الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 616 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

لما نشب القتالُ مع المغول أمر خوارزم شاه بتحصين بخارى وسمرقند, ثم قفل ليجمع العساكِرَ من الأنحاء لقتال المغول، فلما فرغ من ذلك رحل عائدًا إلى خراسان، فعبر جيحون، ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هناك، وأمَّا الكُفَّار فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون ما وراء النهر، فوصلوا إلى بخارى بعد خمسة أشهر من وصول خوارزم شاه، وحصروها، وقاتلوها ثلاثة أيام قتالًا شديدًا متتابعًا، فلم يكن للعسكر الخوارزمي بهم قوة، ففارقوا البلد عائدين إلى خراسان، فلما أصبح أهلُ البلد وليس عندهم من العسكر أحد ضَعُفَت نفوسهم، فأرسلوا القاضي، وهو بدر الدين قاضي خان، ليطلب الأمانَ للناس، فأعطَوهم الأمان، وكان قد بقي من العسكر طائفةٌ لم يمكِنْهم الهرب مع أصحابهم، فاعتصَموا بالقلعة، فلما أجابهم جنكيزخان إلى الأمان فُتِحَت أبواب المدينة يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة، فدخل الكفَّار بخارى، ولم يتعرضوا لأحدٍ بل قالوا لهم: كل ما هو للسلطان عندكم من ذخيرة وغيره أخرِجوه إلينا، وساعِدونا على قتال مَن بالقلعة؛ وأظهروا عندهم العَدلَ وحسن السيرة، ودخل جنكيزخان بنفسِه وأحاط بالقلعة، ونادى في البلدِ بأن لا يتخلف أحدٌ ومن تخلَّف قتل، فحضروا جميعُهم، فأمرهم بطم الخندق، فطمُّوه بالأخشاب والتراب وغير ذلك، حتى إن الكفار كانوا يأخذونَ المنابر وربعات القرآن فيلقونهم في الخندقِ- فإنا لله وإنا إليه راجعون- وبحَقٍّ سمَّى الله نفسَه صبورًا حليمًا، وإلا كان خسف بهم الأرض عند فِعل ِمثل هذا، ثم تابعوا الزحف إلى القلعة وبها نحو أربعمائة فارس من المسلمين، فبذلوا جهدهم، ومنعوا القلعة اثني عشر يومًا يقاتلون جميع الكفار وأهل البلد، فقتل بعضهم، ولم يزالوا كذلك حتى زحفوا إليهم، ووصل النقَّابون إلى سور القلعة فنَقَبوه، واشتد حينئذ القتال، ومن بها من المسلمين يرمونَ ما يجدون من حجارة ونار وسهام، فغَضِبَ اللعين، ورد أصحابَه ذلك اليوم، وباكرهم من الغد، فجَدُّوا في القتال، وقد تعب مَن بالقلعة ونصبوا، وجاءهم ما لا قِبَل لهم به، فقهرهم الكفار ودخلوا القلعة، وقاتلهم المسلمون الذين فيها حتى قُتِلوا عن آخرهم، فلما فرغ من القلعة نادى أن يُكتَبَ له وجوه الناس ورؤساؤهم، ففعلوا ذلك، فلما عرضوا عليه أمَرَ بإحضارهم فحضروا، فقال: أريد منكم النقرةَ -قطع مذابةٌ من الذَّهب أَو الفِضَّة- التي باعكم خوارزم شاه، فإنَّها لي، ومن أصحابي أُخِذَت، وهي عندكم، فأحضر كل من كان عنده شيء منها بين يديه، ثم أمرهم بالخروج من البلد، فخرجوا من البلد مجردين من أموالهم، ليس مع أحد منه غير ثيابه التي عليه، ودخل الكفار البلد فنهبوه وقتلوا من وجدوا فيه، وأحاط بالمسلمين، فأمر أصحابه أن يقتَسِموهم، فاقتَسَموهم، وكان يومًا عظيمًا من كثرة البكاءِ مِن الرجال والنساء والولدان، وتفَرَّقوا وتمزقوا كل ممزق، واقتسموا النساء أيضًا، وأصبحت بخارى خاويةً على عروشها كأنْ لم تغنَ بالأمس، وارتكبوا من النساء العظيم، والناس ينظرون ويبكون، ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسِهم شيئًا مما نزل بهم، فمنهم من لم يرضَ بذلك، واختار الموت على ذلك فقاتل حتى قُتِل، ومن استسلم أخذ أسيرًا، وألقوا النار في البلد، والمدارس، والمساجد، وعذبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المالِ.

العام الهجري : 585 العام الميلادي : 1189
تفاصيل الحدث:

كان وصولُ نبأ سقوط مملكةِ بيت المقدس إلى أوروبا كنتيجةٍ لمعركة حطين صاعِقًا لنصارى أوربا. فإنَّ البابا أوربان الثامن ما إن علم بما حدث حتى توفي من وقْعِ الصدمة. ودعا خليفَتَه البابا غريغوريوس الثامن بمنشور باباوي إلى حملةٍ صليبية جديدة، وأمَرَهم بالصيام كلَّ أسبوع في يوم الجمعة على امتدادِ خمس سنوات، كما أمَرَهم بالامتناع كليًّا في هذه الحقبة من الزَّمَنِ عن أكل اللحم مرَّتينِ في الأسبوع، والدعوة إلى المشاركة في حربٍ صليبية لاسترداد بيت المقدس, وقد قام بهذه الدعوة ببالغِ الهِمَّة الكاردينال إنريكو من ألبانو، وبعد شهرين حلَّ البابا كليمنت الثالث مكانَ غريغوريوس، واستكمل المهمَّةَ، وقام الكاردينالات بالتطوافِ مَشيًا على الأقدام في عموم فرنسا وإنجلترا وألمانيا. فجهَّزَ نصارى أوروبا ثلاثَ حملات ألمانية وإنكليزية وفرنسية، كل ذلك لمحاولة استرداد بيت المقدس، وصَلَت الحملتان الإنكليزية والفرنسية بحرًا سنة 586 إلى عكا، وساهمت في الحصار البحري، وكان فيهم ريتشارد المعروف بقلب الأسد، أما الحملة الألمانية فكان مَلِكُهم فريدريك الأول بربروسا، أوَّل من تحرك من ملوك أوربا لنصرة بيت المقدس وجمع عساكِرَه وسار للجهاد بزعمه. تحركت القوات الألمانية قبل غيرِها وهم من أكثر الحَمَلات عددًا، وأشدِّهم بأسًا، فكان طريقُهم على القسطنطينية، فأرسل ملكُ الروم بها إلى صلاح الدين يُعَرِّفُه الخبر ويَعِدُ أنَّه لا يمَكِّنُه من العبور في بلاده، فلما وصل ملك الألمان إلى القسطنطينية عجَزَ مَلِكُها عن منعه من العبورِ لكثرة جموعه، لكنَّه منع عنهم الميرة، ولم يمكِّنْ أحدًا من رعيَّتِه من حمل ما يريدونَه إليهم، فضاقت بهم الأزوادُ والأقوات، وساروا حتى عَبَروا خليجَ القسطنطينية، وصاروا على أرضِ بلاد الإسلام، وهي مملكةُ الملك قلج أرسلان ابن مسعود بن سليمان بن قتلمش بن سلجق. فلما وصلوا إلى أوائلها ثار بهم التركمانُ الأوج، فما زالوا يسايرونَهم ويَقتُلونَ مَن انفرد ويَسرِقونَ ما قدروا عليه، وكان الزمانُ شتاء والبرد يكونُ في تلك البلاد شديدًا، والثلجُ متراكمًا، فأهلكهم البردُ والجوع والتُّركمانُ، فقَلَّ عَدَدُهم، فلما قاربوا مدينة قونية خرج إليهم المَلِك قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان ليمنَعَهم، فلم يكُن له بهم قوَّة، فعاد إلى قونية، فلما عاد عنهم قطب الدين أسرعوا السير في أثَرِه، فنازلوا قونية، وأرسلوا إلى قلج أرسلان هديةً وقالوا له: ما قصَدْنا بلادَك ولا أردناها، وإنما قصَدْنا بيت المقدس، وطلبوا منه أن يأذن لرعيَّتِه في إخراجِ ما يحتاجون إليه مِن قُوتٍ وغيره، فأذِنَ في ذلك، فأتاهم ما يريدون، فشَبِعوا، وتزوَّدوا، وساروا، وسار ملك الألمان حتى أتى بلاد الأرمن وصاحِبُها لافون بن اصطفانة بن ليون، فأمَدَّهم بالأقوات والعلوفات، وحَكَّمَهم في بلاده، وأظهر الطاعةَ لهم، ثم ساروا نحو أنطاكية، وكان في طريقِهم نهر، فنزلوا عنده، ودخل مَلِكُهم إليه ليغتسل، فغَرِقَ في مكانٍ منه لا يبلغ الماءُ وسَطَ الرجُل، وكفى اللهُ شَرَّه، وكان معه ولدٌ له، فصار ملكًا بعده، وسار إلى أنطاكية، فاختلف أصحابُه عليه، فأحب بعضُهم العود إلى بلاده، فتخَلَّفَ عنه، وبعضُهم مال إلى تمليكِ أخٍ له، فعاد أيضًا، وسار فيمن صَحَّت نيتُه له، فعَرَّضَهم، وكانوا نيفًا وأربعين ألفًا، ووقَعَ فيهم الوباءُ والموت، فوصلوا إلى أنطاكية وكأنهم قد نُبِشوا من القبورِ، فتبَرَّمَ بهم صاحبُها، وحَسَّنَ لهم المسير إلى الفرنج الذين على عكَّا، فساروا على جبلة ولاذقية وغيرهما من البلاد التي ملكها المسلمونَ، وخرج أهلُ حلب وغيرها إليهم، وأخذوا منهم خلقًا كثيرًا، ومات أكثَرُ مَن أُخِذَ، فبلغوا طرابلس، وأقاموا بها أيامًا، فكَثُرَ فيهم الموت، فلم يبقَ منهم إلا نحو ألف رجل، فركبوا في البحر إلى الفرنجِ الذين على عكا، ولَمَّا وصولوا رأوا ما نالهم في طريقِهم وما هم فيه من الاختلافِ عادوا إلى بلادهم، فغرقت بهم المراكِبُ ولم ينجُ منهم أحدٌ.

العام الهجري : 1253 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1837
تفاصيل الحدث:

بعد سَيرِ القوات المصرية نحوَ الرياض وجدت التشجيعَ مِن سكَّانها الذين قَدِمَ منهم وفد؛ ليعلن ولاءَهم للجيش المصري، وفر منها المعارِضون من آلِ الشيخ إلى جهات الحلوة والحريق وحوطة بني تميم في جنوبي نجد. فأراد خالد بن سعود أن يُخضِعَ المناطِقَ الجنوبية من نجدٍ بالقوة، بعد أن رفضت طاعتَه، فكتب خالد إلى أمراء سدير والمحمل والوشم وبلدان العارض بالنفير معه لقتالِ مناطق الجنوب، فخرجوا جميعًا إلَّا أمير سدير أحمد بن محمد السديري، تخلَّف بسبب القَحطِ، واستنفر خالد أهلَ الرياض، فلما وصل الخرج استنفر أهلَها، فركب معهم فهد بن عفيصان، فاجتمع لخالد وإسماعيل 7000 مقاتِلٍ مِن الترك والعُربان وأهل البلدان المتابعين لهم، فقصدوا بلدة الحلوة. كان أهلُ الحلوة قد أخرجوا نساءهم وأبناءهم وأدخلوهم الحوطةَ، وكان الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ علي بن حسين، وعبد الملك بن حسين، وحسين بن حمد بن حسين -أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب- بعد أن أقبل عساكِرُ خالد وإسماعيل على الرياض؛ هربوا منه وسكنوا بلد الحوطة، وبعضهم نزل على تركي الهزاني في الحريق، فلما صارت هذه الحادثة جعل الله بسببهم ثباتًا لهم ويقينًا يشجعونهم ويأتمرون بأمرِهم ولا يقطعون أمرًا دون مشورتِهم، فلما دخل عسكر الترك حرة قرب بلدة الحلوة، صعد أهل الحلوة الجبَلَ لقتالِهم، فوقع القتال من أوَّلِ النهار إلى بعد الظهرِ، وهم في قتال وإقبال وإدبار، فأتى المدَدُ من أهل الحوطة والحريق وغيرهم، وحصلت مقتلة عظيمة على عسكر الترك وأتباعهم، فنزلت بهم هزيمةٌ ساحقة. يقول ابن بشر: وأول من انهزم الأعرابُ الذين مع العسكرِ، ثم وقعت الهزيمةُ العظيمة التي ما وقع لها نظيرٌ في القرون السالفة ولا في الخلوفِ الخالفة، على عساكِرِ التركِ وأعوانِهم، وهلكت تلك الجنودُ ما بين قتلٍ وظمأٍ، وذُكر لي أن الرجلَ من القرابة الذين ليس لهم خيلٌ لا ينهزِمُ أكثر من رميةِ بندقٍ، ولم ينجُ واحد منهم، وتفَرَّقت الخيالة في الشِّعابِ فهلكوا فيها ليس لهم دليل، ولا يهتدون إلى السبيل، ونجا خالدٌ بنفسِه ومن معه من أهل نجد، لما رأوا الهزيمة انهزموا وحدَهم، وتركوا عسكَرَهم وجندهم، وتزبن إسماعيل والمعاون وشرذمة معهم من الخيالة هزيمةَ خالد، فاجتمعوا به وساروا معه، وهربت الأعرابُ على رحايل العسكر، وتركوا جميعَ محلَّتِهم وأمتعتِهم، فغَنِمَ أهل الحوطة وأهل الحريق وأتباعُهم جميعَ ما معهم من الأموال والسلاح والخيام، وفيها من الذهب والفضة ما ليس له نظيرٌ، وذلك يوم الأربعاء منتصف ربيع الآخر، وكان معهم فهد بن عفيصان بغزوِ أهل الدلم، فهرب عنهم في الليل، فلما وصل بلده أخبرهم بالأمرِ، وأمرهم يخرُجون ويأخذون ما وجدوا منهم، فتلقَّاهم غزوان أهل نجد وهزموهم إلى بلدِهم ونزلوا عندها، وحصل بينهم وبين أهلِها مناوشة رميٍ بالبنادق، ووافاهم أحمد السديري بغزو أهل سدير فيها، ثم إن خالدًا وإسماعيل وأتباعَهم رحلوا من الدلم وقصدوا الرياضَ ودخلوها. قيل: إن الذي نجا من الخيَّالة مع إسماعيل قريبٌ من  مائتين دخلوا معه الرياض، وكان قد أبقى في الرياضِ لَمَّا خرج إلى الحوطة أكثر من مائتين من المغاربة والترك في القصر".

العام الهجري : 546 العام الميلادي : 1151
تفاصيل الحدث:

جمعَ نُورُ الدِّينِ مَحمود بن زنكي عَسكَرَه وسار إلى بلادِ جوسلين الفرنجي، وهي شَماليَّ حَلَب منها تل باشر، وعين تاب، وإعزاز وغيرها، وعَزَمَ على مُحاصَرتِها وأخْذِها، وكان جوسلين فارِسَ الفِرنجِ غَيرَ مُدافَعٍ، قد جمع الشَّجاعةِ والرَّأيَ، فلَمَّا عَلِمَ بذلك جَمَعَ الفِرنجَ فأكثَرَ، وسار نحوَ نور الدين فالتَقَوا واقتتلوا، فانهزم المُسلِمونَ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ جمعٌ كثيرٌ، وكان في جُملةِ مَن أُسِرَ سلاحُ دار نور الدين محمود، فأخذه جوسلين، ومَعَه سلاحُ نور الدين، فسَيَّرَه إلى الملك مسعود بن قلج أرسلان، صاحِبِ قونية، وأقصرا، وقال له: هذا سِلاحُ زَوجِ ابنَتِك، وسيأتيك بعده ما هو أعظَمُ منه، فلمَّا عَلِمَ نور الدين محمود الحالَ، عَظُمَ عليه ذلك، وأعمَلَ الحيلةَ على جوسلين، وهَجَرَ الراحةَ ليأخُذَ بثَأرِه، وأحضَرَ جَماعةً مِن أمراء التركمان، وبذَلَ لهم الرَّغائِبَ إن هم ظَفِروا بجوسلين وسَلَّموه إليه إمَّا قتيلًا أو أسيرًا؛ لأنَّه عَلِمَ أنَّه متى قَصَدَه بنفسه احتمى بجُموعِه وحُصونِه، فجعل التُّركمانُ عليه العُيونَ، فخرج مُتصَيِّدًا، فلَحِقَت به طائفةٌ منهم وظَفِروا به فأخذوه أسيرًا، فصانَعَهم على مالٍ يُؤدِّيه إليهم، فأجابوه إلى إطلاقِه إذا حضَرَ المالُ، فأرسل في إحضارِه، فمضى بعضُهم إلى أبي بكر بن الداية، نائِبِ نورِ الدين بحَلَب، فأعلَمَه الحالَ، فسَيَّرَ عَسكرًا معه، فكَبَسوا أولئك التُّركمانَ وجوسلين معهم، فأخذوه أسيرًا وأحضَروه عنده، وكان أسْرُه من أعظَمِ الفُتوحِ؛ لأنَّه كان شَيطانًا عاتيًا، شديدًا على المُسلِمينَ، قاسيَ القَلبِ، وأُصيبَت النصرانيَّةُ كافَّةً بأسْرِه، ولَمَّا أُسِرَ سار نور الدين إلى قلاعِه فمَلَكَها، وهي تل باشر، وعين تاب، وإعزاز، وتل خالد، وقورس، والراوندان، وبرج الرصاص، وحصن البارة، وكفرسود، وكفرلاثا، ودلوك، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك من أعمالِه، في مُدَّةٍ يسيرةٍ، وكان نورُ الدين كلَّما فتح منها حِصنًا نقل إليه مِن كُلِّ ما تحتاجُ إليه الحُصونُ؛ خَوفًا من نَكسةٍ تَلحَقُ بالمُسلِمينَ من الفِرنجِ، فتكون بلادُهم غيرَ مُحتاجةٍ إلى ما يَمنَعُها من العَدُوِّ.

العام الهجري : 414 العام الميلادي : 1023
تفاصيل الحدث:

هو أبو حيَّانَ عليُّ بن محمَّد بن العبَّاس البغدادي، الصوفي، صاحِبُ التَّصانيفِ، له مصنَّفاتٌ عديدةٌ في الأدبِ والفصاحةِ والفلسفةِ، له مصنَّفٌ كبيرٌ في تصوُّفِ الحكماءِ، وزهَّاد الفلاسفة، وكتابٌ سمَّاه البصائرَ والذخائرَ, وكان سيئَ الاعتقادِ، نفاه الوزيرُ أبو محمد المهلبي. ذكر ابن بابي في كتاب الخريدة والفريدة: "كان أبو حيان كذَّابًا، قليلَ الدين والوَرَع عن القَذفِ والمجاهَرة بالبُهتان، تعرَّضَ لأمور جِسامٍ من القَدحِ في الشريعة والقَولِ بالتعطيل، ولقد وقف سيدُنا الصاحِبُ كافي الكُفاة على بعضِ ما كان يدغلُه ويُخفيه من سوء الاعتقادِ، فطلبه ليقتُلَه، فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفَق عليهم بزُخرفه وإفكِه، ثم عثَروا منه على قبيحِ دخلته وسوء عقيدته وما يُبطِنُه من الإلحاد ويرومُه في الإسلام من الفساد، وما يُلصِقُه بأعلام الصَّحابة من القبائِحِ، ويضيفُه إلى السلف الصالح من الفضائح، فطلبه الوزيرُ المهلبي فاستتر منه، ومات في الاستتار، وأراح الله منه، ولم تؤثَرْ عنه إلا مَثلبةٌ أو مخزيةٌ. "

العام الهجري : 200 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 815
تفاصيل الحدث:

لَمَّا وصل الحُسَين بن حسن الأفطس لِمَكَّة من قِبَل أبي السرايا وفعل في مكَّة ما فعل من تغييرِ كسوةِ الكعبةِ وتخريبٍ ونَهبٍ، وصلَه خبرُ هزيمة أبي السرايا، ذهب إلى محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين وبايعه فأقامه، وبايَعه بالخلافةِ، وجمع له النَّاسَ، فبايعوه طوعًا وكَرهًا وسَمَّوه أمير المؤمنين، فبقي شهورًا وليس له من الأمرِ شَيءٌ، ثمَّ لَمَّا وصل عامِلُ اليمن وجيشُ هرثمة بن أعين من الكوفةِ، هرب محمد بن جعفر إلى الجُحفة ثمَّ قُبِضَ عليه وطلَبَ الأمان وقال إنه وصَلَه أنَّ المأمونَ مات فدعا لبيعة نفسِه، فلما صَحَّ الخبَرُ عنده أنَّه لم يمُت خلَعَ نفسَه من الخلافة، ثم بعد ذلك أُرسِلَ إلى المأمون، ثم سار إلى جرجان ومات بها سنة 204هـ وهو المعروفُ بالديباج.

العام الهجري : 742 العام الميلادي : 1341
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ أزبك خان بن طغرلجا بن منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوشي خان بن جنكز خان ملك التتار، وكان أسلَمَ وحَسُنَ إسلامُه وحَرَّض رعيَّتَه على الإسلام، فأسلم بعضهم، ولم يلبَسْ أزبك خان بعد أن أسَلَم السراقوجات- لباس الرأس عند التتار- وكان يلبس حياصةً من فولاذ ويقول: لبسُ الذَّهَبِ حرامٌ على الرجال، وكان يميلُ إلى دينٍ وخَيرٍ، ويتردَّدُ إلى الفقراء، وكان عنده عَدلٌ في رعيته، وتزوَّجَ الملك الناصِرُ محمد بابنَتِه، وكان أزبك شُجاعًا كريمًا مليحَ الصورة ذا هيبةٍ وحُرمة، ومملكتُه مُتَّسِعة، وهي من بحر قسطنطيينة إلى نهر إرتش مَسيرةَ ثمانمائة فرسخ، لكِنَّ أكثر ذلك قرًى ومراعي، ومات أزبك خان بعد أن مَلَك نحوًا من ثلاثينَ سنة، ووَلِيَ المُلكَ بعده ابنُه: جاني بك خان.

العام الهجري : 6 العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

هو أبو رافعٍ سَلَّامُ بنُ أبي الحُقَيْقِ شاعرٌ وفارسٌ يَهوديٌّ، أحدُ الذين حَزَّبوا الأحزابَ ضِدَ المسلمين في غزوةِ الأحزابِ، وأَعانَهُم بالمُؤَنِ والأَموالِ الكَثيرةِ، ولمَّا قتَل الله كعبَ بنَ الأشرفِ على يدِ رجالٍ مِنَ الأَوسِ بعدَ وقعةَ بدرٍ كان أبو رافعٍ سَلَّامُ بنُ أبي الحُقيقِ ممَّن أَلَّبَ الأحزابَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولم يُقتلْ مع بني قُريظةَ كما قُتِلَ صاحبُه حُيَيُّ بنُ أَخطبِ، رَغِبتِ الخَزرجُ في قتلِه طلبًا لِمُساواةِ الأَوسِ في الأَجرِ. وكان الله سُبحانه قد جعَل هذين الحَيَّيْنِ يَتَصاولانِ بين يدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الخيراتِ، فاسْتأذَنوا رسولَ الله في قتلِه فأَذِن لهم، فعنِ البَراءِ بنِ عازبٍ قال: بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافعٍ اليَهوديِّ رِجالًا مِنَ الأنصارِ، فأَمَّرَ عليهم عبدَ الله بنَ عَتيكٍ، وكان أبو رافعٍ يُؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ويُعينُ عليه، وكان في حِصنٍ له بأرضِ الحجازِ، فلمَّا دَنَوْا منه وقد غَربتِ الشَّمسُ، وراح النَّاسُ بِسَرْحِهِم، فقال عبدُ الله لأصحابِه: اجْلِسوا مَكانَكُم، فإنِّي مُنطلِقٌ، ومُتَلَطِّفٌ للبَوَّابِ، لَعلِّي أن أَدخُلَ، فأقبل حتَّى دَنا مِنَ البابِ، ثمَّ تَقَنَّعَ بِثَوبهِ كأنَّه يَقْضي حاجةً، وقد دخل النَّاسُ، فهتَف به البَوَّابُ: يا عبدَ الله، إن كُنتَ تُريدُ أن تَدخُلَ فادخُلْ، فإنِّي أُريدُ أن أُغلقَ البابَ، فدخلتُ فكَمَنْتُ، فلمَّا دخَل النَّاسُ أَغلقَ البابَ، ثمَّ عَلَّقَ الأَغاليقَ على وَتَدٍ، قال: فقمتُ إلى الأقاليدِ فأَخذتُها، ففتحتُ البابَ، وكان أبو رافعٍ يُسْمَرُ عنده، وكان في عَلالِيَّ له، فلمَّا ذهَب عنه أهلُ سَمَرِهِ صَعدتُ إليه، فجعلتُ كلمَّا فتحتُ بابًا أَغلقتُ عليَّ مِن داخلٍ، قلتُ: إن القومَ نَذِروا بي لم يَخْلُصوا إليَّ حتَّى أَقتُلَه، فانتهيتُ إليه، فإذا هو في بيتٍ مُظلمٍ وسطَ عِيالهِ، لا أَدري أين هو مِنَ البيتِ، فقلتُ: يا أبا رافعٍ، قال: مَن هذا؟ فأَهويتُ نحوَ الصَّوتِ فأَضرِبُه ضَربةً بالسَّيفِ وأنا دَهِشٌ، فما أَغنيتُ شيئًا، وصاح، فخرجتُ مِنَ البيتِ، فأَمكثُ غيرَ بَعيدٍ، ثمَّ دَخلتُ إليه، فقلتُ: ما هذا الصَّوتُ يا أبا رافعٍ؟ فقال: لِأُمِّكَ الوَيْلُ، إنَّ رجلًا في البيتِ ضَربَني قبلُ بالسَّيفِ. قال: فأَضرِبُه ضَربةً أَثْخَنَتْهُ ولم أَقتُلْه، ثمَّ وَضعتُ ظِبَةَ السَّيفِ في بَطنِه حتَّى أخَذ في ظَهرهِ، فعَرفتُ أنِّي قَتلتُه، فَجعلتُ أَفتحُ الأبوابَ بابًا بابًا، حتَّى انْتهَيتُ إلى دَرجةٍ له، فوَضعتُ رِجلي، وأنا أَرى أنِّي قد انْتهَيتُ إلى الأرضِ، فوقعتُ في ليلةٍ مُقْمِرَةٍ، فانكَسرتْ ساقي، فعَصَبْتُها بِعِمامةٍ، ثمَّ انطَلقتُ حتَّى جَلستُ على البابِ، فقلتُ: لا أخرجُ اللَّيلةَ حتَّى أَعلمَ: أَقتلتُه؟ فلمَّا صاح الدِّيكُ قام النَّاعي على السُّورِ فقال: أَنْعى أبا رافعٍ تاجرَ أهلِ الحِجازِ. فانطَلقتُ إلى أصحابي، فقلتُ: النَّجاءَ، فقد قتَل الله أبا رافعٍ، فانتهَيتُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحَدَّثتُه، فقال: «ابْسُطْ رِجْلَكَ». فبَسطتُ رِجلي فمسَحها فكأنَّها لم أَشْتَكِها قَطُّ.

العام الهجري : 84 العام الميلادي : 703
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الرَّحمن بن محمَّد بن الأشعث بن قَيْس الكِنْدِيُّ، أَميرُ سِجِسْتان كان قائدًا أُمَوِيًّا مِن أهلِ الكوفَة وأَشرافِها، بَدَأ عبدُ الرَّحمن كَأَيِّ قائِدٍ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وضَمَّ عددًا كبيرًا مِن البُلدان لِصالِح الدَّولَةِ الأُمويَّة، ولم تكُن أسباب خُروجِه دِينيَّة على الإطلاق. وُلِدَ عبدُ الرَّحمن في الكوفَة في بَيتٍ مِن أَشرافِها، فأَبُوه محمَّدُ بن الأشعث، أَحَدُ وُجوهِ كِنْدَة. كانت عِلاقَةُ الحَجَّاج بن يوسُف به سَيِّئَةً للغايَةِ، وكان الحَجَّاج كلمَّا رأى عبدَ الرَّحمن قال: يالِخُيَلائِه! أنظُر إلى مِشْيَتِه، والله لهَمَمْتُ أن أَضرِب عُنُقَه. فلمَّا انْهَزَم ابنُ الأشعث وَفَرَّ إلى رتبيل مَلِك التُّرْك كَتَب الحَجَّاجُ إلى رتبيل يَقول له: والله الذي لا إله إلَّا هو، لَئِن لم تَبْعَث إِلَيَّ بابنِ الأشعثِ لَأَبْعَثَنَّ إلى بِلادِك ألفَ ألفَ مُقاتِل، ولَأُخَرِّبَنَّها. فلمَّا تَحَقَّق الوَعيدُ مِن الحَجَّاج اسْتَشار في ذلك بعضَ الأُمراء فأشار عليه بِتَسليم ابن الأشعث إليه قبل أن يُخَرِّب الحَجَّاجُ دِيارَه، ويأخذ عامَّة أَمْصارِه، فأرسَل إلى الحَجَّاج يَشترِط عليه أن لا يُقاتِل عشرَ سِنين، وأن لا يُؤَدِّي في كُلِّ سَنة منها إلَّا مِائَة ألف مِن الخَراجِ، فأجابه الحَجَّاجُ إلى ذلك، وقِيل: إنَّ الحَجَّاج وَعَدَه أن يُطلِق له خَراجَ أَرضِه سبعَ سِنين، فعند ذلك غَدَر رتبيل بابن الأشعث، فقَبَضَ عليه وعلى ثلاثين مِن أَقرِبائِه فَقَيَّدَهم في الأَصفادِ، وبَعَث بهم مع رُسُلِ الحَجَّاج إليه، فلمَّا كانوا بِبَعضِ الطَّريق بِمَكان يُقالُ له: الرُّخَّج، صَعَد ابنُ الأشعث وهو مُقَيَّد بالحَديدِ إلى سَطْحِ قَصْرٍ، ومعه رجل مُوكل به; لِئَلَّا يَفِرَّ، وألقى نَفْسَه مِن ذلك القَصْر، وسَقَطَ معه المُوكل به فماتا جَميعًا، فعَمَد الرَّسول إلى رأسِ ابن الأشعثِ فاحْتَزَّهُ، وقَتَل مَن معه مِن أصحابِ ابن الأشعث، وبَعَث بِرُؤوسِهم إلى الحَجَّاج، فأَمَرَ فَطِيفَ بِرَأْسِه في العِراق، ثمَّ بَعَثَه إلى أميرِ المؤمنين عبدِ الملك فَطِيفَ بِرَأْسِه في الشَّام، ثمَّ بَعَث به إلى أَخيهِ عبدِ العزيز بِمِصْرَ فَطِيفَ بِرَأْسِه هُنالِك، ثمَّ دَفَنوا رَأْسَه بِمِصْرَ وجُثَّتَه بالرُّخَّج, وقِيلَ إنَّه مات عامَ 85 هـ. قال عنه ابنُ كثير: "والعَجَبُ كُلُّ العَجَب مِن هؤلاء الذين بايَعُوه بالإمارَةِ وليس مِن قُريشٍ، وإنَّما هو كِنْدِيٌّ مِن اليَمَن، وقد اجْتَمَع الصَّحابَةُ يومَ السَّقِيفَة على أنَّ الإمارَة لا تكون إلَّا في قُريشٍ، واحْتَجَّ عليهم الصِّدِّيقُ بالحديث في ذلك، حتَّى إنَّ الأنصار سألوا أن يكون منهم أَميرٌ مع أَميرِ المُهاجرِين فأَبَى الصِّدِّيقُ عليهم ذلك. فكيف يَعْمِدون إلى خَليفَة قد بُويِعَ له بالإمارةِ على المسلمين مِن سِنين فيَعْزِلونه وهو مِن صُلْبِيَّةِ قُريشٍ ويُبايِعون لِرَجُلٍ كِنْدِيٍّ بَيْعَةً لم يَتَّفِق عليها أَهلُ الحَلِّ والعَقْدِ؟! ولهذا لمَّا كانت هذه زَلَّة وفَلْتَة نَشَأ بِسَبَبِها شَرٌّ كَبيرٌ هَلَكَ فيه خَلْقٌ كَثيرٌ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجِعُون".

العام الهجري : 652 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1254
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامة، فقيهُ العصر، شيخُ الحنابلة، مجدُ الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن علي بن تيمية الحراني الحنبلي، جد الشيخ تقي الدين بن تيميَّة المشهور بشيخِ الإسلام، ولِدَ في حدود سنة 590 وتفَقَّه في صغره على عَمِّه الخطيب فخر الدين، ففقه وبرع، واشتغل وصنف التصانيف، وانتهت إليه الإمامةُ في الفقه، وكان يجيدُ القراءاتِ، وصنَّف فيها أرجوزةً, وقد حَجَّ في سنة إحدى وخمسين على درب العراق، وانبهر علماءُ بغداد لذكائه وفضائله. قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس: كان الشيخُ جمال الدين بن مالك يقول: أُلينَ للشَّيخِ المجد الفقهُ كما أُلينَ لداود الحديد, ثم قال الشيخُ: وكانت في جَدِّنا حدة, وعَجَبٌ في سرد المتون، وحِفظُ مذاهب الناس، وإيرادُها بلا كُلفة. حدثني الإمام عبد الله بن تيمية: أن جدَّه ربِّيَ يتيمًا، ثم سافر مع ابن عمه إلى العراق ليخدُمَه وينفِقَ عليه، وله ثلاث عشرة سنة، فكان يبيت عنده ويسمَعُه يكرر على مسائل الخلافِ فيحفَظُ المسألة, فقال الفخر إسماعيل بن عساكر يومًا: أيش حفظ الننين – الصبي- فبدر المجد، وقال: حفظتُ يا سيدي الدرس. وسرده، فبُهِتَ الفخر، وقال: هذا يجيءُ منه شيء, ثم عرض على الفخر مصنفه (جنة الناظر)، وكتب له عليه في سنة 606 وعظَّمَه، فهو شيخُه في علم النظر، وأبو البقاء شيخُه في النحو والفرائض، وأبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المني شيخه في الفقه، وابن سلطان شيخه في القراءات، وقد أقام ببغداد ستة أعوام مكبًّا على الاشتغال، ورجع ثم ارتحل إلى بغدادَ قبل 620، فتزيَّدَ من العلم، وصَنَّف التصانيفَ، مع الدِّينِ والتقوى، وحُسنِ الاتباع، وجلالةِ العِلمِ. سمعَ المجدُ أبو البركات الكثيرَ ورحل إلى البلاد، ودرَّس وأفتى وانتفَعَ به الطلبة، له تفسيرٌ للقرآن وهو صاحب الكتاب المشهور المنتقى في أحاديث الأحكام، توفِّيَ يوم الفطر بحرَّان.

العام الهجري : 501 العام الميلادي : 1107
تفاصيل الحدث:

كان محمد بن عبد الله بن تومرت البربري المصمودي الهرغي، الخارج بالمغرب، المدَّعي أنَّه عَلَوي حَسَني، وأنه الإمام المعصوم- من أهل جبل السوس من بلاد المغرب. رحل ابن تومرت إلى بلاد المشرق في طلب العلم، وأتقن علم الأصولين والعربية، والفقه والحديث، واجتمع بالغزالي والكيا الهراسي في العراق، واجتمع بأبي بكر الطرطوشي بالإسكندرية، وقيل إنه لم يجتمع بالغزالي. ثم حج ابن تومرت وعاد إلى المغرب، وكان شجاعًا فصيحًا في لسان العربي والمغربي، شديد الإنكار على الناس فيما يخالف الشرع، لا يقنع في أمر الله بغير إظهاره. وكان مطبوعًا على الالتذاذ بذلك متحلِّلًا للأذى من الناس بسببه، وناله بمكة شيء من المكروه من أجل ذلك، فخرج منها إلى مصر وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه وطردته الدولة، وكان إذا خاف من بطش وإيقاع الفعل به خلط في كلامه فيُنتَسَب إلى الجنون، فخرج من مصر إلى الإسكندرية، وركب البحر متوجهًا إلى بلاده. ولما وصل إلى قرية اسمها ملالة بالقرب من بجاية اتصل به عبد المؤمن بن علي الكومي، وتفرس ابن تومرت النجابةَ في عبد المؤمن وسار معه، وتلقب ابن تومرت بالمهدي. واستمرَّ المهدي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووصل إلى مراكش وشدَّد في النهي عن المنكرات، وكَثُرت أتباعه وحَسُنت ظنون الناس به، ولما اشتهر أمره استحضره أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين بحضرة الفقهاء فناظرهم وقطعهم، وأشار بعض وزراء علي بن يوسف بن تاشفين عليه بقتل ابن تومرت المهدي أو حبسه، وقال: والله ما غرضُه النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، بل غرضه التغلب على البلاد، فلم يقبَلْ عليٌّ ذلك. ذكر ابن خَلِّكان شأن ابن تومرت فقال: "خرج محمد بن تومرت من مصر في زيِّ الفقهاء بعد الطلب بها وبغيرها, ولما وصل إلى المهدية نزل في مسجد معلَّق، وهو على الطريق، وجلس في طاق شارع إلى المحجة ينظر إلى المارة، فلا يرى منكرًا من آلة الملاهي أو أواني الخمر إلا نزل إليها وكسَرَها، فتسامع به الناسُ في البلد، فجاؤوا إليه، وقرؤوا عليه كتبًا من أصول الدين، وبلغ خبره الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعة من الفقهاء، فلما رأى سَمْتَه وسَمِعَ كلامه أكرمه وأجلَّه وسأله الدعاء، فقال له: أصلح الله لرعيتك، ولم يقُمْ بعد ذلك بالمهدية إلا أيامًا يسيرة، ثم انتقل إلى بجاية، وأقام بها مدة وهو على حاله في الإنكار" فسار المهدي إلى أغمات ولحق بالجبل واجتمع عليه الناس وعَرَّفهم أنه هو المهدي الذي وعد النبيُّ صلى الله عليه وسلم بخروجه، فكثُرَت أتباعه واشتَدَّت شوكته، وقام إليه عبد المؤمن بن علي في عشرة أنفس، وقالوا له: أنت المهدي، وبايعوه على ذلك وتبعهم غيرهم، فأرسل أمير المسلمين علي إليه جيشًا فهزمه المهدي وقَوِيَت نفوس أصحابه، وأقبلت إليه القبائلُ يبايعونه، وعَظُم أمره، وتوجَّه إلى جبل عند تينمليل واستوطنه، ثم إن المهدي رأى من بعض جموعه قومًا خافهم. قال الذهبي: "قال ابن تومرت لأصحابه: إن الله أعطاني نورًا أعرِفُ به أهل الجنة من أهل النار، وجمع الناسَ إلى رأس جبل، وجعل يقول عن كُلِّ من يخافُه: هذا من أهل النار، فيُلقى من رأس الشاهق ميتًا، وكل من لا يخافه: هذا من أهل الجنة ويجعَلُه عن يمينه، حتى قتل خلقًا كثيرًا واستقام أمره وأمِنَ على نفسه. وقيل: إن عدة الذين قتلهم سبعون ألفًا" وسَمَّى عامة أصحابه الداخلين في طاعته الموحِّدين، ولم يزل أمر ابن تومرت المهدي يعلو إلى أن توفي سنة 524.

العام الهجري : 581 العام الميلادي : 1185
تفاصيل الحدث:

ابتدأت الفتنةُ بين التركمان والأكراد بديار الجزيرة والموصِل وديار بكر وخلاط والشام وشهرزور وأذربيجان، وقُتِلَ فيها من الخلقِ ما لا يحصى، ودامت عدةَ سِنينَ، وتقَطَّعَت الطرق، ونُهِبَت الأموال، وأُريقَت الدماء، وكان سَبَبُها أنَّ امرأة من التركمان تزوَّجَت بإنسانٍ تركماني، واجتازوا في طريقِهم بقلعة من الزوزان للأكراد، فجاء أهلُها وطلبوا من التركمان وليمةَ العرس، فامتنعوا من ذلك، وجرى بينهم كلامٌ صاروا منه إلى القتال، فنزل صاحِبُ تلك القلعة فأخذ الزوجَ فقَتَلَه، فهاجت الفِتنةُ، وقام التركمانُ على ساق، وقتلوا جمعًا كثيرًا من الأكرادِ، وثار الأكرادُ فقَتَلوا من التركمان أيضًا كذلك، وتفاقم الشرُّ ودام، ثم إن مجاهِدَ الدين قايماز، جمَعَ عنده جمعًا من رؤساءِ الأكراد والتركمان، وأصلح بينهم، وأعطاهم الخِلَع والثيابَ وغيرها، وأخرج عليهم مالًا جمًّا، فانقطعت الفتنةُ، وكفى اللهُ شَرَّها، وعاد الناسُ إلى ما كانوا عليه من الطُّمأنينةِ والأمانِ.

العام الهجري : 930 العام الميلادي : 1523
تفاصيل الحدث:

طمع أحمد باشا في منصب الصدر الأعظم ولم يفلحْ في تحقيق هدفه، وطلب من السلطانِ أن يعيِّنَه واليًا على مصر فعَيَّنه، وما إن وصل إلى مصر حتى حاول استمالةَ الناس وأعلن نفسه سلطانًا مستقلًّا؛ حيث جمع حولَه بعض مماليك الشراكسة وشيوخ العربان، وأعاد تنصيبَ المتوكل على الله الخليفة العباسي المتنازل عن الخلافة للعثمانيين، وسرَّح الجيش الانكشاري عنده، ونظَّم جيشًا جديدًا من المماليك وحاول كذلك أن يوطِّدَ علاقات مع فرسان القديس يوحنا ومع الشاه الصفوي إسماعيل شاه، ولكِنَّ الخليفة العثماني سليمان القانوني أرسل له حملةً إلى مصر بقيادة إبراهيم باشا، وكان أحمد باشا الوالي قد هرب من أميرين كان أمر بسجنهما، فهرب إلى ابن قرفة شيخ العرب، ولكنهما لاحقاه حتى قبضا عليه، وقتله إبراهيم باشا وقمع هذا العصيان الذي لم يدُمْ طويلا، وتولى ولايةَ مصر إبراهيم باشا.

العام الهجري : 1252 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1837
تفاصيل الحدث:

حاول الإمام فيصل أن يتفادى الصدامَ مع القوة المصرية الموجَّهة إليه؛ إذ لا قِبَلَ له بها. فأرسل الهدايا مع مبعوثٍ منه إلى قائدَيها خالد بن سعود وإسماعيل بك، إظهارًا لحُسن نيته. ولما عاد المبعوث أطلع الإمامَ على نيات محمد علي باشا في مهاجمةِ البلاد. وواصلت الحملةُ تقَدُّمَها من المدينة النبوية إلى الحناكية، وكان الإمامُ فيصل لما بلغه مسيرُ العساكر المصرية بقيادة إسماعيل بك وخالد بن سعود، استشار رؤساءَ رعيَّتِه الذين عنده، في المسير إليهم أو عدَمِه، فأشار عليه عبد الله بن علي رئيسُ جبل شمر بالنفيرِ والمسير وأن يقصِدَ القصيم ويقيمَ فيه وينزِلَ قبل أن يقدمَ العساكِرُ، فيجيبونه ويتابعونه، فيكون نزوله عندهم فيه ثباتٌ لهم ورِدَّةٌ عن عَدُوِّه، فاستنفر الإمامُ فيصل قواته في الأحساء، وجنوب نجد وسدير، وتقَدَّم من الرياض إلى القصيم؛ لملاقاة القوات المصرية والدفاع عن المنطقة.

العام الهجري : 618 العام الميلادي : 1221
تفاصيل الحدث:

بعد ما فعل المغول في سمرقند ما فعلوه أخذ جنكيزخان يرسِلُ السَّرايا إلى البلدانِ فأرسل سريةً إلى بلاد خراسان وتسميها التتار المغربة، وأرسل أخرى وراء خوارزم شاه، ثم ساروا إلى مازندران وقلاعها من أمنَعِ القلاع، بحيث إن المسلمين لم يفتحوها إلَّا في سنة تسعين من أيام سليمان بن عبد الملك، ففتحها هؤلاء في أيسَرِ مُدَّة ونهبوا ما فيها وقتَلوا أهاليها كلَّهم وسَبَوا وأحرقوا، ثمَّ ترحلوا عنها نحو الريِّ فدخلوها على حينِ غفلةٍ مِن أهلها فقَتَلوهم وسَبَوا وأسروا، ثم ساروا إلى همذان فمَلَكوها ثم إلى زنجان فقتلوا وسبوا، ثم قصدوا قزوين فنهبوها وقَتَلوا من أهلها نحوًا مِن أربعين ألفًا، ثم تيمَّموا بلاد أذربيجان فصالحَهم مَلِكُها أزبك بن البهلوان على مالٍ حَمَله إليهم لشُغلِه بما هو فيه من السُّكرِ وارتكابِ السيئات والانهماك على الشَّهواتِ، فتركوه وساروا إلى موقان فقاتلهم الكرج في عشرة آلاف مقاتل، فلم يقفوا بين أيديهم طرفةَ عين حتى انهزمت الكرج, ثم أقبَلوا إليهم مرَّةً أخرى بحدِّهم وحديدِهم، فكسرَتْهم التتار في وقعة ثانية أقبَحَ هزيمة وأشنَعَها، وانقضت هذه السنةُ وهم في بلاد الكرج، فلما رأوا منهم ممانعةً ومقاتلة يطول عليهم بها المقام عَدَلوا إلى غيرهم، وكذلك كانت عادتهم فساروا إلى تبريز فصالحَهم أهلها بمال، ثم ساروا إلى مراغة فحَصَروها ونصبوا عليها المجانيقَ وتترسوا بالأسارى من المسلمين، وعلى البلد امرأةٌ ففتحوا البلد بعد أيام وقتلوا من أهله خلقًا لا يعلم عدتَهم إلا الله عز وجل، وغنموا منه شيئًا كثيرًا، وسَبَوا وأسروا على عادتهم, ثم قصدوا مدينة إربل فضاق المسلمون لذلك ذرعًا، وقال أهل تلك النواحي هذا أمر عصيب، وكتب الخليفةُ إلى أهل الموصل والمَلِك الأشرف صاحب الجزيرة يقول: إني قد جهَّزتُ عسكرًا فكونوا معه لقتالِ هؤلاء التتار، فأرسل الأشرفُ يعتذر إلى الخليفة بأنه متوجِّه نحو أخيه الكامل إلى الديار المصرية بسبب ما قد دهم المسلمين هناك من الفرنج، وأخْذهم دمياط الذي قد أشرفوا بأخذهم له على أخذ الديار المصرية قاطبة، فكتب الخليفة إلى مظفَّر الدين صاحب إربل ليكون هو المقدم على العساكر التي يبعثها الخليفة وهي عشرة آلاف مقاتل، فلم يَقدَم عليه منهم ثمانمائة فارس ثم تفَرَّقوا قبل أن يجتمعوا، ولكنَّ الله سلم بأن صرف همة التتار إلى ناحية همذان فصالحَهم أهلُها وترك عندهم التتار شحنة، ثم اتفقوا على قتلِ شحنتِهم فرجعوا إليهم فحاصروهم حتى فتحوها قسرًا وقتلوا أهلَها عن آخرهم، ثم ساروا إلى أذربيجان ففتحوا أردبيل ثم تبريز ثم إلى بيلقان فقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا وجمًّا غفيرا، وحرقوها وكانوا يفجُرون بالنساء ثم يقتلونهنَّ ويشقون بطونهنَّ عن الأجنَّة ثم عادوا إلى بلاد الكرج وقد استعدت لهم الكرج فاقتتلوا معهم فكسروهم أيضًا كسرة فظيعة، ثم فتحوا بلدانًا كثيرة يقتلون أهلها ويسبون نساءها ويأسرون من الرجالِ ما يقاتلون بهم الحصون، يجعلونَهم بين أيديهم ترسًا يتقون بهم الرميَ وغيره، ومن سلم منهم قتلوه بعد انقضاء الحرب، ثم ساروا إلى بلاد اللان والقبجاق فاقتتلوا معهم قتالًا عظيمًا فكسروهم وقصدوا أكبَرَ مدائن القبجاق وهي مدينة سوداق وفيها من الأمتعة والثياب والتجائر شيءٌ كثير جدًّا، ولجأت القبجاق إلى بلاد الروس وكانوا نصارى فاتفقوا معهم على قتال التتار فالتَقَوا معهم فكسرتهم التتار كسرةً فظيعةً جدًّا، ثم ساروا نحو بلقار في حدود سنة620, ففرغوا من ذلك كلِّه ورجعوا نحو مَلِكهم جنكيزخان، هذا ما فعلته هذه السرية المغربة، وكان جنكيزخان قد أرسل سرية في هذه السنة إلى كلانة وأخرى إلى فرغانة فملكوها، وجهز جيشًا آخر نحو خراسان فحاصروا بلخ فصالحهم أهلُها، وكذلك صالحوا مدنًا كثيرة أخرى، حتى انتهوا إلى الطالقان فأعجزتهم قلعتها وكانت حصينةً فحاصروها ستة أشهر حتى عجزوا فكتبوا إلى جنكيزخان فقَدِمَ بنَفسِه فحاصرها أربعة أشهر أخرى حتى فتحها قهرًا، ثم قتل كل من فيها وكل من في البلد بكماله خاصةً وعامة، ثم قصدوا مدينةَ مرو مع جنكيزخان فقد عسكر بظاهرها نحو من مائتي ألف مقاتل من العرب وغيرهم فاقتتلوا معه قتالًا عظيمًا حتى انكسر المسلمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم حصروا البلد خمسة أيام واستنزلوا نائبها خديعةً ثم غدروا به وبأهل البلد فقتلوهم وغَنِموهم وسلبوهم وعاقبوهم بأنواع العذاب، حتى إنهم قتلوا في يوم واحد سبعمائة ألف إنسان، ثم ساروا إلى نيسابور ففعلوا فيها ما فعلوا بأهل مرو، ثم إلى طوس فقتلوا وخربوا مشهدَ علي بن موسى الرضا، وخربوا تربة الرشيد الخليفة فتركوه خرابًا، ثم ساروا إلى غزنة فقاتلهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسَرَهم ثم عادوا إلى ملكهم جنكيزخان، وأرسل جنكيزخان طائفة أخرى إلى مدينة خوارزم فحاصروها حتى فتحوا البلد قهرًا فقتلوا من فيها قتلًا ذريعًا، ونهبوها وسبوا أهلها وكسروا الجسر الذي يمنع ماء جيحون منها فغرقت دورها وهلك جميع أهلها ثم عادوا إلى جنكيزخان وهو مخيم على الطالقان فجهز منهم طائفة إلى غزنة فاقتتل معهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسرهم جلال الدين كسرة عظيمة، واستنقذ منهم خلقًا من أسارى المسلمين، ثم كتب إلى جنكيزخان يطلب منه أن يبرز بنفسِه لقتاله، فقصده جنكيزخان فتواجَها وقد تفَرَّق على جلال الدين بعضُ جيشه ولم يبق بدٌّ من القتال، فاقتتلوا ثلاثة أيام لم يُعهَد قبلها مثلها من قتالهم، ثم ضَعُف أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا بحر الهند فسارت التتار إلى غزنة فأخذوها بلا كلفة ولا ممانعة.