الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2638 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 564 العام الميلادي : 1168
تفاصيل الحدث:

هو مَلِك الديار المصرية ووزيرُها أبو شجاع شاور بن مجير بن نزار بن عشائر السعدي، الهوازني. يرجع نسبه إلى أبي ذؤيب عبد الله والد حليمة السعدية مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان الملك الصالحُ طلائع بن رزيك الرافضي وزيرُ العاضد قد ولَّاه إمرة الصعيد، ثم نَدِمَ على توليته حيث لا ينفع الندم. ثم إن شاوِر تمكن في الصعيد، وكان شجاعًا فارسًا شهمًا، وكان الصالح لما احتُضِرَ قد وصى ولده رزيك ألَّا يتعرض لشاور ولا يهيجه بمساءةٍ ولا يُغَيِّر عليه حاله، فإنه لا يأمَنُ عصيانه والخروج عليه، وكان كما أشار، ثم إن شاور بعد وفاة الملك الصالح حشَدَ وجمع، وأقبل من الصعيد على واحات، واخترق البرِّية إلى أن خرج من عند تروجة بقرب الإسكندرية، وتوجه إلى القاهرة ودخلها، فقتل العادِلَ رزيك بن الملك الصالح، ووزر للعاضِدِ. لما تملك شاور البلاد لمَّ شَعثَ القصر، وأدرَّ الأرزاق الكثيرة على أهل القصر، وكان قد نقصهم المَلِكُ الصالح أشياءَ كثيرة، ثمَّ تجبَّرَ شاور وظلم فخرج عليه الأميرُ ضرغام وأمراء، وتهيؤوا لحربه، ففَرَّ إلى دمشق مستنجدًا بالسلطان نور الدين محمود، فاجتمع به، وأكرمَه، ووعده بالنصرة. وقال شاوِر له: أنا أمَلِّكُك مصر، فجهَّزَ معه شيركوه بعد عهودٍ وأيمان، فالتقى شيركوه وعسكر ضرغام، فانكسرَ المصريون، وحُوصِرَ ضرغام بالقاهرة، وتفلَّلَ جمعُه، فهرب، فأُدرِك وقُتِلَ عند جامع ابن طولون، وطِيفَ برأسه، ودخل شاوِر، فعاتبه العاضِدُ على ما فعل من جَلبِ أصحاب نور الدين محمود إلى مصر، فضَمِنَ له أن يصرِفَهم، فخلع عليه، فكتب إلى الروم يستنفِرُهم ويُمَنِّيهم، فأُسقِطَ في يد شيركوه، وحاصر القاهرةَ، فدهمته الرومُ، فسبق إلى بلبيس، فنزلها، فحاصره العدوُّ بها شهرين، وجرت له معهم وقعات، ثم فَتَروا، وترحلوا، وبقي خلقٌ من الروم يتقوَّى بهم شاور، وقرر لهم مالًا، ثم فارقوه. وبالغ شاوِر في العسف والمصادرة، وتمنى المصريون أن يليَ أمرهم شيركوه، فسار إليهم ثانيًا من الشام، فاستصرخ شاوِر بملك الفرنج عموري، للعودِ إلى مصر، ولكنهم تأخروا فخاف شاور فعَمِلَ حيلةً يغدر فيها بأسد الدين وأمرائه ويقبض عليهم، فنهاه ابنه الكامل، وقال له: والله لئن لم تنتهِ عن هذا الأمرِ لأُعَرِّفنَ أسد الدين. فقال له أبوه شاور: واللهِ لئن لم نفعَلْ هذا لنُقتَلَنَّ كلنا. فقال له ابنه الكامل: لَأنْ نقتل والبلادُ بيدِ المُسلِمينَ خَيرٌ من أن نقتل والبلاد بيد الفرنج. وكان شاور قد شرط لأسدِ الدين شيركوه ثلثَ أموال البلاد، فأرسل أسد الدين يطلب منه المال، فجعل شاوِر يتعلل ويماطل وينتظر وصول الفرنج، فابتدره أسدُ الدين وقتَلَه، واختلفوا في قتلِه على أقوال؛ أحدُها: أن الأمراء اتفقوا على قتله لَمَّا عَلِموا مكاتبتَه للفرنج، وأنَّ أسد الدين تمارض، وكان شاور يخرجُ إليه في كل يوم والطبل والبوق يضربان بين يديه على عادةِ وُزَراء مصر، فجاء شاوِر ليعود أسد الدين فقَبَض عليه وقتله، والثاني: أن صلاح الدين وجرديك اتَّفقا على قتله وأخبرا أسدَ الدين فنهاهما، وقال: لا تفعلا، فنحن في بلاده ومعه عسكر عظيم، فأمسكا عن ذلك إلى أن اتفق أنَّ أسد الدين ركب إلى زيارة الإمام الشافعي وأقام عنده، فجاء شاوِر على عادته إلى أسد الدين فالتقاه صلاح الدين وجرديك وقالا: هو في الزيارة انزل، فامتنع؛ فجذباه فوقع إلى الأرض فقتَلاه، والثالث: أنهما لما جذباه لم يمكِنْهما قتله بغير أمر أسد الدين فسَحَبَه الغلمان إلى الخيمة وانهزم أصحابه عنه إلى القاهرة ليُجَيِّشوا عليهم، علم أسد الدين فعاد مسرعًا، وجاء رسول من العاضد برقعةٍ يطلب من أسد الدين رأسَ شاور، وتتابعت الرسل. وكان أسد الدين قد بعث إلى شاوِر مع الفقيه عيسى يقول: لك في رقبتي أيمانٌ، وأنا خائِفٌ عليك من الذي عندي فلا تجيء. فلم يلتفت وجاء على العادة فقُتِل. ولما تكاثرت الرسل من العاضد دخل جرديك إلى الخيمة وجَزَّ رأسه، وبعث أسد الدين برأسِه إلى العاضد فسُرَّ به. ثم طلب العاضد ولدَ شاوِر الملك الكامل وقتَلَه في الدهليز وقتَلَ أخاه، واستوزر أسدَ الدين شيركوه، وذلك في شهر ربيع الأول.

العام الهجري : 669 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1271
تفاصيل الحدث:

هو أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، القرشي، المخزومي، بن قطب الدين المقدسي  الصوفي الرقوطي، نسبة إلى رقوطة بلدة قريبة من مرسية بالأندلس. المشهور بابن سبعين، ولِدَ سنة أربع عشرة وستمائة، واشتغل بعلم الأوائل والفلسفة، فتولَّدَ له من ذلك نوع من الإلحاد، وصنَّفَ فيه، وكان يعرف السيميا، وكان يلَبِّسُ بذلك على الأغبياء من الأمراء والأغنياء، ويزعُمُ أنه حال من أحوال القوم، وله المصنفات منها كتاب البدوي، وكتاب الهو، رسالة النصيحة النورية، عهد ابن سبعين، الإحاطة، الرسالة الفقيرية، الحكم والمواعظ، الرسالة القبرصية,  وقد أقام بمكة واستحوذ على عقل صاحبها أبي نمي بن أبي سعد. وشاع صيتُه وكثر أتباعه بين أهل مكة بسبب سخائه وعِلمِه، وقد ظل ابن سبعين في مكَّة حتى توفي به، وجاور في بعض الأوقاتِ بغار حراء يرتجي فيما يُنقَلُ عنه أن يأتيه فيه وحيٌ، كما أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم!! بناء على ما يعتقده من العقيدة الفاسدة من أن النبوة مكتسبة، وأنها فيض يفيض على العقل إذا صفا، فما حصل له إلا الخزي في الدنيا والآخرة، إن كان مات على ذلك, وقد كان إذا رأى ابن سبعين الطائفينَ حول البيت يقول عنهم كأنهم الحميرُ حول المدار، وأنهم لو طافوا به كان أفضَلَ من طوافهم بالبيتِ، وقد نُقِلَت عنه عظائم من الأقوال والأفعال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فصار بعضُهم يرى أن باب النبوة مفتوح لا يمكن إغلاقُه فيقول كما كان ابن سبعين يقول: "لقد زرَّب ابن آمنة حيث قال: لا نبي بعدي" أو يرى لكونه أشد تعظيمًا للشريعة أن باب النبوة قد أغلق فيدعي أن الولاية أعظم من النبوة، وأن خاتم الأولياء أعلم بالله من خاتم الأنبياء، وأن خاتم الأنبياء بل وجميع الأنبياء إنما يستفيدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء!! ويقول إنه يوافق النبي في معرفة الشريعة العملية؛ لأنه يرى الأمر على ما هو عليه فلا بد أن يراه هكذا، وإنه أعلم من النبي بالحقائق العلمية؛ لأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول!! وهذا بناء على أصول هؤلاء الفلاسفة الكفار الذين هم أكفر من اليهود والنصارى". وقال شيخ الإسلام: "ابن سبعين أحد أئمة الاتحادية ومحققيهم وأذكيائهم، أنه قال عن كلام ابن عربي:  "فلسفة مخموجة" وكلامه هو أدخل في الفلسفة وأبعد عن الإسلام، ولا ريب أن هؤلاء من جنس الملاحدة الباطنية القرامطة، وهؤلاء الفلاسفة مشتركون في الضلال ومذاهب هؤلاء الفلاسفة في الإلهيات من أشد المذاهب اضطرابًا وتناقضًا وقولًا لا حقيقة له، فلما كان مذهبهم المقارنة التي هي في الحقيقة تعطيل الصنع والخلق والإبداع وإن كانوا يدَّعون أنهم يثبتون واجبًا غير العالم، فهذا دعواهم، وإلا ففي الحقيقة يلزمهم ألا يكون ثَمَّ واجِبُ الوجود غير العالم، وهذا حقيقة قول الاتحادية وهو الذي أظهره إمام هؤلاء فرعون؛ فإن الاتحادية تنتحله وتعظمه والباطنية تنتحله وتعظمه وهو على مقتضى أصول الفلاسفة الصابئة المشركين الذين هم من أعظم الناس إيمانًا بالجبت والطاغوت" قال الذهبي: "كان ابن سبعين صوفيًّا على قاعدة زهاد الفلاسفة وتصوفهم، وله كلام كثير في العرفان على طريق الاتحاد والزندقة, وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة " ابن الفارض "، و " ابن العربي " وغيرهما. فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى ولا يقومون في الذبِّ عن معبودهم، تبارك اسمُه وتقدست في ذاته، عن أن يمتزج بخَلقِه أو يحِلَّ فيهم, وتعالى الله عن أن يكون هو عينَ السموات والأرض وما بينهما, فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديق مبطن للاتحاد يذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده. وينبغي للمرء أن يكون غضَبُه لربه إذا انتُهِكَت حرماته أكثَرَ من غضبه لفقير غير معصوم من الزَّلَل. فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرًا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر لجواز توبتهم قبل الموت. وأمرهم مُشكِل وحسابُهم على الله, وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي أعطِ القوس باريَها ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه. وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤتُ بالكفر، فكيف لو قلتُه لرجل صالح أو ولي لله تعالى؟ "  توفي ابن سبعين في الثامن والعشرين من شوال بمكة.

العام الهجري : 1428 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 2007
تفاصيل الحدث:

نظَّمت الجماعاتُ الإسلامية في باكستانَ احتجاجاتٍ ضدَّ قرارِ بريطانيا مَنْحَ لقبِ فارسٍ إلى الكاتب سلمان رشدي، وكانت هذه المظاهرات في العاصمة إسلام أباد، وميناء كراتشي، ومدينة لاهور، كما قامت مظاهراتٌ في القطاع الذي تُديرُه الهند من كشمير، وردَّد المتظاهرون هُتافاتٍ مثلَ: "ملعون رشدي"، و"تسقط بريطانيا". وكانت رواية سلمان رشدي "آيات شيطانية" التي صدرت عام 1988م، قد تعرَّضت للاستنكار والإدانة من بعض الدول الإسلامية، واعتبرت أنها توجِّهُ إهاناتٍ لشخصيةِ النبي محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ودعا البرلمان الباكستاني بريطانيا إلى سحب تكريمها لسلمان رشدي، لكنَّ بريطانيا دافعَت عن قرارها بتكريم رشدي قائلةً: إنها تلتزمُ بحرية التعبير، وترغَبُ في تكريم المسلمين في بريطانيا.

العام الهجري : 158 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 775
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامة الفقيهُ المجتهدُ الربَّاني الحنفي، أبو الهذيل زُفَر بن الهذيل بن قيس بن سلم وُلد سنة 110 في العراق. وكانت أسرة زُفر على جانبٍ مِن سَعة الرزق وبُحبوحة العيش، وهو ما ساعَده على الانصراف إلى طلب العلمِ دون أن يشغَلَ نفسَه بأعباءِ الحياة، فحَفِظَ القرآنَ صغيرًا واستقام به لسانُه، وتفتَّحَت مواهِبُه واستعَدَّت لطلب العلم، ومالت نفسُه ورَغِبَت في تلقِّي الحديثِ النبوي، فتردَّدَ على حلقاتِه واتصل بشيوخِه الأبرار، وفي مقدِّمتِهم محدِّث الكوفة سليمان بن مهران المعروف بالأعمش، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسعيد بن أبي عَروبة، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن إسحاق، وأيوب السختياني في أصبهان. ثم ذهب إلى أصبهان مع والده، في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان أبوه قد تولَّى أمرَ أصبهان، وفي الفترة التي أقامها زُفَرُ في أصبهان أخذ عن عُلَمائها ومحدِّثيها المشهورين، حتى أصبحَ حافظًا مُتقنًا، وثِقةً مأمونًا. ولَمَّا رسخت قدمه في السُّنَّة أقبل عليه طلابُ العِلمِ يتعلَّمون على يديه، ويروونَ عنه أحاديثَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ومن أشهَرِ هؤلاء: أبو نُعَيم الأصبهاني، وحسان بن إبراهيم، وأكثم بن محمد، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجرَّاح، وخالد بن الحارث. وكان زُفَرُ محدِّثًا بصيرًا وخبيرًا بفنون الحديثِ، وناقدًا دقيقًا، ويصف أبو نُعَيم ذلك بقوله: "كنتُ أعرِضُ الحديثَ على زُفَر، فيقول هذا ناسِخٌ وهذا منسوخ، وهذا يؤخَذُ به وهذا يُرفَض". وبلغ من سَعةِ عِلمِه وتمكُّنه من فنون الحديث وقدرتِه على التمييز بين درجاتِ الحديث من حيثُ الصِّحةُ والضَّعفُ أنه كان يقول للحافظ أبي نعيم: "هاتِ أحاديثَك، أُغَرْبِلْها لك غَربلةً"، ولَمَّا عاد إلى الكوفة وكانت تموجُ بحلقاتِ العلماء، استأنف اتصالَه بكبار الأئمة، وانتظم في حلقاتِهم، ونهَل من عِلمِهم، حتى اتَّصل بأبي حنيفة النعمان، وكان قد انتهت إليه رئاسةُ الفِقه في العراقِ، واتَّسَعت شهرتُه، فلازمه ملازمةً لصيقةً، حتى غلب عليه الفقهُ وعُرِفَ به، فقيل: "كان صاحِبَ حديثٍ، ثم غلَبَ عليه الفِقهُ". ويذكرُ أبو جعفر الطحاوي أنَّ سبب انتقال زُفَر إلى حلقةِ أبي حنيفةَ مسألةٌ فقهيَّةٌ أعيَتْه وأعيَتْ أصحابَه من المحدِّثين، وعجزوا عن حَلِّها، فلما أتى بها إلى أبي حنيفة أجابه إجابةً شافيةً، فكان ذلك أحدَ الأسبابِ التي دفعت بزُفَرَ إلى الاشتغالِ بالفقه والإقبال عليه، فالتزم أبا حنيفةَ أكثر من عشرين سنة، ووجد فيه الفَهمَ العميقَ والفِكرَ السَّديد، ومالت نفسُه إليه. ولَمَّا توفِّي أبو حنيفة النعمان خلَفَه في حلقتِه زُفَرُ بن الهذيل بإجماعِ تلامذةِ الإمام دونَ مُعارضةٍ، وقد رفض منصِبَ القضاء حين عُرِضَ عليه، وظل منقطعًا إلى العِلمِ، وقد توفِّيَ وهو في الثامنة والأربعين. قال الذهبي: ذكَره يحيى بن مَعين، فقال: ثقةٌ مأمون

العام الهجري : 183 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 799
تفاصيل الحدث:

هو السَّيِّدُ أبو الحسن العلوي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والِدُ الإمام علي بن موسى الرضا, المدنِيُّ، ولد سنة ثمان وعشرين ومائة بالمدينةِ ثم نزلَ بغداد,َ لقب بالكاظِمِ لكَظمِه عمَّن أساء إليه، كان مجتهدًا في العبادةِ كريمًا، قيل: إنَّ سبَبَ سَخَطِ الرشيدِ عليه هو أنَّ الرشيدَ لَمَّا زار قبرَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: السَّلامُ عليك يا عمَّاه يفتَخِرُ بذلك، فقال موسى: السَّلامُ عليك يا أبتِ. فقال الرشيدُ: هذا هو الفَخرُ يا أبا الحسَنِ, ثم لم يزَلْ ذلك في نفسِه، فحَنقَ عليه حتى استدعاه في سنة تسعٍ وسبعين وسجَنَه فأطال سَجنَه، وقيل: بل لأنَّه سَمِعَ أنَّ النَّاسَ يبايعونَ له فحَمَله معه إلى البصرةِ وحَبَسَه عند واليها عيسى بن جعفرٍ، ثمَّ نقَلَه إلى الفضلِ البرمكي، ثمَّ حَوَّله إلى السندي بن شاهك، إلى أن مات عنده ودُفِنَ في بغداد.

العام الهجري : 697 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1298
تفاصيل الحدث:

هو شِهابُ الدين أحمد بن عثمان بن قايماز بن الشيخ عبد الله التركماني الفارقي الأصل ثم الدمشقي الذهبي. قال الذهبي: "والدي أحسَنَ اللهُ جزاءه ولد سنة 641 تقريبًا، وبرع في دقِّ الذَّهَب، وحصل منه ما أعتق منه خمسَ رقاب، وسَمِعَ الصحيح في سنة 666 من المقداد القيسي، وحجَّ في أواخر عمره، كان يقومُ مِن الليل". توفِّي في آخر جمادى الأولى ليلة الجمعة، وصلى عليه الخلقُ يؤُمُّهم قاضي القضاة ابنُ جماعة.

العام الهجري : 169 العام الميلادي : 785
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ حَبرُ القرآنِ: نافع بن عبدالرحمن بن أبي نعيم، أحدُ القُرَّاء السبعة، أصلُه من أصبهان، ولد بالمدينة سنة 70 وقيل 71هـ في خلافة عبدالملك بن مروان, وكان أسودَ اللونِ حالكًا صبيحَ الوجهِ حسَنَ الخُلُق، فيه دُعابة، أخذ القراءةَ عَرضًا عن جماعةٍ مِن تابعي أهلِ المدينة، أقرأَ النَّاسَ دهرًا طويلًا؛ نيفًا عن سبعين سنة، وانتهت إليه رياسةُ القراءة بالمدينة، قيل: إنه كان يُشَمُّ منه رائحةُ المِسكِ حين يقرأُ القرآن، وكان زاهدًا جوادًا، صلى في مسجد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم ستينَ سنةً، وكان الإمامُ أحمَدُ يُقَدِّمُ قراءتَه على قراءةِ عاصم، توفِّيَ في المدينةِ.

العام الهجري : 819 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1416
تفاصيل الحدث:

في سابع جمادى الآخرة من هذه السنة أمر السلطان المؤيد شيخ المحمودي الخطباء إذا أرادوا الدعاء للسلطان على المنبر في يوم الجمعة أن ينزلوا درجةً ثم يدعوا للسلطان حتى لا يكون ذكر السلطان في الموضع الذي يذكر فيه اسمُ الله عزَّ وجلَّ واسم نبيه صلى الله عليه وسلم؛ تواضعًا لله تعالى، ففعل الخطباء ذلك، وحَسُن هذا ببال الناس إلى الغاية، واعتمد خطباء مصر والقاهرة ما أشار به السلطان، فنزلوا عندما أرادوا الدعاء له درجة، ثم دعَوا، وامتنع من ذلك قاضي القضاة البلقيني في جامع القلعة؛ لكونه لم يُؤمَرْ بذلك ابتداء، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: ليس هو السُّنَّة، فغيَّرَ عزم السلطان عن ذلك، فترك الناسُ ذلك بعده.

العام الهجري : 1 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 623
تفاصيل الحدث:

بَعَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُبيدةَ بنَ الحارِثِ بن عبد المطلب في سريَّةٍ إلي بطنِ رابِغٍ -هيَ ميقاتُ أهلِ الشامِ ومِصرَ وتركيا ومَن سَلَك طَريقَهم- في شعبان على رأسِ ثمانيةِ أشهُرٍ من الهجرةِ، وعَقَد له لواءً أبيضَ، وحَمَله مِسْطَحُ بن أُثاثةَ بن المطلبِ بن عبد مَنافٍ، وكانوا في ستِّين من المُهاجِرين ليس فيهم أنصاريٌّ، فلَقيَ أبا سُفيانَ بنَ حربٍ، وهو في مائتينِ على بطنِ رابِغٍ، على عشرةِ أميالٍ من الجُحفةِ، وكان بينهم الرَّميُ، ولم يَسُلُّوا السُّيوفَ، ولم يَصطَفُّوا للقتالِ، وإنَّما كانت مُناوشةً، وكان سعدُ بن أبي وقَّاصٍ فيهم، وهو أوَّلُ مَن رَمَى بسهمٍ في سبيل الله، ثم انصَرَف الفريقانِ إلى حاميَتِهم.

العام الهجري : 578 العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

عَمِلَ البرنسُ صاحب الكرك أسطولًا، وفَرَغ منه بالكرك، ولم يبقَ إلَّا جمعٌ قطَعَه بعضُها إلى بعض، وحملها إلى بحر أيلة، وجمعها في أسرع وقت، وفرغَ منها وشحَنَها بالمقاتِلة وسَيَّرَها، فساروا في البحر، وافترقوا فرقتين: فرقةٌ أقامت على حِصنِ أيلة وهو للمسلمينَ يَحصُرونه، ويمنَعُ أهلَه من ورود الماء، فنال أهله شدةٌ شديدة وضِيقٌ عظيم؛ وأما الفرقةُ الثانية فإنَّهم ساروا نحو عيذاب، وأفسدوا في السواحل، ونهبوا، وأخذوا ما وجدوا من المراكبِ الإسلامية ومَن فيها من التجَّار، وبغتوا الناسَ في بلادهم على حين غفلةٍ منهم؛ فإنهم لم يعهدوا بهذا البحرِ فرنجيًّا قطُّ لا تاجرًا ولا محاربًا، وكان بمصرَ الملك العادل أبو بكر بن أيوب ينوبُ عن أخيه صلاح الدين، فعمرَ أسطولًا وسيَّرَه، وفيه جمعٌ كثير من المسلمين، ومُقَدَّمُهم الحاجب حسام الدين لؤلؤ، وهو متولي الأسطول بديار مصر، فسار لؤلؤ مجِدًّا في طلبهم، فابتدأ بالذين على أيلة فقاتلهم، فقتل بعضَهم، وأسر الباقيَ، وسار من وقته بعد الظَّفَر يقُصّ أثَرَ الذين قصدوا عيذاب، فلم يَرَهم، وكانوا قد أغاروا على ما وجدوه بها، وقتلوا من لَقُوه عندها، وساروا إلى غير ذلك المرسى؛ ليفعلوا كما فعلوا فيه، وكانوا عازمين على الدخول إلى الحجاز مكة والمدينة، فأدركهم بساحلِ الجوزاء، فأوقع بهم هناك، فلما رأوا العطبَ وشاهدوا الهلاكَ خرجوا إلى البَرِّ، واعتصموا ببعض تلك الشعاب، فنزل لؤلؤٌ من مراكبه إليهم، وقاتلهم أشدَّ قِتالٍ، فظَفِرَ بهم وقَتَل أكثرهم، وأخذ الباقين أسرى، وأرسل بعضَهم إلى مِنًى ليُنحِروا بها عقوبةً لِمن رام إخافةَ حَرَمِ الله تعالى وحَرَمِ رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وعاد بالباقين إلى مصر، فقُتِلوا جميعُهم.

العام الهجري : 620 العام الميلادي : 1223
تفاصيل الحدث:

هو الشيخ الإمام العالم القدوة المفتي شيخ الشافعية: فخر الدين، أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الدمشقي، الشافعي. ولد سنة 550, وسمع من عميه؛ الصائن والحافظ، وتفقه على قطب الدين مسعود النيسابوري، وتزوج بابنته، وجاءه ولد منها، سماه مسعودًا. درَّس بالجاروخية، ثم بالصلاحية بالقدس، وبالتقوية بدمشق، فكان يقيم بالقدس أشهرًا، وبدمشق أشهرًا، وكان عنده بالتقوية فضلاء البلد، حتى كانت تُسمى نظامية الشام، ثم درس بالعذراوية سنة 593، وكان فخر الدين لا يَملُّ الشخص من النظر إليه، لحسن سمته، ونور وجهِه، ولطفه، واقتصاده في ملبسِه، وكان لا يفتُرُ من الذكر، استدعاه الملك العادل بعد ما عزل قاضيه ابن الزكي فأجلسه إلى جانبه وقت السماط، وسأل منه أن يلي القضاء بدمشق، فقال حتى أستخير الله تعالى، ثم امتنع من ذلك فشَقَّ على السلطان امتناعه، وهم أن يؤذيَه فقيل له: احمدِ الله الذي في بلادك مثل هذا, وكان قد خاف أن يُكرَه، فجهز أهله للسفر، وخرجت المحابر- طلبة العلم الذين يستملون- إلى ناحية حلب، فردها العادل، وعزَّ عليه ما جرى. قال أبو شامة: كان فخر الدين يتورع من المرور في زقاق الحنابلة لئلَّا يأثموا بالوقيعة فيه؛ وذلك لأن عوامهم يبغضون بني عساكر؛ لأنهم كانوا أعيان الشافعية الأشعرية" لما توفي الملك العادل وأعاد ابنه المعظم الخمور أنكر عليه الشيخ فخر الدين، فبقي في نفسِه منه، فانتزع منه تدريس التقوية، ولم يبق معه سوى الجاروخية ودار الحديث النورية ومشهد ابن عروة، كان زاهدًا عابدًا ورعًا، منقطعًا إلى العلم والعبادة، حسَنَ الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا، وقلَّ من تخلف عن جنازته. قال أبو شامة: "أخبرني من حضره قال: صلى الظهر، وجعل يسأل عن العصر، وتوضَّأ، ثم تشهد وهو جالس، وقال: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، لقنني اللهُ حُجَّتي، وأقالني عثرتي، ورَحِمَ غُربتي، ثم قال: وعليكم السلام، فعلمنا أنَّه حضرت الملائكة، ثم انقلب ميتًا، غسله الفخر بن المالكي، وابن أخيه تاج الدين، وكان مرضه بالإسهال، وصلى عليه أخوه زين الأمناء، ومن الذي قدر على الوصول إلى سريره" وقال عمر بن الحاجب: "هو أحد الأئمة المبرزين، بل واحدهم فضلًا وقدرًا، شيخ الشافعية، كان زاهدًا ثقةً مجتهدًا، غزير الدمعة، حسنَ الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصُّب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ينشُرُ العلم، وكان مطرح الكلف، عرضت عليه مناصب فتركَها، ولد في رجب وتوفي فيه، وعاش سبعين سنة، وكان الجمع لا ينحصر كثرةً في جنازته، حدث بمكة ودمشق والقدس، وصنف عدة مصنفات". وقال القوصي: "كان كثير البكاء، سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع والخضوع، كثير التهجد، قليل الهجوع، مبرزًا في علمي الأصول والفروع، وعليه تفقهتُ وعرضت عليه (الخلاصة) للغزالي"، ودفن عند شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري.

العام الهجري : 124 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 742
تفاصيل الحدث:

هو الجَعْدُ بن دِرهَم، رَأسُ المُعَطِّلَة، أصلُه من خُراسانَ، ويقالُ: إنَّه من موالي بني مَرْوانَ،  وُلِدَ في خُراسان وهاجَر بعدَ ذلك إلى دِمَشق حيث أقام هناك، وهو أوَّلُ مَن ابْتَدَع: أن الله ما اتَّخَذَ إبراهيمَ خَليلًا، ولا كَلَّمَ موسى، وأن ذلك لا يَجوزُ على الله. كان الجَعْدُ زِنْديقًا، شَهِدَ عليه مَيمونُ بن مِهران، فطَلَبَه هِشام، فظَفَر به، وسَيَّرَهُ إلى خالدِ بن عبدِ الله القَسري في العِراق فقَتَلَه يومَ النَّحْر، وقد وقع الخلافُ في تحديدِ سنةِ قَتلِه، ورجَّح بعضُ الباحثينَ أنَّ حادثةَ قَتلِه وقعَت بين سنة (106هـ) و(110هـ)  .وهو مُؤسِّسُ مَذهَبِ الجَهْميَّةِ، وأوَّلُ من أظهَر مقالةَ التَّعطيلِ للصِّفاتِ، وأخذَها عنه الجَهْمُ بنُ صَفوانَ وأظهَرها؛ فنُسِبَت مقالةُ الجَهْميَّةِ إليه.وقد قيل: إنَّ الجَعدَ أخذ مقالتَه عن أبانَ بنِ سَمعانَ، وأخذها أبانُ عن طالوتَ ابنِ أُختِ لَبيدِ بنِ الأعصَمِ، وأخذها طالوتُ من لَبيدِ بنِ الأعصَمِ اليهوديِّ السَّاحِرِ الذي سحَر النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

العام الهجري : 707 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1308
تفاصيل الحدث:

وفي شوال مِن هذه السنة شكا الصوفيَّةُ بالقاهرة على الشيخِ تقيِّ الدين ابن تيميَّةَ, وكلامه في ابنِ عربي وغيرِه إلى الدولة، فردُّوا الأمرَ في ذلك إلى القاضي الشافعيِّ ابن صصرى، فعُقِد له مجلسٌ وادعى عليه ابنُ عطاء بأشياءَ فلم يثبُتْ عليه منها شيءٌ، لكنَّه قال: لا يُستغاثُ إلَّا بالله، لا يُستغاثُ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فالاستغاثةُ بمعنى العبادة، فبعضُ الحاضرين قال: ليس عليه في هذا شَيءٌ, ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أنَّ هذا فيه قِلَّةُ أدَبٍ!! فحضرت رسالةٌ إلى القاضي أن يعملَ معه ما تقتضيه الشريعةُ، فقال القاضي: قد قلتُ له ما يقالُ لِمِثله، ثمَّ إنَّ الدولة خيَّروه بين أشياء إمَّا أن يسيرَ إلى دمشقَ أو الإسكندريةِ بشُروطٍ أو الحبسِ، فاختار الحبسَ فدخل عليه جماعةٌ في السَّفَرِ إلى دمشق ملتَزِمًا ما شُرِط، فأجاب أصحابَه إلى ما اختاروا جبرًا لخواطِرِهم، فركب خَيلَ البريد ليلة الثامِنَ عشر من شوال ثم أرسلوا خلفَه من الغَدِ بريدًا آخرَ، فردوه وحضر عند قاضي القضاة ابنِ جماعة وعنده جماعةٌ مِن الفقهاء، فقال له بعضُهم: إن الدولةَ ما ترضى إلا بالحبسِ، فقال القاضي: وفيه مَصلحةٌ له، واستناب شمسُ الدين التونسي المالكي وأذِنَ له أن يحكُمَ عليه بالحبسِ فامتنع، وقال: ما ثبت عليه شيءٌ، فأذن لنور الدين الزواوي المالكي فتحَيَّرَ، فلما رأى الشيخُ توقُّفَهم في حبسه قال: أنا أمضي إلى الحبسِ وأتَّبِعُ ما تقتضيه المصلحةُ، فقال نور الدين الزواوي: يكون في موضعٍ يصلُحُ لمِثلِه، فقيل له: الدولة ما ترضى إلا بمسمَّى الحبس، فأُرسِلَ إلى حبس القضاةِ في المكان الذي كان فيه تقي الدين ابن بنت الأعزِّ حين سُجن، وأُذِنَ له أن يكون عنده من يخدُمُه، وكان ذلك كلُّه بإشارة نصر المنبجي لوجاهته في الدولةِ، فإنَّه كان قد استحوذ على عَقلِ بيبرس الجاشنكير الذي تسلطن فيما بعدُ، وغيرِه من الدولة، والسلطانُ مقهورٌ معه، واستمر الشيخُ في الحبس يُستفتى ويقصِدُه الناسُ ويزورونه، وتأتيه الفتاوى المُشكِلة التي لا يستطيعُها الفُقَهاءُ من الأمراءِ وأعيانِ النَّاسِ، فيكتُب عليها بما يحيرُ العُقولَ من الكتاب والسنَّة، ثم عُقِدَ للشيخ مجلسٌ بالصالحية بعد ذلك كُلِّه، ونزل الشيخُ بالقاهرة بدار ابن شقير، وأكَبَّ الناس على الاجتماعِ به ليلًا ونهارًا.

العام الهجري : 1249 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1834
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، من أمراءِ نجد، وَلِيَها بعد مقتل ابنِ عَمِّه مشاري بن سعود. كان تركي بن عبد الله فارًّا من وجه التُّرك وعُمَّال والي مصر محمد علي، في الخَرجِ بنجد، وعلم بأنَّ مشاري بن معمر قبض على ابنِ عَمِّه مشاري وسَلَّمه إلى الترك فقَتَلوه، فخرج من مخبئه ودخل العارضَ فنازع ابن معمر برهةً مِن الزمن، ثم قتَلَه بابن عمه، وتولى الحكمَ مكانه. وبولايةِ تركي بن عبد الله انتقل الحكمُ في آل سعود من سلالةِ عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى سلالة أخيه عبد الله بن محمد بن سعود، وكان تركي شجاعًا؛ أخذ على عاتقه إخراجَ الترك ومَن معهم من المصريين عن بلادِه، فاستردَّ الأحساء والقطيف، وصالحَه أميرُ حائل، وانبسط نفوذُه في القصيم. واستمَرَّ إلى أن قام مشاري بن عبد الرحمن ابن أخت تركي بن عبد الله -وهو ابنُ عمه أيضًا- بقَتلِه غدرًا، قال ابن بشر: "عزم مشاري على إظهارِ ما أبطن وجَرَّد سيفه لإثارة الفِتَن، وذلك بمساعدة رجالٍ أسافِلَ مِن الخدمِ الأراذلِ، وقد تواعدوا عليه بعد صلاةِ الجمعة إذا خرج من المسجِدِ، فلما صلى الجمعة وخرج.. من المسجدِ، وقف له البغاة عند الدكاكين بين القصر والمسجد، وبيده مكتوبٌ يقرؤه، وفي جنبه رَجُلٌ على يساره، واعترضهم منهم عبدٌ خادم لهم يقال له إبراهيم بن حمزة، فأدخل الطبنجة مع كُمِّه وهو غافِلٌ فثورها فيه، فخَرَّ صريعًا، فلم تخط قلبه، وإذا مشاري قد خرج من المسجد فشَهَر سيفَه وتهدَّد الناس وتوعَّدَهم، وشهر أناسٌ سُيوفَهم معه فبُهِتَ الناس وعَلِموا أن الأمر تشاوروا فيه وقُضِيَ بليلٍ، فلما رأى زويد العبد المشهور مملوكُ تركي عمَّه صريعًا، شهر سيفه ولَحِقَ برجلٍ من رجاجيل مشاري فجَرَحَه.. ثم إن مشاري دخل القصرَ من ساعته وأعوانه معه.. وجلس للناسِ يدعوهم إلى البيعةِ، فلما علم آلُ الشيخِ وقوعَ هذا الأمر جلسوا في المسجد، فلم يخرجوا منه حتى أرسل إليهم مشاري يدعوهم فأبَوا أن يأتوا إلا بالأمانِ، فكتب لهم بالأمان، فأتوا إليه وطلب منهم المبايعةَ فبايعوه، ثمَّ نُقِلَ تركي من موضعه ذلك، وأدخلوه بيت زويد فجُهِّزَ وصلى عليه المسلمون بعد صلاة العصر، ودُفِنَ في مقبرة الرياض آخر ساعة من يوم الجمعة"، وكان قتلُ تركي بن عبد الله على يد ابن عمه مشاري بن عبد الرحمن أوَّل جريمةٍ مِن نوعِها في آل سعود.  وكان ابنُه فيصل في القطيف على رأس جيشٍ، فلما علم بمقتلِ أبيه رجع من فوره واستطاع أن يقتُلَ مشاري، ثم يتولى الإمامةَ والحُكمَ.

العام الهجري : 577 العام الميلادي : 1181
تفاصيل الحدث:

سار عز الدين فرخشاه نائب صلاح الدين بدمشق إلى أعمال الكرك ونَهَبها، وسببُ ذلك أن البرنس صاحب الكرك، كان من شياطين الفرنج ومَرَدتهم، وأشدِّهم عداوة للمسلمين، فتجهز وجمع عسكره ومن أمكنه الجمع، وعزم على المسيرِ في البر إلى تيماء، ومنها إلى مدينة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، للاستيلاء على تلك النواحي الشريفة، فسَمِعَ فرخشاه ذلك، فجمع العساكِرَ الدمشقية وسار إلى بلده ونهبه وخربه، وعاد إلى طرف بلادِهم، وأقام ليمنع البرنس من بلاد الإسلام، فامتنع بسببِه عن مقصده، فلما طال مقامُ كل واحد منهم في مقابلة الآخر عَلِمَ البرنس أنَّ المسلمين لا يعودون حتى يُفَرِّق جمعَه، ففَرَّقهم وانقطع طمَعُه من الحركة، فعاد فرخشاه إلى دمشق، وكفى الله المؤمنين شَرَّ الكفار.