طلب رؤساءُ القَصيمِ مِن الإمام فيصل أن يبعَثَ إليهم الشيخَ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين قاضيًا في بلدانهم، كمدرِّس لطلبة العلم في أوطانِهم، فأمر عليه الإمام فيصل وهو في بلد شقراء قاضيًا لأهل الوشم أن ينتَقِلَ إلى القصيم، فقَدِمَ عُنَيزة وأقام فيها، ثم طلبوا نزولَه عندهم وانتقاله إليهم بأهله، فانتقل بعياله عندهم واستوطن عُنيزة، فأكرموه غاية الإكرام وعظَّموه بما يستحِقُّه من الإعظام، فاجتمع عنده طلبةُ عِلمٍ كثيرون، ورحل إليه من الغرباء صغيرٌ وكبيرٌ، وانتفع به من طلبتهم كثير.
سار الإمامُ فيصل بن تركي بجنودٍ مِن العارض والخرج والفرع والأفلاج ووادي الدواسر والقصيم والجبل والوشم وسدير وغيرهم وجميع غزوان العربان، فنزل روضة التنهات المعروفة عند الدهناء، وأقام فيها أكثَرَ من شهرين؛ وذلك لأنه بلَغَه أنَّ بعض العربان فيهم امتنعوا عن الزكاة، فإذا سمعوا بخروجه سَمِعوا وأطاعوا، فوفد عليه رؤساءُ العربان، وأرسل إليهم عمالًا، لكلِّ فريقٍ عامِلُه، فقبضوا منهم الزكاة، وألفى عليه أخوه جلوي أثناء تلك المدة ثم قَفَل راجعًا إلى وطنه، وأذن لأهل النواحي يرجعون إلى أوطانهم.
رحل خالد بن سعود وإسماعيل بك وعساكِرُ الترك من القصيمِ إلى الرياض ودخلوها يوم السبت 7 صفر، ودخل خالد وإسماعيل القصرَ واستوطنوه ونزل العسكرُ خارج الرياض، وقَدِمَ عليهم رؤساء البلدان وتابعوهم، وأرسلوا إلى الهزاني ورؤساء أهل الحوطة يطلبون منهم المتابعةَ والقدومَ إليهم، فأبوا عليهم، وكتبوا لخالد إن كان الأمرُ لك ولا يأتينا في ناحيتِنا عسكرٌ مِن الترك فنحن رعيَّةٌ لكم، وإن كان الأمر للتركِ فنحن لهم محارِبون، فغضب إسماعيل وأتباعه وقالوا: لا نرضى إلا بقتلِ أهلِ هذه الناحية ونَهْبِ أموالِهم.
كان الأميرُ ميترينخ وزيرُ خارجية ومستشار النمسا، صاحِبَ مشروعٍ مبنيٍّ على الواقِعِ الموجود في لبنان، وقِوامُه الاعترافُ بالحقيقة الطائفية في هذا البلد، إذا أريد التوصُّلُ إلى نظامِ حُكمٍ يكون مقبولًا من الطرفين المتنازعَين: الموارنة والدروز، على أن يكون ذلك في إطارٍ مِن الاعتراف بالسيادة العثمانية. فدعا المستشارُ النمساوي إلى تقسيم الجبل، بإنشاء وحدتَين إداريتَين؛ إحداهما درزية في نصفه الجنوبي، ويحكُمُها حاكم درزي. والثانية مارونية تحت حاكم ماروني في النصف الشمالي من الجبل. وقد حصل هذا المشروعُ على موافقة الدول الكبرى، وعُدَّ ذلك نصرًا كبيرًا للدبلوماسية الأوروبيَّةِ على البابِ العالي.
أصدرت فرنسا قانونًا جديدًا في تونس يمنَحُ الجنسية الفرنسية لكُلِّ من يطلُبُها، أو يُظهِرُ عواطِفَ نحو فرنسا، وبالتالي يصبحُ حامِلُها من رعايا فرنسا، ويستحق حمايتَها ودَعْمَها، فردَّ المسلمون على هذا القانون اجتماعيًّا وعَقَديًّا، فقاطعوا كلَّ مُسلِمٍ طلَبَ الجنسية الفرنسية، وعدُّوه خارجًا عن الإسلامِ، لا يصِحُّ دَفنُه في مقابر المسلمين! وهذه القوَّةُ في مواجهة القانون جعلت كثيرًا ممن أقدم على التجنُّسِ يتخلَّى عن الجنسية الفرنسية ويعودُ لأصله، واغتاظ الفرنسيون بشدَّةٍ مِن ذلك، وقام المستوطِنون الفرنسيون بأعمالٍ استفزازية ضِدَّ مسلِمي تونس.
صاحبُ ألموت الكيا الحسن بن الصباح بن علي بن محمد الحميري الإسماعيلي. رأس الإسماعيلية، كان داهية وأصله من مرو، وُلِد بطوس وتتلمذ على أحمد بن عطاش من أعيان الباطنية، وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثم صار إلى مصر وتلقى من دعاتهم، وعاد داعية لقومه، فكان الحسنُ مُقدَّمَ الباطنية في أصبهان دعا إلى إمامة المستنصر الفاطمي فطاف البلاد للدعوة الإسماعيلية، وقوي أمرُه حتى استولى على قلعة ألموت في قزوين، ثم ضمَّ إليها قلاعًا أخرى، وكان لا يدعو إلا غبيًّا، ومن لا يَعرِف أمور الدنيا، ويُطعِمُه الجوز والعسل والشونيز، حتى يتسبَّط دماغُه، ثم يذكر له ما تمَّ على أهل البيت من الظلم، ثم يقول له: إذا كانت الأزارقةُ والخوارج سمحوا بنفوسِهم في القتال مع بني أمية، فما سببُ تخلُّفِك بنفسك عن إمامك؟ قال الذهبي: "أنفذ ملكشاه إليه يتهدَّدُه ويأمره بالطاعة، ويأمرُه أن يكُفَّ أصحابَه عن قَتلِ العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجوابُ ما تراه، ثم قال لجماعة بين يديه: أريد أن أنفِذَكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهضُ بها؟ فاشرأبَّ كل واحد منهم، وظنَّ الرسولُ أنها حاجةٌ، فأومى إلى شابٍّ، فقال: اقتل نفسَك، فجذب سكينًا، فقال بها في غَلصَمتِه، فخرَّ ميتًا، وقال لآخر: ارمِ نفسَك من القلعةِ، فألقى نفسَه فتقطَّع، ثم قال للرسول: قُلْ له: عندي من هؤلاء عشرون ألفًا، هذا حَدُّ طاعتِهم، فعاد الرسول وأخبر ملكشاه، فعَجِبَ، وأعرضَ عن كلامِهم". وقد غلت الأقطار بجرائِمِ أتباعه الباطنية، فقَتَلوا غيلةً عِدَّةً من العلماء والأمراء، وأخذوا القلاع، وحاربوا، وقطعوا الطرق، وظهروا أيضًا بالشام، والتفَّ عليهم كل شيطان ومارق، وكلُّ ماكر ومتحَيِّل. قال الغزالي في (سر العالمين): "شاهدت قصةَ الحسن بن الصباح لما تزهَّدَ تحت حصن ألموت، فكان أهلُ الحصن يتمنَّون صعوده، ويتمنَّع ويقول: أما ترون المنكرَ كيف فشا، وفسد الناسُ، فصبا إليه خلقٌ، وذهب أميرُ الحصن يتصيَّد، فوثب على الحصن فتملَّكه، وبعث إلى الأمير من قتَلَه، وكثُرَت قلاعُهم، واشتغل عنهم أولاد ملكشاه باختلافِهم". هلك الحسن بن الصباح في قلعة ألموت وقام بعده بالأمر كيابرزك أميد الروذباري.
أَسَر تاج الملوك بوري بن طغتكين، صاحب دمشق، الأميرَ دبيس بن صدقة، صاحب الحلة، وسلَّمه إلى أتابك زنكي بن آقسنقر، وسببُ ذلك أن دبيس لما فارق البصرة جاءه قاصد من الشام من صرخد يستدعيه إليها؛ لأن صاحبها كان خصيًّا، فتوفي هذه السنة، وخَلَّف جارية سُرِّية له، فاستولت على القلعة وما فيها، وعَلِمَت أنَّها لا يتم لها ذلك إلا بأن تتصل برجل له قوة ونجدة، فوُصِف لها دبيس بن صدقة وكثرة عشيرته، وذُكِرَ لها حاله، وما هو عليه بالعراق، فأرسلت تدعوه إلى صرخد لتتزوج به، وتُسلِّمَ القلعة وما فيها من مال وغيره إليه. فأخذ الأدلَّاءَ معه، وسار من أرض العراق إلى الشام، فضَلَّ به الأدلاء بنواحي دمشق، فنزل بناسٍ من كلب كانوا شرقي الغوطة، فأخذوه وحملوه إلى تاج الملوك، صاحب دمشق، فحبسه عنده، وسمع أتابك عماد الدين زنكي الخبر، وكان دبيس يقع فيه وينال منه، فأرسل إلى تاج الملوك يطلب منه دبيسًا ليسلِّمَه إليه، ويُطلِقَ وَلَده، ومن معه من الأمراء المأسورين، وإن امتنع من تسليمه سار إلى دمشق وحصرها وخرَّبها ونهب بلدها، فأجاب تاج الملوك إلى ذلك، وأرسل عماد الدين زنكي سونجَ بن تاج الملوك، والأمراء الذين معه، وأرسل تاج الملوك دبيسًا، فأيقن دبيس بالهلاك، ففعل زنكي معه خلافَ ما ظن، وأحسن إليه، وحمل له الأقواتَ والسلاح والدواب وسائر أمتعة الخزائن، وقدَّمه حتى على نفسه، وفعل معه ما يفعل أكابر الملوك، ولما سمع المسترشد بالله بقبضه بدمشق أرسل سديد الدولة بن الأنباري، وأبا بكر بن بشر الجزري، من جزيرة ابن عمر، إلى تاج الملوك يطلب منه أن يسلم دبيسًا إليه؛ لِما كان متحققًا به من عداوة الخليفة، فسمع سديد الدولة ابن الأنباري بتسليمه إلى عماد الدين، وهو في الطريق، فسار إلى دمشق ولم يرجِع، وذم أتابك زنكي بدمشق، واستخَفَّ به، وبلغ الخبر عماد الدين، فأرسل إلى طريقه من يأخذه إذا عاد، فلما رجع من دمشق قبضوا عليه، وعلى ابن بشر، وحملوهما إليه، فأما ابن بشر فأهانه وجرى في حقه مكروه، وأما ابن الأنباري فسجنه، ثم إن المسترشد بالله شفع فيه فأُطلق، ولم يزل دبيس مع زنكي حتى انحدر معه إلى العراق.
ارتبط تأسيسُ إمارة شرقي الأردن بوصول الأمير عبد الله بن الحسين (الذي كان يشغَلُ منصب وزير خارجية الدولة العربية في الحجاز) إليها بناءً على الدعواتِ التي وُجِّهَت للشريف علي بن الحسين من قِبَل أعيان ووُجهاءِ مناطِقِ شرقي الأردن، وكذلك أعضاء حزب الاستقلال الذين جاؤوا للأردن من سوريا بعد معركة ميسلون 1920، وبعد طَردِ الملك فيصل من سوريا على يد الفرنسيين جاء أخوه عبد الله طالبًا للثأر، فلما وصل إلى مدينة معان في 21/11/1920 بعد رحلةٍ شاقة لمدة 27 يومًا مع حاشيته، و 500 من الحرس بالقطار، بدأ بدعوةِ أهالي شرق الأردن وحكوماتها المحليَّةِ للالتفافِ حولَه؛ مما حدا بالفرنسيين إلى اعتبار وصول الأمير عبد الله إلى شرق الأردن أمرًا خطيرًا يهدِّدُ وجودَها في سوريا؛ وذلك بسبب تصريح الأمير عبد الله أنه جاء لإحياء الثورة التي أُخمدت في حوران، وأنَّ قُدومَه للمشاركة في الدفاعِ عن أوطانهم، وأعلن نفسه وكيلًا للأمير فيصل. وخاطبت الحكومةُ الفرنسيةُ الحكومةَ البريطانية لممارسة ضغوطها على الملك حسين؛ لاتخاذ الخطوات الكفيلة بإيقافِ ابنه الأمير عبد الله واستعدادها للدخول إلى الأردن إذا اقتضى الأمرُ ذلك، وفعلًا قامت بريطانيا بالتوسُّط لدى الملك حسين لمنع الأمير عبد الله من القيام بأي شيء، مقابِلَ أن تحقِّقَ بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكمًا لأنفُسِهم تحت حكم الأمير عبد الله، وكانت بريطانيا لَمَّا عرضت على فيصل عرشَ العراق أبدى اعتراضًا أن أخاه عبد الله قد رشَّحه الشاميون لمُلْك العراق، فقام لورنس بالتفاوضِ مع عبد الله على أن يكونَ هو مَلِكًا على شرق الأردن ويترُكَ مُلك العراق لأخيه فيصل، فوافق؛ لذلك اجتمع عبد الله مع تشرشل في القدس في نيسان 1921م وعقد معه اتفاقًا لم يغِبْ عن الفرنسيين بأن تقوم في شرقي الأردن إمارةٌ ذاتُ حكومة تتمتَّعُ بالاستقلال الإداري، وتسترشد برأي المفَوَّض السامي الإنجليزي في القدس وتتقاضى من إنجلترا معونةً سنوية، ولكِنَّهم لم يعيِّنوا حدود الإمارة في صك الانتداب الذي وقَّع عليه عبد الله بن الحسين في هذه السنة، ولم يعترفوا بحدودِ إمارة شرق الأردن إلا في تصريحِ سنة 1923م.
هو المَلِكُ فيصل الأوَّلُ بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي، أبو غازي ملك العراق. ولِدَ بالطائف سنة 1300هـ، وترعرع في خيام بنى عتيبة في بادية الحجاز. ورحل مع أبيه حين أُبعِدَ إلى الأستانة سنة 1308هـ، وعاد معه سنة 1327هـ، واختير نائبًا عن مدينة جدة في مجلس النواب العثماني سنة 1913م، فأخذ ينتقِلُ بين الحجاز والأستانة. زار دمشق سنة 1916م، وأقسم يمين الإخلاص لجمعية "العربية الفتاة" السرية. ولَمَّا ثار والده على الدولة العثمانية سنة 1916م تولى فيصل قيادةَ الجيش الشمالي. ثم سمِّي قائدًا عامًّا للجيش العربي المحارب في فلسطين إلى جانب القوات البريطانية، ودخل سورية سنة 1918م، محرم 1337هـ بعد جلاء الترك عنها، فاستقبله أهلُها استقبال المنقِذ. وسافر إلى باريس نائبًا عن والده في مؤتمر الصلح. وعاد إلى دمشق في أوائل سنة 1920م، فنودي به ملكًا دستوريًّا على البلاد السورية سنة 1338هـ - 8/ 3/ 1920م، فلما احتلَّ الجيش الفرنسي سورية طردوه من سوريا فرحل إلى أوربا، فأقام في إيطاليا ثم انتقل إلى إنجلترا. وكانت الثورة على الإنجليز
لا تزال مشتعلة في العراق، فدعته الحكومةُ البريطانية لحضور مؤتمر عقدَتْه في القاهرة (سنة 1921م) برئاسة ونستون تشرشل، وتقرَّر ترشيحُه لعرشِ العراق مقابِلَ التوقيع على معاهدة تقوم مقامَ صَكِّ الانتداب، فقَبِلَ، فانتقل إلى بغداد، ونودي به ملكًا للعراق سنة 1339ه/1921م فانصرف إلى الإصلاح الداخلي، بوضع دستور للبلاد، وإنشاء مجلس للأمة. وأقام العلاقات بين العراق وبريطانيا على أسس معاهدات 1922- 1926- 1927 و1930. كان الملك فيصل في سويسرا في مستشفى برن، ثم لَمَّا تعافى رجع للعراق بسبب ثورة الآشوريين، ثم رجع إلى أوربا للاستجمامِ إلَّا أنَّ بعض الأطباء نصحه بدخول المستشفى مع أنَّ حالته الصحية كانت جيدة، وهذا ما ولَّد عند البعض أنَّ موتَه لم يكن طبيعيًّا؛ حيث توفِّيَ بعد دخوله المستشفى، فنُقِلَ جثمانه إلى بغداد ودفن فيها بعد أن قضى في الملك اثنتا عشرة سنة وخمسة أشهر، ثم بويع ابنه غازي ملكًا على العراق يوم وصول خبر وفاة أبيه، وكان عمره يومذاك اثنتين وعشرين سنة.
في منتصف محرم - 1 فبراير قامت مظاهراتٌ تطالب بإسقاط الحكومة بعد أن ظهر أنَّها توالي الإنجليز، وصادف ذلك هوًى في نفس فاروق الملك، فأقال الحكومةَ، وكلَّف علي ماهر بتشكيل وزارة جديدة، واستمَرَّت المظاهرات، وفي 17 محرم اتصل السفيرُ الإنجليزي مايلز لامبسون بالملك فاروق، وأخبره أنَّ الحكومة البريطانية تصِرُّ على تغيير الوزارة القديمة، وتشكيل حكومة وفدية برئاسة مصطفى النحاس، واجتمع المَلِكُ بالشخصيات السياسية، وبينها مصطفى ماهر، وفي صبيحة يوم الثامن عشر سلَّم السفير الإنجليزي لمكتب أحمد حسنين رئيس الديوان الملكي إنذارًا إنجليزيًّا خطيرًا، وينص: إذا لم أسمع قبل الساعة السادسة مساء هذا اليومَ أنَّ مصطفى النحاس قد دُعِيَ لتشكيل الوزارة فإن جلالة الملك فاروق يجِبُ أن يتحَمَّل ما يترتب على ذلك من نتائِجَ، فاجتمع الملك ثانية بزعماء مصر السياسيين، وقرأ عليهم الخطاب الذي أشعرهم بالإهانة جميعًا، فقَرَّروا إرسال احتجاج للسفير ووقَّعوه جميعًا، وأجمعوا على تشكيل وزارة وطنية برئاسة مصطفى النحاس الذي أصَرَّ أن تكون وفديةً خالصةً (يعني: كلهم من حزب الوفد) وهذا ما تريدُه إنجلترا؛ لثقتها بالنحاس كما كانت تثِقُ قبله بسعد زغلول فهي تتظاهَرُ في الظاهر بمخالفتِهم ليكبَروا في أعيُنِ الشَّعبِ ويُصبِحوا أبطالًا قوميِّين!! وفي الشدة تستعينُ بهم للاستفادة من زعامتهم، ورفض السفيرُ ذلك الاحتجاج وأخطر رئيسَ الديوان الملكي أنَّه سيزور الملك بنفسِه في التاسعة مساء، وقبل نصف ساعة من الموعد تحرَّكت دبابات بريطانيا وطوَّقت قصر عابدين والزعماء ما يزالون مجتَمِعين فيه، وجاء السفير ودخل كأنَّه مَلِكُ العالَم لا كأنَّه سفير دولة، دخل متغطرسًا فوثب الجميع وقوفًا وسلَّموا عليه، فجلس، وخَيَّرَ الملك فاروق بين أمرين لا ثالثَ لهما إمَّا التوقيع على وثيقة تنازُلِه عن العرش، وإما التوقيع على تكليف مصطفى النحاس بتشكيلِ الوزارة فورًا، فاختار الملك الخيار الثاني فشَكَّلها من أعضاء حزب الوفد، وأرسل مصطفى النحاس خطابَ شكر للسفير الذي بادله برسالةٍ مماثلة!! وبعد تأليف الوزارة في اليوم نفسِه ذهب السفير وهنَّأ النحاس بين هتافاتِ أفراد حزب الوفد بحياة بريطانيا!!
هو علي عدنان إرتكين مندريس المعروف بعدنان مندريس رئيس وزراء تركيا، ولِدَ في مدينة أيدين سنة 1317هـ، وهو سياسيٌّ حقوقي، ورجل دولة تركي ومن دهاة الأتراك, شارك في تأسيسِ رابع حزب معارِض معتَرَف به في تركيا، كما أنه يعتبَرُ أوَّلَ رئيس وزراء منتَخَب ديمقراطيًّا في تركيا عام 1385هـ, دخل الانتخاباتِ مُرشَّحًا للحزب الديموقراطي سنة 1950م ببرنامج توقَّعَت له كلُّ الدراسات الفشَلَ المطلق، فمع أنَّه خرج من حزب أتاتورك العلماني بعد أن انشقَّ عنهم، فقد كان من ضمن تعهُّداتِه التي أطلقها للأتراك في حملته الانتخابية أنَّه إذا نجح في الانتخابات برئاسة الوزراء يتعَهَّدُ بعودة الأذان باللغة العربية، والسماح للأتراك بالحَجِّ، وإعادة إنشاء المساجد، وتدريس الدين بالمدارس، وإلغاء تدخُّل الدولة في لباس المرأة، فكانت نتيجة الانتخابات حصولَ حزب أتاتورك العلماني على 32 مقعدًا، بينما حصل حزب مندريس الديموقراطي على 318 مقعدًا! وتسَلَّم عدنان مندريس منصِبَ أوَّلِ رئيس منتخب للوزراء، وجلال بايار رئيس الحزب رئيسًا للجمهورية، وقد عمل مندريس منذ فوزِ حِزبِه في الانتخابات على استعادة هويَّة تركيا الإسلامية التي صادرها كمال أتاتورك، فشرع بتنفيذِ وُعودِه التي أعلنها أثناء العملية الانتخابية؛ فعقد أول جلسة لمجلس الوزراء في غرة رمضان تيمُّنًا بالشهر الكريم، وسَمَح بالأذان باللغة العربية، وأطلق حريةَ لباس المرأة، وحرية تدريس الدين، وبدأ بتعمير آلافِ المساجد بعد أن كانت ممنوعةً من البناء، وأخلى المساجِدَ التي كانت الحكومةُ السابقة تستعمِلُها مخازن للحبوب، وأعادها لتكونَ أماكن للعبادة، كما سمح بتعليم اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية، وأنشأ أكثَرَ من عشرين معهدًا لتخريج الوعَّاظ والخطباء وأساتذة الدين، وسمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام، وتقارَبَ مع العرب ضِدَّ إسرائيل، وفرض الرقابةَ على الأدوية والبضائع التي تُصنَعُ في إسرائيل، بل طَرَد السفير الإسرائيلي سنة 1956م، فتآمر عليه الأعداءُ في الداخل والخارج، فانقلب عليه جنرالات الجيش، وتم قتله -رحمه الله- شنقًا مع اثنين من وزرائه بعد محاكمةٍ صورية!
هو سيد قطب بن إبراهيم؛ ولد في قرية موشا في أسيوط سنة 1324هـ / 1906م. نشأ سيد في مجتمعٍ قُروي صعيدي. حفظ القرآنَ الكريمَ كاملًا من نفسِه وهو في سن العاشرة؛ ذهب إلى القاهرة في سن الرابعة عشرة وعاش عند خاله، والْتَحَق أوَّلًا بإحدى مدارس المعلِّمين الأوَّليَّة وعمل مدرسًا ابتدائيًّا. بدت في القاهرة في هذه المدَّة سوءاتُ الاحتلالِ الأجنبي ومفاسدُه؛ حيث سادت عوامِلُ التمزُّق الطَّبَقي والصِّراع الحزبي، واختار سيد حزبَ الوفد؛ ليستأنسَ بقيادته في المواجهة، وكان يضمُّ وقتذاك عباس محمود العقاد وزملاءه من كُتَّاب الوفد، وارتفعت الصلةُ بينه وبين العقَّاد إلى درجة عالية من الإعجاب؛ لما في أسلوبِ العقَّاد من قوة التفكير ودقة التعبير. تخرَّج من كلية دار العلوم بالقاهرة سنة 1352 هـ / 1933 م وعمل في جريدة الأهرام. وكتب في مجلَّتَيِ الرسالة والثقافة، وعُيِّن مدرسًا للعربية، فمُوظَّفًا في ديوان وزارة المعارف، ثمَّ مراقبًا فنيًّا للوزارة. وأُوفِدَ في بعثةٍ لدراسة برامج التعليم في أمريكا. عاد سيد قطب من أمريكا في 23 أغسطس 1950 ليعمَلَ بمكتب وزير المعارف، فأخذ ينتقِدُ البرامجَ المصرية، وكان يراها من وضْعِ الإنجليز، وطالب ببرامِجَ إسلامية، إلَّا أنه تمَّ نقلُه أكثَرَ من مرة حتى اضطرَّ أن يقَدِّمَ استقالته في 18 أكتوبر 1952، ومنذ عودتِه من أمريكا تأكَّدت صلته بالإخوان المسلمين إلى أن دُعِيَ في أوائل عام 1953 ليشارك في تشكيلِ الهيئة التأسيسيَّة للجماعة؛ تمهيدًا لتولِّيه قِسمَ الدعوة، حاول جمال عبد الناصر أن يحتويَ سيد قطب قبل انضمامِه للإخوان، وعندما انشَقَّ سيد عن الإخوان انضَمَّ لهيئةِ التحرير التي أسَّسها الضبَّاطُ الأحرار بعد عام من ثورة يوليو، فأقامت الهيئةُ لسيد قطب احتفالًا كبيرًا، ثمَّ تمَّ اعتقاله بعد حادث المنشية عام 1954م؛ وحُكِمَ عليه بالسجن 15 سنة، كتب فيه عددًا من كتبه ثم أُفرِجَ عنه بعفوٍ صحيٍّ في مايو 1964، ثم قُبِضَ عليه مرةً أخرى، وقُدِّم مع كثير من الإخوان للمحاكمة، وحُكِمَ عليه وعلى 7 آخرين بالقتل، ونُفِّذ فيه الحُكمُ في فجر الاثنين 13 جمادى الأولى 1386هـ.
وُلد عام ١٣٧٥هـ الموافق 1955م في بلدة أبو ديس بمحافظة القُدسِ عندما كانت تحتَ الإدارة الأردنيَّةِ.
تلقَّى تعليمَه المدرسيَّ في مدارس مدينة أريحا، وحصل على شهادةِ الدِّراسةِ الثانويَّةِ العامَّة عام ١٣٩٢هـ الموافق 1972م، وحصل على درجة البكالوريوس في عام ١٣٩٧هـ الموافق 1977م، وعلى درجة الماجستير في عام ١٣٩٨هـ الموافق 1978م من جامعة سان فرانسيسكو الحكومية بالولاياتِ المتَّحدةِ في تخصُّصِ العُلومِ السياسيَّةِ، وكان رئيسًا لاتحادِ الطَّلَبةِ العَرَبِ في الجامعةِ. ابتعثَتْه جامعة النجاح الوطنيَّة إلى جامعة برادفورد في المملكة المتَّحِدة، وحصل منها على درجةِ الدُّكتوراه في دراساتِ السَّلامِ عام ١٤١٤هـ الموافق 1983م.
عمل محاضرًا في جامعة النجاح الوطنيَّة بين عامَيْ ١٣٩٩هـ -1411هـ الموافق 1979م -1990م، وكان بين عامَيْ ١٤٠٣هـ - ١٤٠٧هـ الموافق 1982م و1986م مديرًا للعلاقاتِ العامَّةِ فيها، كما عَمِل مع جريدة القُدسِ في كتابةِ المقالاتِ الافتتاحيَّةِ والإخباريَّةِ بين عامَيْ ١٤٠٣هـ - ١٤١٥هـ الموافق 1982م و1994م.
كان نائبًا لرئيس الوَفدِ الفلسطينيِّ حيدر عبد الشافي إلى مؤتمَر مدريد عام ١٤١٢هـ الموافق 1991م وما تلاه من مُباحثاتٍ في واشنطن خِلالَ عامي ١٤١٣هـ - ١٤١٤هـ الموافق 1992 -1993، وعُيِّن رئيسًا للوفدِ الفلسطينيِّ المفاوض عام ١٤١٥هـ الموافق 1994م.
عُيِّن وزيرًا للحُكمِ المحلِّي في حكومةِ ياسر عرفات. وفي عام ١٤١٦هـ الموافق 1995م لُقِّب بـ «كبير المفاوِضِين الفلسطينيِّين»، وانتُخِبَ عُضوًا في المجلِسِ التشريعيِّ الفلسطيني. كان مُقَرَّبًا من ياسر عرفات إبَّان قمة كامب ديفيد عام ١٤٢١هـ الموافق 2000م والمفاوضات التي أعقبتها في طابا عام 1422ه الموافق 2001م.
عُين وزيرًا لشؤون المفاوضات في حكومةِ محمود عبَّاس، وعُيِّن رئيسًا لدائرة شؤون المفاوضات في منظمةِ التحريرِ الفلسطينية، ثم عضوًا في لجنة المفاوضات ضِمنَ اللَّجنةِ التنفيذيَّة لمنظَّمة التحرير الفلسطينية. ثم عضوًا في مجلس الأمِنِ القوميِّ الفلسطينيِّ بصفته رئيسًا لدائرة شؤون المفاوضات في منظَّمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ.
توفي عن عمرٍ ناهز 65 عامًا، وكانت وفاتُه في مستشفى هداسا عين كارم، وذلك على إثْرِ إصابته بفيروس كورونا (كوفيد-19). وشُيِّع ودُفِن في مدينة أريحا.
في سنة ثلاث وثمانين غزا شهاب الدين الغوري بلد الهند، وانهزم أمامَ أحد ملوكها وبَقِيَ إلى الآن في نفسه غَضَبٌ عظيمٌ على الجند الغورية الذين انهزموا، فألزَمَهم من الهوان، حتى هذه السَّنة فخرج من غزنة وقد جمع عساكِرَه وسار منهم يطلُبُ عَدُوَّه الهندي الذي هزمه تلك النوبةَ، قال ابن الأثير: " لما وصل الغوري إلى برشاوور تقَدَّمَ إليه شيخ من الغورية كان يدُلُّ عليه، فقال له: قد قَرُبنا من العدو، وما يعلَمُ أحد أين نمضي، ولا من نَقصِدُ، ولا نَرُدُّ على الأمراء سلامًا، وهذا لا يجوز فِعلُه. فقال له السلطان: اعلَمْ أنَّني منذ هزمني هذا الكافِرُ، ما نمت مع زوجتي، ولا غيَّرْتُ ثياب البياضِ عني، وأنا سائِرٌ إلى عدوي، ومعتَمِدٌ على الله تعالى لا على الغوريَّة، ولا على غيرهم، فإن نَصَرَني الله سبحانه ونَصَرَ دينَه، فمِن فَضلِه وكَرَمِه، وإن انهَزَمْنا فلا تطلبوني فيمن انهَزَم، ولو هَلكْتُ تحت حوافِرِ الخيل, فقال له الشيخ: سوف ترى بني عَمِّك من الغورية ما يفعلونَ، فينبغي أن تكَلِّمَهم وتَرُدَّ سلامهم. ففعل ذلك وبَقِيَ أمراء الغورية يتضَرَّعون بين يديه، ويقولون سوف ترى ما نفعَلُ" ثم سار إلى أن وصل إلى موضع المصافِّ الأول، وجازه مسيرة أربعة أيام، وأخذ عِدَّةَ مواضِعَ مِن بلاد العدو، فلما سمع الهندي تجهَّزَ وجمع عساكره، وسار يطلب المسلمين، فلما بقِيَ بين الطائفتين مرحلةٌ عاد شهاب الدين وراءه والكافِرُ في أعقابه أربع منازل، وتمَّ على حاله عائدًا إلى أن بَقِيَ بينه وبين بلاد الإسلام ثلاثة أيام، والكافِرُ في أثره يتبعه، حتى لحقه قريبًا من مرندة فجَرَّدَ شهاب الدين من عسكَرِه سبعين ألفًا، وقال: أريدُ هذه الليلة تدورونَ حتى تكونوا وراء عسكَرِ العدو، وعند صلاة الصبحِ تأتون أنتم من تلك الناحية، وأنا من هذه الناحية، ففعلوا ذلك، وطلع الفجرُ، ومن عادة الهنود أنَّهم لا يبرحون مِن مضجعهم إلى أن تطلُعَ الشَّمسُ، فلما أصبحوا حمل عليهم عسكَرُ المسلمين من كل جانب، والقَتلُ قد كَثُرَ في الهنود، والنصرُ قد ظهر للمسلمين، فلما رأى ملك الهند ذلك أحضر فرسًا له سابقًا، وركب ليهرُبَ، فقال له أعيان أصحابه: إنَّك حلفت لنا أنَّك لا تُخَلِّينا وتهرُب، فنزل عن الفرس وركِبَ الفيل ووقَفَ مَوضِعَه، والقتالُ شديد، والقَتلُ قد كثر في أصحابه، فانتهى المسلمونَ إليه وأخذوه أسيرًا، وحينئذ عَظُمَ القتلُ والأسر في الهنود، ولم ينجُ منهم إلا القليلُ، وغَنِمَ المُسلِمونَ مِن الهنود أموالًا كثيرة وأمتعة عظيمة، وفي جملة ذلك أربعةَ عشر فيلًا، فسار شهاب الدين وهو معه إلى الحِصنِ الذي له يعول عليه، وهو أجمير، فأخذه، وأخذ جميع البلاد التي تقاربه، وأقطع جميع البلاد لمملوكه قطب الدين أيبك، وعاد إلى غزنة، وقتل ملك الهند.
قَدِمَ البريدُ مِن حَلَب بوقوع الخلاف بين الملك طقطاي بن منكوتمر ملك التتار وطائفة الأمير نغيه حتى قُتل منهم كثيرٌ من المغول، وانكسر طقطاي، وأنَّ غازان قَتَل وزيره نيروز وعِدَّةً ممن يلوذ به، فاتَّفق الرأي على أخذ سيس ما دام الخلافُ قائمًا بين المغول، وأن يخرُجَ الأمير بدر الدين بكتاش أميرُ سلاح ومعه ثلاثةُ أمراء وعشرةُ آلاف فارس، وكتب لنائب الشامِ بتجريد الأمير بيبرس الجالق وغيرِه من أمراءِ دِمشقَ وصفد وطرابلس، وعُرض الجيش في جمادى الأولى، فلما تجهَّزوا سار الأميرُ بدرُ الدين بكتاش الفخري إلى غزاةِ سيس، ومعه مِن الأمراءِ حسامُ الدين لاجين الرومي الأستادار وشمس الدين أقسنقر كرتاي ومضافيهم، فدخلوا دمشق في خامس جمادى الآخرة، وخرج معهم منها الأميرُ بيبرس الجالق العجمي والأميرُ سيف الدين كجكن والأمير بهاء الدين قرا أرسلان ومضافيهم في ثامنه، وساروا بعسكرِ صفد وحمص وبلاد الساحِلِ وطرابلس، والملك المظَفَّر تقي الدين محمود صاحب حماة، فلما بلغ مسيرُهم متمَلِّكَ سيس بعث إلى السلطانِ يسأله العفوَ، فلم يجِبْه، ووصلت هذه العساكِرُ إلى حلب، وجهَّز السلطانُ الأميرَ علم الدين سنجر الدواداري بمضافيه من القاهرة ليلحَقَ بهم، فأدرك العساكِرَ بحلب، وخرجوا منها بعسكرِ حلب إلى العمق، وهم عشرةُ آلاف فارس، فتوجَّه الأميرُ بدر الدين بكتاش في طائفةٍ مِن عقبة بغراس إلى إسكندرونة، ونازلوا تل حمدون، وتوجَّه الملك المظَفَّر صاحب حماة والأمير علم الدين سنجر الدوادراي والأمير شمس الدين أقسنقر كرتاي في بقيَّةِ الجيشِ إلى نهر جهان، ودخَلوا جميعًا دربند سيس في يوم الخميسِ رابع رجب، وهناك اختلفوا، فأشار الأميرُ بكتاش بالحصار ومنازلةِ القلاع، وأشار سنجر الدواداري بالغارةِ فقط، وأراد أن يكونَ مُقَدَّم العسكر، ومنَعَ الأمير بكتاش من الحصارِ ومنازلةِ القِلاعِ فلم ينازِعْه، فوافقه بكتاش وقطَعوا نهرَ جهان للغارة، ونزل صاحِبُ حماة على مدينة سيس، وسار الأميرُ بكتاش إلى أذنة، واجتمَعَت العساكِرُ جميعُها عليها بعد أن قتَلوا من ظَفِروا به من الأرمن، وساقوا الأبقار والجواميس، ثم عادوا من أذنة إلى المصيصة بعد الغارة، وأقاموا عليها ثلاثة أيام حتى نصبوا جسرًا مرَّت عليه العساكِرُ إلى بغراس، ونزلوا بمرجِ أنطاكية ثلاثة أيام، ثم رحلوا إلى جسرِ الحديدِ يريدونَ العودةَ إلى مصر، فعادت العساكرُ من الروج إلى حلب وأقاموا بها ثمانية أيام، وتوجَّهوا إلى سيس من عقبة بغراس، وسار كجكن وقرا أرسلان إلى أياس وعادا شبه منهزمَينِ؛ فإنَّ الأرمن أكمنوا لهم في البساتين، فأنكر عليهما الأمير بكتاش، فاعتذروا بضيقِ المسلك والتفاف الأشجارِ وعدم التمكُّن من العدُوِّ.