الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.001 )

العام الهجري : 717 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1318
تفاصيل الحدث:

اتَّفَق أنَّه في هذا الشهر تجمَّع جماعة من التجار بماردين وانضاف إليهم خلقٌ من الجفال من الغلا قاصدين بلاد الشام، حتى إذا كانوا بمرحلتين من رأس العين لحِقَهم ستون فارسًا من التتار فمالوا عليهم بالنشاب وقتلوهم عن آخرهم، ولم يبقَ منهم سوى صبيانِهم نحو سبعين صبيًّا، فقالوا من يقتل هؤلاء؟ فقال واحد منهم: أنا بشَرطِ أن تنَفِّلوني بمالٍ من الغنيمة، فقتلهم كلَّهم عن آخرهم، وكان جملةُ من قُتِل من التجَّار سِتَّمائة، ومن الجفلان ثلاثمائة، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون، وردموا بهم خمسَ صهاريج هناك حتى امتلأت بهم رحمهم الله، ولم يسلَمْ من الجميع سوى رجل واحد تركماني، هرب وجاء إلى رأس العينِ فأخبَرَ الناس بما رأى وشاهد من هذا الأمر الفظيع المؤلمِ الوجيع، فاجتهد متسَلِّمُ ديار بكر سوياي في طلب أولئك التتر حتى أهلَكَهم عن آخرهم، ولم يبقِ منهم سوى رجلَينِ.

العام الهجري : 718 العام الميلادي : 1318
تفاصيل الحدث:

انقَرَضت دولةُ بني قطلمش ملوك قونية، وذلك أنَّ عِزَّ الدين اسيكاوس بن كيخسرو لما مات سنة 677 ترك ابنَه مسعودًا، فولَّاه أبغا بن هولاكو سيواس وغيرها، واستبَدَّ معين الدين سليمان برواناه على ركن الدين قلج أرسلان ابن كيخسرو بقيصرية ثم قتَلَه، ونصب ابنَه غياث الدين كيخسرو، فعزله أرغون بن أبغا، وولي ابن عمه مسعود بن كيكاوس، فأقام مسعودٌ حتى انحل أمره وافتقر، وبقي المُلكُ بالروم للتتر إلَّا ملك بني أرتنا، فإنه بقيَ بسيواس.

العام الهجري : 718 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1318
تفاصيل الحدث:

وصَلَت الأخبارُ في المحَرَّم من بلاد الجزيرة وبلاد الشرق سنجار والموصل وماردين وتلك النواحي بغلاء عظيمٍ وفناء شديدٍ وقِلَّة الأمطار، والخوف من التتار، وعدمِ الأقواتِ وغلاءِ الأسعار، وقِلَّة النفقات، وزوال النِّعَم، وحلولِ النِّقَم، بحيث إنهم أكلوا ما وجدوه من الجماداتِ والحيواناتِ والميتاتِ، وباعوا حتى أولادَهم وأهاليهم، فبِيعَ الولد بخمسينَ دِرهمًا وأقل من ذلك، حتى إنَّ كثيرًا كانوا لا يشترون من أولادِ المسلمين، وكانت المرأةُ تُصَرِّحُ بأنها نصرانيَّة لِيُشتَرى منها ولَدُها لتنتَفِعَ بثَمَنِه ويحصُل له من يُطعِمُه فيَعيش، وتأمَن عليه من الهلاكِ، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ووقعت أحوالٌ صعبة يطول ذِكرُها، وتنبو الأسماعُ عن وصفها، وقد ترَحَّلت منهم فرقة قريب الأربعمائة إلى ناحية مراغة فسقط عليهم ثلجٌ أهلَكَهم عن آخِرِهم، وصَحِبَت طائفةٌ منهم فِرقةً من التتار، فلما انتَهَوا إلى عقبة صعدها التتارُ ثم منعوهم أن يصعدوها لئلا يتكَلَّفوا بهم فماتوا عن آخِرِهم، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله العزيزِ الحكيمِ.

العام الهجري : 719 العام الميلادي : 1319
تفاصيل الحدث:

جهز الأميرُ أيتمش المحمدي على عسكرٍ إلى برقة، ومعه فايد وسليمان أمراءُ العُربان لجباية زكاةِ الأغنام على العادة، فسار في ثلاثمائةِ فارسٍ من أجناد الحلقة ومعه من الأمراءِ عِدَّةٌ، وذلك في آخِرِ يومٍ من المحرَّم، ونزل بالإسكندرية، ثم سار أيتمش يريدُ بلاد جعفر بن عمر من برقة، ومسافتُها من الإسكندرية على الجادة نحو شهرين، فدَلَّه بعض العرب على طريقٍ مسافتُها ثلاثة عشَرَ يَومًا يُفضي به إلى القَومِ مِن غيرِ أن يعلموا به، وطَلَب في نظير دَلالتِه على هذه الطريقِ مائةَ دينار وإقطاعاتٍ مِن السلطانِ بعد عودِ العسكرِ إلى القاهرة، فعَجَّل له أيتمش المائة، والتزم له بالإقطاعِ مِن السلطان، وكتب له بعشرةِ أرادِبَ قمحًا لعياله، وأركبه ناقةً، وكتم ذلك كلَّه عن العسكَرِ مِن الأمراء والأجناد والعُربان، وسار بمسيرِه، حتى إذا مضت ثلاثَ عشرة ليلة أشرف على منازِلِ جَعفرِ بنِ عمر وعُرْبانه، فدُهِشوا لرؤيةِ العَسكَرِ، وأرسل إليهم أيتمش بسليمان وفايد يدعوهم إلى الطاعةِ، فأجابوا مع رسُلِهم: إنَّا على الطاعةِ، ولكن ما سبب قدومُ هذا العسكرِ على غفلةٍ مِن غير أن يتقَدَّمَ لنا به علمٌ؟ فقال لهم أيتمش: حتى يحضُرَ الأمير جعفر ويسمَعَ مَرسومَ السلطان، وأعادهم، وتَقَدَّم أيتمش إلى جميع من معه ألَّا ينزِل أحدٌ عن فرسه طولَ ليلتِه، فباتوا على ظهورِ الخيل، فلما كان الصباحُ حضر أخو جعفر ليسمَعَ المرسوم، فنهَرَه أيتمش وقال له ولمن معه: ارجعوا إلى جعفرٍ فإن كان طائعًا فلْيَحضُر، وإلَّا فلْيُعَرِّفْني، وبعث معه ثلاثةً مِن مُقَدَّمي الحلقة، فامتنع جعفرٌ من الحضور، فللحالِ لَبِسَ العسكر السلاحَ وتَرَتَّب، وأفرد سليمان وفايد، بمن معهما من العسكرِ ناحية، واستعد جعفرٌ أيضًا وجمع قومَه وحمل بهم على العَسكَر، فرموهم بالنشَّاب فلم يبالُوا به، ودقُّوا العسكرَ برماحِهم، وصَرَعوا الأميرَ شُجاعَ الدين غرلوا الجوكندار بعدما جَرَحوه ثلات جراحات، فتداركه أصحابُه وأركبوه، وحملوا على العرب فكانت بين الفريقينِ تِسعَ عشرة وقعة آخِرُها انهزم العربُ إلى بيوتهم، فقاتلهم العسكرُ عند البيوتِ ساعةً وهزموهم إليها، وكانت تلك البيوتُ في غابةِ قَصَب، فكفَّ العسكَرُ عن الدخول إليهم، ومنعهم أيتمش عن التعرُّضِ إلى البيوتِ وحماها، وأباح لهم ما عداها، فامتَدَّت الأيدي، وأُخِذَت من الجمالِ والأغنامِ ما لا ينحَصِرُ عدده، وبات العسكَرُ محترسين، وقد أَسَروا نحوَ السِّتِّمائة رجل سوى من قُتِل، فلما أصبح الصبحُ منَّ أيتمش على الأسرى وأطلَقَهم، وتفَقَّد العسكرَ فوجد فيه اثني عشر جريحًا، ولم يُقتَل غيرُ جندي واحد، فرحل عائدًا عن البيوتِ بأنعامٍ تَسُدُّ الفضاء، وبِيعَ ما معهم فيما بينهم الرأسُ الغَنَمُ بدِرهمٍ، والجَمَلُ ما بين عشرين إلى ثلاثين درهمًا، وسار أيتمش ستةَ أيام في الطريق التي سلكها والعسكَر بالسِّلاح، خشيةً مِن عَودِ العرب إليهم، وبعث أيتمش بالبشارةِ إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فبعث الأميرَ سيفَ الدين ألجاي الساقي لتلَقِّي العسكر بالإسكندرية وإخراج الخُمُس مِمَّا معهم للسلطان، وتَفرِقة ما بَقِيَ فيهم، فخُصَّ الجنديُّ ما بين أربعةِ جمالٍ وخمسةٍ، ومِنَ الغَنَم ما بين العشرينَ إلى الثلاثين، وحَضَروا إلى القاهرة، فخَلَع السلطان على أيتمش، وبعد حضورهم بأسبوع قدم جعفرُ بنُ عمر إلى القاهرة، ونزل عند الأمير بكتمر الساقي مُستجيرًا، فأكرمه ودخل به على السلطانِ، فاعترف بالخطأِ، وسأل العفوَ، وأن يقَرِّرَ عليه ما يقومُ به، فقَبِلَ السلطانُ قَولَه وعفا عنه، وخلع عليه ومضى، وصار يحمِلُ القودَ في كلِّ سَنَةٍ.

العام الهجري : 719 العام الميلادي : 1319
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةٌ عظيمةٌ بين التتار بسَبَبِ أنَّ مَلِكَهم أبا سعيد بن خربندا كان قد ضاق ذرعًا بنائبه الأمير جوبان وعجَزَ عن مَسكِه، فانتدب له جماعةً من الأمراء عن أمرِه، منهم أبو يحيى خال أبيه، ودقماق وقرشي وغيرُهم من أكابر الدولة، وأرادوا كبسَ جوبان فهرب وجاء إلى السلطانِ الناصر محمد بن قلاوون, فأنهى إليه ما كان منهم، وفي صُحبتِه الوزير علي شاه، ولم يزل بالسلطانِ حتى رضي عن جوبان وأمَدَّه بجيشٍ كثيف، ورَكِبَ السلطان معه أيضًا والتقوا مع أولئك فكسروهم وأسروهم، وتحَكَّم فيهم جوبان فقَتَل منهم إلى آخِرِ هذه السنة نحوًا من أربعين أميرًا.

العام الهجري : 719 العام الميلادي : 1319
تفاصيل الحدث:

حشد الفِرنجُ وأقبلوا يريدونَ استئصالَ المسلمين من الأندلس في غرناطةَ في عدَدٍ لا يُحصى، فيه خمسة وعشرونَ ملكًا بزعامة ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة، فقَلِقَ المسلمون بغرناطة ومَلِكُها الغالب بالله أبو الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر من بني الأحمر، واستنجدوا بالمريني مَلِك فاس فلم يُنجِدْهم، فلجؤوا إلى الله وحارَبوهم في الألبيرة وهم نحو ألف وخمسمائة فارس وأربعة آلاف راجل، فقتلوا الفرنجَ بأجمَعِهم، وأقلُّ ما قيل إنَّه قُتِلَ منهم خمسون ألفًا، وأكثَرُ ما قيل ثمانون ألفًا، ولم يُقتَلْ من المسلمين سوى ثلاثةَ عشر فارسًا، وغَنِمَ المسلمون ما لا يدخُلُ تحت حصر، وسُلِخَ الملكُ دون بتروا وحُشِيَ قُطنًا، وعُلِّقَ على بابِ غرناطة، فطَلَب الفرنجُ الهُدنةَ فعُقِدَت، وبَقِيَ دون بتروا مُعَلَّقًا عدَّةَ سنينَ.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

بعث السُّلطانُ الناصر محمد بن قلاوون ثلاثينَ فداويًّا من أهل قلعةِ مصياف للفَتكِ بالأمير قراسنقر، فعندما وصلوا إلى تبريز نمَّ بعضُهم لقراسنقر عليهم، فتَتَبَّعَهم وقبضَ على جماعة منهم، وقَتَلهم، وانفرد به بعضُهم وقد ركب من الأردو، فقفز عليه فلم يتَمَكَّنْ منه، وقُتِلَ، واشتَهَر في الأردو خبَرُ الفداوية، وأنهم حضروا لقَتلِ السلطان أبي سعيد وجوبان والوزير علي شاه وقراسنقر وأمراء المغول، فاحتَرَسوا على أنفسهم، وقبضوا عدَّة فداوية، فتحيل بعضُهم وعَمِلَ حمَّالًا، وتبع قراسنقر ليقفِزَ عليه فلم يلحَقْه، ووقع على كفلِ الفَرَسِ فقُتِل، فاحتجب أبو سعيد بالخركاه- بالخيمة- أحد عشر يومًا خوفًا على نفسِه، وطلب المجد إسماعيل، وأنكر عليه جوبان وأخرق به، وقال له: أنت كلَّ قليل تُحضِرُ إلينا هديةً، وتريد منا أن نكون متَّفِقينَ مع صاحب مصر، لتمكُرَ بنا حتى تقتُلَنا الفداوية والإسماعيليَّة، وهدَّدَه أنه يقتُلُه شَرَّ قِتلةٍ، ورسم عليه، فقام معه الوزيرُ علي شاه حتى أفرج عنه، ثم قَدِمَ الخبر من بغداد بأن بعض الإسماعيلية قفز على النائبِ بها ومعه سكينٌ فلم يتمكَّنْ منه، ووقعت الضربةُ في أحد أمراء المغول، وأن الإسماعيليَّ فَرَّ، فلما أدركه الطلبُ قَتَل نفسَه، فتنَكَّر جوبان لذلك، وجهَّزَ المجد السلامي إلى مصر ليكشِفَ الخبر، وبعثوا في أثره رسولًا بهديَّةٍ.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

قام ناصِرُ الدين خسروخان بقتل قُطبِ الدين الخلجي لَمَّا خاف منه، فقام هو بأمر الدولةِ، وكان يميل إلى الهنادك؛ لذا فإن المُسلِمينَ كَرِهوه وتمنَّوا الخلاص منه، ثم بايعه الأمراءُ إلَّا تغلق شاه في السند فإنه أعلن الخلافَ، وسار إليه وقَتَله أيضًا فلم يَدُمْ في ملكه سوى أربعة أشهر، فكان خسروخان هذا آخِرَ ملوك الخلجيين، وكان تغلق هذا استعان بكشلوخان أمير الملتان ضِدَّ الجيش الذي أرسله خسروخان ضده فانهزم جيشُ خسروخان وتسَلَّم تغلق المُلكَ وتلقَّبَ بغياث الدين، فكان أول ملوك دولة آل تغلق.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ الخبَرُ بأنَّ أبا سعيد بن خربندا مَلِك التتار بالعراق أراق الخُمورَ في سائر مملكته، وأبطل منها بيوتَ الفواحش، وأبعد أربابَ الملاهي، وأغلق الخاناتِ، وأبطل المكوسَ التي تُجبى من التجارة الواردة إليهم من البلاد، وهَدَّم كنائسَ بالقرب من توريز، ورفع شهادةَ الإسلام، ونشر العَدَل، وعَمَر المساجِدَ والجوامع، وقَتَل من وَجَد عنده الخمرَ بعد إراقته، فكتب السلطانُ الناصر محمد بن قلاوون لسائِرِ نواب الشام بإبطالِ ضَمانِ الخمَّارات وإراقةِ الخُمور، وغَلقِ الحانات، واستتابةِ أهلِ الفواحِشِ، فعُمِلَ ذلك في سائر مدن البلاد الشاميَّةِ.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ المجدُ السلامي على البريدِ مِن عند الملك أبي سعيد بن خربندا في طلب الصُّلحِ، فخرج القاضي كريم الدين الكبير إلى لقائه، وصَعِدَ به إلى القلعة، فأخبر المجد السلامي برغبةِ جوبان وأعيان دولة أبي سعيد في الصلحِ، وأنَّ الهديَّةَ تَصِلُ مع الرسل، فكَتَب إلى نائبي حلب ودمشق بتلقِّي الرسُلِ وإكرامِهم، فقدم البريدُ بأن سليمان بن مهنا عارض الرُّسُل، وأخذ جميعَ ما معهم من الهَديَّة، وقد خرج عن الطاعةِ لإخراجِ أبيه مهنَّا من البلاد وإقامةِ غيرِه في إمرة العرب، ثمَّ قَدِمَت الرسل بعد ذلك بالكُتُب، وفيها طلب الصلحِ بشُروطٍ: منها ألا تدخُلَ الفداوية إليهم، وأنَّ مَن حضر من مصر إليهم لا يُطلَبُ، ومن حضر منهم إلى مصرَ لا يعود إليهم إلَّا برضاه، وألَّا يُبعَث إليهم بغارة من عَرَب ولا تُركمان، وأن تكون الطريقُ بين المملكتين مفتوحةً تسير تجارُ كُلِّ مملكة إلى الأخرى، وأن يسيرَ الركبُ من العراق إلى الحجاز في كلِّ عامٍ بمَحمَلٍ ومعه سنجق فيه اسمُ صاحِبِ مِصرَ مع سنجق أبي سعيد ليتجَمَّلَ بالسنجق السلطانيِّ، وألا يُطلَب الأميرُ قراسنقر، فجمع السلطانُ الأمراءَ واستشارهم في ذلك بعدما قرأ عليهم الكتاب، فاتفق الرأي على إمضاءِ الصلحِ بهذه الشروط، وجُهِّزَت الهدايا لأبي سعيدٍ, وفيها خِلعةٌ أطلس باولي زركش، وقباءٌ تتَرِيٌّ وقرقلات وغير ذلك، ممَّا بلغت قيمته أربعين ألف دينار، وأعيد الرسُلُ بالجوابِ، وفيه ألَّا يُمكَّنَ عَرَبُ آل عيسى من الدخول إلى العراق، فإنَّ العَسكَرَ واصِلٌ لقتالهم، وسافر السلامي على البريد يُبَشِّرُ بعود الرسُلِ بالهَديَّة.

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةٌ عظيمة ببلاد المغرب بين المسلمين والفرنجِ، فنصر الله المسلمينَ على أعدائِهم، فقتلوا منهم خمسينَ ألفًا وأَسَروا خمسةَ آلاف، وكان في جملةِ القَتلى آلاف من ملوك الفرنج، وغنموا شيئًا كثيًرا من الأموال، يقالُ: كان من جملة ما غنموا سبعون قنطارًا من الذهب والفضة، وإنما كان جيشُ الإسلام يومئذ ألفين وخمسَمائة فارس غير الرماة، ولم يُقتَلْ منهم سوى أحد عشر قتيلًا، وهذا من غريبِ ما وقع وعجيبِ ما سُمِع!

العام الهجري : 720 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

اجتمعت جُيوشُ السلطان الناصر بأرض حلَب نحوًا من عشرين ألفًا، عليهم كلِّهم نائبُ حلب الطنبغا وفيهم نائب طرابلس شهاب الدين قرطبة، فدخلوا بلاد الأرمن من إسكندرونة ففتحوا الثَّغرَ ثمَّ تل حمدان ثم خاضوا نهر جاهان فغَرِقَ منهم جماعة، ثم سلَّم اللهُ من وصلوا إلى سيس فحاصروها وضَيَّقوا على أهلها وأحرَقوا دارَ المَلِك التي في البلد، وقَطَعوا أشجارَ البساتين وساقوا الأبقارَ والجواميسَ والأغنام وكذلك فَعَلوا بطرسوس، وخَرَّبوا الضياعَ والأماكِنَ وأحرقوا الزروعَ ثمَّ رَجَعوا فخاضوا نهر جاهان, فلم يغرق منهم أحد، وأخرجوا بعد رجوعِهم مهنا وأولادَه من بلادهم وساقوا خَلفَه إلى عانة وحديثه، ثم بلغ الجيوشَ موتُ صاحب سيس وقيامُ ولده من بعده، فشَنُّوا الغارات على بلاده وتابعوها وغَنِموا وأسَروا إلَّا في المرة الرابعة فإنه قُتِلَ منهم جماعة.

العام الهجري : 720 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

في يومِ الخميس الثاني والعشرين من رجب عُقِدَ مجلس بدار السعادة للشَّيخِ تقي الدين ابن تيمية بحضرة نائب السَّلطنةِ، وحضر فيه القضاةُ والمُفتُونَ من المذاهب، وحضر الشيخُ وعاتبوه على العَودِ إلى الإفتاء بمسألةِ الطلاقِ، ثمَّ حُبِسَ في القلعةِ فبَقِيَ فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا، ثمَّ ورد مرسوم من السلطانِ بإخراجه يوم الاثنين يوم عاشوراء من سنةِ إحدى وعشرين، وكان الشيخُ قد عُقِدَ له أكثَرُ من مجلسٍ ومُنِعَ من الإفتاء في هذه المسألة في الطلاقِ، وهو أنَّ مَن حلف بالطلاقِ غَيرَ ناوٍ للطلاقِ فإنَّه لا يَقَعُ، ومسألة طلاقِ الثلاثِ في مجلسٍ واحدٍ تُعتبَرُ طلقةً واحدة، وقد أُصدِرَ مرسومٌ من السلطان بمَنعِه من الفتوى بهذه المسألةِ، وكان قد امتنع أوَّلًا، ثم في هذه السنة حصل اعتقالُه.

العام الهجري : 721 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1321
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ثم الدمشقي السكاكيني المتشيِّع، ولِدَ سنة 635 بدمشق، وطلب الحديثَ وتأدَّبَ وسَمِعَ وهو شابٌّ من إسماعيل بن العراقي والرشيد بن مسلمة، ومكي بن علان في آخرين، وتلا بالسبع، ومن مسموعاته مُسنَدُ أنس للحنيني على إسماعيل عن السلفي، ومن فوائد أبي النرسي بالسند عنه روى عنه البرزالي والذهبي وآخرون، من آخرهم أبو بكر بن المحب، وبالإجازة برهانُ الدين التنوخي. رُبِّي يتيمًا فأُقعِدَ في صناعة السكاكين عند شيخ رافضيٍّ فأفسد عقيدتَه, ثم أخذ عن جماعةٍ مِن الإمامية وله نظمٌ وفضائِلُ وردٌّ على العفيف التلمساني في الاتحاد، وأَمَّ بِقَريةِ جسرينَ مُدَّةً، وأقام بالمدينةِ النبويَّة عند أميرها منصور ابن جماز مدةً طويلةً، ولم يُحفَظْ له سبٌّ في الصحابةِ، بل له نظم في فضائِلِهم إلَّا أنه كان يناظر على القَدَرِ ويُنكِرُ الجَبْرَ وعنده تعبُّدٌ وسَعةُ عِلمٍ. قال الذهبي: "كان حلوَ المجالسة ذكيًّا عالِمًا فيه اعتزالٌ، وينطوي على دينٍ وإسلام وتعبُّدٍ، سَمِعْنا منه وكان صديقًا لأبي، وكان ينكر الجبرَ ويناظرُ على القَدَر" قال الصفدي: "وترَفَّضَ به أناسٌ من أهل القرى؛ لذا قال تقيُّ الدينِ ابنُ تيميَّة: "هو ممَّن يتسَنَّنُ به الشيعيُّ، ويتشَيَّعُ به السُّنيُّ!" وكان يجتَمِعُ به شيخُ الإسلام كثيرًا، وقيل إنَّه رجع في آخِرِ عُمُرِه ونسخ صحيحَ البخاري، وجد بعد موته بمدة في سنه 750 بخطٍّ يشبه خَطَّه كتابٌ يسمَّى الطرائف في معرفة الطوائف يتضمَّنُ الطعن على دين الإسلام وأورد فيه أحاديثَ مُشكِلة وتكلَّم على متونِها بكلامِ عارفٍ بما يقولُ إلَّا أنَّ وضعَ الكتابِ يدُلُّ على زندقةٍ فيه، وقال في آخره: وكتبه مصنِّفُه عبد الحميد بن داود المصري، وهذا الاسمُ لا وجود له، وشَهِدَ جماعة من أهل دمشق أنَّه خطُّه فأخذه تقي الدين السبكي عنده وقطَّعَه في اللَّيلِ وغَسَلَه بالماء، ونَسَب إليه عمادُ الدين ابن كثير الأبياتَ التي أوَّلُها: يا معشر الإسلام ذمي دينكم... الأبيات. مات شمس الدين في صفر في هذه السنة. وابنُه حسن نشأ في الرفضِ، فثبت عليه ذلك عند القاضي شرف الدين المالكي بدمشق وثبت عليه أنَّه يكَفِّرُ الشيخين وقَذَف ابنَتَيهما ونَسَب جبريل إلى الغلط في الرِّسالة، فحكم بزندقته وبِضَرب عُنُقِه فضُرِبَت سنة 744.

العام الهجري : 721 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1321
تفاصيل الحدث:

ثارت العامَّةُ يدًا واحدةً في يوم الجمعة تاسِعَ ربيع الآخر، وهَدَموا كنيستينِ مُتقابلتَينِ بالزهري، وكنيسة بستان السكري، وتعرف بالكنيسة الحمراء، وبعض كنيستين بمصرَ، ففي هذا اليوم الجمعة تاسع ربيع الآخر بطل العَمَلُ وقتَ الصلاةِ لاشتغالِ الأمراء بالصلاةِ، اجتمع من الغلمانِ والعامَّة طائفةٌ كبيرة، وصرخوا صوتًا واحدًا: اللهُ أكبر، ووقعوا في أركانِ الكنيسة بالمساحي والفُؤوسِ حتى صارت كُومًا، ووقع مَن فيها من النصارى، وانتهب العامَّةُ ما كان بها، والتفَتوا إلى كنيسة الحمراء المجاورة لها، وكانت من أعظَمِ كنائس النصارى، وفيها مالٌ كبير، وعِدَّةٌ من النَّصارى ما بين رجالٍ ونساءٍ مُتَرَهِّبات، فصعدت العامَّةُ فوقها، وفتحوا أبوابَها ونهبوا أموالَها وخُمورَها، وانتقلوا إلى كنيسةِ بومنا بجوار السبع سقايات، وكانت مَعبدًا جليلًا من معابد النصارى، فكَسَروا بابَها ونهبوا ما فيها، وقَتَلوا منها جماعة، وسَبَوا بنات كانوا بها تزيد عِدَّتُهن على ستين بكرًا، فما انقضت الصلاة حتى ماجت الأرضُ، فلما خرج الناسُ من الجامع رأوا غبارًا ودخانَ الحريق قد ارتفعا إلى السَّماءِ، وما في العامَّةِ إلَّا من بيده بنتٌ قد سباها أو جَرَّة خمرٍ أو ثوب أو شيء من النهب، فدُهِشوا وظنُّوا أنها الساعة قد قامت، وقَدِمَ مملوك والي مصر وأخبر بأن عامَّتَها قد تجمَّعَت لهدم كنيسة المعلَّقة حيث مسكَنُ البطرقِ وأموال النصارى، ويَطلُبُ نجدة، فلِشِدَّةِ ما نزل بالسلطان من الغَضَبِ هَمَّ أن يركَبَ بنَفسِه، ثم أردف أيدغمش بأربعةِ أمراء ساروا إلى مصر، وبعث بيبرس الحاجِبَ، وألماس الحاجب إلى موضع الحفر، وبعث طينالَ إلى القاهرة، ليضعوا السيف فيمن وَجَدوه، فقامت القاهرةُ ومصر على ساق، وفَرَّت النهَّابة، فلم تُدرِك الأمراءُ منهم إلا من غلب على نفسِه بالسُّكرِ مِن الخمر، وأدرك الأميرُ أيدغمش والي مصر وقد هزمته العامَّةُ من زقاق المعلقة، وأنكَوا مماليكَه بالرَّميِ عليهم، ولم يبقَ إلَّا أن يحرقوا أبوابَ الكنيسة، فجَرَّد هو ومن معه السيوفَ ليفتِكَ بهم، فرأى عالَمًا عظيمًا لا يحصيهم إلَّا خالِقُهم، فكفَّ عنهم خوفَ اتِّساعِ الخَرقِ، ونادى مَن وقَفَ فَدَمُه حلالٌ، فخافت العامَّةُ أيضًا وتفَرَّقوا، ووقف أيدغمش يحرُسُ المعَلَّقة إلى أن أُذِّنَ بالعصر، فصلى بجامع عمرو بن العاص، وعيَّنَ خمسينَ حارِسًا للمَبيتِ مع الوالي على بابِ الكنيسة، وعاد. وقيل كأنَّما نودي في إقليم مصر بهدمِ الكنائس، وأوَّل ما وقع الصوتُ بجامع قلعة الجبل, وذلك أنَّه لما انقضت صلاةُ الجمعة صرخ رجلٌ مُولَهٌ في وسط الجامع: "اهدِموا الكنيسةَ التي في القلعةِ"، وخرج في صراخه عن الحَدِّ واضطرب، فتعجَّب السلطانُ والأمراء منه، ونُدِبَ نقيب الجيش والحاجب لتفتيش سائر بيوت القلعة، فوجدوا كنيسةً في خرائب التتر قد أُخفِيَت، فهدموها، وما هو إلَّا أن فرغوا من هَدمِها والسلطانُ يتعَجَّبُ إذ وقع الصراخُ تحت القلعة، وبلغه هدمُ العامَّة للكنائس، وطُلِبَ الرجُلُ المُولَهُ فلم يُوجَدْ، وعندما خرج الناسُ من صلاة الجمعة بالجامع الأزهر من القاهرة رأوا العامةَ في هرج عظيم، ومعهم الأخشابُ والصُّلبان والثياب وغيرها، وهم يقولون: "السلطانُ نادى بخراب الكنائس"، فظنُّوا الأمر كذلك، وكان قد خُرِّبَ من كنائس القاهرة سوى كنيستي حارة الروم وحاره زويلة وكنيسة بالبندقانيين كنائس كثيرة، ثم تبيَّنَ أنَّ ذلك كان من العامة بغير أمر السلطان، فلما كان يومُ الأحد الحادي عشر سقط الطائِرُ من الإسكندرية بأنَّه لَمَّا كان الناس في صلاة الجمعة تجمَّع العامَّةُ وصاحوا هُدِمَت الكنائس، فركب الأميرُ بدر الدين المحسني متولي الثغر بعد الصلاةِ لِيُدرِك الكنائس، فإذا بها قد صارت كُومًا، وكانت عِدَّتُها أربع كنائس، ووقعت بطاقةٌ من والي البحيرة بأنَّ العامَّةَ هَدَمت كنيستين في مدينة دمنهور، والنَّاسُ في صلاة الجمعة، ثمَّ ورد مملوكُ والي قوص في يوم الجمعة السابع عشر، وأخبر بأنه لما كان يوم الجمعة هدم العامَّةُ سِتَّ كنائس بقوص في نحو نصف ساعة، وتواترت الأخبار من الوجه القبلي والوجه البحري بهدم الكنائس وقت صلاةِ الجمعة، فكثُرَ التعَجُّبُ من وقوع هذا الاتِّفاق في ساعةٍ واحدة بسائر الأقاليم، وكان الذي هُدِمَ في هذه الساعة من الكنائِسِ سِتُّونَ كَنيسةً!!