الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1185 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 1437 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2016
تفاصيل الحدث:

وُلِد شمعون بيريز في بولندا، وهاجَرَت عائلتُه إلى فِلَسطينَ في عامِ 1934م (أيامَ الانتدابِ البريطانيِّ)، واستقَرَّت في مدينةِ تل أبيب التي أصبَحَت في تلك الأيامِ مَركزًا للمجتمَعِ اليهوديِّ. تعلَّمَ في مدرسةِ "غيئولا" في تلِّ أبيب، ثم واصلَ دراستَه في المدرسةِ الزراعيَّة "بن شيمن" قُربَ مدينةِ اللدِّ. وفي 1947م انضمَّ إلى قيادةِ الهجاناه، وكان مَسؤولًا عن شراءِ العَتادِ والموارِدِ البشريَّة. وفي ذلك الحينِ عَمِلَ مع دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وعمِلَ دبلوماسيًّا في وزارةِ الدِّفاعِ الإسرائيليَّةِ، وكانت مُهمَّتُه جَمعَ السِّلاحِ اللازمِ لدولةِ إسرائيلَ الحديثةِ. وفي 1949م عُيِّن بيريز رئيسًا لبَعثةِ وزارةِ الدَّفاعِ الإسرائيليَّةِ إلى الولاياتِ المتَّحدة. وفي 1952م عُيِّنَ نائبًا للمديرِ العامِّ لوَزارةِ الدفاعِ الإسرائيليَّة، ثم أصبحَ المديرَ العامَّ في 1953م. ونجَحَ في بناءِ المُفاعلِ النوويِّ الإسرائيليِّ (مفاعلِ ديمونةَ) من الحُكومةِ الفرنسيَّة، كذلك نظَّمَ التعاونَ العسكريَّ مع فرنسا الذي أدَّى إلى الهجومِ على مصرَ في أكتوبر 1956 ضِمنَ العُدوانِ الثُّلاثيِّ. وترَكَ بيريز حزبَ ماباي عام 1965 ليؤسِّسَ مع ديفد بن غوريون حزبَ رافي، ثم عاد للعمَلِ على توحيدِ الحِزبينِ عامَ 1968 تحت اسمِ حِزبِ العمَلِ الإسرائيليِّ، وأصبحَ زعيمًا له عامَ 1977. وتولَّى منصبَ رئيسِ الوزراءِ بالتناوبِ مع إسحاق رابين، ثم صار نائبًا لرئيسِ الوُزراءِ ووزيرًا للخارجيَّةِ في المدَّةِ ما بين 1986 و1988، وشغَلَ بعدها منصِبَ وزير الماليَّةِ، ثم عُيِّنَ عامَ 1992 وزيرًا للخارجيَّةِ. فشرَعَ في مفاوضاتٍ تمخَّضَت عن توقيعِ اتفاقيَّةِ أوسلو مع منظمَّةِ التحريرِ الفلسطينيَّةِ في سبتمبر 1993، تقاسَم بعدها جائزةَ نوبل للسَّلامِ مع رابين وياسر عرفات. وفي أكتوبرَ 1994 وقَّع معاهدةَ السلامِ مع الأَردُنِّ. وبعد اغتيالِ رابين، تولَّى رئاسةَ الوزراءِ في 1995، وأمرَ بعُدوانٍ عسكريٍّ شاملٍ ضدَّ لُبنانَ في 1996 سُمِّي بعناقيدِ الغضَبِ في محاولةٍ للقَضاءِ على المقاومةِ، قصَفَ فيه مدُنَ لُبنانَ بما فيها العاصمةُ بيروتُ، وفي عامِ 2007 انتُخِب رئيسًا لإسرائيلَ حتى 2014. وفي 13 سبتمبر 2016 نُقِلَ إلى مستشفى تلِّ هاشومير، قُربَ تلِّ أبيب، بعد تَعرُّضِه لجَلطةٍ في الدِّماغِ. وتوفِّيَ عن عمرٍ ناهزَ 93 عامًا.

العام الهجري : 1442 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2020
تفاصيل الحدث:

وُلد عام ١٣٧٥هـ الموافق 1955م في بلدة أبو ديس بمحافظة القُدسِ عندما كانت تحتَ الإدارة الأردنيَّةِ.
تلقَّى تعليمَه المدرسيَّ في مدارس مدينة أريحا، وحصل على شهادةِ الدِّراسةِ الثانويَّةِ العامَّة عام ١٣٩٢هـ الموافق 1972م، وحصل على درجة البكالوريوس في عام ١٣٩٧هـ الموافق 1977م، وعلى درجة الماجستير في عام ١٣٩٨هـ الموافق 1978م من جامعة سان فرانسيسكو الحكومية بالولاياتِ المتَّحدةِ في تخصُّصِ العُلومِ السياسيَّةِ، وكان رئيسًا لاتحادِ الطَّلَبةِ العَرَبِ في الجامعةِ. ابتعثَتْه جامعة النجاح الوطنيَّة إلى جامعة برادفورد في المملكة المتَّحِدة، وحصل منها على درجةِ الدُّكتوراه في دراساتِ السَّلامِ عام ١٤١٤هـ الموافق 1983م.
عمل محاضرًا في جامعة النجاح الوطنيَّة بين عامَيْ ١٣٩٩هـ -1411هـ الموافق 1979م -1990م، وكان بين عامَيْ ١٤٠٣هـ - ١٤٠٧هـ الموافق 1982م و1986م مديرًا للعلاقاتِ العامَّةِ فيها، كما عَمِل مع جريدة القُدسِ في كتابةِ المقالاتِ الافتتاحيَّةِ والإخباريَّةِ بين عامَيْ ١٤٠٣هـ - ١٤١٥هـ الموافق 1982م و1994م.
كان نائبًا لرئيس الوَفدِ الفلسطينيِّ حيدر عبد الشافي إلى مؤتمَر مدريد عام ١٤١٢هـ الموافق 1991م وما تلاه من مُباحثاتٍ في واشنطن خِلالَ عامي ١٤١٣هـ - ١٤١٤هـ الموافق 1992 -1993، وعُيِّن رئيسًا للوفدِ الفلسطينيِّ المفاوض عام ١٤١٥هـ الموافق 1994م.
عُيِّن وزيرًا للحُكمِ المحلِّي في حكومةِ ياسر عرفات. وفي عام ١٤١٦هـ الموافق 1995م لُقِّب بـ «كبير المفاوِضِين الفلسطينيِّين»، وانتُخِبَ عُضوًا في المجلِسِ التشريعيِّ الفلسطيني. كان مُقَرَّبًا من ياسر عرفات إبَّان قمة كامب ديفيد عام ١٤٢١هـ الموافق 2000م والمفاوضات التي أعقبتها في طابا عام 1422ه الموافق 2001م.
عُين وزيرًا لشؤون المفاوضات في حكومةِ محمود عبَّاس، وعُيِّن رئيسًا لدائرة شؤون المفاوضات في منظمةِ التحريرِ الفلسطينية، ثم عضوًا في لجنة المفاوضات ضِمنَ اللَّجنةِ التنفيذيَّة لمنظَّمة التحرير الفلسطينية. ثم عضوًا في مجلس الأمِنِ القوميِّ الفلسطينيِّ بصفته رئيسًا لدائرة شؤون المفاوضات في منظَّمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ.
توفي عن عمرٍ ناهز 65 عامًا، وكانت وفاتُه في مستشفى هداسا عين كارم، وذلك على إثْرِ إصابته بفيروس كورونا (كوفيد-19). وشُيِّع ودُفِن في مدينة أريحا.

العام الهجري : 1346 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1927
تفاصيل الحدث:

أقامت حكومةُ العراق بدعمٍ من الإنجليز مخفرًا على ماء بُصية في الحدود النجدية العراقية، وأعلنت رسميًّا عَزْمَها بناء حصون أخرى، ورأى الملك عبد العزيز في ذلك مخالفةً للمادة الثالثة من معاهدة العقير عام 1915م التي تنصُّ على عدم استخدام أيٍّ من الطرفين الآبار الموجودة على أطراف الحدود لأيِّ غرض حربي، كوضع قلاع عليها، أو تعبئتها بالجند، فاحتجَّ الملك عبد العزيز على هذا الخَرقِ الصريح للاتفاقيات المبرمة، ولكنَّه لم يتلقَّ بعد شهرٍ إلا إجابة فيها مراوغةٌ من المندوب البريطاني في العراق؛ لذلك بدأ فيصل الدويش بالهجومِ على المخفر فقد رأى أنَّ بناءَ حكومة العراق مخفر بُصَية ووعْدَها ببناء غيره على الحدود العراقية النجدية أمرًا يهَدِّدُ حياتَهم وأمْنَهم، ويحرِمُهم من آبار المياه التي لا غنى لهم عنها والتي يعتمدون عليها اعتمادًا كليًّا، فاتخذ قرارًا دون الرجوع إلى الإمام؛ لقناعته أن المفاوضات السلمية مع الإنجليز لن تأتيَ بنتيجة، فأرسل قوةً صغيرة هاجمت المخفر وقتَلَت من فيه من العمَّال والجنود الذين كانوا مكَلَّفين بحمايتهم، وبعد ثلاثة أشهر من حادثة البصية قام سِربُ طيران إنجليزي بقصف شمال نجد فألقت طائراتٌ إنجليزية قنابِلَ على هجرة اللصافة التابعة لقبيلة مطير، فدمرت مسجِدَها وبعض بيوتها، وأثار حالةً من الفزع بين بدوِ قبائل مطير، ولقي رجال وأطفال ونساء وحيوانات مصرعَهم من دون تمييزٍ.

العام الهجري : 1434 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 2013
تفاصيل الحدث:

تُوفِّي في باريس الرئيسُ الموريتانيُّ الأسبَقُ المصطفى ولد محمد السالك، الذي حَكَم البلاد ما بين عامَي (1978م و1980م). وينحدِرُ المصطفى من ولايةٍ لعصابة جنوبَ شرق موريتانيا، وبدأ رِحلتَه الدراسيَّةَ من مدينة داكار ليُصبِحَ في النهايَةِ معلِّمًا، وبعد الاستقلال سنةَ (1960م) كان من أوائلِ الضُّباطِ الذين شكَّلوا نواةَ الجيشِ الموريتاني، وتلقَّى تكوينَه العسكريَّ في فرنسا، ثم تولَّى قيادةَ الجيشِ ما بين (1968م و1969م) خَلَفًا للعقيد مبارك ولد بن مختار. وفي سنة (1970م) عُيِّن واليًا لولاية آدرار شمالَ البلاد حتى مارس سنة (1978م) حيث تمَّ تعيينُه للمرَّةِ الثانية قائدًا للجيش، ثمَّ قام هو ومجموعةٌ من الضُّباط بانقلابٍ على الرئيس المختار ولد داداه في يوم (10 يوليو 1978م). وكرئيسٍ للَّجنة العسكريَّةِ للخلاصِ الوطنيِّ التي قادت الانقلابَ أصبح العقيدُ ولد السالك الرئيسَ الثانيَ لموريتانيا بعد الاستقلال ورئيسًا للوُزراء كذلك، ولكنَّه فَشِل فشلًا ذريعًا في إدارة الأزمة التي خلَّفَتْها حربُ الصحراء والتي كانت هي سببَ الانقلابِ الذي أتى به إلى السُّلطة فاستقال في عام (1979م) من رئاسة الوزراء فخَلَفه العقيدُ أحمد ولد بوسيف في المنصب، وفي (1979م) تمَّت الإطاحةُ به من الرِّئاسة من خلالِ انقلابٍ آخرَ قام به زملاؤُه في اللَّجنة العسكرية للخلاص الوطنيِّ، وتعرَّض للسَّجن في السنوات ما بين (1981م و1984م). وفي سنة (1991م) ومع أولِ انتخاباتٍ رئاسية في موريتانيا ترشَّح ولد السالك ضدَّ الحاكِمِ العسكريِّ آنذاك ولد الطايع.

العام الهجري : 1248 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1833
تفاصيل الحدث:

تمَّ توقيعُ اتفاقية "كوتاهية" بين محمد علي باشا والدولة العثمانية بعد حروبٍ دامية بينهما، بتدخُّلٍ من روسيا وبريطانيا وفرنسا؛ للحِفاظِ على مصالحِهم، واتفق الطرفان على أن تتخلى الدولةُ العثمانيةُ لمحمد علي عن سوريا وإقليم أضنة، ونَصَّت المعاهدة على أن تتراجَعَ جيوش محمد علي عن إقليمِ الأناضول إلى ما بعد جبالِ طوروس، مع تثبيت محمَّد علي في ولاية مصر مدَّةَ حياته له ولنَسلِه، ويُعطى معها الشام وكريت والحجاز، فيُعَيِّن محمد علي واليًا مِن قِبَلِه على ولاياتِ الشام الأربع: عكا وطرابلس ودمشق وحلب، وعلى جزيرة كريت أيضًا، ويعين إبراهيم بن محمد علي واليًا على إقليم أضنة، وهو الإقليم المتاخِم للأناضول.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

هو المؤيَّدُ إبراهيمُ بن جعفر المتوكِّل على الله، أحدُ وُلاةِ العهد الثلاثة بعد الخليفةِ المتوكِّل: وهم المنتصر بالله، والمعتَزُّ بالله، والمؤيَّد، تمَّ خَلْعُه من ولاية العهد مرتين؛ الأولى: في عهد أخيه المنتصِر؛ حيث قام بخلعِه مع المعتز بضَغطٍ من قادة الأتراك, والثانية: على يد أخيه المعتزِّ بالله؛ حيث تمَّ إجبارُه على خَلعِ نَفسِه من ولاية العهدِ، ومن ثمَّ تمَّ قتلُه في ظروف غامضة, وكانت امرأةٌ من نساء الأتراك قد جاءت إلى محمَّد بن راشد المغربي فأخبَرَته أنَّ الأتراك يريدون إخراج إبراهيمَ المؤيَّد من الحبس، وركب محمد بن راشد إلى المعتز فأعلَمَه ذلك، فدعا بموسى بن بغا فسأله فأنكر، وقال: يا أمير المؤمنين إنما أرادوا أن يُخرِجوا أبا أحمد بن المتوكِّل لأُنسِهم به، وأما المؤيَّد فلا، فلما كان يومُ الخميس لثمانٍ بَقِين من رجبٍ دعا المعتزُّ القضاةَ والفقهاء والشهودَ والوجوه، فأُخرِجَ إليهم إبراهيمُ المؤيَّد ميتًا لا أثر به ولا جُرحَ، وحُمِلَ إلى أمه على حمارٍ، وحُمِلَ معه كفَنٌ وحَنوطٌ، وأُمِرَ بدَفنِه، وحول أبو أحمد إلى الحجرة التي كان فيها المؤيَّد، فيقال غُطِّي على أنفِه فمات، وقيل: أُقعِدَ في الثلج ووُضِعَ على رأسه، وقيل في سبب موتِه أشياء أخرى.

العام الهجري : 1194 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1780
تفاصيل الحدث:

توصَّلت الدولةُ العثمانية في تلك الفترة إلى توقيعِ اتِّفاقٍ مع نادر شاه، أكبر ولاة فارس في مدينة تفليس، وكان الغرضُ منه هو تحديدَ الحدودِ بينهما.

العام الهجري : 569 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

كان نور الدين قبل أن يمرَضَ قد أرسل إلى البلاد الشرقيَّة- الموصل وديار الجزيرة وغيرها- يستدعي العساكِرَ منها للغَزاة، والمراد غيرها، وقد تقدَّمَ ذِكرُه، فسار سيفُ الدين غازي بن قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، في عساكره، وعلى مُقَدِّمتِه الخادم سعد الدين كمشتكين الذي كان قد جعله نورُ الدين بقلعة الموصل مع سيف الدين، فلما كانوا ببعضِ الطريق وصلت الأخبار بوفاة نور الدين، فأمَّا سعد الدين فإنَّه كان في المقَدِّمة، فهرب جريدة. وأما سيفُ الدين فأخذ كلَّ ما كان له من برك وغيره، وعاد إلى نصيبين فملَكَها، وأرسل الشحنَ إلى الخابور فاستولوا عليه، وأقطَعَه، وسار هو إلى حرَّان فحصرها عدَّةَ أيام، وبها مملوكٌ لنور الدين يقال له قايماز الحراني، فامتنع بها، وأطاع بعد ذلك على أن تكون حرَّان له، ونزل إلى خدمة سيف الدين، فقبض عليه وأخذ حران منه، وسار إلى الرَّها فحصرها ومَلَكَها، وكان بها خادِمٌ خَصِيٌّ أسود لنور الدين فسَلَّمَها وطلب عِوَضَها قلعة الزعفران من أعمالِ جزيرة ابن عمر، فأُعطِيَها، ثم أُخِذَت منه، ثم صار يستعطي ما يقوتُه، وسيَّرَ سيف الدين إلى الرقة فمَلَكها، وكذلك سروج، واستكمل ملك جميع بلاد الجزيرة سوى قلعة جعبر، فإنَّها كانت منيعة، وسوى رأس عين، فإنَّها كانت لقطب الدين، صاحب ماردين، وهو ابنُ خال سيف الدين، فلم يتعَرَّض إليها. وكان شمس الدين علي بن الداية، وهو أكبَرُ الأمراء النورية، بحَلَب مع عساكرها، فلم يقدِرْ على العبور إلى سيف الدين ليمنَعَه من أخذ البلاد، لفالج كان به، فأرسل إلى دمشقَ يطلب المَلِكَ الصالح، فلم يُرسَل إليه، ولَمَّا ملك سيف الدين الديار الجزرية قال له فخر الدين عبد المسيح، وكان قد وصل إليه من سيواس بعد موتِ نور الدين، وهو الذي أقَرَّ له الملك بعد أبيه قطب الدين، فظَنَّ أن سيف الدين يرعى له ذلك، فلم يجنِ ثمرة ما غرس، وكان عنده كبعضِ الأمراء، قال له: الرأيُ أن تعبر إلى الشام فليس به مانعٌ، فقال له أكبَرُ أمرائه، وهو أميرٌ يقال له عز الدين محمود المعروف بزلفندار: قد ملكتَ أكثَرَ ما كان لأبيك، والمصلحةُ أن تعود، فرجع إلى قولِه، وعاد إلى الموصل.

العام الهجري : 1213 العام الميلادي : 1798
تفاصيل الحدث:

كان الهجومُ الفرنسي على مصر يُعتبَرُ أوَّلَ هجوم صليبي على ولايةٍ عربية من ولايات الدولة العثمانية في التاريخِ الحديث، وعلى الفورِ أعلن السلطانُ سليم الثالث الجهادَ على الفرنسيين الصليبيين واستجاب لدعوته المسلمون في الحجاز والشام وشمال أفريقيا, فمن الحجاز خرجت جموعٌ من المسلمين بقيادة محمد الكيلاني، وتكوَّنت من مسلمي الوجه القبلي في مصر وخاصة عرب الهوَّارة، وأهالي النوبة، وقوَّات مراد بك جبهةٌ حربيةٌ إسلامية في مواجهة جبهة حربية نصرانية كانت تتألفُ من القوات الفرنسية النهرية والبرية، والفيالق القبطية بقيادة المعلم "يعقوب يوحنا" في الجيش الفرنسي، وبرغم كلِّ وسائل التودُّد، فقد أبدى المصريون عدم تقبُّلِهم للفرنسيين.

العام الهجري : 207 العام الميلادي : 822
تفاصيل الحدث:

تُنسبُ الدَّولةُ الطاهريَّةُ إلى طاهر بن الحُسين بن مصعب بن رُزَيق، وكان أبوه أحدَ وُجَهاءِ خراسان ومِن سادتِها في عصر الخليفة العباسيِّ هارون الرشيد، وقد ولَّاه الرشيد بوشنج- إحدى مدن خراسان- والتي تقعُ بين هراة وسرخس. وبعد وفاة هارونَ الرشيد سنة 194هـ حدث نزاعٌ حول الخلافة بين ابنيه: الأمينِ والمأمون، وتصاعد الخِلافُ إلى حدِّ الحرب والاقتتال، وفي ظلِّ تلك الأجواء المشحونةِ بالقتال والصِّراع، وجد طاهِرُ بن الحسين طريقَه إلى الاستقلالِ بخراسان حينما استطاع إلحاقَ الهزيمة بجيش الأمينِ الذي أرسلَ عدَّةَ مرَّات ليقضي عليه، وكل ذلك لا يستطيعُ، وأدَّت تلك الانتصاراتُ المتتالية التي حَقَّقَها طاهِرٌ إلى خروج عمَّالِ الأمين عن طاعتِه، والمسارعةِ إلى خلْعِه وإعلان الطاعةِ لأخيه، واتَّجه طاهِرٌ بجُيوشه إلى بغداد فحاصرها مدَّةً طويلة حتى ضاق الناسُ واشتَدَّ الجوعُ، فلمَّا تمكَّنَ من دخولِها قبض على الأمينِ ثمَّ أمرَ بقَتلِه، واستقَرَّ الأمر للمأمونِ بالخلافة سنة 198هـ فأسند إلى طاهرٍ ولاية خراسانَ وبقية ولاياتِ المَشرِق، فلمَّا توفي طاهر سنة 207هـ عهِدَ المأمونُ إلى عبد الله بن طاهر بولاية خراسانَ خلفًا لأبيه، ثم أخذَ الطاهريُّونَ يَفقِدونَ السيطرةَ على مناطِقِهم لصالحِ الصفاريِّين الذين استطاعوا أخيرا سنة 259ه أن يُنهوا حكمَ الطاهريِّين.

العام الهجري : 1385 العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

هو معالي الوزير عبد الله بن سليمان الحمدان وزير الملك عبد العزيز، وُلِدَ سنة 1305هـ 1887م بمدينة عنيزة في القصيم. قصد الهند بعد أن تجاوز الطفولةَ، ثم تنقَّل بينها وبين البحرين وبعض بلاد الخليج في طلب الرزق، ثم استقرَّ في الرياض؛ حيث كان له أخٌ اسمُه محمد يعمل في ديوان الملك عبدالعزيز قبل أن يتمَّ تنظيم الديوان، ولما مَرِضَ محمد ناب عنه عبد الله سنة 1338هـ 1919م، ولما رأى الملك عبد العزيز حُسنَ خَطِّه وذكاءَه ونشاطَه سَلَّمه صندوقَ دراهمه يُنفِقُ منه على بيتِه وأضيافِه. تقدَّم ابن سليمان في عمله حتى كفى الملكَ همَّ توفير المال. استمرَّ ابنُ سليمان وهو الشخصية الأولى في الدولة بعد الملك وكبار الأمراء مدةَ وزارته الطويلة، فلم يبلغْ إنسان من رجال عبد العزيز ما بلغه عنده من وثوقٍ ونفوذِ كلمة، وتمكُّنٍ؛ لذا لم يقتصِرْ عمله على المالية، بل أضيفت له مهامُّ خطيرة أخرى، كالدفاع قبل أن تنشأ وزارةُ الدفاع، ووكالةِ الخارجية أحيانًا، وشُؤون المعادن، ومنها البترول وما يتَّصِل بذلك من اتفاقيات ومداولات داخلية وخارجية؛ فهو الذي وقَّع اتفاقيةَ منح شركة "استاندر أويل أوف كاليفورنيا" -التي أصبحت فيما بعدُ أرامكو- حقَّ امتياز التنقيب عن النفط، وكانت من عادة ابن سليمان حين يجمعُه بالملك بلدٌ واحد أن يدخل عليه في غرفة النوم بعد صلاة الفجر كلَّ يوم، فيَعرِض عليه ما يهمُّه ويخرج بالموافقة على ما يريد، وكانت لا تخرجُ برقية من ديوان الملك إلَّا أرسلت بالبرق ثلاث نُسَخٍ منها: إلى ولي العهد، والنائب العام، وابن سليمان. استقال ابنُ سليمان بعد وفاة الملك عبد العزيز من العمل من الحكومة، وتحوَّل إلى رجل أعمال، فأنشأ فنادِقَ وشركات. خدم الملك 35 سنة، وسمِّي ابن سليمان وزيرًا للمالية سنة 1347هـ / 1929م، واستقال في مطلع محرم 1374هـ 1954م وتوفِّي بجدة.

العام الهجري : 1371 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1951
تفاصيل الحدث:

اتَّفَقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949م على مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا الذي يقضي بفرضِ الوصاية الإيطالية على طرابلس، والوصاية البريطانية على برقة، والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تُمنَح ليبيا الاستقلالَ بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقةِ على مشروع الوصاية، وقد وافقت عليه اللجنةُ المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949م وقُدِّمَ إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه، ولكِنَّ المشروع باء بالفشل؛ لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيِّدة، ثم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرارَ رقم 289 في 21/11/1949م الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالَها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952م، وكُوِّنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة، وفي شهر أكتوبر 1950م تكوَّنت جمعية تأسيسية من ستين عضوًا يمثِّلُ كُلَّ إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثةِ: عِشرون عُضوًا، وفي 25 نوفمبر من السنة نفسها اجتمعت الجمعية التأسيسية برئاسة مفتي طرابلس؛ لتقرر شكل الدولة، وكلفت الجمعية التأسيسية لجنةً لصياغة الدستور، فقَدَّمت تقريرها إلى الجمعية التأسيسية في سبتمبر 1951م، وكانت قد تكوَّنت حكومات إقليمية مؤقتة بليبيا، وفي 29 مارس 1951م أعلنت الجمعيةُ التأسيسية عن تشكيل حكومة اتحادية لليبيا مؤقتة في طرابلس برئاسة السيد محمود المنتصر، وفي يوم 12/10/1951م نقلت إلى الحكومة الاتحادية والحكومات الإقليمية السلطةُ كاملة ما عدا ما يتعَلَّق بأمور الدفاع والشؤون الخارجية والمالية؛ فالسلطات المالية نُقِلَت إلى حكومة ليبيا الاتحادية في 15/12/1951م، وأعقَبَ ذلك في 24 ديسمبر 1951م إعلان الدستور واختيار إدريس السنوسي ملِكًا للمملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاثة ولايات (طرابلس، برقة، فزان). ولكن على الرغم من كل ما قامت به بعض الدوائر الاستعمارية بعد 1951م من أجل الإبقاءِ على ليبيا مقَسَّمة وضعيفة تحت ذلك النظام الاتحادي، فإنَّ شعب ليبيا عَبْرَ ممثليه المنتَخَبين قاموا في 26 إبريل 1963م بتعديل دستورهم، وأسَّسوا دولة ليبيا الموحَّدة وأزالوا جميع العقبات التي كانت تحولُ دون وحدة ليبيا تحت اسم المملكة الليبية وعاصمتها مدينة البيضاء.

العام الهجري : 660 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1262
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامة أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن القاسم بن الحسن بن محمد المهذب، المشهورُ بالعز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي شيخ المذهب ومُفيدُ أهله، وله مصنَّفاتٌ حِسانٌ، منها التفسير الكبير، واختصار النهاية، والقواعد الكبرى والصغرى قواعد الأحكام في مصالح الأنام، وكتاب الصلاة، والفتاوى الموصلية، وغير ذلك، ولد سنة 578 وقيل سنة سبع، وسَمِعَ كثيرًا، واشتغل على فخر الدين بن عساكر وغيره، وبرع في المذهَبِ وجَمَعَ عُلومًا كثيرة، وأفاد الطلبةَ ودَرَّسَ بعدة مدارس بدمشق، وولي خطابتَها ثم نفاه صاحِبُها إلى مصر بسَبَبِ أنَّه شنع عليه لتسليمه صفد والشقيف للصليبيين لقاءَ مساعدته على صاحبِ مصر، فدَرَّس بمصرَ وخَطَب وحكم. قال الذهبي: " دخل الشيخ عز الدين بن عبد السلام الشافعي إلى ديار مصر، وأقبل عليه السلطانُ الملك الصالح نجم الدين أيوب إقبالًا عظيمًا، وولَّاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسَه من القضاءِ مرتين وانقطع" انتهت إليه رئاسة الشافعيَّةُ، وقُصِدَ بالفتاوى من الآفاق، وكان رحمه الله آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر لا يخافُ في الله لومة لائم، ذكر جلال الدين السيوطي: "ولي الشيخُ عز الدين بن عبد السلام قضاءَ مِصرَ والوجه القبلي، وكان قَدِمَ في هذه السنة من دمشق بسبب أن سلطانَها الملك الصالح إسماعيل استعان بالفرنج وأعطاهم مدينةَ صيدا وقلعة الشقيف. فأنكر عليه الشيخُ عز الدين، وتَرَك الدعاء له في الخطبة، فغضب السلطانُ منه، فخرج إلى الديارِ المصريَّة، فأرسل السلطان الملك الصالح إسماعيل إلى الشيخ عز الدين؛ وهو في الطريق من يتلطَّفُ به في العَودِ إلى دمشق، فاجتمع به ولاينه، وقال له: ما نريد منك شيئًا إلا أن تنكَسِرَ للسلطان، وتقَبِّلَ يَدَه لا غير, فقال الشيخ له: يا مسكين، ما أرضاه يُقَبِّلُ يدي فضلًا عن أن أقبِّلَ يده! يا قوم، أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ! والحمد لله الذي عافانا ممَّا ابتلاكم. فلما وصل إلى مصر، تلقَّاه سلطانها الصالحُ نجم الدين أيوب وأكرمه، وولَّاه قضاء مصر، فاتفق أن أستاذ داره  فخر الدين عثمان بن شيخ الشيوخ- وهو الذي كان إليه أمر المملكة- عمد إلى مسجدٍ بمصر، فعَمِلَ على ظهره بناء طبلخاناه– مكان تدق فيه الطبول والأبواق- وبَقِيَت تُضرَبُ هناك، فلما ثبت هذا عند الشيخِ عز الدين حكَمَ بهَدمِ ذلك البناء، وأسقطَ عدالةَ فخر الدين، وعزَلَ نفسه من القضاء، ولم تَسقُطْ بذلك منزلة الشيخ عند السلطان، ولَمَّا تولى الشيخ عز الدين القضاء تصَدَّى لبيع أمراء الدَّولةِ من المماليك الأتراك، وذكر أنه لم يَثبُت عنده أنهم أحرار، وأنَّ حُكمَ الرِّقِّ مُستصحَبٌ عليهم لبيت مالِ المسلمين، فبَلَغَهم ذلك، فعَظُمَ الخطبُ عندهم، والشيخُ مُصَمِّمٌ لا يُصَحِّحُ لهم بيعًا ولا شراءً ولا نكاحًا، وتعطَّلَت مصالحُهم لذلك؛ وكان من جملتِهم نائبُ السلطنة، فاستثار غضبًا، فاجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال: نعقِدُ لكم مجلسًا، وننادي عليكم لبيتِ مال المسلمينَ، فرفعوا الأمرَ إلى السلطان، فبعث إليه فلم يرجِعْ، فأرسل إليه نائِبَ السلطنة بالملاطفةِ فلم يُفِدْ فيه، فانزعج النائبُ، وقال: كيف ينادِي علينا هذا الشَّيخُ، ويبيعُنا ونحن ملوكُ الأرضِ؟! واللهِ لأضربَنَّه بسيفي هذا، فرَكِبَ بنفسه في جماعته، وجاء إلى بيتِ الشيخ والسَّيفُ مسلول في يده، فطرق البابَ، فخرج ولدُ الشيخ، فرأى مِن نائبِ السلطان ما رأى، وشرحَ لأبيه الحال، فقال له: يا ولدي، أبوك أقلُّ من أن يُقتَلَ في سبيل الله، ثم خرج, فحين وقَعَ بصَرُه على النائِبِ يَبِسَت يدُ النائب، وسَقَط السيف منها، وأُرعِدَت مفاصِلُه، فبكى وسأل الشيخَ أن يدعو له، وقال: يا سيدي أيش تعمل؟ فقال: أنادي عليكم وأبيعُكم، قال: ففيم تَصرِفُ ثمَنَنا؟ قال: في مصالحِ المسلمينَ، قال: من يَقبِضُه؟ قال: أنا. فتَمَّ ما أراد، ونادى على الأمراءِ واحدًا واحدًا، وغالى في ثمَنِهم ولم يَبِعْهم إلَّا بالثَّمَن الوافي، وقَبَضَه وصَرَفه في وجوهِ الخير". توفي في عاشر جمادى الأولى وقد نيف على الثمانين، ودُفِنَ مِن الغد بسفحِ المقَطَّم، وحضر جنازتَه السلطان الظاهِرُ وخَلقٌ كثير، وقد كان يُعرَفُ بسلطانِ العلماء؛ لأنه كان مهابًا من قِبَل السلاطينِ، وكان يقول الحقَّ أمامَهم ولا يخافُهم، ويُفتي بلا مداهنةٍ بما يراه، وأشهَرُ ذلك فتواه لَمَّا جاء ابنُ العديم إلى مصر يحمِلُ رسالة استنجاد من قِبَلِ الناصر صلاح الدين صاحِبِ دمشق ضِدَّ التتار فجمَعَ الفقهاء والقضاة ليستفتوهم بأخذ المالِ من العامة لتجهيزِ الجيوشِ، فكان كلامُ العِزِّ بن عبد السلام هو الذي عوَّلوا عليه، وهو أنَّه قال: لا يأخُذُ السلطانُ مِن العامة أيَّ مالٍ إلا بعد أن ينتهيَ المالُ الذي في بيت المال، ثمَّ تُنفَقُ الجواهر والذَّهَب وما إلى ذلك التي عند الملوكِ والأمراءِ حتى يُصبِحوا في القَدرِ كالعامَّة، فحينها يجوزُ لهم أخذُ المال من العامة؛ لأن واجِبَ الجهادِ بالمالِ والنَّفسِ أصبَحَ على الجميعِ، فرحمه الله وجزاه خيرًا.

العام الهجري : 513 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1119
تفاصيل الحدث:

كانت حربٌ شديدة بين سنجر وابن أخيه السلطان محمود بن محمد، وكان سنجر عزم على قصد بلد الجبال والعراق وما بيد محمود ابن أخيه، ثمَّ إن السلطان محمودًا أرسل إلى عمه سنجر شرف الدين أنوشروان بن خالد وفخر الدين طغايرك بن اليزن، ومعهما الهدايا والتحف، وبذل له النزول عن مازندران، وحمل مائتي ألف دينار كل سنة، فوصلا إليه وأبلغاه الرسالة، فتجهَّز ليسير إلى الري، فأشار عليه شرف الدين أنوشروان بترك القتال والحرب، فكان جوابه في ذلك: إنَّ ولد أخي صبي، وقد تحكَّم عليه وزيره والحاجب علي، فلما سمع السلطان محمود بمسير عمه نحوه، ووصول الأمير أنر في مقدمته إلى جرجان؛ تقدم إلى الأمير علي بن عمر، وضم إليه جمعًا كثيرًا من العساكر والأمراء، فالتقيا بالقرب من ساوة ثاني جمادى الأولى من السنة، واستهان عسكر محمود بعسكر عمِّه بكثرتهم وشجاعتهم، وكثرة خيلهم، فلما التقوا ضعفت نفوس الخراسانية لما رأوا لهذا العسكر من القوة والكثرة، فانهزمت ميمنة سنجر وميسرته، واختلط أصحابُه، واضطرب أمرُهم، وساروا منهزمين، فألجأت سنجر الضرورة عند تعاظم الخطب عليه، أن يقَدِّمَ الفِيَلة للحرب، وكان من بقي معه قد أشاروا عليه بالهزيمة، فقال: إما النصر أو القتل، وأما الهزيمة فلا. فلما تقدمت الفِيَلة ورآها خيل محمود تراجعت بأصحابها على أعقابها، فأشفق سنجر على السلطان محمود في تلك الحال، وقال لأصحابه: لا تُفزِعوا الصبيَّ بحملاتِ الفِيَلة، فكفُّوها عنهم! وانهزم السلطان محمود ومن معه في القلب، ولما تم النصر والظفر للسلطان سنجر أرسل من أعاد المنهزمين من أصحابه إليه، ووصل الخبر إلى بغداد في عشرة أيام، فأرسل الأمير دبيس بن صدقة إلى المسترشد بالله في الخطبة للسلطان سنجر، فخُطِب له في السادس والعشرين من جمادى الأولى، وقُطِعت خطبة السلطان محمود، وحمل له السلطان محمود هدية عظيمة، فقبلها ظاهرًا، ورَدَّها باطنًا، ولم تُقبَل منه سوى خمسة أفراس عربية، وكتب السلطان سنجر إلى سائر الأعمال التي بيده كخراسان وغزنة وما وراء النهر، وغيرها من الولايات، بأن يُخطَب للسلطان محمود بعده، وكتب إلى بغداد مثل ذلك، وأعاد عليه جميعَ ما أخذ من البلاد سوى الري، وقصد بأخذها أن تكون له في هذه الديار لئلا يحَدِّثَ السلطان محمود نفسَه بالخروج.

العام الهجري : 572 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1176
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ، قاضي القضاة أبو الفضل كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري، الفقيه الموصلي الشافعي، بقيَّةُ الأعلام. وُلِدَ سنة 491, وكان والدُه أحد علماء زمانه يُلقَّب: بالمرتضى. لَمَّا قُتِلَ عماد الدين زنكي عند قلعةِ جعبر كان كمال الدين حاضرًا في العسكر هو وأخوه تاج الدين أبو طاهر يحيى، فلما رجع العسكَرُ إلى الموصل كانا في صُحبتِه, ولَمَّا تولى سيفُ الدين غازي بن عماد الدين زنكي فوَّضَ الأمورَ كُلَّها إلى القاضي كمال الدين وأخيه بالموصِل وجميع مملكته، ثمَّ إنه قبض عليهما في سنة 542 واعتقَلَهما بقلعة الموصل، ثمَّ إن الخليفة المقتفي شَفَعَ فيه وفي أخيه فأُخرِجا من الاعتقال، وقَعَدا في بيوتهما وعليهما الترسيمُ، ولما مات سيف الدين غازي رُفِعَ الترسيم عنهما، ثم انتقل كمال الدين إلى خدمة نور الدين محمود صاحب الشام في سنة 550 الذي احتفى به وأكرم وِفادتَه، فأقام بدمشق، ثم فوَّضَه نور الدين محمود في صفر سنة 555، نظَرَ الجامِعِ ودارَ الضرب وعمارة الأسوار والنَّظَر في المصالح العامة. واستناب ولَدَه وأولاد أخيه ببلاد الشام، وترقَّى القاضي كمال الدين إلى درجة الوزارة، وحَكَم في بلاد الشام في ذك الوقت، واستناب ولَدَه القاضي محيي الدين في الحُكم بمدينة حلب، ولم يكنْ شَيءٌ من أمور الدولة يخرجُ عنه، حتى الولاية وشد الديوان، ولَمَّا مات نور الدين وملك صلاح الدين دمشقَ أقَرَّه على ما كان عليه. وكان فقيهًا أديبًا شاعرًا كاتبًا ظريفًا فَكِهَ المجالسة، يتكَلَّمُ في الخلاف والأصول كلامًا حسنًا، وكان شهمًا جَسورًا كثير الصدقة والمعروف، وقَّفَ أوقافًا كثيرة بالموصل ونصيبين ودمشق، وكان عظيمَ الرياسة خبيرًا بتدبير المُلك، لم يكُنْ في بيته مثلُه ولا نال أحدٌ منهم ما ناله من المناصِبِ مع كثرة رؤساءِ بَيتِه، توفي القاضي كمال الدين في السادس من المحرم من هذه السنة، وقد كان من خيار القضاة وأخصِّ الناس بنور الدين محمود، ولَمَّا حضرته الوفاةُ أوصى بالقضاء لابنِ أخيه ضياء الدين بن تاج الدين الشهرزوري، مع أنَّه كان يجِدُ عليه؛ لِمَا كان بينه وبينه حين كان صلاحُ الدين سَجَنه بدمشق، وكان يعاكِسُه ويخالِفُه، ومع هذا أمضى وصيَّتَه لابن أخيه، فجلس في مجلسِ القضاءِ على عادةِ عَمِّه وقاعدتِه.