الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1037 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 836 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1433
تفاصيل الحدث:

كان السلطان الأشرف برسباي قد تجهز للسفر إلى جهة آمد من هذه السنة، وسبب ذلك أن قرا يلك مَلِك آمد أظهر أولًا أنه يريد الطاعة لَمَّا كان ابنه هابيل في قبضة السلطان من أيام تملُّك الرها، ثم لما مات هابيل بالطاعون لم يعُدْ قرا يلك يُلقي بالًا للسلطان، بل عدا على ملطية وغيرها من البلاد، وأحرق وأفسد، وكان السلطان في السنوات الماضية يُشيعُ أنه يريد السفر لقتاله؛ لعل قرا يلك يُرعَب منه فيطلب الصلح، ولكنه لم يفعَلْ، فعزم في هذه السنة على السفر فسافر إلى آمد، ثم وصل كتاب السلطان من الرها، مؤرخًا بالثامن عشر ذي القعدة، يتضمَّنُ أنه رحل عن آمد بعدما أقام على حصارها خمسة وثلاثين يومًا، حتى طلب قرا يلك الصلح، فصُولحَ، ورحل العسكر في الثالث عشر ذي القعدة، وكان من خبرهم أن سار السلطان بعساكره من الرها وعليهم الأسلحة وآلة الحرب، إلى أن نزل إلى آمد في يوم الخميس ثامن شوال، وقبل نزول السلطان عليها صَفَّ عساكره عدة صفوف، ووراءهم الثقل والخدم، حتى ملؤوا الفضاء طولًا وعرضًا، وقد هال أهل آمد ما رأوه من كثرة العساكر وتلك الهيئة المزعجة؛ لكثرة ما اجتمع على السلطان من العساكر المصرية والنواب بالبلاد الشامية وأمراء التركمان والعربان، وكان قرا يلك قبل أن يخرج من مدينة آمد أمر أن يُطلَق الماءُ على أراضي آمد من خارج البلد من دجلة، ففعلوا ذلك فارتطمت خيول كثير من العسكر بالماء والطين، فلم يكترث أحد بذلك، ومشى العسكر صفًّا واحدًا، ولم يكن لآمد قلعة بل سور المدينة لا غير، إلا أنه في غاية الحسن من إحكام بنيانه؛ فلهذا يصعب حصارها ويبعد أخذها عَنوةً، فوقف العسكر حول آمد ساعة، ثم مال السلطان بفرسه إلى جهة بالقرب من مدينة آمد، ونزل به في مخيمه، وأمر الناس بالنزول في منازلهم، وأمرهم بعدم قتال أهل آمد، ونزل الجميعُ بالقرب من آمد، كالحلقة عليها، غير أنهم على بعد منها، بحيث إنه لا يلحقهم الرمي من السور، ونزل السلطان بمخيمه وقد ثبت عنده رحيل قرا يلك من آمد، وأنه ترك أحد أولاده بها، فأقام بمخيَّمه إلى صبيحة يوم السبت عاشر شوال، فركب وزحف بعساكره على مدينة آمد بعد أن كلَّمهم السلطان في تسليمها قبل ذلك، وتردَّدت الرسل بينه وبينهم، فأبى من بها من الإذعان لطاعة السلطان وتسليم المدينة إلا بإذن قرا يلك، ولما زحف السلطان على المدينة اقتحمت عساكر السلطان خندق آمد، وقاتلوا من بها قتالًا شديدًا، حتى أشرف القوم على الظفر وأخْذ المدينة، ورُدِم غالب خندق مدينة آمد بالحجارة والأخشاب، وبينما الناس في أشدِّ ما هم فيه من القتال، أخذ السلطانُ في مقت المماليك وتوبيخهم، وصار كلما جُرِحَ واحد من عساكره وأُتي له به يزدريه ويهزأُ به، وينسب القوم للتراخي في القتال، ثم لبس هو سلاحه بالكامل، وأراد أن يقتحم المدينة بنفسه حتى أعاقه عن ذلك أعيان أمرائه، وهو يتكلم بكلام معناه أن عساكره تتهاون في قتال أهل آمد، فلا زالت الأمراء به، حتى خلع عن رأسه خوذته ولبس تخفيفة على العادة، واستمرَّ القرقل عليه، إلى أن ترضَّاه الأمراء، وخلع قرقله، وسَئِمَت الناس من القتال، هذا مع ما بلغهم من غضب السلطان، بعد أن لم يُبقوا ممكِنًا في القتال، وقد أثخنت جراحات الأمراء والمماليك من عِظَم القتال، كل ذلك والسلطان ساخِطٌ عليهم بغير حق، فعند ذلك فتر عزم القوم عن القتال من يومئذ، ولما انقضى القتال وتوجه كل واحد إلى مخيمه، وهو غير راض في الباطن، وجد أهل آمد راحة كبيرة بعودة القوم عنهم، وأخذوا في تقوية أبراج المدينة وسورها، بعد أن كان أمرهم قد تلاشى؛ مما دهمهم من شدة قتال مَن لا قِبَلَ لهم بقتاله، ونزل السلطان بمخيمه، وندب الأمراء والعساكر للزحف، على هيئة ركوبهم يوم السبت، في يوم الثلاثاء، وهو أيضًا في حال غضبه، وقد اجتهد مماليك السلطان وأمراؤه في القتال، وجُرِح الغالب منهم، فكان آخر كلام السلطان للأمراء: إن العساكر تركب صحبة الأمراء في يوم الثلاثاء، وتزحف على المدينة، ويكون الذي يركب مع الأمراء للزحف المماليك القرانيص، وأنا ومماليكي الأجلاب نكون خلفهم، وقامت قيامةُ القوم، وتنكَّرت القلوب على السلطان في الباطن، وتطاولت أعناقُ أمرائه إلى الوثوب عليه، وبلغ السلطان عن الأمراء والمماليك نوع من الممالأة على الفتك به، فاضطرب أمره وصار يحاور المدينة، وهو في الحقيقة محصور من احتراسه من أمرائه ومماليكه، وأخذ في الندم على سفره، وفتر عزمه عن أخذ المدينة في الباطن، وضَعُف عن تدبير القتال، هذا والقتال مستمر في كل يوم، بل في كل ساعة، بين العسكر السلطاني وبين أهل آمد، وقُتِلَ خلائق من الطائفتين كثيرة، وصار السلطان يضايق أهل آمد بكل ما وصلت قدرتُه إليه، هذا وقد قَوِيَ أمرهم واشتد بأسهم لما بلغهم من اختلاف عساكر السلطان، وبينما السلطان فيما هو فيه قَدِمَ عليه الأمير دولات شاه الكردي صاحب أكل من ديار بكر، فأكرمه السلطان وخلع عليه، ثم لما بلغ الأشرف أحمد ابن الملك العادل سليمان صاحب حصن كيفا قدوم السلطان الملك الأشرف إلى آمد، خرج من الحصن في قليل من عسكره في أوائل ذي القعدة يريد القدوم على السلطان، فاعترضه في مسيره جماعة من أعوان قرا يلك على حين غفلة، وقاتلوه إلى أن قُتِلَ الملك الأشرف من سهم أصابه، وانهزم بقيةُ من كان معه وانتهبوا، فقدم جماعةٌ منهم على السلطان الأشرف، وعَرَّفوه بقتل الملك الأشرف صاحب الحصن، فعَظُم عليه ذلك إلى الغاية، ومن هذا اليوم أخذ السلطان في أسباب الرحيل عن آمد، غيرَ أنه صار يترقب حركة يرحل بها؛ لتكونَ لرحيله مندوحةٌ، ثم ندب السلطان جماعة كبيرة من التركمان والعربان من عسكره لتتبع قتلة الملك الأشرف صاحب الحصن، ولما ندب السلطان الجماعة المذكورة لتتبُّع قتلة الملك الأشرف وغيره، خرجوا إلى جهة من الجهات فوافوا جماعة كبيرة من أمراء قرا يلك وقاتلوهم حتى هزموهم، وأسَروا منهم جماعة كبيرة من أمراء قرا يلك وفرسانه، وأتوا بهم إلى السلطان، وهم نيِّف على عشرين نفسًا، فأمر السلطان بقيدهم فقُيِّدوا، ثم توجهوا ثانيًا فوافقوا جماعة أخرى فقاتلوهم أيضًا وأسروا منهم نحو الثلاثين، ومن جملتهم قرا محمد أحد أعيان أمراء قرا يلك، فأحضر السلطان قرا محمد وهدده بالتوسيط إن لم يُسَلِّم له آمد، فأخذوا قرا محمد ومرُّوا إلى تحت سور المدينة، فكلَّمهم قرا محمد في تسليم المدينة، فلم يلتفتوا إليه، فأخذوه وعادوا، وأصبح السلطان فوسَطَ منهم تحت سور آمد عشرين رجلًا، من جملتهم قرا محمد، ثم بلغ السلطان أن قرا يلك نزل من قلعة أرقنين بجماعة من عساكره يريد أن يكبس على السلطان في الليل، أو يتوجه بهم إلى حلب، فندب السلطانُ جماعة من الأمراء والمماليك في عمل اليزك بالنوبة، في كل ليلة لحفظ العساكر، ثم رسم السلطان للأمير جارقطلو نائب الشام بالتوجُّه لقرا يلك بقلعة أرقنين، وندب معه جماعة من النواب والأمراء والعساكر المصرية، فخرجوا من الوطاق السلطاني في الليل بجموع كثيرة، وجدُّوا في السير حتى وافوا قرا يلك وهو بمخيمه تحت قلعة أرقنين بين الظهر والعصر، وكان غالب العسكر قد تخلَّف، فتقدم بعض العسكر السلطاني من التركمان والعربان، واقتتلوا مع القرا يلكية قتالًا جيدًا إلى أن كانت الكسرة في العسكر السلطاني، وقُتِل جماعة كثيرة من التركمان والعربان وأمراء دمشق وغيرهم، كل ذلك وسنجق السلطان إلى الآن لم يَصِل، وأما جارقطلو فإنه لما قَوِيَ الحر عليه نزل على نهر بالقرب من أرقنين ليروي خيوله منه، وصار الرائد يرد عليه بأن القوم قد التقوا مع عساكر قرا يلك، وهم في قلة وقد عزموا على القتال، فلم يلتفت إلى ذلك وسار على هيئته، فتركه بعض عساكره وساروا حتى لحقوا بمن تقدَّمهم وقاتلوا القرا يلكية، ثم تراجع القومُ وكرُّوا على القرا يلكية وهزموهم أقبح هزيمة، وتعلَّق قرا يلك بقلعة أرقنين وتحصَّن بها، ونُهِبت عساكره وتمزقوا كل ممزق، هذا والسلطان مجتهد في عماره قلعة من الخشب تجاه أبراج، ومكاحل النفط ترمي في كل يوم بالمدافع، والمجانيق منصوبة يُرمى بها، وأيضًا على الأبراج، وأهل آمد في أسوأ ما يكون من الحال، هذا مع عدم التفات السلطان لحصار آمد الالتفات الكلي؛ لشغل خاطره من جهة اختلاف عساكره، وهو بتلك البلاد بين يدي عدوِّه، وقد تورط في الإقامة على حصار آمد، والشروع ملزم، وطالت إقامته على آمد بعساكره نحو خمسة وثلاثين يومًا، وقد ضاق الحالُ أيضًا على أهل آمد، فعند ذلك ترددت الرسل بين السلطان وبين قرا يلك في الصلح، وكان قرا يلك هو البادئ في ذلك، حتى تم وانتظم الصلح بينهما على أن قرا يلك يُقَبِّل الأرض للسلطان، ويَخطُب باسمه في بلاده ويَضرِبَ السكةَ على الدينار والدرهم باسمه، فأجاب إلى ذلك، فأرسل إليه السلطان القاضيَ شرف الدين الأشقر نائب كاتب السر، فتوجَّه إليه القاضي شرف الدين بالخِلَع والفرس الذي جهزه السلطان إليه بقُماش ذهب، ونحو ثلاثين قطعة من القماش السكندري، ولما بلغ قرا يلك مجيءُ القاضي شرف الدين نزل من قلعة أرقنين بمخيمه، ولقي القاضي شرف الدين وسَلَّم عليه، ثمَّ قام وقَبَّل الأرض، فألبسه القاضي شرف الدين الخِلعة، ثم قُدِّمَ له الفرس صحبة الأوجاقي، فقام إليه، فأمره القاضي شرف الدين بتقبيل حافرِ الفرس، فامتنع من ذلك قليلًا، ثم أجاب بعد أن قال: واللهِ، إن هذه عادة تعيسة، أو معنى ذلك, ثم أخذ في الكلام مع القاضي شرف الدين، فأخذ القاضي شرف الدين يعظه ويحذره مخالفة السلطان وسوء عاقبة ذلك، وعاد القاضي شرف الدين إلى السلطان، وفي الحال أخَذَ السلطان في أسباب الرحيل، ورحل في ليلة الخميس ثالث عشر ذي القعدة في النصف الثاني من الليل من غير ترتيب ولا تطليب، ولا تعبية، ورحلت العساكر من آمد كالمنهزمين، لا يلوي أحد على أحد، بل صار كل واحد يسير على رأيه، وعند رحيل القوم أطلق الغلمان النيران في الزروع المحصودة برسم عليق خيول الأجناد، فإنه كان كل جندي من الأجناد صار أمام خيمته جرن كبير مما يحصُدُه غلامه، ويأتيه به من زروع آمد، فلما انطلق النار في هذه الأجران، انطبق الوطاق بالدخان إلى الجو، حتى صار الرجل لا ينظر إلى الرجل الذي بجانبه، ورحل الناس على هذه الهيئة مسرعين، مخافة أن يسير السلطان ويتركهم غنيمةً لأهل آمد!

العام الهجري : 118 العام الميلادي : 736
تفاصيل الحدث:

غزا مَرْوانُ بن محمَّد بن مَرْوان مِن أرمينية ودخَل أرضَ وارقيس فهرَب وارقيس إلى الحرور ونزَل حِصنَه، فحَصَره مَرْوانُ ونصَب عليه المَجانيقَ، فقَتَل وارقيسَ بعضُ مَن اجتاز به وأَرسلَ رَأسَه إلى مَرْوان، فنَصبَه لأهلِ حِصنِه، فنزلوا على حُكمِه، فقَتَل المُقاتِلَة وسَبَى الذُّرِّيَّة.

العام الهجري : 569 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

لما عاد صلاحُ الدين إلى مصرَ بلَغَه أنَّ باليمن إنسانًا يسمَّى عبدَ النبي بن مهدي صاحِبَ زبيد يزعُمُ أنه ينتشر ملكُه حتى يملِكَ الأرضَ كُلَّها، وكان قد ملك كثيرًا من بلادِ اليمَنِ, واستولى على حصونِها وخطب لنَفسِه، وقطع الخطبةَ للخليفةِ العباسي, وكان السُّلطانُ قد ثبتت قواعِدُه وقَوِيَ عسكرُه، فاستأذن السلطان نور الدين محمود في أن يسيرَ إلى اليمن لقصدِ عبد النبي، فأذِنَ له في ذلك، فجهَّز أخاه شمس الدولة توران شاه بجيش اختاره، وتوجَّه إليها من الديار المصرية في مستهَلِّ رجب، فوصل إلى مكَّةَ، ومنها إلى زبيد، وفيها صاحِبُها المتغَلِّبُ عليها المعروفُ بعبد النبي، فلما قرُبَ منها رآه أهلُها، فاستقَلُّوا من معه، فقاتلهم شمس الدولة ومن معه، فلم يثبُت أهلُ زبيد وانهزموا، ووصل المصريونَ إلى سور زبيد، فلم يجدوا عليه من يمنَعُهم، فنصبوا السلالم، وصَعَدوا السور، فملكوا البلدَ عَنوةً ونَهَبوه وأكثروا النَّهبَ، وأخذوا عبد النبيِّ أسيرًا وزوجتَه المدعوة بالحُرَّة، وسَلَّمَ شمسُ الدولة عبد النبي إلى أحد أمرائه، يقال له سيف الدولة مبارك بن كامل من بني منقذ، أصحاب شيزر، وأمره أن يستخرجَ منه الأموالَ، وبذلك انتهت الدولة المهديَّة باليمن، ولَمَّا ملكوا زبيدَ واستقَرَّ الأمر لهم بها ودان أهلُها، وأقيمت فيها الخُطبةُ العباسيَّة، أصلحوا حالها، وساروا إلى عدن، وصاحِبُها ياسرُ بنُ بلال، فسار إليهم وقاتَلَهم، فانهزم ياسِرٌ ومن معه، وسبقهم بعضُ عسكر شمس الدولة، فدخلوا البلدَ قبل أهله، فملكوه، وأخذوا صاحِبَه ياسرًا أسيرًا، وأرادوا نهبَ البلد، فمنعهم شمسُ الدولة، وقال: ما جئنا لنخربَ البلاد، وإنما جئنا لنَملِكَها ونُعَمِّرَها وننتفع بدخلها؛ فلم ينهب منها أحدٌ شيئًا، فبقيت على حالها وثبَت مُلكُه واستقَرَّ أمرُه، وبذلك انتهت دولة بني زريع في اليمن، وآل الزريع هم أهل عدن، وهم شيعةٌ إسماعيليَّةٌ من همذان بن جشم، ولَمَّا فرغ شمس الدولة مِن أمْرِ عدن عاد إلى زبيد، وملك أيضًا قلعة التعكر والجند وغيرها من المعاقل والحصون، واستناب بعدن عزَّ الدين عثمان بن الزنجيلي، وبزبيد سيفَ الدولة مبارك بن منقذ، وجعَلَ في كل قلعةٍ نائبًا من أصحابه، وألقى مُلكُهم باليمن جِرانَه ودام، وأحسَنَ شمسُ الدولة إلى أهالي البلاد، واستصفى طاعتَهم بالعدل والإحسان، وعادت زبيد إلى أحسنِ أحوالها من العمارة والأمن.

العام الهجري : 521 العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

هو أبو سعيد آقسنقر البرسقي الغازي، الملقَّب قسيم الدولة سيف الدين، وكان مملوكًا تركيًّا صاحب الموصل والرحبة وتلك النواحي، ملَكَها بعد مودود بن التونتكين، وكان مودود بالموصل وببلاد الشام من جهة السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي، فقُتِل مودود سنة 507، وآقسنقر يومئذ شحنة بغداد، كان ولَّاه إياها السلطان محمد في سنة 498، فلما قتل مودود أرسل السلطان محمد البرسقي واليًا على الموصل وأمره بالاستعداد لقتال الفرنج بالشام، فوصل إلى الموصِل وملكها وغزا، ودفع الفرنج عن حلب وقد ضايقوها بالحصار، فلما استنجد به أهلها، فأجابهم ونادى الغزاة، ولما أشرف على حلب تقهقرت الفرنج، ورتَّب أمور البلد، وأمدَّهم بالغلَّات، ورتَّب بها ابنه فيها، ثم عاد إلى الموصل وأقام بها إلى أن قُتل. وهو من كبراء الدولة السلجوقية، وله شهرة كبيرة بينهم. كان عادلًا حميد الأخلاق، شديد التدين، محبًّا للخير وأهله، مُكرِمًا للفقهاء والصالحين، ليِّنًا حسن المعاشرة، ويرى العدل ويفعله، وكان من خير الولاة؛ يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجِّدًا، عالي الهمة، كان من خيار الولاة, وكان شجاعًا محل ثقة الخلفاء والملوك وتقديرهم. قتلته الباطنية بجامع الموصل يوم الجمعة التاسع من ذي القعدة سنة 520، قتله الباطنية في مقصورة الجامع بالموصل، وقيل: إنهم جلسوا له في الجامع بزي الصوفية، فلما انفتل من صلاته قاموا إليه وأثخنوه جراحًا؛ وذلك لأنه كان تصدى لاستئصال شأفتهم وتتبَّعَهم وقتل منهم عصبةً كبيرة، وتولى ولَدُه عز الدين مسعود موضِعَه، ثم توفي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 521، وملك بعده عماد الدين زنكي بن آقسنقر, وكان من مماليك السلطان طغرلبك أبي طالب محمد، وكان من أمراء السلاجقة المشار إليهم فيها، المعدودين من أعيانهم.

العام الهجري : 272 العام الميلادي : 885
تفاصيل الحدث:

تحرَّكَت بقيَّةُ الزنج في أرض البصرة ونادَوا: يا انكلاي يا منصور، وانكلاي هو ابنُ صاحب الزنج، وسليمانُ بن جامع وأبان بن علي المهلبي، وجماعةٌ من وجوههم كانوا في جيش الموفَّق, فبعث إليهم الموفَّق فقُتِلوا وحُمِلَت رؤوسُهم إليه، وصُلِبَت أبدانُهم ببغداد، وسَكَنَت شرورُهم.

العام الهجري : 464 العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

حدوث حَدَثَت زَلزلةٌ عَظيمةٌ ببغداد ارتَجَّت لها الأَرضُ سِتَّ مَرَّاتٍ، وفيها كان مَوتٌ ذَرِيعٌ في الحيواناتِ، بحيث أنَّ بعضَ الرُّعاةِ بخُراسان قام وقتَ الصباحِ لِيَسرَحَ بِغَنَمِه فإذا هُنَّ قد مِتْنَ كُلُّهُنَّ، وجاء سَيْلٌ عَظيمٌ وبَرَدٌ كِبارٌ أَتلَفَ شَيئًا كَثيرًا من الزُّروعِ والثِّمارِ بخُراسان.

العام الهجري : 617 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ثبت الفرنج في دمياط بثُّوا سراياهم في القرى يقتلون ويأسرون، فعظُم الخطب واشتدَّ البلاء، وندب السلطانُ الملك الكامل الناسَ وفَرَّقهم في الأرض، فخرجوا إلى الآفاق يستصرخون النَّاسَ لاستنقاذ أرض مصر من أيدي الفرنج، وشرع الكاملُ في بناء الحور –خيام من جلد أبيض- والفنادق والحمامات والأسواق بمنزلة المنصورةِ، وجهَّزَ الفرنج من حصل في أيديهم من أسارى المسلمين في البحرِ إلى عكا وبرزوا من مدينةِ دمياط يريدون أخذَ مصرَ والقاهرة، فنازلوا السلطان تجاه المنصورة، واجتمع الناسُ من أهل مصر وسائر النواحي ما بين أسوان إلى القاهرة، ونودِيَ بالنفير العام، وألَّا يبقى أحد, وذكروا أن مَلِكَ الفرنج قد أقطع ديارَ مصر لأصحابه, وأنزل الكامِلُ على ناحية شار مساح ألفي فارس، في آلاف من العربان، ليحولوا بين الفرنج وبين مرادِهم، وسارت الشواني- ومعها حراقة كبيرة- إلى رأس بحر المحلة، وعليها الأميرُ بدر الدين بن حسون، فانقطعت الميرةُ عن الفرنج من البر والبحر، وقَدِمَت النجدات للملك الكافي من بلاد الشام، وخرجت أمم الفرنج من داخل البحر تريد مدَدَ الفرنج على دمياط فوافى دمياط منهم طوائفُ لا يحصى لهم عدد فلما تكاملَ جمعُهم بدمياط خرجوا منها، وقد زُيِّنَ لهم سوءُ عمَلِهم أن يملكوا أرض مصر، ويستولوا منها على مماليكِ البسيطة كلها، فلما قدمت النجدات من المسلمين هال الفرنجَ ما رأوا، وكان قدومُ هذه النجدات في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة، وتتابع قدوم النجدات حتى بلغ عدد فرسان المسلمين نحو الأربعين ألفًا، فحاربوا الفرنج في البر والبحر، وأخذوا منهم ست شواني وجلاسة وبطسة- سفن حربية ضخمة- وأسروا منهم ألفين ومائتي رجل، ثم ظفروا أيضًا بثلاث قطائع فتضعضع الفرنجُ لذلك، وضاق بهم المقام، وبعثوا يسألون في الصُّلحِ.

العام الهجري : 816 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1413
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ إلى أرض عجلون شخص يُسمَّى عثمان بن أحمد بن عثمان بن محمود بن محمد بن علي بن فضل بن ربيعة، يعرف بابن ثقالة، من فقهاء دمشق، وادعى أنه السفياني، وظهر بقرية الجيدور وحلَّف أهل البلاد وأقطع الإقطاعات، وأمَّر عدة من الناس، وقال: أنا السلطان الملك الأعظم السفياني، فاجتمع عليه خلق كثير؛ من عرب وترك وعشير، بألوية خضر إلى وادي إلياس من جبل عوف بمعاملة عجلون، وبثَّ كتُبَه، ووقَّع عليها تحت البسملة السفياني، ونصها: إلى حضرة فلان أن يجمع فرسان هذه الدولة السلطانية، الملكية، الإمامية، الأعظمية، الربانية، المحمدية، السفيانية، أعلاها الله تعالى وشرَّفها، وأنفذها في الآفاق، وصرَّفها، ويحضروا بخيلهم ورجالهم وعددهم، مهاجرين إلى الله ورسوله، ومجاهدين في سبيل الله تعالى، ومقاتلين؛ لتكون كلمة الله هي العليا، والاعتماد على العلامة الشريفة أعلاه أعلاها الله تعالى. ثم دخل أرض عجلون في تاسع ربيع أول، بعسكر كبير، فيه سلاح دارية، وطبر دارية، فأقطع الإقطاعات، وكتب على القصص، يكتب كما يكتب السلطان، فقَبَّل الناس الأرض بين يديه في ساعة واحدة، وهم زيادة على خمسمائة رجل، في وقتٍ واحد معًا، وخُطِب له على منبر عجلون، فقيل: السلطان الملك الأعظم السفياني، ونادى ببلاد عجلون أن مغلَّ هذه السنة يسامح به الناس فلا يؤخذُ منهم منه، وفيما بعدها يؤخَذُ منهم العشر فقط، ويترك أخذ الخراج وأخذ المكس، فإن حكم التركِ قد بَطَل، ولم يبقَ إلا حكم أولاد الناس، فثار عند ذلك غانم الغزاوي به، وجهز إليه طائفة طرقوه وهو بالجامع وقاتلوه، وقبضوا عليه، وعلى ثلاثة من أصحابه، بعدما ركب وقاتلهم، فاعتُقل الأربعة بقلعة عجلون، وكتب بالخبر إلى السلطان، فنقله إلى قلعه صفد، واعتقله بها.

العام الهجري : 178 العام الميلادي : 794
تفاصيل الحدث:

استعمل الرشيدُ على إفريقيَّة الفضلَ بنَ روح بن حاتم المهلبي بعد موت والِدِه, فاستعمل الفضلُ على مدينة تونس ابنَ أخيه المغيرةَ بن بشر بن روح، فاستخَفَّ بالجُندِ. وكان الفضلُ أيضًا قد أوحَشَهم، وأساء السيرةَ معهم؛ بسبَبِ ميلهم إلى نصرِ بن حبيب الوالي قبلَه، فاجتمع مَن بتُونس، وكتبوا إلى الفضلِ يَستعفُونه من ابن أخيه، فلم يُجِبْهم عن كتابِهم، فاجتمعوا على تَركِ طاعتِه، فبايعوا عبدالله بن الجارود، وأخرجوا المغيرةَ، ثم استشرى الأمرُ في أفريقيا ففسَدَ الجُندُ على الفضلِ، فسَيَّرَ إليهم الفضل عسكرًا كثيرًا فخَرجوا إليه فقاتلوه، فانهزم عسكرُه وعاد إلى القيروان منهزِمًا وتبعهم أصحابُ ابن الجارود، فحاصروا القيروانَ ودخل ابن الجارود وعسكَرُه في جمادي الآخرة، وأخرج الفضل من القيروان، ووكلَ به وبمن معه من أهلِه أن يوصِلَهم إلى قابس، ثم ردَّهم ابن الجارود، وقُتِلَ الفضل بن روح بن حاتم، ثمَّ إنَّ الرشيدَ بلَغَه ما صنع ابنُ الجارود، وإفسادُه إفريقية، فوجَّه هرثمة بن أعين ومعه يحيى بن موسى، فكاتب يحيى عبدالله بن الجارود، ثم دخل في الطاعةِ بعد أن طلَبَ الأمانَ فأمَّنَه.

العام الهجري : 283 العام الميلادي : 896
تفاصيل الحدث:

خرج جماعةٌ مِن قُوَّاد حاكِمِ مِصرَ جيشِ بنِ خِمارَوَيه، وجاهروا بالمُخالفة، وقالوا: لا نرضى بك أميرًا فاعتَزِلْنا حتى نولِّي عَمَّك الإمارةَ. وكان سببُ ذلك أنَّه لَمَّا وَلِيَ وكان صبيًّا قَرَّبَ الأحداثَ والسفلَ، وأخلد إلى استماعِ أقوالهم، فغَيَّروا نيَّته على قوَّادِه وأصحابه، وصار يقعُ فيهم ويذُمُّهم، ويُظهِرُ العزمَ على الاستبدالِ بهم، وأخذَ نَعَمَهم وأموالَهم، فاتَّفَقوا عليه ليقتلوه ويقيموا عمَّه، فبلغه ذلك فلم يكتُمْه بل أطلق لسانَه فيهم، ففارَقَه بعضُهم، وخلعه طغج بن جف أميرُ دمشق. وسار القوَّادُ الذين فارقوه إلى بغداد، وهم محمَّد بن إسحاق بن كنداجيق، وخاقان المفلحي وبدر بن جف، أخو طغج، وغيرُهم من قوَّاد مصر، وقَدِموا على المعتَضِد، وبقِيَ سائرُ الجنود بمصر على خِلافِهم ابنَ خِمارَوَيه، فسألهم كاتبُه عليُّ بن أحمد الماذرائي أن ينصرفوا يومَهم ذلك، فرجعوا فقتَلَ جيشُ بنُ خِمارَوَيه عمَّينِ له، وبكَّر الجندُ إليه، فرمى بالرأسينِ إليهم، فهجَمَ الجندُ على جيشِ بنِ خِمارَوَيه فقتلوه ونهبُوا داره، ونهبوا مصرَ وأحرَقوها، وأقعدوا أخاه هارونَ بنَ خِمارَوَيه في الإمرةِ بعدَه، فكانت ولايتُه تسعةَ أشهرٍ.

العام الهجري : 573 العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

حضر قَومٌ مِن مُسلِمي المدائِنِ إلى بغداد، فشَكَوا من يهودِها، وقالوا: لنا مسجِدٌ نؤذِّنُ فيه ونصَلِّي، وهو مجاورُ الكنيسة، فقال لنا اليهودُ: قد آذيتُمونا بكثرةِ الأذان، فقال المؤذِّنُ: ما نبالي بذلك، فاختَصَموا، وكانت فتنةٌ استظهر فيها اليهودُ، فجاء المسلمون يشكونَ منهم، فأمَرَ ابنُ العطار، وهو صاحِبُ المخزن، بحَبسِهم، ثم أُخرِجوا، فقصدوا جامِعَ القصر، واستغاثوا قبلَ صلاةِ الجُمعةِ، فخَفَّف الخطيبُ الخُطبةَ والصلاة، فعادوا يستغيثونَ، فأتاهم جماعةٌ مِن الجند ومَنَعوهم، فلمَّا رأى العامَّةُ ما فعل بهم غَضِبوا نصرةً للإسلام، فاستغاثوا، وقالوا أشياءَ قبيحة، وقلعوا طوابيقَ الجامع، ورَجَموا الجندَ فهَرَبوا، ثم قصَدَ العامَّةُ دكاكين المخَلِّطين، لأنَّ أكثَرَهم يهود، فنَهَبوها، وأراد حاجِبُ الباب منعهم، فرجموه فهَرَب منهم، وانقلَب البلد وخَرَّبوا الكنيسة التي عند دار البساسيري، وأحرقوا التوراةَ فاختفى اليهود، وأمر الخليفة أن تُنقَضَ الكنيسةُ التي بالمدائن وتُجعَلَ مَسجِدًا ونُصِبَ بالرحبةِ أخشابٌ ليُصلَبَ عليها قومٌ من المفسدين، فظَنَّها العامةُ نُصِبَت تخويفًا لهم لأجلِ ما فعلوا، فعَلَّقوا عليها في الليلِ جِرذانًا ميتةً، وفي الصباح أُخرِجَ جماعةٌ مِن الحبسِ لُصوصٌ فصُلِبوا عليها.

العام الهجري : 794 العام الميلادي : 1391
تفاصيل الحدث:

خرج جَماعةٌ مِن بلاد المغرب يريدون أرضَ مِصرَ لأداء فريضة الحجِّ، وساروا في بحر الملح، فألقَتْهم الريحُ إلى جزيرة صقلية، فأخذهم النصارى وما معهم، وأتَوا بهم إلى مَلِك صقلية، فأوقَفَهم بين يديه وسألهم عن حالِهم، فأخبروه أنَّهم خرجوا يريدون الحَجَّ، فألقَتْهم الريحُ إلى هنا، فقال: أنتم غنيمةٌ قد ساقكم الله إليَّ، وأمَرَ بهم أن يُقَيَّدوا حتى يُباعُوا ويُستَخدَموا في مِهَنِهم! وكان من جُملَتِهم رجلٌ شَريفٌ، فقال له على لسانِ تَرجُمانه: أيُّها المَلِكُ، إذا قَدِمَ عليك ابنُ ملك ماذا تَصنَعُ به؟ قال: أُكرِمُه, قال: وإن كان على غيرِ دينِك؟ قال: وما كرامتُه إلَّا إذا كان على غيرِ ديني! وإلَّا فأهلُ ديني واجِبٌ كرامَتُهم، قال: فإني ابنُ أكبَرِ ملوك الأرضِ، قال: ومَن أبوك؟ قال: عليُّ بنُ أبى طالب رَضِىَ الله عنه، قال: ولم لا قُلتَ: أبي محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلم، قال: خشيتُ أن تَشتُموه، قال: لا نَشتُمُه أبدًا. قال: بيِّنْ لي صِدْقَ ما ادَّعَيْتَ به، فأخرَجَ له نِسْبَتَه وكانت معه في رَقٍّ، فأمر بتخليتِه وتخليةِ مَن معه لسَبيلِهم، وجَهَّزَهم!!

العام الهجري : 13 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 634
تفاصيل الحدث:

لمَّا مَرِض أبو بكرٍ الصِّدِّيق رضِي الله عنه وأَحَسَّ بِدُنُوِّ أَجَلِه جمَع عددًا مِن الصَّحابة الذين كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُشاوِرهُم وعرَض عليهم أن يُؤمِّروا رجلًا يَرضَوْنهُ في حَياتِه؛ ولكنَّهم لم يَستقِرُّوا على أَمْرٍ، ثمَّ بدَأ يسألُ النَّاس عن عُمَرَ بن الخطَّاب، ثمَّ استَقرَّ رَأيُه على اسْتِخلاف عُمَرَ، فكتَب بذلك كِتابًا نَصُّهُ: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، هذا ما عَهِدَ أبو بكرٍ بن أبي قُحافةَ إلى المسلمين، أمَّا بعدُ، فإنِّي قد اسْتخلَفتُ عليكم عُمَرَ بن الخطَّاب، ولم آلُكُم خيرًا منه. وقال: اللَّهمَّ إنِّي اسْتخلَفتُ على أهلِك خيرَ أهلِك. وبَلَّغَ بذلك النَّاسَ، ورَضوا به، فكانت تلك خِلافة عُمَرَ رضِي الله عنه.

العام الهجري : 529 العام الميلادي : 1134
تفاصيل الحدث:

كانت جزيرة جربة مقابل تونس من بلاد إفريقية قد استولت في كثرة عمارتها وخيراتها، غيرَ أن أهلَها طغَوا فلا يدخُلون تحت طاعة السلطان، ويُعرَفون بالفساد وقَطْع الطريق، فخرج إليها جمعٌ من الفرنج، من أهل صقلية، في أسطولٍ كثير وجَمٍّ غفير، فيه من مشهوري فرسان الفرنج جماعة، فنزلوا بساحتها وأداروا المراكب بجهاتها، واجتمع أهلها وقاتلوا قتالًا شديدًا، فوقع بين الفريقين حرب شديدة، فثبت أهل جربة، فقُتِل منهم بشر كثير، فانهزموا ومَلَك الفرنج الجزيرة، وغَنِموا أموالها وسَبَوا نساءَها وأطفالها، وهلك أكثَرُ رجالها، ومن بقي منهم أخذوا لأنفُسِهم أمانًا من رجار ملك صقلية، وافتكُّوا أَسراهم وسَبْيَهم وحريمَهم.

العام الهجري : 421 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1030
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ يَمينُ الدَّولة وكان قد عَهِدَ لابنه محمَّدٍ دون مسعودٍ، وكان ابنُه مَسعودٌ بأصبهان، فلمَّا بلَغَه الخبَرُ سار إلى خراسان، واستخلف بأصبهانَ بَعضَ أصحابِه في طائفةٍ مِن العسكر، فحين فارَقَها ثار أهلُها بالوالي عليهم فقَتَلوه، وقَتَلوا مَن معه من الجُندِ، وأتى مسعودًا الخبَرُ، فعاد إليها وحَصَرها، وفتَحَها عَنوةً، وقَتَل فيها فأكثَرَ، ونهبَ الأموالَ، واستخلف فيها رجُلًا كافيًا، وكَتَب إلى أخيه محمَّدٍ يُعلِمُه بذلك، وأنَّه لا يريدُ مِن البلادِ التي وصَّى له أبوه بها شيئًا، وأنَّه يكتفي بما فتَحَه من بلاد طبرستان، وبلَد الجبل، وأصبهان، وغيرها، ويطلُبُ منه المُوافَقةَ، وأن يُقَدِّمَه في الخُطبةِ على نَفسِه، فأجابه محمَّدٌ جَوابَ مُغالِطٍ، وكان مسعودٌ قد وصلَ إلى الريِّ، فأحسَنَ إلى أهلِها، وسار منها إلى نَيسابور، ففعل مثل ذلك، وأمَّا مُحمَّدُ فإنه أخذَ على عَسكَرِه العهودَ والمواثيقَ على المُناصَحةِ له، والشَّدِّ منه، وسار في عساكِرِه إلى أخيه مسعودٍ مُحاربًا له، وكان بعضُ عساكِرِه يَميلُ إلى أخيه مسعودٍ لِكِبَرِه وشجاعتِه، ولأنَّه قد اعتاد التقَدُّمَ على الجيوشِ، وفَتْح البلاد، وبعضُهم يخافُه لقُوَّةِ نَفسِه، وكان محمَّدٌ قد جعَلَ مُقَدَّمَ جَيشِه عَمَّه يوسُفَ بن سبكتكين، وكان من أعيانِ أصحابِ أبيه محمودٍ مِمَّن أشار عليه بموافقةِ أخيه وترْكِ مخالفته، فلم يُصْغِ إلى قوله، وسار فوصَلَ إلى تكناباذ أوَّلَ يوم من رمضان، وأقام إلى العيدِ، فعَيَّدَ هناك، فلمَّا كان ليلةُ الثلاثاء ثالثَ شَوَّال ثار به جُندُه، فأخذوه وقَيَّدوه وحَبَسوه، وكان مشغولًا بالشَّرابِ واللَّعِبِ عن تدبيرِ المَملكةِ، والنَّظَر في أحوال الجُندِ والرعايا، فلمَّا قَبَضوا عليه نادوا بشِعارِ أخيه مسعود، ورفعوا محمدًا إلى قلعةِ تكناباذ، وكتبوا إلى مسعودٍ بالحال. فكان اجتماعُ المُلْكِ له واتِّفاقُ الكَلِمةِ عليه في ذي القَعدةِ، وكان وصولُ مسعودٍ إلى غزنةَ ثامنَ جُمادى الآخرة من سنة 422، فلما وصلَ إليها وثَبَّتَ مُلكَه بها أتَتْه رُسُلُ الملوكِ مِن سائِرِ الأقطار إلى بابه، واجتمَعَ له مُلْكُ خُراسانَ، وغزنة، وبلاد الهند والسند، وسجستان، وكرمان، ومكران، والري، وأصبهان، وبلد الجبل، وغير ذلك، وعَظُم سلطانُه وخِيفُ جانِبُه.