الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 316 العام الميلادي : 928
تفاصيل الحدث:

عاث أبو طاهرٍ سُلَيمانُ بنُ أبي سعيد الجَنابي القرمطي في الأرضِ فسادًا، وحاصَرَ الرحبةَ فدخلها قهرًا وقتل مِن أهلِها خَلقًا، وطلب منه أهلُ قرقيسيا الأمانَ فأمَّنَهم، وبعث سراياه إلى ما حولَها من الأعرابِ، فقتل منهم خلقًا، حتى صار الناسُ إذا سمعوا بذِكرِه يَهربونَ مِن سماع اسمه، وقدَّرَ على الأعرابِ إمارة يحملونَها إلى هجَرَ في كل سنة، عن كل رأسٍ ديناران، وعاث في نواحي الموصِل فسادًا، وفي سنجار ونواحيها، وخَرَّب تلك الديار وقتَلَ وسَلَب ونهب، فقصَدَه مؤنِسٌ الخادم فلم يتواجَها بل رجع إلى بلده هجَرَ فابتنى بها دارًا سَمَّاها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي الذي ببلاد المغرب بمدينة المهدية، وتفاقم أمرُه وكثُرَ أتباعُه، فصاروا يكبِسونَ القرية من أرضِ السوادِ فيقتلون أهلَها وينهَبونَ أموالَها، ورام في نفسِه دخولَ الكوفة وأخْذَها فلم يُطِقْ ذلك، ولَمَّا رأى الوزيرُ عليُّ بن عيسى ما يفعَلُه هذا القرمطي في بلادِ الإسلام وليس له دافِعٌ، استعفى من الوزارةِ؛ لضَعفِ الخليفةِ وجَيشِه عنه، وعزل نفسَه منها، فسعى فيها عليُّ بن مقلة الكاتب المشهور، فوَلِيَها بسفارة نصر الحاجب، ثم جهَّزَ الخليفة جيشًا كثيفًا مع مؤنِسٍ الخادم فاقتتلوا مع القرامطةِ، فقتلوا من القرامطة خلقًا كثيرًا، وأسروا منهم طائفةً كثيرة من أشرافِهم، ودخل بهم مؤنِسٌ الخادم بغدادَ، ومعه أعلامٌ مِن أعلامهم مُنكَّسةٌ مكتوبٌ عليها (ونريدُ أن نمُنَّ على الذين استُضعِفوا في الأرض)، ففرح الناسُ بذلك فرحًا شديدًا، وطابت أنفُسُ البغداديَّة، وانكسر القرامطةُ الذين كانوا قد نشؤوا وفَشَوا بأرض العراق، وفوَّضَ القرامِطةُ أمرَهم إلى رجلٍ يقال له حريث بن مسعود، ودَعَوا إلى المهديِّ الذي ظهر ببلاد المغرب جَدِّ الفاطميين، وهم أدعياءُ كَذَبةٌ، كما قد ذكر ذلك غيرُ واحد من العُلَماء.

العام الهجري : 440 العام الميلادي : 1048
تفاصيل الحدث:

لم يبقَ مِن إماراتِ الغَربِ بعد سُقوطِ لبلةَ وشلطيش وشنتمريَّة في يدِ المُعتَضِد بن عبَّاد سوى إمارةِ شلب، وكانت هذه الإمارةُ مِن أهَمِّ إماراتِ الغرب بعد إشبيليَّةَ وكانت تشمَلُ كورة شلب وكورة باجة، وكان الحاجِبُ عيسى بن محمد قد تغَلَّب في أعقابِ الفِتنةِ على هذه المنطقةِ النائيةِ وأقام بها دولةً، واستمَرَّ مُسيطرًا عليها حتى توفِّيَ سنة 432 هـ فخَلَفه في حُكمِها ولَدُه مُحمَّدُ بنُ عيسي الملقَّب عميد الدَّولة، واضطُرَّ عميد الدَّولة في اتِّقاءٍ لعُدوانِ المُعتَضِد بن عبَّاد أن ينزِلَ له عن مدينة باجة، وأن يكتفي بحكم شلب، وكان ابن عبَّاد قد استولى قبل ذلك على ميرتلة قاعدتِها الجنوبيَّةِ مِن يدِ صاحِبِها ابنِ طيفور في سنة 436 هـ، وأصبَحَت باجة تحت رَحمتِه، واستمَرَّ عميد الدَّولة في حُكمِ شلب حتى توفِّيَ في سنة 440هـ وعندئذ ثار بها القاضي عيسى بنُ أبي بكر بن مزين، وكان شهمًا جَزلًا في سائِرِ أمورِه، فلما رأى اختلالَ الأمورِ ثار بها فبايعه أهلُها وبسَطَ حُكمَه عليها، وتلقَّب بالمُظَفَّر واستمَرَّ حكمُه خمس سنوات، وابنُ عباد دائِبٌ على مهاجمتِه وشَنِّ الغارات عليه وهو يَرُدُّه ما استطاع، حتى قُتِلَ في أواخر سنة 445 هـ مدافعًا عن مدينته، فخلفه ولدُه محمد بن عيسى، وتلقَّب بالنَّاصِرِ وحَكَم حتى توفي في سنة 450هـ، فخلفه ولدُه عيسى وتلقَّبَ بالمُظَفَّر وبدأ المعتَضِدُ في تكرار حملاته على شلب، ثم ضرب الحصارَ حولها وقطعَ عنها سائرَ الإمدادِ حتى اشتَدَّ الأمرُ على أهلِها وانتهى بأن اقتحَمَها بعد أن هدم أسوارَها، ودخل القصرَ وقتل عيسى المظفر، وذلك في شوال من سنة 455هـ، وهكذا استطاع المعتضد بن عباد القضاءَ على دولةِ بني مزين.

العام الهجري : 536 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

سار خوارزم شاه إلى خراسانَ بعد أن هزم سنجر، فقصد سرخس، فلمَّا وصَلَ إليها لَقِيَه الإمامُ أبو محمد الزيادي، وكان قد جمَعَ بين الزُّهدِ والعلم، فأكرَمَه خوارزم شاه إكرامًا عظيمًا، ورحل مِن هناك إلى مَرْو الشاهجان، فقصده الإمامُ أحمد الباخرزي، وشَفِعَ في أهلِ مَروٍ، وسأل ألَّا يتعَرَّضَ لهم أحَدٌ من العسكَرِ، فأجابه إلى ذلك، ونزل بظاهرِ البلد، واستدعى أبا الفَضلِ الكرمانيَّ الفقيهَ وأعيان أهلَها، فثار عامَّةُ مرو وقتلوا بعضَ أهل خوارزم شاه، وأخرجوا أصحابَه من البلد، وأغلقُوا أبوابه، واستعَدُّوا للامتناع، فقاتَلَهم خوارزم شاه، ودخل مدينةَ مَرْوٍ سابِعَ عَشرَ ربيع الأول، وقتل كثيرًا من أهلِها، ثم سارَ في شوال إلى نيسابور، فخرج إليه جماعةٌ مِن فُقَهائِها وعلمائها وزهَّادها، وسألوه ألَّا يفعلَ بأهلِ نيسابور ما فعل بأهلِ مَرو، فأجابهم إلى ذلك لكِنَّه استقصى في البَحثِ عن أموالِ أصحاب السُّلطان فأخذها، وقطع خُطبةَ السُّلطان سنجر، أوَّلَ ذي القعدة، وخطبوا له؛ فلمَّا تَرَك الخطيبُ ذِكْرَ السُّلطانِ سنجر وذَكَرَ خوارزم شاه، صاح النَّاسُ وثاروا، وكادت الفِتنةُ تثور والشَّرُّ يعود جديدًا، وإنما منع النَّاسَ مِن ذلك ذوو الرأي والعَقلِ؛ نظرًا في العاقبةِ، فقُطِعَت إلى أوَّلِ المحرم سنةَ سَبعٍ وثلاثين ثم أعيدَت خطبة السُّلطانِ سنجر، ثمَّ سَيَّرَ خوارزم شاه جيشًا إلى أعمالِ بيهق، فأقاموا بها يُقاتِلونَ أهلَها خمسةَ أيام، ثمَّ سار عنها ذلك الجيشُ يَنهبونَ البلاد، وعَمِلوا بخراسان أعمالًا عظيمةً، ومنع السُّلطانُ سنجر من مقاتلة أتسز خوارزم شاه خوفًا من قوةِ الخطا بما وراءَ النَّهرِ، ومجاورتهم خوارزمَ وغيَرها من بلادِ خُراسان.

العام الهجري : 544 العام الميلادي : 1149
تفاصيل الحدث:

لَمَّا مَلَك قُطبُ الدين مودود المَوصِلَ بعد أخيه سيف الدين غازي، كان أخوه الأكبَرُ نورُ الدين محمود بالشَّامِ، وله حَلَب وحَماة، فكاتبه جماعةٌ مِن الأمراء وطَلَبوه، وفيمن كاتَبَه المُقَدَّم عبدُ الملك والد شمس الدين محمد، وكان حينئذٍ مُستَحفظًا بسنجار، فأرسَلَ إليه يستدعيه ليتسَلَّمَ سنجار، فسار نور الدين جريدة- الجريدة خَيْلٌ لا رَجَّالةَ فيها- في سبعينَ فارِسًا مِن أُمَراءِ دَولتِه، فوصَلَ إلى ماكسين في نَفَرٍ يَسيرٍ قد سَبَق أصحابَه، ولحِقَ به باقي أصحابِه، ثم سار إلى سنجار، فوصَلَها وليس معه سوى ركَّابي وسلاح دار، ونزل بظاهرِ البلد وأرسل إلى المُقَدَّم يُعلِمُه بوصوله، فرآه الرسولُ وقد سار إلى الموصِلِ وتَرَك ولده شمس الدين مُحمَّدًا بالقلعة، فأعلَمَه بمسيرِ والده إلى المَوصِل، وأقام مَن لَحِقَ أباه بالطريقِ، فأعلمه بوصولِ نور الدين، فعاد إلى سنجار فسَلَّمَها إليه، فدخَلَها نور الدين، وأرسل إلى فخرِ الدِّينِ قرا أرسلان، صاحِبِ الحصن يستدعيه إليه؛ لِمَودَّةٍ كانت بينهما، فوصلَ إليه في عَسكَرِه، فلَمَّا سمع أتابك قطب الدين، وجمال الدين وزين الدين بالمَوصِلِ بذلك جَمَعوا عساكِرَهم وساروا نحو سنجار، فوصلوا إلى تل يعفر، وترَدَّدَت الرسُلُ بينهم بعد أن كانوا عازمينَ على قَصدِه بسنجار، فقال لهم جمالُ الدين: ليس مِن الرأيِ مُحاقته وقِتالُه، وأشار بالصُّلحِ، وسار هو إليه فاصطلح وسَلَّمَ سنجار إلى أخيه قُطب الدين، وسَلَّم مدينةَ حِمص والرحبة بأرضِ الشَّامِ، وبَقِيَ الشام له، وديارُ الجزيرة لأخيه، واتفقا، وعاد نور الدين إلى الشَّامِ، وأخذ معه ما كان قد ادَّخَره أبوه أتابك الشَّهيد فيها من الخزائِنِ، وكانت كثيرةً جِدًّا.

العام الهجري : 1290 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1873
تفاصيل الحدث:

هو رفاعةُ رافع بن بدوي بن علي الطهطاوي، ولِدَ سنة 1216هـ - 1801م، بطهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر, وقصد القاهرةَ سنة 1223هـ - 1817م، فتعلم في الأزهر, وبعد تخرُّجه منه عام 1824م خدم كإمام في الجيشِ النظامي الجديد, ثم أرسلَته الحكومة المصرية سنة 1826م إمامًا للصلاة والوعظ مع بعثةٍ مِن الشبان أوفدتهم إلى فرنسا لتلقِّي العلوم الحديثة، فدرس الفرنسيَّةَ والجغرافية والتاريخ، وفُتِنَ بالحضارةِ الغربية، وانبهر بقوانين الفرنسيين وسلوكياتهم، فكان عاملًا من عوامل التغريبِ بما حمله من أفكارٍ بعيدة عن تعاليم الإسلامِ!! وقد عاش في باريس خمس سنوات من سنة 1826 إلى سنة 1831م، وهناك تعرَّف على طائفة من المستشرقين من أمثال جوبير Jaubert وجومار Jomard وسلفستر دي ساسي، وكوسان دي يرسيفال. وقد نشر وصف ما رأى وعَلِم من باريس في كتابه "تخليص الأبريز في تلخيص باريز"، ولَمَّا عاد إلى مصر ولِّيَ رئاسة الترجمة في المدرسة الطبية، وأنشأ جريدةَ (الوقائع المصرية) وألَّف وترجم عن الفرنسية كتبًا كثيرة، منها (قلائد المفاخر في غرائب عادات الأوائل والأواخر)، وأصله لدبنج Depping، و(المعادن النافعة لفيرارد Ferard، ومبادئ الهندسة، وأنوار توفيق الجليل في تاريخ مصر، وتعريب القانون المدني الفرنساوي، وتاريخ قدماء المصريين، وبداية القدماء وجغرافية ملطبرون Malte - Brun، وجغرافية بلاد الشام رسالة في 53 ورقة، والتعريفات الشافية لمريد الجغرافية، ونجح في إقناع محمد علي بإنشاء مدرسة للمترجمين سُمِّيَت مدرسة الترجمة ثم عُرِفَت فيما بعد بمدرسة الألسُن، ويعتبر الطهطاوي أوَّلَ من أنشأ متحفًا للآثار في تاريخ مصر، وتوفِّيَ بالقاهرةِ.

العام الهجري : 1370 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1950
تفاصيل الحدث:

أدَّت مطالبة الجماعة الإسلامية بقيادة أبي الأعلى المودودي تطبيقَ الشريعة الإسلامية إلى اعتقالِ المودودي وعددٍ من رموز الجماعة، ثم عَمِلت الحكومة الباكستانية على وضع أهدافٍ تحدِّد الوجهةَ الإسلامية لباكستان وذلك في 13 جمادى الأولى 1368 هـ / 12 مارس 1949م. وبعد عام في 11 شعبان 1369 هـ / 28 مايو 1950م اضطرت الحكومةُ إلى إطلاق سراح المودودي وزملائه، وبدأت الجماعةُ الإسلامية دراسةَ قرار الأهداف الموضوعة في حيِّز التنفيذ، وفي الوقت نفسِه كانت الحكومة -التي أقلقتها مطالب الشعب- تسعى إلى وضع مقترحاتها الدستورية، وأعطت لنفسها سلطات واسعة للسيطرة على الرعية، فقام المودودي بإلقاء خطاب في اجتماع عام بلاهور في المحرم 1370 هـ / أكتوبر 1950م، قام فيه بتوجيه النقد إلى تلك المقترحات الدستورية التي تمهِّد الطريق للديكتاتورية؛ فثار الرأي العام وهو ما اضطرَّ الحكومة إلى التراجع عن مقترحاتها، وتحدَّت علماءَ الجماعة الإسلامية في أن يجتمعوا على ترتيب مُسَوَّدة دستور إسلامي، وقَبِلَ العلماءُ التحدي؛ فاجتمع 31 عالِمًا يمثِّلون الفِرَق الإسلامية المختلفة في باكستان في ربيع الآخر 1370 هـ / يناير 1951م بمدينة كراتشي، واشترك المودودي معهم في صياغة النقاط الدستورية التي اتَّفقوا عليها، ولكِنَّ الحكومةَ قابلت المقترحات الدستورية التي تقدَّمت بها الجماعة الإسلامية بالصَّمتِ، وإزاءَ ذلك قامت الحركة الإسلامية بعقد عدَّةِ اجتماعات شعبية، فقامت الحكومة بإعلان الأحكام العسكرية في لاهور في جمادى الآخر 1372 هـ / مارس 1953م. وفي رجب 1372 هـ / مارس 1953م تمَّ اعتقال المودودي للمرة الثانية مع اثنين من زملائه دون توضيح أسباب هذا الاعتقال، وبعد 4 أيام من اعتقاله حُكِمَ عليه بالقتل إلَّا أن الحكومة تراجعت إلى سَجنِه مدى الحياة.

العام الهجري : 1391 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1971
تفاصيل الحدث:

أثار الرُّكود الاقتصاديُّ موجةً من الاضطراباتِ الاجتماعية التي تمثَّلت في المظاهراتِ التي تجوبُ الشوارعَ، وإضراباتِ العُمَّال، والاغتيالاتِ السِّياسية، كما تمَّ تَشكيلُ حركاتٍ عُمَّالية وطُلابية يساريةٍ تُعارِضُها الجماعاتُ اليَمِينية القوميةُ المسلَّحة والإسلاميَّة، وبحُلولِ يناير 1971 عَمَّت الفوضى أرجاءَ تركيا، وتوقَّفت الجامعاتُ عن العملِ، وأضربت المصانع، وقام الطُّلاب بسَرِقة البنوكِ، وخطْف الجُنود الأمريكانِ، ومُهاجَمة أهدافٍ أمريكية، وأصبَحت الحركةُ الإسلاميَّة أكثَرَ نشاطًا، وقام حِزْبُها -حزبُ النِّظام الوطني- برفْض فِكرة عَلْمانيةِ أتاتورك، والفِكْر الكَماليِّ بشَكْل عَلَني؛ مما أثار غضَب القواتِ المسلَّحةَ، فقام رئيسُ هيئة الأركان العامة التُّركية مَمدوح تاجماك بتَسليمِ رئيس الوزراءِ مُذكِّرةً تصِلُ إلى حَدِّ إنذارٍ أخير من القواتِ المسلَّحة، وطالَبَ فيها "بتَشكيل حُكومةٍ قويةٍ ذاتِ مِصداقيةٍ في إطار المبادئِ الديمقراطية تضَعُ حدًّا للوضْعِ الفَوضوي الحاليِّ، وتُطبَّق من خلال وجهاتِ نَظَر أتاتورك القوانينُ الإصلاحية المنصوصُ عليها في الدُّستور، وإذا لم تتِمَّ تلبيةُ هذه المطالِب فإنَّ الجيش سوف يُمارِس واجِبَه الدُّستوري ويَتولى السُّلطة"، فقدَّمَ الرئيسُ سليمان ديميريل استقالتَه بعد اجتماعٍ استمرَّ ثلاثَ ساعات مع حُكومته، واستنكَر زعيمُ المعارَضة والسياسيُّ المخضْرم عصمت إينونو بشِدةٍ أيَّ تدخُّل عسكريٍّ في السِّياسة، وكان بعض كبارِ الضُّباط يروا أنه مِن المستحيلِ أن يَحدُثَ تقدُّم في نِظام ديمقراطي لِيبراليٍّ، وأنَّ التسلُّطَ سيَجعلُ مِن تركيا أكثرَ مُساواةً واستِقْلالية و"عصْرية"، بينما رأى ضُباط آخَرون ضَرورةَ التدخُّل، ولو لإحباطِ هذه العناصر فقط، وعُرِف هذا الانقلابُ (بانقلاب المذكِّرة)؛ نَتيجةً لِما أحدَثَته المذكِّرةُ التي سلَّمها رئيسُ هيئة الأركان العامة لِرَئيس الوزراء التُّركي، فحدَث الانقلابُ دونَ تدخُّلٍ عَسْكري.

العام الهجري : 97 العام الميلادي : 715
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدِ الرَّحمن موسى بن عبدِ الرَّحمن بن زَيْدٍ اللَّخْمِيُّ، صاحِبُ فُتوحات الغَربِ، يُقالُ: إنَّه كان أَعْرَجًا. قِيلَ: أَصلُه مِن عَيْنِ التَّمْرِ، وقِيلَ: هو مَوْلًى لِبَنِي أُمَيَّة، وقِيلَ: لامْرَأَةٍ مِن لَخْمٍ وُلِدَ بِقَريَةِ كفرتُوثا مِن قُرَى الجَزيرَة, كان شُجاعًا مِقْدامًا جَوادًا، أَحَد قادَة الدَّولَة الأُمَويَّة، وَلَّاهُ مُعاوِيَةُ بن أبي سُفيان غَزْوَ البَحرِ، فغَزَا قُبْرُص وبَنَى بها حُصونًا ثمَّ غَزَا غَيرَها؛ وطالَت أيَّامُه وفَتَح الفُتوحات العَظيمَة بِبِلادِ المَغرِب، وغَنِمَ منها أَموالًا لا تُعَدُّ ولا تُوصَف، وله بها مَقامات مَشهورَة هائِلَة، واسْتَطاع أن يُنْهِي نَزَعات البَرْبَر المُتَوالِيَة للخُروج على حُكْم الأُمَويِّين. أَرسَلَ مَوْلاهُ طارِقَ بن زِياد لِفَتْحِ الأندَلُس،ثمَّ شارَكَهُ في إتمام فَتحِها, وهي بِلاد ذات مُدُن وقُرَى ورِيف، فسَبَى منها ومِن غَيرِها خَلْقًا كَثيرًا، وغَنِمَ أَموالًا جَزيلةً، مِن الذَّهَب والجَواهِر النَّفِيسَة والدَّوابِّ والغِلْمان والنِّساء الحِسان شَيْئًا لا يُحْصَى ولا يُعَدُّ، حتَّى قِيلَ: إنَّه لم يُسْبِ أَحَدٌ مِثلَه مِن الأعداء، وأَسلَم أَهلُ المَغرِب على يَديهِ، وبَثَّ فيهم الدِّينَ والقُرآنَ، وكان إذا سار إلى مَكانٍ تُحْمَل الأَموالُ معه على العَجَلِ لِكَثْرَتِها وعَجْزِ الدَّوابِّ عنها. كان موسى بن نُصَير هذا يَفتَح في بِلادِ المَغرِب، وقُتيبَة يَفتَح في بِلادِ المَشرِق، فجَزاهُما الله خيرًا، فكِلاهُما فَتَح مِن الأقاليم والبُلْدان شَيْئًا كَثيرًا.

العام الهجري : 211 العام الميلادي : 826
تفاصيل الحدث:

هو أبو بكر عبدُالرَّزاق بن همام بن نافع الحِمْيري ولاءً الصَّنعاني، الحافِظُ المحَدِّث الثِّقة، عالمُ اليمَنِ الكبيرُ، ولد بصنعاء سنة 126هـ, روى عنه خلقٌ كثيرٌ، منهم الإمام أحمدُ وابنُ عُيَينة، قال الذهبي: هو خزانةُ العِلمِ، له كتابٌ في التفسير، وأشهرُ كتُبِه هو (المصنَّف) المعروفُ، جمعَ فيه الكثيرَ من الأحاديثِ والآثارِ الموقوفةِ عن الصحابة وعن التابعين. كان فيه تشيُّعٌ لعليٍّ، قال أحمد العجلي: عبد الرزَّاق ثقةٌ، كان يتشَيَّع. قال عبدالرزاق: ما انشرح صدري قطُّ أن أفضِّلَ عليًّا على أبي بكرٍ وعُمَرَ، فرحمهما الله, ورَحِمَ عُثمانَ وعَلِيًّا، مَن لم يحِبَّهم فما هو بمؤمنٍ، أوثَقُ عَمَلي حبِّي إياهم. وقال أيضًا: أفضِّلُ الشيخينِ بتفضيلِ عليٍّ إيَّاهما على نفسِه، كفى بي إزراءً أن أخالِفَ عليًّا.   قال أبو صالح محمَّد بن إسماعيل الصراري: بلَغَنا ونحن بصنعاء عند عبد الرزَّاق أنَّ أصحابَنا- يحيى بن مَعِين، وأحمدَ بن حنبل، وغيرَهما- تركوا حديثَ عبد الرزاق وكَرِهوه، فدخَلَنا من ذلك غَمٌّ شديد، وقلنا: قد أنفَقْنا ورَحَلْنا وتَعِبْنا، فلم أزَلْ في غَمٍّ مِن ذلك إلى وقتِ الحَجِّ، فخرجتُ إلى مكَّةَ، فلقيتُ بها يحيى بنَ مَعِينٍ، فقلتُ له: يا أبا زكريَّا، ما نزل بنا من شيءٍ بلَغَنا عنكم في عبدِ الرزاق؟ قال: وما هو؟ قلنا: بلَغَنا أنَّكم تركتُم حديثَه، ورَغِبتُم عنه، قال: يا أبا صالحِ، لو ارتَدَّ عبد الرزَّاق عن الإسلامِ، ما تركْنا حديثَه.

العام الهجري : 216 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 831
تفاصيل الحدث:

انتفض الوجهُ البحري بمصرَ بزعامة عبدوس الفهري وانضم الأقباطُ إليهم، وحَشَدوا وجمعوا فكثُرَ عددُهم وساروا نحو الديارِ المصرية، فتجهَّزَ عيسى بن منصور وجمعَ العساكِرَ والجندَ لقتالهم، فضَعُف عن لقائِهم وتقهقر بمن معه، فدخلت الأقباطُ وأهل الغربيَّة مصرَ، وأخرجوا منها عيسى هذا على أقبَحِ وجهٍ؛ لسُوءِ سِيرتِه، وخرج معه أيضًا مُتولِّي خَراجِ مِصرَ وخلعوا الطاعةَ، فقدم الأفشين حيدر بن كاوس من بُرقةَ وتهيَّأ لقتال القوم، وانضمَّ إليه عيسى بنُ منصور ومن انضاف إليه، وتجمَّعوا وتجهَّزوا لقتال القوم وواقعوهم فظَفِروا بهم بعد أمورٍ وحروبٍ، وأسَروا وقَتَلوا وسَبَوا، ثم مضى الأفشين إلى الحوفِ وقاتَلَهم أيضًا لِمَا بلغه عنهم، وبدَّدَ جَمعَهم وأسَرَ منهم جماعةً كبيرةً بعد أن بضعَ فيهم وأبدَع، ودامت الحروبُ في السنة المستمرة بمصرَ في كل قليلٍ إلى أن قَدِمَها أميرُ المؤمنين عبد الله المأمونُ لخَمسٍ خلون من المحرَّم سنة سبع عشرة ومائتين، فسَخِطَ على عيسى بن منصور وحَلَّ لواءه وعزَلَه ونسب له كلَّ ما وقع بمصرَ ولِعُمَّاله؛ ثم جهَّزَ العساكِرَ لقِتالِ أهلِ الفساد، وأحضرَ بين يديه عبدوس الفهري فضُرِبَت عنُقُه ثم سار عسكرُه لقتال أسفَلِ الأرضِ أهلِ الغربيَّة والحوف، وأوقعوا بهم وسَبَوا القبطَ وقتلوا مقاتِلَتَهم وأبادوهم، وقمعوا أهلَ الفسادِ مِن سائِرِ أراضي مصرَ بعد أن قتَلوا منهم مقتلةً عظيمةً، ثم رحل الخليفةُ المأمون من مصر.

العام الهجري : 334 العام الميلادي : 945
تفاصيل الحدث:

هو العَلَّامة شيخُ الحنابلةِ: أبو القاسم عُمَرُ بنُ أبي علي الحسين بن عبد الله بن أحمد البغدادي الخِرَقيُّ الحنبليُّ, والخِرَقي: بكسر الخاء وفتح الراء؛ نِسبةً إلى بَيعِ الخِرَق والثِّيابِ. فقيهٌ حنبليٌّ، صنَّف التصانيفَ. صاحِبُ المُختَصَر المشهورِ في الفِقهِ على مذهب الإمام أحمد، والذي شَرَحه القاضي أبو يعلَى بن الفراء، والشيخ مُوفَّق الدين بن قُدامة المقدسي، كان من كبارِ العُلَماء، تفَقَّه على والده الحُسَين صاحب المروذي, وقد كان الخِرَقي هذا من ساداتِ الفُقَهاء والعُبَّاد، كثيرَ الفضائِلِ والعبادة، وصنَّفَ في مذهبِ الإمامِ أحمدَ كتُبًا كثيرةً مِن جُملتِها: المُختَصَر، الذي يشتَغِلُ به أكثَرُ المبتدئين من أصحابِهم، ولَمَّا خرج من بغداد مهاجِرًا لَمَّا كثُرَ بها الشَّرُّ والسَّبُّ للصحابةِ والسَّلَف، أودَعَ كُتُبَه في بغدادَ، فاحترقت الدارُ التي كانت فيها الكتُبُ، وعُدِمَت مُصنَّفاتُه، وقصد دمشقَ فأقام بها حتى مات في هذه السَّنة، وقبرُه بباب الصغير قريبًا من قبور الشهداء، وذكَرَ في مختصره هذا في الحَجِّ ويأتي الحجَرَ الأسودَ ويقَبِّلُه إن كان هناك، وإنما قال ذلك؛ لأنَّ تصنيفَه لهذا الكتاب كان والحجَرُ الأسوَدُ قد أخَذَته القرامطةُ، وهو في أيديهم في سنة 317، ولم يُرَدَّ إلى مكانِه إلَّا سنة 337، قال القاضي أبو يعلى: "كانت للخِرَقي مُصَنَّفاتٌ كثيرة وتخريجاتٌ على المذهب، ولم تظهَرْ؛ لأنَّه خرج من مدينته لَمَّا ظهر بها سَبُّ الصحابة، وأودع كتُبَه فاحتَرَقت الدارُ التي هي فيها، فاحتَرَقت الكتُبُ، ولم تكن قد انتشَرَت؛ لبُعدِه عن البلَدِ".

العام الهجري : 412 العام الميلادي : 1021
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ أبو الحَبشِ إسحاقُ بنُ إبراهيمَ حاكِمُ دَولةِ بني زيادٍ في اليَمَنِ سَنَةَ 371، وقد طالت مُدَّةُ حُكمِه وأسَنَّ؛ خَلَفَه طِفلٌ قيلَ اسمُه زيادُ بنُ أبي الحبش، وتولت أختُه هندُ بنت أبي الحبش، وتولى معها في تصريفِ شُؤونِ الدَّولةِ رشد، وهو عبدٌ لأبي الحبَشِ، وبقي رشدٌ على ولايتِه حتى مات، فتَولَّى عبدٌ لرشدٍ اسمُه حُسَينُ بن سلامة إدارةَ الدَّولةِ، وسلامة هي أمُّ حسين، ونشأ حسينٌ حازِمًا عفيفًا، وصار وزيرًا لهند ولأخيها زيادٍ حتى ماتا، ثم انتقل مُلكُ اليَمَنِ إلى طفلٍ من آلِ زيادٍ، وقامت بأمرِه عَمَّتُه وعبدٌ لحُسَينِ بنِ سلامة اسمُه مرجان، وكان لمرجان عبدانِ قد تغَلَّبا على أمورِه قَيسٌ ونجاح، ونجاحٌ جَدُّ ملوك زبيد، فتنافَسَ قيسٌ ونجاحٌ على الوَزارةِ، وكان قيسٌ عَسُوفًا ونجاحٌ رَؤوفًا، وسَيِّدهما مرجان يميلُ مع قيسٍ على نَجاحٍ، وعَمَّة الطفل تميلُ إلى نجاح، فشكا ذلك قيسٌ إلى مولاه مرجان، فقبض مرجان على المَلِك واسمُه إبراهيم- وقيل: عبد الله- وعلى عَمَّتِه، وسلَّمَهما إلى قيسٍ، فبنى عليهما جدارًا وخَتَمه حتى ماتا، وإبراهيمُ آخِرُ مُلوكِ اليمَنِ من بني زياد، ومُدَّةُ مُلكِ بني زياد اليَمَن مائتان وأربع سنين، وانتقل مُلكُهم إلى عَبيدِ عَبيدِ (بني زياد)؛ لأنَّ المُلكَ صار لنَجاحٍ.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّي المَلِكُ جلال الدَّولة، راسل الجندُ، الملكَ أبا كاليجار مرزبان بنَ سلطان الدَّولة البويهي وخَطَبوا له. فلمَّا استَقَرَّت القواعِدُ بينه وبينهم أرسل أموالًا فُرِّقَت على الجُندِ ببغداد، وعلى أولادهم، وأرسل عشرةَ آلاف دينار للخليفةِ ومعها هدايا كثيرة، فخطبَ به ببغداد في صفر، وخَطَب له أيضًا أبو الشوك في بلادِه، ودبيس بن مزيد ببلادِه، ونصر الدَّولة بن مروان بديار بكرٍ، ولَقَّبَه الخليفةُ محيي الدِّينِ، وسار إلى بغدادَ في مِئَة فارسٍ مِن أصحابه لئلَّا تخافَه الأتراكُ، فلمَّا وصل إلى النُّعمانية لَقِيَه دبيس بن مزيد، ودخل إلى بغدادَ في شهرِ رمضان. ومعه وزيرُه ذو السَّعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس، ووعده الخليفةُ القائِمُ بأمر الله أن يستقبِلَه، فاستعفى من ذلك، وأخرج عميدَ الدَّولة أبا سعدِ بن عبد الرحيم وأخاه كمالَ الملك وزيرَي جلال الدَّولة من بغداد، فمضى أبو سعدٍ إلى تكريت، وزُيِّنَت بغداد لقدومه، وأمَرَ فخُلِعَ على أصحاب الجيوش، وهم: البساسيري، والنشاوري، والهمام أبو اللقاء، وجرى من ولاةِ العَرضِ تقديمٌ لبعض الجند وتأخير، فشَغَّب بعضهم، وقتلوا واحدًا من ولاة العرضِ بمرأًى من الملك أبي كاليجار، فنزل في سميرية- نوع من السفن- بكنكور، وانحدر خوفًا من انخراقِ الهَيبةِ.

العام الهجري : 488 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو أَميرُ الجُيوشِ، الوَزيرُ الأَرمَنيُّ، بَدرُ بنُ عبدِ الله الجمالي، اشتَراهُ جَمالُ المُلْكِ بنُ عمَّارٍ الطَّرابلسيُّ، ورَبَّاهُ، فتَرَقَّت به الأَحوالُ إلى المُلْكِ. وَلِيَ نِيابَةَ دِمشقَ للمُستَنصِر الفاطميِّ سَنَةَ 455هـ، إلى أن هاجَ أَحداثُ دِمشقَ وشُطَّارُها سَنةَ 460هـ, فتَحَوَّل إلى مصر, وقِيلَ: لمَّا ضَعُفَ حالُ المُستَنصِر في مصر واختَلَّت دَولتُه وُصِفَ له بَدرٌ الجمالي، فاستَدعاهُ فرَكِبَ البَحرَ ووَصلَ القاهِرةَ عَشِيَّةَ يَومِ الأَربعاءِ للَيلَتَينِ بَقِيَتَا من جُمادَى الأُولى، فوَلَّاهُ المُستَنصِر تَدبيرَ أُمورِه، وقامَت بوُصولِه الحُرمَةُ وأَصلَحَ الدَّولةَ؛ وكان وَزيرَ السَّيْفِ والقَلَمِ، وإليه قَضاءُ القُضاةِ والتَّقَدُّمُ على الدُّعاةِ، وساس الأُمورَ أَحسَنَ سِياسَةٍ، ويُقال: إن وُصولَه كان أَوَّلَ سَعادَةِ المُستَنصِر، وكان يُلَقَّب: أَميرَ الجُيوشِ؛ وأَنشأَ بالإسكندريَّةِ جامِعَ العَطَّارِينَ، وكان بَدرٌ الجمالي بَطَلًا شُجاعًا مَهِيبًا، مِن رِجالِ العالَمِ، قَصَدَهُ عَلقمةُ العليميُّ الشاعِرُ، فعَجَزَ عن الدُّخولِ إليه، فوَقَفَ على طَريقِه، وفي رَأسِه رِيشُ نَعامٍ، ثم أَنشَدَهُ أَبياتًا وَقَعَت منه بمَوقِع، ووَقَفَ له، ثم أَمَرَ الحاشِيةَ أن يَخلَعوا عليه، وأَمَرَ له بعَشرةِ آلافٍ، فذَهَبَ بخِلَعٍ كَثيرَةٍ إلى الغايَةِ، وَهَبَ منها لِجَماعَةٍ من الشُّعَراءِ". مات بَدرٌ بمصر سَنةَ 488هـ وخَلَّفَ أَموالًا عَظيمَةً. وقام بَعدَه ابنُه الأَفضلُ المُلَقَّب أيضًا بأَميرِ الجُيوشِ, ولمَّا مَرِضَ واشتَدَّ مَرَضُه في شَهرِ رَبيعٍ الأَوَّل من سَنةِ 487هـ، وَزَرَ وَلدُه الأَفضلُ مَوضِعَه في حَياتِه، وقِيلَ: عاش بَدرٌ نَحوًا من ثمانين سَنَةً.

العام الهجري : 548 العام الميلادي : 1153
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ الفِرنجُ بالشَّامِ مَدينةَ عَسقلان، وكانت مِن جُملةِ مَملكةِ الظَّافِرِ بالله الفاطميِّ المصريِّ، وكان الفِرنجُ كُلَّ سَنةٍ يَقصِدونَها ويَحصُرونَها، فلا يَجِدونَ إلى مِلْكِها سَبيلًا، وكان الوُزراء بمِصرَ لهم الحُكمُ في البلاد، والحُكَّامُ معهم اسمٌ لا معنى تحته، وكان الوزراءُ كُلَّ سَنَةٍ يُرسِلونَ إليها الذَّخائِرَ والأسلِحةَ والأموال والرِّجالَ مَن يَقومُ بحِفظِها، فلمَّا كان في هذه السَّنَةِ قُتِلَ ابنُ السلار الوزيرُ، واختَلَفَت الأهواءُ في مصر، وولِيَ عَبَّاس الوَزارةَ، إلى أن استَقَرَّت قاعدة، فاغتَنَم الفرنج اشتغالَهم عن عسقلان، فاجتَمَعوا وحَصَروها، فصَبَرَ أهلُها، وقاتَلوهم قِتالًا شديدًا، حتى إنَّهم بعضَ الأيامِ قاتلوا خارِجَ السُّورِ، ورَدُّوا الفِرنجَ إلى خيامِهم مَقهورينَ، وتَبِعَهم أهلُ البَلَدِ إليها فأَيِسَ حينئذ الفِرنجُ مِن مِلْكِها، فبينما الفِرنجُ على عَزمِ الرَّحيلِ إذ أتاهم الخبَرُ أنَّ خِلافًا قد وقع بين أهلِ عَسقلان، وقُتِلَ بينهم قتلى، فصبَرَ الفِرنجُ، وكان سَبَبُ هذا الاختلاف أنَّهم لَمَّا عادوا عن قِتالِ الفِرنجِ قاهرينَ مَنصورينَ، ادَّعَت كلُّ طائفةٍ منهم أن النُّصرةَ مِن جِهتِهم كانت، وأنَّهم هم الذين رَدُّوا الفِرنجَ خاسِرينَ، فعَظُمَ الخِصامُ بينهم إلى أن قُتِلَ مِن إحدى الطائفتَينِ قَتيلٌ، واشتَدَّ الخَطبُ حينئذ، وتفاقَمَ الشَّرُّ، ووقعت الحَربُ بينهم، فقُتِلَ بينهم قتلى، فزاد طَمَعُ الفِرنجِ في عَسقلان، فزَحَفوا إليها وقاتَلوهم عليها، فلم يَجِدوا مَن يَمنَعُهم فمَلَكَوها.