الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2999 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 524 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1130
تفاصيل الحدث:

هو حاكم مصر الفاطمي: أبو علي منصور بن المستعلي أحمد بن المستنصر معد بن الظاهر بن الحاكم، العُبيدي المصري الرافضي الظلوم. كان متظاهرًا بالمكر واللهو والجبروت. وَلِيَ وهو صغير له خمسة أعوام, فلما كبر قتَلَ الأفضل أمير الجيوش، واصطفى أموالَه وكانت تفوت الإحصاءَ، ويُضرَب بها المثل، فاستوزر بعده المأمون محمد بن مختار البطائحي، فعسف الرعية وتمرد، فاستأصله الآمر بعد أربع سنين، ثم صلبه، وقتل معه خمسة من إخوته. وفي دولة الآمر أخذت الفرنج طرابلس الشام، وصيدا، والقدس، وعكا، والحصون. ثم قصد الملك بردويل الفرنجي ديار مصر، وأخذ الفرما وهي قريبة من العريش، فأحرق جامِعَها ومساجِدَها. وفي أيامه ظهر ابن تومرت بالمغرب، خرج الآمر إلى متنزَّه له، فلما عاد وثب عليه الباطنية -النزارية وهم من الإسماعيلية الذين يعتقدون أن الإمامة كانت يجب أن تكون لنزار بن الحاكم الفاطمي- فقتلوه؛ لأنه كان سيئ السيرة في رعيته، وكانت ولايته تسعًا وعشرين سنة وخمسة أشهر. عاش خمسًا وثلاثين سنة, وكان العاشر من الحكام الفاطميين العبيديين الباطنية، هلك من غير عقب، فبايعوا ابن عم له، وهو الحافظ لدين الله.

العام الهجري : 614 العام الميلادي : 1217
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ السلطانُ علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش من همدان قاصدًا بغداد في أربعمائة ألف مقاتل، وقيل في ستمائة ألف، فاستعَدَّ له الخليفة واستخدم الجيوَش وأرسل إلى الخليفةِ يطلُبُ منه أن يكون بين يديه على قاعدةِ مَن تقَدَّمه من الملوك السلاجقة، وأن يَخطُبَ له ببغداد، فلم يجِبْه الخليفة إلى ذلك، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي، فلما وصل شاهدَ عند خوارزم شاه من العظمةِ وكثرة الملوك بين يديه وأخذَ السهروردي في خطبةٍ هائلة فذكر فيها فضلَ بني العباس وشرَفَهم، والترجمان يعيد على السلطانِ خوارزم شاه، فقال السلطانُ أمَّا ما ذكرتَ مِن فضل الخليفة فإنَّه ليس كذلك، ولكني إذا قَدِمتُ بغداد أقمتُ من يكون بهذه الصِّفة، وانصرف السهروردي راجعًا، وأرسل الله تعالى على خوارزم شاه وجنده ثلجًا عظيمًا ثلاثة أيام حتى طَمَّ الخيامَ والخراكي -لفظ فارسيٌّ يعني بيتًا من الخشب- ووصل إلى قريب رؤوس الأعلام، وتقطَّعت أيدي رجالٍ وأرجُلُهم، وعَمَّهم من البلاء ما لا يُحَدُّ ولا يوصف، فمات كثيرٌ من الدواب والرجال، فلم يحقِّق خوارزم شاه ما جاء لأجلِه، وخاف أن يتغلَّب التَّترُ على بلاده؛ إذ قد بدأوا بالتحرُّك، فرجع إلى بلاده!

العام الهجري : 651 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1253
تفاصيل الحدث:

قام الخليفةُ العباسيُّ المستعصم بالتوسُّط بين الأيوبيين أصحابِ الشَّامِ وبين المماليك أصحابِ مِصرَ لما كان بينهم من الحروب، فأرسل الشيخَ نجم الدين البادرائي للتوسُّط بينهم، الذي حمل رسالةً إلى الطرفين فتقرر الصلحُ بين الملك المعز أيبك وبين الملك الناصر صاحب دمشق، بسفارةِ نجم الدين البادرائي، وقد قَدِم نجمُ الدين إلى القاهرة، وصَحِبَه عز الدين أزدمر، وكاتبُ الإنشاء بحَلَب نظام الدين أبو عبد الله محمد بن المولى الحلبي، لتمهيدِ القواعد، فلم يبرحَا إلى أن انفصَلَت القضية على أن يكون للمصريِّينَ إلى الأردن، وللناصر ما وراء ذلك، وأن يدخُلَ فيها للمصريين غَزَّة والقدس ونابلس والساحلُ كله، وأن المعِزَّ يُطلِقُ جميع مَن أسَرَه من أصحاب الملك الناصر، وحَلَفَ كل منهما على ذلك، وكُتِبَت به العهود، وعاد المَلِكُ المعز وعسكره إلى قلعةِ الجبل في يوم الثلاثاء سابع صفر، ونزل البادرائي بالقاهرة، وأطلق الملك المعزُّ الملك المعظَّم توران شاه بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وأخاه نُصرة الدين، وسائرَ أولاد الملوك والأمراء، وأحضَرَهم دار الوزارة ليشهَدوا حَلِفَه للملك الناصر.

العام الهجري : 697 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1297
تفاصيل الحدث:

استدعى السلطانُ حسام الدين لاجين قاضيَ القضاة زينَ الدين علي بن مخلوف المالكي، وصِيَّ المَلِك الناصرِ محمد بن قلاوون، وقال له: الملِكُ الناصر ابنُ أستاذي، وأنا قائِمٌ في السلطنة كالنائِبِ عنه إلى أن يُحسِنَ القيامَ بأمرها، والرأيُ أن يتوجَّهَ إلى الكرك وأمَرَه بتجهيزِه، ثم قال السلطانُ للملك الناصر محمد بن قلاوون: لو عَلِمتُ أنَّهم يخلونَك سلطانًا واللهِ ترَكْتُ المُلكَ لك، لكِنَّهم لا يخلونه لك وأنا مملوكُك ومملوكُ والدِك، أحفَظُ لك المُلكَ، وأنت الآن تروح إلى الكرك إلى أن تترعرعَ وترتجِلَ وتتحَرَّج وتجرِّبَ الأمور وتعود إلى مُلكِك، بشرط أنك تعطيني دمشقَ وأكونَ بها مثل صاحِبِ حماة فيها، فقال له الناصر: فاحلِفْ لي أن تبقيَ على نفسي وأنا أروحُ، فحَلَفَ كلٌّ منهما على ما أراده الآخَرُ، فخرج الناصِرُ في أواخر صفر، ومعه الأميرُ سيف الدين سلار أمير مجلس، والأمير سيف الدين بهادر الحموي، والأمير أرغون الدوادار، وطيدمر جوباش رأس نوبة الجمدارية، فوصل إلى الكرك في رابع ربيع الأول، فقام لخدمته الأميرُ جمال الدين أقوش الأشرف نائب الكرك.

العام الهجري : 971 العام الميلادي : 1563
تفاصيل الحدث:

بدأ فيليب الثاني يستعدُّ لاحتلال جزيرة باديس، وشجَّعه على ذلك النصرُ الذي حقَّقه في وهران، فوجَّه لذلك أسطولًا في هذه السَّنة, فقاومه المجاهدون مقاومةً عنيفةً، واضطرَّ الأسطول إلى التراجع, والجديرُ بالذكر أنَّ جزيرة باديس كانت أقربَ نقطة مغربية إلى جبل طارق، وأنَّها كانت بالنسبة للمجاهدين ميناءً هامًّا؛ إذ يمكِنُهم من خلالها العبور للأندلس، كما يمكِنُهم التسلل لداخل الأراضي الإسبانية؛ لتقديم المساعدة للمسلمين هناك، والذين أطلقوا على أنفُسِهم الغرباء، وهذا ما دفع الإسبانيين إلى الهجوم عليها من خلال محاولتهم السابقة، كما كانت جزيرة باديس بالإضافة إلى ذلك مثارَ رعب وخوفٍ لدى السلطان السعدي الغالب بالله؛ إذ خاف السلطان أن يخرجَ الأسطول العثماني من تلك الجزيرة إلى المغرب، فاتَّفق مع الإسبان أن يخلِّيَ لهم الأدالة من حجرة باديس ويبيع لهم البلاد ويُخلِّيها من المسلمين، وينقطع أسطولُ العثمانيين في تلك الناحية، مقابِلَ الدفاع عن شواطئ المغرب إذا هاجمها الأسطول العثماني الذي علِمَ بتلك المؤامرة، فانسحب ورجع إلى الجزائر، كما عزل بويحيى رايس من منصبه في باديس في أواخر هذا العام, وانصرف العثمانيون عن الحرب في غرب البحر المتوسط؛ إذ توجَّه نشاط الأسطول الحربي إلى جزيرة مالطة في الشرق.

العام الهجري : 1178 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1764
تفاصيل الحدث:

جرت الوقعةُ المشهورة بوقعة الحاير- وهو مكان يُعرَف بحاير سبيع، بين الرياض والخرج- وكانت هذه الوقعة ابتلاءً لأهل التوحيد أتباع الدرعية, وكان سببُ هذه الوقعة أن العجمان بعد أن هزمهم عبد العزيز بن محمد في قذلة عام 1177هـ وقتل منهم فريقًا وأسر فريقًا آخر، استنجدوا برئيس نجران وقبائل يام، فاستجاب صاحبُ نجران الحسنُ بن هبة الله المكرمي لشكواهم، وأعدَّ العدة لذلك، وأبلغ صاحِبَ الأحساء عريعر بن دجين عدو ابن سعود بعزمِه على السير لقتال الدرعية، وعقد معه اتفاقًا للتعاون والاشتراك بقتالها، وضرب له موعدًا للقاء عند الحاير، فلما وصل المكرمي الحاير بقي أيامًا يحارب أهلَها حتى وصل جيش الدرعية الذي قيل إنه كان معتدًّا بنفسه ومُعجبًا بقوَّتِه وكثرة عددِه، فلمَّا وصَلوا قرية الحاير التقى الجيشان واشتَدَّ القتال بينهما حتى انهزمت قوات الدرعية، وقُتِلَ منها 400 وأُسر 300، وتم الاتفاق على تبادُلِ الأسرى وانسحاب جيش نجران, ثم أرسل دهام بن دواس أمير الرياض هدايا يستميلُه لمحاربة بقية أتباع الدرعية، ويَعِدُه بكثيرٍ من الأموال والفوز وفتحِ البلدانِ وحُكمِها.

العام الهجري : 1204 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1790
تفاصيل الحدث:

هو الملك محمد الثالث بن عبد الله بن إسماعيل ملك العلويين في المغرب الأقصى، وكانت عاصمتُه مراكش، ولد بمكناس سنة 1134. تولى الحكم سنة1171 في ظروف صعبة بعد اضطراباتٍ، وقد تميَّزَ بالعقل والرزانة وبُعدِ النظر، اجتهَدَ في المحافظة على بلادِه ووَحدتِها وتأمينِ الشواطئ المغربية من العدوان الأوروبي، وحرَّر مازاغان من يد البرتغاليين، وانتصر على الجيش الفرنسي في معركة العرائش سنة1179, وكان أول حاكمٍ يعترف باستقلالِ وسيادة الولايات المتحدة الأمريكية, ورفَضَ ربطَ علاقات دبلوماسية مع روسيا؛ بسبب محاربتها للدولة العثمانية، وبعث بالعديدِ مِن السفراء لاسترجاعِ المخطوطات العربية من إسبانيا, وداخليًّا كان دائمَ التنقُّل بين جهات مملكته الواسعة؛ ليطمئِنَّ على أحوال البلاد, وشَهِدَ عهدُه أوجَ الازدهار السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي للمغرب الأقصى. تمرد وثار عليه عدةَ مراتٍ ابنُه وولي عهده يزيد، فنفاه في مشرق البلاد. توفِّيَ محمد الثالث في طريقِه إلى ابن عمه الذي خرج عن طاعتِه، فلما توفِّيَ تنازع أبناؤه الأربعة على خلافتِه، وهم هشام، ويزيد، وسليمان، ومَسلمة، حتى تمكَّن يزيد الأول أن يَخلُف أباه في الحُكم.

العام الهجري : 1225 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1811
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ العلامة أبو بكر حسين بن أبي بكر بن غنام الأحسائي المالكي مذهبًا التميمي نسبًا، ولد ببلدة المبرز بالأحساء ونشأ بها وقرأ على علمائها، ثم نزح منها إلى الدرعية، فقدمها على الإمام عبد العزيز بن محمد والشيخ محمد بن عبد الوهاب فأكرماه وأنزلاه المنزلة الرفيعة، فاستقرَّ في الدرعية وجلس فيها لطلاب العلم يقرؤون عليه علم النحو والعروض فقط، منهم الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله ابن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب, والشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز ابن الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن معمر. كانت له اليد الطولى في معرفة العلم وفنونِه, وصنَّف مصنفات منه: العقد الثمين في شرح أصول الدين, وألف تاريخه المشهور بتاريخ ابن غنام وسمَّاه "روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام" وله معرفة في الشعر والنثر، وله قصائد طوال موجودة في تاريخه, وهي تدل على طولِ نَفَسه في الشعر, وتوفِّي في الدرعية.

العام الهجري : 1229 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1814
تفاصيل الحدث:

بعث محمد على صاحب مصر عسكرًا كثيفًا ووجَّهه إلى ناحية اليمن، لَمَّا استقر بمكة وجدة، فأرسل تلك العساكر برًّا وبحرًا، فسَيَّرَ في البحر أكثَرَ من أربعين سفينة وبندروا عند القنفذة, وكان في القنفذة عسكر من عسير نحو 500 مقاتل، فحصرهم الروم (جيش محمد علي) ورموهم بالمدافِعِ والقنابر، فلم يزالوا محاصرين لهم حتى أخرجوهم بالأمان واستولوا على القنفذة، وكان أميرُ عسير وتهامة طامي بن شعيب قد سار بجميع الشوكة من رعيته وتوجه إلى الحجاز، فلما بلغه استيلاءُ قوات محمد علي على القنفذة حَرَف جيوشه إليهم وقصدهم فيها، ومعه أكثَرُ من ثمانية آلاف مقاتل، فنازلهم فيها ووقع قتال شديدٌ، فنصر الله طامي ومن معه وقتلوا منهم رجالًا كثيرة وأخذوا المحطةَ وما فيها، ومِن خَيلِهم نحو 500، وغنموا من الركابِ ما لا يبلغه العدُّ، والمتاع والسلاح والأزواد ما لا يبلغه العدُّ، حتى قيل إنَّ الخيام التي أخذوا تزيد على 1000 خيمة، وانهزم شريدُهم في السفن؛ وذلك أنهم لما انهزموا تركوا المحطةَ وجنبوها وتوجهوا إلى السفن وركبوها، ونزلوا عن الخيلِ وتركوها فغَنِمَها أهل عسير مع رحايلهم وخيامهم ووجدوا باشتهم في الخيام فقتلوه.

العام الهجري : 1344 العام الميلادي : 1925
تفاصيل الحدث:

بعد أن ضَمَّ الملك عبدالعزيز الحجازَ حاول الإبقاء على النظام الإداري الذي وضعه المَلِكُ حسين في الحجاز، والتوفيق بين عُلماء الدين في نجد والحجاز، واستمَرَّت أعمال الشركات الأجنبية في الحجاز، وكان الوضعُ في الحجاز أكثَرَ تطورًا من نجد؛ حيث وجودُ الإدارة وَفقَ المعايير العثمانية والميزانية المالية، والجيش النظامي والمدارس على النظام الحديث حتى المرحلة الثانوية، كما كان يوجدُ في الحجاز صحيفة "القبلة" الناطقة باسم الحكومةِ، كما أدرك الملك عبدالعزيز أهميةَ إدخال الوسائل الحديثة للدولة من الهاتف والراديو والسيارة وغيرها، بعد أن اطَّلع على أثَرِها في الحياة العامة والخاصة، إلَّا أنَّ بعضَ هذه الوسائل الحديثة كانت مرفوضةً من بعض علماء نجد وإخوان من أطاع الله خاصة، كالهاتف والتلغراف والراديو، على أنها من أعمال "الشيطان". ومعظم شعوب العالم حتى في أوروبا استنكرتها في بدايتها ظنًّا منها أنَّها من أعمال السحر، ولكِنَّ الملك عبدالعزيز أصرَّ على استخدامها فانتشرت السيارة والتليفون في البلاد، ثم قام الملكُ عبد العزيز بإجراء بعض التغييرات السياسية؛ فعيَّن ابنَه فيصلًا نائبًا للمَلِك في الحجاز في منتصف عام 1926م، وأصدر "التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية" وهو كالدستور، حدَّد وضع نائب الملك، ومجلس الشورى، والإدارة العامة.

العام الهجري : 1420 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 2000
تفاصيل الحدث:

السيد سابق صاحبُ كتابِ "فقه السُّنة"، تخرَّج في كليَّة الشريعة، من مواليد محافظة المنوفية مركز الباجور قرية إسطنها، بدأ يكتُب في فقه الطهارة، معتمِدًا على كتب فقه الحديث، التي تُعنى بالأحكام، مثل: (سُبل السلام) للصنْعانيِّ، شرح (بلوغ المرام) لابن حَجَر، و(نيل الأوطار) للشوْكاني، وشرح (مُنْتَقى الأخيار من أحاديث سيد الأخيار) لابن تَيْميةَ الجدِّ، وغير ذلك من المصادر المختلِفة، مثل (المُغْني) لابن قُدامة، و(زاد المعاد) لابن القَيِّم، وغيرهما، قُدِّم للمحاكَمةِ في قضية مَقتَل النُّقْراشي باشا، حيث زَعَموا في ذلك الوقت أنَّه هو الذي أفتى الشابَّ القاتلَ عبد المجيد حسن بجواز قَتلِه، وكانت الصحُف تُلَقِّبُه في ذلك الوقت بـ (مفتي الدماء)، ولكنَّ المحكمةَ برَّأَتْه، وأخْلَت سبيلَه، ثم اعتُقِلَ في سنةِ 1949م واقْتيدَ إلى مُعتَقَل الطور.
عُيِّنَ بعد ذلك مديرًا لإدارة الثقافة في وزارة الأوقاف، في عهد وزير الأوقاف أحمد حسن الباقوري، ثم انتقل في السنين الأخيرة من عمره إلى (جامعة أم القرى) بمكَّة المكرَّمة، وتُوفيَ -رحمه الله- عن عُمرٍ يُناهز 85 سنةً، ودُفنَ بمدافن عائلته بقرية إسطنها، حيث مسقطُ رأسِه.

العام الهجري : 1442 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2020
تفاصيل الحدث:

وُلِدَ الدكتورُ عبد السَّتَّار أبو غُدَّة عام ١٣٥٩هـ الموافق 1940م بحَلَب. حصل على ليسانس في الشريعة عام ١٣٨٤هـ الموافق 1964م من جامعة دمشق، كما حصل على ليسانس في الحقوقِ عام ١٣٨٥هـ الموافق 1965م من نفس الجامعةِ، وحصل على ماجستير في الشريعةِ عام ١٣٨٦هـ الموافق 1966م، ثمَّ ماجستير في علومِ الحديثِ عام ١٣٨٧هـ الموافق 1967م، ثمَّ على الدكتوراه في الشَّريعةِ في مجالِ (الفقهِ المقارِن) عام ١٣٩٥هـ الموافق 1975م كلُّها من جامعةِ الأزهرِ.
كان رحمه الله متخصِّصًا في فقهِ المعامَلاتِ الماليَّةِ والدِّراساتِ المَصرِفيَّة الإسلاميَّة، إضافةً إلى فقهِ الزَّكاةِ والأوقافِ، وفِقهِ المحاسَبةِ والمراجَعةِ، والدِّراساتِ القانونيَّة.
عَمِلَ أستاذًا في العديد من الجامعات في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ والكويت ومصر وغيرها. وكان باحثًا في الموسوعةِ الفِقهيَّةِ بوزارةِ الأوقافِ بالكويت، وعضوَ مجلِسِ المعايير والمجلِسِ الشَّرعيِّ لهيئة المحاسَبة والمراجَعة للمُؤَسَّساتِ الماليَّة الإسلاميَّة، وعضوَ المجلسِ الأوربيِّ للإفتاءِ والبُحوثِ.
له العديدُ من المؤلَّفاتِ؛ منها: الخيارُ وأثرُه في العقودِ، دورُ الفِقهِ الإسلاميِّ في العَصرِ الحاضِرِ، بحوثٌ في الفقهِ الطِّبي والصِّحَّة النَّفسيَّة من منظورٍ إسلاميٍّ، دليل الزكاة.
تُوفِّي في مونتريال بكندا يوم الجمعة عن عمرٍ ناهز 80 عامًا.

العام الهجري : 456 العام الميلادي : 1063
تفاصيل الحدث:

سار السُّلطانُ ألب أرسلان من الرَّيِّ إلى أذربيجان، فوَصلَ إلى مرند عازِمًا على قِتالِ الرُّومِ وغَزْوِهِم، فلمَّا فَرَغَ مِن جَمعِ العساكرِ والسُّفُنِ سار إلى بلادِ الكرج، وجَعلَ مَكانَه في عَسكرِه وَلَدَهُ ملكشاه، ونِظامَ المُلْكِ وَزيرَه، فسار ملكشاه ونِظامُ المُلْكِ إلى قَلعةٍ فيها جَمعٌ كَثيرٌ مِن الرُّومِ، فنَزلَ أَهلُها منها، وتَخَطَّفُوا من العَسكرِ، وقَتَلوا منهم فِئَةً كَثيرةً، فنَزلَ نِظامُ المُلْكِ وملكشاه، وقاتَلوا مَن بالقَلعةِ، وزَحَفوا إليهم، فقُتِلَ أَميرُ القَلعةِ ومَلَكَها المُسلِمون، وساروا منها إلى قَلعةِ سرماري، وهي قَلعةٌ فيها من المِياهِ الجاريةِ والبَساتين، فَقاتَلوها ومَلَكوها، وأَنزَلوا منها أَهلَها، وكان بالقُربِ منها قَلعةٌ أُخرى، ففَتَحَها ملكشاه، وأَرادَ تَخريبَها، فنَهاهُ نِظامُ المُلْكِ عن ذلك، وقال: هي ثَغْرٌ للمُسلِمين، وشَحَنَها بالرِّجالِ والذَّخائِر والأَموالِ والسِّلاحِ، وسَلَّمَ هذه القِلاعَ إلى أَميرِ نقجوان، وسار ملكشاه ونِظامُ المُلْكِ إلى مَدينةِ مريم نشين، وهي مَدينةٌ حَصينَةٌ، سُورُها مِن الأَحجارِ الكِبارِ الصَّلْبَةِ، المَشدُودةِ بالرَّصاصِ والحَديدِ، وعندَها نَهْرٌ كَبيرٌ، فأَعَدَّ نِظامُ المُلْكِ لِقِتالِها ما يَحتاجُ إليه من السُّفُنِ وغَيرِها، وقاتَلَها، فضَجِرَ الكُفَّارُ، وأَخذَهم الإعياءُ والكَلالُ، فوَصلَ المسلمون إلى سُورِها، ونَصَبوا عليه السَّلاليمَ، وصَعَدوا إلى أَعلاهُ، فلمَّا رأى أَهلُها المسلمين على السُّورِ فَتَّ ذلك في أَعضادِهِم، وسُقِطَ في أيديهِم، ودَخلَ ملكشاه البلدَ، ونِظامُ المُلْكِ، وأَحرَقوا البِيَعَ، وخَرَّبوها، وقَتَلوا كَثيرًا من أَهلِها، وأَسلمَ كَثيرٌ فنَجَوْا من القَتلِ، واستَدعَى ألب أرسلان إليه ابنَه، ونِظامَ المُلْكِ، وفَرِحَ بما يَسَّرَهُ الله من الفَتحِ على يَدِ وَلَدِه. وفَتَحَ ملكشاه في طَريقِه عِدَّةً من القِلاعِ والحُصونِ، وأَسَرَ من النَّصارَى ما لا يُحصَونَ كَثْرَةً. وساروا إلى سبيذ شهر، فجَرَى بين أَهلِها وبين المسلمين حُروبٌ شَديدةٌ استُشهِدَ فيها كَثيرٌ من المسلمين، ثم إنَّ الله تعالى يَسَّرَ فَتْحَها فمَلَكَها ألب أرسلان، وسار منها إلى مَدينةِ أعآل لآل، وهي حَصينةٌ، عاليةُ الأَسوارِ، شاهِقةُ البُنيانِ، وهي من جِهَةِ الشَّرقِ والغَربِ على جَبلٍ عالٍ، وعلى الجَبلِ عِدَّةٌ من الحُصونِ، ومن الجانِبينِ الآخرينِ نَهْرٌ كَبيرٌ لا يُخاض، فلمَّا رآها المسلمون عَلِموا عَجزَهم عن فَتْحِها والاستيلاءِ عليها، وكان مَلِكُها من الكرج، وعَقَدَ السُّلطانُ جِسْرًا على النَّهْرِ عَريضًا، واشتَدَّ القِتالُ، وعَظُمَ الخَطْبُ، فخَرَجَ من المدينةِ رَجُلانِ يَستَغيثانِ، ويَطلُبانِ الأَمانَ، والتَمَسا من السُّلطانِ أن يُرسِلَ معهما طائفةٌ من العَسكرِ، فسَيَّرَ جَمْعًا صالحًا، فلمَّا جاوَزُوا الفَصِيلَ أَحاطَ بهم الكرجُ من أَهلِ المدينةِ وقاتَلوهُم فأَكثَروا القَتْلَ فيهم، ولم يَتمَكَّن المسلمون من الهَزيمَةِ لِضِيقِ المَسْلَكِ، وخَرجَ الكَرجُ من البَلدِ وقَصَدوا العَسكرَ، واشتَدَّ القِتالُ، وكَبَّرَ المسلمون عليهم، فوَلَّوْا مُنهَزِمينَ، فدخلوا البلدَ والمسلمون معهم، ودَخلَها السُّلطانُ ومَلَكَها، واعتَصمَ جَماعةٌ من أَهلِها في بُرْجٍ من أَبراجِ المدينةِ، فقاتَلهُم المسلمون، فأَمَرَ السُّلطانُ بإلقاءِ الحَطَبِ حَولَ البُرجِ وإحراقِه، ففعل ذلك، وأَحرَق البُرجَ ومَن فيه، وعاد السُّلطانُ إلى خِيامِه، وغَنِمَ المسلمون من المدينةِ ما لا يُحَدُّ ولا يُحصَى، ولمَّا جَنَّ اللَّيلُ عَصَفَت رِيحٌ شَديدةٌ، وكان قد بَقِيَ من تلك النَّارِ التي أَحرَق بها البُرجَ بَقِيَّةٌ كَثيرةٌ، فأَطارَتها الرِّيحُ، فاحتَرقَت المَدينةُ بأَسْرِها، وذلك في رجب، ومَلَكَ السُّلطانُ قَلعةً حَصينةً كانت إلى جانبِ تلك المدينةِ، وأَخذَها، وسار منها إلى ناحيةِ قرس، ومدينة آني وبالقُربِ منها ناحيتان يُقال لهما: سيل ورده، ونورة، فخَرجَ أَهلُهما مُذعِنينَ بالإسلامِ، وخَرَّبوا البِيَعَ، وبَنوا المساجِدَ، وسار منها إلى مَدينةِ آني فوَصلَ إليها فرآها مَدينةً حَصينةً، شَديدةَ الامتِناعِ، لا تُرام، ثلاثةُ أَرباعِها على نَهرِ أرس، والرُّبعُ الآخرُ نَهْرٌ عَميقٌ شَديدُ الجَرْيَةِ، لو طُرِحَت فيه الحِجارةُ الكِبارُ لدَحاها وحَملَها، والطَّريقُ إليها على خَندقٍ عليه سُورٌ من الحِجارةِ الصُّمِّ، فحَصَرَها وضَيَّقَ عليها، إلا أنَّ المسلمين قد أَيِسُوا من فَتْحِها لِمَا رَأَوا من حَصانَتِها، فعَمِلَ السُّلطانُ بُرْجًا من خَشَبٍ، وشَحَنَهُ بالمُقاتِلَةِ، ورَماهُ بالنُّشَّابِ، ونَصَبَ عليه المِنْجَنيقَ، فكَشَفوا الرُّومَ عن السُّورِ، وتَقدَّم المسلمون إليه لِيَنقُبوهُ، فأَتاهُم مِن لُطْفِ الله ما لم يكُن في حِسابِهم، فانهَدَمت قِطعةٌ كَبيرةٌ من السُّورِ بغيرِ سَبَبٍ، فدَخَلوا المدينةَ وقَتَلوا من أَهلِها ما لا يُحصَى بحيث إنَّ كَثيرًا من المسلمين عَجَزوا عن دُخولِ البلدِ من كَثرةِ القَتلى، وأَسَروا نَحوًا مما قَتَلوا، وسارت البُشرَى بهذه الفُتوحِ في البلادِ، فسُرَّ المسلمون، وقُرِئ كِتابُ الفَتْحِ ببغداد في دارِ الخِلافةِ، ورَتَّبَ فيها السُّلطانُ أَميرًا في عَسكرٍ جَرَّارٍ، وعاد عنها، وقد راسَلهُ مَلِكُ الكرجِ في الهُدْنَةِ، فصالَحَهُ على أَداءِ الجِزْيَةِ كلَّ سَنَةٍ، فقَبِلَ ذلك.

العام الهجري : 434 العام الميلادي : 1042
تفاصيل الحدث:

سار طغرلبك إلى خوارزم فحصرها وملكها واستولى عليها، وانهزم شاه ملك بين يديه، واستصحَبَ أموالَه وذخائِرَه، ومضى في المفازةِ إلى دهستان، ثم انتَقَل عنها إلى طبس، ثمَّ إلى أطراف كرمان، ثمَّ إلى عمال التيز ومكران، فلمَّا وصَلَ إلى هناك عَلِمَ خلاصَه ببُعدِه، وأمِنَ في نفسه، ثمَّ خرجَ طغرلبك من خراسانَ إلى الريِّ بعد فراغِه مِن خوارزم، وجرجان، وطبرستان، فلمَّا سَمِعَ أخوه إبراهيمُ ينال بقدومِه سار إليه فلَقِيَه، وتسَلَّم طغرلبك الريَّ منه، وتسَلَّمَ غيرَها من بلد الجبل وسار إبراهيمُ إلى سجستان، وأخذ طغرلبك أيضًا قلعةَ طبرك من مجدِ الدَّولة بن بُوَيه، وأقام عنده مُكَرَّمًا، وأمَرَ طغرلبك بعمارةِ الرَّيِّ وكانت قد خَرِبَت، ثمَّ ساروا إلى قزوين، فامتنعَ عليه أهلُها، فزحف إليهم ورماهم بالسِّهامِ والحجارة، فلم يَقدِروا أن يَقِفوا على السورِ، وقُتِلَ مِن أهل البلد برشق، وأخذ ثلاثَمِئَة وخمسين رجلًا، فلمَّا رأى كامرو ومرداويج بن بسو ذلك خافوا أن يملِكَ البلد عَنوةً ويَنهَب، فمنعوا الناسَ مِن القتال، وأصلحوا الحالَ على ثمانينَ ألف دينار، وصار صاحبُها في طاعته، ثمَّ إنه أرسل إلى كوكتاش وبوقا وغيرهما من أمراء الغز، الذين تقَدَّم خروجُهم، يُمَنِّيهم ويدعوهم إلى الحضورِ في خدمته، وأرسل طغرلبك إلى ملك الديلمِ يدعوه إلى الطاعة، ويطلُبُ منه مالًا، ففعل ذلك، وحَمَل إليه مالًا وعُروضًا، وأرسل أيضًا إلى سلار الطرم يدعوه إلى خدمتِه، ويطالبُه بحمل مِئَتي ألفِ دينار، فاستَقَرَّ الحالُ بينهما على الطاعةِ وشَيءٍ مِن المال. وأرسلَ سَريَّةً إلى أصبهان، وبها أبو منصور فرامرز بن علاء الدَّولة، فأغارت على أعمالِها وعادت سالِمةً، وخرج طغرلبك من الريِّ، وأظهر قصدَ أصبهان، فراسلَه فرامرز، وصانَعَه بمالٍ، فعاد عنه وسار إلى همذان فمَلَكَها من صاحِبِها كرشاسف بن علاء الدَّولة، ثمَّ عاد إلى الريِّ، واستناب بهمذان ناصرًا العَلويَّ، وسَيَّرَ طغرلبك طائفةً من أصحابِه إلى كرمان مع أخيه إبراهيم ينال، بعد أن دخل الريَّ، وقيل إنَّ إبراهيمَ لم يقصِدْ كرمان، وإنَّما قصد سجستان، وكان مُقَدَّم العساكِرِ التي سارت إلى كرمان غيره، فلما وصلوا إلى أطراف كرمان نَهَبوا، ولم يُقدِموا على التوغُّلِ فيها، فلم يَرَوا من العساكِرِ مَن يَكُفُّهم، فتوسَّطوا ومَلَكوا عِدَّةَ مواضعَ منها ونَهَبوها، فبلغ الخبَرُ إلى الملك أبي كاليجار، صاحِبِها، فسَيَّرَ وزيرَه مُهذَّب الدَّولة في العساكِرِ الكثيرة، فخرجت الغزُّ إلى الجِمالِ والبغال والميرة ليأخُذوها، وسَمِعَ مهذَّب الدَّولة ذلك، فسيَّرَ طائفةً مِن العسكر لمنعِهم، فتواقعوا واقتَتلوا، وتكاثرَ الغز، فسَمِعَ مُهَذَّب الدَّولة الخبَرَ، فسار في العساكِرِ إلى المعركة، وهم يقتَتِلون، وقد ثبَتَت كل طائفة لصاحبتِها واشتَدَّ القتال، فلما وصل مهذَّب الدَّولة إلى المعركة انهزم الغُزُّ وتركوا ما كانوا ينهَبونَه، ودخلوا المفازةَ، وتَبِعَهم الديلم إلى رأسِ الحدِّ، وعادوا إلى كرمان فأصلحوا ما فسَدَ منها.

العام الهجري : 690 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1291
تفاصيل الحدث:

شرع السلطانُ الأشرفُ صلاحُ الدين خليلُ بن قلاوون في الاهتمامِ بفَتحِ عَكَّا، وبعثَ الأميرَ عِزَّ الدين أيبك الأفرم أمير جاندار إلى الشامِ لتجهيزِ أعوادِ المجانيق، فقَدِمَ دِمشقَ وجُهِّزَت أعوادُ المجانيق، وبرزت في أول ربيع الأول وتكامَلَت في الثاني عشر، وسار بها الأميرُ عَلَم الدين سنجر الدواداري أحدُ أمراء الشام، ثم فُرِّقَت على الأمراء مقَدَّمي الألوف، فتوجَّهَ كل أمير ومضافيه بما أمر بنقله منها، وخرج من القاهرةِ الأمير سيف الدين طغريل الأيغاني إلى استنفار الناسِ مِن الحصون بممالكِ الشام، فوصل المظفَّر صاحب حماة إلى دمشق في الثالث عشر بعسكره وبمجانيقِ وزردخاناه- خزانة الأسلحة- ووصل الأميرُ سيف الدين بلبان الطباخي نائبُ الفتوحات بعساكِرِ الحصون وطرابلس، وبالمجانيق والزردخاناه في الرابع عشر، وتوجَّه الأميرُ حسام الدين لاجين نائبُ الشام بالجيشِ مِن دمشق في العشرينَ مِن ربيع الأول، وسار جميعُ النواب بالعساكر إلى عكا، وكان السلطانُ الأشرف خليل توجَّه بالعساكِرِ يوم الثلاثاء ثالث ربيع الأول يريد أخْذَ عَكَّا، وسيَّرَ حريمه إلى دمشق فوصلوا إليها في سابع ربيع الآخر، وسار السلطان فنزل عكَّا في يوم الخميس ثالث ربيع الآخر، ووصلت المجانيقُ يوم ثاني وصولِه وعدَّتُها اثنان وتسعون منجنيقًا، فتكاملَ نَصبُها في أربعة أيام، وأُقيمَت الستائرُ ووقع الحصارُ، وقد أتت جمائِعُ الفرنجِ إلى عكا أرسالًا من البحر، صار بها عالمٌ كبير، فاستمَرَّ الحصارُ إلى سادس عشر جمادى الأولى، وكثُرَت النقوب بأسوارِ عَكَّا، فلما كان يومُ الجمعة السابع عشر عزم السُّلطانُ على الزحف، فرَتَّب كوساته- قطعتان من نحاس تشبهانِ الترسَ الصغيرَ يُدَقُّ بأحدها على الآخر بإيقاع مخصوص- على ثلاثمائة جمل، وأمر أن تُضرَبَ كُلُّها دفعة واحدة، وركب السلطانُ وضُرِبَت، فهال ذلك أهلَ عكا، وزحف بعساكِرِه ومن اجتمع معه قَبلَ شروق الشمس، فلم ترتفع الشمسُ حتى علت السناجِقُ- الرايات- الإسلاميَّة على أسوار عكا، وهرب الفرنجُ في البحر وهلك منهم خلقٌ كثير في الازدحام، والمسلمون يقتُلونَ ويأسِرونَ وينهَبونَ فقَتَلوا ما لا يحصى عَدُّه كثرةً، وأخذوا من النساءِ والصبيان ما يتجاوَزُ الوصفَ، وكان عند فتحها أن أقبل من الفرنجِ نحوُ عشرة آلاف في هيئةٍ مُستأمنين، ففَرَّقهم السلطان على الأمراء فقتلوهم عن آخِرِهم، وكانت مدَّةُ حصار عكا أربعة وأربعين يومًا، واستُشهِدَ من المسلمين الأميرُ علاء الدين كشتغدي الشمسي ودُفِنَ بجلجولية، وعزُّ الدين أيبك العزي نقيب العساكر، وسيفُ الدين أقمش الغتمي، وبدرُ الدين بيليك المسعودي، وشرفُ الدين قيران السكزي، وأربعةٌ من مقَدَّمي الحلقةِ، وجماعةٌ من العسكر، وفي يومِ السبت الثامن عشر وقع الهدمُ في مدينة عكا، فهُدِّمَت الأسوار والكنائسُ وغيرها وحُرِقَت، وحُمِلَ كثير من الأسرى بها إلى الحصونِ الإسلاميَّة.