة. جمع من الكتُبِ ما لم يجمَعْه أحدٌ من الملوك، لا قَبله ولا بعدَه، وتطَلَّبَها وبذَلَ في أثمانِها الأموالَ، واشُتِرَيت له من البلاد البعيدةِ بأغلى الأثمان، مع صفاءِ السَّريرةِ، والعقلِ والكرم، وتقريبِ العُلَماء. ضاقت خزائنُه بالكتب إلى أن صارت إليه، وآثَرَها على لذَّاتِ الملوك، فغَزُرَ عِلمُه، ودَقَّ نَظَرُه، وكان له يدٌ بيضاء في معرفة الرجال والأنساب والأخبار، وقلما تجدُ له كتابًا إلَّا وله فيه قراءةٌ أو نظَرٌ، من أيِّ فَنٍ كان، ويكتُبُ فيه نسبَ المؤلِّف، ومولِدَه ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائِبَ لا تكاد تُوجدُ. ومن محاسنه أنَّه شَدَّدَ في مملكته في إبطالِ الخُمورِ تشديدًا عظيمًا. قال اليسع بن حزم: "كان الحَكَمُ عالِمًا، راويةً للحديثِ، فَطِنَا وَرِعًا ". وكان أخوه الأمير عبد الله المعروف بالولد، على أنموذَجِه في محبَّة العلم، فقُتِلَ في أيام أبيه. همَّت الروم بأخذ مواضِعَ مِن الثغور، فقَوَّاها الحكمُ بالمال والجيوش، وغزا بنَفسِه، وزاد في القطيعةِ على الرومِ وأذَلَّهم. وكان موتُه بالفالج، كانت إمارتُه خمس عشرة سنة وخمسة أشهر، ولَمَّا توفِّيَ ولِيَ بعدَه ابنُه هشامٍ بعهد أبيه، وله عشرُ سنين، ولقِّبَ بالمؤيَّد بالله. فأقيم في الخلافةِ بتدبير الوزيرِ ابنِ أبي عامر القحطانيِّ.

العام الهجري : 447 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1055
تفاصيل الحدث:

كان سببُ ذلك أن أبا المُظفَّر أبا الحارث أرسلان التُّركي المعروف بالبساسيري كان قد عَظُمَ شَأنُه بالعراقِ، واستَفحَل أَمرُه، وبَعُدَ صِيتُه، وعَظُمَت هَيبتُه في النُّفوسِ، وخُطِبَ له على المنابرِ، وصار هو الكُلَّ، ولم يَبْقَ للمَلِكِ الرَّحيمِ ابن بُويه معه إلا مُجرَّد الاسمِ. ثم إنَّه بَلَغَ أَميرَ المؤمنين القائم أنَّ البساسيري قد عَزَمَ على نَهْبِ دارِ الخِلافَة والقَبضِ على الخَليفةِ، فكاتَبَ الخَليفةُ القائمُ السُّلطانَ طُغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق يَستَنجِد به، ويَعِدُهُ بالسَّلطَنَةِ، ويَحُضُّهُ على القُدومِ، وكان طُغرلبك بالرَّيِّ، وكان قد استولى على المَمالِك الخُراسانيَّة وغَيرِها، وكان البساسيري يومئذٍ بواسِط ومعه أَصحابُه، ففارَقَهُ طائِفةٌ منهم ورَجَعوا إلى بغداد، فوَثَبوا على دارِ البساسيري فنَهَبوها وأَحرَقوها، وذلك برَأيِ رَئيسِ الرُّؤساءِ وسَعيِه. ثم أَبخَسَهُ عند القائمِ بأنَّه يُكاتِب المِصريِّين، وكاتَبَ المَلِكَ الرَّحيم يَأمرُهُ بإبعادِ البساسيري فأَبعدَهُ، وكانت هذه الحَركةُ مِن أَعظمِ الأَسبابِ في استِيلاءِ طُغرلبك على العراقِ. فقَدِمَ السُّلطانُ طُغرلبك في شَهرِ رمضان بجُيوشِه، فذَهبَ البساسيري من العراقِ وقَصدَ الشَّامَ، ووَصلَ إلى الرَّحبَةِ، وكاتَبَ المُستَنصِرَ العُبيديَّ صاحبَ مصر، واستولى على الرَّحبةِ وخَطَبَ للمُستَنصِر بها فأَمَدَّهُ المُستَنصِر بالأَموالِ. وأما بغداد فخطب بها للسُّلطانِ طُغرلبك بعدَ القائمِ، ثم ذكر بعده المَلِكَ الرَّحيم وذلك بِشَفاعةِ القائمِ فيه إلى السُّلطان. ثم إنَّ السُّلطانَ قَبَضَ على المَلِكِ الرَّحيمِ بعدَ أيَّامٍ، وقُطِعَت خُطبتُه في آخر رمضان، وانقَرضَت دَولةُ بني بُويه، وكانت مُدَّتُها 127 سَنَة، وقامت دَولةُ بني سلجوق، ودخل طُغرلبك بغداد في تَجَمُّلٍ عَظيمٍ، وكان يومًا مَشهودًا دخل معه ثمانية عشر فِيلًا، ونزَلَ بِدارِ المَملكةِ.

العام الهجري : 454 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1062
تفاصيل الحدث:

هو المُعِزُّ بن باديس بن المنصور بن بلكين بن زيري بن مناد الحِميريُّ الصَّنهاجيُّ، صاحبُ إفريقية وما والاها مِن بلادِ المَغرب، وكانت وِلادتُه بالمَنصوريَّة، ويُقال لها صبرة، من أَعمالِ إفريقية، يومَ الخميسِ لِخَمسٍ مَضَيْنَ من جمادى الأُولى سنةَ 398هـ، ومَلَكَ بعدَ أَبيهِ باديس سنةَ 406هـ, وكان الحاكمُ العُبيدي صاحبُ مصر قد لَقَّبَهُ شَرَفَ الدَّولةِ، وسَيَّرَ له تَشريفًا وسِجِلًّا يَتضمَّن اللَّقب سنةَ 447هـ, وكان مَلِكًا جَليلًا عالي الهِمَّة، مُحِبًّا لأهلِ العِلمِ كَثيرَ العَطاءِ، وكان واسطة عقد بيته, ومَدحَه الشُّعراءُ وانتَجعَه الأُدباءُ، وكانت حَضرتُه مَحَطَّ الآمالِ. وكان مَذهبُ أبي حنيفة بإفريقية أَظهرَ المذاهِب، فحَمَلَ المُعِزُّ جميعَ أَهلِ المَغربِ على التَّمَسُّكِ بمَذهبِ الإمامِ مالك، وحَسَمَ مادةَ الخِلافِ في المَذاهبِ, خَلَعَ طاعةَ العُبيديِّين الإسماعيلية، وخَطَبَ للقائمِ بأَمرِ الله العبَّاسي، فبَعَثَ إليه المُستَنصِر يَتهدَّدهُ، فلم يَخَفْهُ، فجَهَّزَ لمُحارَبتِه من مصر العَربَ، فخَرَّبوا حُصونَ برقة وإفريقية، وأَخذوا أماكنَ، واستَوطَنوا تلك الدِّيارَ, من هذا الزمانِ لم يُخطَب لِبَني عُبيدٍ بعدَها. تُوفِّي من مَرضٍ أَصابهُ، وهو ضَعْفُ الكَبِدِ، وكانت مُدَّةُ مُلكِه سبعًا وأربعين سنةً، ولمَّا تُوفِّي مَلَكَ بعدَه ابنُه تُميمٌ، ولمَّا استَبَدَّ بالمُلْكِ بعدَ أَبيهِ سَلَكَ طَريقَه في حُسْنِ السِّيرةِ، ومُحَبَّةِ أَهلِ العِلمِ، إلَّا أنه كان أصحاب البلاد إلَّا أنَّ أصحابَ البِلادِ قد طَمِعوا بَسببِ العَربِ، وزالت الهَيبةُ والطَّاعةُ عنهم في أَيامِ المُعِزِّ، فلمَّا مات ازدادَ طَمعُهم، وأَظهرَ كَثيرٌ منهم الخِلافَ.

العام الهجري : 464 العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

وَقعَ نِزاعٌ بين فِرقَتينِ، فِرقةِ العَبيدِ وعَرَبِ الصَّعيدِ، وفِرقةِ الجُنْدِ مِن التُّركِ والمَغارِبَةِ، ورَأسُهم ناصرُ الدَّولةِ ابنُ حمدان التَّغلبيُّ، فالتَقوا بكومِ الريش، فهَزمَهم ابنُ حمدان، وقَتَلَ وغَرَّقَ نحوًا من أربعين ألفًا. ونَفَدَت خَزائنُ المُستَنصِر على التُّركِ، ثم اختَلَفوا، ودامت الحَربُ أيامًا، وطَمِعَ التُّركُ في المُستَنصِر، وطالبوه حتى بِيعَت فُرُشُ القَصرِ، وأَمتِعَتُه بأَبخَسِ ثَمَنٍ، وغَلَبَت العَبيدُ على الصَّعيدِ، وقَطَعوا الطُّرُقَ، وكان نَقْدُ الأَتراكِ في الشهرِ أربعَ مائة ألف دِينارٍ، واشتَدَّت وَطأةُ ناصرِ الدَّولةِ، وصار هو الكُلُّ، فحَسَده الأُمراءُ، وحارَبوهُ، فهَزَموه، ثم جَمَعَ وأَقبلَ فانتَصَر، واضمَحلَّ أَمرُ المُستَنصِر بالمَرَّةِ، وخَملَ ذِكْرُهُ. وبَعثَ ابنُ حمدان يُطالِبُه بالعَطاءِ، فَرآهُ رَسولُه على حَصيرٍ، وما حوله سِوى ثلاثةِ غِلمانٍ. فقال: أما يكفي ناصرَ الدَّولةِ أن أَجلِسَ في مثلِ هذا الحالِ؟ فبَكَى الرسولُ، ورَقَّ له ناصرُ الدَّولةِ، وقَرَّرَ له كلَّ يومٍ مائةَ دِينارٍ, وتَفرَّق عن المُستَنصِر أَولادُه، وأَهلُه من الجوعِ، وتقرفوا وتَفَرَّقوا في البلادِ، ودامَ الجَهْدُ عامين، ثم انحَطَّ السِّعْرُ في سَنةِ خمسٍ وسِتِّين. قال الذهبيُّ: "كان ناصرُ الدَّولةِ، يُظهِر التَّسَنُّنَ، ويَعِيبَ المُستَنصِرَ لِخُبْثِ رَفْضِهِ وعَقِيدَتِه" قال ابنُ الأَثيرِ: بالَغَ ابنُ حمدان في إهانَةِ المُستَنصِر، وفَرَّقَ عنه عامَّةَ أَصحابِه، وكان غَرضُه أن يَخطُبَ لأَميرِ المؤمنين القائمِ، ويُزيلَ دَولةَ الباطنِيَّة، وما زال حتى قَتَلَهُ الأُمراءُ، وقَتَلوا أَخوَيهِ فَخْرَ العَربِ، وتاجَ المعالي، وانقَطَع ذِكْرُ الحمدانية بمصر بالكُلِّيَّةِ"

العام الهجري : 468 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1076
تفاصيل الحدث:

في سَنةِ 463هـ مَلَكَ أتسز الرَّمْلَةَ، والبيتَ المُقدَّسَ، وحَصرَ مَدينةَ دِمشقَ، فلمَّا عادَ عنها جَعلَ يَقصِد أَعمالَها كلَّ سَنةٍ عند إدراكِ الغَلَّاتِ فيَأخُذها، فيَقوَى هو وعَسكرُه، ويَضعُف أَهلُ دِمشقَ وجُندُها، فلمَّا كان رَمضانُ سَنةَ 467هـ سار إلى دِمشقَ فحَصرَها، وأَميرُها المُعَلَّى بن حَيدرَة مِن قِبَلِ المُستَنصِر العُبيدي صاحبِ مصر، فلم يَقدِر عليها، فانصَرفَ عنها في شوَّال، فهَربَ أَميرُها المُعلَّى في ذي الحجَّةِ، وكان سببُ هَرَبِه أنَّه أَساءَ السِّيرَةَ مع الجُنْدِ والرَّعِيَّةِ وظَلَمَهم، فكَثُرَ الدُّعاءُ عليه، وثار به العَسكرُ، وأَعانَهُم العامَّةُ، فهَرَبَ منها إلى بانياس، ثم منها إلى صور، ثم أُخِذَ إلى مصر فحُبِسَ بها، فماتَ مَحبوسًا، فلمَّا هَربَ من دِمشقَ اجتَمعَت المصامدة -والمصامدة قَبيلَة من المَغارِبَة- ووَلَّوْا عليهم انتِصارَ بنَ يحيى المَصموديَّ، المَعروف برَزِينِ الدَّولةِ، وغَلَت الأَسعارُ بها حتى أَكلَ الناسُ بَعضُهم بَعضًا، ووَقعَ الخُلْفُ بين المصامدة وأَحداثِ البَلدِ، وعَرفَ أتسز ذلك، فعادَ إلى دِمشقَ، فنَزلَ عليها في شَعبانَ من هذه السَّنَةِ، فحَصرَها، فعُدِمَت الأَقواتُ، فبِيعَت الغرارة، إذا وُجِدَت، بأَكثرَ من عِشرين دِينارًا، فسَلَّموها إليه بأَمانٍ، وعوض عنها بقَلعَةِ بانياس، ومَدينةِ يافا من الساحِلِ، ودَخلَها هو وعَسكرُه في ذي القعدةِ، وخَطَبَ بها يومَ الجُمعةِ لخَمسٍ بَقِينَ من ذي القعدةِ، للمُقتدِي بأَمرِ الله الخَليفةِ العبَّاسيِّ، وكان آخرَ ما خُطِبَ فيها للعَلويِّينَ المِصريِّينَ، ومَنَعَ الأذانَ بحيَّ على خَيرِ العَمَلِ، ففَرِحَ أَهلُها به فَرَحًا عَظيمًا، وتَغَلَّبَ على أَكثرِ الشامِ وعَظُمَ شَأنُه، وخافَهُ المِصريُّونَ، وظَلَمَ أَهلَها، وأَساءَ السِّيرَةَ فيهم. حتى أَهلَكَ الناسَ وأَفقَرَهُم.

العام الهجري : 472 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1079
تفاصيل الحدث:

غَزا المَلِكُ إبراهيمُ بن مَسعودِ بن محمودِ بن سبكتكين بِلادَ الهندِ، فحَصرَ قَلعةَ أجود، وهي قَلعةٌ حَصينةٌ، في غايَةِ الحَصانَةِ، كَبيرةٌ، تَحوِي عشرةَ آلافِ رجلٍ من المُقاتِلَةِ، فقاتَلوهُ، وصَبَروا تحت الحِصارِ، وزَحفَ إليهم غيرَ مَرَّةٍ، فرأوا من شِدَّةِ حَربِه ما مَلأَ قُلوبَهم خَوفًا ورُعبًا، فسَلَّموا القَلعةَ إليه في الحادي والعشرين من صَفَر هذه السَّنَةِ. وكان في نَواحي الهندِ قَلعةٌ يُقالُ لها: قَلعةُ روبال، على رَأسِ جَبلٍ شاهقٍ، وتحتها غِياضٌ أَشِبَةٌ، وخَلفَها البحرُ، وليس عليها قِتالٌ إلَّا من مكانٍ ضَيِّقٍ، وهو مَملوءٌ بالفِيَلَةِ المُقاتِلَةِ، وبها من رِجالِ الحَربِ ألوفٌ كَثيرةٌ، فتابَع المَلِكُ إبراهيمُ عليهم الوَقائعَ، وأَلَحَّ عليهم بالقِتالِ بجَميعِ أَنواعِ الحَربِ، ومَلَكَ القَلعةَ، واستَنزَلَهم منها وفي مَوضِعٍ يُقالُ له: دره نوره أَقوامٌ من أَولادِ الخُراسانيِّين الذين جَعَلَ أَجدادَهم فيها أفراسيابُ التُّركيُّ من قَديمِ الزَّمانِ، ولم يَتعَرَّض إليهم أَحَدٌ من المُلوكِ، فسار إليهم إبراهيمُ، ودَعاهُم إلى الإسلامِ أوَّلًا، فامتَنَعوا من إجابَتِه، وقاتَلوهُ، فظَفَرَ بهم، وأَكثرَ القَتْلَ فيهم، وتَفرَّق مَن سَلِمَ في البلادِ، وسَبَى واستَرَقَّ من النِّسوانِ والصِّبيانِ مائةَ ألفٍ. وفي هذه القَلعةِ حوضٌ للماءِ قُطْرُهُ نحو نِصفِ فَرسخٍ لا يُدرَك قَعْرُهُ، يَشربُ منه أَهلُ القَلعةِ وما عندهم من دابَّةٍ، ولا يَظهرُ فيه نَقصٌ. وفي بلادِ الهندِ مَوضِعٌ يُقالُ له: وره، وهو بَرٌّ بين خَليجَيْنِ، فقَصدَهُ المَلِكُ إبراهيمُ، فوَصلَ إليه في جُمادى الأُولى، وفي طَريقِه عَقَباتٌ كَثيرةٌ، وفيها أَشجارٌ مُلْتَفَّةٌ، فأَقامَ هناك ثلاثةَ أَشهُر ولَقِيَ الناسَ من الشِّتاءِ شِدَّةٌ، ولم يُفارِق الغَزوَةَ حتى أَنزلَ الله نَصرَهُ على أَوليائِه، وذُلَّهُ على أَعدائِه، وعاد إلى غَزْنَة سالِمًا مُظَفَّرًا.