الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3066 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 473 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1081
تفاصيل الحدث:

هو أبو الحَسنِ عليُّ بن محمدِ بن عليٍّ المُلقَّب بالصليحيِّ، كان أَبوهُ قاضِيًا باليَمنِ سُنِّيًّا، أمَّا الصليحيُّ فتَعلَّم العِلمَ وبَرعَ في أَشياءَ كَثيرةٍ من العُلومِ، وكان شِيعِيًّا على مَذهبِ القَرامِطَةِ، ثم كان يَدُلُّ بالحَجِيجِ مُدَّةَ خمس عشرة سَنَةً، استَحوذَ على بلادِ اليمنِ بكمالها بكاملها في أَقصرِ مُدَّةٍ، واستَوثقَ له المُلْكُ بها سَنةَ خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وخَطبَ للمُستَنصِر العُبيديِّ صاحبِ مصر، وقد حَجَّ في سَنةِ 473هـ، واستَخلفَ مَكانَه وَلدَه المَلِكَ المُكرَّمَ أحمدَ. فلمَّا نَزلَ بظاهرِ المهجم وَثَبَ عليه جَيَّاشُ بن نَجاحٍ وأَخوهُ سَعيدٌ فقَتَلاهُ بأَبيهِما نَجاحٍ الذي سَمَّهُ الصُّليحيُّ بواسطةِ جاريةٍ كان قد أَهداهُ إيَّاها لهذا الغَرضِ، فانذَعرَ الناسُ، وكان الأَخَوانِ قد خَرَجا في سبعين راجِلًا بلا مَركوبٍ ولا سِلاحٍ بل مع كلِّ واحدٍ جَريدةٌ - سَعَفةٌ طويَلة تُقَشَّر من خُوصِها- في رَأسِها مِسمارُ حَديدٍ، وساروا نحوَ السَّاحلِ. وسَمِعَ بهم الصُّليحيُّ فسَيَّرَ خمسةَ آلافِ حَربةٍ مِن الحَبشَةِ الذين في رِكابِه لِقِتالِهم فاختَلَفوا في الطريقِ. ووَصلَ السبعون إلى طَرفِ مُخيَّمِ الصُّليحيِّ، وقد أَخذَ منهم التَّعَبُ والحَفَا، فظَنَّ الناسُ أنَّهم مِن جُملةِ عَبيدِ العَسكرِ، فتَمَكَّنا من قَتلِه وقَطْعِ رَأسِه, ثم أَرسلَ ابنُ نَجاحٍ إلى الخَمسةِ الآفٍ فقال: إنَّ الصُّليحيَّ قد قُتِلَ، وأنا رَجلٌ منكم، وقد أَخذتُ بثَأرِ أبي، فقَدِموا عليه وأَطاعُوهُ. فقَاتلَ بهم عَسكرَ الصُّليحيِّ، فاستَظهرَ عليهم قَتْلًا وأَسْرًا، ورَفعَ رَأسَ الصُّليحيِّ على رُمحٍ، وقَرأَ القارئُ: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممَّن تشاء} ورَجعَ ابنُ نَجاحٍ فمَلَكَ زبيد، وتهامة.

العام الهجري : 495 العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

كان صنجيل الفرنجي قد لقي قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش، صاحب قونية، وكان صنجيل في مائة ألف مقاتل، وكان قلج أرسلان في عدد قليل، فاقتتلوا، فانهزم الفرنجُ وقُتِلَ منهم وأُسِرَ الكثير، وعاد قلج أرسلان بالغنائم والظَّفَر الذي لم يحسَبْه. ومضى صنجيل مهزومًا في ثلاثمائة، فوصل إلى الشام، فأرسل فخر الملك بن عمار، صاحب طرابلس، إلى الأمير ياخز، خليفة جناح الدولة على حمص، يقول: من الصواب أن يُعاجل صنجيل إذ هو في هذه العدة القريبة، فخرج الأمير ياخز بنفسه، وسيَّرَ دقاق ألفي مقاتل، وأتتهم الأمداد من طرابلس، فاجتمعوا على باب طرابلس، وصافُّوا صنجيل هناك، فأخرج مائةً من عسكره إلى أهل طرابلس، ومائة إلى عسكر دمشق، وخمسين إلى عسكر حمص، وبقي هو في خمسين. فأما عسكر حمص فإنهم انكسروا عند المشاهدة، وولَّوا منهزمين، وتبعهم عسكر دمشق. وأما أهل طرابلس فإنهم قاتلوا المائة الذين قاتلوهم، فلما شاهد ذلك صنجيل حمل في المائتين الباقيتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتلوا منهم الكثير، ونازل صنجيل طرابلس وحصرها. وأتاه أهلُ الجبل فأعانوه على حصارها، وكذلك أهل السواد، وأكثرهم نصارى، فقاتل مَن بها أشدَّ قتال، فقتل من الفرنج ثلاثمائة، ثم إنَّه هادنهم على مال وخيل، فرحل عنهم إلى مدينة أنطرسوس، وهي من أعمال طرابلس، فحصرها وفتحها وقتل مَن بها من المسلمين، ورحل إلى حصن الطوبان، وهو يقارب رفنية، ومُقَدَّمُه يقال له ابن العريض، فقاتلهم، فنُصِر عليه أهل الحصن، وأسر ابن العريض منه فارسًا من أكابر فرسانه، فبذل صنجيل في فدائه عشرة آلاف دينار وألف أسير، فلم يجِبْه ابن العريض إلى ذلك.

العام الهجري : 536 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1141
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ، البَحرُ المتفنِّنُ: أبو عبد الله محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ عُمَرَ بن محمد التميمي المازري (نسبةً إلى مازرة بصقليَّةَ) المالكي، الحافِظُ المحَدِّث المشهور. وُلِدَ بالمهدية بإفريقيَّة. كان إمامًا حافِظًا مُتقِنًا أحدَ الأذكياءِ الموصوفين، والأئمَّة المتبحِّرينَ، عارفًا بعلوم الحديثِ، سَمِعَ وسافَرَ كثيرًا وكتب الكثير. قيل: "إنَّه مَرِضَ مَرضةً، فلم يجِدْ مَن يعالجُه إلَّا يهوديٌّ، فلمَّا عُوفِيَ على يَدِه، قال اليهودي: لولا التزامي بحِفظِ صِناعتي، لأعدَمتُك، فأثَّرَ هذا عند المازري، فأقبَلَ على تعَلُّمِ الطبِّ، حتى فاق فيه، وكان ممَّن يُفتي فيه، كما يُفتي في الفِقهِ". قال القاضي عياض: "هو آخِرُ المتكَلِّمينَ مِن شُيوخِ إفريقيَّة بتحقيقِ الفِقهِ، ورتبةِ الاجتهادِ، ودِقَّةِ النظر. درَسَ أصولَ الفِقهِ والدِّينَ، وتقَدَّمَ في ذلك، فجاء سابقًا، لم يكُنْ في عصره للمالكيَّةِ في أقطارِ الأرضِ أفقَهُ منه، ولا أقوَمُ بمَذهَبِهم، سَمِعَ الحديث، وطالَعَ معانيَه، واطَّلَعَ على علومٍ كثيرة من الطِّبِّ والحسابِ والآداب، وغير ذلك، فكان أحدَ رجالِ الكمال، وإليه كان يُفزَعُ في الفُتيا في الفِقه، وكان حسَنَ الخُلُقِ، مليحَ المُجالَسةِ، كثيرَ الحكايةِ والإنشاد، وكان قَلَمُه أبلَغَ مِن لسانه" من أشهَرِ تصانيفِه: شرحُ صحيح مسلم، سَمَّاه " كتاب المُعْلِم بفوائد كتابِ مُسلِم" وعليه بنى القاضي عِياضٌ كِتابَ الإكمالَ، وهو تَكمِلةٌ لهذا الكتاب، وله إيضاحُ المحصولِ في برهانِ الأصول, والكَشفُ والإنباءُ في الرَّدِّ على الإحياءِ، كتاب الغزالي، وله شَرحُ كتاب (التلقين) لعبد الوهاب المالكي في عشرةِ أسفار، وهو مِن أنفَسِ الكُتُب. وله كتُبٌ أخرى في الأدب. حَدَّثَ عنه القاضي عِياضٌ، وأبو جعفر بن يحيى القُرطبي الوزغي. مات وله ثلاث وثمانون سنة, ودفن بالمنستير.

العام الهجري : 555 العام الميلادي : 1160
تفاصيل الحدث:

هو السلطان ملكشاه بن السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان، تولى السلطنة بعد وفاة عَمِّه السلطان مسعود بن محمد بعهدٍ منه. فقعد في السلطنة وخُطِبَ له، وكان المتغلِّبُ على المملكة أميرًا يقال له خاص بك، وأصله صبي تركماني اتصل بخدمة السلطان مسعود، فتقدَّم على سائر أمرائه، ثم إنَّ خاص بك قبض على السلطان ملكشاه بن محمود وسجَنه، وأرسل إلى أخيه محمد بن محمود، وهو بخورستان، فأحضَرَه وتولى السلطنة، وجلس على السرير، وكان قصدُ خاص بك أن يُمسِكَه ويخطُبَ لنفسه بالسلطنة، فبدره السلطان محمد في ثاني يوم وصوله، فقتَلَ خاص بك وقتَلَ معه زنكي الجاندار، وألقى برأسَيهما، فتفرق أصحابُهما. توفي ملكشاه بأصفهان مسمومًا، وكان سبب ذلك أنه لما كثر جمعه بأصفهان أرسل إلى بغداد وطلب أن يقطعوا خطبة عمه سليمان شاه، ويخطبوا له ويعيدوا القواعد بالعراق إلى ما كانت عليه أولًا، وإلَّا قصدهم، فوضع الوزير عون الدين بن هبيرة خَصِيًّا كان خصيصًا به، يقال له أغلبك الكوهراييني، فمضى إلى بلاد العجم، واشترى جاريةً من قاضي همذان بألف دينار، وباعها من ملكشاه، وكان قد وضعها على سَمِّه ووعدها أمورًا عظيمة، ففعلت ذلك وسَمَّتْه في لحم مشوي فأصبح ميتًا، وجاء الطبيب إلى دكلا وشملة فعرَّفهما أنه مسموم، فعرفوا أن ذلك مِن فِعلِ الجارية، فأُخِذَت وضُرِبَت وأقرَّت، ولَمَّا مات أخرج أهل أصفهان أصحابَه من عندهم، وخطبوا لسليمان شاه واستقر ملكه بتلك البلاد، وعاد شملة إلى خوزستان، فأخذ ما كان ملكشاه تغلب عليه منها. حكم ملكشاه خمسةَ أشهر، وهو ثاني ملك من بني سلجوق سُمِّي بملكشاه.

العام الهجري : 582 العام الميلادي : 1186
تفاصيل الحدث:

كان القُمُّص- كبير القساوسة- صاحِبُ طرابلس، واسمُه ريمند بن ريمند الصنجيلي، قد تزوج بالقومصة، صاحِبةِ طبريَّة، وانتقل إليها، وأقام عندها بطبريَّة، ومات ملك الفرنج بالشام، وكان مجذومًا، وأوصى بالمُلك إلى ابن أختٍ له، وكان صغيرًا، فكفَلَه القُمُّص، وقام بسياسة الملك وتدبيره؛ لأنه لم يكن للفرنج ذلك الوقتَ أكبَرُ منه شأنًا، ولا أشجَعُ ولا أجود رأيًا منه، فطَمِعَ في الملك بسبب هذا الصغير، فاتفق أن الصغير توفِّيَ، فانتقل المُلكُ إلى أمه، فبطل ما كان القُمُّص يحَدِّثُ نفسه به، ثمَّ إن هذه الملكة هَوِيَت رجلًا من الفرنج الذين قَدِموا الشام من الغرب اسمُه كي، فتزوجَتْه، ونَقَلت المُلك إليه، وجعلت التاجَ على رأسه، وأحضَرَت البطريك والقسوس والرهبان والإسبتارية والدواية والبارونية، وأعلمَتْهم أنَّها قد ردت المُلكَ إليه، وأشهدَتْهم عليها بذلك، فأطاعوه، ودانوا له، فعَظُمَ ذلك على القمص، وسُقِطَ في يديه، وطُولِبَ بحساب ما جبى من الأموالِ مُدَّةَ ولاية ذلك الصبي، فادَّعى أنه أنفَقَه عليه، وزاده ذلك نفورًا، وجاهَرَ بالمُشاقة والمباينة، وراسل صلاحَ الدين وانتمى إليه، واعتضَدَ به، وطلب منه المساعدةَ على بلوغ غَرَضِه من الفرنج، ففرح صلاحُ الدين والمُسلِمون بذلك، ووعده النصرةَ والسعيَ له في كل ما يريده، وضَمِنَ له أنه يجعَلُه ملكًا مستقلًّا للفرنج قاطبةً، وكان عنده جماعةٌ من فرسان القُمُّص أسرى فأطلَقَهم، فحَلَّ ذلك عنده أعظَمَ مَحَلٍّ، وأظهَرَ طاعة صلاح الدين، ووافقه على ما فعل جماعةٌ من الفرنج، فاختلفت كلمتُهم وتفَرَّق شَملُهم، وكان ذلك من أعظم الأسبابِ الموجبة لفتح بلادِهم، واستنقاذِ بيتِ المقدسِ منهم، وسيَّرَ صلاح الدين السَّرايا من ناحيةِ طبرية، فشُنَّت الغارات على بلاد الفرنج، وخَرَجَت سالمة غانمة، فوهَن الفرنج بذلك، وضَعُفوا وتجرأ المسلمونَ عليهم وطَمِعوا فيهم.

العام الهجري : 601 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1205
تفاصيل الحدث:

مَلَك غياثُ الدين كيخسرو بن قلج أرسلان بلادَ الرومِ التي كانت بيد أخيه رُكن الدين سليمان وانتَقَلَت بعد موته إلى ابنه قلج أرسلان بن ركن الدين، وكان سبَبُ مِلك غياث الدين لها أنَّ ركنَ الدين كان قد أخذ ما كان لأخيه غياث الدين، وهي مدينةُ قونية، فهَرَب غياث الدين منه، وقَصَد الشامَ إلى المَلِك الظاهر غازي بن صلاح الدين، صاحب حلب، فلم يجد عنده قبولًا، وقصر به، فسار مِن عنده، وتقَلَّب في البلاد إلى أن وصل إلى القُسطنطينيَّة، فأحسن إليه مَلِكُ الروم وأقطَعَه وأكرَمَه، فأقام عنده، وتزوجَ بابنةِ بعض البطارقة الكبارِ، فأقام عنده، فلما مات أخوه ركن الدين سليمان سنة ستمائة، اجتمع الأمراءُ على ولده قلج، وخالَفَهم الأتراك الأوج، وهم كثيرٌ بتلك البلاد، وأنِفَ مِن اتباعهم، أرسل قلج إلى عَمِّه غياث الدين كيخسرو يستدعيه إليه ليُمَلِّكَه البلاد، فسار إليه، فوصَلَ في جمادى الأولى، واجتمع به، وكَثُرَ جَمعُه، وقصد مدينة قونيَّة ليَحصُرَها، وكان قلج والعساكرُ بها، فأخرجوا إليه طائفةً من العسكر، فلَقُوه فهزموه، فبَقِيَ حيران لا يدري أين يتوجَّهُ، فقصد بلدةً صغيرة يقالُ لها أوكرم بالقُربِ من قونية، فقَدَّرَ الله تعالى أن أهل مدينة أقصر وثبوا على الوالي فأخرجوه منها ونادَوا بشعار غياثِ الدين، فلَمَّا سَمِعَ أهل قونية بما فعله أهل أقصر قالوا: نحن أولى مَن فعل هذا؛ لأنَّه كان حَسَنَ السيرة فيهم لَمَّا كان مالكهم، فنادوا باسمِه أيضًا، وأخرجوا مَن عِندَهم، واستدعوه، فحضَرَ عندهم، ومَلَك المدينةَ وقبض على ابن أخيه ومَن معه.

العام الهجري : 697 العام الميلادي : 1297
تفاصيل الحدث:

هو الغازي أرطغرل بك بن سليمان شاه القايوي التركماني كان مع والده سليمانَ شاه عندما انتقلَ من موطنهم الأصلي باتجاه الغربِ على أثر الاجتياحِ التتري إلى أن غَرِقَ والده سليمان في الفراتِ فرجع أخويه سنقور تكين وكون طوغدي إلى الشرق, ومكث أرطغرل في ذلك الموضِعِ يجاهِدُ الكُفَّار، ثم أرسل ابنَه صارو بالي إلى علاء الدين السلجوقي يستأذِنُه في الدخول إلى بلادِه، ويطلب منه موضعًا ينزِلُ فيه فأذِنَ له وعَيَّنَ له جبالَ طومالج وأرمنك وما بينهما، فأقبل أرطغرل مع أربعمائة خركاه- خيمة- من قومِه فتوطَّنوا في قرة جه طاغ، وكان أرطغرل شجاعًا فشَمَّرَ ساعد الجِدِّ في خدمة السلطانِ علاء الدين كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن طغرل السلجوقي، ولَمَّا قصد علاءُ الدين غزوَ الكُفَّارِ أقبل أرطغرل إليه نجدةً له، فازداد عند السلطان مكانةً وقربًا, فأقطعه جزءًا كبيرًا من الأرضِ مقابِلَ الروم مكافأةً له مِن جهةٍ، ومن جهة أخرى يكون ردءًا له من الروم، فاستقَرَّت هذه الأسَرُ التركمانيَّةُ في تلك الناحية قريبًا من بحر مرمرة التابع للبحر الأسود قريبًا من مدينة بورصة، فلما نازل السلطانُ علاء الدين سنة 685 قلعةَ كوتاهيه وقد كانت للكُفَّار، فلما قرب مِن أخذِ القلعة بلغه أنَّ التَّتارَ يَطرُقُ بعضَ بلاده، فنهض إلى طرَفِ العدو وفوَّضَ أمرَ القلعة إلى أرطغرل بك وتركه بها مع بعضِ العسكَرِ. ولم يزل حتى فتحها عَنوةً وغَنِمَ شيئًا كثيرًا، ولم يزَلْ بعد ذلك يجاهد، وفُتِحَت على يديه بلادٌ كثيرة من بلاد الكُفَّارِ حتى توفِّيَ في شهور هذه السنة، فلمَّا سمع علاء الدين بوفاتِه تأسَّفَ عليه, وكتب لعثمانَ بنِ أرطغرل بالسَّلطنةِ، وأرسل إليه خِلعةً وسَيفًا ونقارةً، وخَصَّه بالغزوِ على الكُفَّار.

العام الهجري : 820 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1418
تفاصيل الحدث:

وقعت فتنة بدمياط قُتِلَ فيها الوالي، وهي أنَّ أعمال مصر منذ ابتداء أيام الظاهر برقوق، لا يولَّى بها وال إلا بمالٍ يقوم به، أو يلتَزِمُ به، وكان من أتباع المماليك رجل سوَّلت له نفسه ولاية في دمياط، يعرف بناصر الدين محمد السلاخوري، التزم بمالٍ ووَلِيَها، واستدان مالًا حتى عمل له ما يتجمَّلُ به وباشرها غير مرة في هذه الأيام المؤيدية، فلما وليها في هذه السنة جرى على عادته في ظلم الناس، وأخْذِ أموالهم ونسائهم وشباب أولادهم، ومن جملة أهل دمياط طائفة يقال لهم السمناوية، يتعيشون بصيد السمك من بحيرة تنيس، ويسكن كثير منهم بجزائر يسمونها العزب -واحدتها عِزبة- فأَنِفوا من قبائح أفعال السلاخوري؛ ففي يوم الأحد الثاني والعشرين ذي الحجة أوقعوا بنائب الوالي وضربوه وأهانوه، بحيث كاد يهلك، وجرُّوه إلى ظاهر البلد، وتجمَّعوا على باب الوالي، وقد امتنع بها، ورماهم بالنشاب من أعلاها، فأصاب واحدًا منهم فقتله، وجرح ثلاثة، فألحوا في أخذه، وهو يرميهم، حتى نَفِدَت سهامه، فألقى نفسه في البحر، وركب في سفينته إلى الجزيرة، فتَبِعوه في السفن، وأخذوه وتناوبوا ضربه، وأتوا به إلى البلد، وسجنوه موثقًا في رجليه بالخشب، وباتوا يحرُسونه إلى بُكرة غدِهم، ثم أخرجوه وحلقوا نصف لحية نائبه، وشهروه على جمل والمغاني تزُفُّه، حتى طافوا به البلد ثم قتلوه شَرَّ قِتلة، وأخرجوا الوالي من الحبس، وأتَوا ببعض قضاتهم وشهودهم؛ ليثبتوا عليه محضرًا، وأوقفوه على رجليه مكشوف الرأس عاري البدن، فبدره أحد السمناوية وصرعه، وتواثب عليه باقيهم حتى هلك، وسحبوه وأحرقوه بالنار ونهبوا داره وسلبوا حريمه وأولاده ما عليهم، وقتلوا ابنًا له في المهد، مات من الرجفة، وأسروا له ابنًا، فكانت فتنة لم يُدرَك مثلُها في معناها.

العام الهجري : 872 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1467
تفاصيل الحدث:

في يوم الخميس الثاني عشر محرم ورد الخبر من نائب حلب يشبك البجاسي أن شاه سوار نائب أبلستين خرج عن طاعةِ السلطان سيف الدين خشقدم، ويريد المشيَ على البلاد الحلبية، فرسم السلطانُ في الحال بخروج نائب طرابلس ونائب حماة إلى جهة البلاد الحلبية لمعاونة نائب حلب إن حصل أمر، ثم عيَّن السلطان تجريدة- خيل لا رَجَّالة فيها- من مصر إلى جهات البلاد الحلبية إن ألجأت الضرورة إلى سفرهم، ثم إنَّ الأمير بردبك نائب الشام خرج من دمشق بعساكرها في آخر المحرم إلى جهة حلب لمعاونة نائب حلب على قتال شاه سوار، كما أن جميع نواب البلاد الشامية قد خرجوا من أعمالهم إلى البلاد الحلبية، لقتال شاه سوار بن دلغادر، كان بردبك قد تهاون في قتال شاه سوار، وخذل العسكر الشامي لِما كان في قلبه من الملك الظاهر خشقدم، فكان ذلك سببًا لكسر العسكر الشامي والحلبي وغيرهم ونهْبِهم، وقتل في هذه الواقعة نائب طرابلس قاني باي الحسني المؤيدي، ونائب حماة تنم خوبي الحسيني الأشرفي، وأتابك دمشق قراجا الخازندار الظاهري، وأتابك حلب قانصوه المحمدي الأشرفي، وغيرهم من أمراء البلاد الشامية، وغيرهم، ثم ورد الخبر من البلاد الحلبية من أمر شاه سوار، وقتل أكابر أمراء البلاد الشامية، ونهبه للبلاد الحلبية، وأخذه قلاع أعمالها، وأنَّ نائب الشام بردبك في أسره، وأن يشبك البجاسي نائب حلب دخل إلى حلب على أقبح وجهٍ، وورد الخبَرُ بأن الأمير بردبك نائب الشام فارق شاه سوار، وقدم إلى مرعش طائعًا، ثم سار إلى منزلة قارا في يوم الخميس السابع عشر ربيع الآخر، ثم استطاع الجيش بعد ذلك من أسر شاه سوار وأخذ إلى القاهرة وقتل فيها وعُلِّقَ على باب زويلة.

العام الهجري : 923 العام الميلادي : 1517
تفاصيل الحدث:


هو السلطانُ أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن مخلوف بن زيدان، الملقَّب بالقائم بأمر الله، عميد الأسرة السعدية وسلطان المغرب. كان قد نشأ على عفافٍ وصلاحٍ وحجٍّ للبيت الحرام، وقيل: كان مجابَ الدعوةِ، من قرَّاءِ القرآن، ومن أهلِ العلمِ والدين، ولم يكن من بيت الرياسةِ، وكان له اطِّلاعٌ على تواريخ قُطره وعوائدِ جيله وأخلاقهم وطبائعهم، ورأى ما وصل إليه مُلكُ بني وطاس بالمغرب من الانحطاط والضعف، وتيقَّن أنَّه لا يصعب عليه تناولُه، فأعمل في ذلك فِكرَه وصار يحضُّ الناسَ على القيام بأمور دينهم والامتعاض لها، حتى ولي الأمرَ عندما بايعَتْه قبائل المغرب على حربِ البرتغال، وقدَّمت كلُّ قبيلة له عشرةَ رجال من أبنائها, فلما قضى الله ببيعته واجتماع الناس عليه، واطمأنت به في البلاد السوسية الدار وطاب له بها المقام والقرار؛ ندب الناس إلى بيعةِ أكبر ولديه، وهو الأمير أبو العباس أحمد المعروف بالأعرج، فبايعوه, ثم وفد على القائمِ بأمر الله أشياخُ حاحة والشياظمة لِما بلغهم من حسن سيرته ونصرة لوائه، فشَكَوا إليه أمر البرتغال ببلادهم, وشِدَّة شوكته واستطالته عليهم، وطلبوا منه أن ينتقل إليهم هو وولده ولي العهد، فأجابهم إلى ذلك ونهض معهم هو وابنه أبو العباس إلى الموضع المعروف بآفغال من بلاد حاحة، وترك ولده الأصغر أبا عبد الله محمد الشيخ بالسوس يرتِّب الأمور ويمهِّد المملكة ويباكر العدو بالقتال ويراوحه، واستمر الأمير أبو عبد الله القائم بمكانه من آفغال ببلاد حاحة مسموعَ الكلمة متبوعَ العقب إلى أن توفي بها وهو يجاهد النصارى الإسبان والبرتغال، ودفن بها ثم نقل إلى مراكش.

العام الهجري : 1154 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1741
تفاصيل الحدث:

كان ابتداءُ أمر السلطان مولاي زين العابدين بن إسماعيل العلوي أنَّه قَدِم مكناسة في أيام أخيه مولاي المستضيء، فلما سمع به أمَرَ بسجنه وضربه، فضُرب وهو في قيده ضربًا وجيعًا أشرف منه على الموت، ثم أمر ببعثه مقيَّدًا إلى سجلماسة؛ كي يُسجَن بها مع بعض الأشراف المسجونين هنالك، فلما سمع بذلك قوَّاد رؤوسهم من العبيد، بعثوا مَن رَدَّه من صفرو إلى فاس، ثم بعثوا به إلى القائد أبي العباس أحمد الكعيدي ببني يازغة وأمروه أن يحتفظَ به مكرَّمًا مُبجَّلًا, ثم لَمَّا فَرَّ المستضيء عن مكناسة وراجع العبيد طاعةَ السلطان مولاي عبد الله بن إسماعيل، دخل مولاي زين العابدين مدينة فاس فاطمأنَّ بها وسُرَّ بولاية أخيه مولاي عبد الله، ثم سار إلى طنجة فقَدِمَ على صاحبها الباشا أحمد بن علي الريفي، فأكرم وفادتَه وأحسن مثواه واستمر مقيمًا عنده إلى أن كاتب عبيدُ الديوان في شأن زين العابدين  ووافقوه على خلعِ مولاي عبد الله وبيعته، فبايعه الباشا أحمد وبايعه أهل طنجة وتطاوين والفحص والجبال، وخطبوا به على منابرهم، ثم هيأ له الباشا أحمد كتيبةً من الخيل من عبيد الديوان وغيرهم، وبعثهم معه إلى مكناسة، فدخلها وبُويع بها البيعةَ العامة، وقَدِمت عليه وفودُ القبائل والأمصار، فقابلهم بما يجِبُ وتمَّ أمره, وفرَّ السلطان مولاي عبد الله من رأس الماء ودخل بلاد البربر ولم يقدم على مولاي زين العابدين أحدٌ من الودايا ولا من أهل فاس، وكان فيه أناة وحلم لم يظهر منه عَسفٌ ولا امتدت يده إلى مالِ أحد إلَّا أنه لقلة ذات يده نقص العبيدَ من راتبهم فكان ذلك سببَ انحرافِهم عنه.

العام الهجري : 1158 العام الميلادي : 1745
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ الفاضل محمد بن علي بن حامد بن صابر بن الفاروقي التهانوي الهندي الحَنَفي: أحدُ رجال العلم، اشتُهر بكتابه الشهير: كشاف اصطلاحات الفنون. عاش التهانوي في عصر سلاطين الدولة المغولية في الهند، فأدرك طَرَفًا من عهد الإمبراطور أورنغ زيب عالمكير الذي عرفت الهندُ في عصره حركةً علمية ثقافية نَشِطةً بتشجيعه لها. وقد قيل: إن التهانوي كان قاضيًا في قريته تهانة في عصر هذا الإمبراطور. نشأ التهانوي في بيئة علمية، نهل من ينابيعها؛ إذ كان والده من كبار العلماء حتى لُقِّب بقطب الزمان، في هذا الجوِّ المفعم بالزاد والنشاط العلميين عاش التهانوي، فنهل من ينابيع المعرفة وبحار العلم. وجال على الحواضِرِ يلتقي العلماءَ ويستمع إليهم يأخُذُ عنهم وينكبُّ على بحثِه, فلا عجب أن أورد في تقديمه الكشاف قوله: "لَمَّا فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية من حضرة جناب أستاذي ووالدي، شمَّرت عن ساق الجِدِّ إلى اقتناء ذخائر العلوم الحكمية الفلسفية من الحكمة الطبيعية والإلهية والرياضية كعِلم الحساب والهندسة والهيئة والإسطرلاب ونحوها. فلم يتيسر لي تحصيلًا من الأساتذة، فصرفت شطرًا من الزمان إلى مطالعة مختصراتها الموجودة عندي، فكشفها الله عليَّ، فاقتبست منها المصطلحات وسطَّرتُها على حدة في كل بابٍ يليق بها"  كان قرأ النحوَ والعربية على والده وتفَقَّه عليه, ثم طَفِق يقتني ذخائِرَ العلوم الحكمية، فجمع الكتب، ولم يتَّفِقْ له تحصيلُها على الأساتذة، فصرف شطرًا من الزمان في مطالعة الكتب الموجودة عنده, فجمع في مصنَّفِه الكشَّاف- الذي يعتبر معجمًا لغويًّا فنيًّا- مصطلحاتِ العلوم وتعريفَها، وشرَحَ الموضوعات العلمية الاصطلاحية حسب العلم ورتبه أبجديًّا. وقد فرغ من تصنيفه سنة 1158, وقد اختُلف في تاريخ وفاته، والمتَّفق عليه أنَّه توفي بعد سنة 1158.

العام الهجري : 1209 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1795
تفاصيل الحدث:

قام أهل بلبيس بالحضور إلى الشيخ وشكَوا إليه محمد بيك الألفي وظُلم أتباعه، فذهب الشيخ الشرقاوي للأزهر وجمع المشايخ وقفَّلوا أبواب الجامع، وذلك بعدما خطب مراد بيك وإبراهيم بيك، وفعلوا مثل ذلك اليوم الثاني، وأمروا الناسَ بغلق الأسواق والحوانيت، ثمَّ ركبوا مع جمعٍ كبير من العامَّةِ إلى بيت الشيخ السادات، وازدحم الناسُ فحضر الدفتردار أيوب بيك، فقالوا له إنَّ مرادهم هو رفعُ الظلم والجَور، وتطبيقُ العدل وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوس المبتدعة، فقال: الدفتردار: إن ذلك لا يمكِنُ لأنَّه يضيِّقُ على معيشة المماليك، فقيل له: هذا ليس بعذرٍ عند الله ولا عند الناسِ، ولا داعي للإكثارِ مِن النفقات وشراء المماليك، ثم عاد المشايخ إلى الأزهر ومعهم أهل الأطراف وباتوا في المسجد، وأرسل إبراهيم بيك يشجعهم وأرسل إلى أيوب بيك يخوِّفه عاقبة الأمر، فأجاب إلى جميع ما ذكروه إلَّا شيئين: ديوان بولاق، وطلب المنكسر من الجامكية، وما عدا ذلك من المكوس والحوادث والظلم فيُرفع، ثم اجتمع الأمراءُ وأرسلوا إلى المشايخ، فحضر الشيخ الشرقاوي والبكري والنقيب والسادات، ودار الكلام بينهم والتزموا بما شرطه العلماءُ عليهم وانعقد الصلحُ على أن يدفعوا سبعمائة وخمسين كيسًا موزعة وأن يرسِلوا غلال الحرمين ويَصرِفوا غلالَ الشون وأموال الرزق، ويُبطلوا المظالم المحدَثة والتفاريدَ والمكوس ما عدا بولاق، وأن يكفُّوا أتباعهم عن مدِّ أيديهم إلى أموالِ الناس وأن يسيروا في الناس سيرةً حسنة، وكتب حجَّةً بذلك وفرمن عليها الباشا، وختم عليها إبراهيم بيك وأيوب بيك، وانجَلَت الفتنة، ولكنَّ الحالَ لم يدُمْ أكثر من شهر حتى عاد ما كان على ما كان وزيادة.

العام الهجري : 1327 العام الميلادي : 1909
تفاصيل الحدث:

بعد فوزِ الاتحاديِّين بأغلبيةٍ كبيرةٍ وإعلان الدستور أرادوا أن يُتِمُّوا خطَطَهم الراميةَ إلى خلع الخليفة، فبدؤوا يثيرونَ الفوضى والقلاقِلَ في الدولة بطُرُق غير مباشرة، وادَّعى رجال الاتحاد أنَّ الدستورَ معرَّضٌ للإلغاء والحريةَ مهدَّدةٌ؛ لذا فقد تقَدَّم الجيشُ المرابط في سلانيك بإمرةِ محمود شوكت لحماية الدستورِ والمجلس النيابي، عِلماً أنه كان فيه عناصِرُ أجنبية ترتدي الزيَّ العسكري، ووصل الجيشُ إلى العاصمة، فألقى الحصارَ عليها، ثمَّ سار إلى مقر إسماعيل حقي رئيس الجيش النظامي فقتَلوه ومَن معه، ثم ساروا إلى قصر يلدز مقَرِّ السلطان، فقاموا فيه بمذبحة بلا سببٍ ونهبوا القصرَ، ثم شكَّل المجلِسُ النيابيُّ مجلِسًا أطلقوا عليه اسمَ المجلس الملكي، فاجتمع مع مجلسِ الحركة وقَرَّروا خَلْعَ السلطان عبد الحميد باستصدار فتوى من شيخِ الإسلام، واستدعى المجلِسُ الصدر الأعظم توفيق باشا لتكليفِه بإبلاغ القرار إلى الخليفة فرفَضَ، فكلف المجلسُ وفدًا من الفريق البحري عارف حكمت، وآرام الأرمني، وعمانوئيل قره صو اليهودي، وأسعد طوبطاني، وذهب الوفد إلى الخليفة، وقرأ الفتوى، فتقَبَّل السلطان ذلك مع إنكارِه إحضارَهم عمانوئيل اليهودي معهم، خاصَّةً أن عمانوئيل هذا سبق أن زار السلطانَ مع هرتزل في وفدٍ يهوديٍّ يستأذنونه في الهجرةِ إلى فلسطين، فرفض طلبهم وإغراءَهم له، وأمر بطردِهم، فتوعَّد عمانوئيل السلطانَ بأنَّ هذا الرفض سيكَلِّفُه كثيرًا. نُقِلَ السلطانُ إلى سلانيك مع أسرته ومرافقيه، وبقي تحت حراسةِ الاتحاديين حتى حرب البلقان، ثم نُقِلَ إلى قصر بكلربكي في استانبول، وبقي فيه إلى أن توفي عام 1336هـ وكانت مُدَّةُ خلافته أكثر من ثلاث وثلاثين سنة، وتسلَّم الحكمَ صوريًّا أخوه محمد رشاد.

العام الهجري : 294 العام الميلادي : 906
تفاصيل الحدث:

ارتحل زكرَوَيه من نهر المثنية يريد الحاجَّ، فبلغ السَّلمان، وأقام ينتَظِرُهم، فبلغت القافلةُ الأولى واقصةَ سابِعَ المحرَّم، فأنذرهم أهلُها وأخبَروهم بقرب القرامطة، فارتحلوا لساعتِهم، وسار القرامطةُ إلى واقصة، فسألوا أهلَها عن الحاجِّ، فأخبَروهم أنَّهم ساروا فاتَّهَمهم زكرويه، فقتل العلافةَ، وأحرق العلَف، وتحصَّن أهل واقصة في حِصنِهم، فحصرهم أيامًا ثم ارتحل عنهم نحو زبالة، ولقيَ زكرَوَيه القرمطيُّ قافلةَ الخراسانية بعُقبة الشيطان راجعينَ مِن مكة، فحاربهم حربًا شديدةً، فلما رأى شدةَ حَربِهم سألهم: هل فيكم نائبُ للسلطان؟ فقالوا: ما معنا أحَدٌ. قال: فلستُ أريدكم؛ فاطمأنُّوا وساروا، فلما ساروا أوقع بهم، وقتَلَهم عن آخِرِهم، ولم ينجُ إلَّا الشريد، وسَبَوا من النَّاسِ ما أرادوا وقَتَلوا منهم، وكتب من نجا من الحُجَّاج من هذه القافلةِ الثانية إلى رؤساءِ القافلة الثالثة من الحُجَّاج يُعلِمونهم ما جرى من القرامطة، ويأمرونَهم بالتحَذُّر، والعدولِ عن الجادَّة نحو واسط والبصرة، والرجوعِ إلى فيد والمدينةِ إلى أن تأتيَهم جيوش السلطان، فلم يسمعوا ولم يُقيموا، وسارت القرامطةُ مِن العَقَبة بعد أخذِ الحاجِّ، وقد طموا الآبار والبِرَك بالجِيَف، والأراب، والحجارة، بواقصة، والثعلبية، والعقبة، وغيرها من المناهِل في جميع طريقِهم، وأقام بالهيبر ينتظر القافلةَ الثالثة، فساروا فصادفوه هناك، فقاتَلَهم زكرويه ثلاثة أيام، وهم على غيرِ ماء، فاستسلموا لشدةِ العطش، فوضع فيهم السَّيفَ وقتلهم عن آخرهم، وجمع القتلى كالتَلِّ، وأرسل خلف المنهزمينَ مَن يبذلُ لهم الأمان، فلما رجعوا قتَلَهم، وكان نساء القرامطة يَطُفنَ بالماء بين القتلى يَعرِضْنَ عليهم الماء، فمن كلَّمَهنَّ قَتَلْنَه، فقيلَ إنَّ عدة القتلى بلغت عشرين ألفًا ولم ينجُ إلَّا من كان بين القتلى فلم يُفطَنْ له فنجا بعد ذلك، ومن هرب عند اشتغالِ القرامطة بالقتل والنهب، فكان من مات من هؤلاء أكثَرُ ممَّن سلم ومن استعبدوه، وكان مبلغُ ما أخذوه من هذه القافلة ألفي ألف دينارٍ.