في أواخرِ القرن الثامن عشر الميلادي بدأت السفنُ الأمريكية بعد أن استقلَّت أمريكا عن إنجلترا سنة 1190هـ ترفعُ أعلامَها لأولِ مرَّةٍ سنة 1197هـ وتجوب البحارَ والمحيطات. وقد تعرَّض البحَّارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا على إحدى سفنِها في مياه قادش، وذلك في رمضان 1199هـ ثم ما لَبِثوا أن استولوا على إحدى عشرة سفينةً أخرى تخصُّ الولايات المتحدة الأمريكية وساقوها إلى السواحِلِ الجزائرية. ولَمَّا كانت الولايات المتحدة عاجزةً عن استرداد سُفُنِها بالقوَّةِ العسكرية، وكانت تحتاجُ إلى سنوات طويلة لبناء أسطولٍ بحري يستطيعُ أن يواجه الأسطولَ العثماني اضطرَّت إلى الصُّلحِ وتوقيعِ معاهدة مع الجزائر في 21 صفر من هذا العام, وقد تضَمَّنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبةً باللغة التركية، وهذه الوثيقةُ هي المعاهدة الوحيدة التي كُتِبت بلغة غير الإنجليزيةِ ووقَّعَت عليها الولايات المتحدة الأمريكية خلال تاريخِها الذي يتجاوزُ قرنين من الزمان، وفي الوقتِ نفسِه هي المعاهَدة الوحيدة التي تعهَّدت فيها الولايات المتحدة بدفعِ ضريبةٍ سنوية، وبمقتضاها استردَّت الولايات المتحدة أَسراها، وضَمِنَت عدم تعرض البحَّارة الجزائريين لسُفُنِها.
هو السلطانُ عبدُ الحليمِ معظم، ملكُ ماليزيا. وُلد في 28 نوفمبر 1927 وهو سلطانُ وِلايةِ قدح شمالَ البلادِ، أدَّى اليمينَ الدُّستوريَّةَ لتولِّي منصِبِ ملكِ ماليزيا الرابعَ عشرَ لمدةِ خمسِ سنَواتٍ، في مراسمَ تقليديَّةٍ أقيمت بالقصرِ الوطنيِّ في العاصمةِ كوالالمبور في 13 ديسمبر 2011. وهذه هي المرةُ الثانيةُ التي يتولَّى فيها عبدُ الحَليمِ هذا المنصِبَ؛ فقد كانت المرةُ الأولى عامَ 1970 واستمرَّت حتى 1975. ووَفقًا لنظامِ المَلَكيَّةِ الفريدِ في ماليزيا، يتولَّى سلاطينُ الولاياتِ التسعِ في البلادِ مَنصِبَ الملِكِ بصورةٍ دَوريَّةٍ لمدَّةِ خَمسِ سنَواتٍ. ويجتمعُ مُؤتمَرُ الحكَّامِ مرةً كلَّ 5 أعوامٍ لاختيارِ الملكِ الجديدِ؛ حيث يُجرى اقتراعٌ سِريٌّ، من حيثُ المبدأُ، ولكن فِعليًّا يسيرُ التسلسُلُ وَفقًا لقواعدَ مُعدَّةٍ سابقًا لتولِّي المنصِبِ بصفةٍ دوريَّةٍ. السلطانُ عبدُ الحليم في هذه المرةِ خلَفَ ميزانَ زين العابدين سلطانَ ترغكانو، والسلطانُ عبدُ الحليم هو أولُ ملِكٍ ماليزيٍّ يُتوَّجُ مرتَينِ. والمَلَكيَّةُ الدستوريَّةُ في ماليزيا ذاتُ دورٍ شَرفيٍّ، ولكنَّ الملكَ هو القائدُ والمدافِعُ عن تقاليدِ عِرقيَّةِ المالاي، التي تمثِّلُ أغلبيَّةَ سكَّانِ البلادِ، والإسلامُ هو الديانةُ الرسميةُ لماليزيا. تُوفِّيَ السلطانُ عبدُ الحليم -رحِمَه الله- عن عُمُرٍ ناهَز 89 عامًا، في إستانا أنك بوكين في ألور ستار.
وقَّعت الدولُ الأوربيَّةُ الكبرى "بروتوكول لندن" وهو الذي يَعرِضُ على الدولةِ العثمانيةِ تأمينَ حُدودِها مقابِلَ إجرائها إصلاحاتٍ في الإيالات (الولايات) البلقانية لصالح الرعايا النصارى، لكِنَّ الدولة العثمانية رفضت شروطَ هذا البروتوكول، وقامت بعقدِ صُلحٍ منفردٍ مع الصِّربِ، سحبت على إثرِه جيوشَها من بلاد الصرب، واشترطت أن يُرفَعَ العَلَمُ العثماني بجوار العلم الصربي، كدليل على استمرارِ السيادة العثمانية.
لَمَّا سار المعِزُّ الفاطميُّ إلى مصرَ خَلَّفَ على إفريقيَّة يوسُفَ بلكين بن زيري، ولَمَّا عاد يوسف بلكين من وداعِ المعِزِّ أقام بالمنصوريَّة يعقِدُ الوِلاياتِ للعُمَّال على البلاد، ثم سار في البلاد، وباشرَ الأعمال، وطيَّبَ قُلوبَ الناس، وكان المعِزُّ يريد أن يستخلِفَ يوسُفَ بلكين على الغَربِ لقُوَّتِه، وكثرةِ أتباعه، ولكِنَّه كان يخاف أن يتغَلَّبَ على البلاد بعد مسيرِه عنها إلى مصر، فلما استحكَمَت الوحشةُ بين يوسف وبين زناتة أمِنَ تغَلُّبَه على البلادِ، ولكِنَّ يوسُفَ اجتَمَعَت له صِنهاجةُ كما اجتمَعَت لأبيه مِن قَبلُ، وبدأ يَقوى أمرُه.
بعد أن تولَّى محمد أنور السادات رئاسةَ مصرَ خلفًا لجمال عبد الناصر أعلن سيرَه على نفس الخُطى، إلا أنه بدأ بالميل إلى أمريكا؛ ففتح البابَ كاملًا للأمريكانِ. فاجأ الساداتُ العالمَ أجمعَ العربي والإسلاميَّ بزيارته للقدس، نجم عنها توقيع معاهدةَ السلام المصرية الإسرائيلية (كامب ديفيد) في الولايات المتحدةِ؛ وقَّع المعاهدةَ من الجانب الإسرائيليِّ رئيسُ الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، ومن الجانب المصريِّ الرئيسُ المصري أنور السادات، وُقِّعت المعاهدة بعد 12 يومًا من المفاوضات في مُنتجع كامب ديفيد الرئاسيِّ في ولاية ميريلاند القريبِ من عاصمة الولايات المتحدةِ واشنطن؛ حيثُ كانتِ المفاوضاتُ والتوقيع على الاتفاقيةِ تحت إشراف الرئيس الأمريكيِّ كارتر. تُمثل اتفاقية كامب ديفيد تحولًا تاريخيًّا في مجرى الصراع العربيِّ الإسرائيليِّ والقضية الفلسطينية؛ فقد اعترف الساداتُ في هذه الاتفاقية بشرعيةِ الوجود اليهوديِّ في المنطقة، وبحقِّهم في الأمنِ والسلامِ، وإقامة علاقات حُسن جوارٍ وتعاون معه، وأخرج مصر من حلَبة الصراع مع إسرائيلَ دون أن يقابلَ ذلك أيَّ كسب سياسيٍّ وغيره لمصر سوى الجلاء عن سيناءَ بعد إقامة قوى أمريكية في معظم أنحائها، وقد قوبل هذا الاتفاقُ بموجة عارمةٍ من السُّخط العربي والإسلامي، وفي 26 مارس / آذار 1979م بعدَ خمسة أيام من تصديق معاهدة السلام المصريةِ الإسرائيلية عُلِّقَت عضوية مصر في الجامعةِ العربية، ونُقِل مقرُّها من القاهرة إلى تونس.
تولى الخديوي إسماعيل الحُكمَ، وكانت الحركةُ الاستعماريةُ في عنفوانِها، فخاف أن يقَعَ السودان فريسةَ احتلال أوروبي، فوضع خطةً واسعةَ المدى لاستكشاف منابعِ النيل وحمايةِ الوطن السوداني، ولكِنَّه ارتكب خطأً فادحًا؛ إذ عَيَّنَ رجلًا إنجليزيًّا هو السير «صمويل بيكر» حاكمًا عامًّا على السودان؛ ذلك لأن صمويل بيكر هذا كان شخصيةً استعمارية صليبيةً شديدةَ الحقد على المسلمين، اتَّبَع سياسةً خبيثة ترمي لهدفين: الأول هو اقتطاعُ منطقة منابع النيلِ وجَعلُها مستعمرةً إنجليزية، والثاني الإساءة إلى أهل السودان وتأليبُهم على المصريين؛ وذلك للحَدِّ من انتشار الإسلام في جنوب السودان بعدما أصبح الشمالُ كلُّه مُسلِمًا خالصًا، بعد انتهاء ولاية صمويل بيكر خلفه رجلٌ لا يقِلُّ حقدًا وصليبية هو «تشارل جورج جوردون». سار جوردون على نفس السياسة؛ مِمَّا أدى لظهور الحركة المهدية بقيادة محمد بن عبد الله المهدي، وذلك سنة 1293هـ، وبدأت الثورةُ المهدية تكسِبُ أنصارًا يومًا بعد يومٍ حتى قويت شوكتها وبدأت في العمل والكفاح المسلَّح، وفي هذه الفترة احتلَّت إنجلترا مصر سنة 1299هـ فازدادت الحركة المهدية قوةً، خاصةً بعدما طلب الإنجليزُ من الجيش المصري الخروجَ من السودان سنة 1301هـ، وحقق المهديون عدةَ انتصاراتٍ باهرةٍ حتى دانت لهم معظمُ الولايات السودانية.
بلغ تيمورلنك موتُ محمد بن فيروز شاه تغلق ملك الهند وقيام صراع عنيف بين أمراء الولايات الهندية في عهد ابنه إسكندر، وأنَّ الحُكمَ استقَرَّ أخيرًا لابنه الآخر محمود، فتوجَّه تيمورلنك إلى الهند بجيش كبير مزوَّد بآلات الحرب الهائلة، فحاول السلطان محمود أن يقاتلَه، ولكنَّه انهزم فاحتَلَّ تيمورلنك دلهي وهرب السلطان محمود إلى كجرات، وأمعن تيمورلنك في القتل والنهب والتخريب، واستولى كذلك على كشمير، ثم عاد إلى بلاده تاركًا في هذه المناطق عاملًا له مِن قِبلِه.
عندما استولى السلطان سليم الأول العثماني على إمارة ذي القادر التي كانت تابعة للدولة المملوكية وتوجَّه إلى الشام، أثار مخاوف السلطان المملوكي قانصوه الغوري الذي جهز جيشًا وتوجه به إلى الشام، وزاد هذا الأمر أنَّ المماليك وقفوا مع الصفويين ضد العثمانيين في ذي القادر ومرعش، بينما أمراء الشام شجَّعوا العثمانيين على القدوم إلى الشام؛ لخوفهم من الزحف البرتغالي، وربما أيضا زاد هذا أن علاء الدين الهارب من عمِّه سليم الأول والذي لجأ إلى قانصوه الغوري ولم يسلِّمْه الأخير للسلطان سليم، كلُّ ذلك ولَّد هذا التنافر بين الدولتين اللتين أصبحتا على عتبة الحرب، وكان السلطان قانصوه الغوري لعلمِه بقوة الجيش العثماني أرسل رسولًا للصلح الذي رفضه سليم الأول، فسار بجيشه إلى الشام والتقى الطرفان في مرج دابق غربيَّ مدينة حلب في الخامس والعشرين من رجب، ثم إن نواب الشام: خيري بك نائب حلب، وجانبردي نائب الشام، انضموا إلى العثمانيين فانتصر العثمانيون على المماليك، وقُتِل قانصوه الغوري فيها، ودخل السلطان سليم حلبَ وحماة وحمص ودمشق دون أي مقاومة، وأبقى ولاةَ الشام على ولاياتهم حسبما وعدهم، فعيَّن السلطانُ سليم جانبردي الغزاليَّ على دمشق، وعين فخر الدين المعني على جبال لبنان، وهو درزي لكنه كان ممن ساعد العثمانيين على المماليك رغبةً في الولاية, ثم اتجه إلى مصر، وكان المماليك قد عيَّنوا سلطانا آخر هو طومان باي.
وُلد جون جارانج في عام 1945م في قبائل دينكا جنوبَ السودان، لعائله نصرانية من قبائل الدينكا الجنوبية المعروفة بعبادة السماء، وقد أرسلته عائلتُه إلى الولاياتِ المتحدة لتلقِّي تعليمِه، فدرسَ في كلية جرنيل، بولاية أيووا، ثم عاد إلى السودان عام 1982م، معَ بداية الحرب الأهلية معَ حركة أنانيا الجنوبية، ثم عاد إلى الولايات المتحدة مرةً ثانيةً لتلقِّي تدريب عسكري في فورت بينينج، جورجيا، وكان أولَ اختبار لجارانج في حرب العصابات عامَ 1962م، في بداية الحرب الأهلية مع حركة أنانيا الجنوبية، وبعد ذلك بعَشْر سنواتٍ، وقَّعَت الحكومة المركزية اتفاقًا مع أنانيا، وصار الجنوب منطقةَ حُكم ذاتي. استوعب الجيشُ السودانيُّ جارانج وآخرين، حيث انتقلوا للعيش في الخرطوم، لكنْ بعد خمس سنواتٍ من اكتشاف البترول في الجنوب السوداني عام 1978م، اندلعت الحرب الأهلية مرةً ثانيةً، وكان طرفاها القواتِ الحكوميةَ والحركةَ الشعبيةَ لتحرير السودان، وجناحُها العسكريُّ الجيشَ الشعبيَّ لتحرير السودان، وقد ترأَّسَ الحركةَ الشعبيةَ إثْرَ تخلُّصه من زعيمها ويليام نون، تمَّ تَعيينُه النائبَ الأولَ لرئيس السودان، ورئيس حكومة جنوب السودان، وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، تُوفي عندما تحطَّمت مِروحيَّتُه وهو عائدٌ من أوغندا.
شنَّت القواتُ الإسرائيليةُ بأوامرَ من رئيس وزرائها الأسبق شيمون بيريز هجومَ قانا الأولَ، وتمَّت هذه المجزَرة في مركز قيادة فيجي التابع ليونيفل في قرية قانا جنوبَ لُبنانَ، حيث قامت قواتُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ بقصفِ المقَرِّ بعد لجوء المدنيِّينَ إليه هرَبًا من عمليةِ عناقيدِ الغضبِ التي شنَّتها إسرائيلُ على لُبنانَ، وأدَّى قصفُ المقَرِّ إلى مَقتَلِ 106 من المدنيِّينَ، وإصابة الكثيرِ بجروحٍ، وقد اجتمَعَ أعضاءُ مجلسِ الأمن للتصويت على قرارٍ يُدين إسرائيلَ ولكنَّ الولاياتِ المتحدةَ أجهضَت القرارَ باستخدام حقِّ النقضِ-الفيتو.
دعَت السُّعودية واشنطن إلى الضَّغط على إسرائيلَ وحمْلِها على تنْفيذ قرارِ مجلِس الأمْن رقم (242) الصادرِ في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1967، الذي يَقضي بالانسحابِ من جميع الأراضي العربيَّة المحتلَّة في حُزيران (يونيو) 1967، وإلَّا فإنَّ الولاياتِ المتحِدةَ سوف تُواجِه عقَبات تَقليص تَصديرِ النِّفط. لم تأخُذْ الولاياتُ المتحِدةُ وأوربَّا الغربية هذه التَّحذيراتِ على مَحملِ الجِدِّ، فألْمحتِ السُّعودية في صَيف 1973 إلى أنها ستُؤيِّد مصرَ عند نُشوب حربٍ جديدةٍ مع إسرائيلَ. بدأت الحربُ في 6 أكتوبر، وفي 7 أكتوبر -أي في اليوم الثاني للحرْبِ- أرسَل وزير الخارجيةِ الأمريكي كِيسنجر برقيةً إلى الملِك فَيصل يَدعوه فيها إلى إقناعِ مصرَ وسوريا بوَقْف العملياتِ الحربيةِ، وردَّ الملِكُ فَيصل بأنه يُؤيِّد مصرَ وسوريا تأييدًا تامًّا، ودَعا واشنطن إلى بَذْل الجهودِ لحمْلِ إسرائيلَ على الانسحاب مِن الأراضي التي تَحتلُّها. عقَدَ وُزراءُ النِّفط في عشْرة بُلدان عربيةٍ اجتماعًا في 17 أكتوبر، اتُّخِذ فيه قرارٌ بتَقليصِ استخراج النِّفط بنِسبة لا تقلُّ عن 5 % شهريًّا، حتى تتمَّ تَسوية النِّزاع في الشرْق الأوسط. وفي الواقع قلَّصت السُّعودية والكويتُ الإنتاجَ بنِسبة 10 % دفعةً واحدةً، ولمَّا أقامت الولاياتُ المتحِدةُ "جسرًا جويًّا" لتزويدِ إسرائيلَ بالسلاحِ، عمَدَت السُّعودية وسائرُ البُلدان العربيَّة إلى اتِّخاذ إجراءاتٍ تباعًا، وذلك بوَقْفِ ضَخِّ النِّفط إلى الولايات المتحِدةِ، ومِن ثَم إلى هُولندا التي اتَّخذت مَوقفًا مواليًا لإسرائيلَ، كما فُرِضَ الحظْرُ على تَصديرِ النِّفط الخامِّ لمعاملِ التَّكريرِ التي تُصدِّر مُشتقَّات النِّفط إلى الولايات المتحِدة، أو تَبيعها إلى الأسطولِ البَحريِّ الأمريكي. وعلاوةً على فرْض الحظْرِ قام العراقُ بتَأميم حِصَّة الولايات المتحِدة وهُولندا في "شركة نِفط البصرة". فجاء ردُّ فِعل دُولِ أوربَّا الغربية دون إبطاءٍ؛ ففي صباح 6 تشرين الثاني (نوفمبر) دعَت حُكومات البُلدان "التسعة" إلى تَنفيذ قَرارات مجلِس الأمْن حول العمليات الحربيةِ، وكذلك القرار رقم (242) بكلِّ بُنوده، بما في ذلك الجلاءُ عن الأراضي العربيَّة المحتلَّة عام 1967. وفي مَطلع ديسمبر (كانون الأول) 1973 قرَّر أعضاءُ منظَّمة البلدان العربيَّة المصدِّرة للنِّفط (أوبك التي أُسِّست عام 1968) المجتمِعون في الكويت إلغاءَ القرار القاضي بتَقليص استخراجِ النِّفط بنِسبة 5% في شهر ديسمبر (كانون الأول). وعزوا القرارَ إلى الرَّغبة في تحسينِ أوضاع البلدان الأعضاءِ في الجماعة الاقتصاديةِ الأوروبية التي اتَّخَذت موقفًا وُديًّا حيالَ العرَب. كما أشار البلاغُ الصادرُ عن اجتماع الكويتِ إلى أن الدُّول الإفريقية والإسلاميَّة سوف تَحصُل على النِّفط وَفق العقود المتَّفَق عليها. واستمرَّ لمدةٍ من الوقت حظْرُ تَصدير النِّفط إلى الولايات المتحِدة وهُولندا.
كانت البصرةُ واحدةً مِن المدُنِ التي شَهِدت الكثيرَ مِن الحركاتِ الثورية ضِدَّ الولاة العثمانيين؛ إذ تمكَّن الثوارُ من عزل ولاية البصرةِ عن باقي ولايات العراق، فبرزت أُسرة في جنوب العراق، وهي أُسرة أحد كبار ملَّاكي الأراضي من العرب، ويُدعى آفراسياب، وكان مؤسِّس هذه الأُسرة يشغلُ منصِبَ قائد القوَّات غير النظامية لحاكم البصرة أيوب باشا، فاستغل آفراسياب حالةَ الضعف التي شهدتها البصرةُ، ولم يتمكن الوالي أيوب باشا من مواجهة الاضطرابات والثوراتِ التي شَهِدتْها البصرة، الأمرُ الذي اضطره إلى بيع منصبه لآفراسياب بثمانية أكياس رومية، كلُّ كيس يضم ثلاثة آلاف درهم. ما إن تسلَّم آفراسياب مقاليدَ الأُمور في البصرة حتى أرسل إلى السلطان العثماني في إسطنبول مبعوثًا يؤكِّد فيه ولاءه وتبعيته للدولة العثمانية التي كانت خلال هذه الفترة منشغلةً لحد كبير في القضاءِ على تمرُّد القوات العسكرية التي أضعَفَت الدولة العثمانية من الداخل، وانعكس ذلك الضَّعفُ في أن خَسِرت الكثيرَ مِن سيادتها في العراق، فأصدر الباب العالي فرمانًا يعترف فيه بآفراسياب عاملًا على ولاية البصرة على ألَّا يَقطَع آفراسياب الخطبةَ عن السلطان العثماني، وأن يدفَعَ الجراية السنوية للحكومة العثمانية، فوافق آفراسياب على هذه الشروطِ، فلم يقطَعْ صلاته بالبابِ العالي، وكان يبعثُ بالرسائل إلى إسطنبول يبيِّن فيها ولاءَه للسلطان العثماني، وكانت تلك الرسائلُ تَبعثُ على الارتياح لدى حكومةِ إسطنبول التي كانت تُدرِك جيدًا خصوصية البصرة من الناحية السياسية والاقتصادية، وبهذا تمكَّن آفراسياب من أن يكَوِّن أُسرةً محليةً حاكمةً مُستقلةً عن الدولة العثمانية.
مَلَكَ المقَلَّدُ بنُ المسيب مدينةَ الموصل، وكان سبَبُ ذلك أنَّ أخاه أبا الذواد توفِّيَ هذه السنة، فطَمِعَ المقلدُ في الإمارة، فلم تساعِدْه عقيل على ذلك، وقلَّدوا أخاه عليًّا؛ لأنه أكبَرُ منه، فأسرع المقلد واستمال الديلمَ الذين كانوا مع أبي جعفرٍ الحَجَّاج بالموصِل، فمال إليه بعضُهم، وكتب إلى بهاءِ الدَّولةِ أنْ قد ولَّاه المَوصِل، وسأله مساعدتَه على أبي جعفرٍ؛ لأنَّه قد منعه عنها، فساروا ونزلوا على الموصِلِ، فخرج إليهم كلُّ مَن استماله المقلد من الديلم، وضَعُف الحَجَّاج، وطلب منهم الأمانَ، فأمَّنوه، ودخل المقلدُ البلدَ، واستقَرَّ الأمرُ بينه وبين أخيه على أن يُخطَبَ لهما، ويُقَدَّم عليٌّ لكِبَرِه، ويكون له معه نائبٌ يَجبي المالَ، واشتركا في البلَدِ والولاية، وسار عليٌّ إلى البَرِّ، وأقام المقلد، وجرى الأمرُ على ذلك مُدَّةً، ثم تشاجرا واختَصَما.
أَصدَر المَلِكُ سلمانُ بنُ عبد العزيز حُزْمةَ أوامِرَ مَلكيَّةٍ بتعيِينِ وإعفاءِ بعضِ الأُمراءِ من مناصِبِهم. وجاء في الأوامرِ إعفاءُ الأميرِ مقرن بن عبد العزيز من ولايَةِ العهدِ، وتعيِينُ الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وليًّا للعهد مع احتفاظِه بوِزارة الدَّاخليَّة، وهو أوَّلُ حفيدٍ للمَلِك عبد العزيز آل سعود يُعيَّن وليًّا للعهد. وُلِد الأمير محمَّد بمدينةِ جُدَّة بتاريخ (25 صفر لعام 1379هـ) الموافق (30 أغسطس 1959م). درَس الأميرُ محمدٌ مراحلَ التَّعليم الابتدائيَّة والمتوسِّطة والثانويَّة بمعهد العاصِمَة بالرياض. واصَل تعليمَه الجامعِيَّ بالولايات المتَّحدة الأمريكية، وحَصَل على البكالوريوس في العلومِ السياسيَّة عامَ (1401هـ) الموافق (1981م). وحَصَل أيضًا على عددٍ من الدَّوراتِ العسكَرِيَّة المُتقدِّمَة -داخِلَ المَملكةِ وخارِجَها- ذاتِ الصِّلةِ بالشُّؤون الأمنيَّة.